ولو لبس أو تطيب ناسيا .
مسألة : قال : وإن لبس أو تطيب ناسيا فلا فدية عليه ويخلع اللباس ويغسل الطيب ويفرغ إلى التلبية .
المشهور في المذهب أن المتطيب أواللابس ناسيا أو جاهلا لا فدية عليه وهو مذهب عطاء و الثوري و إسحاق و ابن المنذر : وقال أحمد قال سفيان : ثلاثة في الجهل والنسيان سواء إذا أتى أهله وإذا أصاب صيدا وإذا حلق رأسه قال أحمد : وإذا جامع أهله بطل حجه لأنه شيء لا يقدر على رده والصيد إذا قتله فقد ذهب لا يقدر على رده والشعر إذا حلقه فقد ذهب فهذه الثلاثة العمد والخطأ والنسيان فيها سواء .
وكل شيء من النسيان بعد الثلاثة فهو يقدر على رده مثل إذا غطى المحرم رأسه ثم ذكره ألقاه عن رأسه وليس عليه شيء أو لبس خفا نزعه وليس عليه شيء وعنه رواية أخرى أن عليه الفدية في كل حال وهو مذهب مالك و الليث و الثوري و أبي حنيفة لأنه هتك حرمة الإحرام فاستوى عمده وسهوه كحلق الشعر وتقليم الأظفار .
ولنا عموم قوله عليه السلام : [ عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ] وروى يعلي بن أمية [ أن رجلا أتى النبي A وهو بالجعرانة وعليه جبة وعليه أثر خلوق أو قال أثر صفرة فقال : يا رسول الله كيف تأمرني أن أصنع في عمرتي ؟ قال : اخلع عنك هذه الجبة واغسل عنك أثر هذا الخلوق أو قال : أثر الصفرة واصنع في عمرتك ما تصنع في حجك ] متفق عليه وفي لفظ [ قال : يا رسول الله أحرمت بالعمرة وعلي هذه الجبة ] فلم يأمره بالفدية مع مسألته عما تصنع وتأخير البيان عن وقت الحاجة غير جائز إجماعا دل على أنه عذره لجهله والجاهل والناسي واحد ولأن الحج عبادة يجب بإفسادها الكفارة فكان من محظوراته أنه ما يفرق بين عمدة وسهوه كالصوم فأما الحلق وقتل الصيد فهو إتلاف لا يمكن رد تلافيه بإزالته إذا ثبت هذا فإن الناسي متى ذكر فعليه غسل الطيب وخلع اللباس في الحال فإن أخر ذلك عن زمن الإمكان فعليه الفدية فإن قيل : فلم لا يجوز له استدامة الطيب ههنا كالذي يتطيب قبل إحرامه قلنا لأن ذلك فعل مندوب إليه فكان له استدامته وههنا هو محرم وإنما سقط حكمه بالنسيان أو الجهل فإذا زال ظهر حكمه وإن تعذر عليه إزالته لإكراه أو علة نلم يجد من يزيله وما أشبه ذلك فلا فدية عليه وجرى مجرى المكره على الطيب ابتداء وحكم الجاهل إذا علم حكم الناسي إذا ذكر وحكم المكره حكم الناسي فإما عفي بالنسيان عفى عنه بالإكراه لأنهما في الحديث الدال على العفو عنهما وقول الخرقي : ينزع إلى تلبية أي يلبي حين ذكر استذكارا للحج أنه نسيه واستشعارا فإقامته عليه ورجوعه إبراهيم وهذا قول يروى عن إبراهيم النخعي