أعمال يوم النحر .
فصل : وفي يوم النحر أربعة أشياء الرمي ثم النحر ثم الخلق ثم الطواف والسنة ترتيبها هكذا فإن النبي A رتبها كذلك وصفة جابر في حج النبي A وروى أنس [ أن النبي صلى عليه وسلم رمى ثم نحر ثم حلق ] رواه أبو داود فإن أخل بترتيبها ناسيا أو جاهلا بالسنة فيها فلا شيء عليه في قول كثير من أهل العلم منهم الحسن و طاوس و مجاهد و سعيد بن جبير و عطاء والشافعي وإسحاق وأبو ثور وداود ومحمد بن جرير الطبري وقال أبو حنيفة إن قدم الحلق على الرمي أول على النحر فعليه دم فإن كان قارنا فعليه دمان وقال زفر : عليه ثلاثة دماء لأنه لم يوجد التحلل فلزمه الدم كما لو حلق قبل يوم النحر .
ولنا ما روى عبد الله بن عمر قال : [ قال رجل يا رسول الله حلقت قبل أن أذبح قال : اذبح ولا حرج فقال آخر : ذبحت قبل أن أرمي قال : ارم ولا حرج ] متفق عليه وفي لفظ قال : [ فجاء رجل فقال : يا رسول الله لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح ] وذكر الحديث [ قال : فما سمعته يسأل يومئذ عن أمر مما ينسيء المرء أو يجهل من تقديم بعض الأمور على بعضها وأشباهها إلا قال : افعلوا ولا حرج عليكم ] رواه مسلم وعن ابن عباس [ عن النبي A أنه قيل له يوم النحر وهو بمنى في النحر والحلق والرمي والتقديم والتأخير فقال : لا حرج ] متفق عليه ورواه عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عيسى بن طلحة عن عبد الله بن عمر وفيه فحلقت قبل أن أرمي وتابعة على ذلك محمد بن أبي حفصة عن الزهري عن عيسى عن عبد الله بن عمر قال : [ سمعت رسول الله A وأتاه رجل فقال : يا رسول الله إني حلقت قبل أن أرمي قال : ارم لا حرج قال : وأتاه آخر فقال : إني أفضت قبل أن أرمي ؟ قال : أرم ولا حرج ] وعن ابن عباس [ أن رسول الله A سئل يوم النحر عن رجل حلق قبل أن يرمي فقال رسول الله A : لا حرج لا حرج ] رواه الدارقطني كله وسنة رسول الله A أحق أن تتبع على أنه لا يلزم من سقوط الدم بفقد الشيء في وقته سقوطه قبل وقته فإنه لو حلق في العمرة بعد السعي لا شيء عليه وإن كان الحل ما حصل قبله وكذلك في مسألتنا إذا قلنا إن الحل يحصل باحلق فقد حلق قبل التحلل ولا دم عليه فإما أن فعله عمدا عالما بمخالفة السنة في ذلك ففيه روايتان إحداهما : لا دم عليه وهو عطاء و إسحاق لإطلاق حديث ابن عباس وكذلك حديث عبد الله بن عمرو من رواية سفيان بن عيينة والثانية : عليه دم روي نحو ذلك عن سعيد بن جبير و جابر بن زيد و قتادة وا لنخعي لأن الله تعالى قال : { ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله } ولأن النبي A رتب وقال : [ خذوا عني مناسككم ] والحديث المطلق قد جاء مقيدا فيحمل المطلق على المقيد قال الأثرم : سمعت أبا عبد الله يسأل عن رجل حلق قبل أن يذبح فقال : إن كان جاهلا فليس عليه فأما التعمد فلا لأن النبي A سأله رجل فقال : لم أهر قيل لأبي عبد الله سفيان بن عيينة لا يقول لم أشعر فقال : نعم ولكن مالكا والناس عن الزهري لم أشهر قيل لأبي عبد اله وهو في الحديث وقال مالك : إن قدم الحلق على الرمي فعليه دم وإن قدمه على النحر أو النحر على الرمي فلا شيء علي لأنه بالإجماع ممنوع من حلق شعره قبل التحلل الأول ولا يحصل إلا برمي الجمرة فأما الرمي فجائز لأن الهدي قد بلغ محله .
ولنا الحديث فإنه لم يفرق بينهما فإن النبي A قيل له في الحلق والنحر والتقديم والتأخير فقال : [ لا حرج ] ولا نعلم خلافا بينهم في أن مخالفة الترتيب لا تخرج هذه الأفعال عن الأجزاء ولا يمنع وقوعها موقعها وإنما اختلفوا في وجوب الدم على ما ذكرنا والله أعلم .
فصل : فإن قدم الإفاضة على الرمي أجزأه طوافه وبهذا قال الشافعي وقال مالك : لا تجزئه الإفاضة فليرم ثم لينحر ثم ليفض .
ولنا ما روى عطاء [ أن النبي A قال له رجل : أفضت قبل أن أرمي قال : ارم ولا حرج ] وعنه [ أن النبي A قال : من قدم شيئا قبل شيء فلا حرج ] رواهما سعيد في سننه وروي عن عبد الله بن عمرو بن العاص [ أن النبي A أتاه آخر فقال : إني أفضت إلى البيت قبل أن أرمي فقال : ارم ولا حرج ] رواه أبو داود و النسائي و الترمذي ولأنه أتى بالرمي في وقته فأجزأه كما لو رتب ومقتضى كلام أصحابنا أنه يحصل له بالإفاضة قبل الرمي التحلل الأول كمن رمى ولم يفض فعلى هذا لو واقع أهله قبل الرمي فعليه دم ولم يفسد حجة وكذلك قال الأوزاعي : فإن رجع إلى أهله ولم يرم فعليه دم لترك الرمي وحجة صحيح قال ابن عباس : من نسي أو ترك شيئا من نسكه فليهرق لذلك دما وقال عطاء : من نسي من النسك شيئا حتى رجع إلى أهل فليهرق لذلك دما