صيد حرم المدينة وبناتها صيد وج .
أحدهما : لا ضمان فيه وهو قول القاضي أبي يعلى لأنه تابع لأصله كالتي قبلها .
والثاني : يضمنه اختاره ابن أبي موسى لأنه في الحرم فإن كن بعض الأصل في الحل وبعضه في الحرم ضمن الغصن بكل حال سواء كان في الحل أو في الحرم تغليبا لحرمة الحرم كما لو وقف صيد بعض قوائمه في الحل وبعضها في الحرم .
فصل : ويحرم صيد المدينة وشجرها وحشيشها وبهذا قال مالك والشافعين وقال أبو حنيفة : لا يحرم لأنه لو كان محرما لبينه النبي A بيانا عاما ولوجب فيه الجزاء كصيد الحرم .
ولنا ما روى علي Bه [ أن النبي A قال المدينة حرم ما بين ثور إلى عير ] متفق عليه وروى تحريم المدينة أبو هريرة ورافع وعبد الله بن زيد متفق عليه على أحاديثهم رواه مسلم عن سعد وجابر وأنس وهذا يدل على تعميم البيان وليس هو في الدرجة دون اخبار تحريم الحرم وقد قلبوه وأثبتوا أحكامه على أنه ليس بمتنع أن يبينه بيانا خاصا أو يبينه بيانا عاما نقلا خاصا كصفة الأذان والوتر والإقامة .
فصل : وحرم المدينة ما بين لابتيها لما روى أبو هريرة قال : [ قال رسول الله A : ما بين لابتيها حرام ] وكان أبو هريرة يقول : لو رأيت الظباء ترتع بالمدينة ما ذعرتها متفق عليه واللابة الحرة وهي أرض فيها حجارة سود قال أحمد : ما بين لابتيها حرام في بريد كذا فسره مالك بن أنس وروى أبو هريرة [ أن رسول الله A جعل حول المدينة اثني عشر ميلا حمى ] رواه مسلم فأما قوله ما بين ثور إلى عير فقال أهل العلم بالمدينة لا نعرف ولا عيرا وإنما هما جبلان بمكة فيحتمل أن النبي A أراد قدر ما بين ثور وعير ويحتمل أنه أراد جبلين بالمدينة وسماهما ثورا وعيرا تجوزا .
فصل : فمن فعل مما حرم عليه شيئا ففيه روايتان .
إحداهما : لا جزاء فيه وهذا قول أكثر أهل العلم وهو قول مالك و الشافعي في الجديد لأنه موضع يجوز دخوله بغير إحرام فلم يجب فيه جزاء كصيد وج .
الثانية ك يجب فيه الجزاء روي ذلك عن ابن أبي ذئب وهو قول الشافعي في القديم و ابن المنذر ل [ ن رسول الله A قال : إني أحرم المدينة مثل ما حرم إبراهيم مكة ] ونهى أن يعضد شجرها ويؤخذ طيرها فوجب في هذا الحرم الجزاء كما وجب في ذلك إذ لم يظهر بنيهما فرق وجزاؤه اباحة سلب القاتل لمن أخذه لما روى مسلم بإسناده عن عامر بن سعد أن سعدا ركب إلى قصره بالعقيق فوجد عبدا يقطع شجرا أو يخبطه فسلبه فلما رجع سعد جاء أهل العبد فكلموه أن يرد على غلامهم أو لعيهم فقال : معاذ الله أن أراد شيئا نفلنيه رسول الله A فأبى أن يرد عليهم وعن سعد [ أن رسول الله A قال : من أخذ بصيد فيه فليسلبه ] رواه أبو داود فعلى هذا يباح لمن وجد آخذ الصيد أو قاتله أو قاطع الشجر سلبه وهو أخذ ثيابه حتى سراويله فإن كان على دابة لم يملك أخذها لأن الدابة ليست من السلب وإنما أخذها قاتل الكافر في الجهاد لأنه يستعان بها على الحرب بخلاف مسألتنا وإن لم يسلبه أحد فلا شيء لعيه سوى الاستغفار والتوبة .
فصل : ويفارق حرم المدينة حرم مكة في شيئين .
أحدهما : أنه لا يجوز أن يؤخذ من شجر حرم المدينة ما تدعو الحاجة إليه للمساند والوسائد والرحل ومن حشيشها ما تدعو الحاجة إليه للعلف لما روى الإمام أحمد عن جابر بن عبد الله [ أن النبي A لما حرم المدينة قالوا : يا رسول الله : إنا أصحاب عمل وأصحاب نضح وإنا لا نستطيع أرضا غير أرضا فرخص لنا فقال : القائمتان والوسادة والعارضة والمسند فأما غير ذلك فلا يعضد ولا يخبط منها شيء ] قال إسماعيل ابن ابي أويس قال خارجة : المسند مرود البكرة فاستنثى ذلك وجعله مباحا كاستثناء الاذخر بمكة وعن علي [ عن النبي A قال المدينة حرام ما بين عائر إلى ثور لا يختلى خلاها ولا ينفر صيدها ولا يصلح أن يقطع منه شجرة إلا أن يعلف رجل بعيره ] وعن جابر [ أن رسول الله A قال : لا يخبط ولا يعضد حمى رسول الله A ولكن يهش هشا رفيقا ] رواهما أبو داود ولأن المدنية يقرب منها شجر وزرع فلو منعنا من احتشاشها مع الحاجة أفضى إلى الضرر بخلاف مكة .
الثاني : أن من صاد صيدا خارج المدينة ثم أدخله إليها لم يلزمه إرساله نص عليه أحمد ل [ أن النبي A كان يقول : يا أبا عمير ما فعل النغير ] وهو طائر صغير فظاهر هذا أنه أباح امساكه بالمدنية إذ لم ينكر ذلك وحرمة مكة أعظم من حرمة المدينة بدليل أنه لا يدخلها إلا محرم .
فصل : صيد وج شجرة مباح وهو واد بالطائف وقال أصحاب الشافعي هو محرم ل [ أن النبي A قال : صيد وج وعضاهها محرم ] رواه أحمد في المسند .
ولنا أن الأصل الإباحة والحديث ضعيف أحمد ذكره أبو بكر الخلال في كتاب العلل