فصول في مخالفة النائب .
إذا أمره بحج فتمتع أو اعتمر لنفسه من الميقات ثم حج نظرت فإن خرج إلى الميقات فأحرم منه بالحج جاز ولا شيء عليه نص عليه أحمد وهو مذهب الشافعي وإن أحرم بالحج من مكة فعليه دم لترك ميقاته ويرد من النفقة بقدر ما ترك من إحرام الحج فيما بين الميقات ومكة وقال القاضي : لا يقع فعله عن الآمر ويرد الجميع النفقة لأنه أتى بغير ما أمر به وهو مذهب أبي حنيفة .
ولنا أنه إذا أحرم من الميقات فقد أتى بالحج صحيحا من ميقاته وإن أحرم به من مكة فما أخل إلا بما يجبره الدم فلم تسقط نفقته كما لو تجاوز الميقات غير محرم فأحرم دونه وإن أمره بالإفراد فقرن لم يضمن شيئا وهو قول الشافعي وقال أبو حنيفة يضمن لأنه مخالف .
ولنا أنه أتى بما أمر به وزيادة فصح ولم يضمن كما لو أمره بشراء شاه بدينار فاشترى شاتين تساوي إحداهما دينارا ثم إن كان أمره بالعمرة بعد الحج ففعلها فلا شيء عليه وإن لم يفعل رد من النفقة بقدرها .
فصل : وإن أمره بالتمتع فقرن وقع عن الآمر لأنه أمر بهما وإنما خالف في أنه أمره بالإحرام بالحج من مكة فأحرم به من الميقات وظاهر كلام أحمد أنه لا يرد شيئا من النفقة وهو مذهب الشافعي وقال القاضي : يرد نصف النفقة لأن غرضه في عمرة مفردة تحصيل فضيلة التمتع وقد خالفه في ذلك وفوته عليه وإن أفرد وقع عن المستنيب أيضا ويرد نصف النفقة لأنه أخل بالإحرام بالعمرة من الميقات وقد أمره به وإحرامه بالحج من الميقات زيادة لا يستحق به شيئا .
فصل : فإن أمره بالقران فأفرد أو تمتع صح ووقع النسكان عن الآخر ويرد من النفقة بقدر ما ترك من أحرام النسك الذي تركه من الميقات وفي جميع ذلك إذا أمره بالنسكين ففعل أحدهما دون الآخر رد من النفقة بقدر ما ترك ووقع المفعول عن الآمر وللنائب من النفقة بقدره .
فصل : وإن استنابه رجل في الحج وآخر في العمرة وأذنا له في القران ففعل جاز لأنه نسك مشروع وإن قرن من غير اذنهما صح ووقع عنهما ويرد من نفقة كل واحد منهما نصفها لأنه جعل السفر عنهما بغير إذنهما وإن أذن أحدهما دون الآخر رد على غير الآمر نصف نفقته وحده وقال القاضي : إذا لم يأذنا له ضمن الجميع لأنه أمر بنسك مفرد ولم يأت به فكان مخالفا كما لو أمر بحج فاعتمر .
ولنا أنه أتى بما أمر به وإنما خالف في صفته لا في أصله فأشبه من أمر بالتمتع فقرن ولو أمر بأحد النسكين فقرن بينه وبين النسك الآخر لنفسه فالحكم فيه كذلك ودم القران على النائب إذا لم يؤذن له فيه لعدم الاذن في سببه وعليهما أن أذنا لوجود الأذن في سببه ولو أذن أحدهما دون الآخر فعلى الآذن نصف الدم ونصفه على النائب .
فصل : وإن أمر بالحج فحج ثم اعتمر لنفسه أو أمره بعمرة فاعتمر ثم حج عن نفسه صح ولم يرد شيئا من النفقة لأنه أتى بما أمر به على وجهه وإن أمره بالإحرام من ميقات فأحرم من غيره جاز لأنهما سواء في الأجزاء إن أمره بالإحرام من بلده فأحرم من الميقات جاز لأنه الأفضل وإن أمره بالإحرام من الميقات فأحرم م بلده جاز لأنه زيادة لا تضر وإن أمره بالحج في سنة أو بالاعتمار في شهر ففعله في غيره جاز لأه مأذون فيه في الجملة .
فصل : فإن استنابه اثنان في نسك فأحرم به عنهما وقع عن نفسه دونهما لأنه لا يمكن وقوعه عنهما وليس أحدهما بأولى من صاحبه وإن أحرم عن نفسه وغيره وقع عن نفسه لأنه إذا وقع عن نفسه لم ينوها فمع نبته أولى وإن أحرم عن أحدهما غير معين احتمل أن يقع عن نفسه أيضا لأن أحدهما ليس أولى من الآخر فأشبه ما لو أحرم عنهما واحتمل أن يصح لأن الإحرام يصح بالمجهول فصح عن المجهول وإلا صرفه إلى من شاء منهما اختاره أبو الخطاب فإن لم يفعل حتى طاف شوطا وقع عن نفسه ولم يكن إلا صرفه إلى أحدهما لأن الطواف لا يقع عن غير معين