من وجب عليه الحج وهو عاجز .
مسألة : قال : فإن كن مريضا لا يرجى برؤه أو شيخا لا يستمسك على الراحلة أقام من يحج عنه ويعتمر وقد أجزأ عنه وإن عوفي .
وجملة ذلك أن من وجدت فيه شرائط وجوب الحج وكان عاجزا عنه لمانع مأيوس من زواله كزمانه أو مرض لا يرجى زواله أو كان نضو الخلق لا يقدر على الثبوت على الراحلة إلا بمشقة غير محتملة والشيخ الفاني ومن كان مثله متى وجد ينوب عنه في الحج وما يستنبيه به لزمه ذلك وبهذا قال أبو حنيفة و الشافعي وقال مالك : لا حج عليه إلا أن يستطيع .
بنفسه ولا أرى له ذلك لأن الله تعالى قال : { من استطاع إليه سبيلا } وهذا غير مستطيع لأن هذه عبادة لا تدخلها النيابة مع القدرة فلا تدخلها النيابة مع القدرة فلا تدخلها مع العجز الصوم والصلاة .
ولنا حديث أبي رزين وروى ابن عباس [ أن امرأة من خثعم قال : يا رسول الله إن فريضة الله على عبادة في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أفأحج عنه ؟ قال : نعم ] وذلك في حجة الوداع متفق عليه وفي لفظ لمسلم [ قالت : يا رسول الله إن أبي شيخ كبير عليه فريضة الله في الحج وهو لا يستطيع أن يستوي على ظهر بعيره فقال النبي A : فحجي عنه ] وسئل علي Bه عن شيخ لا يجد الاستطاعة قال : يجهز عنه ولأن هذه عبادة تجب تجب بإفسادها الكفارة فجاز أن يقوم غير فعله فيها مقام فعله كالصوم إذا عجز عنه افتدى بخلاف الصلاة .
فصل : وإن لم يجد مالا يستنيب به فلا حج عليه بغير خلاف لأن الصحيح لو لم يجد ما يحج به لم يجب عليه فالمريض أولى وإن وجد مالا لم يجد من ينوب عنه فقياس المذهب أنه ينبني على الروايتين في الحج في ذمته هذا يحج عنه بعد موته وإن قلنا من شرائط الوجوب لم يجب عليه شيء .
فصل : ومتى أحج هذا عن نفسه ثم عوفي لم يجب عليه حج آخر وهذا قول إسحاق وقال الشافعي : وأصحاب الرأي وابن المنذر يلزمه لأن هذا بدل اياس فإذا برأ تبينا أن لم يكن مأيوسا منه فلزمه الأصل كالآيسة إذا اعتدت بالشهور ثم حاضت لا تجزئها تلك العدة .
ولنا أنه أتى بما أمر به فخرج عن العهدة كما لو لم يبرأ أو نقول أدى حجى الإسلام بأمر الشارع فلم يلزمه حج ثان كما لو حج نفسه ولأن هذا يفضي إلى إيجاب حجتين عليه ولم يوجب الله عليه إلا حجة واحدة وقولهم : لم يكن مأيوسا من برئة قلنا : لو لم يكن مأيوسا منه لما أبيح له أن يستنيب فإنه شرط الجواز الاستنابة أما الآيسة إذا اعتدت بالشهور فلا يتصور عود حيضها فإن رأت دما فليس بحيض ولا يبطل به اعتدادها ولكن من ارتفع حيضها لا تدري ما رفعه إذا اعتدت سنة ثم عاد حيضها لم يبطل اعتدادها فأما إن عوفي قبل فراغ النائب من الحج فيبغي أن لا يجزئه الحج لأنه قدر على الأصل قبل تمام البدل فلزمه كالصغيرة ومن ارتفع حيضها إذا حاضتا إذا حاضتا قبل إتمام عدتهما بالشهور وكالمتيمم إذا رأى الماء في صلاته ويحتمل أن يجزئه كالمتمتع إذا شرع في الصيام ثم قدر على الهدي والمكفر إذا قدر على الأصل بعد الشروع في البدل وإن برأ قبل احرام النائب لم يجزئه بحال .
فصل : ومن يرجى زوال مرضه والمحبوس ونحوه ليس له أن يستنيب فإن فعل لم يجزئه وإن لم يبرأ وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة : له ذلك ويكون ذلك مراعى فإن قدر على الحج بنفسه لزمه وإلا أجزأه ذلك لأنه عاجز عن الحج بنفسه أشبه المأيوس من برئه .
ولنا أنه يرجو القدرة على الحج بنفسه فلم يكن له الاستنابة ولا تجزئه أنفعل كالفقير وفارق المأيوس من برئه لأنه عاجز على الإطلاق آيس من القدرة على الأصل فأشبه الميت ولأن النص إنما ورد في الحج عن الشيخ الكبير وهو ممن لا يرجى منه الحج بنفسه فلا يقاس عليه إلا من كان مثله فعلى هذا إذا استناب من يرجو القدرة على الحج بنفسه ثم صار مأيوسا من برئه فعليه أن يحج عن نفسه مرة أخرى لأنه استناب في حال لا تجوز له الاستنابه فيها فأشبه الصحيح