كتاب الحج شرائط وجوب الحج وصفته العمرة وأقسامها .
الحج في اللغة القصد وعن الخليل : قال : الحج كثرة القصد إلى من تعظمه قال الشاعر : .
( وأشهد من عوف حؤولا كثيرة ... يحجون سب الزبرقان المزعفرا ) .
أي يقصدون والسب العمامة وفي الحج لغتان : الحج والحج بفتح الحاء وكسرها والحج في الشرع اسم لافعال مخصوصة يأتي ذكرها إن شاء الله وهو أحد الأركان الخمسة التي بني عليها الإسلام والأصل في وجوبه الكتاب والسنة والإجماع أما الكتاب فقول الله تعالى { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين } روي عن ابن عباس ومن كفر باعتقاده أنه غير واجب وقال الله تعالى { وأتموا الحج والعمرة } وأما السنة فقول النبي A [ بني الإسلام على خمس ] وذكر فيها الحج وروى مسلم بإسناده عن أبي هريرة قال : [ خطبنا رسول الله A فقال : يا أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا فقال رجل : أكل عام يا رسول الله ؟ فسكت حتى قالها ثلاثا فقال رسول الله A : لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم ثم قال : ذروني ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه ] في أخبار كثيرة سوى هذين وأجمعت الأمة على وجوب الحج على المستطيع في العمر مرة واحدة .
مسألة : قال أبو القاسم : ومن ملك زادا وراحلة وهو بالغ عاقل لزمه الحج والعمرة .
وجملة ذلك أن الحج إنما يجب بخمس شرائط - الإسلام والعقل والبلوغ والحرية والاستطاعة لا نعلم في هذا كله اختلافا فأما الصبي والمجنون فليس بمكلفين وقد روى علي بن أبي طالب [ عن النبي A أنه قال : رفع القلم عن ثلاثة : عن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يشب وعن المعتوه حتى يعقل ] رواه أبو داود و ابن ماجة و الترمذي وقال حديث حسن وأما العبد فلا يجب عليه أنه عبادة تطول مدتها وتتعلق بقطع مسافة وتشترط لها الاستطاعة بالزاد والراحلة ويضيع حقوق سيده المتعلقة به فلم يجب عليه كالجهاد وأما الكافر فغير مخاطب بفروع الدين خطابا يلزمه أداء ولا يوجب قضاء وغير المستطيع لا يجب عليه لأن الله تعالى خص المستطيع بالإيجاب عليه فيختص بالوجوب وقال الله تعالى : { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } .
فصل : وهذا الشروط الخمسة تنقسم أقساما ثلاثة : منها ما هو شرط للوجوب والصحة وهو الإسلام والعقل فلم يجب على كافر ولا مجنون ولا تصح منهما لأنهما ليس من أهل العبادات ومنها ما هو شرط للوجوب والاجزاء وهو البلوغ والحرية وليس بشرط للصحة فلو حج الصبي والعبد صح حجهما ولم يجزئهما عن حجة الإسلام ومنها ما هو شرط للوجوب فقط وهو الاستطاعة فلو تجشم غير المستطيع المشقة وسار بغير زاد وراحلة فحج كان حجه صحيحا مجزئا كما لو تكلف القيام في الصلاة من يسقط عنه أجزأه