في المباح اثناء الاعتكاف .
مسألة : قال : ولا بأس أن يتزوج في المسجد ويشهد النكاح .
وإنما كان كذلك لأن الاعتكاف عبادة لا تحرم الطيب فلم تحرم النكاح كالصوم ولأن النكاح طاعة وحضوره قربة ومدته لا تتطاول فيتشاغل به عن الاعتكاف فلم يكره فيه كتشميت العاطس ورد السلام .
فصل : ولا بأس أن يتنظف بأنواع التنظيف لأن النبي A كان يرجل رأسه وهو معتكف وله أن يتطيب ويلبس الرفيع من الثياب وليس ذلك بمستحب قال أحمد : لا يعجبني أن يتطيب وذلك لأن الاعتكاف عبادة تختص مكانا فكان ترك الطيب فيها مشروعا كالحج وليس ذلك بمحرم لأنه لا يحرم اللباس ولا النكاح فأشبه الصوم .
فصل : ولا بأس أن يأكل المعتكف في المسجد ويضع سفرة يسقط عليها ما يقع منه كيلا يلوث المسجد ويغسل يده في الطست ليفرغ خارج المسجد ولا يجوز أن يخرج لغسل يده لأن من ذلك بدا وهل يكره تجديد الطهارة في المسجد ؟ فيه روايتان إحداهما لا يكره لأن أبا العالية قال : حدثني من كان يخدم النبي A قال : أما ما حفظت لكم منه أنه كان يتوضأ في المسجد وعن ابن عمر أنه قال : كان يتوضأ في المسجد الحرام على عهد رسول الله A الرجال والنساء وعن ابن سيرين قال : كان أبو بكر وعمر والخلفاء يتوضأون في المسجد وروي ذلك عن ابن عمر وابن عباس و عطاء و طاوس و ابن جريج والأخرى يكره لأنه لا يسلم من أن يبصق في المسجد أو يتمخط والبصاق في المسجد خطيئة ويبل من المسجد مكانا يمنع المصلين من الصلاة فيه وإن خرج من المسجد للوضوء وكان تجديدا بطل لأنه خروج لما له منه بد وإن كان وضوءا من حدث لم يبطل لأن الحاجة داعية إليه سواء كان وقت الصلاة أو قبلها لأنه لا بد من الوضوء للمحدث وإنما يتقدم عن وقت الحاجة إليه لمصلحة وهو كونه على وضوء وربما يحتاج إلى صلاة النافلة به .
فصل : إذا أراد أن يبول في المسجد في طست لم يبح له ذلك لأن المساجد لم تبن لهذا وهو مما يقبح ويفحش ويستخفى به فوجب صيانة المسجد عنه كما لو أراد أن يبول في أرضه ثم يغسله وإن أراد الفصد أو الحجامة فيه فكذلك ذكره القاضي لأنه اراقة نجاسة في المسجد فأشبه البول فيه وإن دعت إليه حاجة كبيرة خرج من المسجد ففعله وان استغنى عنه لم يكن له الخروج إليه كالمرض الذي يمكن احتماله ويكون تحتها شيء يقع فيه الدم [ قالت عائشة : اعتكفت مع رسول الله A امرأة من أزواجه مستحاضة فكانت ترى الحمرة والصفرة وربما وضعت الطست تحتها وهي تصلي ] رواه البخاري والفرق بينهما أن المستحاضة لا يمكنها التحرز من ذلك إلا بترك الاعتكاف بخلاف الفصد .
مسألة : قال : والمتوفى عنها زوجها وهي معتكفة تخرج لقضاء العدة وتفعل كما فعل الذي خرج لفتنة .
وجملته أن المعتكفة إذا توفي زوجها لزمها الخروج لقضاء العدة وبهذا قال الشافعي وقال ربيعة ومالك وابن المنذر : تمضي في اعتكافها حتى تفرغ منه ثم ترجع إلى بيت زوجها فتعتد فيه لأن الاعتكاف المنذور واجب والاعتداد في البيت واجب فقد تعارض واجبان فيقدم أسبقهما .
ولنا أن الاعتداد في بيت زوجها واجب فلزمها الخروج إليه كالجمعة في حق الرجل ودليلهم ينتقض بالخروج إلى الجمعة وسائر الواجبات وظاهر كلام الخرقي أنها كالذي خرج لفتنة وأنها كالذي تبني وتقضي وتكفر وقال القاضي : لا كفارة عليها لأن خروجها واجب وقد مضى لقول فيه