ويباح أو لا يباح للمعتكف .
فصل : يستحب للمعتكف التشاغل بالصلاة وتلاوة القرآن وذكر الله تعالى ونحو ذلك من الطاعات المحضة ويجتنب ما لا يعينه من الأقوال والأفعال ولا يكثر الكلام لأن من كثر كلامه كثر سقطه وفي الحديث : [ من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ] ويجتنب الجدال والمراء والسباب والفحش فإن ذلك مكروه في غير الاعتكاف ففيه أولى ولا يبطل الاعتكاف بشيء من ذلك لأنه لما لم يبطل بمباح الكلام لم يبطل بمحظوره وعكسه الوطء ولا بأس بالكلام لحاجته ومحادثة غيره فإن [ صفية زوج النبي A قالت : كان رسول الله A معتكفا فأتيته أزوره ليلا فحدثته ثم قمت فانقلبت فقام معي ليقلبني وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد فمر رجلان من الأنصار فلما رأيا النبي A أسرعا فقال النبي A : على رسلكما إنها صفية بنت حيي فقالا : سبحان الله يا رسول الله فقال : إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شرا ] أو قال : [ شيئا ] متفق عليه وقال علي Bه : أيما رجل اعتكف فلا يساب ولا يرفث في الحديث ويأمر أهله بالحاجة أي وهو يمشي ولا يجلس عندهم رواه الإمام أحمد .
فصل : فأما إقراء القرآن وتدريس العلم ودرسه ومناظرة الفقهاء ومجالستهم وكتابة الحديث ونحو ذلك مما يتعدى نفعه فأكثر أصحابنا على أنه لا يستحب وهو ظاهر كلام أحمد وقال أبو الحسن الآمدي : في استحباب ذلك روايتان واختار أبو الخطاب أنه مستحب إذا قصد به طاعة الله تعالى لا المباهاة وهذا مذهب الشافعي لأن ذلك أفضل العبادات ونفعه يتعادى فكان أولى من تركه كالصلاة واحتج أصحابنا بأن النبي A كان يعتكف فلم ينقل عنه الاشتغال بغير العبادات المختصة به ولأن الاعتكاف عبادة من شرطها المسجد فلم يستحب فيها ذلك كالطواف وما ذكروه يبطل بعيادة المرضى وشهود الجنازة فعلى هذا القول فعله لهذه الأفعال أفضل من الاعتكاف قال المروذي : قلت لأبي عبد الله أن رجلا يقرئ في المسجد كان له ولغيره يقرئ أحب إلي وسئل أيما أحب إليك : الاعتكاف أو الخروج إلى عبادان ؟ قال : ليس يعدل الجهاد عندي شيء يعني أن الخروج إلى عبادان أفضل من الاعتكاف