ومن دخل في صيام تطوع ثم قطعه فلا قضاء عليه .
مسألة : قال : ومن دخل في صيام تطوع فخرج مه فلا قضاء عليه فإن قضاه فحسن .
وجملة ذلك أن من دخل في صيام تطوع استحب له إتمامه ولم يجب فإن خرج منه فلا قضاء عليه روي عن ابن عمر وابن عباس أنهما أصبحا صائمين ثم أفطرا وقال ابن عمر : لا بأس به ما لم يكن نذرا أو قضاء رمضان وقال ابن عباس إذا صام الرجل تطوعا ثم شاء أن يقطعه وإذا دخل في صلاة تطوعا ثم شاء أن يقطعها قطعها وقال ابن مسعود متى أصبحت تريد الصوم فأنت على آخر النظرين إن شئت صمت وإن شئت أفطرت فهذا مذهب أحمد و الثوري و الشافعي و إسحاق وقد روى حنبل عن أحمد أجمع على صيام فأوجبه على نفسه فأفطر من غير عذر أعاد يوما مكان ذلك اليوم وهذا محمول على أنه استحب ذلك أو نذره ليكون موافقا لسائر الروايات عنه وقال النخعي وأبو حنيفة ومالك يلزم في الشروع فيه ولا يخرج منه إلا بعذر فإن خرج قضي وعن مالك لا قضاء عليه واحتج من أوجب القضاء بما [ روي عن عائشة أنها قالت أصبحت أنا وحفصة صائمتين متطوعتين فأهدي لنا حبس فأفطرنا ثم سألنا رسول الله A فقال : اقضيا يوما مكانه ] ولأنه عبادة تلزم بالنذر فلزمت بالشروع فيها كالحج والعمرة .
ولنا ما روى مسلم و أبو داود و النسائي [ عن عائشة قالت دخل علي رسول الله A يوما فقال هل عندكم شيء فقلت : لا قال : فإني صائم ثم مر بعد ذلك بعد ذلك اليوم وقد أهدي إلي حيس فخبأت له منه وكان يجب الحيس قلت يا رسول الله إنه أهدي لنا حيس فخبأت له منه قال أدنيه أما أني قد أصبحت وأنا صائم فأكل منه ثم قال لنا إنما مثل صوم التطوع مثل الرجل يخرج منه ماله الصدقة فإن شاء أمضاها وإن شاء حبسها ] هذا لفظ رواية النسائي وهو أتم من غيره و [ روت أم هاني قالت دخلت علي رسول الله A فأتي بشراب فناولنيه فشربت ثم قلت يا رسول الله لقد أفطرت وكنت صائمة فقال لها : أكنت تقضين شيئا قال : لا قال : فلا يضرك إن كان تطوعا ] رواه سعيد وأبو داود والأثرم في لفظ [ قالت : قلت إني صائمة فقال رسول الله A إن المتطوع أمير نفسه فإن شئت فصومي وإن شئت فأفطري ] ولأن كل صوم لو أتمه كان متطوعا إذا خرج منه لم يجب قضاءه كما لو اعتقد أنه من رمضان فبان من شعبا أو من شوال فأما خبرهم فقال أبو داود : لا يثبت وقال الترمذي فيه مقال وضعفه الجوزجاني وغيره ثم هو محمول على الاستحباب إذا ثبت هذا فإنه يستحب له إمامه وإن خرج منه استحب قضاؤه للخروج من الخلاف وعملا بالخبر الذي رووه .
فصل : وسائر النوافل من الأعمال حكمها حكم الصيام في أنها لا تلزم بالشروع ولا يجب قضاؤها إذا خرج منها إلا الحج والعمرة فإنهما يخالفان سائر العبادات في هذا لتأكد إحرامهما ولا يخرج منها بإفسادهما ولو اعتقد أنهما واجبان ولم يكونا واجبين لم يكن له الخروج منها وقد روي عن أحمد في الصلاة ما يدل على أنها تلزم بالشروع فإن الأثرم قال : قلت لأبي عبد الله الرجل يصبح صائما متطوعا أيكون بالخيار والرجل يدخل في الصلاة له أن يقطعها ؟ فقال الصلاة أشد أما الصلاة فلا يقطعها قيل له فإن قطعها قضاها ؟ قال إن قضاها فليس فيه اختلاف ومال أبو إسحاق الجوزجاني إلى هذا القول وقال الصلاة ذات إحرام وإحلال فلزمت بالشروع فيها كالحج وأكثر أصحابنا على أنها لا تلزم أيضا وهو قول ابن عباس لأن ما جاز ترك جميعه جاز ترك بعضه كالصدقة والحج والعمرة يخالفان غيرهما