من عليه صوم رمضان فله تأخيره ما لم يدخل رمضان آخر .
مسألة : قال : فإن أمكنها القضاء فلم تقض حتى ماتت أطعم عنها لكل يوم مسكين .
وجملة ذلك أن من مات وعليه صيام من رمضان لم يخل من حالين : أحدهما أن يموت قبل إمكان الصيام أما لضيق الوقت أو لعذر من مرض أو سفر أو عجز عن الصوم فهذا لا شيء عليه في قول أكثر من أهل العلم وحكي عن طاوس و قتادة إنهما قالا : يجب الإطعام عنه لأنه صوم واجب سقط بالعجز عنه فوجب الإطعام عنه كالشيخ الهرم إذا ترك الصيام لعجزه عنه .
ولنا أنه حق لله تعالى وجب بالشرع مات من يجب عليه قبل إمكان فعله فسقط إلى غير بدل كالحج ويفارق الشيخ الهرم فإنه يجوز ابتداء الوجوب عليه بخلاف الميت .
الحال الثاني : أن يموت بعد إمكان القضاء فالواجب أن يطعم عنه لكل يوم مسكين وهذا قول أكثر أهل العلم روي ذلك عن عائشة و ابن عباس وبه قال مالك و الليث و الأوزاعي و الثوري و الشافعي و الخزرجي و ابن علية و أبو عبيد في الصحيح عنهم وقال أبو ثور : يصام عنه وهو قول الشافعي لما روت عائشة [ أن النبي A قال : من مات وعليه صيام صام عنه وليه ] متفق عليه وروي عن ابن عباس نحوه .
ولنا ما روي ابن ماجة عن ابن عمر [ أن النبي A قال من مات وعليه صيام شهر فليطعم عنه مكان كل يوم مسكينا ] قال الترمذي الصحيح عن ابن عمر موقوف وعن عائشة أيضا قالت : يطعم عنه في قضاء رمضان ولا يصام عنه وعن ابن عباس أنه سئل عن رجل مات وعليه نذر يصوم شهرا وعليه صوم رمضان قال : أما رمضان فليطعم عنه وأما النذر فيصام عنه رواه الأثرم في السنن ولأن الصوم لا تدخله النيابة حال الحياة فكذلك بعد الوفاة كالصلاة فأما حديثهم فهو في النذر لأنه قد جاء مصرحا به في بعض ألفاظه كذلك رواه البخاري عن ابن عباس قال : [ قالت امرأة يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم نذرا فأقضيه عنها ؟ قال : أرأيت لو كان على أمك دين فقضيتيه أكان يؤدي عنها ؟ قالت : نعم قال : فصومي عن أمك ] وقالت عائشة وابن عباس كقولنا وهما راويا حديثهم فدل على ما ذكرناه .
فصل : فأما صوم النذر فيفعله الولي عنه وهذا قول ابن عباس والليث وأبي عبيد وأبي ثور وقال سائر من ذكرنا من الفقهاء يطعم عنه لما ذكرنا في صوم رمضان .
ولنا الأحاديث الصحيحة التي رويناها قبل هذا وسنة رسول الله A أحق بالإتباع وفيها غنية عن كل قول والقول بين النذر وغيره أن النيابة تدخل العبادة بحسب خفتها والنذر أخف حكما لكونه لم يجب بأصل الشرع وإنما أوجبه الناذر على نفسه إذا ثبت هذا فإن الصوم ليس بواجب على الولي لأن النبي A شبهه بالدين ولا يجب على الولي قضاء دين الميت وإنما يتعلق بتركته إن كانت له تركة فإن لم يكن له تركه فلا شيء على وارثه لكن يستحب أن يقضي عنه لتفريغ ذمته وفك رهانه كذلك ههنا ولا يختص ذلك بالولي بل كل من صام عنه قضى ذلك عنه وأجزأ لأنه تبرع فأشبه قضاء الدين عنه