ولو وقع في الماء الطهور ما يمكن حفظ الماء منه وكان موافقا له في صفاته من طعم ولون وريح كالماء المستعمل وماء الورد الذي فقد صفاته مع الزمن فالمقياس في معرفة سلب الطهورية تقديري في هذه الحال فنقدر في الذهن حالة ما لو وقع في الماء - بدلا من المشابه له في صفاته - مخالف له بأوسط الصفات ( المخالف للماء بأوسط الصفات : في الطعم عصير الرمان وفي اللون عصير العنب وفي الرائحة اللاذن - وهو نوع من العلك - أما المخالف للماء بأعلى الصفات : ففي الطعم الخل وفي اللون الحبر وفي الرائحة المسك ) فإذا رأينا أنه يغير إحدى صفاته تغيرا فاحشا حكمنا على الماء بأنه سلبت طهوريته وإلا فلا . فالتغير التقديري إذن كالتغير الحسي .
أما المتغير الذي لم يعلم سبب تغيره فهو باق على طهوريته لأنه يجوز أن يكون تغير بطول المكث .
وإذا كوثر الماء المتغير - كالمتغير بزعفران مثلا أو نحوه - فزال تغيره فهو طهور وهناك طاهرات لا تسلب الماء طهوريته إذا اختلطت به قليلا كان الماء أو كثيرا ولو غيرته تغيرا فاحشا بلونه أو ريحه أو طعمه لأنه لا يمكن حفظ الماء منها أو لأنها تنعقد منه أو توفقه في الطهورية . وهي : .
( 1 ) التراب وإن طرح لأنه يوفق الماء في التطهير لقوله A فيما رواه عنه حذيفة Bه : ( وجعلت لنا الأرض كلها مسجدا وجعلت تربتها لنا طهورا ) ( مسلم ج 1 / كتاب المساجد ومواضع الصلاة / 4 ) .
( 2 ) الطحلب .
( 3 ) ما في قعره من أملاح ومعادن .
( 4 ) المجاور كعود أو دهن أو زيد ولو غير ريحه أو طعمه أو لونه لأن الدهن أو الزبد ولو وجد في الماء إلا أنه لا يختلط به بل يبقى طافيا لذا سمي مجاورا .
ومثل العود : شجرة في الماء خشبها له طعم فيبقى الماء طاهرا مطهرا ولو تغير ريحه أو لونه أو طعمه .
أما إذا تغير الماء بمجاور يتحلل كالعرقسوس أو الشاي بحيث يسلب اسم الماء بقيد لازم فإنه يفقد طهوريته أي قدرته على التطهير .
( 5 ) الملح المائي مهما كثر ولو طرح عمدا لأنه ينعقد من الماء . أما الملح الصخري فيسلب الماء طهوريته .
( 6 ) ورق الشجر .
يضاف إلى ذلك تغير الماء بالمكث فهذا لا يسلبه طهوريته .
واستدل الفقهاء لكل ما تقدم بقوله A في حديثه المتقدم في البحر : ( هو الطهور ماؤه الحل ميتته ) .
قال الإمام النووي C : " استدلوا منه على أن الماء المتغير بما يتعذر صونه عنه طهور . وقال : هذا الحكم مجمع عليه ( المجموع ج 1 / ص 129 ، ج 1 / ص 150 )