القاعدة العاشرةإعمال الكلام أولى من إهماله .
من فروعه : .
ما لو أوصى بطبل و له طبل لهو و طبل حرب صح و حمل على الجائز نص عليه .
و الحق به القاضي حسين : ما لو كان له زق خمر و زق خل فأوصى بأحدهما صح و حمل على الخل .
و منها : لو قال لزوجته و حمار : أحدكما طالق فإنها تطلق بخلاف ما لو قال ذلك لها و لأجنبية و قصد الأجنبية يقبل في الأصح لكون الأجنبية من حيث الجملة قابلة .
و منها : لو وقف على أولاده و ليس له إلا أولاد أولاد حمل عليهم كما جزم به الرافعي لتعذر الحقيقة و صونا للفظ عن الإهمال .
و نظيره : ما لو قال : زوجاتي طوالق و ليس له إلا رجعيات طلقن قطعا و إن كان في دخول الرجعية في ذلك مع الزوجات خلاف .
و منها : قال لزوجته : إن دخلت الدار أنت طالق بحذف الفاء فإن الطلاق لا يقع قبل الدخول : صونا للفظ عن الإهمال .
و قال محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة : يقع لعدم صلاحية اللفظ للجزاء بسبب عدم الفاء فحمل على الاستئناف و نقل الرافعي : عدم الوقوع عن جماعة ثم نقل عن البوشنجي : أنه يسأل فإن قال : أردت التنجيز حكم به .
قال الأسنوي : و ما قاله البوشنجي لا إشكال فيه إلا أنه يشعر بوجوب سؤاله .
و منها : قال لزوجته في مصر : أنت طالق في مكة ففي الرافعي عن البويطي : أنها تطلق في الحال و تبعه في الروضة .
قال الأسنوي : و سببه : أن المطلقة في بلد مطلقة في باقي البلاد .
قال : لكن رأيت في طبقات العبادى عن البويطي : أنها لا تطلق حتى تدخل مكة ؟ .
قال : و هو متجه فإن حمل الكلام على فائدة أولى من إلغائه .
قال : و قد ذكر الرافعي قبل ذلك بقليل عن إسماعيل البوشنجي مثله و أقره عليه .
و منها : وقع في فتاوى السبكي : أن رجلا وقف عليه ثم على أولاده ثم على أولادهم و نسله و عقبه ذكرا و أنثى { للذكر مثل حظ الأنثيين } على أن من توفي منهم عن ولد أو نسل عاد ما كان جاريا عليه من ذلك على ولده ثم على ولد ولده ثم على نسله على الفريضة و على أن من توفي من غير نسل عاد ما كان جاريا عليه على من في درجته من أهل الوقف المذكور يقدم الأقرب إليه فالأقرب و يستوي الأخ الشقيق و الأخ من الأب و من مات من أهل الوقف قبل استحقاقه لشيء من منافع الوقف و ترك ولدا أو أسفل منه استحق ما كان يستحقه المتوفي لو بقي حيا إلى أن يصير إليه شيء من منافع الوقف المذكور و قام في الاستحقاق مقام المتوفي فإذا انقرضوا فعلى الفقراء .
و توفي الموقوف عليه و انتقل الوقف إلى و لديه : أحمد و عبد القادر ثم توفي عبد القادر و ترك ثلاثة أولاد هم علي و عمر و لطيفة و ولدي ابنه محمد المتوفى في حياة والده و هما : عبد الرحمن و ملكة .
ثم توفي عمر من غير نسل ثم توفيت لطيفة و تركت بنتا : تسمى فاطمة ثم توفي علي و ترك بنتا تسمى : زينب ثم توفيت فاطمة بنت لطيفة عن غير نسل فإلى من ينتقل نصيب فاطمة المذكورة ؟ .
فأجاب : الذي يظهر لي الآن أن نصيب عبد القادر جمعية يقسم هذا الوقف على ستين جزءا : لعبد الرحمن منه : اثنان و عشرون و لملكه : أحد عشر و لزينب : سبعة و عشرون و لا يستمر هذا الحكم في أعقبهما بل كل وقت بحسبه .
قال : و بيان قلك : أن عبد القادر لما توفي انتقل نصيبه إلى أولاده الثلاثة و هم : عمر و علي و لطيفة : { للذكر مثل حظ الأنثيين } : لعلي خمساه و لعمر : خمساه و للطيفة خمسه هذا هو الظاهر عندنا .
و يحتمل أن يقال : يشاركهم عبد الرحمن و ملكة و لدا محمد المتوفي في حياة أبيه و نزلا منزلة أبيهما فيكون لهما : السبعان و لعلي : السبعان و لعمر السبعان و للطيفة : سبع .
و هذا و إن كان محتملا فهو مرجوح عندنا لأن الممكن في مأخذه ثلاثة أمور : أحدها : أن مقصود الواقف : أن لا يحرم أحد من ذريته و هذا ضعيف لأن المقاصد إذا لم يدل عليها اللفظ لا يعتبر .
الثاني : إدخالهم في الحكم و جعل الترتيب بين كل أصل و فرعه لا بين الطبقتين جميعا و هذا محتمل لكنه خلاف الظاهر .
و قد كنت ملت إليه مرة في وقف للفظ اقتضاه فيه لست اعمه في كل ترتيب .
الثالث : الاستناد إلى قول الواقف إن مات من أهل الوقف قبل استحقاقه لشيء قام و لده مقامه و هذا أقوى لكنه إنما يتم لو صدق على المتوفي في حياة والده : أنه من أهل الوقف .
و هذه مسألة كان قد وقع مثلها في الشام قبل التسعين و ستمائة و طلبوا فيها نقلا فلم يجدوه فأرسلوا إلى الديار المصرية يسألون عنها .
و لا أدري ما أجابوهم لكني بعد ذلك في كلام الأصحاب : فيما إذا و قف على أولاده على أن من مات منهم انتقل نصيبه إلى أولاده و من مات و لا و لد له انتقل إلى الباقين من أهل الوقف فمات واحد عن ولد انتقل نصيبه إليه فإذا مات آخر عن غير ولد انتقل نصيبه إلى أخيه و ابن أخيه لأنه صار من أهل الوقف .
فهذا التعليل يقتضي : أنه إنما صار من أهل الوقف بعد موت والده فيقتضي أن ابن عبد القادر المتوفي في حياة والده ليس من أهل الوقف و أنه إنما يصدق عليه اسم أهل الوقف إذا آل إليه الاستحقاق .
قال : و مما يتنبه له أن بين أهل الوقف و الموقوف عليه ا عموما و خصوصا من وجه فإذا وقف مثلا على زيد ثم عمرو ثم أولاده فعمرو موقوف عليه في حياة زيد لأنه معين قصده الواقف بخصوصه و سماه و عينه و ليس من أهل الوقف .
حتى يوجد شرط استحقاقه و هو موت زيد و أولاده إذا آل إليهم الاستحقاق : كل واحد منهم من أهل الوقف و لا يقال في كل واحد منهم : إنه موقوف عليه بخصوصه لأنه لم يعينه الواقف و إنما الموقوف عليه : جهة الأولاد كالفقراء .
قال : فتبين بذلك أن ابن عبد القادر والد عبد الرحمن لم يكن من أهل الوقف أصلا و لا موقوفا عليه لأن الواقف لم ينص على اسمه .
قال : و قد يقال : إن المتوفي في حياة أبيه يستحق أنه لو مات أبوه جرى عليه الوقف فينتقل هذا الاستحقاق إلى أولاده .
قال : و هذا قد كنت في وقت أبحثه ثم رجعت عنه .
فإن قلت : قد قال الواقف إن من مات من أهل الوقف قبل استحقاقه لشيء لا فقد سماه من أهل الوقف مع عدم استحقاقه فيدل على أنه أطلق أهل الوقف على من لم يصل إليه الوقف فيدخل محمد والد عبد الرحمن و ملكة في فلك فيستحقان .
و نحن إنما نرجع في الأوقاف إلى ما يدل عليه لفظ واقفها سواء وافق ذلك عرف الفقهاء أم لا .
قلت : لا نسلم مخالفة ذلك لما قلناه .
أما أولا فلأنه لم يقل : قبل استحقاقه و إنما قال قبل استحقاقه لشيء فيجوز أن يكون قد استحق شيئا صار به من أهل الوقف و يترقب استحقاقا من آخر فيموت قبله فنص الواقف على أن ولده يقوم مقامه في ذلك الشيء الذي لم يصل إليه .
و لو سلمنا أنه قال : قبل استحقاقه فيحتمل أن يقال : إن الموقوف عليه أو البطن الذي بعده و إن وصل إليه الاستحقاق أعني أنه صار من أهل الوقف : قد يتأخر استحقاقه إما لأنه مشروط بمدة : كقوله : في كل سنة كذا فيموت في أثنائها أو ما أشبه ذلك فيصح أن يقال : إن هذا من أهل الوقف و إلى الآن ما استحق من الغلة شيئا إما لعدمها أو لعدم شرط الاستحقاق بمضي زمان أو غيره فهذا حكم الوقف بعد موت عبد القادر .
فلما توفي عمر عن غير نسل انتقل نصيبه إلى أخويه عملا بشرط الواقف لمن في درجته فيصير نصيب عبد القادر كله بينهما أثلاثا لعلي : الثلثان و للطيفة : الثلث و يستمر حرمان عبد الرحمن و ملكة .
فلما ماتت لطيفة انتقل نصيبها و هو : الثلث إلى بنتها و لم ينتقل لعبد الرحمن و ملكة شيء لوجود أولاد عبد القادر و هم يحجبونهم لأنهم أولاده و قد قدمهم على أولاد الأولاد الذين هم منهم .
فلما توفي علي بن عبد القادر و خلف بنته زينب احتمل أن يقال : نصيبه كله و هو : ثلثا نصيب عبد القادر لها عملا بقول الواقف : من مات منهم عن ولد انتقل نصيبه لولده و تبقى هي و بنت عمتها مستوعبتين لنصيب جدهما لزينب : ثلثاه و لفاطمة : ثلثه .
و احتمل أن يقال : إن نصيب عبد القادر كله يقسم الآن على أولاده عملا بقول الواقف : ثم على أولاده ثم على أولاده فقد أثبت لجميع أولاد الأولاد استحقاقا بعد الأولاد و إنما حجبنا عبد الرحمن و ملكة و هما من أولاد الأولاد : بالأولاد فإذا انقرض الأولاد زال الحجب فيستحقان و يقسم نصيب عبد القادر بين جميع أولاد أولاده فلا يحصل لزينب جميع نصيب أبيها و ينقص ما كان بيد فاطمة بنت لطيفة و هذا أمر اقتضاه النزول الحادث بانقراض طبقة الأولاد المستفاد من شرط الواقف : أن أولاد الأولاد بعدهم .
و لا شك أن فيه مخالفة لظاهر قوله إن من مات فنصيبه لولده فإن ظاهره يقتضي .
أن نصيب علي لبنته زينب و استمرار نصيب لطيفة لبنتها فاطمة فخالفناه بهذا العمل فيهما جميعا و لو لم نخالف ذلك لزمنا مخالفة قول الواقف : إن بعد الأولاد يكون لأولاد الأولاد و ظاهره يشمل الجميع .
فهذان الظاهران تعارضا و هو تعارض قوى صعب ليس في هذا الوقت محز أصعب منه و ليس الترجيح فيه بالهين بل هو محل نظر الفقيه و خطر لي فيه طرق : .
منها : أن الشرط المقتضى لاستحقاق أولاد جميعهم متقدم في كلام الواقف و الشرط المقتضى لإخراجهم بقوله من مات انتقل نصيبه لولده متأخر فالعمل بالمتقدم أولى لأن هذا ليس من باب النسخ حتى يقال : العمل بالمتأخر أولى .
و منها : أن ترتيب الطبقات أصل و ذكر انتقال نصيب الوالد إلى ولده : فرع و تفصيل لذلك الأصل فكان التمسك بالأصل أولى .
و منها : أن من صيغة عامة فقوله من مات و له ولد صالح لكل فرد منهم و لمجموعهم و إذا أريد مجموعهم كان انتقاك نصيب مجموعهم إلى مجموع الأولاد من مقتضيات هذا الشرط فكان إعمالا له من وجه مع إعمال الأول و إن .
لم نعمل بذلك كان إلغاء للأول من كل وجه و هو مرجوح .
و منها : إذا تعارض الأمر بين إعطاء بعض الذرية و حرمانهم تعارضا لا ترجيح فيه فالإعطاء أولى لأنه لا شك أقرب إلى غرض الواقفين .
و منها : أن استحقاق زينب لأقل الأمرين و هو الذي يخصها إذا شرك بينها و بين بقية أولاد الأولاد : محقق و كذا فاطمة و الزائد على المحقق في حقها : مشكوك فيه و مشكوك في استحقاق عبد الرحمن و ملكة له فإذا لم يحصل ترجيح في التعارض بين اللفظين يقسم بينهم فيقسم بين عبد الرحمن و ملكة و زينب و فاطمة .
و هل يقسم للذكر مثل حظ الأنثيين فيكون لعبد الرحمن خمساه و لكل من الإناث : خمسه نظرا إليهم دون أصولهم أو ينظر إلى أصولهم فينزلون منزلتهم لو كانوا موجودين فيكون لفاطمة : خمسة : و لزينب : خمساه و لعبد الرحمن و ملكة خمساه ؟ فيه احتمال .
و أنا إلى الثاني أميل حتى لا يفضل فخذ على فخذ في المقدار بعد ثبوت الاستحقاق .
فلما توفيت فاطمة من غير نسل و الباقون من أهل الوقف : زينب بنت خالها و عبد الرحمن و ملكة ولدا عمها و كلهم في درجتها وجب قسم نصيبها بينهم لعبد الرحمن : نصفه و لملكة : ربعه و لزينب : ربعه .
و لا نقول هنا : ننظر إلى أصولهم لأن الانتقال إلى أصولهم لأن الانتقال من مساويهم و من هو في درجتهم فكان اعتبارهم بأنفسهم أولى فاجتمع لعبد الرحمن و ملكة : الخمسان حصلا لهما بموت على و نصف و ربع الخمس الذي لفاطمة بينهما بالفريضة فلعبد الرحمن خمس و نصف خمس و ثلث خمس و لملكة : ثلثا خمس و ربع خمس و اجتمع لزينب : الخمسان بموت والدها و ربع خمس فاطمة فاحتجنا إلى عدد يكون له خمس و لخمسة ثلث و ربع و هو ستون فقسمنا نصيب عبد القادر عليه لزينب خمساه و ربع خمسة و هو سبعة و عشرون و لعبد الرحمن : اثنان و عشرون و هي خمس و نصف خمس و ثلث خمس و لملكة : إحدى عشر و هي ثلثا خمس و ربع خمس .
فهذا ما ظهر لي و لا أشتهي أحدا من الفقهاء يقلدني بل ينظر لنفسه انتهى كلام السبكي .
قلت : الذي يظهر لي اختياره أولا دخول عبد الرحمن و ملكة بعد موت عبد القادر عملا بقوله و من مات من أهل الوقف الخ .
و ما ذكره السبكي : من أنه لا يطلق عليه أنه من أهل الوقف : ممنوع و ما ذكره في تأويل قوله قبل استحقاقه خلاف الظاهر من اللفظ و خلاف المتبادر إلى الإفهام .
بل صريح كلام الواقف : أنه أراد بأهل الوقف : الذي مات قبل استحقاقه لا الذي لم يدخل في الاستحقاق بالكلية و لكنه بصدد أن يصل إليه و قوله لشيء من منافع الوقف دليل قوى لذلك فإنه نكرة في سياق الشرط و في سياق كلام معناه النفي فيعم لأن المعنى لم يستحق شيئا من منافع الوقف و هذا مريح في رد التأويل الذي قاله .
و يؤيده أيضا قوله : استحق ما كان يستحقه المتوفي لو بقي حيا إلى أن يصير إليه شيء من منافع الوقف فهذه الألفاظ كلها صريحة في أنه مات قبل الاستحقاق .
و أيضا : لو كان المراد ما قاله السبكي لاستغنى عنه بقوله أولا على أن من مات عن ولد عاد ما كان جاريا عليه على ولده أ فإنه يغنى عنه : و لا ينافي هذا اشتراطه الترتيب في الطبقات بثم لأن ذاك عام خصصه هذا كما خصصه أيضا قوله على أن من مات عن ولد إلى آخره .
و أيضا : فأنا إذا عملنا بعموم اشتراط الترتيب لزم منه إلغاء هذا الكلام بالكلية .
و أن لا يعمل في صورة لأنه على هذا التقدير : إنما استحق عبد الرحمن و ملكة لما استووا في الدرجة أخذا من قوله عاد على من في درجته فبقي قوله و من مات قبل استحقاقه الخ مهملا لا يظهر أثره في صورة بخلاف ما إذا أعملناه و خصصنا به عموم الترتيب فإن نجيه إعمالا للكلامين و جمعا بينهما و هذا أمر ينبغي أن يقطع به .
و حينئذ فنقول : لما بات عبد القادر قسم نصيبه بين أولاده الثلاثة و ولدي ولده أسباعا لعبد الرحمن و ملكة : السبعان أثلاثا فلما مات عمر عن غير نسل انتقل نصيبه إلى أخويه و ولدي أخيه فيصير نصيب عبد القادر كلهم بينهم لعلي : خمسان و للطيفة : خمس و لعبد الرحمن و ملكة خمسان أثلاثا فلما مات عمر عن غير نسل .
انتقل نصيبه إلى أخويه و ولدي أخيه فيصير نصيب عبد القادر كلهم بينهم لعلي : خمسان و للطيفة : خمس و لعبد الرحمن و ملكة خمسان أثلاثا و لما توفيت لطيفة انتقل نصيبها بكماله لبنتها فاطمة و لما مات علي انتقل نصيبه بكامله لبنته زينب و لما توفيت فاطمة بنت لطيفة و الباقون في درجتها زينب و عبد الرحمن و ملكة قسم نصيبها بينهم .
{ للذكر مثل حظ الأنثيين } اعتبارا بهم لا بأصولهم لما ذكر السبكي : لعبد الرحمن : نصف و لكل بنت ربع فاجتمع لعبد الرحمن بموت عمر : خمس و ثلث و بموت فاطمة : نصف خمس و لملكة بموت عمر : ثلثا خمس و بموت فاطمة : ربع خمس و لزينب جزءا لزينب : سبعة و عشرون و هي خمسان و ربع خمس و لعبد الرحمن اثنان و عشرون و هي خمس و نصف و ثلث و لملكة : أحد عشر و هي ثلثا خمس و ربع .
فصحت مما قاله السبكي لكن الفرق تقدم استحقاق عبد الرحمن و ملكة .
و الجزم حينئذ بصحة هذه القسمة و السبكي تردد فيها و جعلها من باب قسمة المشكوك في استحقاقه و نحن لا نتردد في ذلك .
و سئل السبكي أيضا : عن رجل وقف على حمزة ثم أولاده ثم أولادهم و شرط أن من مات من أولاده انتقل نصيبه للمستحقين من أخوته و من مات قبل استحقاقه لشيء من منافع الوقف و له ولد استحق ولده ما كان يستحقه المتوفي لو كان حيا .
فمات حمزة و خلف ولدين و هما عماد الدين و خديجة و ولد ولد مات أبوه في حياة والده و هو : نجم الدين بن مؤيد الدين بن حمزة فأخذ الولدان نصيبهما .
و ولد الولد : النصيب الذي لو كان أبوه حيا لأخذه ثم ماتت خديجة فهل يختص أخوها بالباقي أو يشاركه ولد أخيه نجم الدين ؟ .
فأجاب : تعارض فيه اللفظان فيحتمل المشاركة و لكن الأرجح اختصاص الأخ و يرجحه : أن التنصيص على الأخوة و على المستحقين منهم : كالخاص : و قوله : و من مات قبل الاستحقاق كالعام فيقدم الخاص على العام .
تنبيه .
قال السبكي و ولده : محل هذه القاعدة : أن يستوى الإعمال و الإهمال بالنسبة إلى الكلام أما إذا بعد الإعمال عن اللفظ و صار بالنسبة إليه كاللغز فلا يصير راجحا .
و من ثم : لو أوصى بعود من عيدانه و له عيدان لهو و عيدان قسى و بناء فالأصح بطلان الوصية تنزيلا على عيدان اللهو لأن اسم العود عند الإطلاق له و استعماله في غيره مرجوح و ليس كالطبل لوقوعه على الجميع وقوعا واحدا : كذا فرق الأصحاب بين المسألتين .
و لو قال : زوجتك فاطمة و لم يقل : بنتي : لم يصح على الأصح لكثرة الفواطم .
فصل .
يدخل في هذه القاعدة : قاعدة التأسيس أولى من التأكيد .
فإذا دار اللفظ بينهما تعين حمله على التأسيس .
و فيه فروع : .
منها : قال : أنت طالق أنت طالق و لم ينو شيئا فالأصح الحمل على الاستئناف .
و منها : إذا قال لزوجته : إن ظاهرت من فلانة الأجنبية فأنت على كظهر أمي ثم تزوج تلك و ظاهر فهل يصير مظاهرا من الزوجة الأولى ؟ وجهان : أصحهما في التنبيه : لا حملا للصفة على الشرط فكأنه علق ظهاره على ظهاره .
من تلك حال كونها أجنبية و ذلك تعليق على مالا يكون ظهارا شرعيا و الثاني : نعم و يجعل الوصف بقوله الأجنبية توضيحا لا تخصيصا و هذا هو الأصح عند النووي