قاعدة : الخطأ في تعيين ما لا يشترط تعيينه .
و ما لا يشترط التعرض له جملة و تفصيلا إذا عينه و أخطأ لم يخضر كتعيين مكان الصلاة و زمانها و كما إذا عين الإمام من يصلي خلفه أو صلى في الغيم أو صام الاثنين و نوى الأداء و القضاء فبان خلافه و ما يشترط فيه التعيين فالخطأ فيه بطل كالخطأ من الصوم إلى الصلاة و عكسه و من صلاة الظهر إلى العصر .
و ما يجب التعرض له جملة و لا يشترط تعيينه تفصيلا إذا عينه و أخطأ ضر و في ذلك فروع : .
أحدها : نوى الاقتداء بزيد فبان عمرا لم يصح .
الثاني : نوى الصلاة على زيد فبان عمرا أو على رجل فكان امرأة أو عكسه لم تصح و محله في الصورتين : ما لم يشر كما سيأتي في مبحث الإشارة و قال السبكي في الصورة الأولى : ينبغي بطلان نية الاقتداء لأن نية الاقتداء لا نية الصلاة ثم إذا تابعه خرج على متابعة من ليس بإمام بل ينبغي هنا الصحة و جعل ظنه عذرا و تابعه في المهمات على هذا البحث .
و أجيب بأنه قد يقال : فرض المسألة : حصول المتابعة فإن ذلك شان من ينوي الاقتداء و الأصح في متابعة من لبس بإمام البطلان .
الثالث : لا يشترط تعيين عدد الركعات فلو نوى الظهر خمسا أو ثلاثا لم يصح لكن قال في المهمات : إنما فرض الرافعي المسألة في العلم فيؤخذ منه أنه لا يؤثر عند الغلط .
قلت : ذكر النووي المسألة في شرح المهذب في باب الوضوء و فرضها في الغلط فقال : و لو غلط في عدد الركعات فنوى الظهر ثلاثة أو خمسا قال أصحابنا : لا يصح ظهره هذه عبارته و يؤيده تعليله البطلان في باب الصلاة بتقصيره .
و نظير هذه المسألة من صلى على موتى لا يجب تعيين عددهم و لا معرفته فلو اعتقدهم عشرة فبانوا أكثر أعاد الصلاة على الجميع لأن فيهم من لم يصل عليه و هو غير معين في البحر قال : و إن بانوا أقل فالأظهر الصحة و يحتمل خلافه لأن النية قد بطلت في الزائد لكونه معدوما فتبطل قي الباقي .
الرابع : نوى قضاء ظهر يوم الاثنين و كان عليه ظهر يوم الثلاثاء لم يجزئه .
الخامس : نوى ليلة الاثنين صوم يوم الثلاثاء أو في سنة أربع صوم رمضان سنة ثلاث لم يصح بلا خلاف .
السادس : عليه قضاء يوم الأول من رمضان فنوى قضاء اليوم الثاني لم يجزئه على الأصح .
السابع : عين زكاة ماله النائب فكان تالفا لم يجزئه عن الحاضر .
الثامن : نوى كفارة الظهار فكان عليه كفارة قتل لم يجزئه .
التاسع : نوى دينا و بان أنه ليس عليه لم يقع عن غيره ذكره السبكي .
و خرج عن ذلك صور : .
منها : لو نوى رفع حدث النوم مثلا و كان حدثه غيره أو رفع جنابة الجماع و جنابته باحتلام أو عكسه أو رفع حدث الحيض و حدثها الجنابة أو عكسه خطأ لم يضر و صح الوضوء و الغسل في الأصح .
و اعتذر عن خروج ذلك عن القاعدة بأن النية في الوضوء و الغسل ليست للقربة بل للتمييز بخلاف تعيين الإمام و الميت مثلا و بأن الأحداث و إن تعددت أسبابها فالمقصود منها واحد و هو المنع من الصلاة و لا أثر لأسبابها من نوم أو غيره .
و منها : ما لو نوى المحدث رفع الأكبر غالطا فإنه يصح كما ذكره في شرح المهذب و لم يستحضره الأسنوي و من تابعه فنقلوه عن المحب الطبري و عبارة شرح المهذب : لو نوى المحدث غسل أعضائه الأربعة عن الجنابة غلطا ظانا أنه جنب صح وضوءه و أما عكسه و هو أن ينوي الجنب رفع الأصغر غلطا فالأصح أنه يرتفع عن الوجه و اليدين و الرجلين فقط دون الرأس لأن فرضها في الأصغر المسح فيكون هو المنوي دون الغسل و المسح لا يغني عن الغسل .
و منها : إذا قلنا باشتراط نية الخروج من الصلاة لا يشترط تعيين الصلاة التي يخرج منها فلو عين غير التي هو فيها خطأ لم يضر بل يسجد للسهو و يسلم ثانيا أو عمدا بطلت صلاته و إن قلنا بعدم و جريها لم يضر الخطأ في التعيين مطلقا .
تنبيه : أما لو و قع الخطأ في الاعتقاد دون التعيين فإنه لا يضر كأنه ينوي ليلة الاثنين صوم غد و هو يعتقده الثلاثاء أو ينوي صوم غد من رمضان هذه السنة و هو يعتقدها سنة ثلاث فكانت سنة أربع فإنه يصح صومه .
و نظيره في الاقتداء : أن ينوي الإقتداء بالحاضر مع اعتقاد أنه زيد و هو عمرو فإنه يصح قطعا صرح به الروياني في البحر و في الصلاة : لو أدى الظهر في وقتها معتقدا أنه يوم الاثنين فكان الثلاثاء صح نقله في شرح المهذب عن البغوي قال : و لو غلط في الأذان فظن أنه يؤذن للظهر و كانت العصر فلا أعلم فيه نقلا و ينبغي أن يصح لأن المقصود الإعلام ممن هو أهله و قد حصل و لو تيمم معتقدا أن حدثه أصغر فبان أكبر أو عكسه صح و لو طاف الحاج معتقدا أنه محرم بعمرة أو عكسه أجزأه .
تنبيه : من المشكل على ما قررناه ما صححوه من أن الذي أدرك الإمام في الجمعة بعد ركوع الثانية ينوي الجمعة مع أنه إنما يصلي الظهر و علله الرافعي بموافقة الإمام قال الأسنوي : و لا يخفى ضعف هذا التعليل بل الصواب ما ذكروه فيمن لا عذر له إذا ترك الإحرام بالجمعة حتى رفع الإمام من الركعة الثانية ثم أراد الإحرام بالظهر قبل السلام فإنهم قالوا : إن الأصح عدم انعقادها و عللوه بأننا تيقنا انعقاد الجمعة و شككنا في فواتها إذ يحتمل أن يكون الإمام قد ترك ركنا من الركعة الأولى و تذكره قبل السلام فيأتي به و على هذا فليس لنا من ينوي غير ما يؤدي إلا في هذه الصورة