القول في الموالاة .
القول في الموالاة .
هي سنة على الأصح : في الوضوء و الغسل و التيمم إلا في طهارة دائم الحدث فواجبة و بين أشواط الطواف و السعي و الجمع بين الصلاتين في وقت الثانية و أيمان القسامة و سنة تعريف اللقطة .
و قيل : واجبة في الكل .
و واجبة على الأصح في الجمع في وقت الأولى و بين طهارة دائم الحدث و صلاته و بين كلمات الأذان و الإقامة و بين الخطبة و صلاة الجمعة و في الخطبة و كأيمان اللعان و سنة التغريب في الزنا .
و قيل : لا يجب في الكل .
و يجب قطعا بين كلمات الفاتحة و التشهد و رد السلام و الإيجاب و القبول في العقود إلا الوصية .
قاعدة .
ما تعتبر فيه الموالاة فالتخلل القاطع لها مضر و غالبها يرجع فيه إلى العرف و ربما كان مقدار أمن التخلل مغتفر في باب دون باب كما سنبينه .
أما الطهارة : ففي تخللها القاطع أوجه .
أحدها : الرجوع فيه إلى العرف .
و الثاني : أنه الطويل المتفاحش .
و الثالث : ما يمكن فيه تمام الطهارة .
و الرابع : و هو الأصح أن يمضي زمن يجف فيه المغسول آخرا مع اعتدال الزمان و المزاج و يقدر الممسوح مغسولا .
و أما طهارة دائم الحدث و صلاته فقال الإمام : ذهب الذاهبون إلى المبالغة في الأمر بالبدار .
و قال آخرون : يغتفر تخلل فصل يسير .
قال : و ضبطه على التقريب عندي : أن يكون على قدر الزمن المتخلل بين صلاة الجمع .
و المرجع في تخلل صلاة الجمع إلى العرف على الصحيح .
و أقل الفصل اليسير بينهما : ما كان بقدر الإقامة و الطويل : ما زاد .
و على الأول قال القاضي أبو الطيب : ما منع من البناء على الصلاة إذا سلم ناسيا منع الجمع و مالا فلا .
تنبيه .
اغتفر تأخير دائم الحدث لانتظاره الجماعة و لم يغتفر ذلك في الجمع .
قال في الوافي : و الفرق أن صلاتي الجمع كالواحدة فيضر الفصل الطويل .
و يرجع إلى العرف أيضا في موالاة الفاتحة فيقطعها سكوت طويل عمدا و يسير قصد به قطع القراءة و ذكر إلا إن تعلق بالصلاة في الأصح و لا يقطعها تكرار آية من الفاتحة .
قال المتولي : إلا أن تكون تلك الآية منقطعة عن التي وقف عليها فإنها تقطعه بأن وصل إلى { أنعمت } ثم قرأ { مالك يوم الدين } فقط كذا نقله في شرح المهذب .
قال الأسنوي : و الذي قاله المتولي ظاهر يمكن حمل إطلاقهم عليه لا سيما أن الصورة المذكورة نادرة يبعد إرادتها .
و يرجع إلى العرف أيضا في موالاة الأذان فلا يقطعه اليسير من السكوت و الكلام و النوم و الإغماء و الجنون و الردة و يقطعه الطويل منها .
و قيل : لا يقطعه الطويل أيضا .
و قيل : يقطعه اليسير أيضا و الكلام أولى بالإبطال من السكوت و النوم أولى به من الكلام و الإغماء أولى به من النوم و الجنون أولى به من الإغماء و الردة أولى به من الجنون و الإقامة أولى به من الأذان .
و حيث قلنا : لا يقطعه الطويل فالمراد : إذا لم يفحش الطول بحيث لا يعد مع الأول أذانا .
و يرجع إليه أيضا في موالاة الخطبة و الطواف و السعي .
قال الإمام : التفريق الكثير ما يغلب على الظن تركه الطواف .
و في سنة تعريف اللقطة قال الإمام : فلا يلزم استيعاب السنة بل لا يعرف في الليل و لا يستوعب الأيام أيضا على المعتاد فيعرف في الابتداء كل يوم مرتين طرفي النهار ثم كل يوم مرة ثم كل أسبوع ثم كل شهر بحيث لا ينسى أنه تكرار للأول .
و أما البيع و النكاح و نحوهما فضابط الفصل الطويل فيها : ما أشعر بإعراضه عن القبول .
و في وجه : ما خرج عن مجلس الإيجاب .
و في ثالث : ما لا يصلح جوابا للكلام في العادة .
و على الأول : لو حصل الفصل بكلام أجنبي قصير فذكر الرافعي في البيع و النكاح أنه يضر على الأصح و ذكر في الطلاق و الخلع : أنه لا ينقطع به الاتصال بين الإيجاب و القبول على الأصح و وافقه في الروضة على هذه المواضع .
و قال في شرح المهذب في البيع : و لو تخللت كلمة أجنبية بطل العقد .
قال ابن السبكي : و الفرق أن الخلع أوسع قليلا على ما أشار إليه بعض الأصحاب فلم يشترط فيه من الاتصال القدر المشترط في البيع و نحوه .
و أما رد السلام : فحكمه حكم الإيجاب و القبول .
و قال الإمام : الاتصال المعتبر في الاستثناء أبلغ منه بين الإيجاب و القبول لصدورهما من شخصين و قد يحتمل من شخصين ما لا يحتمل من واحد فلا تضر فيه سكتة تنفس وعي .
لكن نقل النووي عن صاحب العدة و البيان أنهما حكيا عن المذهب أنه لو قال علي ألف أستغفر الله إلا مائة صح و احتجا بأنه فصل يسير فصار كقوله : علي ألف يا فلان إلا مائة .
قال النووي : و هذا الذي نقلاه فيه نظر .
و قال السبكي في الجمع بينهما : يظهر أن الكلام اليسير إن كان أجنبيا فهو الضار و إلا فهو الذي يغتفر كقوله : أستغفر الله و يا فلان فليحمل كل منهما على الفصل اليسير بنحو أستغفر الله و يا فلان لا على مطلق الفصل اليسير .
فائدة .
قال ابن السبكي : الضابط في التخلل المضر في الأبواب : أن يعد الثاني منقطعا عن الأول و هذا يختلف باختلاف الأبواب فرب باب يطلب فيه من الاتصال ما لا يطلب في غيره و باختلاف المتخلل نفسه فقد يغتفر من السكوت ما لا يغتفر من الكلام و من الكلام المتعلق بالعقد ما لا يغتفر من الأجنبي و من المتخلل بعذر مالا يغتفر من غيره فصارت مراتب .
أقطعها للاتصال : كلام كثير أجنبي و أبعدها عنه : سكوت يسير لعذر .
و بينهما مراتب لا تخفى .
تنبيه .
من المشكل هنا : ما ذكره الرافعي و غيره في الولي إذا وهب الصبي من يعتق عليه و لم يقبله أن الحاكم يقبله فإن لم يفعل قبله الصبي بعد بلوغه .
قال ابن السبكي : فهذا فصل طويل فلماذا يغتفر ؟ .
و أيضا فالإيجاب صدر و الصبي غير أهل للقبول .
قال : و لا يمكن أن يحمل على قبول إيجاب متجدد بعد البلوغ لأن ذلك معروف لا معنى لذكره .
القول في فروض الكفاية و سننها .
قال الرافعي و غيره : فروض الكفاية أمور كلية تتعلق بها مصالح دينية أو دنيوية لا ينتظم الأمر إلا بحصولها فطلب الشارع تحصيلها لا تكليف واحد منها بعينه بخلاف العين و إذا قام به من فيه كفاية سقط الحرج عن الباقين أو أزيد على من يسقط به فالكل فرض أو تعطل أثم كل من قدر عليه إن علم به و كذا إن لم يعلم إذا كان قريبا منه يليق به البحث و المراقبة و يختلف بكبر البلد و قد ينتهي خبره إلى سائر البلاد فيجب عليهم و للقائم به مزية على القائم بالعين لإسقاطه الحرج عن المسلمين بخلافه .
و من ثم ادعى إمام الحرمين و والده و الأستاذ أبو إسحاق الإسفرايني : أنه أفضل من فرض العين و حكاه أبو علي السنجي عن أهل التحقيق و المتبادر إلى الأذهان : خلافه