ما يشترط فيه العدالة و ما لا يشترط .
ما يشترط فيه العدالة و ما لا يشترط .
قال العلائي : مدار هذه القاعدة على القاعدة المشهورة في أصول الفقه : إن المصالح المعتبرة إما في محل الضرورات أو في محل الحاجات أو في محل التتمات و إما مستغنى عنها بالكلية أما لعدم اعتبارها أو لقيام غيرها مقامها .
و بيان هذا : .
أن اشتراط العدالة في صحة التصرف مصلحة لحصول الضبط بها عن الخيانة و الكذب و التقصير إذ الفاسق ليس له وازع ديني فلا يوثق به .
فاشتراط العدالة في الشهادة و الرواية في محل الضرورات لأن الضرورة تدعو إلى حفظ الشريعة في نقلها و صونها عن الكذب .
و كذلك في الفتوى أيضا لصون الأحكام و لحفظ دماء الناس و أموالهم و أبضاعهم و أعراضهم عن الضياع فلو قبل فيها قول الفسقة و من لا يوثق به لضاعت .
و كذلك في الولايات على الغير كالامامة الكبرى و القضاء و أمانة الحكم و الوصاية و مباشرة الأقاف و السعاية في الصدقات و ما أشبه ذلك لما في الاعتماد على الفاسق في شيء منها من الضرر العظيم .
و أما محل الحاجات : ففي مثل تصرفات الآباء و الأجداد لأبنائهم .
و منهم من طرد فيه الخلاف الآتي في النكاح و المؤذن المنصوب لاعتماد الناس على قوله في دخول الأوقات .
إذا لو كان غير موثوق به لحصل الخلل في إيقاع الصلوات في غير أوقاتها .
و أما محل التتمات : فكإمامة الصلوات و لذلك لم يشترط فيها العدالة بلا خلاف عندنا إذ ليس فيها توقع خلل بالنسبة إلى المصلين خلفه لأن توهم قلة مبالاته بالطهارة عن الحدث و الخبث نادر في الفساق .
و كذلك ولاية القريب على قريبه الميت في التجهيز و التقدم على الصلاة لأن فرط شفقة القريب و كثرة حزنه تبعثه على الاحتياط في ذلك و قوة التضرع في الدعاء له فالعدالة فيه من التتمات .
و أما المستغنى عنه بالكلية لعدم الحاجة إليه فكالإقرار لأن طبع الإنسان يزعه عن أن يقر على نفسه بما يقتضي قتلا أو قطعا أو تغريم مال فقبل من البر و الفاجر اكتفاء بالوازع الطبيعي .
و لهذا يقبل إقرار العبد بما يقتضي القصاص دون ما يوجب المال لأن طبعه يزعه عن إضرار نفسه بخلاف إضرار سيده .
و الذي يقوم غيره مقامه : التوكيل و الإيداع من المالك فإن نظره لنفسه قائم مقام نظر الشرع له في الاحتياط .
فيجوز له : أن يوكل الفاسق و يودع عنده لأن طبع المالك نزعه عن إتلاف ماله بالتفريط .
و لذلك لو كان موكلا أو مودعا في مال الغر وجب عليه الاحتياط بالوازع الشرعي .
و هذه فروع اختلف فيها .
الأول : ولاية النكاح .
و فيها : ثلاثة عشر طريقا .
أشهرها : في اشتراط العدالة فيها قولان : أصحهما : نعم فلا يلي الفاسق كسائر الولايات و لأنه لا يؤمن أن يضعها عند فسق مثله .
و الثاني : لا لأن الأولين لم يمنعوا الفسقة من تزويج بناتهم .
الطريق الثاني : يلي قطعا .
الثالث : لا يلي قطعا .
الرابع : يلي المجبر دون غيره لأنه أكمل شفقة .
الخامس : عكسه لأن المجبر يستقل بالنكاح فربما وضعها عند فاسق بخلاف غيره فتنظر هي لنفسها و تأذن .
السادس : يلي إن فسق بغير شرب الخمر بخلاف ما إذا كان به لاختلال نظره .
السابع : يلي المستتر دون المعلن .
الثامن : يلي الغيور دون غيره .
التاسع : يلي إن لم يحجر عليه .
العاشر : يلي إن كان الإمام الأعظم قطعا و إلا فقولان .
الحادي عشر : يلي إن كان الإمام نساء المسلمين لا مولياته .
الثاني عشر : يلي إن كان بحيث لو سلبناه الولاية انتقلت إلى حاكم مثله و إلا فلا قاله الغزالي و استحسنه النووي .
الثالث عشر : قاله في البحر يلي ابنته و لا يقبل النكاح لابنه .
الفرع الثاني : الاجتهاد .
قيل : العدالة ركن فيه و الأصح : لا بل هي شرط لقبول إخباره حتى يجب عليه الأخذ بقول نفسه