القول في أحكام العبد .
قال : أبوحامد في الرونق : يفارق العبد الحر في خمسين مسالة لا جهاد عليه و لا تجب عليه الجمعة و لا تنعقد به و لا حج عليه و لا عمرة إلا بالنذر و عورة الأمة كعورة الرجل و يجوز النظر إلى وجهها لغير محرم و لا يكون شاهدا و لا ترجمانا و لا قائفا و لا قاسما و لا خارصا و لا مقوما و لا كاتبا للحاكم و لا أمينا للحاكم و لا قاضيا و لا يقلد أمرا عاما و لا يملك و لا يطأ بالتسري و لا تجب عليه الزكاة إلا زكاة الفطر و لا يعطى في الحج في الكفارات مالا و لا يأخذ من الزكاة و الكفارة شيئا إلا سهم المكاتبين و لا يصوم غير الفرض إلا بإذن سيده و لا يلزم سيده إقراره بالمال و لا يكون و ليا في النكاح و لا في قصاص و لا حد و لا يرث و لا يررث و حده النصف من حد الحر و لا يرجم في الزنا و تجب في إتلافه قيمته و ما نقص منه بقيمته و لا يتحمل الدية و لا يتحمل عنه و لا تتحمل العاقلة قيمته و لا يتزوج بامرأتين سواء كانتا حرتين أم أمتين و طلاقه اثنتان .
وعدة الأمة قرءان و لا لعان بينها و بين سيدها في أحد القولين و لا ينفي في الزنا في أحد القولين و لا يقتل به الحر و لا من فيه بعض الحرية و لا يؤدي به فروض الكفارة و لا يتزوج بنفسه و يكره على التزويج و قسم الأمة على النصف من قسم الحرة ولا يحد قاذفه و لا يسهم له من الغنيمة و يأخذ اللقطة على حكم سيده و لا يكون وصيا و لا تصح كفالته إلا بأذن سيده و يجعل صداقا و يجعل نذرا و يكون رهنا .
انتهى .
قلت : لقد جمع أبو حامد فاحسن و بقي عليه أشياء أذكرها بعد أن أتكلم على ما ذكره .
فقوله : و لا حج و لا عمرة إلا بالنذر فيه أمران : أحدهما : أنه يلزمه الحج و العمرة بغير طريق النذر و هو الإفساد إذ أحرم ثم جامع فإنه يلزمه القضاء على المذهب و به قطع جماهير الأصحاب لأنه مكلف و هل بجزية في حال رقه ؟ قولان : أصحهما : نعم .
والأمر الثاني : إذا لزمه ذلك بالنذر فهل يصح منه في حال رقه ؟ قال الروياني : فيه وجهان كما في قضاء الحجة التي أفسدها كذا في شرح المهذب عنه .
وصرح في الروضة بتصحيح الإجزاء .
و قوله : و عورة الأمة كعورة الرجل و الأصح و في وجه : أنها كالحرة إلا الرأس و في آخر : إلا الرأس و الساق و في ثالث : إلا ما يبدو في حال الخدمة وهما المذكوران و ا لرقبة و ا لساعد .
و قوله : و يجوز النظر إلى وجهها هو وجه صححه الرافعي و صحح النووي أنها في ذلك كالحرة .
و قوله : و لا يكون شاهدا : استثنى منه صورتان على رأي ضعيف : الأول : هلال رمضان إذا اكتفينا فيه بواحد : في جواز كونه عبدا وجهان أصحهما : المنع .
والثانية : إسماع القاضي الأصم إذا لم يشترط فيه العدد في جواز كون المسمع عبدا : وجهان كالهلال : أصحهما المنع .
و قوله : و لا قائفا هو الأصح و فيه وجه .
و قوله : و لا كاتبا لحاكم هو الصحيح و قال القفال في شرح التلخيص : يجوز كونه كاتبا لأن الكتابة لا يتعلق بها حكم ؟ لأن القاضي لا يمضي ما كتبه حتى يقف عليه و المعتمد إنما هو شهادة الشهود الذين يشهدون بما تضمنه المكتوب .
و قوله : و لا يملك هو الأظهر و في قول قديم : أنه يملك بتمليك السيد ملكا ضعيفا للسيد الرجوع فيه متى شاء و في احتياجه إلى القبول وجهان بناء على إجباره في النكاح .
قال الرافعي : و لا يجري الخلاف فى تمليك الأجنبي .
وفي المطلب : أن جماعة أجروه فيه منهم القاضي حسين و الماوردي .
و قوله : و لا تجب عليه الزكاة إلا زكاة الفطر إن أراد الوجوب بسببه : فيجب فيه زكاة التجارة أيضا و إن أراد أن الوجوب يلاقيه و هو مبني على الخلاف في زكاة الفطر هل الوجوب يلاقي المؤدي عنه ثم يتحملها المؤدي أولا ؟ فيه قولان : أصحهما ا لأول .
قال : و لا يورث قد يستثنى منه مسألة : و هو ما لو وجب له تعزير بقذف ومات فإن الأصح أن حقه ينتقل إلى سيده لأنها عقوبة وجبت بالقذف فلم تسقط بالموت كالحد .
قال الأصحاب : و ليس ذلك على سبيل الإرث و لكنه أخص الناس به .
فما ثبت له في حياته يكون لسيده بعد موته بحق المال .
و في وجه : يستوفيه أقاربه ؟ لأن العار يعود عليهم .
وفي ثالث : يستوفيه السلطان كحر لا وارث له .
و في رابع : يسقط فعلى هذا يفارق الحر .
قوله : و لا تتحمل العاقلة قيمته هو قول و الأظهر خلافه و على الأول لا يجري فيه القسامة و تجري على الثاني .
وعجبت لأبي حامد كيف جزم بذلك القول و لم يذكر مسألة القسامة ؟ .
قوله : و طلاقه اثنتان .
قوله : و عدة الأمة قرءان بقي عليه ذات الأشهر و لها شهر و نصف في الأظهر و الثاني : شهران و الثالث : ثلاثة كالحرة و المتوفى عنها و لها شهران و خمسة أيام .
و لها لعان بينها و بين سيدها في أحد القولين و هو اظهر .
قوله : و لا ينفي في الزنا في أحد القولين و الأظهر انه ينفي نصف سنة وفي قول : سنة كالحر .
قوله : و يكره على التزويج هو في الأمة كذلك و في العبد قول و الأظهر أنه لا يجبر سواء كان كبيرا أو صغيرا .
قال ابن الرفعة : القياس أن إحرام السيد عن عبده كتزويجه .
قوله : و لا يسهم له من الغنيمة هذا إن كان في المقاتلة حر فإن كانوا كلهم عبيدا فاوجه أصحها : يقسم بينهم أربعة أخماس ما غنموه كما يقسم الرضخ على ما يقتضيه الرأي من تسوية و تفضيل .
والثاني : يقسم كالغنيمة و الثالث يرضخ لهم منه و يجعل الباقي لبيت المال .
قوله : و يأخذ اللقطة الأظهر أنه لا يصح التقاطه و لا يعتد بتعريفه .
قوله : و لا تصح كفالته إلا بإذن سيده كذلك ضمانه .
هذا ما يتعلق بما ذكره .
و بقي عليه أنه لا يؤذن لجماعة و لا يحضرها إلا بإذن سيده ذكر الأول في شرح المهذب و الثاني : القاضي حسن و الحر أولى منه في الأذان كما في شرح المهذب .
الإمامة و الجنازة و نذره للحج صحيح بلا إذن كما في الروضة و أصلها للصلاة والصوم .
قال في الجواهر : ينبغي صحتها .
و للقرب المالية في الذمة قال في الكفاية : كضمانه فيتوقف على الإذن .
و لا يصح منه بيع و لا غيره من العقود إلا بإذن السيد و لا يكون وكيلا في إيجاب النكاح و لا نجامل في الزكاة إلا إذا عين له الإمام قوما يأخذ منهم قدرا معينا و هل يعطى حينئذ من سهم العاملين ؟ .
و في استحقاقه : سلب القتيل الذي يقتله وجهان : أصحهما نعم .
و في قبول الوصية و الهبة و تملك المباحات بلا إذن وجهان .
و لا جزية عليه و لا فطرة عن امرأته بل تجب على سيدها إن كانت أمة و نفقته نفقة المعسرين و لا تنكح الأمة إلا بشروط و لا على الحرة و لا تخدم و إن كانت جميلة في الأصح لنقص الرق .
فإذا نكحها العبد على الحرة ففي استحقاقها السبع و الثلاث وجهان : .
أصحهما نعم كالحرة لأنه شرع لارتفاع الحشمة و حصول المباسطة و هو يتعلق بالطبع فلا يختلف بالرق و الحرية .
و في وجه : تستحق الشطر كالقسم ففي وجه يكمل المنكسر كالأقراء و الطلاق و الأشبه لا ؟ لأن التنصيف فيه ممكن .
و لا تصير الأمة فراشا بمجرد الملك حتى توطأ و تصير الحرة فراشا بمجرد العقد .
و إذا زوجها السيد استخدمها نهارا و سلمها للزوج ليلا ولا نفقة على الزوج حينئذ في الأصح و يسافر بها السيد بدون إذنه .
و يضمن العبد باليد و يقطع سارقه و يضمن منافعه بالفوات بخلاف الحر في الثلاث .
و يصح وقفه و لا يصح وقف الحر نفسه و لا تصح وصيته و قيل إن عتق ثم مات صحت .
و لا يصح الوقف عليه لنفسه و لا الإيصاء له .
و لا توطأ الأمة بمجرد الملك حتى تستبرأ و توطأ الحرة بمجرد العقد و يحصل استبراؤها بوضع حمل زنا أو لا يتضرر انقضاء عدة الحرة بحمل زنا .
و تجب نفقة العبد والأمة وفطرتهما لأن عصيا و أبتا بخلاف الزوجة لأنها في الرقيق للملك و هو باق مع الإباق و العصيان و في الزوجة للاستمتاع و هو منتف مع النشوز و نفقة الزوجة مقدرة و لا تسقط بمضي الزمان و نفقة الرقيق للكفاية و تسقط بمضيه .
و يفضل بعض الإماء على بعض في النفقة و الكسوة بخلاف الزوجات و لا حصر لعدد التسري و لا يجب لهن قسم و يجوز جمعهن في مسكن بغير رضاهن و لا يجري فيهن ظهار و لا إيلاء و لا تطالب سيدها العنين بوطء و لا تمنع منه إن كان به عيب .
و لا تجب نفقة الرقيق على قريبه و لا حضانة له و لا يحضنه أقاربه بل سيده و لا عقيقة له كما ذكره البلقيني تخريجا و لو كان أبوه غنيا لأنه لا نفقة له عليه و إنما يخاطب بالعقيقة من علية النفقة و لا يسن للسيد أن يعق عن رقيقه و في ذلك قلت ملغزا : .
( أيها السالك في الفق ه على خير طريقه ) .
( هل لنا نجل غني ليس فيه من عقيقه ؟ ... ) .
و لا يسقط ضمان قتله أو قطعه بإذنه في ذلك و في سقوط القصاص بإذنه لمثله وجهان في الروضة بلا ترجيح قال البلقيني أصحهما السقوط .
وفي اللباب : الجناية على العبد مثلها على الحر إلا في سبعة أشياء : .
لا يقتل به الحر و لا من فيه حرية و تجب فيه القيمة بالغة ما بلغت و يعتبر نقصان أطرافه من ضمان نفسه و لا يختلف الذكر و الأنثى و تجب فيه جنايته نقد البلد و لا تجري فيه القسامة .
قلت : الأصح تجري فيه كما مر .
الجناية على العبد : تارة تكون من غير إثبات يد و تارة بإثبات اليد فقط و تارة بهما .
فالأول : تجب فيه القيمة في نفسه و في أطرافه من القيمة ما في أطراف الحر من الدية و في غير المقدرة ما نقص منها .
والثاني : فيه أرش النقص فقط .
والثالث : فيه أكثر الأمرين منهما