A122 - .
فإن لم يعلم القادم حتى قدم حنث الحالف و إن علم به ثم نسي فعلى قولين .
ومنهم من قال : على قولين بكل حال و كذلك الغزالي في البسيط فقال : إذا علق بفعلها في غيبتها فلا أثر لنسيانها و إن كانت مكرهة بالظاهر الوقوع لأن هذا في حكم التعليق لا قصد المنع و منهم من طرد فيه الخلاف انتهى .
وخالف الجمهور فخرجوه على القولين : الشيخ أبو حامد و المحاملي وصاحبها المهذب و التهذيب و الجرجاني و الخوارزمي انتهى .
و قال ابن النقيب : القسم الثالث و هو : .
ما إذا بالى و لم يعلم ليس في الشرح و الروضة هنا و يقتضي المنهاج : الوقوع فيه قطعا فليحرر .
فرع .
في المسائل المبنية على الخلاف في حنث الناسي و المكره .
قال : لأقتلن فلانا و هو يظنه حيا فكان ميتا ففي الكفارة خلاف الناسي .
قال : لا أسكن هذه الدار فمرض و عجز عن الخروج ففي الحنث خلاف ا لمكره .
قال : لأشربن ماء هذا الكوز فانصب أو شربه غيره أو مات الحالف قبل الإمكان ففيه خلاف المكره .
قال : لا أبيع ازيد مالا فوكل زيد و كيلا و أذن له في التوكيل فوكل الحالف فباع و هولا يعلم ففيه خلاف الناسي .
قال : لأقضين حقك غدا فمات الحالف قبله أو أبرأه أو عجز ففيه خلاف المكره .
قال : لأقضين عند رأس الهلال فاخره عن الليلة الأولى للشك فيه فبان كونها من الشهر ففيه خلاف الناسي .
قال : لا رأيت منكرا إلا رفعته إلى القاضي فلم يتمكن من الرفع لمرض أو حبس أو جاء إلى باب القاضي فحجب أو مات القاضي قبل وصوله إليه ففيه خلاف المكره .
قال : لا أفارقك حتى استوفي حقي ففر منه الغريم ففيه خلاف المكره .
فإن قال : لا تفارقني ففر الغريم حنث مطلقا لأنها يمين على فعل غيره بخلاف الأولى و لا يحنث مطلقا إن فر الحالف فإن أفلس في الصورة الأولى فمنعه الحاكم من ملازمته ففيه خلاف المكره و إن استوفى فبان ناقصا ففيه خلاف الجاهل .
فرع .
خرج عن هذا القسم صور عذر فيها بالجهل في الضمان .
منها : إذا أخرج الوديعة من الحرز على ظن أنها ملكه فتلفت فلا ضمان عليه و لو كان عالما ضمن ذكره الرافعي .
قال الأسنوي : و مثله الاستعمال و الخلط و نحوهما .
و منها : إذا استعمل المستعير العارية بعد رجوع المعير جاهلا فلا أجرة عليه نقله الرافعي عن القفال و ارتضاه .
و منها : إذا أباح له ثمرة بستان ثم رجع فإن الآكل لا يغرم ما أكله بعد الرجوع و قبل العلم كما ذكره في الحاوي الصغير .
وحكى الرافعي : فيه وجهين من غير تصريح بترجيح .
و منها : إذا و هبت المرأة نوبتها من القسم لضرتها ثم رجعت فإنها لا تعود إلى الدور من الرجوع عل الصحيح بل من حين العلم به .
ومن فروع القسم الرابع .
الواطئ بشبهة فيه مهر المثل لإتلاف منفعة البضع دون الحد .
منها : من قتل جاهلا بتحريم القتل لا قصاص عليه .
و منها : قتل الخطأ فيه الدية و الكفارة دون القصاص .
و من ذلك مسألة الوكيل : إذا اقتص بعد عفو موكله جاهلا فلا قصاص عليه .
على المنصوص و عليه الدية في ماله و الكفارة و لا رجوع له على العافي لأنه محسن بالعفو وقيل لا دية و قيل هي على العاقلة و قيل يرجع على العافي ؟ لأنه غره بالعفو .
ونظير هذه المسألة : ما لو أذن الإمام للولي في قتل الجانية ثم علم حملها ؟ فرجع و لو يعلم الولي رجوعه فقتل ؟ فالضمان على الولي .
و من ذلك : بعض أقسام مسالة الدهشة و لنلخصها فنقول : .
إذا قال مستحق اليمين للجاني : أخرجها فاخرج يساره فقطعت فله أحوال أحدها : أن يقصد إباحتها فهي مهدرة لا قصاص و لا دية سواء علم القاطع أنها اليسار و أنها لا تجزئ أولا لأن صاحبها مجانا و لأن فعل الإخراج اقترن بقصد الإباحة فقام مقام النطق كتقديم الطعام إلى الضيف و لأن الفعل بعد السؤال و الطلب كالإذن كما لو قال ناولني يدك لأقطعها فأخرجها أو ناولني متاعك لألقيه في البحر فناوله فلا ضمان نعم يعزر القاطع إذا علم و يبقى قصاص اليمين كما كان .
فإن قال : ظننت أنها تجزئ أو علمت أنها لا تجزئ و لكن جعلتها عوضا عنها سقط و عدل إلى دية اليمين لرضاه بسقوط قصاصها اكتفاء باليسار .
الحال الثاني : أن يقصد المخرج إجزاءها عن اليمين فيسأل المقتص .
فإن قال : ظننت أنه أباحها بالإخراج أو أنها اليمين أو علمت أنها اليسار وأنها لا تجزئ و لا تجعل بدلا فلا قصاص فيها في الصور الثلاث في الأصح في الأصح لتسليط المخرج له عليها و لكن تجب ديتها و يبقى قصاص اليمين .
و إن قال : علمت أنها اليسار و ظننت أنها تجزئ سقط قصاص اليمين و تجب لكل الدية على الآخر .
الحال الثالث : أن يقول : دهشت فأخرجت اليسار و ظني أني أخرج اليمين فيسأل المقتص فإن قال ظننت أنه أباحها .
قال الرافعي : فقياس المذكور في الحال الثاني أن لا يجب القصاص في ا ليسار .
قال الأذرعي : و صرح به الكافي لوجود صورة البدل قال البلقيني هو السديد .
قال البغوي : تجب كمن قتل رجلا و قال ظننته أذن لي في القتل لأن الظنون البعيدة لا تدرأ القصاص .
و إن قال : ظننتها اليمين أو علمت أنها اليسار و ظننتها تجزئ فلا قصاص في الأصح أما في الأولى فلأن الاشتباه فيهما قريب .
وأما في الثانية فلعذره بالظن .
و إن قال : علمت أنها اليسار و أنها لا تجزئ وجب القصاص في الأصح لأنه لم يوجد من المخرج بذل و تسليط .
وفي الصور كلها : يبقى قصاص اليمين إلا في قوله : ظننت أن اليسار تجزئ .
و إن قال : دهشت أيضا لم يقبل منه و يجب القصاص لأن الدهشة لا تليق بحاله .
و إن قال : قطعتها عدوانا و جب أيضا .
و إن قال المخرج لم أسمع : أخرج يمينك و إنما و قع في سمعي يسارك .
أو قال : قصدت فعل شيء يختص بي أو كان مجنونا فهو كالمدهوش .
هذا تحرير أحكام هذه المسألة .
و في نظيرها : من الحد يجزئ و يسقط قطع اليمين بكل حال .
والفرق : أن المقصود في الحد التنكيل و قد حصل و القصاص مبني على التماثل و أن الحدود مبنية على التخفيف و أن اليسار تقطع في السرقة في بعض الأحوال و لا تقطع في القصاص عن اليمين بحال .
فرع .
خرج عن هذا القسم صور لم يعذر فيها بالجهل .
منها : ما إذا بادر أحد الأولياء فقتل الجاني بعد عفو بعض الأولياء جاهلا به فإن الأظهر وجوب القصاص عليه لأنه متعد بالانفراد .
و منها : إذا قتل من علمه مرتد أو ظن أنه لم يسلم فالمذهب : وجوب القصاص لأن ظن الردة لا يفيد إباحة القتل فإن قتل المرتد إلى الإمام لا إلى الآحاد .
و منها : ما إذا قتل من عهده ذميا أو عبدا و جهل إسلامه و حريته فالمذهب وجوب القصاص لأن جهل الإسلام و الحرية لا يبيح القتل .
و منها : ما إذا قتل من ظنه قاتل أبيه فبان خلافه فالأظهر وجوب القصاص لأنه كان من حقه التثبت .
و منها : ما إذا ضرب مريضا جهل مرضه ضربا يقتل المريض دون الصحيح فمات فالأصح : وجوب القصاص لأن جهل المرض لا يبيح الضرب .
وعلم من ذلك : أن الكلام فيمن لا يجوز له الضرب .
أما من يجوز له للتأديب فلا يجب عليه القصاص قطعا و صرح به في الوسيط .
و خرج عنه صور عذر فيها بالجهل حتى في الضمان .
منها : ما إذا قتل مسلما بدار الحرب ظانا كفره فلا قصاص قطعا و لا دية في الأظهر .
و منها : إذا رمى إلى مسلم تترس به المشركون فان علم إسلامه و جبت الدية وإلا فلا .
و منها : إذا أمر السلطان رجلا بقتل رجل ظلما و المأمور لا يعلم فلا قصاص عليه و لا دية و لا كفارة .
و منها : إذا قتل الحامل في القصاص فانفصل الجنين : ميتا ففيه غرة و كفارة .
أو حيا فمات فدية .
ثم إذا استقل الولي بالاستيفاء فالضمان عليه و إن أذن له الإمام فإن علما أو جهلا أو علم الإمام دون الولي اختص الضمان بالإمام على الصحيح ؟ لأن البحث عليه و هو الآمر به .
و في وجه : على الولي ؟ لأنه المباشر .
و في آخر : عليهما .
و إن علم الولي دون الإمام اختص بالولي على الصحيح لاجتماع العلم و المباشر و في وجه : بالإمام لتقصيره .
و لو باشر القتل جلاد الإمام ؟ فإن جهل فلا ضمان عليه بحال ؟ لأنه آلة الإمام و ليس عليه البحث عما يأمره به و إن كان عالما فكالولي إن علم الإمام فلا شيء عليه و إلا اختص به .
و لو علم الولي مع الجلاد ففي أصل الروضة : الأصح أنه يؤثر حتى إذا كانوا عالمين ضمنوا أثلاثا .
قال في المهمات : و هذا غير مستقيم ؟ لأن الأصح فيما إذا علما أو جهلا أن الضمان على الإمام خاصة فكيف يستقيم ذلك هنا ؟ قال : فالصواب تفريع المسألة على القول بالوجوب عليهما إذا علما .
ثم من المشكل : أنهما صححا هنا اختصاص الضمان بالإمام إذا علم هو والولي و صححا فيما إذا رجع الشهود و اقتص الولي بعد حكم الحاكم بأن القصاص واجب على الكل بل لم يقل أحد بأن الضمان في هذه الصورة يختص بالحاكم .
وصححا فيما إذا أمر السلطان بقتل رجل ظلما و كان هو و المأمور عالمين اختصاصه بالمأمور إذا لم يكن إكراه .
فهذه ثلاث نظائر مختلفة .
قال في ميدان الفرسان : و كأن الفرق : أن الإحاطة بسبب المنع من الإقدام على القتل في غير مسألة الحامل لا يتوقف على إخبار الحاكم به بخلاف فيها ؟ فإن مناط المنع فيها الظن الناشئ من شهادة النسوة بالحمل و منصب سماع الشهادة يختص بالحاكم فإذا أمكن من القتل بعد أدائها آذن ذلك بضعف السبب عنده فأثر في ظن الولي فذلك أحيل الضمان على تفريط الحاكم و لم يقل به عند رجوع الولي و القاضي لعدم ذلك فيه انتهى