فصل : وشرائط وجوب الصلاة ثلاثة أشياء : الإسلام والبلوغ والعقل .
من اجتمع فيه الإسلام والبلوغ والعقل والطهارة عن الحيض والنفاس فلا شك في وجوب الصلاة عليه فأما الكافر فإن كان كفره أصليا لم تجب عليه الصلاة لأنها لا تصح منه في الكفر ولا يجب عليه قضاؤها إذا أسلم بلا خلاف تخفيفا فلا يجوز أ يخاطب بها كالحائض وهذا ظاهر نص الشافعي وبه قال الشيخ أبو حامد وطرده في جميع فروع الشريعة وحكى عن العراقيين كذا قاله الفقهاء لكن الصحيح في الروضة وغيرها أن الكافر الأصلي مخاطب بالصلاة وغيرها من فروع الشريعة ووجه الجمع أن الفقهاء يقولون إنه غير مخاطب حال كفره والذين قالوا إنه مخاطب قالوا : شرط خطابه أن يسلم فمن لم يسلم فلا يخاطب فاعرفه وأما المرتد فتجب عليه الصلاة والقضاء بلا خلاف إذا أسلم لأنه بالإسلام التزم ذلك فلا تسقط عنه بالردة كمن أقر بمال ثم ارتد لا يسقط عنه وأما الصبي ومن زال عقله بجنون أو مرض ونحوهما فلا تجب عليه لقوله A [ رفع القلم عن ثلاث عن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يحتلم وعن المنجنون حتى يعقل ] أخرجه أبو داود والترمذي وقال : حديث حسن ودليل عدم الوجوب في حق الحائض والنفساء يعلم من الحيض قال : .
والصلوات المسنونة خمس : العيدان والكسوفان والاستسقاء .
مراده بالمسنونة التي تسن لها الجماعة وستأتي في مواضعها إن شاء الله تعالى قال : .
والسنن التابعة للفرائض سبع عشرة ركعة ركعتا الفجر وأربع قبل الظهر وركعتان بعدها وأربع قبل العصر وركعتان بعد المغرب وثلاث بعد العشاء يوتر بواحدة منهن .
اختلف الأصحاب في عدد الركعات التابعة للفرائض فالأكثرون على أنها عشر ركعات والمراد الراتبة المؤكدة وإلا فما ذكره الشيخ سنة وسنورد أدلته وهي ركعتان قبل الصبح وركعتان قبل الظهر وركعتان بعدها وركعتان بعد المغرب وركعتان بعد العشاء وحجة ذلك حديث ابن عمر Bهما قال : [ صليت مع النبي A ركعتين قبل الظهر وركعتين بعدها وركعتين بعد المغرب وركعتين بعد العشاء ] حدثتني حفصة بنت عمر Bهما أن النبي A : [ كان يصلي ركعتين خفيفتين بعدما يطلع الفجر ] رواه الشيخان ومن ذكر أربعا قبل الظهر : فحجته ما روى البخاري عن عائشة Bها أن النبي A : [ كان لا يدع أربعا قبل الظهر ] ومن ذكر أربعا قبل العصر : فحجته ما روى الترمذي عن علي Bه أن النبي A : [ كان يصلي قبل العصر أربع ركعات يفصل بينهن ] وقال : إنه حديث حسن وروي [ رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا ] قال الترمذي : حسن وصححه ابن حيان والركعتان بعد العشاء مذكورتان في حديث ابن عمر ثم المراد بالمؤكد ما واظب عليه النبي A وهل يستحب ركعتان قبل صلاة المغرب ؟ وجهان قال النووي : الصحيح استحبابهما ففي صحيح البخاري [ صلوا قبل صلاة المغرب قال في الثالثة لمن شاء ] وفي مسلم [ كانوا يبتدرون السواري لهما إذا أذن المغرب حتى إن الرجل ليدخل المسجد فيحسب أن الصلاة قد صليت لكثرة من يصليهما ] والثاني لا يستحبان لما روى ابن عمر Bهما قال : [ ما رأيت أحدا يصلي الركعتين قبل المغرب على عهد رسول الله A ] رواه الترمذي بإسناد حسن والله أعلم قال : .
وثلاث نوافل مؤكدات صلاة الليل وصلاة الضحى وصلاة التراويح .
لا شك في استحباب قيام الليل وقد أجمعت الأئمة على استحبابه قال الله تعالى : { ومن الليل فتهجد به نافلة لك } وقال تعالى { كانوا قليلا من الليل ما يهجعون } وكان واجبا ثم نسخ وفي الحديث [ عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم وقبرة لكم إلى ربكم ومكفرة للسيئات ومنهاة عن الإثم ] رواه الحاكم وقال : إنه على شرط البخاري وفي أيضا [ من صلى في ليلة بمائة آية لم يكتب من الغافلين ومن صلى بمائتي آية فإنه يكتب من القانتين المخلصين ] رواه الحاكم وقال : إنه شرط مسلم واعلم أن وسط الليل أفضل لقوله A [ لما سئل أي الصلاة أفضل بعد المكتوبة ؟ فقال صلاة جوف الليل ] ولأن العبادة فيه أثقل والغفلة فيه أكثر والنصف الأخير أفضل من الأول لمن أراد قيام نصفه لقوله تعالى { وبالأسحار هم يستغفرون } ولأنه وقت نزول الرب سبحانه وتعالى وهو من ذلك كما قاله في الروضة السدس الرابع والخامس لقوله A [ أحب الصلاة إلى الله تعالى صلاة داود كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه ] ويكره قيام الليل كله قال في الروضة : إذا داوم عليه لأنه مضر للعينين والجسد كما جاء في الحديث قال المحب الطبري : فإن لم يجد بذلك مشقة استحب لا سيما للتلذذ بمناجاة الله سبحانه فإن وجد بذلك مشقة ومحذورا كره وإلا لم يكره ورفقه بنفسه أولى وترك قيام الليل مكروه لمن اعتاده لقوله A لعبد الله بن عمرو بن العاص [ يا عبد الله لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل ثم تركه ] رواه الشيخان والله أعلم ومن السنن صلاة الضحى قال الله تعالى { يسبحن بالعشي والإشراق } قال ابن عباس Bهما : الإشراق صلاة الضحى وفي الصحيحين : عن أبي هريرة Bه قال : [ أوصاني خليلي بثلاث : صيام ثلاثة أيام من كل شهر وركعتي الضحى وأن أوتر قبل أن أنام ] زاد البخاري [ لا أدعهن ] ثم أقل الضحى ركعتان وأما أكثرها فالذي ذكره الرافعي في المحرر والشرح الصغير ونقله في الشرح الكبير عن الروياني وأقره أنها اثنتا عشرة ركعة واحتج له بقوله A لأبي ذر Bه [ إن صليت الضحى اثنتي عشرة ركعة بنى الله لك بيتا في الجنة ] رواه البيهقي وضعفه وقال النووي في شرح المهذب : أكثرها ثمان ركعات قاله الأكثرون ورواه الشيخان من حديث أم هانيء وذكر مثله في التحقيق قال الرافعي : ووقتها من حين ترتفع الشمس أي قدر رمح إلأى الاستواء وتبعه النووي على ذلك في شرح المهذب وكذا ابن الرفعة لكن قال النووي في الروضة : الذي قاله الأصحاب إن وقتها يدخل بطلوع الشمس لكن يستحب تأخيرها إلى الارتفاع وقال المارودي : وقتها المختار إذا مضى ربع النهار عن عبادة والله أعلم وأما صلاة التراويح فلا شك في سنيتها وانعقد الإجماع على ذلك قاله غير واحد ولا عبرة بشواذ الأقوال وفي الصحيحين [ من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ] وفيهما من حديث عائشة Bها أنه E [ صلاها ليالي فصلوها معه ثم صلى في بيته بقية الشهر وقال إني خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها ] ثم إنه E استمر على ذلك وكذلك الصديق Bه وصدرا من خلافة الفاروق Bه ثم رأى الناس يصلونها في المسجد فرادى واثنين اثنين وثلاثة ثلاثة فجمعهم على أبي Bه ووضب لهم عشرين ركعة وأجمع الصحابة معه على ذلك وفعل عمر ذلك لأمنه الافتراض وسميت بالتراويح لأنهم كانوا يستريحون بعد كل تسليمتين وينوي في كل ركعتين التراويح أو قيام رمضان ولو صلاها أربعا بتسليمة لم يصح بخلاف ما لو صلى سنة الظهر أربعا بتسليمة فإنه يصح والفرق أن التراويح شرعت فيها الجماعة فأشبهت الفرائض فلا تغير عما وردت ووقتها ما بين صلاة العشاء وطلوع الفجر الثاني وفعلها في الجماعة أفضل لما مر وقيل الانفراد أفضل كسائر النوافل وقيل إن كان حافظا للقرآن أمنا من الكسل ولم تختل الجماعة بتخلفه فالانفراد أفضل وإلا فالجماعة أفضل والله أعلم