دين المسيح فإن النصارى وإن كانوا كفارا بتبديل الكتاب الأول وتكذيب الثاني فهم خير منكم من وجوه كثيرة فإنهم يقولون بالأصول الكلية التي اتفقت عليها الرسل وإن كانوا حرفوا بعض ذلك كالإيمان بأن الله خالق كل شيء وأنه بكل شيء عليم وعلى كل شيء قدير والإيمان بملائكته ورسله واليوم الآخر والجنة والنار وغير ذلك مما تكذبون أنتم به .
وأما بيان الدلالة فمن وجوه .
أحدها أن يقال العادات الطبيعية ليس للرب فيها سنة لازمة فإنه قد عرف بالدلائل اليقينية أن الشمس والقمر والكواكب مخلوقة بعد أن لم تكن فهذا تبديل وقع وقد قال تعالى ! < يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات > ! سورة إبراهيم 48 .
وأيضا فقد عرف انتقاض عامة العادات فالعادة في بني آدم ألا يخلقوا إلا من أبوين وقد خلق المسيح من أم وحواء من أب وآدم من غير أم ولا أب وإحياء الموتى متواتر مرات متعددة وكذلك تكثير الطعام والشراب لغير واحد من الأنبياء والصالحين عليهم السلام .
وأيضا فعندكم تغيرات وقعت في العالم كالطوفانات الكبار فيها تغيير العادة .
وهذا خلاف عادته التي وعد بها وأخبر أنها لا تتغير لنصرة أوليائه وإهانة أعدائه فإن هذا علم بخبره وحكمته .
أما خبره فإنه أخبر بذلك ووعد به وهو الصادق الذي لا يخلف الميعاد