بعد الكتابة وما يسن له وما يحرم عليه وبيان حكم ولد المكاتبة وغير ذلك " يلزم السيد " بعد صحة كتابة رقيقه " أن يحط عنه جزءا من المال " المكاتب عليه " أو يدفعه إليه " بعد أخذ النجوم ليستعين به لقوله تعالى " وآتوهم من مال الله الذي آتاكم " فسر الإيتاء بما ذكر وظاهر الأمر الوجوب وإنما خرجنا عنه في الكتابة لدليل ولم يقم دليل على حمل الإيتاء على الاستحباب فيعمل بما اقتضاه الظاهر .
تنبيه : .
الألف واللام في المال للعهد أي مال الكتابة فأفهم أنه يحط عنه جزءا آخر من المال المعقود عليه أو يدفع إليه جزءا منه بعد قبضه .
والأول ظاهر وأما الثاني فالأصح أنه لا يتعين ذلك وإنما يتعين أن يكون من جنسه فإن أعطاه من غير جنسه لم يلزمه قبوله ولكن يجوز وإن كان من جنسه وجب قبوله فإن مات السيد ولم يؤته لزم الوارث أو وليه الإيتاء فإن كان النجم باقيا تعين منه وقدم على الدين وإن تلف النجم قدم الواجب على ( 4 / 522 ) الوصايا وإن أوصى بأكثر من الواجب فالزائد من الوصايا .
وأفهم كلام المصنف أن السيد لو أبرأ الرقيق عن جميع النجوم أنه لا يجب الإيتاء وهو الأصح كما اقتضاه كلامهما في الصداق لزوال مال الكتابة وكذا لو وهبها له كما قاله الزركشي .
واستثنى المحاملي وغيره صورتين لا يلزم الإيتاء فيهما أن يكاتبه على منفعة نفسه أو يكاتبه في مرض موته ولا يحتمل الثلث أكثر من قيمته وكذا لو باعه نفسه أو أعتقه بعوض .
وإذا لم يبق من النجوم إلا القدر الواجب في الإيتاء لا يسقط ولا يحصل التعارض لأن الأصح أن الحط أصل فللسيد أن يؤتيه من غيره وليس للسيد تعجيزه كما سيأتي في الفصل الآتي لأن له عليه مثله لكن يرفعه إلى الحاكم حتى يرى رأيه ويفصل الأمر بينهما .
والحط .
عن المكاتب " أولى " من الدفع إليه فإنه المنقول عن الصحابة Bهم قولا وفعلا ولأن المقصود إعانته ليعتق والإعانة في الحط محققة وفي الدفع موهومة فإنه قد ينفق المال في جهة أخرى .
تنبيه : .
قضية كلامه أن الواجب أحد الأمرين وليس أحدهما بدلا عن الآخر وهو وجه الأصح المنصوص في الأم أن الحط أصل والإيتاء بدل عنه .
و .
الحط أو الدفع " في النجم الأخير أليق " لأنه أقرب إلى العتق وقد روى مالك في الموطأ عن ابن عمر Bهما أنه كاتب عبدا على خمسة وثلاثين ألفا ووضع منها خمسة آلاف وذلك من آخر نجمه .
والأصح أنه يكفي ما يقع عليه الاسم .
من المال " ولا يختلف بحسب المال " قلة وكثرة لأنه لم يرد فيه تقدير وهذا ما نقلاه عن نص الأم وعبارة الروضة أقل متمول وهو المراد من عبارة الكتاب قال البلقيني إن هذا من المعضلات فإن إتيان فلس لمن كوتب على ألف درهم تبعد إرادته بالآية الكريمة .
وأطال في ذلك .
ونقل الزركشي عن إسحاق بن راهويه أنه قال أجمع أهل التأويل في قوله تعالى " وآتوهم من مال الله الذي آتاكم " أنها ربع الكتابة ويمكن حمل هذا على الندب كما سيأتي .
والثاني لا يكفي ما ذكر ويختلف بحسب المال فيجب ما يليق بالحال فإن لم يتفقا على شيء قدره الحاكم باجتهاده .
تنبيه : .
لو كاتب شريكان مثلا عبدا لزم كلا منهما ما يلزم المنفرد بالكتابة كما بحثه بعض المتأخرين .
و .
الأصح " أن وقت وجوبه " أي الحط أو الدفع " قيل العتق " ليستعين به عليه ولأنه معان بمالين زكاة وإيتاء فلما كانت الزكاة قبل العتق فكذلك الإيتاء .
والثاني بعده لينتفع به .
وعلى الأول إنما يتعين في النجم الأخير ويجوز من أول عقد الكتابة لأنها سبب الوجوب كما تقول الفطرة تجب بغروب شمس ليلة العيد ووقت الجواز من أول رمضان لأنه سبب الوجوب هذا ما صرح به ابن الصباغ .
وقيل يجب بالعتق وجوبا موسعا ويتضيق عند العتق وبهذا صرح في التهذيب .
وقيل إنه يتضيق إذا بقي من النجم الأخير القدر الذي يحمله أو يؤتيه إياه .
وعبارة المصنف صادقة بكل من ذلك وعلى كل لو أخر عن العتق أثم وكان قضاء فقول الروضة ويجوز بعد الأداء والعتق لكن يكون قضاء فيه تسمح .
ويستحب الربع .
أي حط قدر ربع مال الكتابة إن سمح به السيد " وإلا فالسبع " روى حط الربع النسائي وغيره عن علي Bه وروي عنه رفعه إلى النبي A وروى حط السبع مالك عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما .
قال البلقيني بقي بينهما حط السدس رواه البيهقي عن أبي سعيد مولى أبي أسيد .
ويحرم .
على السيد " وطء مكاتبته " كتابة صحيحة لاختلال ملكه فيها بدليل خروج اكتسابها عنه وإن لم يقطع ملكه عنها كالطلاق الرجعي ولو شرط في الكتابة أن يطأها فسد العقد خلافا ل مالك حيث يصح العقد ويلغو الشرط .
ولا حد .
على السيد " فيه " أي وطء مكاتبته وإن علم التحريم لشبهة الملك لكن يعذر عند العلم بالتحريم على الصحيح وكذا هي .
تنبيه : .
اقتصار المصنف على الوطء قد يفهم جواز ما عدا الاستمتاع وليس مرادا فقد قال في زوائد الروضة ( 4 / 523 ) في كتاب الظهار إنه يحرم منها كل استمتاع قال وكذا المبعضة .
وأما النظر إليهما ونظر المكاتب أي المبعض إلى سيدته فقد مر في كتاب النكاح .
ويجب .
عليها بوطئها " مهر " وإن طاوعته لشبهة الملك .
تنبيه : .
ظاهر إطلاقه وجوب مهر واحد وإن تكرر وهو الأصح كما في زيادة الروضة في الصداق .
هذا حيث لم تقبض الصداق فإن كان وطئها ثانيا بعد قبضها المهر وجب لها مهر ثان .
والولد .
الحاصل من وطء السيد " حر " نسيب لأنها علقت به في ملكه .
ولا تجب .
عليه " قيمته على المذهب " لانعقاده حرا لأنه من أمته .
وفي قول لها قيمته بناء على قول يأتي أن حق الملك في ولدها من غيره .
والأول مبني على مقابله الأظهر أن حق الملك فيه للسيد مع قول آخر أنه مملوك .
وصارت .
بعد وضع الولد " مستولدة مكاتبة " فيكون لعتقها سببان ولا يبطل الاستيلاد حكم لكتابة لأن مقصودهما واحد وهو العتق .
تنبيه : .
المراد بكونها تصير مكاتبة أنها مستمرة على كتابتها وإلا فالكتابة ثابتة لها قبل ذلك .
ولو قال كالمحرر وهي مستولدة مكاتبة كان أولى .
فإن أدت النجوم عتقت عن الكتابة وتبعها كسبها وولدها .
فإن عجزت عتقت بموته .
أي السيد عن الاستيلاد وعتق معها أولادها الحادثون بعد الاستيلاد من قبله .
ولو مات قبل عجزها عتقت أيضا لكن الأصح أنها تعتق عن الكتابة كما لو أعتق مكاتبه منجزا أو علقه بصفة فوجدت قبل الأداء ويتبعها كسبها وأولادها الحادثون بعد الكتابة .
تنبيه : .
وطء أمة المكاتب حرام على السيد ولا حد عليه بوطئها .
ويلزمه المهر بوطئها جزما فإن أحبلها فالولد حر نسيب للشبهة ولا تجب عليه قيمته وتصير الأمة مستولدة له ويلزمه قيمتها لسيدها .
ومن كاتب أمة حرم عليه وطء بنتها التي تكاتبت عليها ويلزمه المهر ولا حد للشبهة وينفق عليها منه ومن باقي كسبها ويوقف الباقي .
فإن عتقت مع الأم فهو لها وإلا فللسيد فإن أحبلها صارت أم ولد ويلزمه قيمتها للمكاتب والولد حر نسيب لا تجب قيمته لأنه قد ملك الأم ولا قيمة أمه لأنها لا تملكها وتعتق إما بعتق أمها أو موت سيدها .
وولدها .
أي المكاتبة الحادث بعد الكتابة وقبل العتق " من نكاح أو زنا مكاتب في الأظهر يتبعها رقا وعتقا " لأن الولد من كسبها فيوقف أمره على رقها وحريتها لأنه يتبعها في سبب الحرية كما يتبعها في الحرية كولد المستولدة .
وليس عليه شيء .
للسيد إذ لم يوجد منه التزام .
والثاني هو مملوك للسيد يتصرف فيه بالبيع وغيره كولد المرهونة .
تنبيه : .
قوله مكاتب المراد أنه يثبت له حكم الكتابة كما عبر به في المحرر لا أنه يصير مكاتبا ولهذا قال في عقبه يتبعها رقا وعتقا والمراد يتبعها في العتق إذا عتقت بالكتابة أما إذا رقت ثم عتقت بجهة أخرى غير الكتابة الأولى لا يتبعها في العتق .
وقد توهم عبارته إرادة ما سبق في المكاتبة المستولدة وليس مرادا بل هذا في المكاتبة المجردة .
ولا يلزم من قولنا يثبت له حكم الكتابة أنه كالمكاتب من كل وجه ولهذا قال البلقيني ويستثنى من حكم المكاتب صور إحداها أن للسيد مكاتبتة كما جزم به الماوردي لأن الحاصل كتابته تبعية .
الثانية أن أرش الجناية عليه ليس له .
الثالثة لو كانت أنثى فوطئها السيد لم يجب عليه مهر تفريعا على الأصح أن حق الملك في الولد للسيد كما قال المصنف .
والحق فيه .
أي الولد " للسيد " كما أن حق الملك في الأم له .
وفي قول لها .
أي المكاتبة لأنه مكاتب عليه فيكون الحق فيه لها .
تنبيه : .
محل هذا الترجيح ما إذا لم يكن ولدها من عبدها فإن كان منه ففي أصل الروضة يشبه أن يكون كولد المكاتب من جاريته يعني فيكون الملك فيه للأم قطعا .
قال البلقيني وعندي أنه وهم فإن المكاتب يملك جاريته والولد يتبعه أمه في الرق وولد المكاتبة إنما جاءه الرق من أمه لا من رق أبيه الذي هو عبدها انتهى ( 4 / 524 ) وهذا أوجه .
ثم فرع على القولين مسائل أشار إليها بقوله " فلو قتل " الولد " فقيمته لذي الحق " منهما فإن قلنا للسيد فقيمته له كقيمة الأم أو للأم فلها تستعين بها في أداء النجوم .
والمذهب .
ولو عبر بالأظهر لكان أولى لأن الخلاف قولان " أن أرش جنايته عليه " أي ولد المكاتبة فيما دون نفسه " و " أن " كسبه ومهره ينفق منها عليه وما فضل " عن ذلك " وقف فإن عتق فله وإلا فللسيد " كما أن كسب الأم إذا عتقت يكون لها وإلا فللسيد وفي وجه لا يوقف بل يصرف إلى سيدها .
هذا كله على قول أن حق الملك فيه لسيدها وعلى قول أنه لها فيكون لها ما ذكر من الأرش وغيره لها .
فإن لم يكن له كسب أو لم يف بمؤنته فعلى السيد مؤنته في الأول وبقيتها في الثانية ويصدق السيد بيمينه أنه ولد قبل الكتابة حتى يكون رقيقا له وإن أمكن أنه ولد بعدها لأنه اختلاف في وقف الكتابة فيصدق فيه كأصلها ولأن جواز التصرف فيما يحدث من ملكه وهي تدعي حدوث مانع منه .
فإن نكل عن اليمين قال الدارمي قال ابن القطان وقف الأمر حتى يبلغ الولد ويحلف .
وقيل إن الأم تحلف .
فإن شهد للسيد بدعواه أربع نسوة قبلن وإن أقاما بينتين تعارضتا .
ولا يعتق شيء من المكاتب حتى يؤدي .
للسيد " الجميع " من النجوم لحديث المكاتب قن ما بقي عليه درهم وفي معنى أدائه حط الباقي عنه الواجب والإبراء منه والحوالة به ولا تصح الحوالة عليه ولا الاعتياض عنه .
تنبيه : .
لو كاتبه مطلقا وأدى بعض المال ثم أعتقه على أن يؤدي الباقي بعد العتق صح .
ولو شرط السيد أنه إذا أدى النجم الأول عتق وبقي الباقي في ذمته يؤديه بعد العتق صح أيضا كما يقتضيه كلام الروضة .
ولو أتى .
المكاتب " بمال فقال " له " السيد هذا حرام " أي لا تملكه " ولا بينة " له بذلك " حلف المكاتب أنه حلال " مملوك له عملا بظاهر اليد " ويقال للسيد " حينئذ " تأخذه أو تبرئه عنه " أي عن قدره ويجبر على أحد الأمرين .
فإن قيل كيف تأمر السيد بأخذه وهو يقر بكونه حراما أجيب بأنا لم نأمره بالقبض عينا بل خيرناه فإن اختار الإبراء فذاك وإن اختار القبض ففيه تفصيل فإن أكذب نفسه وقال هو للمكاتب قيل كما قاله الإمام ونفذ تصرفه فيه وإن أقر به لغيره لزمه دفعه إليه إن صدقه مؤاخذة له بإقراره وإن لم يقبل قوله على المكاتب وإن لم يعين مالكا أو عينه ولم يصدقه أقر في يده ويمنع من التصرف فيه .
فإن أبى قبضه القاضي .
وعتق المكاتب إن أدى الكل .
فإن نكل المكاتب .
عن الحلف " حلف السيد " أنه ليس له ملكه لغرض امتناعه من الحرام .
تنبيه : .
هذا إذا لم يكن أصله على التحريم فإن كان كما إذا أتى إليه بلحم فقال هذا حرام لأنه غير مذكى فقال بل مذكى صدق السيد لأن الأصل عدم التذكية .
واحترز المصنف بقوله ولا بينة عما لو أقام السيد بينة على ما يقوله فلا يجبر وتسمع بينته لأن له فيه غرضا ظاهرا وهو الامتناع من الحرام .
ولا يثبت بها ولا بيمينه ملك لمن عينه له .
ولا يسقط بحلف المكاتب حق من عينه .
ولو خرج .
أي ظهر في حياة المكاتب كون " المؤدى " من النجوم أو بعضها " مستحقا " ببينة شرعية وإلزام الحاكم لا بإقراره أو يمين مردودة " رجع السيد ببدله " لفساد القبض .
تنبيه : .
المراد أنه يرجع بمستحقه ولو عبر به لكان أولى .
فإن كان في النجم الأخير بان أن العتق لم يقع .
لبطلان الأداء فإن ظهر الاستحقاق بعد موت المكاتب بان أنه مات رقيقا وأن ما ترك للسيد دون الورثة ( 4 / 525 ) .
تنبيه : .
لا يتقيد ذلك بالنجم الأخير فلو كان في غيره ودفع الأخير على وجه معتبر تبين بخروج غيره مستحقا كونه لم يعتق أيضا ولذلك عبر في الروضة ببعض النجوم .
وإن كان .
السيد " قال عند أخذه " للمكاتب " أنت حر " أو فقد أعتقتك فإنه لا يحكم بعتقه أيضا في الأصح المنصوص لأنه بناه على ظاهر الحال وهو صحة الأداء وقد بان خلافه فلم ينفذ العتق .
تنبيه : .
قوله عند أخذه يوهم التصوير بما إذا قاله متصلا بقبض النجوم وهو ما نقلاه عن كلام الإمام حيث قال وفي كلام الإمام إشعار بأن قوله وأنت حر إنما يقبل تنزيله على الحرية بموجب القبض إذا رتب على القبض فلو انفصل عن القرائن لم يقبل التأويل .
قالا وهذا تفصيل قويم لا بأس بالأخذ به لكن في الوسيط لا فرق بين أن يكون جوابا عن سؤال حريته أو ابتداء ولا فرق بين أن يكون متصلا بقبض النجوم أو غير متصل اه " .
وقيده ابن الرفعة بما إذا قصد الإخبار عن حاله بعد أداء النجوم قال فإن قصد إنشاء العتق برىء المكاتب وعتق .
وقال البلقيني محل عدم عتقه إذا قال ذلك على وجه الخبر بما جرى فلو قال على سبيل الإنشاء أو أطلق لم يرتفع بخروج المدفوع مستحقا بل يعتق عن جهة الكتابة ويتبعه كسبه وأولاده اه " .
وينبغي أن يكون الحكم كذلك فيما لو قال لزوجته إن أبرأتني طلقتك فأبرأته من مجهول فقال لها أنت طالق ثم تبين أن الإبراء من مجهول .
ولو قال المكاتب أعتقتني بقولك أنت حر وقال السيد إنما أردت بما أديت صدق السيد بيمينه .
قال الصيدلاني وغيره وقياسه أنه لو قيل لرجل طلقت امرأتك فقال نعم طلقتها ثم قال إنما قلته على ظن أن اللفظ الذي جرى طلاق وقد أفتى الفقهاء بخلافه ولو نازعته صدق بيمينه .
وإن خرج .
المؤدى من النجوم " معيبا " ولم يرض السيد به " فله رده وأخذ بدله " لأن العقد إنما يتناول السليم فلم يلزمه أخذ المعيب .
تنبيه : .
قد يوهم كلامه حصول العتق بالأخذ الأول وليس مرادا بل الأصح أنا نتبين أن العتق لم يحصل بالأخذ الأول فإن رضي به وكان في النجم الأخير نفذ العتق ورضاه بالعيب كالإبراء عن بعض الحق وثبت حصوله من وقت القبض على الأصح وقيل من وقت الرضا .
ولا يتزوج .
المكاتب " إلا بإذن سيده " لأنه عبد ما بقي عليه درهم كما مر .
ولا يتسرى بإذنه على المذهب .
لضعف ملكه وخوفا من هلاك الجارية في الطلق فمنعه من الوطء كمنع الراهن من وطء المرهونة .
وما اقتضاه كلام الروضة وأصلها في نكاح العبد وزوائدها في معاملاته من ترجيح جوازه بالإذن مبني على أنه يملك بتمليك السيد فالمذكور هنا مبني على الجديد وهو منع ملكه .
وقد صرح الرافعي هنا بأن تسريه بإذن السيد مبني على الخلاف في تمليك العبد بتمليك سيده فإذا لا مخالفة بين الأبواب كما يتوهم .
تنبيه : .
لو عبر المصنف بالوطء كان أولى لأن التسري أخص من الوطء لاشتراط الإنزال والحجب فيه .
وله .
أي المكاتب " شراء الجواري للتجارة " توسعا في طريق الاكتساب " فإن وطئها " أي حل جاريته على خلاف منعه منه " فلا حد " عليه لشبهة الملك وكذا لا مهر لأنه لو وجب عليه لكان له " والولد " الحاصل من وطئه " نسيب " لا حق به لشبهة الملك .
فإن ولدته في الكتابة .
أي قبل عتق أبيه أو معه " أو بعد عتقه " لكن " لدون ستة أشهر " من وطئه " تبعه " الولد " رقا وعتقا " ولا يعتق في الحال في الصورة الأولى لضعف ملكه بل يكون ملكا له لأنه ولد جاريته .
ولا يملك خروجه عن ملكه لأنه ولده بل يتوقف عتقه على عتق أبيه فإن عتق عتق وإلا رق وصار للسيد وهذا معنى قولهم إن ولده مكاتب عليه .
ولا تصير .
أمه " مستولدة " للمكاتب " في الأظهر " لأنها ( 4 / 526 ) علقت بمملوك فأشبهت الأمة المنكوحة .
والثاني تصير لأن ولدها ثبت له حق الحرية بكتابته على أبيه وامتناع بيعه فثبت لها حرمة الاستيلاء .
وهذا كله إذا ولدته في الكتابة " و " أما " إن ولدته بعد العتق " فينظر إن ولدته " لفوق ستة أشهر " من الوطء كما في المحرر أو لستة أشهر كما في الروضة وتقدم في باب العدد أن التعبير بما فوق الستة جرى على الغالب فكل من العبارتين صحيح .
وكان يطؤها .
ووقع الوطء مع العتق أو بعده في صورة الأكثر وولدته لستة أشهر فصاعدا من الوطء " فهو حر وهي أم ولد " لظهور العلوق في الرق بعد الحرية .
ولا نظر إلى احتمال العلوق في الرق تغليبا للحرية .
فإن لم يطأها مع العتق ولا بعده أو ولدته لدون ستة من الوطء لم تصر أم ولد .
ولو عجل .
المكاتب " النجوم " قبل محلها " لم يجبر السيد على القبول " لما عجل " إن كان له في الامتناع " من قبضها " غرض " صحيح " كمؤنة حفظه " أي مال النجوم إلى محله كالطعام الكثير .
تنبيه : .
لو أطلق المؤنة كان أخصر وأشمل لدخول مؤنة العلف وقد ذكرها في المحرر .
أو خوف عليه .
بسبب ظاهر يتوقع زواله بأن كان زمن نهب أو إغارة لما في الإجبار من الضرر والحالة هذه .
ولو أنشأ الكتابة في زمن نهب أو إغارة وعجل فيه أيضا لأن ذلك قد يزول عند المحل .
قال الروياني فإن كان هذا الخوف معهودا لا يرجى زواله لزمه القبول وجها واحدا وبه جزم الماوردي .
تنبيه : .
تعبيره بالنجوم ليس بقيد .
فلو أحضر النجم الأول أو غيره كان الحكم كذلك لما فيه من تمهيد بسبب العتق ومن الأغراض ما إذا كان طعاما يريد أن يأخذه عند المحل رطبا .
قال البلقيني من الأغراض أن الدين في ذمة المكاتب لا زكاة فيه فإذا جاء به قبل المحل كان للملك غرض في أن لا يأخذه لئلا تتعلق به الزكاة .
قال ولم يذكره الأصحاب والظاهر اعتباره اه " .
وهو ظاهر .
وإلا .
بأن يكون للسيد غرض صحيح في الامتناع من قبض النجوم " فيجبر " على قبضه لأن للمكاتب غرضا ظاهرا وهو تنجيز العتق أو تقريبه ولا ضرر على السيد في القبول .
تنبيه : .
أطلق المصنف الإجبار وظاهره أنه يجبر على القبض ولكن تقدم فيما إذا أتى المكاتب بمال فقال السيد هذا حرام ولا بينة أنه إذا حلف المكاتب أنه حلال أجبر السيد على أخذه أو الإبراء منه فإن أبى قبضه القاضي .
ولم يذكروا هنا الإبراء فيحتمل أن يلحق به ويحتمل أن يفرق بحلول الحق هناك بخلافه هنا والأول أوجه وجرى عليه البلقيني .
فإن أبى .
قبوله والإبراء منه على ما مر أو كان غائبا " قبضه القاضي " عنه وعتق المكاتب إن أدى الكل لأنه نائب الممتنعين والغائبين .
وليس للقاضي قبض دين للغائب لأنه ليس للمؤدي غرض إلا سقوط الدين عنه .
والنظر للغائب أن يبقى المال في ذمة المليء فإنه خير من أن يصير أمانة عند الحاكم .
ولو عجل .
المكاتب " بعضها " أي النجوم " ليبرئه " السيد " من الباقي " منها " فأبرأ " مع الأخذ " لم يصح الدفع ولا الإبراء " لفساد الشرط وسواء أكان الالتماس من العبد أو من السيد لأن ذلك يشبه ربا الجاهلية المجمع على تحريمه فقد كان الرجل إذا حل دينه يقول لمدينه اقض أو زد فإن قضاه وإلا زاده في الدين وفي الأجل وعلى السيد رد المأخوذ ولا عتق لعدم صحة القبض والبراءة .
تنبيه : .
ما ذكره المصنف لا يختص بدين الكتابة بل سائر الديون كذلك لما مر .
ولا يصح بيع النجوم .
لأنها غير مستقرة ولأن المسلم فيه لا يصح بيعه مع لزومه من الطرفين لتطرق السقوط إليه فالنجوم بذلك أولى .
وهذا يسقط ما قيل إن المصنف صحح في الروضة في باب المبيع قبل قبضه أن بيع الدين لغير من هو عليه صحيح ومقتضاه ( 4 / 527 ) ترجيح بيع النجوم .
ولا الاعتياض .
أي الاستبدال " عنها " من المكاتب كأن تكون النجوم دنانير فيعطي بدلها دراهم .
وهذا ما صححاه هنا تبعا للبغوي وهذا أوجه مما نقله الرافعي في باب الشفعة عن الأصحاب من الجواز لما مر وإن صوب الإسنوي ما هناك وجرى عليه شيخنا هنا في منهجه .
فلو باع .
السيد النجوم " وأدى " المكاتب النجوم " إلى المشتري لم يعتق في الأظهر " وإن تضمن البيع الإذن في قبضها لأن الإذن في مقابلة سلامة العوض فلم تسلم فلم يبق الإذن ولو سلم بقاؤه لكون المشتري كالوكيل وبه علل الوجه الثاني القائل بأنه يعتق فالفرق بينهما أن المشتري يقبض النجوم لنفسه بخلاف الوكيل .
نعم لو باعها وأذن للمشتري في قبضها مع علمها بفساد البيع عتق بقبضه .
و .
على الأول " يطالب السيد المكاتب والمكاتب المشتري بما أخذ منه " وعلى الثاني ما أخذه يقبضه السيد لأنه كوكيله .
ولا يصح بيع رقبته .
أي المكاتب كتابة صحيحة " في الجديد " لأن البيع لا يرفع الكتابة للزومها من جهة السيد فيبقى مستحق العتق فلم يصح بيعه كالمستولدة وبهذا قال أبو حنيفة ومالك .
والقديم يصح بيع المكاتب كالعتق بصفة وبهذا قال أحمد .
تنبيه : .
محل الخلاف إذا لم يرض المكاتب بالبيع فإن رضي به جاز وكان رضاه فسخا كما جزم به القاضي الحسين في تعليقه لأن الحق له وقد رضي بإبطاله .
وعلى هذا تستثنى هذه الصورة من عدم صحة بيع المكاتب .
ويستثنى أيضا صور منها ما إذا بيع بشرط العتق فإنه يصح وإن لم يرض المكاتب وترتفع الكتابة ويلزم المشتري إعتاقه والولاء له ذكره البلقيني تخريجا لأن الشافعي أطلق جواز بيع العبد بشرط العتق محتجا بحديث بريرة والحال أنها كانت مكاتبة .
ومنها البيع الضمني إذا قال أعتق مكاتبك عني على ألف ذكره البلقيني أيضا وقال إنه أولى بالجواز من التي قبلها مع اعترافه بأن المنقول في أصل الروضة البطلان .
وإذا كان المنقول في هذه البطلان فالبطلان في التي قبلها بطريق الأولى وهو كذلك .
ويحمل حديث بريرة على أنها رضيت بالبيع .
ومعنى البطلان في هذه أن العتق لا يقع عن السائل ولكن يقع عن المعتق ولا يستحق العوض كما سيأتي .
ومنها ما إذا باع المكاتب من نفسه فإنه يصح سواء أقلنا أنه عقد عتاقه أو بيع وترتفع الكتابة فلا يتبعه كسبه ولا ولده .
ومنها إذا جنى .
ومنها إذا عجز نفسه .
وخرج بالصحيحة الفاسدة فإن المنصوص في الأم صحة البيع فيها إذا علم البائع بفسادها لبقائه على ملكه كالمعلق عتقه بصفة وكذا إن جهل على المذهب .
فلو باع .
السيد رقبة مكاتبه " فأدى " المكاتب النجوم إلى " المشتري " فقبضها " ففي عتقه القولان " السابقان فيما إذا باع نجومه أظهرهما المنع .
وهبته كبيعه .
فيما ذكر وأما الوصية فإن نجزها فكبيعه وإلا فتصح إن علقها على عجزه .
وليس له .
أي السيد " بيع ما في يد مكاتبه و " لا " إعتاق عبده و " لا " تزويج أمته " ولا التصرف في شيء مما في يده لأنه معه كالأجنبي .
تنبيه : .
مسألة النكاح مكررة سبقت في النكاح .
ولو قال له .
أي السيد " رجل " مثلا " أعتق مكاتبك على كذا " كمائة " ففعل عتق ولزمه ما التزم " كما لو قال أعتق مستولدتك على كذا وهو بمنزلة فداء الأسير .
تنبيه : .
محل ذلك ما إذا قال أعتقه وأطلق أما إذا قال أعتقه عني على كذا فقال أعتقته عنك فإنه لم يعتق عن السائل ويعتق عن المعتق في الأصح ولا يستحق المال .
تتمة لو علق عتق المكاتب على صفة فوجدت عتق ويتضمن الإبراء عن النجوم حتى تتبعه أكسابه ولو لم يتضمن الإبراء لكان عتقه غير واقع عنها فلا تتبعه الأكساب قاله القاضي الحسين في كتاب الزكاة من تعليقه ( 4 / 528 ) قال والإبراء لا يقبل التعليق قصدا ويقبله ضمنا