وهي بكسر الكاف على الأشهر وقيل بفتحها كالعتاقة لغة الضم والجمع لأن فيها ضم نجم إلى نجم والنجم يطلق على الوقت الذي يحل فيه مال الكتابة كما سيأتي للعرف الجاري بكتابة ذلك في كتاب يوافقه .
و شرعا عقد عتق بلفظها بعوض منجم بنجمين فأكثر .
ولفظها إسلامي لا يعرف في الجاهلية وهي معدولة عن قواعد المعاملات من وجوه الأول أن السيد باع ماله بماله لأن الرقبة والكسب له .
ال يثبت في ذمة العبد لمالكه مال ابتداء .
الثالث يثبت الملك للعبد فإن هذا العقد يقتضي تسليطه على الملك مع بقائه على الرق ولكن جوزها الشارع لمسيس الحاجة فإن العتق مندوب إليه والسيد قد لا يسمح به مجانا والعبد لا مال له يفدي به نفسه فإذا علق عتقه بالكتابة استفرغ الوسع وتنامى في تحصيل الاكتساب لإزالة الرق فاحتمل الشرع فيها ما لا يحتمل في غيرها كما احتمل الجهالة في ربح القراض وعمل الجعالة للحاجة .
والأصل فيها قبل الإجماع قوله تعالى " والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا " وقوله A المكاتب عبد ما بقي عليه درهم .
وكانت الكتابة من أعظم مكاسب الصحابة رضي الله تعالى عنهم قيل أول من كوتب عبد لعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه يقال له أبو أمية .
هي مستحبة .
لا واجبة وإن طلبها الرقيق قياسا على التدبير وشراء القريب ولئلا يتعطل الملك وتتحكم المماليك على المالكين .
وإنما تستحب " إن طلبها رقيق " كله أو بعضه كما سيأتي " أمين قوى على كسب " وبهما فسر الشافعي الخبر في الآية .
واعتبرت الأمانة لئلا يضيع ما يحصله فلا يعتق والقدرة على الكسب ليوثق بتحصيل النجوم .
ويفارق الإيتاء حيث أجري على ظاهر الأمر من الوجوب كما سيأتي لأنه مواساة وأحوال الشرع لا تمنع وجوبها كالزكاة .
تنبيه : .
قوله على كسب قد يوهم أنه أي كسب كان وليس مرادا بل لا بد أن يكون قادرا على كسب يوفي ما التزمه من النجوم .
قيل أو .
طلبها " غير قوي " إذا كان أمينا لأنه إذا عرفت أمانته أعين بالصدقات ليعتق والأول قال لا يوثق بذلك .
ولا تكره .
الكتابة " بحال " وإن انتفى الوصفان بل هي مباحة حينئذ لأنها قد تفضي إلى العتق .
ويستثنى كما قال الأذرعي ما إذا كان الرقيق فاسقا بسرعة أو نحوها وعلم السيد أنه لو كاتبه مع العجز عن الكسب لاكتسب بطريق الفسق فإنها بها تكره بل ينبغي تحريمها لتضمنها التمكين من الفساد ولو امتنع الرقيق منها وقد طلبها سيده لم يجبر عليه كعكسه .
وأركانها أربعة صيغة ورقيق وسيد وعوض .
وقد شرع في الأول منها فقال " وصيغتها " أي صيغة إيجابها الصريح من جانب السيد الناطق قوله لعبده " كاتبتك " أو أنت مكاتب " على كذا " كألف " منجما " مع قوله " إذا أديته فأنت حر " لأن لفظ الكتابة يصلح لهذا وللمخارجة فلا بد من تمييزها فإذا قال فإن أديته فأنت حر تعين للكتابة .
أما الأخرس فتكفي إشارته المفهمة بذلك .
ويبين .
وجوبا قدر العوض وصفته و " عدد النجوم " وقدرها " وقسط كل نجم " والنقد إن لم يكن ثم نقد غالب لأنها عقد معاوضة فاشترط فيه معرفة العوض كالبيع .
ولا يشترط تساوي النجوم ولا يشترط تعيين ابتداء النجوم بل يكفي الإطلاق ( 4 / 517 ) ويكون ابتداؤها من العقد على الصحيح .
تنبيه : .
النجم الوقت المضروب والمراد هنا ويطلق على المال المؤدى فيه كما سيأتي .
ويكفي ذكر نجمين .
وهل يشترط في كتابة من بعضه حر التنجيم وجهان أصحهما الاشتراط لأنه وإن كان قد يملك ببعضه الحر ما يؤديه فلاتباع السلف .
ولو ترك .
في الكتابة الصحيحة " لفظ التعليق " للحرية على الأداء وهو قوله إذا أديته فأنت حر " ونواه " بقوله كاتبتك على كذا الخ " جاز " ذلك لأن المقصود منها العتق وهو يقع بالكناية مع النية جزما لاستقلال المخاطب به .
أما الفاسدة فلا بد من التصريح بقوله فإذا أديته فأنت حر كما قاله القاضي حسين وغيره .
ولا يكفي لفظ كتابة بلا تعليق ولا نية .
له " على المذهب " المنصوص .
وفي قول من طريق ثان مخرج يكفي كالتدبير .
وأجاب الأول بأن التدبير كان معلوما في الجاهلية ولم يتغير والكتابة تقع على هذا العقد وعلى المخارجة كما مر فلا بد من تمييز باللفظ أو النية .
ولا يتقيد بما ذكر بل مثله قوله فإذا برئت منه أو فرغت ذمتك فأنت حر ولا يكفي على الصحيح التمييز بغير ذلك إذا لم يكن معه لفظ الحرية كقوله وتعاملني أو أضمن لك أرش الجناية أو تستحق مني الإيتاء أو من الناس سهم الرقاب .
وقول الأذرعي إنها تنعقد بذلك أو نواها به فتكون كناية فهو ظاهر .
ويقول المكاتب .
فورا في صيغة القبول " قبلت " وبه تتم الصيغة فلا تصح بدونه كسائر العقود ولا يغني عن القبول التعليق بالأداء .
تنبيه : .
قضية قوله ويقول المكاتب قبلت أنه لو قبل أجنبي الكتابة من السيد ليؤدي عن العبد النجوم فإذا أداها عتق أنه لا يصح وهو ما صححه في زيادة الروضة لمخالفة موضوع الباب فعلى هذا الوادي عتق العبد لوجود الصفة ورجع السيد على الأجنبي بالقيمة ورد له ما أخذ منه وتنعقد الكتابة بالاستيجاب والإيجاب .
ولو قال أنت حر على ألف فقبل عتق في الحال ولزم الألف ذمته .
وقول المحرر ويقول العبد أولى من قول المصنف ويقول المكاتب لأنه إنما يصير مكاتبا بعد القبول .
ثم شرع في الركن الثاني والثالث وهما الرقيق والسيد فقال " وشرطهما تكليف " فيهما بكونهما بالغين عاقلين فلا يصح تكاتب الصبي والمجنون لأنهما مسلوبا العبارة ولا يكاتبان أيضا ولا أثر لإذن الولي للصبي أو المجنون في ذلك .
تنبيه : .
محل اشتراط التكليف في العبد إن صدرت الكتابة معه فإن صدرت عليه تبعا فلا لما سيأتي أن ولد المكاتبة مكاتب .
وقد يفهم كلام المصنف أن السكران العاصي بسكره لا تصح كتابته لأنه يرى عدم تكليفه وقد مر الكلام على ذلك في الطلاق وغيره .
وإطلاق .
في التصرف فلا تصح الكتابة من محجور عليه بسفه أو فلس ولا من مكاتب عبد وأذن له سيده ولا من ولي المحجور عنه أبا كان أو غيره لأنها تبرع .
تنبيه : .
اشتراط الإطلاق في العبد لم يذكره أحد والذي نص عليه فيه الشافعي والأصحاب اعتبار البلوغ والعقل لا غير فلا يضر سفهه لأنه لم ينحصر الأداء من كسبه فقد يؤدي من الزكاة وغيرها .
وقد ذكر المصنف ما لا يحتاج إليه وهو التكليف فإنه يستغنى عنه بإطلاق التصرف كما مر في العتق وترك ما يحتاج إليه وهو الاختيار فإن أكرها أو أحدهما فالكتابة باطلة .
ولا يضركون السيد أعمى كما صححه المصنف تغليبا للعتق خلافا لصاحب الإبانة من اشتراط البصر .
ويشترط كون السيد حر الكل فلا يصح من مبعض لأنه ليس أهلا للولاء .
وكتابة المريض .
مرض الموت تحسب " من الثلث " وإن كاتبه بأكثر من قيمته لأن كسبه له .
فإن كان له .
عند الموت " مثلاه " أي العبد بأن كانت قيمته ثلث تركته " صحت كتابة كله " لخروجه من الثلث سواء أكان ما خلفه مما أداه العبد أم لا ويبقى للورثة مثلاه .
فإن لم يملك .
ذلك المريض شيئا " غيره وأدى " المكاتب " في حياته " أي السيد " مائتين " وكان كاتبه عليهما " وقيمته مائة عتق " كله لأنه يبقى للورثة مثلاه وهما المائتان .
وإن أدى مائة .
وكان ( 4 / 518 ) كاتبه عليها " عتق ثلثاء " لأنه إذا أخذ مائة وقيمته مائة فالجملة مائتان فينفذ التبرع في ثلث المائتين وهو ثلثا المائة .
واحترز بقوله وأدى في حياته عما لم يؤد شيئا حتى مات السيد فثلثه مكاتب فإن أدى حصته من النجوم عتق ولا يزيد العتق بالأداء لبطلانها في الثلثين فلا تعود .
تنبيه : .
هذا كله إذا لم يجز الوارث الكتابة في جميعه فإن أجاز في جميعها عتق كله أو في بعضها عتق ما أجاز والولاء للميت .
ولو لم يملك إلا عبدين قيمتهما سواء فكاتب في المرض أحدهما وباع الآخر نسيئة ومات ولم يحصل بيده ثمن ولا نجوم صحت الكتابة في ثلث هذا والبيع في ثلث ذلك إذا لم يجز الوارث ولا يزاد في البيع والكتابة بأداء الثمن والنجوم .
ولو كاتب .
كافر أصلي رقيقه صح .
وإن كاتب " مرتد " رقيقه " بنى على أقوال ملكه فإن وقفناه " وهو الأظهر " بطلت على الجديد " القائل بإبطال وقف العقود فلا يعتق بأداء النجوم وعلى القديم لا تبطل بل توقف إن أسلم تبينا صحتها وإلا بطلانها وهذه المسألة مكررة فإنه ذكرها في آخر الردة .
تنبيه : .
لا يبطل طرو ردة المكاتب ولا طرو ردة السيد بعدها وإن أسلم السيد اعتد بما أخذ حال ردته .
وتصح كتابة عبد مرتد ويعتق بالأداء ولو في زمن ردته وإن قتل قبل الأداء فما في يده للسيد .
ولو التحق سيد المكاتب بدار الحرب مرتدا ووقف ماله نادى الحاكم نجوم مكاتبه وعتق وإن عجز أو عجزه الحاكم رق فإن جاء السيد بعد ذلك بقي التعجيز .
ولا تصح كتابة مرهون .
لأنه معرض للبيع والكتابة تمنع منه فتنافيا .
و .
لا " مكرى " لأن منافعه مستحقة للمستأجر فلا يتفرغ للاكتساب لنفسه ولا الموصى بمنفعته كما فهم بالأولى ولا كتابة المغصوب إن لم يتمكن من التصرف في يد الغاصب وإطلاق العمراني المنع محمول على هذا .
ثم شرع في الركن الرابع فقال " وشرط العوض " في الكتابة " كونه دينا " نقدا كان أو عوضا موصوفا بصفات السلم لأن الأعيان لا يملكها حتى يورد العقد عليها .
مؤجلا .
ليحصله ويؤديه فلا تصح بالحال لأن الكتابة عقد خالف القياس في وصفه .
واتبع فيه سنة السلف والمأثور من الصحابة فمن بعدهم قولا وفعلا إنما هو التأجيل ولم يعقدها أحد منهم حالة ولو جاز لم يتفقوا على تركه مع اختلاف الأغراض خصوصا وفيه تعجيل عتقه .
واختار ابن عبد السلام و الروياني في حليته جواز الحلول وهو مذهب الإمامين مالك و أبي حنيفة .
فإن قيل لو اقتصر المصنف على الأجل لأغنى عن الدينية فإن الأعيان لا تقبل التأجيل وقد اعترض الرافعي بهذا على الوجيز ثم وقع فيه في المحرر .
أجيب بأن دلالة الالتزام لا يكتفى بها في المخاطبات وهذان وصفان مقصودان لكن كان ينبغي أن يقول موصوفا بصفات السلم إن كان عوضا كما قدرته في كلامه .
ولو .
كان العوض " منفعة " كبناء دارين في ذمته وجعل لكل واحدة منهما وقتا معلوما كما يجوز أن تجعل المنافع ثمنا واحدا والمراد المنفعة التي في الذمة أما لو كان العوض منفعة عين فإنه لا يصح تأجيلها لأن الأعيان لا تقبل التأجيل .
تنبيه : .
ظاهر كلامه الاكتفاء بالمنفعة وحدها والمنقول أنه إن كان العوض منفعة عين حالة نحو كاتبتك على أن تخدمني شهرا أو تخيط لي ثوبا بنفسك فلا بد معها من ضميمة مال كقوله وتعطيني دينارا بعد انقضائه لأن الضميمة شرط فلم يجز أن يكون العوض منفعة عين فقط .
فلو اقتصر على خدمة شهرين وصرح بأن كل شهر نجم لم يصح لأنهما نجم واحد ولا ضميمة .
ولو كاتبه على خدمة رجب ورمضان فأولى بالفساد إذ يشترط في الخدمة والمنافع المتعلقة بالأعيان أن تتصل بالعقد .
ومنجما بنجمين فأكثر .
لأنه المأثور عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم فمن بعدهم ولو جازت على أقل من نجمين لفعلوه لأنهم كانوا يبادرون إلى القربات والطاعات ما أمكن ولأنها مشتقة من ضم النجوم بعضها إلى بعض .
وأقل ما يحصل به الضم نجمان وقيل يكفي نجم واحد وقال في شرح مسلم إنه قول جمهور النجوم بعضها إلى بعض .
وأقل ما يحصل به الضم نجمان وقيل يكفي نجم واحد وقال في شرح مسلم إنه قول جمهور أهل العلم اه " .
وبه قال أبو حنيفة و مالك ومال إليه ابن عبد السلام ( 4 / 519 ) .
تنبيه : .
قضية إطلاقه أنها تصح بنجمين قصيرين ولو في مال كثير وهو كذلك لإمكان القدرة عليه كالسلم إلى معسر في مال كثير إلى أجل قصير .
ويؤخذ من ذلك أنه لو أسلم إلى المكاتب عقب عقد الكتابة صح وهو أحد وجهين وجهه الرافعي بقدرته برأس المال .
قال الإسنوي ومحل الخلاف في السلم الحال أما المؤجل فيصح فيه جزما كما صرح به الإمام .
وقيل إن ملك .
السيد " بعضه وباقيه حر لم يشترط أجل وتنجيم " في كتابته لأنه قد يملك ببعضه الحر ما يؤديه فلا يتحقق العجز في الحال فتستثنى هذه الصورة على هذا الوجه والأصح عدم الاستثناء لأنه تعبد .
ولو جعلا مال الكتابة عينا من الأعيان التي ملكها ببعضه الحر قال الزركشي فيشبه القطع بالصحة ولم يذكروه اه " .
وظاهر كلامهم عدم الصحة .
تنبيه : .
يشترط بيان قدر العوض وصفته وأقدار الآجال وما يؤدى عند حلول كل نجم فإن كان على نقد كفى الإطلاق إن كان في البلد نقد مفرد أو غالب وإلا اشترط التبيين وإن كان على عوض وصفه بالصفات المشروطة في السلم كما مر .
ولو كاتب على .
منفعة عين مع غيرها مؤجلا نحو " خدمة شهر " من الآن " ودينار عند انقضائه " أو خياطة ثوب موصوف عند انقضائه " صحت " أي الكتابة لأن المنفعة مستحقة في الحال والمدة لتقريرها والتوفية فيها والدينار والخياطة إنما تستحق المطالبة بها بعد المدة التي عينها لاستحقاقه .
وإذا اختلف الاستحقاق حصل تعدد النجوم ولا يضر كون المنفعة حالة لأن التأجيل يشترط لحصول القدرة وهو قادر على الاشتغال بالخدمة في الحال بخلاف ما لو كاتب على دينارين أحدهما حال والآخر مؤجل وبهذا يتبين أن الأجل وإن أطلقوا اشتراطه فليس ذلك بشرط في المنفعة التي يقدر على الشروع فيها في الحال .
ويشترط للصحة أن تتصل الخدمة والمنافع المتعلقة بالأعيان بالعقد فلا تصح الكتابة على مال يؤديه آخر الشهر وخدمة الشهر الذي بعده لعدم اتصال الخدمة بالعقد كما أن الأعيان لا تقبل التأجيل بخلاف المنافع الملتزمة في الذمة .
تنبيه : .
قول المصنف عند انقضائه يفهم منه أنه لو قال بعد انقضائه بيوم أو بيومين مثلا أنه صح بطريق الأولى ولهذا لم يختلفوا فيه وفيما تقدم وجه بعدم الصحة .
ولو كاتبه على خدمة شهر ودينار وفي أثنائه كقوله ودينار بعد العقد بيوم جاز في الأصح ولا يشترط بيان الخدمة بل يتبع فيها كما مرت الإشارة إليه في الإجارة .
ولا يكفي إطلاق المنفعة بأن يقول كاتبتك على منفعة شهر مثلا لاختلاف المنافع .
ولو كاتبه على خدمة شهر ودينار مثلا فمرض في الشهر وفاتت الخدمة انفسخت الكتابة في قدر الخدمة وفسخت في الباقي .
وهل يشترط بيان موضع التسليم فيه الخلاف الذي في السلم فلو خرب المكان المعين الذي أدى في أقرب المواضع إليه على قياس ما في السلم .
أو .
كابته " على أن يبيعه كذا " أو يشتري منه كذا كثوب بألف " فسدت " أي الكتابة لأنه شرط عقد في عقد .
تنبيه : .
لو قال المصنف على ابتياع كذا لشمل صورة البيع والشراء .
ولو قال كاتبتك وبعتك هذا الثوب .
مثلا " بألف ونجم الألف " بنجمين مثلا كأن قال له يؤدى منها خمسمائة عند انقضاء النجم الأول والباقي عند انقضاء الثاني " وعلق الحرية بأدائه " وقبل العبد العقدين إما معا كقبلتهما أو مرتبا كقبلت الكتابة والبيع أو البيع والكتابة .
كذا قالا وهو مخالف لما ذكره في الرهن من أن الشرط تقدم خطاب البيع على خلاف الرهن .
فالمذهب صحة الكتابة دون البيع .
فيبطل لتقدم أحد شقيه على أهلية العبد لمتابعة سيده وفي قول تبطل الكتابة أيضا ومال إليه البلقيني وهما قولا تفريق الصفقة .
هذه الطريقة الراجحة والطريق الثاني فيها قول وقول بالبطلان وهما قولا الجمع بين عقدين مختلفي الحكم .
وعلى صحة الكتابة فقد توزع الألف على قيمتي العبد ( 4 / 520 ) والثوب فما خص العبد يؤديه في النجمين مثلا فإذا أداه عتق .
ولو قال كاتبتك على ألف في نجمين مثلا وبعتك الثوب بألف صحت الكتابة قطعا لتعدد الصفقة بتفصيل الثمن وأما البيع فقال الزركشي إن قدمه في العقد على لفظ الكتابة بطل وإن أخره فإن كان العبد قد بدأ بطلب الكتابة قبل إجابة السيد صح البيع وإلا فلا اه " .
وهذا ممنوع لتقدم أحد شقي البيع على أهلية العبد لمبايعة سيده .
واستثنى البلقيني من عدم صحة البيع ما إذا كان المكاتب مبعضا وبينه وبين سيده مهايأة وكان ذلك في نوبة الحرية فإنه يصح البيع أيضا لفقد المقتضى للإبطال وقد تقدم أحد شقيه على أهلية العبد لمعاملة السيد قال ويجوز معاملة المبعض مع السيد في الأعيان مطلقا وفي الذمة إذا كان بينهما مهايأة .
قال ولم أر من تعرض لذلك وهو دقيق الفقه .
ولو كاتب عبدا .
كثلاثة صفقة واحدة " على عوض " واحد كألف " منجم " بنجمين مثلا " وعلق عتقهم بأدائه " كما إذا قال كاتبتكم على ألف إلى وقت كذا وكذا فإذا أديتم فأنتم أحرار " فالنص صحتها " لأن مالك العوضين واحد والصادر منه لفظ واحد فصار كما لو باع عبدين من واحد .
ويوزع .
المسمى " على قيمتهم يوم الكتابة " فإن كانت قيمة أحدهم مائة والآخر مائتين والآخر ثلاثمائة فعلى الأول سدس المسمى وعلى الثاني ثلثه وعلى الثالث نصفه .
فمن أدى حصته عتق .
لوجود الأداء ولا يتوقف على أداء الباقي .
ومن عجز .
أو مات " رق " لأنه لم يوجد الأداء منه .
وإنما اعتبرت القيمة يوم الكتابة لأنها وقت الحيلولة بين السيد وبينهم ومقابل النص قول مخرج ببطلان كتابتهم .
وتصح كتابة بعض من باقيه حر .
لأنها تفيد الاستقلال المقصود بالعقد " فلو كاتب كله " أي جميع العبد الذي بعضه حر سواء أكان عالما بحرية بعضه أم معتقدا رق كله فبان حر البعض " صح في الرق في الأظهر " من قولي تفريق الصفقة وبطل في الآخر منهما .
وعلى الأول يعتق إذا أدى قسط الرقيق من المسمى .
ثم اعلم أن من شرط الكتابة لمن كله رقيق استيعاب الكتابة له " و " حينئذ " لو كاتب بعض رقيق فسدت " هذه الكتابة " إن كان باقيه لغيره ولم يأذن " في كتابته لعدم الاستقلال ولأن القيمة تنقص بذلك فيتضرر الشريك .
وكذا إن أذن .
الغير له فيها " أو كان " ذلك البعض " له على المذهب " المنصوص لأن المكاتب يحتاج إلى التردد حضرا وسفرا لاكتساب النجوم ولا يستقل بذلك إذا كان بعضه رقيقا فلا يحصل مقصود الكتابة وأيضا لا يعطى من سهم المكاتبين لأنه يصير بعضه ملكا لمالك الباقي فإنه من أكسابه بخلاف ما إذا كان باقيه حرا .
والطريق الثاني القطع بالأول وهو الراجح في الثانية .
تنبيه : .
استثني من الفساد في كتابة البعض صور منها ما لو كاتب في مرض موته بعض عبده وذلك البعض ثلث ماله فإنه يصح قطعا قاله الماوردي .
ومنها ما لو كان بعض العبد موقوفا على خدمة مسجد ونحوه من الجهات العامة وباقيه رقيق فكاتبه مالك بعضه قال الأذرعي يشبه أن يصح على قولنا في الوقف أنه ينتقل إلى الله تعالى لأنه يستقل بنفسه في الجملة ولا يبقى عليه أحكام ملك بخلاف ما إذا وقف بعضه على معين اه " .
والأوجه كما قال شيخنا خلافا لمنافاته التعليلين السابقين ولو أسلم فالبناء المذكور لا يختص بالوقف على الجهات العامة .
ومنها ما إذا أوصى بكتابة عبده فلم يخرج من الثلث إلا بعضه ولم تجز الورثة فالأصح أنه يكاتب ذلك البعض .
ومنها ما لو مات عن ابنين وخلف عبدا فأقر بأحدهما أن أباه كاتبه وأنكر الآخر كان نصيبه مكاتباه قاله في الخصال وفي استثناء هذه كما قال ابن شهبة نظر .
ومثله ما لو ادعى العبد على سيده أنهما كاتباه فصدقه أحدهما وكذبه الآخر .
ولو .
تعدد السيد كشريكين في ( 4 / 521 ) عبد " كاتباه معا أو وكلا " من كاتبه أو وكل أحدهما الآخر " صح إن اتفقت النجوم " جنسا وصفة وعددا وأجلا .
وفي هذا إطلاق النجم على المؤدى لقوله " وجعل المال " المكاتب عليه " على نسبة ملكيهما " سواء صرحا باشتراط ذلك أم لا لئلا يؤدي إلى انتفاع أحدهما بمال الآخر .
تنبيه : .
قوله نسبة ملكيهما يفهم أنه لا يشترط تساوي الشريكين في ملك العبد الذي يكاتبانه وهو الصحيح وأنه متى اختلفت النجوم أو شرطا التفاوت في النجوم مع تساويها في الملك أو بالعكس لم يصح وهو كذلك .
فلو عجز .
العبد " فعجزه أحدهما " وفسخ الكتابة " وأراد الآخر إبقاءه " العقد " فكابتداء عقد " فلا يجوز بغير إذن الشريك الآخر على المذهب ولا بإذنه على الأظهر كما في الروضة لما مر .
وقيل يجوز .
بالإذن قطعا لأن الدوام أقوى من الابتداء .
تنبيه : .
تعبير المصنف عن هذه الطريقة ب قيل مخالف لاصطلاحه وإن كان الأصحاب كما قال الرافعي يتوسعون في جعل طرق الأصحاب أوجها .
ولو أبرأ .
واحد ممن كاتبا العبد معا " من نصيبه " من النجوم " أو أعتقه " أي نصيبه من العبد " عتق نصيبه " منه تنزيلا له منزلة الابتداء " وقوم " عليه " الباقي " وسرى العتق عليه وكان الولاء له " إن كان موسرا " أما في العتق فلما مر في بابه وأما في الإبراء فلأنه أبرأه من جميع ما يستحقه فأشبه ما لو كاتب جميعه وأبرأه عن النجوم .
تنبيه : .
كلامه يفهم أن التقويم والسراية في الحال وهو قول والأظهر أنه أدى نصيب الآخر من النجوم عتق عنه والولاء بينهما .
وإن عجز وعاد إلى الرق فحينئذ يسري ويقوم ويكون كل الولاء له وإن كان معسرا فلا يقوم عليه .
وخرج بالإبراء والإعتاق ما لو قبض نصيبه فلا يعتق وإن رضي الآخر بتقديمه إذ ليس له تخصيص أحدهما بالقبض وإن مات قبل التعجيز والأداء مات مبعضا .
وإن ادعى أنه وفاهما وصدقه أحدهما وحلف الآخر عتق نصيب المصدق ولم يسر وللمكذب مطالبة المكاتب بكل نصيبه أو بالنصف منه ويأخذ نصف ما بيد المصدق ولا يرجع به المصدق وترد شهادة المصدق على المكذب .
وإن ادعى دفع الجميع لأحدهما فقال له بل أعطيت كلا منا نصيبه عتق نصيب المقر ولم تقبل شهادته على الآخر وصدق في أنه لم يقبض نصيب الآخر بحلفه ثم للآخر أن يأخذ حصته من المكاتب إن شاء أو يأخذ من المقر نصف ما أخذ ويأخذ النصف الآخر من المكاتب ولا يرجع المقر بما غرمه على المكاتب كما مر نظيره