والمعلق عتقها بصفة ما يذكر معه إذا " ولدت مدبرة " ولدا " من نكاح أو " من " زنا " أو من شبهة بأمة حدث بعد التدبير وانفصل قبل موت السيد " لا يثبت للمولد حكم التدبير في الأظهر " لأنه عقد يقبل الرفع فلا يسري إلى الولد كالرهن .
والثاني يثبت كولد المستولدة بجامع العتق بموت السيد وبهذا قال الأئمة الثلاثة .
أما إذا لم ينفصل بأن كانت حاملا عند موت السيد فإن الحمل يتبعها قطعا ولا يتبعها ولدها الذي ولدته قبل التدبير قطعا .
ولو دبر حاملا .
وأطلق " ثبت له " أي الحمل " حكم التدبير على المذهب " تبعا لها لأن الحمل بمنزلة عضو من أعضائها كما يتبعها في العتق والبيع .
وفي قول من الطريق الثاني المبني على أن الحمل لا يعلم لا يثبت .
ويعرف وجود الحمل بوضعه لدون ستة أشهر من حين التدبير وإن وضعته لأكثر من أربع سنين من حينئذ لم يتبعها أو لما بينهما فرق بين من لها زوجها يفترشها فلا يتبعها وبين غيرها فيتبعها وإن انفصل فيها قبل موت سيدها كما سبق في نظائرها .
فإن ماتت .
أي الأم في حياة السيد بعد انفصال الحمل " أو رجع في تدبيرها " بالقول بناء على المرجوح " دام تدبيره " أي الحمل أما في الأولى فكما لو دبر عبدين فمات أحدهما قبل موت السيد وأما في الثانية فكالرجوع ( 4 / 514 ) بعد الانفصال .
وقيل إن رجع .
وأطلق " وهو " أي الحمل " متصل " بها " فلا " يدوم تدبيره بل يتبعها في الرجوع كما يتبعها في التدبير .
وفرق الأول بأن التدبير فيه معنى العتق والعتق له قوة .
أما لو قال رجعت عن تدبيرها دون تدبيره فإنه يدوم فيه قطعا .
ولو دبر .
الأم دون حملها بأن استثناه صح كما صرح به الماوردي و الروياني وشرطا أن تلده قبل موت السيد فلو ولدته بعد موته بطل لأن الحرة لا تلد إلا حرا .
وإن دبر " حملا " بمفرده " صح " أيضا كما يصح إعتاقه دونها ولا تتبعه الأم بخلاف عكسه لأن الحمل تابع فلا يكون متبوعا .
فإن مات .
السيد " عتق " الحمل " دون الأم " لما مر " وإن باعها " مثلا حاملا " صح " البيع " وكان رجوعا منه " أي عن تدبير الحمل قصد الرجوع أم لا لدخول الحمل في البيع .
ولو قالت بعد موت السيد دبرني حاملا فالولد حر أو ولدته بعد موت السيد فهو حر وأنكر الوارث ذلك وقال في الأولى بل دبرك حائلا فهو قن وقال في الثانية بل ولدته قبل الموت أو قبل التدبير فهو قن صدق بيمينه في الصورتين وكذا إن اختلفا في ولد المستولدة هل ولدته قبل موت السيد أو بعده أو ولدته قبل الاستيلاد أو بعده .
وتسمع دعوى المدبرة التدبير لولدها حسبة لتعلق حق الآدمي بهما حتى لو كانت قنة وادعت على السيد ذلك سمعت دعواها .
ولو ولدت المعلق عتقها .
بصفة ولدا من نكاح أو زنا وانفصل قبل وجود الصفة " لم يعتق الولد " بعتقها لأنه عقد يلحقه الفسخ فلم يتعد إلى الولد كالوصية والرهن .
وفي قول إن أعتقت بالصفة عتق .
الولد وهما كالقولين في ولد المدبرة .
ولو كانت حاملا عند وجود الصفة عتق الحمل قطعا والحامل عند التعليق كالحامل عند التدبير فيتبعها الحمل .
ولا يتبع مدبرة ولد .
المملوك لسيده لأن الولد يتبع الأم في الرق والحرية لا أباه فكذا في سبب الحرية .
وجنايته .
أي المدبر منه وعليه " كجناية قن " كذلك لثبوت الملك عليه فإن قتل بجناية فات التدبير أو بيع فيها بطل التدبير فإن فداه السيد بقي ولا يلزمه إن قتل بجناية عليه أن يشتري بقيمته عبدا يدبره .
ولو بيع بعضه في الجناية بقي الباقي مدبرا فإن مات السيد وقد جنى المدبر ولم يبعه ولم يختر فداه فموته كإعتاق القن الجاني .
فإن كان السيد موسر أعتق وفدى من التركة لأنه أعتقه بالتدبير السابق ويفديه بالأقل من قيمته والأرش لتعذر تسليم المبيع وإن كان معسرا لم يعتق منه شيء إن استغرقته الجناية وإلا فيعتق منه ثلث الباقي ولو ضاق الثلث عن مال الجناية ففداه الوارث من ماله فولاؤه كله للميت لأن تنفيذ الوارث أجازة لا ابتداء عطية لأنه يتم به قصد المورث .
ويعتق .
المدبر كله أو بعضه " بالموت " لسيده لكنه محسوب " من الثلث كله " أي عتق المدبر كله إن خرج من الثلث " أو " يعتق " بعضه " إن لم يخرج كله من الثلث وذلك إنما يكون " بعد الدين " وبعد التبرعات المنجزة في المرض .
وإن وقع التدبير في الصحة فإن استغرق الدين التركة لم يعتق منه شيء أو نصفها والتركة نفس المدبر فقط بيع نصفه في الدين وعتق ثلث الباقي منه .
وإن لم يكن عليه دين ولا مال سواء عتق ثلثه .
والحيلة في عتق جميعه بعد الموت أن يقول أنت حر قبل مرض موتي بيوم وإن مت فجأة فقبل موتي بيوم .
فإذا مات بعد التعليق بأكثر من يوم عتق من رأس المال ولا سبيل عليه لأحد كما جزم به الرافعي في كتاب الوصية لتقدم عتقه في الصحة قبل موته .
تنبيه : .
مسألة المتن سبقت في الوصية في قوله ويعتبر من الثلث عتق علق بالموت وذكرت هنا توطئه لقوله " ولو علق عتقا على صفة تختص بالمرض " أي مرض الموت بأن لم توجد إلا فيه " كأن دخلت " الدار " في مرض موتى فأنت حر " ثم وجدت الصفة " عتق من الثلث " عند وجود الصفة كما لو نجز عتقه .
وإن احتملت .
الصفة ( 4 / 515 ) الصحة " والمرض بأن لم يقيده به " فوجدت " تلك الصفة " في المرض فمن رأس المال " يكون العتق " في الأظهر " اعتبارا بحالة التعليق لأنه لم يكن متهما بإبطال حق الورثة .
والثاني يكون العتق من الثلث اعتبارا بوقت وجود الصفة .
تنبيه : .
محل الخلاف إذا وجدت الصفة بغير اختياره كنزول المطر فإن وجدت باختياره كدخول الدار اعتبر من الثلث جزما لأنه اختار العتق في مرضه قاله الرافعي تفقها وصرح به الماوردي .
فرع لو علق عتق رقيقه .
بمرض مخوف فمرض وعاش عتق من رأس المال وإن مات منه فمن الثلث .
ولو علق عتقه بصفة وهو مطلق التصرف فوجدت بغير اختياره وهو محجور عليه بفلس عتق اعتبارا بحال التعليق أو باختياره فلا .
ولو وجدت الصفة وهو مجنون أو محجور عليه بسفه عتق بلا خلاف ذكره البغوي وفرق بأن حجر المرض والفلس لحق الغير وهو الورثة والغرماء بخلاف السفه والجنون .
ولو مات سيد المدبر وماله غائب أو على معسر لم يحكم بعتق شيء منه حتى يصل للورثة من الغائب مثلا .
فيتبين عتقه من الموت ويوقف كسبه فإن استغرق التركة دين وثلثها يحتمل المدبر فأبرىء من الدين تبين عتقه وقت الإبراء .
ولو ادعى عبده التدبير فأنكره .
سيده " فليس " إنكاره له " برجوع " عن التدبير ولو قلنا بجواز الرجوع بالقول كما أن جحود الردة لا يكون إسلاما وجحوده الطلاق لا يكون رجعة " بل يحلف " السيد أنه ما دبره لاحتمال أن يقر ولا يتعين اليمين بل له أن يسقط اليمين عن نفسه بأن يقول إن كنت دبرته فقد رجعت إن جوزنا الرجوع بالقول .
فإن نكل حلف العبد وثبت تدبيره .
وله أيضا أن يقيم البينة بتدبيره .
ولو وجد .
بعد موت السيد " مع مدبر مال " أو نحوه في يده فتنازع هو والوارث فيه " فقال " المدبر " كسبته بعد موت السيد وقال الوارث " بل كسبته " قبله صدق المدبر بيمينه " لأن اليد له فترجح وهذا بخلاف ولد المدبرة إذا قالت ولدته بعد موت السيد فهو حر وقال الوارث بل قبله فهو قن فإن القول قول الوارث لأنها تزعم حريته والحر لا يدخل تحت اليد .
وإن أقاما .
أي المدبر والوارث " بينتين " بما قالاه " قدمت بينته " أي المدبر على النص وقطع به لاعتضادها باليد .
ولو أقام الوارث بينة أن المال كان في يده قبل عتقه فقال كان في يدي وديعة لرجل وملكته بعد العتق صدق بيمينه أيضا .
ولو دبر رجلان أمتهما وأتت بولد وادعاه أحدهما لحقه وضمن لشريكه نصف قيمتها ونصف مهرها وصارت أم ولد له وبطل التدبير وإن لم يأخذ شريكه نصف قيمتها لأن السراية لا تتوقف على أخذها كما مر وما في الروض كأصله أن من أخذ القيمة رجوع في التدبير مبني على ضعيف وهو أن السراية تتوقف على أخذ القيمة ويلغو رد المدبر التدبير في حياة السيد وبعد موته كما في المعلق عتقه بصفة .
خاتمة لو دبر السيد عبدا ثم ملكه أمة فوطئها فأتت بولد ملكه السيد سواء أقلنا أن العبد يملك أم لا ويثبت نسبه من العبد ولا حد عليه للشبهة .
ولو قال لأمته أنت حرة بعد موتي بعشر سنين مثلا لم تعتق إلا بمضي تلك المدة من حين الموت ولا يتبعها ولدها في حكم الصفة إلا إن أتت به بعد موت السيد ولو قبل مضي المدة فيتبعها في ذلك فيعتق من رأس المال كولد المستولدة بجامع أن كلا منهما لا يجوز إرقاقها .
ويؤخذ من القياس أن محل ذلك إذا علقت به بعد الموت .
ولو قال لعبده إذا قرأت القرآن ومت فأنت حر فإن قرأ القرآن قبل موت سيده عتق بموته وإن قرأ بعضه لم يعتق بموت السيد .
وإن قال إن قرأت قرآنا ومت فأنت حر فقرأ بعض القرآن ومات السيد عتق .
والفرق التعريف والتنكير كذا نقله الرافعي عن النص .
قال الدميري والصواب ما قال الإمام في المحصول أن القرآن يطلق على القليل والكثير لأنه اسم جنس كالماء والعسل لقوله تعالى " نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن " وهذا الخطاب كان بمكة بالإجماع لأن السورة مكية وبعد ذلك نزل قرآن كثير .
وما نقل عن الإمام الشافعي Bه ليس على هذا الوجه فإن القرآن بالهمز ( 4 / 516 ) عند الشافعي يقع على القليل والكثير والقرآن بغير همز عنده اسم جمع كما أفاده البغوي في تفسير سورة البقرة ولغة الشافعي بغير همزة والواقف على كلام الشافعي يظنه مهموزا وإنما ينطق في ذلك بلغته المألوفة لا بغيرها وبهذا اتضح الإشكال وأجيب عن السؤال