وهو بفتح الواو والمد لغة القرابة مأخوذ من الموالاة وهو المعاونة والمقاربة و شرعا عصوبة سببها زوال الملك عن الرقيق بالحرية وهي متراخية عن عصوبة النسب فيرث بها المعتق ويلي أمر النكاح والصلاة عليه ويعقل .
والأصل فيه قبل الإجماع قوله تعالى " ادعوهم لآبائهم " إلى قوله " ومواليكم " وقوله A إنما الولاء لمن أعتق متفق عليه وقوله الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب رواه الإمام أحمد وابن خزيمة وابن حبان .
واللحمة بضم اللام لقرابة ويجوز فتحها .
ولا يورث بل يورث به لأنه لو ورث لاشترك فيه الرجال والنساء كسائر الحقوق ولاختص الابن المسلم بالإرث به فيما لو مات المعتق المسلم عن ابنين مسلم ونصراني فأسلم النصراني ثم مات العتيق عنهما .
ومن عتق عليه رقيق .
أو مبعض " بإعتاق " منجز إما استقلالا أو بعوض كبيع العبد من نفسه أو ضمنا كقوله أعتق عبدك عني فأجابه أو معلقا على صفة وجدت " أو كتابة " بأداء نجوم " وتدبير واستيلاد وقرابة " كأن ورث قريبه الذي يعتق عليه أو ملكه ببيع أو هبة أو وصية " وسراية " كما مر في عتق أحد الشريكين الموسر نصيبه أو بإعتاق غيره رقيقه عنه بإذنه " فولاؤه له " أما بالإعتاق فللخبر السابق وأما بغيره ( 4 / 507 ) فبالقياس عليه .
أما إذا أعتق غيره عبده عنه بغير إذنه فإنه يصح أيضا لكن لا يثبت له الولاء وإنما يثبت للمالك خلافا لما وقع في أصل الروضة من أنه يثبت له لا للمالك .
ولو أعتق عبده على أن لا ولاء عليه أو على أن يكون سائبة أو على أنه لغير علم يبطل ولاؤه ولم ينتقل كنسبه لخبر الصحيحين كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل قضاء الله أحق وشرطه أوثق إنما الولاء لمن أعتق .
واستثنى من ذلك ما لو أقر بحرية عبد ثم اشتراه فإنه يعتق عليه ولا يكون ولاؤه له بل هو موقوف لأن الملك بزعمه لم يثبت له وإنما عتق مؤاخذة له بقوله وما لو أعتق الكافر كافرا فلحق العتيق بدار الحرب واسترق ثم أعتقه السيد الثاني فولاؤه للثاني وما لو أعتق الإمام عبدا من عبيد بيت المال فإنه يثبت الولاء عليه للمسلمين لا للمعتق .
تنبيه : .
يثبت الولاء للكافر على المسلم كعكسه وإن لم يتوارثا كما تثبت علقة النكاح والنسب بينهما وإن لم يتوارثا ولا يثبت الولاء بسبب آخر غير الإعتاق كإسلام شخص على يد غيره وحديث من أسلم على يد رجل فهو أحق الناس بمحياه ومماته قال البخاري اختلفوا في صحته وكالتقاط .
وحديث تحوز المرأة ثلاثة مواريث عتيقها ولقيطها وولدها الذي لا عنت عليه ضعفه الشافعي وغيره .
وكالحلف والموالاة .
ثم لعصبته .
المتعصبين بأنفسهم كما مر في الفرائض دون سائر الورثة ومن يعصبهم العاصب لأنه لا يورث كما مر فلو انتقل إلى غيرهم لكان موروثا .
تنبيه : .
ظاهر كلامه أن الولاء لا يثبت للعاصب مع وجود المعتق وليس مرادا بل هو ثابت لهم في حياته وهو قضية قول الشيخين فيما إذا مات العتيق وهو مسلم والمعتق حر كافر وله ابن مسلم فميراثه للابن المسلم ولو قلنا لا يثبت لكان لبيت المال بل المتأخر لهم عنه إنما هو فوائده .
وكان ينبغي للمصنف أن يقيد العصمة بما زدته في كلامه وكأنه استغنى عن ذلك بقوله " ولا ترث امرأة بولاء " فلو كان للمعتق ابن وبنت ورث الذكر دونها .
ثم استثنى من ذلك قوله " إلا من عتيقها " للخبر السابق " وأولاده " وإن نزلوا " وعتقائه " وإن بعدوا .
تنبيه : .
كان ينبغي أن يقول إلا من معتقها أو متتم إليه بنسب أو ولاء لئلا يرد عليه ولد العتيقة الذي علقت به بعد العتق من حر أصلي فإن الأصح أنه لا ولاء لأحد عليه مع دخوله في عبارته .
هذه المسألة قد تقدمت للمصنف في الفراض وذكرها هنا توطئة لقوله " فإن عتق عليها أبوها " كأن اشترته " ثم أعتق عبدا فمات بعد موت الأب بلا وارث " من النسب للأب والعبد " فماله " أي العتيق " للبنت " لا لكونها بنت معتقة لما مر أنها لا ترث بل لأنها معتقة للعتق .
تنبيه : .
محل ميراثها إذا لم يكن للأب عصبة فإن كان كأخ وابن عم فميراث العتيق له ولا شيء لها لأن معتق المعتق متأخر عن عصوبة النسب قال الشيخ أبو علي سمعت بعض الناس يقول أخطأ في هذه المسألة أربعمائة قاض فقالوا إن الميراث للبنت لأنهم رأوها أقرب وهي عصبة له بولائها عليه ووجه الغفلة أن المقدم في الولاء المعتق ثم عصبته ثم معتقه ثم عصباته وهكذا ووارث العبد ههنا عصبة فكان مقدما على معتق معتقه ولا شيء لها مع وجوده وقد مرت الإشارة إلى بعض ذلك في كتاب الفرائض ونسبة غلط القضاة في هذه الصورة حكاه الشيخان .
قال الزركشي والذي حكاه الإمام عن غلطهم فيما إذا اشترى أخ وأخت أباهما فأعتق الأب عبدا ومات ثم مات العتيق فقالوا ميراثه بين الأخ والأخت لأنهما معتقا معتقه وهو غلط وإنما الميراث للأخ وحده .
وقول المصنف بلا وارث يرجع للأب والعبد كما مر وإن ذكره في المحرر بالنسبة إلى الأب .
والولاء لأعلى العصبات .
لما رواه أبو داود وغيره عن عمر و عثمان و علي Bهم الولاء للكبر وهو بضم الكاف وسكون الباء أكبر الجماعة في الدرجة والقرب دون السن مثاله ابن المعتق مع ابن ابنه فلو مات المعتق عن ابنين أو أخوين فمات أحدهما وخلف ابنا فالولاء لعمه دونه وإن كان هو الوارث لأبيه فلو مات الآخر وخلف تسعة بنين فالولاء بين ( 4 / 508 ) العشرة بالسوية .
ومن مسه رق .
فعتق " فلا ولاء عليه " لأحد " إلا لمعتقه وعصبته " فلا ولاء عليه لمعتق أحد من أصوله لأن نعمة من أعتقه عليه أعظم من نعمة من أعتق بعض أصوله فاختص بالولاء .
وصورته إن ولد رقيق رقيقا من رقيق أو حر فأعتق الولد وأعتق أبوه أو أمه وهذا مستثنى من استرسال الولاء على أولاد المعتق وأحفاده .
واستثنى الرافعي صورة أخرى وهي من أبوه حر أصلي فلا يثبت الولاء عليه لموالي الأم على الصحيح لأن الانتساب للأب ولا ولاء عليه فكذا الفرع فإن ابتداء حرية الأب تبطل دوام الولاء لموالي الأم كما سيأتي فدوامها أولى بأن يمنع ثبوتها لهم .
أما عكسه وهو معتق تزوج بحرة أصلية ففي ثبوت الولاء على الولد وجهان أصحهما أنه يثبت تبعا للنسب والثاني لا لأنها أحد الوالدين فحريتها تمنع الولاء على الولد كالأب .
ولا ولاء على ابن حرة أصلية مات أبوه رقيقا فإن عتق أبوه بعد ولادته فهل عليه ولاء تبعا لأبيه أم لا لأنه لم يثبت ابتداء فكذا بعده كما لو كان أبواه حرين وجهان رجح منهما البلقيني وصاحب الأنوار الأول .
ومن ولد بين حرين ثم رق أبواه ثم زال رقهما لا ولاء عليه لأن نعمة الإعتاق لم تشمله لحصول الحرية له قبل ذلك نبه عليه الزركشي أخذا مما يأتي ثم أشار لولاء الانجرار بقوله " ولو نكح عبد معتقة فأتت بولد فولاؤه لمولى الأم " لأنه المنعم عليه فإنه عتق بإعتاق أمه " فإن عتق الأب انجر " الولاء من موالي الأم " إلى مواليه " أي الأب لأن الولاء فرع النسب والنسب إلى الآباء دون الأمهات وإنما ثبت لموالي الأم لعدمه من جهة الأب فإذا أمكن عاد إلى موضعه .
تنبيه : .
معنى الانجرار أن ينقطع من وقت عتق الأب عن موالي الأم فإذا انجر إلى موالي الأب فلم يبق منهم أحد لم يرجع إلى موالي الأم بل يكون الميراث لبيت المال .
ولو لحق موالي الأب بدار الحرب فسبوا هل يعود الولاء لموالي الأم حكى ابن كج في التجريد فيه وجهين وينبغي أن يكون كالمسألة قبلها .
ومحل الانجرار إلى موالى الأب إذا لم يكن معتق الأب هو الابن نفسه فإن اشترى أباه فعتق عليه فالأصح أن ولاء الابن باق لموالي أمه كما سيأتي .
ولو مات الأب رقيقا وعتق الجد انجر .
الولاء من موالي الأم " إلى مواليه " أي الجد لأنه كالأب في النسب والتعصيب فإنه يستقر بذلك ولا يتوقع فيه انجرار .
فإن أعتق الجد والأب رقيق انجر .
الولاء من موالي الأم إلى موالي الجد أيضا لما مر .
فإن أعتق الأب بعده .
أي الجد " انجر " من موالي الجد " إلى مواليه " أي الأب لأن الجد إنما جره لكون الأب كان رقيقا فإذا عتق كان أولى بالحر لأنه أقوى من الجد في النسب وإذا انقرض موالي الأب لا يعود إلى موالي الجد ولا إلى موالي الأم بل يبقى لبيت المال .
وقيل .
لا ينجر إلى موالي الجد بل " يبقى لموالي الأم حتى يموت الأب فينجر إلى موالي الجد " لأنه إنما لم ينجر لبقاء الأب رقيقا فإذا مات زال المانع .
تنبيه : .
المراد بالجد أبو الأب فإن الولاء لا ينجر من معتقي الأم إلى معتق أبي الأم بلا خلاف .
ولو ملك هذا الولد .
الذي ثبت عليه الولاء لموالي أبيه بسبب رق أمه " أباه " وعتق عليه " جر ولاء إخوته " لأبيه من موالي أمهم " إليه " أي الولد قطعا لأن الأب يعتق عليه فيثبت له الولاء عليه وعلى أولاده سواء أكانوا من أمه أم من معتقة أخرى .
وكذا ولاء نفسه .
جر من موالي أمه " في الأصح " في المحرر كإخوته كما لو أعتق الأب غيره ثم سقط ويصير كحر لا ولاء عليه .
قلت .
كما قال الرافعي في الشرح " الأصح المنصوص لا يجره " أي ولاء نفسه من موالي الأم إليه بل يستمر الولاء لهم " والله أعلم " لأنه لو جره لثبت له على نفسه ولا يمكن أن يكون له على نفسه ولاء ( 4 / 509 ) ولهذا لو اشترى العبد نفسه أو كاتبه سيده وأخذ النجوم يعتق ويكون الولاء لسيده .
قال في المهمات والظاهر أن ما وقع في المحرر سهو .
خاتمة لو أعتق عتيق أبا معتقه فلكل منهما الولاء على الآخر .
وإن أعتق أجنبي أختين لأبوين أو لأب فاشتريا أباهما فلا ولاء لواحدة منهما على الأخرى .
ولو خلق حر من حرين أصليين وأجداده أرقاء ويتصور ذلك في نكاح المغرور وفي وطء الشبهة ونحوهما فإذا عتقت أم أمه فالولاء عليه لمعتقها فإن عتق أبو أمه انجر الولاء إلى مولاه لأن جهة الأبوة أقوى واستقر عليه حتى لا يعوذ إلى من انجر إليه كما مر .
ولو عتق كافر مسلما وله ابن مسلم وابن كافر ثم مات العتيق بعد موت معتقه فولاؤه للمسلم فقط ولو أسلم الآخر قبل موته فولاؤه لهما ولو مات في حياة معتقه فميراثه لبيت المال