بالبعضية " إذا ملك أهل تبرع أصله أو فرعه " الثابت النسب " عتق " عليه .
أما الأصول فلقوله تعالى " واخفض لهما جناح الذل من الرحمة " ولا يتأتى خفض الجناح مع الاسترقاق ولما في صحيح مسلم لن يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه أي فيعتقه الشراء لا أن الولد هو المعتق بإنشائه العتق كما فهمه داود الظاهري بدليل رواية فيعتق عليه .
وأما الفروع فلقوله تعالى " وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا إن كل من في السموات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا " وقال تعالى " وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون " دل على نفي اجتماع الولدية والعبدية ( 4 / 500 ) .
تنبيه : .
شمل قوله أصله وفرعه الذكور منهما والإناث علوا أو سفلوا ملكوا اختيارا أو لا اتحد دينهما أو لا لأنه حكم متعلق بالقرابة فاستوى فيه من ذكرناه .
وخرج من عداهما من الأقارب كالإخوة والأعمام فإنهم لا يعتقدون بالملك لأنه لم يرد فيه نص ولا هو في معنى ما ورد فيه النص لانتفاء البعضية عنه .
وأما خبر من ملك ذا رحم محرم فقد عتق عليه فضعيف بل قال النسائي إنه منكر و الترمذي إنه خطأ .
وقال أبو حنيفة و أحمد يعتق كل ذي رحم محرم .
وقال مالك يعتق السبعة المذكورون في آية الميراث .
وقال الأوزاعي يعتق كل قريب محرما كان أو غيره .
وخرج بقولنا الثابت النسب ما لو ولدت المزنى بها ولدا ثم ملكه الزاني لم يعتق عليه وخرج أصله وفرعه من الرضاع فإنه لا يعتق عليه .
والتقييد بأهل التبرع تبع فيه المحرر ولا يصح الاحتراز به عن الصبي والمجنون فإنهما إذا ملكا ذلك عتق عليهما كما سيأتي .
ووقع هنا التقييد في الوجيز فقال الرافعي احترز عن الصبي ونحوه .
قيل كأنه كتبه من غير تأمل .
وقول الشارح لم يقصد لذلك مفهوم ممنوع بل يحترز به عن صور منها المكاتب إذا ملك أصله وفرعه بهبة أو وصية وكان القريب كسوبا بما يقوم بكفاية نفسه فإنه يجوز له قبوله وإذا قبله ملكه ولا يعتق عليه بل يكاتب عليه إذ لو عتق لكان ولاؤه له ولا يتصور الولاء لرقيق .
ومنها ما لو ملك المبعض ببعضه الحر أصله أو فرعه فإنه لا يعتق عليه لتضمنه الإرث والولاء وليس من أهلها وإنما عتقت أم الولد المبعض بموته لأنه حينئذ أهل للولاء لانقطاع الرق .
ومنها ما لو ملك شخص ابن أخيه ثم مات وعليه دين مستغرق وورثه أخوه فقط وقلنا الدين لا يمنع الإرث كما هو الأصح فإن الأخ يملك ابنه ولا يعتق عليه لأنه ليس أهلا للتبرع فيه وإذا كان في المفهوم تفصيلا يرد .
ولو اشترى الحر زوجته الحامل منه عتق عليه الحمل كما قاله الزركشي ولو اشتراها في مرض موته ثم انفصل قبل موته أو بعده لم يرث أي لأن عتقه حينئذ وصية وسيأتي الكلام على ذلك .
وأورد على المصنف صور منها مسائل المريض الآتية .
ومنها ما لو وكله في شراء عبد فاشترى من يعتق على موكله وكان معيبا فإنه لا يعتق عليه قبل رضاه بعيبه .
ولا يشتري .
الولي " لطفل " أو مجنون أو سفيه " قريبه " الذي يعتق عليه أي لا يصح شراؤه له .
ولو قال لمحجوره كان أولى لأنه إنما يتصرف عليه بالغبطة ولا غبطة لأنه يعتق عليه وقد يطالب بنفقته وفي ذلك ضرر عليه .
ولو وهب له .
أي لمن ذكر " أو " و " وصى له " به " فإن كان " الموهوب أو الموصى به " كاسبا " بما يفي بمؤنته " فعلى الولي " ولو وصيا أو قيما " قبوله " إذ لا ضرر عليه مع تحصيل الكمال لأصله ولا نظر إلى احتمال توقع وجوب النفقة بعجز يطرأ لأنه مشكوك فيه والأصل عدمه والمنفعة محققة .
ويعتق .
على الطفل ونحوه لعموم الأدلة السابقة " وينفق " عليه " من كسبه " لاستغنائه عن التقريب .
تنبيه : .
ظاهر كلامه وجوب القبول ولو كان الصبي ونحوه موسرا وهو مشكل فإن الأظهر في النفقات أن من لا يكتسب من الأصول مع القدرة على الكسب تجب نفقته فلو عبر بموجب النفقة وعدمه كما في الروضة وغيرها لا بالكسب وعدمه لكان أولى .
ولو أوصى لطفل مثلا بجده وعمه الذي هو ابن هذا الجد حي موسر لزم الولي قبوله ولو كان الجد غير كاسب إذ لا ضرر عليه حينئذ .
ومن صور الوصية بالأب أن يتزوج عبد بحرة ويولدها ولدا فهو حر ثم يوصي سيد العبد به لابنه .
ومن صور الوصية بالابن أن يتزوج حر أمة فيولدها فالولد رقيق لمالك الأمة ثم يوصي سيد الولد به لأبيه .
وإلا .
بأن يكون القريب كاسبا نظر " فإن كان الصبي " أو نحوه " معسرا وجب " على وليه " القبول " إذ لا ضرر على الصبي أو نحوه حينئذ ولا نظر إلى أنه قد يوسر فتجب عليه نفقته فإن أبى الولي قبل له الحاكم فإن أبى قبل هو الوصية إذا كمل إلا الهبة لفواتها بالتأخير .
قال الأذرعي يشبه أن الحاكم لو أبى عن نظر واجتهاد وكان رأى أن القريب يعجز عن قرب أو أن حرفته كثيرة الكساد فليس له القبول بعد كماله اه " .
وهو ظاهر إن أباه بالقول دون ما إذا سكت " ونفقته " إن لم يكن له من تجب نفقته عليه بزوجية أو قرابة غير الصبي ( 4 / 501 ) أو نحوه " في بيت المال " إن كان مسلما ولأنه من محاويج المسلمين .
أما الكافر فلا حق له فيه ولهذا يقطع لسرقته لكن الإمام ينفق عليه منه عند الحاجة بشرط الضمان ورجح الرافعي نفي الضمان على اللقيط المحكوم بكفره .
أو .
كان الصبي ونحوه " موسرا حرم " على وليه القبول لما فيه من الضرر على الصبي أو نحوه بالإنفاق عليه من ماله .
تنبيه : .
هذا كله إذا وهب له جميع القريب كما هو ظاهر إطلاقه فلو وهب له بعضه وهو كسوب والمحجور عليه موسر لم يقبله الولي لأنه لو قبله ملكه وعتق عليه حينئذ فيسري على المحجور فتجب قيمة نصيب الشريك وهذا ما في الروضة وأصلها وهو المعتمد وإن رجح في تصحيح التنبيه أنه يقبل ويعتق ولا يسري لأن التبعيض للسراية بالاختيار وهو منتف وعلله الماوردي بأنه بالحجر عليه كالمعسر .
ولو ملك .
شخص " في مرض موته قريبه " الذي يعتق عليه " بلا عوض " كأن ورثه أو وهب له " عتق " عليه " من ثلثه " حتى لو لم يكن له غيره لم يعتق إلا ثلثه لأنه دخل في ملكه وخرج بلا مقابل فأشبه المتبرع به وهذا ما رجحه البغوي وتبعه في المحرر .
وقيل .
يعتق عليه جميعه " من رأس المال " وإن لم يملك غيره لأن الشرع أخرجه عن ملكه فكأنه لم يدخل .
وهذا هو الأصح كما صححاه في الشرحين والروضة هنا وفي كتاب الوصايا في مسألة الإرث وقال البلقيني إنه الأصح الذي يقتضيه نص الشافعي على أن المحجور عليها بفلس لو أصدقها أباها عتق عليها ولم يكن للغرماء منه شيء لأنه يعتق ساعة يتم ملكها عليه قال هو المعتمد في الفتوى .
أو .
ملكه في مرض موته " يعوض بلا محاباة " بل بثمن مثله " فمن ثلثه " فلا يعتق منه إلا ما يخرج من الثلث لأنه فوت على الورثة ما بذله من الثمن ولم يحصل لهم في مقابلته شيء وليس للبائع الفسخ بالتفريق لو لم يخرج من الثلث إلا بعضه .
وقوله " ولا يرث " راجع للمسألتين على اعتبار العتق من الثلث لأن عتقه حينئذ وصية ولا يجمع بينها وبين الإرث فالأبعد نقلهما هذا عن الأصحاب وكأنه تفريع على بطلان الوصية للوارث فإن قلنا بصحتها موقوفة على إجازة الورثة أي وهو الصحيح لم يمتنع الجمع بينهما فيحتمل توقف الأمر إليها ويحتمل خلافه أي وهو الظاهر لتعذر إجازته لتوقفها على إرثه المتوقف على عتقه المتوقف عليها يتوقف كل من إجازته وإرثه على الآخر فيمتنع إرثه وهذا خلاف الذي عتق من رأس المال فيرث .
أما إذا اعتبرناه من رأس المال وهو الأصح في المسألة الأولى كما مر ورث على الأصح .
هذا إذا لم يكن على المريض دين " فإن كان عليه دين " مستغرق لما عند الموت " فقيل لا يصح الشراء " لأن تصحيحه يؤدي إلى ملكه ولا يعتق عليه فلم يصح كما لا يصح شراء الكافر العبد المسلم " والأصح صحته " إذ لا خلل فيه " ولا يعتق " منه شيء لأن عتقه يعتبر من الثلث والدين يمنع منه " بل يباع في الدين " ويلغز بهذا فيقال حر موسر اشترى من يعتق عليه ولا يعتق .
وفي معنى هذه الصورة ما لو اشترى المأذون من يعتق على سيده بإذنه وقد ركبه دين التجارة فإنه يصح الشراء ولا يعتق على الأصح في تصحيح التنبيه للمصنف وقد ذكره الرافعي في القراض وعلله بأنه كالمرهون بالديون .
وخرج بالمستغرق ما إذا لم يكن مستغرقا أو سقط عنه بإبراء أو غيره فإنه يعتق إن خرج منه ما بقي بعد وفاء الدين في الأولى أو ثلث الباقي في الثانية أو أجازه الوارث فيهما وإلا عتق منه بقدر ما خرج من ثلث ذلك .
أو .
ملك فيه بعوض " بمحاباة " من البائع كأن اشترى بخمسين وهو يساوي مائة " فقدرها كهبة " فيكون قدر المحاباة وهو خمسون في هذا المثال كالموهوب له فيجيء الخلاف السابق فيما ملكه بلا عوض هل يحسب من الثلث أو من رأس المال .
والباقي .
بعد قدرها يعتبر " من الثلث " جزما .
وخرج بالمحاباة من البائع المحاباة من المريض كأن اشتراه بمائة وهو يساوي خمسين فقدرها تبرع منه فإن استوعب الثلث لم يعتق منه شيء ( 4 / 502 ) وإلا قدمت المحاباة على العتق في أحد أوجه استظهره بعض المتأخرين .
ولو وهب لعبد بعض قريب سيده .
الذي يعتق عليه " فقبل وقلنا يستقل " العبد " به " أي القبول وهو الأصح " عتق " القريب على السيد " وسرى " عليه " وعلى سيده قيمة باقيه " لأن الهبة له هبة لسيده وقبوله كقبول سيده .
هذا ما جزم به الرافعي هنا وصوبه في المهمات ولهذا صححوا أن السيد يحلف على البت في نفي فعل عبده .
وقال في الروضة ينبغي أنه لا يسري لأنه دخل في ملكه قهرا كالإرث .
وفيها كأصلها في كتاب الكتابة تصحيحه واعتمده البلقيني وقال ما في المنهاج وجه ضعيف غريب لا يلتفت إليه اه " .
وهذا هو الظاهر .
تنبيه : .
هذا إذا لم يكن العبد مبعضا ولا مكاتبا فإن كان مبعضا وكان بينه وبين سيده مهايأة فإن كان في نوبة الحرية فلا عتق أو في نوبة الرق فكالقن أو لم يكن بينهما مهايأة فما يتعلق بالحرية لا يملكه السيد وما يتعلق بالرق فيه ما مر .
وإن كان مكاتبا لم يعتق من موهوبه شيء ما دامت الكتابة قائمة فإن عجز نفسه بغير اختيار السيد ذلك الجزء ولم يسر وإن عجزه السيد فالأصح لا سراية أيضا لأنه إنما قصد التعجيز والملك حصل ضمنا وقد مرت الإشارة إليه وخالف في ذلك البلقيني