بمعنى الإعتاق وهو لغة مأخوذ من قولهم عتق الفرس إذا سبق وعتق الفرخ إذا طار واستقل فكأن العبد إذا فك من الرق خلص واستقل .
وشرعا إزالة الرق عن الآدمي .
والأصل في الباب قوله تعالى " فك رقبة " وقوله تعالى " وإذ تقول للذي أنعم الله عليه " أي بالإسلام " وأنعمت عليه " أي بالعتق كما قاله المفسرون في غير موضع " فتحرير رقبة " .
وفي الصحيحين من أعتق رقبة مؤمنة أعتق الله بكل عضو منها عضوا من أعضائه من النار حتى الفرج بالفرج وفي سنن أبي داود أن النبي A قال من أعتق رقبة مؤمنة كانت فداءه من النار .
وخصت الرقبة بالذكر في هذين الخبرين لأن ملك السيد الرقيق كالغل في رقبته فهو محتبس به كما تحبس الدابة بالحبل في عنقها فإذا أعتقه أطلقه من ذلك الغل الذي كان في رقبته " .
فائدة : .
أعتق النبي A ثلاثا وستين نسمة وعاش ثلاثا وستين سنة ونحر بيده في حجة الوداع ثلاثا وستين بدنة وأعتقت عائشة تسعا وستين وعاشت كذلك وأعتق أبو بكر كثيرا وأعتق العباس سبعين وأعتق عثمان وهو محاصر عشرين وأعتق حكيم بن حزام مائة مطوقين بالفضة وأعتق عبد الله بن عمر ألفا واعتمر ألف عمرة وحج ستين حجة وحبس ألف فرس في سبيل الله وأعتق ذو الكراع الحميري في يوم ثمانية آلاف وأعتق عبد الرحمن بن عوف ثلاثين ألفا .
وروى الحاكم عن سلمة أن النبي A قال اللهم اسق عبد الرحمن بن عوف من سلسل الجنة Bهم وحشرنا معهم آمين .
والعتق المنجز من المسلم قربة بالإجماع أما المعلق ففي الصداق من الرافعي أن التعليق ليس عقد قربة وإنما يقصد به حث أو منع أي أو تحقيق خبر بخلاف التدبير وكلامه يقتضي أن تعليقه العاري عن قصد ما ذكر كالتدبير وهو كما قال شيخنا ظاهر .
وأركانه ثلاثة معتق وعتيق وصيغة وقد شرع في الركن الأول فقال " إنما يصح من " مالك " مطلق التصرف " أهل للتبرع والولاء مختارا من وكيل أولى في كفارة لزمت موليه فلا يصح من غير مالك بلا إذن ولا من غير مطلق التصرف من صبي ومجنون ومحجور عليه بسفه أو فلس ولا من مبعض ومكاتب ومكره بغير حق .
وتصور ( 4 / 492 ) الإكراه بحق في البيع بشرط العتق .
ويصح من سكران ومن كافر ولو حربيا ويثبت ولاؤه على عتيقه المسلم سواء أعتقه مسلما أم كافرا ثم أسلم .
ولا يصح عتق موقوف لأنه غير مملوك ولأن ذلك يبطل به حق بقية البطون .
وبما تقرر علم ما في كلام المصنف من الإجحاف .
ويصح تعليقه .
بصفة محققة الوقوع وغيرها كالتدبير لما فيه من التوسعة لتحصل القربة ويصح تعليقه بعوض أيضا .
وقد يفهم من صحة تعليقه أنه لا يفسد بالشروط الفاسدة بخلاف الوقف وبه صرح القفال في فتاويه .
قال الزركشي ومقتضى كلام الرافعي في كتاب الوقف أنه يفسد به وليس كذلك قال في البسيط وكذا وقته نفذ ولغا التوقيت اه " .
وإذا علق الإعتاق على صفة لم يملك الرجوع فيه بالقول ويملكه بالتصرف كالبيع ونحوه وإذا باعه ثم اشتراه لم تعد الصفة وإن علقه على صفة بعد الموت فمات السيد لم تبطل الصفة .
تنبيه : .
كلام المصنف قد يقتضي اعتبار إطلاق التصرف في تعليق الإعتاق وليس مرادا فإنه يصح تعليقه من الراهن المعسر والموسر على صفة توجد بعد الفك أو يحتمل وجودها قبله وبعده وكذا من مالك العبد الجاني التي تعلقت الجناية برقبته ومن المحجور عليه بفلس أو ردة .
و .
تصح " إضافته إلى جزء " معين من الرقيق كيده أو شائع منه كربعه " فيعتق كله " سراية كنظيره في الطلاق وسواء الموسر وغيره لما رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي أن رجلا أعتق شقصا من غلام فذكر ذلك للنبي A فأجاز عتقه وقال ليس لله شريك .
هذا إذا كان باقيه له فإن كان باقيه لغيره فسيذكره المصنف بعد .
وظاهر كلامه أن العتق يقع على الجميع دفعة وهو أحد وجهين في الشرح والروضة بلا ترجيح .
والثاني أنه يقع على ما أعتقه ثم علي الباقي بالسراية وهو الصحيح كما قاله الزركشي كما سبق في الطلاق ولذا حملا كلام المصنف عليه وإن قال الدميري أصحهما يقع على الجميع دفعة واحدة وكأنه عبر عن الكل بالبعض .
ومن فوائد الخلاف أنه لو قال لرقيقه إن دخلت الدار فإبهامك حر فقطع إبهامه ثم دخل فإن قلنا بالتعبير عن الكل بالبعض عتق وإلا فلا .
ومنها ما لو حلف لا يعتق رقيقا أعتق بعض رقيق فإن قلنا بالتعبير عن الكل بالبعض حنث وإلا فلا .
تنبيه : .
أورد على المصنف ما إذا وكل وكيلا في إعتاق عبده فأعتق الوكيل نصفه فقط مثلا فالأصح عتق ذلك النصف فقط كما صححه في أصل الروضة لكن رجح البلقيني القطع بعتق الكل .
واستشكل في المهمات عدم السراية بأن في أصل الروضة أنه لو وكل شريكه في عتق نصيبه فأعتق الشريك النصف الموكل فيه سرى إلى نصيب الموكل قال فإذا حكم بالسراية إلى ملك الغير في العتق الصادر من الوكيل فلأن يسري إلى ملك نفسه أولى فكيف يستقيم الجمع بينهما انتهى " .
قوله وادعياه ليس بشرط بل لو ادعاه أحدهما وسكت الآخر أو نكل كان الحكم كذلك كما مر .
قوله وادعياه ليس بشرط بل لو ادعاه أحدهما وسكت الآخر أو نكل كان الحكم كذلك كما مر .
قوله وادعياه ليس بشرط بل لو ادعاه أحدهما وسكت الآخر أو نكل كان الحكم كذلك كما مر .
قوله وادعياه ليس بشرط بل لو ادعاه أحدهما وسكت الآخر أو نكل كان الحكم كذلك كما مر .
قوله وادعياه ليس بشرط بل لو ادعاه أحدهما وسكت الآخر أو نكل كان الحكم كذلك كما مر .
وقد يجاب بأن الوكيل قد خالف موكله فيما مر وكان القياس عدم النفوذ بالكلية لكن لما كان الشارع متشوفا إلى العتق نفذناه فيما أعتقه الوكيل ولم تترتب السراية على ما يثبت عتقه على خلاف القياس لأن عتق السراية قد لا يقوم مقام المباشرة فيفوت غرض الموكل لأنه قد يوكله في عتقه عن الكفارة فلو نفذنا عتق بعضه بالسراية لما أجزأ عن الكفارة وكان المالك يحتاج إلى نصف رقبة أخرى بخلاف ما إذا قلنا يعتق النصف فقط فإن النصف الآخر يمكن عتقه بالمباشرة عن الكفارة .
وأما المستشكل به فقد وافق الوكيل موكله فيما أذن له فيه فكأنه أعتق ذلك البعض وهو إذا أعتق ذلك البعض بنفسه سرى العتق إلى نصيب شريكه .
والركن الثاني العتق ويشترط فيه أن لا يتعلق به حق لازم غير عتق يمنع بيعه كمستولدة ومؤجر بخلاف ما تعلق به ذلك كوقف كما مر وكرهن على تفصيل مر بيانه .
والركن الثالث الصيغة وهي إما لفظ صريح وإما كناية .
وقد شرع في القسم الأول فقال " وصريحه تحرير وإعتاق " وما تصرف منها ك أنت محرر أو حررتك أو عتيق أو معتق لورودهما في القرآن والسنة منكرين .
ويستوي في ألفاظهما الهازل واللاعب لأن هزلهما جد كما رواه الترمذي وغيره .
وكذا فك رقبة .
وما تصرف منه كمفكوك الرقبة صريح " في الأصح " لوروده في القرآن والثاني هو كناية لاستعماله في العتق وغيره فقد قيل في قوله تعالى " فك رقبة " أي من الأسر وقيل باجتناب المعاصي وورد في ( 4 / 493 ) الحديث فك الرقبة أن تعين في ثمنها .
تنبيه : .
كان الأولى أن يقول وما اشتق من التحرير والإعتاق والفك فإنه لو قال أنت تحرير أو إعتاق أو فك كان كناية كقوله لزوجته أنت طالق .
فروع لو كان اسم أمته قبل إرقاقها حرة فسميت بغيره فقال لها يا حرة عتقت إن لم يقصد النداء لها باسمها القديم فإن كان اسمها في الحال حرة لم تعتق إلا إن قصد العتق .
وإن أقر بحريته خوفا من أخذ المكس عنه إذا طالبه المكاس به وقصد الإخبار لم يعتق باطنا وقول الإسنوي ولا ظاهرا كما لو قال لها أنت طالق وهو يحلها من وثاق ثم ادعى أنه أراد طلاقها من الوثاق مردود فإن ذلك إنما هو قرينة على أنه إخبار ليس بإنشاء ولا يستقيم كلامه معه إلا إذا كان على ظاهره .
ونظير مسألة الوثاق كما قال شيخنا أن يقال له أمتك قحبة فيقول بل هي حرة فهو قرينة على إرادة الصفة لا العتق .
ولو قال لامرأة زاحمته تأخري يا حرة فبانت أمته لم تعتق وإنما أعتق الشافعي رضي الله تعالى عنه أمته بذلك تورعا .
ولو قال لعبده افرغ من عملك وأنت حر وقال أردت حرا من العمل لم يقبل ظاهرا ويدين .
ولو قال الله أعتق عتق أو أعتقك الله فكذلك كما هو مقتضى كلامهما ورأى البوشنجي أنه كناية لاحتمال الإنشاء والدعاء .
ولو قال أنت حر مثل هذا العبد وأشار إلى عبد آخر له لم يعتق ذلك العبد كما بحثه المصنف لأن وصفه بالعبد يمنع عتقه ويعتق المخاطب فإن قال مثل هذا ولم يقل العبد عتقا كما صوبه المصنف وإن قال الإسنوي إنما يعتق الأول فقط .
ولو قال لرجل أنت تعلم أن عبدي حر عتق بإقراره وإن لم يكن المخاطب عالما بحريته لا إن قال له أنت تظن أو ترى .
ولو قال السيد لضارب عبده عبد غيرك حر مثلك لم يحكم بعتقه لأنه لم يعينه .
ولا يحتاج .
الصريح " إلى نية " لإيقاعه كسائر الصرانح لأنه لا يفهم منه غيره عند الإطلاق فلم يحتج لتقويته بالنية ولأن هزله جد كما مر فيقع العتق وإن لم يقصد إيقاعه .
أما قصد لفظ الصريح لمعناه فلا بد منه ليخرج أعجمي تلفظ بالعتق ولم يعرف معناه .
وما ذكره المصنف من عدم احتياج الصريح لنية معلوم من حكم الصريح وإنما صرح به تميهدا لقوله " ويحتاج إليهما " أي النية " كنايته " بهاء الضمير أي العتق وإن احتفت بها قرينة لاحتمالها غير العتق فلا بد من نية التمييز كالإمساك في الصوم .
وهي .
أي الكناية " لا ملك لي عليك لا سلطان " لي عليك وكذا في بقية الأمثلة وهي " لا سبيل لا خدمة " لا يد لا أسر ونحوها " أنت " بفتح التاء بخطه " سائبة أنت مولاي " ونحو ذلك كأزلت ملكي أو حكمي عنك لإشعار ما ذكر بإزالة الملك مع احتمال غيره .
تنبيه : .
وقال لعبده يا سيدي هل هو كناية أو لا وجهان رجح الإمام أنه كناية وجرى عليه ابن المقري وهو الظاهر ورجح القاضي و الغزالي أنه لغو لأنه من السؤدد وتدبير المنزل وليس فيه ما يقتضي العتق .
وجرى عليه الزركشي وعلله بأنه إخبار بغير الواقع أو خطاب بلفظ ولا إشعار له بالعتق .
ولو قال المصنف هي كقوله كما فعل في الروضة كان أولى لئلا يوهم الحصر .
قال القاضي الحسين وضابط الكناية هنا كل لفظ يتضمن زوال الملك أو ينبىء عن الفرقة كالأمثلة المتقدمة .
وكذا كل صريح أو كناية للطلاق .
لإشعارها بإزالة قيد الملك .
ويستثنى من ذلك ما لو قال لرقيقه أنا منك طالق أو بائن ونحو ذلك ونوى إعتاقه عبدا كان أو أمة لم يعتق بخلاف نظيره من الطلاق والفرق أن الزوجية تشمل الزوجين والرق خاص بالعبد .
ويستثنى أيضا ما لو قال لعبده اعتد أو استبرىء رحمك ونوى العتق فإنه لا يعتق كما في أصل الروضة في الطلاق ولو قال لأمته فوجهان أصحهما العتق .
تنبيه : .
قوله للطلاق يخرج صرائح وكنايات غيره لكن الظاهر صرائحه وكناياته كناية في العتق وليس صريحا ولا كناية في الطلاق .
ولو قال لعبده يا خواجا لم يعتق قاله المروزي .
وفي الإحياء أن الزهري قال من قال لعبده جزاء الله عتق عليه اه " .
ولعل هذا مذهب الزهري .
وفي الكشاف في سورة يس إذا قال الرجل كل مملوك لي ( 4 / 494 ) قديم حر أو كتب ذلك في وصية عتق منهم من مضى له حول وأكثر لأن القديم هو المحمول اه " .
وقوله لعبد .
له " أنت " بكسر التاء بخطه " حرة ولأمة " له " أنت " بفتح التاء بخطه أيضا " حر صريح " في المسألتين ولا يضر الخطأ في التذكير والتأنيث تغليبا للإشارة على العبارة .
ثم شرع في مشابهة العتق للطلاق في التعويض والتعليق بقوله " ولو قال " شخص لرقيقه " عتقك إليك " أي جعلته " أو خيرتك " في إعتاقك بخاء معجمة من التخيير وعبر في الروضة بقوله حررتك بحاء مهملة من التحرير قال الإسنوي وهو غير مستقيم فإن هذه اللفظة صريحة وصوابه حريتك مصدرا مضافا كاللفظ المذكور قبله وهو العتق .
ونوى تفويض العتق إليه فأعتق نفسه في المجلس عتق .
كما في الطلاق لأن العتق والطلاق يتقاربان فكل ما تقدم هناك يأتي مثله هنا .
تنبيه : .
عبارة المحرر وجعلت عتقك إليك وحذف المصنف العامل يوهم عدم الاحتياج إليه قال البلقيني وهو محتمل .
قال الزركشي وليس كذلك هو لهذا قيدت العامل في عبارة المصنف .
وتعبيره يقتضي اشتراط النية مع التفويض بالصريح لكن صرحا في الطلاق بعدم الاحتياج وإنما يشترط ذلك في التفويض بالكناية فعلى هذا يكون قوله ونوى قيدا في الأخيرة خاصة .
وقوله في المجلس يقتضي أنه لا يشترط الفور لكن ظاهر عبارة الشرح والروضة اشتراطه حيث قالا فأعتق نفسه في الحال عتق واعتذر عن المصنف بأن مراده مجلس التخاطب لا الحضور .
أو .
قال لعبده في الإيجاب " أعتقك على ألف " مثلا في ذمتك " أو أنت حر على ألف فقبل " في الحال .
أو قال له العبد .
في الاستحباب " أعتقني على ألف " مثلا " فأجابه " في الحال " عتق في الحال ولزمه الألف " في الصور الثلاث كالخلع بل أولى لتشوف الشارع إلى تخليص الرقبة دون الفراق فهو من جانب المالك معاوضة فيها شوب تعليق ومن جانب المستدعي معاوضة نازعة إلى الجعالة ولا يقدح كونه تمليكا إذ يغتفر في الضمني ما لا يغتفر في المقصود .
تنبيه : .
قوله في الحال تبع فيه المحرر ولا فائدة له ولهذا لم يذكراه في الشرح والروضة وإنما ذكراه بعد هذه الصورة فيما لو قال أعتقتك على كذا إلى شهر فقيل عتق في الحال والعوض مؤجل .
وصورة مسألة الكتاب أن يكون الألف في الذمة كما قدرته في كلامه فإن كانت معينة ففي فتاوى القفال إذا كان في يد عبده ألف درهم اكتسبها فقال السيد أعتقتك على هذا الألف ففيه ثلاثة أوجه أحدها يعتق ولا شيء على العبد والألف ملك السيد لأنها كسب عبده وثانيها يعتق ويتراجعان بالقيمة كالكتابة الفاسدة وثالثها يعتق والألف ملك السيد ويرجع على العبد بتمام قيمته وهذا هو الظاهر .
ولو أعتقه على خمر أو خنزير عتق وعليه قيمته .
ولو قال .
لرقيقه " بعتك نفسك بألف " في ذمتك حالة أو مؤجلة ترددها بعد حريتك " فقال اشتريت فالمذهب صحة البيع " كالكتابة وأولى لأن البيع أثبت والعتق فيه أسرع .
ويعتق في الحال وعليه الألف .
عملا بمقتضى العقد وهو عقد عتاقة على الأصح لا بيع ولهذا لا يثبت فيه خيار المجلس ولو كان بيعا لثبت فيه .
والولاء لسيده .
لعموم خبر الصحيحين الولاء لمن أعتق وهذا عتق غلب شائبة العتق .
وقيل لا ولاء عليه لأنه عتق على ملك نفسه هذا باعه نفسه جميعا فلو باعه بعض نفسه سرى على البائع إن قلنا الولاء له كما لو أعتقه فإن قلنا لا ولاء له لم يسر كما لو باعه من غيره قاله البغوي في فتاويه .
تنبيه : .
أفهم سكوت المصنف في هذه وما قبلها عن حط شيء أن السيد لا يلزمه شيء وهو المشهور ولا ( 4 / 495 ) خلاف أنه لا يجب شيء في الإعتاق بغير عوض .
ولو قال لرقيقه وهبتك نفسك ونوى العتق عتق أو التمليك فكذلك إن قبل فورا كما اقتضاه كلامهما في باب الكتابة .
ولو قال لحامل .
أي لأمته الحامل بمملوك له " أعتقتك " وأطلق " أو أعتقتك دون حملك عتقا " أي عتقت وتبعها في العتق حملها ولو انفصل بعضه حتى يأتي يومان لأنه كالجزء منها وعتقه بالتبعية لا بالسراية لأن السراية في الأشقاص لا في الأشخاص ولقوة العتق لم يبطل في الأخيرة بخلاف البيع فيها كما مر .
وظاهر عبارته أنهما يعتقان معا لا مرتبا والتعليل يقتضيه لكن قول الزركشي فيما لو أعتقها في مرضه والثلث يفي بها دون الحمل فيحتمل أنها تعتق دونه كما لو قال أعتقت سالما ثم غانما وكان الأول ثلث ماله إذ لا فرق بين أن يرتب هو العتق أن يرتبه الشرع على السبيل التبعية يقتضي الترتيب وهو الظاهر .
تنبيه : .
شمل إطلاقه ما لو قال لها أنت حرة بعد موتي وفيها في الرافعي في باب الوصية وجهان أحدهما لا يعتق الحمل لأن إعتاق الميت لا يسري وأصحهما يعتق لأنه كعضو منها .
ولو أعتقه .
أي الحمل المملوك له " عتق دونها " حكى ابن المنذر فيه الإجماع .
وقيل تعتق بعتقه كعكسه ورد بأن العتق إنما وقع بعتق الأم تبعا لها ولا يقع العتق عليها بعتقه لأن الأصل لا يتبع الفرع وإن أعتقهما عتقا بخلاف البيع في المسألتين كما مر في محله .
تنبيه : .
محل صحة إعتاقه وحده إذا نفخ فيه الروح فإن لم ينفخ فيه الروح كمضغة كأن قال أعتقت مضغتك فهو لغو كما حكاه قبيل التدبير عن فتاوى القاضي وأقراه ولا ينافي ذلك ما قالاه في باب الوصية تجوز الوصية بالحمل كما يجوز إعتاقه ثم الشرطان أن ينفصل لوقت يعلم وجوده عند الوصية وأن ينفصل حيا لأن حكم المشبه لا يعطي حكم المشبه به من غير وجه وأن الوصية لما كانت تصح بالمجهول وبالمعدوم وبالنجس توسعوا فيها فلم يشرطوا في الحمل نفخ الروح بخلاف العتق .
ولو قال مضغة هذه الأمة حرة ففي فتاوى القاضي أنه إقرار بانعقاد الولد حرا وتصير الأم به أم ولد وقال المصنف ينبغي أن لا تصير حتى يقر بوطئها لاحتمال أنه حر من وطء أجنبية بشبهة .
قال البلقيني وهذا غير كاف وصوابه حتى يقر بوطئها وبأن هذه المضغة منه .
قال وقوله مضغة أمتي لا يتعين للإقرار فقد تكون للإنشاء كقوله أعتقت مضغتها أي فلم يصح كما مر .
وما صوبه غير كاف أيضا بل لا بد أن يقول علقت به في ملكي أو نحوه أخذا مما ذكر في الإقرار .
ولو كانت .
تلك الأمة الحامل " لرجل والحمل لآخر " كأن أوصى له به " لم يعتق أحدهما بعتق الآخر " وإن كان المعتق موسرا لأنه لا استتباع مع اختلاف المالكين .
فروع لو قال لأمته الحامل إن ولدت ولدا فهو حر فولدت حيا عتق وإن ولدت ميتا ثم حملت وولدت حيا لم يعتق .
ولو قال ذلك لحائل فحملت ووضعت حيا عتق .
ولو قال لها إن ولدت أولا ذكرا فهو حر وإن ولدت أولا أنثى فأنت حرة فولدت ذكرا ثم أنثى عتق الذكر فقط أو بالعكس عتقت الأم والذكر لأنه حال عتق الأم كان جنينا فتبعها وإن ولدتهما معا أو ذكرين أو أنثيين معا فلا عتق .
ولو قال من دخل الدار أولا من عبيدي فهو حر فدخلها واحد منهم عتق ولو لم يدخلها أحد بعده ولو دخل اثنان ثم ثالث لم يعتق واحد منهم إذ لا يوصف واحد منهم بأنه أول .
وأجيب عما ذكر في المسابقة أن الأول يطلق على المتعدد بأنه لا محذور من الإطلاق ثم إذ لا يلزم المخرج زيادة على المشروط بخلافه هنا إذ لا يلزم عليه زيادة عتق لم يلتزمها فإن كان قال في هذه أول من يدخل وحده حر عتق الثالث ولو قال آخر من يدخلها من عبيدي حر فدخل بعضهم بعد بعض لم يعتق أحد منهم إلى أن يموت السيد فيتبين الآخر .
وإذا كان بينهما .
أي الشريكين سواء كانا مسلمين أم كافرين أم مختلفين " عبد فأعتق أحدهما كله أو نصيبه " أو بعضه بنفسه أو وكيله " عتق نصيبه " ولو كان معسرا " فإن كان معسرا " عند الإعتاق " بقي الباقي " من العبد " لشريكه " ولا يسري لمفهوم الحديث الآتي " وإلا " بأن لم يكن معسرا " سرى " العتق عليه " إليه " أي نصيب شريكه ( 4 / 496 ) والمراد بغير المعسر أن يكون موسرا بقيمة حصة شريكه فاضلا ذلك عن قوته وقوت من تلزمه نفقته في يومه وليلته ودست ثوب يلبسه وسكنى يوم على ما سبق في الفلس ويصرف إلى ذلك كل ما يباع ويصرف في الديون .
أو .
سرى " إلى ما أيسر به " من نصيب شريكه والأصل في ذلك خبر الصحيحين من أعتق شركا له في عبد وكان له مال يبل ثمن العبد قوم العبد عليه قيمة العدل وأعطى شركاءه حصصهم وأعتق عليه العبد وإلا فقد عتق عليه منه ما عتق .
وفي رواية إذا كان العبد بين اثنين فأعتق أحدهما نصيبه وكان له مال فقد عتق كله وأما رواية فإن لم يكن له مال قوم العبد عليه قيمة عدل ثم يستسعى لصاحبه في قيمته غير مشقوق عليه فمدرجة في الخبر كما قاله الحفاظ أو محمولة على أنه يستسعى لشريك المعتق أي يخدمه بقدر نصيبه لئلا يظن أنه يحرم عليه استخدامه .
تنبيه : .
يستثنى من ذلك ما لو كان نصيب الشريك مستولدا بأن استولدها وهو معسر فلا سراية في الأصح لأن السراية تتضمن من النقل .
ويجرى الخلاف فيما لو استولدها أحدهما وهو معسر ثم استولدها الآخر ثم أعتقها أحدهما .
ولو كانت حصة الذي لم يعتق موقوفة لم يسر العتق قولا واحدا قاله في الكفاية وبه شمل إطلاقه ما لو كان العيد بين ثلاثة فأعتق اثنان منهم نصيبهما معا وأحدهما معسر والآخر موسر فإنه يقوم جميع نصيب الذي لم يعتق على هذا الموسر كما جزما به والمريض معسر إلا في ثلث ماله كما سيأتي فإذا أعتق نصيبه من عبد مشترك في مرض موته فإن خرج جميع العبد من ثلث ماله قوم عليه نصيب شريكه وعتق جميعه وإن لم يخرج إلا نصيبه عتق بلا سراية .
وعليه .
أي الموسر على كل الأقوال الآتية " قيمة ذلك " القدر الذي أيسر به " يوم " أي وقت " الإعتاق " لأنه وقت الإتلاف أو وقت سببه كالجناية على العبد إذا سرت لنفسه تعتبر وقت الجناية .
تنبيه : .
للشريك مطالبة المعتق بدفع القيمة وإجباره عليها فلو مات أخذت من تركته فإن لم يطالبه الشريك فللعبد المطالبة فإن لم يطالب طالبه القاضي وإن اختلفا في قدر قيمته فإن كان العبد حاضرا قريب العهد بالعتق ورجع أهل التقويم أو مات أو غاب أو طال العهد صدق المعتق لأنه غارم .
وتقع السراية .
المذكورة " بنفس الإعتاق " فتنتقل الحصة إلى ملك المعتق ثم تقع السراية به ولو حذف المصنف لفظ نفس كما حذفها بعد في قوله إن قلنا السراية بالإعتاق كان أولى .
تنبيه : .
يستثنى من ذلك ما لو كاتبه الشريكان ثم أعتق أحدهما نصيبه فإنا نحكم بالسراية بعد العجز عن أداء نصيب الشريك فإن في التعجيل ضررا على السيد بفوات الولاء .
وفي قول .
قديم تقع السراية " بأداء القيمة " أو الاعتياض عنها لأن في إزالة ملك الشريك قبل أن يحصل العوض إضرارا به فإنه قد يفوت لهرب أو غيره والضرر لا يزال بالضرر فلا يكفي الإبراء كما قاله الماوردي .
و .
في " قول " السراية موقوفة " إن دفعها " أي القيمة " بان أنها " أي السراية " بالإعتاق " لأن حكم بالعتق يضر السيد والتأخير إلى أداء القيمة يضر بالعبد والتوقف أقرب إلى العدل ورعاية الجانبين ولا تخص السراية بالإعتاق .
و .
حينئذ " استيلاد أحد الشريكين الموسر " الأمة المشتركة بينهما " يسري " إلى نصيب شريكه كالعتق بل أولى منه بالنفوذ لأنه فعل وهو أقوى من القول ولهذا ينفذ استيلاد المجنون والمحجور عليه دون عتقهما وإيلاد المرض من رأس المال وإعتاقه من الثلث .
وخرج بالموسر المعسر فلا يسر استيلاده كالعتق .
نعم إن كان الشريك المستولد أصلا لشريكه سرى كما لو استولد الجارية التي كلها له .
وعليه قيمة نصيب شريكه .
للإتلاف بإزالة ملكه .
و .
عليه أيضا " حصته من مهر مثل " للاستمتاع بملك غيره ويجب مع ذلك أرش البكارة لو كانت بكرا وهل يفرد أو يدخل في المهر خلاف اضطراب الترجيح في نظائره والظاهر كما رجحه بعض المتأخرين عدم الدخول .
وهذا إن تأخر الإنزال عن تغييب الحشفة كما هو الغالب وإلا فلا ( 4 / 497 ) يلزمه حصة مهر على الأظهر الآتي لأن الموجب له تغييب الحشفة في ملك غيره وهو منتف .
نعم إن أنزل مع الحشفة وقلنا بما صححه الإمام مع أن الملك ينتقل مع العلوق فقضية كلام الأصحاب كما في المطلب الوجوب .
واحترز المصنف بالموسر عما لو كان معسرا فإن الاستيلاد لا يسري كالعتق فلو استولدها الثاني وهو معسر ففي مستولدتهما لمصادفة ملكه المستقر ويجب على كل منهما نصف مهرها للآخر ويأتي فيه أقوال النقاص .
وتجري الأقوال .
السابقة " في وقت حصول السراية " والعلوق هنا كالإعتاق " فعلى الأول " الأظهر وهو أنها تحصل بنفس العلوق .
و .
على " الثاني " وهو التبين " لا تجب قيمة حصته من الولد " لأنا جعلنا أمه أم ولد في الحال فيكون العلوق في ملكه فلا تجب قيمة الولد .
أما على الثاني القائل بحصول السراية بأداء القيمة فتجب وصححه الإسنوي ونقله عن جزم الرافعي في آخر التدبير .
ولا يسري تدبير .
فلو دبر أحد الشريكين نصيبه لم يسر لأنه ليس بإتلاف بدليل جواز بيعه فلا يقتضي السراية .
ولا يسري أيضا إذا مات لأن الميت معسر .
ولا يسري أيضا من بعضه إلى باقيه فيمن ملكه كله .
ولا يمنع السراية دين مستغرق في الأظهر .
لأنه مالك لما في يده نافذ التصرف فيه ولهذا لو اشترى عبدا وأعتقه نفذ .
والثاني تمنع لأنه في الحقيقة غير موسر .
تنبيه : .
هذا إذا كان من يسري عليه غير محجور عليه فإن حجر عليه بفلس بعد أن علق عتق حصته على صفة ثم وجدت حال الحجر فلا سراية وفي نظيره في حجر السفه يعتق عليه والفرق أن المفلس لو نفذنا عتقه أضررنا بالغرماء بخلاف السفيه .
ولو قال .
أحد الشريكين " لشريكه الموسر إن أعتقت نصيبك فعليك قيمة نصيبي فأنكر " الشريك ولا بينة للمدعي " صدق " المنكر " بيمينه " عملا بالأصل " فلا يعتق نصيبه " إن حلف " ويعتق نصيب المدعي بإقراره إن قلنا " بالراجح من أنه " يسري بالإعتاق " في الحال مؤاخذة له بإقراره " ولا يسري إلى نصيب المنكر " وإن كان المدعي موسرا لأنه لم ينشىء عتقا فهو كما لو قال أحد الشريكين لرجل إنك اشتريت نصيبي فأعتقته فأنكر فإنه يعتق نصيب المدعي ولا يسري ولا يعتق على القولين الآخرين فإن نكل عن اليمين حلف المدعي واستحق القيمة ولم يعتق نصيب المنكر أيضا بهذا اليمين لأن اليمين إنما توجهت عليه لأجل القيمة واليمين المردودة لا تثبت إلا ما توجهت الدعوى نحوه وإلا فلا معنى للدعوى على إنسان أنك أعتقت عبدك وإنما ذلك من وظيفة العبد .
قال الرافعي واحترز بقوله الموسر عن المعسر فإنه إذا أنكر وحلف لم يعتق من العبد شيء فلو اشترى المدعي نصيب المدعى عليه عتق عليه ولا سراية في الباقي .
ولو .
قال " لشريكه " ولو معسرا " إن أعتقت نصيبك فنصيبي حر بعد نصيبك فأعتق الشريك " المنقول له نصيبه " وهو موسر سرى إلى نصيب " الشريك " الأول إن قلنا السراية " تحصل " بالإعتاق " وهو الأظهر " وعليه قيمته " أي قيمة نصيب المعلق ولا يعتق التعليق لأنه اجتمع على النصف تعليق وسراية والسراية أقوى لأنها قهرية لا مدفع لها وموجب التعليق قابل للدفع بالبيع ونحوه .
تنبيه : .
قوله بعد نصيبك لا حاجة إليه فإنه لو أطلق قوله فنصيبي حر كان حكمه كذلك وإنما يخالفه أن لو قال قبله .
وقوله إن قلنا السراية بالإعتاق وكذا إن قلنا بالتبين وأديت القيمة .
واحترز بالموسر عن المعسر فلا سراية عليه ويعتق على المعلق نصيبه .
ولو قال .
لشريكه إن أعتقت نصيبك " فنصيبي حر قبله " أي قبل عتق ( 4 / 498 ) نصيبك " فأعتق الشريك " المقول له نصيبه " فإن كان المعلق معسرا عتق نصيب كل " منهما " عنه " المنجز في الحال والمعلق قبله بموجب التعليق ولا سراية .
وعلم من تقييده المعلق بالمعسر أنه لا فرق في الآخر بين المعسر والموسر .
والولاء لهما .
لاشتراكهما في العتق " وكذا إن كان " المعلق " موسرا وأبطلنا الدور " وهو الأصح فيعتق نصيب كل منهما ولا شيء لأحدهما على الآخر .
وإلا .
بأن صححنا الدور كما قاله ابن الحداد " فلا يعتق شيء " على أحد من الشريكين لأنه لو نفذ إعتاق المقول له في نصيبه لعتق نصيب القائل قبله ولو عتق لسرى عليه بناء على ترتيب السراية على العتق ولو سرى لبطل عتقه فيلزم من نفوذه عدم نفوذه .
وفيما ذكر دور وهو توقف الشيء على ما يتوقف عليه أي وجودا وعدما وهو دور لفظي .
تنبيه : .
ولو قال في المسألة نصيبي حر مع عتق نصيبك أو في حال عتق نصيبك فأعتقه وقلنا السراية بالإعتاق ففي الأصح يعتق على كل نصيبه نظرا لاعتبار المعية المانع للسراية .
حادثة سئل السبكي عن رجل مات وترك عبدا فادعت زوجته أنه عوضها إياه من صداقها وأنها أعتقته فهل يعتق ويسري إلى باقيه أو لا فقال يعتق ولا يسري لأن الإقرار بإعتاقه يحتمل أن يكون قبل الموت وبعده .
والأول يقتضي المؤاخذة في نصيبها وعدم السراية والثاني يقتضي السراية فيحمل على المتيقن وهو عدمها وتؤاخذ بإقرارها في إسقاط صداقها .
ولو تعدد المعتق " ولو " مع التفات كأن " كان عبد " مشتركا بين ثلاثة " لرجل " منهم " نصفه ولآخر ثلثه ولآخر سدسه فأعتق الآخران " بكسر الخاء بخطه " نصيبهما " بالتثنية كأن تلفظا بالعتق " معا " بحيث لم يسبق أحدهما بالفراغ منه أو وكلا وكيلا فأعتقه بلفظ واحد أو علقاه على صفة واحدة كدخول الدار وهما موسران " عتقا " بقدر الواجب " فالقيمة " للنصف الذي سرى العتق " عليهما نصفان " على عدد رؤوسهما لا على قدر الحصص " عى المذهب " لأن ضمان التلف يستوي فيه القليل والكثير كما لو مات من جراحاتهما المختلفة وكما لو وضع رجلان في ماء لغيرهما نجاسة فإنه يستويان في ضمانه وإن كان أحدهما قد وضع فيه جروا والآخر جروين .
وفي قول من الطريق الثاني القيمة عليهما على قدر الملكين كما في نظيره في الشفعة .
وفرق الأول بأن الأخذ بالشفعة من فوائد الملك ومرافقه كالثمرة وهذا سبيله سبيل ضمان المتلف .
تنبيه : .
محل الخلاف إذا كانا موسرين بقدر الواجب كما قدرته في كلامه فإن كان أحدهما موسرا فقط قوم إليه نصيب الثالث قطعا فإن كانا موسرين بدون الواجب سرى إلى ذلك القدر بحسب يسارهما فإن تفاوتا في اليسار سرى على كل منهما بقدر ما يجب .
وإنما ضبط المصنف الآخران بكسر الخاء ليوافق قول المحرر فأعتق الثاني والثالث وإلا فلو قال فأعتق اثنان منهما كما في الروضة وغيرها كان الحكم كذلك .
وشرط السراية .
أي شروطها أربعة ولو عبر به كان أولى لئلا يوهم الحصر فيما ذكره فإنه لم يستوفها كما ستراه .
أحدها " إعتاقه " أي المالك ولو بنائبه " باختياره " كشراء حر أصله أو فرعه وقبول هبته أو الوصية به .
تنبيه : .
ليس المراد بالاختيار مقابل الإكراه بل المراد السبب في الإعتاق ولا يصح الاحتراز بالاختيار عن الإكراه لأن الكلام فيما يعتق فيه الشقص والإكراه لا عتق فيه أصلا .
وخرج باختياره ما ذكره بقوله " فلو ورث بعض ولده " وإن سفل أو بعض أصله وإن علا " لم يسر " عليه عتقه إلى باقيه لأن التقويم سبيله سبيل ضمان المتلفات وعند انتفاء الاختيار لا صنع منه يعد إتلافا وما لو عجز مكاتب اشترى جزء بعض سيده فإنه يعتق عليه ولم يسر ( 4 / 499 ) سواء أعجز بتعجيز نفسه أم بتعجيز سيده لعدم اختيار السيد .
فإن قيل هو مختار في الثانية .
أجيب بأنه إنما قصد التعجيز والملك حصل ضمنا .
وما لو اشترى أو انهب المكاتب بعض ابنه أو أبيه وعتق بعتقه لم يسر لأنه لم يعتق باختياره بل ضمنا .
وما لو ملك شخص بعض ابن أخيه وباعه بثوب مثلا ومات فورثه أخوه ورد الأخ الثوب بعيب وجده فيه واسترد البعض عتق عليه ولم يسر كما هو مقتضى كلام الروضة ك الرافعي قبيل الخاصة الثالثة لأن المقصود فيه رد الثوب لا استرداد البعض .
وصوبه الزركشي ولكن المصحح في الروضة هنا السراية وجرى عليه ابن المقري وهو الذي يظهر ترجيحه لأن تسبب في ملكه بالفسخ .
والفرق بينه وبين ما مر في تعجيز السيد مكاتبه بأن الرد يستدعي حدوث ملك فأشبه الشراء بخلاف التعجيز .
وما لو رد عليه ذلك البعض بعيب فإنه لم يسر لأنه قهري كالإرث .
وما لو أوصى لزيد مثلا ببعض ابن أخيه فمات زيد قبل القبول وقتله الأخ عتق عليه ذلك البعض ولم يسر لأنه بقبوله يدخل البعض في ملك مورثه ثم ينتقل بالإرث .
ثاني شروط السراية أن يكون له يوم الإعتاق مال يفي بقيمة الباقي أو بعضه كما مر ويباع فيها ما يباع في الدين من مسكن وخادم وغيرهما على ما مر في الفلس .
وإن كان المعتق مديونا واستغرقت الديون ماله كما مر في كلام المصنف حتى يضارب الشريك بقيمة نصيبه مع الغرماء فإن أصابه بالمضاربة ما يفي بقيمة نصيبه فذاك وإلا أخذ حصته ويعتق جميع العبد بناء على حصول السراية بنفس الإعتاق فلا يسري على معسر .
والمريض .
أيضا " معسر إلا في ثلث ماله " فإنه إذا عتق في مرض موته نصيبه ولم يخرج من الثلث غيره فلا سراية فإن خرج نصيبه وبعض نصيب شريكه فلا سراية في الباقي .
والميت .
أيضا " معسر " مطلقا " فلو أوصى " أحد شريكين في رقيق " بعتق نصيبه " منه فأعتق بعد موته " لم يسر " إلى باقيه وإن خرج كله من الثلث لانتقال المال غير الموصى به إلى الوارث .
ثالث شروط السراية أن يكون محلها قابلا للنقل فلا سراية في نصيب حكم بالاستيلاد فيه ولا إلى الحصة الموقوفة ولا إلى المنذور إعتاقه ونحوه مما لزم إعتاقه بموت المريض أو المعلق على صفة بعد الموت إذا كان أعتق بعد الموت .
ولو استولد أحد شريكين نصيبه معسرا ثم أعتقه وهو موسر سرى إلى نصيب شريكه وقول الزركشي نقلا عن القاضي أبي الطيب لا يسري إليه بعكسه ممنوع .
ويسري العتق إلى بعض مرهون وإلى بعض مدبر وإلى بعض مكاتب عجز عن أداء نصيب الشريك .
رابع شروط السراية أن يعتق نصيبه أولا ليعتق ثم يسري العتق إلى نصيب شريكه فلو أعتق نصيب شريكه لغا إذ لا ملك ولا تبعية فلو أعتق نصيبه بعد ذلك سرى إلى حصة شريكه .
وإن أعتق نصف المشترك وأطلق فهل يقع العتق على النصف شائعا لأنه لم يخصه يملك نفسه أو على ملكه فقط لأن الإنسان إنما يعتق ما يملكه وجهان أرجحهما الثاني كما جزم به صاحب الأنوار كما في البيع والإقرار .
وعلى كلا التقديرين لا يعتق جميعه إلا إن كان المعتق موسرا .
قال الإمام ولا يكاد يظهر لهذا الخلاف فائدة إلا في تعليق طلاق أو عتق .
تتمة أمة حامل من زوج اشتراها ابنها الحر وزوجها معا وهما موسران فالحكم كما لو أوصى سيدها بها لهما وقبلا الوصية معا فتعتق الأمة على الابن والحمل يعتق عليهما ولا يقوم