في العقود وغيرها وأشار للأول بقوله إذا " قال " واحد " آجرتك هذا البيت " في هذه الدار شهر كذا " بعشرة فقال " الآخر " بل " آجرتني " جميع الدار " المشتملة عليه " بالعشرة وأقاما " بما قالاه " بينتين " وأطلقتا أو اتفق تاريخهما وكذا إن اختلف واتفقا على أنه لم يجر إلا عقد واحد " تعارضتا " لتكاذبهما فيسقطان على الأصح لأن العقد واحد وعلى القول بالاستعمال يقرع على الأصح ولا تأتي القسمة لأن التنازع هنا في العقد وهو لا يمكن أن يقسم بخلاف الملك ولا الوقف أيضا لأن المنافع تفوت في مدة التوقف .
وفي قول .
من تخريج ابن سريج وليس بمنصوص ومحله في غير مختلفتي التاريخ " تقدم بينة المستأجر " لاشتمال بينته على زيادة وهي اكتراء غير البيت .
وأجاب الأول بأن الزيادة المرجحة هي المشعرة بمزيد علم ووضوح حال أحد جانبي ما فيه التنافي كإسناد إلى سبب وانتقال عن استصحاب وأصل الزيادة هنا ليست كذلك وإنما هي زيادة في المشهود به .
أما إذا اختلف تاريخهما ولم يتفقا على عقد واحد كأن شهدت إحداهما أنه أجرى كذا سنة من أول رمضان والأخرى من أول شوال قدم الأسبق في الأصح لأن السابق من العقدين صحيح لا محالة فإنه إن سبق العقد على الدار صح ولغا العقد الوارد على البيت بعد وإن سبق العقد على البيت صح والعقد الوارد على الدار بعده يبطل في البيت وفي باقي الدار خلاف تفريق الصفقة .
ولو ادعيا .
أي كل من اثنين " شيئا في يد ثالث " أنكرهما " وأقام كل منهما بينة أنه اشتراه " من ذلك الثالث " ووزن " بفتح الزاي " له ثمنه " وطالب بتسلم ما اشتراه ذا اليد .
فإن اختلف تاريخ .
كأن شهدت إحدى البينتين أنه اشتراه في رجب والأخرى أنه اشتراه في شعبان " حكم للأسبق " تاريخا لعدم المعارض حال السبق ويطالبه الآخر بالثمن .
تنبيه : .
وزن يتعدى باللام كما استعمله المصنف وبنفسه وهو الأفصح .
وإلا .
بأن اتحد تاريخهما أو أطلقا أو إحداهما " تعارضتا " فعلى الأصح يتساقطان ويحلف لكل منها أنه ما باعه ولا تعارض في الثمنين فيلزمانه .
هذا إذا لم تتعرض البينة لقبض المبيع فإن فرض التعرض له فلا رجوع بالثمن لأن العقد قد استقر بالقبض وليس على البائع عهدة ما يحدث بعده .
ومن شهد للبائع بالملك وقت البيع أو للمشتري الآن أو بنقد الثمن دون الأخرى قدمت شهادتها وإن كانت الأخرى سابقة لأن معها زيادة علم .
تنبيه : .
ما أطلقه في المتن محله حيث لم يصدق البائع أحدهما فإن صدقه فعلى الأصح وهو سقوط البينتين يسلم المدعى به للمصدق .
ثم ذكر المصنف عكس هذه الصورة في قوله " ولو قال كل منهما " أي المتداعيين لثالث " بعتكه " أي الثوب مثلا " بكذا " وهو ملكي " وأقاماهما " أي أقام كل منهما بينة بما قاله وطالبه بالثمن " فإن " لم يمكن الجمع كأن " اتحد تاريخهما تعارضتا " لامتناع كونه ملكا في وقت واحد لهذا وحده ولذاك وحده وسقطتا على الأصح فيحلف لكل منهما يمينا .
وإن اختلف .
تاريخهما ومضى من الزمن ما يمكن فيه العقد الأول ثم الانتقال من المشتري للبائع الثاني ثم العقد الثاني " لزمه الثمنان " لجواز أن يكون اشتراه من أحدهما في التاريخ الأول ثم باعه واشتراه من الآخر في التاريخ الثاني .
أما إذا لم يمض ما يمكن فيه الانتقال فلا يلزمه الثمنان للتعارض .
وكذا إن أطلقتا أو .
أطلقت " إحداهما " وأرخت الأخرى يلزمه أيضا الثمنان " في الأصح " لاحتمال أن يكونا في زمانين ( 4 / 486 ) والثاني يقول بتعارضهما كمتحدي التاريخ لأن الأصل براءة المشتري فلا يلزمه إلا بيقين .
ولو مات .
رجل " عن ابنين مسلم ونصراني فقال كل منهما مات على ديني " فأرثه ولا بينة " فإن عرف أنه كان نصرانيا صدق النصراني " بيمينه لأن الأصل بقاء كفره والمسلم يدعي انتقاله عنه والأصل عدمه .
فإن أقاما بينتين مطلقتين .
بما قالاه فلا تعارض و " قدم المسلم " أي بينته على بينة النصراني لأن مع بينته زيادة علم وهو انتقاله إلى الإسلام والأخرى استصحبت الأصل والناقلة أولى من المستصحبة .
وهذا أصل يستعمل في ترجيح البينات كما تقدم بينة الجرح على التعديل .
وإن قيدت .
بينة المسلم " أن آخر كلامه إسلام وعكسته الأخرى " وهي بينة النصراني بأن قيدت بأن آخر كلامه النصرانية " تعارضتا " لتناقضهما إذ يستحيل موته عليهما فتسقطان وكأن لا بينة فيصدق النصراني بيمينه لأن الأصل بقاء كفر الأب وكذا لو قيدت بينة النصراني فقط .
ويشترط في بينة النصراني بيان ما يحصل به التنصر كثالث ثلاثة وفي اشتراط بيان بينة المسلم كلمة الإسلام وجهان ونقل الأذرعي عن إيراد البندنيجي المنع ثم قال ويظهر أن يكون الأصح الاشتراط سيما إذا لم يكن الشاهد من أهل العلم أو كان مخالفا للقاضي فيما يسلم به الكافر .
وإن .
لم يعرف دينه أي الميت " وأقام كل " منهما " بينة أنه مات على دينه تعارضتا " فكأنه لا بينة وسواء أطلقتا أم قيدتا بمثل ما ذكر أم قيدة بينة النصراني فقط وحينئذ فينظر إن كان المال في يد غيرهما فالقول قوله وإن كان في يدهما فيحلف كل منهما لصاحبه ويجعل بينهما وكذا إن كان في يد أحدهما على الأصح إذ لا أثر لليد بعد اعتراف صاحب اليد بأنه كان للميت وأنه يأخذه إرثا .
تنبيه : .
هذا التعارض بالنسبة إلى الإرث خاصة وأما بالنسبة للدفن وغيره فإنه يدفن في مقابر المسلمين ويصلى عليه ويقول المصلي أصلي عليه إن كان مسلما كما لو اختلط موتى المسلمين بموتى الكفار .
ولو مات نصراني عن ابنين مسلم ونصراني فقال المسلم .
أنا " أسلمت بعد موته فالميراث " مشترك " بيننا فقال النصراني بل " أسلمت " قبله " فلا ميراث لك بل هو لي " صدق المسلم بيمينه " لأن الأصل استمراره على دينه سواء اتفقا على وقت موت الأب أم أطلقا .
وإن أقاماهما .
أي أقام كل منهما بينة بما قالاه " قدم النصراني " أي النصراني بينته لأنها ناقلة وبينة المسلم مستصحبة لدينه فمع الأول زيادة علم .
تنبيه : .
محل تقديم بينة النصراني ما إذا لم تشهد بينة المسلم بأنها كانت تسمع تنصره إلى ما بعد الموت وإلا فيتعارضان وحينئذ يصدق المسلم بيمينه .
قال البلقيني ومحله أيضا إذا لم تشهد بينة المسلم بأنها علمت منه دين النصرانية حين موت أبيه وبعده وأنها لم تستصحب فإن قالت ذلك قدمت بينة المسلم لأنا لو قدمنا بينة النصراني للزم أن يكون مرتدا حالة موت أبيه والأصل عدم الردة .
فلو اتفقا على إسلام الابن في رمضان وقال المسلم مات الأب في شعبان .
فالميراث بيننا " وقال النصراني " بل مات " في شوال " فالميراث لي ولا بينة " صدق النصراني " بيمينه لأن الأصل بقاء الحياة .
وتقدم بينة المسلم .
التي أقامها " على بينته " أي النصراني التي أقامها لأن بينة المسلم ناقلة من الحياة إلى الموت في شعبان والأخرى مستصحبة للحياة إلى شوال .
نعم إن شهدت بينة النصراني بأنها عاينته حيا ( 4 / 487 ) بعد الإسلام تعارضتا كما في الروضة وأصلها وحينئذ فيصدق المسلم بيمينه .
ولو مات .
رجل " عن أبوين كافرين وعن ابنين مسلمين " ومثلهما الابن الواحد وابن الابن والبنت وبنت الابن " فقال كل " من الفريقين " مات على ديننا صدق الأبوان باليمين " لأن الولد محكوم بكفره في الابتداء تبعا للأبوين فيستصحب حتى يعلم خلافه .
وفي قول .
وليس منصوصا بل من تخريج ابن سريج " يوقف " الأمر حتى " يتبين أو يصطلحوا " على شيء لتساوي الحالين بعد البلوغ لأن التبعية تزول بالبلوغ .
تنبيه : .
لو انعكس الحال فكان الأبوان مسلمين والابنان كافرين وقال كل ما ذكر فإن عرف للأبوين كفر سابق وقالا أسلمنا قبل بلوغه أو أسلم هو أو بلغ بعد إسلامنا وقال الابنان لا ولم يتفقوا على وقت الإسلام في الثالثة فالمصدق الابنان لأن الأصل البقاء على الكفر .
وإن لم يعرف لهما كفر سابق أو اتفقوا على وقت الإسلام في الثالثة فالمصدق الأبوان عملا بالظاهر في الأولى ولأن الأصل بقاء الصبا في الثالثة .
فرع لو مات لرجل .
ابن زوجة ثم اختلف هو وأخو الزوجة فقال هو ماتت قبل الابن فورثتها أنا وابني ثم مات الابن فورثته وقال أخوها بل ماتت بعد فورثت الابن قبل موتها ثم ورثتهما أنا ولا بينة صدق الأخ في مال أخته والزوج في مال ابنه بيمينها .
فإن حلفا أو نكلا لم يرث ميت من ميت .
فمال الابن لأبيه ومال الزوجة بين الزوج والأخ .
فإن أقاما بينتين بذلك تعارضتا .
فإن اتفقا على موت واحد منهما يوم الجمعة مثلا واختلفا في موت الآخر قبله أو بعده صدق من ادعاه بعد لأن الأصل بقاء الحياة فإن أقام بينتين بذلك قدم بينة من ادعاه قبل لأنها ناقلة .
ولو قال ورثة ميت لزوجته كنت أمة ثم عتقت بعد موته أو كنت كافرة ثم أسلمت بعد موته وقالت هي بل عتقت أو أسلمت قبل صدقوا بأيمانهم لأن الأصل بقاء الرق والكفر .
وإن قالت لم أزل حرة أو مسلمة صدقت بيمينها دونهم لأن الظاهر معها .
ولو شهدت .
بينة على شخص " أنه أعتق في مرضه " الذي مات فيه " سالما و " بينة " أخرى " أنه أعتق في مرضه المذكور " غانما وكل واحد " منهما " ثلث ماله " ولم تجز الورثة ما زاد عليه .
فإن اختلف .
للبينتين " تاريخ قدم الأسبق " منهما تاريخا لأن التصرف المنجز في مرض الموت يقدم فيه الأسبق فالأسبق ولأن معها زيادة علم .
وإن اتحد .
تاريخهما " أقرع " بينهما لعدم مزية أحدهما فإن كان أحدهما سدس المال وخرجت القرعة له عتق هو ونصف الآخر وإن خرجت للآخر عتق وحده .
وإن أطلقتا .
أو إحداهما " قيل يقرع " بينهما لاحتمال المعية والترتيب .
وفي قول .
من طريق " يعتق من كل نصفه " لاستوائهما والقرعة ممتنعة لأنا لو أقرعنا لم نأمن أن يخرج الرق على السابق فيلزمه منه إرقاق حر وتحرير رقيق ولذا قال المصنف " قلت المذهب يعتق من كل نصفه والله أعلم " ولو قال قلت المذهب الثاني لكان أخصر .
ولو شهدت بينتان بتعليق عتقهما بموته أو بالوصية بإعتاقهما وكل واحد ثلث ماله ولم تجز الورثة أقرع سواء أطلقتا أو إحداهما أم أرختا .
ولو شهد أجنبيان أنه أوصى بعتق سالم وهو ثلثه .
أي ثلث ماله " و " شهد " وارثان " عدلان " حائزان " للتركة " أنه رجع عن ذلك ووصى بعتق غانم وهو ثلثه ثبت " بشهادتهما الرجوع عن عتق سالم وثبوت العتق " لغانم " لأنهما أثبتا الرجوع عن الوصية بسالم بدلا يساويه فلا تهمة ولا نظر إلى تبديل الولاء وكون الثاني أهدى لجمع المال فيورث عنه لبعد هذا الاحتمال .
وخرج بثلثه ما لو كان غانم دونه كالسدس فلا تقبل شهادة الوارثين في القدر ( 4 / 488 ) الذي لم يعينا له بدلا وهو نصف سالم وفي الباقي خلاف تبعيض الشهادة فعلى ما صححه الأصحاب من صحة التبعيض يعتق نصف سالم مع كل غانم والمجموع قدر الثلث .
فإن كان الوارثان .
الحائزان " فاسقين لم يثبت الرجوع " عن الوصية لسالم لعدم قبول شهادة الفاسق " فيعتق سالم " بشهادة الأجنبيين لأن الثلث يحتمله ولم يثبت الرجوع فيه .
و .
يعتق " من غانم " قدر ما يحتمله " ثلث ماله بعد سالم " وكأن سالما هلك أو غصب من التركة مؤاخذة للورثة بإقرارهم .
تنبيه : .
لو لم يتعرضا للرجوع أقرع بينهما نعم إن كانا فاسقين عتق غانم وثلثا سالم كما بحثه بعض المتأخرين .
تتمة لو قال السيد لعبده إن قتلت أو إن مت في رمضان فأنت حر فأقام العبد بينة بأنه قتل في الأولى أو بأنه مات في رمضان في الثانية وأقام الوارث بينة بموته حتف أنفه في الأولى وبموته في شوال في الثانية قدمت بينة العبد لأن معها زيادة علم بالقتل في الأولى وبحدوث الموت في رمضان في الثانية ولا قصاص في الأولى لأن الوارث منكر للقتل فإن أقام الوارث بينة في الثانية بموته في شعبان قدمت بينته لأنها ناقلة .
وإن علق عتق سالم بموته في رمضان أو في مرضه وعلق عتق غانم بموته في شوال أو بالبرء من مرضه فأقاما بينتين بموجب عتقهما فهل يتعارضان كما قاله ابن المقري أو تقدم بينة سالم كما قاله صاحب الأنوار أو بينة غانم كما استظهره شيخنا أوجه أظهرها آخرها