والتغليظ فيه وفي ضابط الحالف " تغلظ " ندبا " يمين مدع " اليمين المردودة أو مع الشاهد واليمين " و " تغلظ ندبا أيضا يمين " مدعى عليه " وإن لم يطلب الخصم تغليظها " فيما ليس بمال ولا يقصد به مال " كنكاح وطلاق ولعان وقود وعتق وإيلاد ووصاية ووكالة .
قال الغزالي التغليظ يجري في كل حالة خطر مما لا يثبت برجل وامرأتين اه " .
فإن قيل يرد على هذا الولادة والرضاع وعيوب النساء فإنها تثبت برجل وامرأتين ويجري فيها التغليظ .
أجيب بأنه ليس قبول شهادة الرجل والمرأتين والنساء المتمحضات لقلة خطرها بل لأن الرجال لا يطلعون عليها غالبا وقد صرح الشيخان بهذا الجواب بالنسبة إلى شهادة النساء المتمحضات لقلة خطرها بل لأن الرجال لا يطلعون عليها غالبا وقد صرح الشيخان بهذا الجواب بالنسبة إلى شهادة النساء المتمحضات .
والمعنى في التغليظ أن اليمين موضوعة للزجر عن التعدي فشرع التغليظ مبالغة وتأكيدا للردع فاختص بما هو متأكد في نظر الشرع كهذه المذكورات .
بل يحلفه المدعي أنه لا يلزمه التسليم .
للعين المدعاة " إن لم يكن بينة " بها رجاء أن يقر أو ينكل فيحلف المدعي وتثبت له العين في الأولتين وفيما لو أضافها لغير معين والبدل للحيلولة في غير ذلك .
وتوقف الإمام في الوكالة وقال التغليظ فيها إنما يكون فيما يعظم خطره والوكالة في درهم لا تزيد على ملك الدرهم فلا يبعد منع التغليظ فيها ولكن إطلاق الأصحاب كما ذكرناه اه " .
وفي مال يبلغ نصاب زكاة .
لا فيما دونه لأنه الموصوف في نظر الشرع ولذلك أوجب المواساة فيه .
نعم للقاضي ذلك فيما دون النصاب إن رآه لجراءة يجدها في الحالف .
تنبيه : .
قضية كلام المصنف التغليظ في أي نصاب كان من نعم ونبات وغيرهما وهو وجه حكاه الماوردي ويلزم عليه التغليظ في خمسة أوسق من شعير وذرة وغيرهما لا يساوي خمسين درهما والذي في الروضة وأصلها اعتبار عشرين مثقالا ذهبا أو مائتي درهم فضة تحديدا والمنصوص في الأم والمختصر اعتبار عشرين دينار عينا أو قيمة وقال البلقيني إنه المعتمد حتى لو كان المدعى به من الدراهم اعتبر بالذهب اه " .
والأوجه كما قاله شيخنا اعتبار عشرين ( 4 / 473 ) دينارا أو مائتي درهم أو ما قيمته أحدهما وحقوق الأموال كالخيار والأجل .
وحق الشفعة إن تعلقت بمال هو نصاب غلظ فيها وإلا فلا .
واحتج للتغليظ بما رواه الشافعي والبيهقي عن عبد الرحمن بن عوف أنه رأى قوما يحلفون بين المقام والبيت فقال أعلى دم فقالوا لا فقال أفعلى عظيم من المال قالوا لا قال خشيت أن يتهاون الناس بهذا المقام .
ويستوى فيه يمين المدعى عليه والمدعي ولو مع شاهد كما مر وقد يقتضي الحال التغليظ من أحدهما دون الآخر كعبد خسيس لا تبلغ قيمته نصاب الزكاة ادعى على سيده عتقا أو كتابة فأنكر ونكل فتغلظ اليمين على العبد لأن مدعاه ليس بمال لا على سيده إذا حلف لأن قصده استدامة مال قليل وتغلظ في الوقف إن بلغ نصابا على المدعي والمدعى عليه .
وأما الخلع بالقليل من المال إن ادعاه الزوج وأنكرت الزوجة وحلف أو نكلت وحلف هو فلا تغليظ على واحد منهما وإن ادعته وأنكر وحلف أو نكل وحلفت هي غلظ عليهما لأن قصدها الفراق وقصده استدامة النكاح .
أما الخلع بالكثير فتغلظ فيه مطلقا ولا تغلظ على حالف أنه لا يحلف يمينا مغلظة بناء على أن التغليظ مستحب ولو كان حلفه بغير الطلاق كما هو قضية النص وإن قيده في الروض كأصله بالطلاق " وسبق بيان التغليظ " بالزمان والمكان وحضور جمع " في " أثناء كتاب " اللعان " لكن لا يغلظ هنا بحضور جمع كما صوبه في زيادة الروضة .
تنبيه : .
قضية كلامه انحصار التغليظ فيما سبق وليس مرادا بل يندب التغليظ بزيادة الأسماء والصفات أيضا كأن يقول والله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم الذي يعلم السر والعلانية أو بالله الطالب الغالب المدرك المهلك الذي يعلم السر وأخفى كذا قالاه تبعا لجمع من الأصحاب .
فإن قيل هذا لا يجوز لأن صفات الله تعالى لا بد فيها من توقيف ولم يرد توقيف في الطالب الغالب .
أجيب بأن هذا من قبل أسماء المفاعلة الذي غلب فيه معنى الفعل دون الصفة فالتحق بالأفعال وإضافة الأفعال إلى الله تعالى لا تتوقف على توقيف ولذلك توسع الناس في ذلك في تحميداتهم وتمجيداتهم وغيرها .
قال الأذرعي والأحوط اجتناب هذه الألفاظ ولهذا لم يذكره الشافعي وكثير من الأصحاب اه " .
وهو كما قال .
واستحب الشافعي والأصحاب Bهم أن يقرأ على الحالف " إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا " الآية ويحضر المصحف ويوضع في حجر الحالف قال الشافعي وكان ابن الزبير ومطرف قاضي صنعاء يحلفان به وهو حسن وعليه الحكام باليمين .
وقال Bه في باب كيفية اليمين من الأم وقد كان من حكام الآفاق من يستحلف على المصحف وذلك عندي حسن .
وقال القاضي الحسين وهذا التغليظ مستحب .
هذا إذا كان الحالف مسلما فإن كان يهوديا حلفه القاضي بالله الذي أنزل التوراة على موسى ونجاه من الغرق أو نصرانيا حلفه بالله الذي أنزل الإنجيل على عيسى أو مجوسيا أو وثنيا حلفه بالله الذي خلقه وصوره .
قال الدارمي ولا يحلفهم بما يجهل كقوله والله الذي أرسل كذا أو أنزل كذا لرسول وكتاب لا يعرفهما .
ويستثنى من إطلاق المصنف المريض الذي به مرض شاق والزمن والحائض والنفساء فلا يغلظ عليهم بالمكان لعذرهم .
ولا يجوز لقاض أن يحلف أحدا بطلاق أو عتق أو نذر كما قاله الماوردي وغيره .
قال الشافعي ومتى بلغ الإمام أن قاضيا يستحلف الناس بطلاق أو عتق أو نذر عزله عن الحكم لأنه جاهل .
وقال ابن عبد البر لا أعلم أحدا من أهل العلم يرى الاستحلاف بذلك .
ثم شرع في كيفية اليمين بقوله " ويحلف " الشخص " على البت " بمثناة فوقية وهو القطع والجزم " في فعله " إثباتا كان أو نفيا لأنه يعلم حال نفسه ويطلع عليها فيقول في البيع والشراء في الإثبات والله لقد بعت بكذا أو اشتريت بكذا وفي النفي والله ما بعت بكذا ولا اشتريت بكذا .
تنبيه : .
قضية التوجيه بما ذكر أنه لو صدر الفعل منه في جنونه أو إغمائه أو سكره الطافح وتوجهت اليمين عليه بعد كماله أنه لا يحلف على البت قال ابن شهبة ولم أره منقولا اه " .
والظاهر أنهم جروا في ذلك على الغالب .
وكذا فعل غيره .
يحلف فيه أيضا على البت " إن كان إثباتا " كبيع وإتلاف وغصب لأنه يسهل الوقوف عليه كما ( 4 / 474 ) أنه يشهد به .
وإن كان نفيا .
مطلقا " فعلى " أي يحلف على " نفي العلم " أي أنه لا يعلم فيقول والله ما علمت أنه فعل كذا لأن النفي المطلق يعسر الوقوف عليه ولا يتعين فيه ذلك فلو حلف على البت اعتد به كما قاله القاضي أبو الطيب وغيره لأنه قد يعلم ذلك .
تنبيه : .
محل ما ذكر في النفي المطلق أما النفي المحصور فكالإثبات في إمكان الإحاطة به كما في آخر الدعاوى من الروضة فيحلف فيه على البت .
قال الزركشي وظاهر كلام المصنف حصر اليمين في فعله وفعل غيره وقد يكون اليمين على تحقيق موجود لا إلى فعل ينسب إليه ولا إلى غيره مثل أن يقول لزوجته إن كان هذا الطائر غرابا فأنت طالق فطار ولم يعرف فادعت أنه غراب وأنكر وقد قال الإمام إنه يحلف على البت اه " .
قال الشيخان تبعا للبندنيجي وغيره والضابط أن يقال كل يمين فهي على البت إلا على نفي فعل الغير .
وأورد على الضابط المودع إذا ادعى تلف الوديعة فلم يحلف فإن المذهب كما قاله الإمام أن المودع يحلف على نفي العلم .
وقال البلقيني في حواشي الروضة الاختصار المعتبر أن يقال يحلف على البت في كل يمين إلا فيما يتعلق بالوارث فيما ينفيه وكذلك العاقلة بناء على أن الوجوب يلاقي القاتل ابتداء .
ولو ادعى .
على شخص " دينا لمورثه فقال " المدعى عليه " أبرأني " مورثك منه وأنت تعلم ذلك " حلف " المدعي " على نفي العلم بالبراءة " مما ادعاه لأنه حلف على نفي فعل غيره .
تنبيه : .
لا بد أن يقول مع قوله أبرأني منه وأنت تعلم ذلك كما قدرته في كلامه .
قالا وكل ما يحلف المنكر فيه على نفي العلم يشترط في الدعوى عليه التعرض للعلم .
قال البلقيني ومحله إذا علم المدعي أن المدعى عليه يعلم ذلك فإن لم يعلم لم يسعه أن يقول وهو يعلم ذلك ومثل دعوى البراءة دعوى الاستيفاء أو الحوالة أو الاعتياض .
ثم أشار لاستثناء مسألتين من أن الحلف على فعل الغير يكون على النفي بقوله " ولو قال " في الدعوى على سيد بما لا يقبل فيه إقرار العبد عليه كقوله " جنى عبدك علي بما يوجب كذا " وأنكر " فالأصح حلفه " أي السيد " على البت " لأن عبده ماله وفعله كفعله ولذلك سمعت الدعوى عليه .
والثاني على نفي العلم لتعلقه بفعل الغير .
تنبيه : .
محل الخلاف في العبد العاقل فإن كان مجنونا حلف السيد على البت قطعا لأن المجنون كالبهيمة .
قال البلقيني ولو أمر عبده الذي لا يميز أو الأعجمي الذي يعتقد وجوب طاعة السيد في كل ما أمره به فالجاني هو السيد فيحلف قطعا .
قلت .
كما قال الرافعي في الشرح " ولو قال جنت بهيمتك " على زرعي مثلا فعليك ضمانه فأنكر مالكها " حلف على البت قطعا والله أعلم " لأنه لا ذمة لها وضمان جنايتها بتقصيره في حفظها لا بفعلها وهذا أمر يتعلق بنفس الحالف .
تنبيه : .
ما أطلقه من حلف المالك ظاهر إذا كانت وحدها أو في يد مالكها أما إذا كانت في يد غيره ممن يتوجه عليه الضمان بإتلافها كالمستأجر والمستعير والغاصب فالظاهر كما قال الأذرعي وغيره أن الدعوى واليمين عليه دون مالك الرقبة ويحلف على البت أيضا ففي فتاوى ابن الصلاح لو كانت الدابة بيد أجير فالدعوى واليمين عليه ويحلف على القطع فإن فعلها منسوب إليه ولا يشترط في الحلف على البت اليقيم " و " حينئذ " يجوز البت " في الحلف " بظن مؤكد يعتمد " فيه الحالف " خطه أو خط أبيه " مثلا إذا وثق بخطه وأمانته كما قيده في باب القضاء وقد يفهم ذلك من لفظ الظن ويقال لا يحصل الظن إلا إذا كان بهذه الصفة .
تنبيه : .
قضية إطلاق المصنف جواز الحلف اعتمادا على خط نفسه وإن لم يتذكر ولكن الذي في الروضة وأصلها أنه لا يجوز الحلف حتى يتذكر قال في التوشيح وقد يقال لا يتصور الظن المؤكد في حق نفسه ما لم يتذكر ( 4 / 475 ) بخلاف خط الأب اه " .
وظاهر كلام المصنف انحصار ذلك في خطه وخط أبيه وليس مرادا ولهذا زدت مثلا في كلامه إذ نكول خصمه مما يحصل به الظن المؤكد كما جزم به في الروضة وأصلها وإن نازع فيه البلقيني فلو قال كاعتماد خطه إلخ كان أولى .
وتعتبر .
في الحلف " نية القاضي المستحلف " للخصم سواء أكان موافقا للقاضي في مذهبه أم لا لحديث اليمين على نية المستحلف رواه مسلم وحمل على الحاكم لأنه الذي له ولاية الاستحلاف والمعنى فيه أنه لو اعتبرت نية الحالف لبطلت فائدة الأيمان وضاعت الحقوق إذ كل أحد يحلف على ما يقصد فإذا ادعى حنفي على شافعي شفعة الجوار والقاضي يعتقد إثباتها فليس للمدعى عليه أن يحلف على عدم استحقاقها عليه عملا باعتقاده بل عليه اتباع القاضي .
تنبيه : .
كان الأولى للمصنف أن يقول من له ولاية التحليف بدل القاضي ليشمل الإمام الأعظم والمحكم أو غيرهما ممن يصح أداء الشهادة عنده .
قال البلقيني محل ما ذكر إذ لم يكن الحالف محقا لما نواه وإلا فالعبرة بنيته لا بنية القاضي اه " .
ومراده بالمحق على ما يعتقده القاضي فلا ينافيه ما مر فيما لو كان القاضي حنفيا فحكم على شافعي بشفعة الجوار من أنه ينفذ حكمه وأنه إن استحلف فحلف لا يستحق علي شيئا أثم .
أما إذا حلفه الغريم أو غيره ممن ليس له ولاية التحليف أو حلفه من له ذلك بغير طلبه فالعبرة بنية الحالف وكذا لو حلف هو بنفسه ابتداء كما قاله في زيادة الروضة .
فلو ورى .
الحالف في يمينه بأن قصد خلاف ظاهر اللفظ عند تحليف من له ولاية التحليف كقوله لا يستحق علي درهما ولا دينارا ولا أقل من ذلك ولا أكثر فدرهم قبيلة ودينار رجل معروف وماله قبلي ثوب ولا شفعة ولا قميص فالثوب الرجوع والشفعة العبد والقميص غشاء القلب " أو تأول " بأن اعتقد الحالف " خلافها " أي خلاف نية القاضي كحنفي حلف شافعيا على شفعة الجوار فحلف أنه لا يستحقها عليه " أو استثنى " الحالف كقوله عقب يمينه إن شاء الله أو وصل باللفظ شرطا ك إن دخلت الدار " بحيث لا يسمع القاضي " ذلك " لم يدفع " ما ذكر " إثم اليمين الفاجرة " لأن اليمين شرعت ليهاب الخصم الإقدام عليها خوفا من الله تعالى فلو صح تأويله لبطلت هذه الفائدة فإن كل شيء قابل للتأويل في اللغة .
فإن قيل كيف تصوير الاستثناء هنا فإنه لا يصح في الماضي إذ لا يقال والله ما أتلفت أو مالك على شيء إن شاء الله أجيب بأن المراد توجيه الاستثناء إلى عقد اليمين فيكون المعنى تنعقد يميني إن شاء الله تعالى .
أما إذا وجه إلى نفس الفعل فإنه لا يصح لأن الاستثناء إنما يكون في المستقبل كالشرط .
تنبيه : .
محل كون ما ذكر لا يدفع إثم اليمين مقيد بأمرين أحدهما أن يكون الحلف بالله تعالى فإن حلفه القاضي بالطلاق أو العتاق فحلف وورى نفعته التورية وإن كانت حراما حيث يبطل بها حق المستحق لأنه ليس له التحليف بهما كما قاله المصنف في شرح مسلم وقال في المهمات فإن كان القاضي يرى التحليف بالطلاق كالحنفي فحلفه به نفعته التورية كذا ذكره النووي في الأذكار في باب التورية اه " .
ونوزع بأنه ليس في كلام النووي تصويرها بأن يرى القاضي ذلك بل ظاهر كلامه يقتضي أن محله فيمن لا يراه لأنه قال لأنه لا يجوز للقاضي تحليفه بالطلاق فهو كغيره من الناس اه " .
فعلم أن من يراه لا تنفع التورية عنده .
الأمر الثاني أن لا يكون ظالما في نفس الأمر فقد ذكر في الوديعة أن الظالم إذا طلب منه الوديعة فينكر فإن اكتفى باليمين فليحلف ولا إثم عليه ولو قدر على التورية كما هو مقتضى كلامهم ومثله لو ادعى على المعسر فقال لا يستحق علي ونوى بالاستحقاق التسليم الآن صح تأويله ولا يؤاخذ بيمينه لانتفاء المفسدة السابقة بل خصمه ظالم بمطالبته إن علم ومخطىء إن جهل .
واحترز المصنع بقوله بحيث لا يسمع عما إذا سمع فإنه يعزره ويعيد اليمين وإن وصل بها كلاما لم يفهمه القاضي منعه وأعاد اليمين فإن قال كنت أذكر الله تعالى قيل له ليس هذا وقته .
ولما انقضى الكلام على الحلف وكيفيته شرع في ضابط الحلف ( 4 / 476 ) بقوله " و " كل " من توجهت " أي وجبت " عليه يمين " بأن ألزم بها في دعوى صحيحة " لو أقر بمطلوبها " أي الدعوى " لزمه " ذلك المطلوب " فأنكر حلف " بضم أوله بخطه لخبر البينة على المدعي واليمين على المنكر رواه البيهقي وفي الصحيحين خبر اليمين على المدعى عليه .
تنبيه : .
قوله يمين وقع في نسخة المصنف ونسب لسبق القلم وصوابه دعوى كما في المحرر والشرحين والروضة .
وقوله فأنكر بين ذلك لأن الإنكار يكون بعد الدعوى لا بعد طلب اليمين وقد يندفع هذا الاعتراض بما قدرته في كلامه .
قال السبكي في الحلبيات وتعبير المنهاج صحيح وإنما عدل عن الدعوى إلى اليمين لأنه قد يطلب اليمين من غير دعوى فيما إذا طلب القاذف يمين المقذوف أو وارثه أي المطالب له أنه ما زنى فإنه إذا ادعى وطلب اليمين أو طلبها من غير دعوى أجيب إلى تحليفه على الصحيح إذ له غرض في أن لا يدعي الزنا حتى لا يكون قاذفا ثانيا .
لكن قد يحتاج على هذا أن قوله توجهت عليه بمعنى طلبت منه قال لكن قوله بعد فأنكر غير متضح فإن الإنكار يكون بعد الدعوى لا بعد طلب اليمين إلا أن يريد أنه صمم على الإنكار اه " .
ثم إن حلف المقذوف أو وارثه حد القاذف وإن نكل وحلف القاذف سقط عنه الحد ولم يثبت الزنا بحلفه كما مرت الإشارة إليه في الزنا .
وخرج بما لو أقر بمطلوبها لزمه نائب المالك كالوصي والوكيل فلا يحلف لأنه لا يصح إقراره .
وعبر في الروضة في ضابط الحلف بأنه كل من يتوجه عليه دعوى صحيحة ثم حكى ضابط المتن بقيل قال الزركشي تبعا للسبكي والظاهر أن الثاني شرح للأول لأن الدعوى الصحيحة تقتضي ذلك فلا اضطراب حينئذ .
وما ذكره المصنف ليس ضابطا لكل حالف فإن اليمين مع الشاهد الواحد لا يدخل فيه ولا يمين الرد ولا إيمان القسامة واللعان وكأنه أراد الحالف في جواب دعوى أصلية وأيضا فهو غير مطرد لاستثنائهم منه صورا كثيرة أشار في المتن لبعضها بقوله " ولا يحلف قاض على تركه الظلم " في حكمه " ولا " يحلف " شاهد أنه لم يكذب " في شهادته لارتفاع منصبهما عن ذلك .
واحترزت بقوله في حكمه عما إذا لم يتعلق بحكمه كدعوى مال وغيره فهو كغيره ويحكم فيه خليفته أو قاض آخر وهذه المسألة قد تقدمت في كتاب القضاء .
ولو قال مدعى عليه أنا صبي .
واحتمل ذلك " لم يحلف ووقف " أمره في الخصومة " حتى يبلغ " فيدعى عليه .
وإن كان لو أقر بالبلوغ في وقت احتماله قبل لأن حلفه يثبت صباه وصباه يبطل حلفه ففي تحليفه إبطال تحليفه .
نعم الكافر المسبي المنبت إذا قال تعجلت العانة حلف وجوبا في الأظهر لسقوط القتل بناء على أن الإنبات علامة للبلوغ فإن نكل قتل ولو كان دعوى الصبا من غيره كما إذا ادعى له وليه مالا وقال المدعى عليه من تدعي له المال بالغ فللولي طلب يمين المدعى عليه أنه لا يعلمه صغيرا فإن نكل لا يحلف الولي على صباه .
وهل يحلف الصبي وجهان في فتاوى القاضي بناء على القولين في الأسير .
ويستثنى مع استثناء المصنف مسائل منها ما لو علق الطلاق على شيء من أفعال المرأة كالدخول فادعته المرأة وأنكره الزوج فالقول قوله فلو طلبت المرأة تحليفه على أنه لا يعلم وقوع ذلك لم يحلف نعم إن ادعت وقوع الفرقة حلف على نفيها كما نقله الرافعي عن القفال وأقره .
ومنها ما إذا ادعت الجارية الوطء وأمية الولد وأنكر السيد أصل الوطء فالصحيح في أصل الروضة أنه لا يحلف .
وصوب البلقينيي التحليف سواء أكان هناك ولد أم لم يكن وصوب السبكي حمل ما في الروضة على ما إذا كانت المنازعة لإثبات النسب فإن كانت لأمية الولد ليمتنع من بيعها وتعتق بعد الموت فيحلف .
قال وقد قطعوا بتحليف السيد إذا أنكر الكتابة وكذا التدبير إذا قلنا إن إنكاره ليس برجوع .
ومنها ما لو طلب الإمام الساعي بما أخذه من الزكاة فقال لم آخذ شيئا لم يحلف وإن كان لو أقر بالأخذ لزمه حكاه شريح في روضته عن الأصحاب .
ومنها ما لو قسم الحاكم المال بين الغرماء فظهر غريم آخر وقال لأحد الغرماء أنت تعلم وجوب حقي وطلب يمينه لم يلزمه حكاه الشيخان عن العبادي .
ومنها ما لو ادعى من عليه زكاة مسقطا لم يحلف إيجابا مع أنه لو أقر بمطلوب الدعوى لزمه ( 4 / 477 ) .
تنبيه : .
قد يفهم قول المصنف لو أقر بمطلوبها فأنكر أن من لا يقبل إقراره لا يحلف وهو كذلك لكن يستثنى منه صورتان الأولى لو ادعى على من يستخدمه أنه عبد فأنكر فإنه يحلف وهو لو أقر بعد إنكاره الرق لم يقبل لكن فائدة التحليف ما يترتب على التفويت من تغريم القيمة لو نكل " .
قلت .
كما قال الرافعي في الشرح " ولو قال جنت بهيمتك " على زرعي مثلا فعليك ضمانه فأنكر مالكها " حلف على البت قطعا والله أعلم " لأنه لا ذمة لها وضمان جنايتها بتقصيره في حفظها لا بفعلها وهذا أمر يتعلق بنفس الحالف .
قلت .
كما قال الرافعي في الشرح " ولو قال جنت بهيمتك " على زرعي مثلا فعليك ضمانه فأنكر مالكها " حلف على البت قطعا والله أعلم " لأنه لا ذمة لها وضمان جنايتها بتقصيره في حفظها لا بفعلها وهذا أمر يتعلق بنفس الحالف .
قلت .
كما قال الرافعي في الشرح " ولو قال جنت بهيمتك " على زرعي مثلا فعليك ضمانه فأنكر مالكها " حلف على البت قطعا والله أعلم " لأنه لا ذمة لها وضمان جنايتها بتقصيره في حفظها لا بفعلها وهذا أمر يتعلق بنفس الحالف .
قلت .
كما قال الرافعي في الشرح " ولو قال جنت بهيمتك " على زرعي مثلا فعليك ضمانه فأنكر مالكها " حلف على البت قطعا والله أعلم " لأنه لا ذمة لها وضمان جنايتها بتقصيره في حفظها لا بفعلها وهذا أمر يتعلق بنفس الحالف .
الثانية لو جرى العقد بين وكيلين فالأصح في زوائد الروضة في اختلاف المتبايعين تحالفهما مع أن إقرار الوكيل لا يقبل لكن فائدته الفسخ .
ثم شرع في بيان فائدة اليمين فقال " واليمين " غير المردودة " تفيد قطع الخصومة " وعدم المطالبة " في الحال " و " لا " تفيد " براءة " لذمة المدعى عليه لما رواه أبو دواد والنسائي والحاكم عن ابن عباس أن النبي A أمر رجلا بعد ما حلف بالخروج من حق صاحبه كأنه A علم كذبه كما رواه أحمد .
على أن اليمين لا توجب براءة " فلو حلفه " المدعى عليه " ثم أقام " المدعي " بينة " بمدعاة شاهدين فأكثر وكذا شاهد ويمين كما قاله ابن الصباغ وغيره " حكم بها " وإن نفاها المدعى حين الحلف لقوله A البينة العادلة حق من اليمين الفاجرة رواه البخاري .
فإن قيل ينبغي أن لا يحكم بالبينة بعد اليمين لقوله A شاهداك أو يمينه ليس لك إلا ذلك فنص على أنه ليس له إلا أحدهما لا كلاهما .
أجيب بأنه حصر حقه في النوعين أي لا ثالث لهما وأما منع جمعهما فلا دلالة للحديث عليه .
تنبيه : .
لو ردت اليمين على المدعي فنكل ثم أقام بينة حكم بها لاحتمال أن يكون نكوله للتورع عن اليمين الصادقة .
ولو قال بعد إقامة بينة بدعواه بينتي كاذبة أو مبطلة سقطت ولم تبطل دعواه .
واستثنى البلقيني ما إذا أجاب المدعى عليه وديعة بنفي الاستحقاق وحلف عليه فإن حلفه يفيد البراءة حتى لو أقام المدعي بينة بأنه أودعه الوديعة المذكورة لم تؤثر فإنها لا تخالف ما حلف عليه من نفي الاستحقاق .
فرع لو اشتملت دعوى على شخص .
واحد على أنواع وأراد المدعي أن يحلفه على بعضها دون بعض أجيب ولو أراد أن يحلفه على كل نوع منها يمينا نظر إن فرقها في الدعوى أجيب وإلا فلا قاله الماوردي .
ولو قال المدعى عليه .
الذي طلب المدعي تحليفه " قد حلفني مرة " على ما ادعاه فليس له تحليفي ثانيا " فليحلف أنه لم يحلفني " قبل ذلك " مكن " من تحليفه المدعي " في الأصح " لأن ما قاله محتمل غير مستبعد .
والثاني المنع لأنه لا يؤمن أن يدعي المدعي أنه حلف على أنه ما حلفه وهكذا فيدور الأمر ولا ينفصل .
وأجيب بعدم سماع ذلك من المدعي لئلا يتسلسل .
وعلى الأول لو نكل المدعى حلف المدعى عليه وتخلص من الخصومة فلو قصد أن يحلف يمين الأصل لا يمين التحليف المردودة عليه فليس له ذلك إلا بعد استئناف الدعوى لأنهما الآن في دعوى أخرى .
تنبيه : .
هذا كله إذا قال حلفني عند قاض آخر أو أطلق فإن قال حلفني عندك فإن حفظ القاضي ذلك لم يحلفه ومنع المدعي من طلبه وإن لم يحفظه حلفه ولا ينفعه إقامة البينة عليه لأن القاضي متى تذكر حكمه أمضاه وإلا فلا يعتمد غيره .
قال الأذرعي ويشبه أن يقال عند الإطلاق يستفسره القاضي لأنه قد يحلفه ويظن أنه كتحليف القاضي لا سيما إذا كان خصمه لا يتفطن لذلك .
ثم شرع في بيان النكول وحكمه فقال " وإذا نكل " المدعى عليه عن يمين طلبت منه " حلف المدعي " اليمين المردودة لتحول الحق إليه " وقضى له " بمدعاه " ولا يقضى بنكوله " أي المدعى عليه خلافا لأبي حنيفة و أحمد لأنه A رد اليمين على طالب الحق رواه الحاكم وصحح إسناده وقال تعالى " أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم " أي بعد الامتناع من الأيمان الواجبة فدل على نقل الأيمان من جهة إلى جهة المعنى أن النكول كما يحتمل أن يكون تحرزا عن اليمين الكاذبة يحتمل أن يكون تورعا عن اليمين الصادقة فلا يقضى مع التردد ( 4 / 478 ) .
تنبيه : .
ظاهر قوله وقضى له توقف الاستحقاق على الحكم وأنه لا يثبت بمجرد الحلف لكن الأرجح في أصل الروضة عدم التوقف .
والنكول .
لغة مأخوذ من نكل عن العدو وعن اليمين جبن و شرعا " أن يقول " المدعى عليه بعد عرض القاضي اليمين عليه " أنا ناكل " عنها " أو يقول له القاضي احلف فيقول لا أحلف " لصراحتهما في الامتناع فيرد اليمين وإن لم يحكم القاضي بالنكول .
تنبيه : .
أورد على حصر المصنف النكول فيما ذكره ما لو قال له قل بالله فقال بالرحمن ففي أصل الروضة أنه نكول ولو قال له قل بالله فقال والله أو تالله فهل هو نكول في الصورة الأولى أو لا وجهان صحح البلقيني منهما أنه لا يكون نكول ونسبه للنص وصوبه الزركشي .
قال الشيخان ويجريان فيما لو غلظ عليه باللفظ أو بالزمان أو المكان وامتنع .
وصحح البلقيني أيضا أنه لا يكون نكولا وهو الظاهر لأن التغليظ بذلك ليس واجبا فلا يكون الممتنع منه ناكلا .
وقال القفال في التغليظ اللفظي الأصح أنه ناكل .
وقطع بعضهم به في المكاني والزماني لا اللفظي .
ولو قال له قل تالله بالمثناة فوق فقال بالموحدة قال الشيخان عن القفال يكون يمينا لأنه أبلغ وأشهر .
فإن سكت .
بعد عرض اليمين عليه لا لدهشة ونحوها " حكم القاضي بنكوله " كما أن السكوت عن الجواب في الابتداء نازل منزلة الإنكار ولا بد من الحكم هنا ليرتب عليه رد اليمين بخلاف ما لو صرح بالنكول يرد وإن لم يحكم القاضي .
وللخصم العود إلى الحلف بعد نكوله ما لم يحكم بنكوله حقيقة أو تنزيلا على المعتمد وإلا فليس له العود إلا برضا المدعي والمدعى عليه كقوله جعلتك ناكل أو نكلتك بالتشديد .
ويسن القاضي أن يعرض اليمين على المدعى عليه ثلاث مرات والاستحباب فيما إذا سكت أكثر منه فيما إذا صرح بالنكول وبين النكول للجاهل به كان يقول له إن نكلت عن اليمين حلف المدعي وأخذ منك الحق وليس هذا من تلقين الدعوى فإن لم يفعل وحكم بنكوله نفذ حكمه لتقصير المدعى عليه بترك البحث عن حكم النكول .
وقوله .
أي القاضي في صورة السكوت " للمدعي احلف حكم بنكوله " أي المدعى عليه وفي الروضة كأصلها منزل منزلة الحكم فليس للمدعى عليه أن يحلف بعد هذا إلا برضا المدعي كما مر لأن الحق له .
واليمين المردودة .
برد المدعى عليه أو القاضي " كبينة " يقيمها المدعي " وفي الأظهر كإقرار المدعى عليه " لأنه بنكوله توصل للحق فأشبه إقراره .
ويتفرع على القولين ما أشار إليه بقوله " فلو أقام المدعى عليه بعدها بينة أو إبراء " أو غيره من المسقطات " لم تسمع " على الثاني وإن خالف في ذلك البلقيني لتكذيبه لها بإقرار وتسمع على الأول .
تنبيه : .
ظاهر كلام المصنف أنه لا فرق في ذلك بين كون المدعى عينا أو دينا وهو كذلك .
وتوهم بعض الشراح من قول المصنف إبراء أن ذلك في الدين فقط وأن بينته تسمع في العين على الثاني أيضا .
فإن لم يحلف المدعي .
يمين الرد " ولم يتعلل بشيء " أي لم يبد علة ولا عذرا ولا طلب مهلة " سقط حقه من اليمين " المردودة وغيرها لإعراضه وليس له ردها على المدعى عليه لأن المردودة لا ترد .
وليس له .
في هذا المجلس ولا غيره " مطالبة خصمه " إلا أن يقيم بينة كما لو حلف المدعى عليه .
وإن تعلل بإقامة بينة .
أو سؤال فقيه هل يجوز له الحلف أو لا " أو مراجعة حساب " أو بأن يتروى " أمهل ثلاثة أيام " ولا يزاد عليها لأنها مدة معتبرة شرعا وفي الزيادة عليها إضرار بالمدعي فإن لم يحلف بعدها سقط حقه من اليمين .
وقيل .
يمهل " أبدا " لأن اليمين حقه فله تأخيره إلى أن يشاء ( 4 / 479 ) كالبينة .
وفرق الأول بأن البينة قد لا تساعده ولا تحضر واليمين إليه .
وهل هذا الإمهال واجب أو مندوب وجهان والظاهر الأول .
وإن استمهل المدعى عليه حين استحلف لينظر حسابه لم يمهل .
إلا برضا المدعي لأنه مقهور على الإقرار واليمين بخلاف المدعي فإنه مختار في طلب حقه وتأخيره .
وقيل .
يمهل " ثلاثة " من الأيام كالمدعي واختاره الروياني .
واحترز المصنف بقوله لينظر حسابه عما لو استمهل ليقيم بينة على دافع من أداء أو إبراء فإنه يمهل ثلاثة كما سبق أول الباب .
ولو استمهل .
المدعى عليه أي طلب الإمهال " في ابتداء الجواب " ليراجع حسابه ونحوه " أمهل إلى آخر المجلس " .
قال في الروضة إن شاء المدعي .
وقال ابن المقرى في روضه تبعا للطاوسي في التعليقة على الحاوي والبارزي إن شاء القاضي وهو ظاهر كلام الرافعي .
وهذا أولى لأن المدعي له الترك بالكلية ثم يحلف بلا تجديد دعوى كما لو حضر موكل المدعي بعد نكول الخصم له أن يحلف بلا تجديد دعوى ونكول المدعي مع شاهده كنكوله عن المردودة فإن قال للمدعى عليه احلف سقط حقه من اليمين فلا ينفعه إلا ببينة كاملة كما قاله الإمام واقتضى كلام الرافعي ترجيحه .
ثم أشار المصنف لمسائل تستثنى كما قال ابن القاص من القضاء بالنكول عن اليمين فقال " ومن طولب بزكاة " في مال نعم أوجب أو تمر " فادعى دفعها إلى ساع آخر أو " لم يدع دفعها بل " ادعى غلط خارص " بعد التزامه القدر الواجب " وألزمناه اليمين " على الوجه المرجوح في المسألتين " فنكل وتعذر رد اليمين " بأن لم ينحصر المستحقون في البلد ولا رد على الساعي والسلطان " فالأصح أنها تؤخذ منه " لأن مقتضى ملك النصاب ومضى الحول الوجوب فإذا لم يأت بدافع أخذ الزكاة منه بمقتضى الأصل وليس هذا حكما بالنكول خلافا لابن القاص .
والثاني لا إن لم تقم عليه حجة فإن أحضر المستحقون ومنعنا نقلها وهو الأظهر لم يتعذر رد اليمين .
أما إذا قلنا باستحباب اليمين وهو الأصح المتقدم في باب زكاة النبات فإنه لا يطالب بشيء .
تنبيه : .
كل حق يجب لله تعالى له حكم الزكاة كما نقله الزركشي عن ابن القاص قال ومنه ما لو ادعى ولد المرتزقة البلوغ بالإنزال ورام إثبات اسمه في الديوان فالأصح تحليفه فإن نكل لم يعط وقال ابن القاص وهو قضاء بالنكول وقال غيره لا وهو الراجح كما مر لأن حجته اليمين ولم توجد .
ولو عدل المصنف عن مثال الزكاة إلى مثال الجزية وهو فيما إذا قال أسلمت قبل تمام السنة وقال العامل بعد تمامها لكان التفريع فيه جاريا على الأصح فإن الأصح أنه يحلف إيجابا وأنه إذا نكل يقضى عليه بالجزية .
ولو مات من لا وارث له ثم ادعى القاضي أو منصوبه دينا له على إنسان وجده في تذكرته فأنكر الخصم ونكل عن اليمين فهل يقضى عليه بالنكول ويؤخذ منه أو يحبس حتى يقر أو يحلف أو يترك أوجه أصحها في الروضة الثاني وهكذا في الدعوى للمسجد أو في وقف عام إذا نكل المدعى عليه عن اليمين .
ثم أشار لما يستثنى من رد اليمين على المدعي بقوله " ولو ادعى ولي صبي " أو مجنون " دينا " مثلا " له " على إنسان " فأنكر ونكل " عن الحلف " لم يحلف الولي " لأن إثبات الحق لغير الحالف بعيد فيكتب القاضي بما جرى محضر أو يوقف الأمر إلى البلوغ أو الإفاقة .
وقيل يحلف .
مطلقا لم يبلغ الصبي أو يفيق المجنون لأنه المستوفى .
وقيل إن ادعى مباشرة سببه .
أي ادعى ثبوته بسبب باشره كما عبر به في المحرر " حلف " لأن العهد يتعلق به وإلا فلا .
قال في المهمات والفتوى على هذا فقد نص عليه في الإمام اه " .
ولعله أخذه من مسألة الصداق المتقدمة في بابه وهي ما لو اختلف في قدره زوج وولي صغيرة أو مجنونة فإنهما يتحالفان وقد قدمنا الفرق هناك فيراجع .
ويجري الخلاف فيما لو أقام الولي شاهدا هل يحلف معه وفيما لو ادعى عليه دين في ذمة الصبي ( 4 / 480 ) فأنكر وفي قيم مسجد أو وقف ادعى شيئا فأنكر الخصم ونكل ولو أقر القيم بما ادعاه الخصم انعزل وأقام القاضي غيره ولو ادعى أن هذا القيم قبضه فأنكر حلف .
تتمة يحلف السفيه المحجور عليه على ما ادعاه وليه له إذا نكل خصمه ويقول له ويلزمك التسليم إلى وليي ولا يقل إلي بخلاف وليه في دعواه عنه .
ومن وجب عليه يمين نقل المصنف عن البويطي أنه يجوز أن يفديها بالمال قال الزركشي والمذهب المنع والتجويز من قول البويطي لا الشافعي .
ونقل المنع أيضا عن القاضي أبي الطيب وهذا هو الظاهر