عليه إذا " أصر المدعى عليه على السكوت عن جواب الدعوى " لغير دهشة أو غباوة " جعل " حكمه " كمنكر " للمدعي به " ناكل " عن اليمين وحينئذ فترد اليمين على المدعي بعد أن يقول له القاضي أجب عن دعواه وإلا جعلتك ناكلا .
فإن كان سكوته لنحو دهشة أو غباوة شرح له ثم حكم بعد ذلك عليه .
وسكوت الأخرس عن الإشارة المفهمة للجواب كسكوت الناطق ومن لا إشارة له مفهمة كالغائب ( 4 / 469 ) والأصم الذي لا يسمع أصلا إن كان يفهم الإشارة فهو كالأخرس وإلا فكالمجنون فلا تصح الدعوى عليه .
فلو كان البصير الأصم أو الأخرس الذي لا يفهم كاتبا قال الأذرعي يشبه أن يقال كتابته دعوى وجوابا كعبارة الناطق .
أما إذا لم يصر المدعى عليه فينظر " فإن ادعى " عليه " عشرة " مثلا " فقال " في جوابه هي عندي أو ليس لك عندي شيء فذاك ظاهر .
وإن قال " لا تلزمني العشرة لم يكف " ذلك في الجواب " حتى يقول " مضافا لما سبق " ولا بعضها .
وكذا يحلف " إن حلفه القاضي لأن مدعي العشرة مدع لكل جزء منها فاشترط مطابقة الإنكار واليمين دعواه وقوله لا يلزمني العشرة إنما هو نفي لمجموعها ولا يقتضي نفي كل جزء منها فقد تكون عشرة إلا حبة .
فإن حلف على نفي العشرة واقتصر .
في حلفه " عليه فناكل " عما دون العشرة " فيحلف المدعي على استحقاق دون العشرة بجزء " وإن قل " ويأخذه " أي ما دون العشرة وإن لم يجدد دعوى .
نعم إن نكل المدعى عليه عن العشرة وقد اقتصر القاضي في تحليف المدعى عليه على عرض اليمين عليه عن العشرة ولم يقل ولا شيء منها فليس للمدعي أن يحلف على استحقاق ما دونها إلا بعد تجديد دعوى ونكول المدعى عليه .
تنبيه : .
هذا إن لم يسند المدعي إلى عقد فإن أسنده إليه كأن ادعت امرأة نكاحا بخمسين كفاه نفي العقد بها والحلف عليه فإن نكل لم تحلف هي على البعض إلا بدعوى جديدة لا تناقض ما ادعته .
وإن ادعى دارا بيد غيره فأنكرها فلا بد أن يقول في حلفه ليست لك ولا شيء منها ولو ادعى أنه باعه إياها كفاه أن يحلف أنه لم يبعها .
ولو ادعى عليه مالا فأنكر وطلب منه اليمين فقال لا أحلف وأعطي المال لا يجب على المدعي قبوله من غير إقرار وله تحليفه لأنه لا يأمن من أن يدعي عليه بما دفعه بعد هذا وكذا لو نكل عن اليمين وأراد المدعي أن يحلف يمين الرد فقال المدعى عليه أنا أبذل المال له بلا يمين له أن يحلف ويقول له الحاكم إما أن تقر بالحق أو يحلف المدعى عليه بعد نكولك قاله البغوي و المروزي وغيرهما .
وإذا ادعى مالا مضافا إلى سبب كأقرضتك كذا كفاه في الجواب .
عن هذه الدعوى " لا تستحق " أنت " علي شيئا " أو لا يلزمني تسليم شيء إليك " أو " ادعى " شفعة كفاه " في الجواب " لا تستحق " أنت " علي شيئا أو لا تستحق " علي " تسليم الشقص " ولا يشترط التعرض لنفي تلك الجهة لأن المدعي قد يكون صادقا في الإقراض وغيره وعرض ما أسقط الحق من أداء أو إبراء فلو نفى السبب كذب أو اعترف وادعى المسقط طولب ببينة قد يعجز عنها فقبل الإطلاق للضرورة .
ونازع البلقيني في جواب دعوى الشفعة وقال أكثر الناس لا يعدون الشفعة مستحقة على المشترى لأنها ليست في ذمته فلا يتعلق به ضمانها كالغصب وغيره فالجواب المعتبر لا شفعة لك عندي كما عبر به في الروضة وعبارة المحرر لا يستحق عليه شفعة اه " .
والمعتمد ما في المتن .
ولو ادعت على زوجها أنه طلقها كفاه في الجواب أنت زوجتي .
ويستثنى من إطلاق المصنف ما لو ادعى عليه وديعة فلا يكفي في الجواب لا يلزمني التسليم إذ لا يلزمه تسليم وإنما يلزمه التخلية فالجواب الصحيح أن ينكر الإيداع أو يقول لا تستحق علي شيئا أو هلكت الوديعة أو رددتها .
ويحلف .
المدعى عليه " على حسب " بفتح السين بخطه ويجوز إسكانها أي قدر " جوابه هذا " أو على نفي السبب ولا يكلف التعرض لنفيه .
فإن .
تبرع و " أجاب بنفي السبب المذكور " كقوله في صورة القرض السابقة ما أقرضتني كذا " حلف عليه " أي نفي السبب كذلك ليطابق اليمين الإنكار .
وقيل الحلف بالنفي المطلق .
كما لو أجاب به والأول راعى مطابقة اليمين للجواب ( 4 / 470 ) .
تنبيه : .
قضية كلامه أنه إذا أجاب بالإطلاق ليس له الحلف على نفي السبب وليس مرادا بل لو حلف على نفيه بعد الجواب المطلق جاز كما نقلاه عن البغوي وأقراه .
ولو كان بيده مرهون أو مكرى وادعاه .
أي كلا منهما " مالكه " أو نائبه " كفاه " في الجواب " لا يلزمني تسليمه " إليك ولا يجب التعرض للملك " فلو اعترف بالملك " للمدعي " و " لكن " ادعى " بعده " الرهن والإجارة " وكذبه المدعي " فالصحيح أنه لا يقبل " منه ذلك " إلا ببينة " لأن الأصل عدم ما ادعاه .
والثاني يقبل قوله بدونها لأن اليد تصدقه في ذلك .
فإن عجز .
على الأول " عنها وخاف أولا " أنه " إن اعترف بالملك " للمدعي " جحده " بسكون الحاء المهملة على أنه مصدر مضاف للفاعل أي خاف أن يجحد المدعي " الرهن والإجارة فحيلته " أي المدعى عليه " أن يقول " في الجواب " إن ادعيت " علي " ملكا مطلقا " عن رهن وإجارة " فلا يلزمني تسليم " لما ادعيته علي " وإن ادعيت " علي ملكا " مرهونا " عندي أو مستأجرا " فاذكره لأجيب " عنه ولا يكون مقرا بذلك .
وكذا يقول في ثمن مبيع لم يقبض .
وعكس مسألة المتن لو ادعى المرتهن الدين وخاف الراهن جحود الرهن لو اعترف بالدين قال في الجواب إن ادعيت ألفا لي عندك بها رهن هو كذا فاذكره حتى أجيب وإن ادعيت ألفا مطلقا فلا يلزمني .
تنبيه : .
لو ذكر المصنف قوله أولا بعد قوله بالملك كان أولى فإن عبارته توهم تعلق أولا ب خاف ولا معنى له .
وإذا ادعى عليه عينا .
عقارا أو منقولا " فقال " في الجواب " ليس هي لي " مقتصرا على ذلك ولم يضفها " أو " أضافها المجهول كقوله و " هي لرجل لا أعرفه " أو لا أسميه " أو " لمعلوم لا يمكنني مخاصمته وتحليفه كقوله " هي لابني الطفل " أو المجنون ملك له .
ولو عبر بمحجوره كان أولى .
أو .
قال هي " وقف على الفقراء أو " على " مسجد كذا " وكان المدعى عليه هو الناظر " فالأصح أنه لا تنصرف الخصومة " عنه " ولا تنزع " العين " منه " لأن ظاهر اليد لذلك وما صدر منه ليس بمزيل ولم يظهر لغيره استحقاق .
بل يحلفه المدعي أنه لا يلزمه التسليم .
للعين المدعاة " إن لم يكن بينة " بها رجاء أن يقر أو ينكل فيحلف المدعي وتثبت له العين في الأولتين وفيما لو أضافها لغير معين والبدل للحيلولة في غير ذلك .
والثاني تنصرف عنه وينتزع الحاكم العين من يده فإن أقام المدعي بينة على استحقاقها أخذها وإلا حفظها إلى أن يظهر مالكها .
تنبيه : .
ظاهر كلامه أنه لا يحلفه إلا إذا لم يكن بينة قال البلقيني وهو قيد غير معتبر والذي في المحرر بل يقسم المدعي البينة أو يحلفه أنه لا يلزمه تسليمه اه " .
وهذا معلوم مما مر أن المدعي مخير بين أن يقيم البينة أو يحلفه .
ولو ادعاه المدعى عليه بعد ما ذكر لنفسه سمعت دعواه في أحد وجهين رجحه ابن المقرى تبعا للقاضي مجلي وغيره .
وإن أقر به .
أي بالمذكور " لمعين حاضر " بالبلد " يمكن مخاصمته وتحليفه سئل " عن ذلك " فإن صدقه " انصرفت الخصومة عن المدعى عليه و " صارت الخصومة معه " أي الحاضر لصيرورة اليد له والخصومة إنما تدور بين متنازعين ( 4 / 471 ) تنبيه : ات الأول كان الأولى للمصنف الاقتصار على قوله يمكن مخاصمته أو يمكن تحليفه لأن الجمع بينهما لا يشترط .
الثاني كلامه يفهم أنه إذا أقر به لمن لا يمكن مخاصمته وهو المحجور عليه لا تنصرف الخصومة عنه وليس مرادا بل تنصرف إلى وليه وإنما قيده المصنف بذلك لقوله بعد وصدقه فإن المحجور عليه لا يصح تصديقه .
الثالث قوله صارت الخصومة معه يفهم انصرافها عن المدعى عليه وليس مرادا بل للمدعي طلب يمينه بناء على أنه يغرم له البدل لو أقر له وهو الأظهر .
وإن كذبه ترك في يد المقر .
كما مر تصحيحه في كتاب الإقرار وأعاد المصنف المسألة هنا لبعيد التصريح بمقابل الأصح وهو قوله " وقيل تسلم إلى يد المدعي " إذ لا طالب له سواه " وقيل يحفظه الحاكم لظهور مالك " له .
وإن أقر به لغائب .
عن البلد ولا بينة تشهد له بملك المدعي به " فالأصح انصراف الخصومة عنه " إليه لما مر .
وهذا بالنسبة لرقبة المدعي به أما بالنسبة لتحليف المدعى عليه فلا ينصرف في الأصح بل له تحليفه كما مر .
ويوقف الأمر .
في الإقرار بالمدعي به لغائب حيث لا بينة " حتى يقدم " ذلك " الغائب " لأن المال بظاهر الإقرار لغيره بدليل أن الغائب لو قدم وصدق أخذه .
والثاني لا تنصرف وهو ظاهر نص المختصر لأن المال في يده والظاهر أنه له .
فإن كان للمدعي بينة قضى .
له " بها " وسلمت له العين .
تنبيه : .
قال البلقيني كلام المصنف متهافت لأن وقف الأمر حتى يقدم الغائب ينافيه قوله فإن كان للمدعي بينة قضى بها وعبارة المحرر سالمة من هذا فإنه قال فإن لم تكن بينة يوقف الأمر إلى أن يحضر الغائب وإن كان له بينة فيقضي له اه " .
وبما قدرته يندفع الاعتراض .
وهو قضاء على غائب فيحلف .
المدعي " معها " أي البينة كما مر في باب القضاء على الغائب لأن المال صار له بحكم الإقرار .
وهذا ما نقلاه في الروضة وأصلها عن اختيار الإمام و الغزالي وقالا إنه أقوى وأليق بالوجه المفرع عليه .
وهذا هو المعتمد .
وقيل .
بل هو قضاء " على حاضر " إذ الخصومة معه فلا يحلف معها وهذا ما نقلاه عن ترجيح العراقيين وقال البلقيني إنه المعتمد .
وإن لم يكن للمدعي بينة فله تحليف المدعى عليه أنه لا يلزمه تسليمه إليه فإن نكل حلف المدعي وأخذه ثم إذا حضر الغائب وصدق المقر رد إليه بلا حجة لأن اليد له بإقرار صاحب اليد ثم يستأنف المدعي الخصومة معه .
وإن ادعى ذو اليد أنها للغائب وأثبت أنه وكيل للغائب قدمت بينته بذلك على بينة المدعي لزيادة قوتها إذن بإقرار ذي اليد إليه فإن لم تقم بينة بوكالته على الغائب وأقام بينة بالملك الغائب سمعت بينته لا لتثبت العين للغائب لأنه ليس نائبا عنه بل ليندفع عنه اليمين وتهمة الإضافة إلى الغائب سواء تعرضت بينته لكونها في يده بعارية أو غيره أم لا .
وهذه الخصومة للمدعي مع المدعى عليه وللمدعي مع الغائب خصومة أخرى .
ولو قال المدعى عليه هي معي رهن أو نحوه من الحقوق اللازمة كإجارة لم تسمع دعواه مع بينته لتضمنها إثبات الملك للغير بلا نيابة .
تنبيه : .
للمدعي تحليف المدعى عليه حيث انصرفت الخصومة عنه أنه لا يلزمه تسليمها إليه وأن ما أقر به لغيره يغرم القيمة للثاني فإن نكل عن اليمين وحلف المدعي اليمين المردودة أو أقر له بالعين ثانيا وغرم له القيمة ثم أقام المدعي بينة بالعين أو حلف بعد نكول المقر له رد القيمة وأخذ العين لأنه أخذها للحيلولة وقد زالت .
فرع لو ادعى جارية .
على منكرها فاستحقها بحجة ووطئها وأولدها ثم أكذب نفسه لم تكن زانية بذلك لأنها تنكر ما يقول ولم يبطل الإيلاد وحرية الولد لأن إقراره لا يلزم غيره بأن وافقته الجارية على ذلك إذ لا يرفع ما حكم به برجوع محتمل فيلزمه المهر إن لم تعترف هي بالزنا ويلزمه الأرش إن نقضت ولم يولدها وقيمة الولد وأمه إن أولدها ولا يطؤها بعد ذلك إلا بشراء جديد فإن مات عتقت عملا بقوله الأول ووقف ولاؤها إن مات قبل ( 4 / 472 ) شرائها وكذا الحكم وأنكر صاحب اليد وحلف أنها له وأولدها ثم أكذب نفسه فيأتي فيها جميع ما مر .
واعلم أن ما سبق هو في جواب المدعى عليه الحر فإن كان رقيقا فحكم جواب دعواه مذكور في قاعدة أشار إليها بقوله " و " هي " ما قبل إقرار عبد به كعقوبة " لآدمي من حد أو قصاص " فالدعوى " بذلك " عليه و " كذا " عليه " أيضا " الجواب " لها لأنه لا يقبل إقراره في ذلك دون السيد لعود أثر ذلك عليه .
وخرج بالآدمي عقوبة الله تعالى فلا تسمع فيها الدعوى ولا يطالب الجواب كما جزما به بعد في الكلام على الحالف لأنها ليست حقا للمدعي ومن له الحق لم يأذن في الطلب والإثبات .
تنبيه : .
تصح الدعوى أيضا على الرقيق بدين معاملة تجارة أذن فيها سيده .
وأورد على المصنف دعوى قتل خطأ أو شبه عمد في محل لوث فإنها تكون على الرقيق لأنه لا يقبل إقراره به لأن الولي يقسم وتتعلق الدية برقبة الرقيق صرح به الرافعي في الشرط الرابع في كتاب القسامة .
وما لا .
يقبل إقراره به " كأرش " لتعييب أو إتلاف " فعلى السيد " الدعوى به وعليه أيضا جوابها لأن الرقبة التي هي متعلقها حق السيد فإقرار الرقيق فيها لا يقبل فلو ادعى عليه ففي سماعها وجهان قال الرافعي والوجه أنها تسمع لإثبات الأرش في الذمة إلا لتعلقه بالرقبة قال تفريعا على الأصلين يعني أن الأرش المتعلق بالرقبة يتعلق بالذمة أيضا وأن الدعوى تسمع بالمؤجل قاله البلقيني .
فيخرج منه أن الأصح أنها لا تسمع عليه بذلك لأن الأصح أنه لا يتعلق بالذمة ولا تسمع الدعوى بالمؤجل وبهذا جزم صاحب الأنوار .
تتمة قد تكون الدعوى والجواب على كل من الرقيق وسيده كما في نكاح العبد أو المكاتبة فإنه إنما يثبت بإقرارهما لأنه لا بد من اجتماعهما على التزويج فلو أقر سيد المكاتبة بالنكاح وأنكرت حلف فإن نكلت وحلف المدعي حكم بالزوجية ولو أقرت فأنكر السيد حلف السيد فإن نكل حلف المدعي وحكم له بالنكاح ويأتي مثل ذلك في المبعضة