هي لغة الطلب والتمني ومنه قوله تعالى " ولهم ما يدعون " وألفها للتأنيث وتجمع على دعاوى بفتح الواو وكسرها قيل سميت دعوى لأن المدعي يدعو صاحبه إلى مجلس الحكم ليخرج من دعواه .
و شرعا إخبار عن وجوب حق على غيره عند حاكم .
والبينات .
جمع بينة وهم الشهود سموا بذلك لأن بهم يتبين الحق .
وأفرد المصنف الدعوى وجمع البينات لأن حقيقة الدعوى واحدة والبينات مختلفة والأصل في ذلك قوله تعالى " وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون " وأخبار كخبر مسلم لو يعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء رجال وأموالهم ولكن اليمين على المدعى عليه .
وروى البيهقي بإسناد حسن ولكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر والمعنى فيه أن جانب المدعي ضعيف لدعواه خلاف الأصل فكلف الحجة القوية وجانب المنكر قوي فاكتفي منه بالحجة الضعيفة .
وإنما كانت البينة قوية واليمين ضعيفة لأن الحالف متهم في يمينه بالكذب لأنه يدفع بها عن نفسه بخلاف الشاهد .
ولما كانت الخصومات تدور على خمسة الدعوى والجواب واليمين والنكول والبينة ذكرها المصنف كذلك وبدأ منها بالأولى فقال " تشترط الدعوى عند قاض في عقوبة كقصاص " حد " قذف " فلا يستقل صاحبها باستيفائها لعظم خطرها والاحتياط في إثباتها واستيفائها فلو خالف واستوفى بدون ذلك وقع الموقع في القصاص دون حد القذف كما سبق للمصنف في بابه نعم قال الماوردي من وجب له تعزير أو حد قذف وكان في بادية بعيدة عن السلطان كان له استيفاؤه وقال ابن عبد السلام في قواعده لو انفرد بحيث لا يرى ينبغي أن لا يمنع من القود لا سيما إذا عجز عن إثباته .
تنبيه : .
قوله عند قاض قد يفهم أنها لا تصح عند غيره وليس مرادا بل السيد يسمع الدعوى على رقيقه وإن لم يكن قاضيا وكذلك المحكم إذا رضيا بحكمه وكذا الوزير والأمير ونحوهما بناء على صحة الشهادة عندهما كما مر في بابها .
وتقييده بالعقوبة قد يفهم أنه لا يشترط الدعوى عند القاضي في غيرها وليس مرادا بل لا بد في كل مجتهد فيه كعيوب النكاح والعنة والفسخ بالإعسار بالنفقة ونحوه عند التنازع والاحتياج إلى الإثبات والحكم فيها من الرفع إلى القاضي والدعوى عنده ما خرج المال عن هذا إلا لأن المستحق قد يستقل بالوصول إلى حقه فلا يحتاج إلى دعوى .
ويستثنى من اشتراط الدعوى عند القاضي صورتان إحداهما قتل من لا وارث له أو قذفه إذا الحق فيه للمسلمين فيقتل بشهادة الحسبة ولا يحتاج إلى دعوى حسبة بل في سماعها خلاف مر .
ثانيهما قتل قاطع الطريق الذي لم يتب قبل القدرة عليه لا يشترط فيه دعوى لأنه لا يتوقف على طلب .
وتمثيل بالقصاص والقصد يفهم التصوير بحق الآدمي وأن حدود الله تعالى لا يشترط فيها ذلك وليس مرادا بل لا بد فيها من القاضي أيضا مع أنه لا تسمع فيها الدعوى أصلا لأنها ليست حقا للمدعي ومن له الحق لم يأذن في الطلب بل هو مأمور بالإعراض والدفع ما أمكن .
نعم لو قذفه بالزنا وأراد القاذف تحليفه أو تحليف وارثه الطالب أنه لم يزن فإنه يجاب إلى ذلك على الأصح وقالوا ولا تسمع دعوى بذلك ويحلف على نفيه إلا في هذه الصورة قاله الرافعي في باب اللعان .
وإن استحق .
شخص " عينا " تحت يد عادية " فله " أو وليه إن لم يكن كاملا كما نص عليه الشافعي " أخذها " مستقلا بالأخذ بلا رفع لقاض وبلا علم من هي تحت يده للضرورة " إن لم يخف " من أخذها " فتنة " أو ضررا ( 4 / 462 ) .
تنبيه : .
قوله استحق عينا يخرج المستأجر والموصى له بالمنفعة والموقوف عليه كما هو مقتضى عباراتهم إذ الاستقلال بالأخذ لمالك العين فقط لأنه يستحق العين حقيقة .
وألحق به ولي غير الكامل كما مر وصورة المسألة كما قال الزركشي أن تكون العين تحت يد عادية كما قدرته ولهذا قال في الشرح الصغير أو عينا غصبت منه وكذا قاله في البسيط .
أما لو كانت بيد من ائتمنه كالوديعة أو التي اشتراها منه وبذل الثمن فليس له الأخذ بغير إذن لما فيه من الإرعاب بظن الذهاب بل سبيله الطلب .
وإلا .
بأن خاف فتنة أو ضررا " وجب الرفع إلى قاض " أو نحوه ممن له إلزام الحقوق كمحتسب وأمير لا سيما إن علم أن الحق لا يتخلص إلا عنده .
والرفع تقريب الشيء فمعنى رفع الشيء لقاض قربه إليه .
تنبيه : .
ليس المراد بالوجوب تكليف المدعي الرفع حتى يأثم بتركه بل المراد امتناع استقلاله بالأخذ في هذه الحالة .
وعبارة المحرر وإلا فلا بد من الرفع إلى القاضي وهي أحسن .
أو .
لم يستحق عينا بل " دينا " حالا " على غير ممتنع من الأداء " له " طالبه به " ليؤدي ما عليه " ولا يحل أخذ شيء له " أي المدين لأنه مخير في الدفع من أي مال شاء فليس للمستحق إسقاط حقه من ذلك إجبارا فإن أخذه لم يملكه ولزمه رده فإن تلف عنده ضمنه فإذا اتفق الحقان جاء التقاص .
أو .
دينا استحقه " على منكر " له " ولا بينة له " به " أخذ " جوازا " جنس حقه من ماله " إن ظفر به استقلالا لعجزه عن أخذه إلا كذلك .
وكذا غير جنسه إن فقده .
أي جنس حقه واستوفى حقه منه " على المذهب " للضرورة وفي قول من طريق المنع لا يتمكن من تملكه .
تنبيه : .
قيد المتولي الخلاف بما إذا لم يجد أحد النقدين فإن وجده لم يعدل إلى غيره .
وينبغي كما قال الأذرعي تقديم أخذ غير الأمة عليها احتياطا للأبضاع .
ولو كان المدين محجورا عليه بفلس أو ميتا وعليه دين فلا يأخذ إلا قدر حصته بالمضاربة إن علمها كما قاله البلقيني .
أو .
دينا استحقه " على مقر ممتنع أو منكر وله " عليه " بينة فكذلك " يأخذ حقه استقلالا من جنس ذلك الدين إن وجده ومن غيره إن فقد على الأصح في الصورتين .
وقيل يجب .
فيهما " الرفع إلى قاض " كما لو أمكنه تخليص الحق بالمطالبة والتقاضي .
وأجاب الأول بأن في ذلك مؤنة ومشقة وتضييع زمان .
هذا كله في دين الآدمي أما دين الله تعالى كالزكاة إذا امتنع المالك من أدائها وظفر المستحق بجنسها من ماله فليس له الأخذ لتوقفها على البينة بخلاف الدين .
وغفل عن هذا من فصل بين أن يتعين الفقراء أو لا إلحاقا لها بالديون .
وأما المنفعة فالظاهر كما بحثه بعض المتأخرين أنها كالعين إن وردت على عين فله استيفاؤها منها بنفسه إن لم يخش ضررا وكالدين إن وردت على ذمة فإن قدر على تخليصها بأخذ شيء من ماله فله ذلك بشرطه .
وإذا جاز .
للمستحق " الأخذ " من غير رفع لقاض " فله " حينئذ " كسر باب ونقب جدار لا يصل المال " هو منصوب بنزع الخافض والتقدير لا يصل إلى المال " إلا به " لأن من استحق شيئا استحق الوصول إليه ولا يضمن ما فوته كمن لا يقدر على دفع الصائل إلا بإتلاف ماله فأتلفه لا يضمن .
تنبيه : .
محل ذلك كما قال البلقيني إن كان الحرز للدين وغير مرهون لتعلق حق المرتهن به وأن لا يكون محجورا عليه بفلس لتعلق حق الغرماء به ومثل ذلك كما قال الأذرعي سائر ما يتعلق به حق الغير كإجارة ووصية بمنفعة .
ولا يجوز ذلك في ملك الصبي والمجنون ولا في جدار غريم الغريم كما قاله الدميري قطعا أي لأنه أحط رتبة من الغريم ولا أن يوكل في الكسر والنقب غيره كما قاله القاضي فإن فعل ضمن .
ويؤخذ من قوله المصنف لا يصل ( 4 / 463 ) المال إلا به أنه لو كان مقرا ممتنعا أو منكرا وله عليه بينة أنه ليس له ذلك وهو كذلك فقول الأذرعي كنت أود أن لو خصص ذلك بما إذا لم يجد سبيلا إلى الأخذ بالحاكم كما في صورة الجحود وعدم البينة أما إذا كان له بينة وقدر على خلاص حقه بحاكم ففيه بعد لأن الأخذ بالحاكم عند المكمنة أسهل وأخف كلفة من نقب الجدار وكسر الباب وقد تقرر أن الصائل يدفع بالأسهل فالأسهل اه " .
لا يحتاج إليه .
فرع لو غصب منه نجاسة .
يختص بها كجلد ميتة وسرجين وكلب معلم وجحده فظاهر كلام الأصحاب أنه لا يكسر بابا ولا ينقب جدارا لأنهم إنما تكلموا في الأموال خاصة نبه على ذلك الدميري .
ثم المأخوذ من جنسه .
إلى الحق " يتملكه " بدلا عن حقه .
تنبيه : .
التعبير بالتملك وقع في الشرحين والروضة وهو يقتضي أنه لا يملك بنفس الأخذ بل لا بد من إحداث تملك .
والذي صرح به القاضي و البغوي واقتضاء كلام غيرهما أنه يملكه بمجرد الأخذ واعتمده الإسنوي ووجهه بأنه إنما يجوز لمن يقصد أخذ حقه وإذا وجد القصد مقارنا كفى ولا حاجة إلى اشتراطه بعد ذلك اه " .
وجمع شيخنا بين الكلامين بأن كلام هؤلاء محمول على ما إذا كان المأخوذ على صفة حقه أي أو دونه كأخذ الدراهم المكسرة عن الصحيحة وكلام الشيخين على ما إذا كان بغير صفته أي كأخذ الدراهم الصحاح عن المنكسرة فإنه حينئذ كغير الجنس وهو جمع حسن .
و .
المأخوذ " من غيره " أي جنس حقه أي أو أعلى من صفته " يبيعه " بنفسه مستقلا للحاجة وله أن يوكل فيه كما ذكره في الروضة في آخر الطلاق .
وقيل يجب رفعه إلى قاض يبيعه .
لأنه لا يتصرف في مال غيره لنفسه .
تنبيه : .
محل الخلاف ما إذا لم يطلع على الحال فإن اطلع عليه لم يبعه إلا بإذنه جزما .
ومحله أيضا إذا لم يقدر على بينة وإلا فلا يستقل مع وجودها كما هو قضية كلام أصل الروضة .
وبحثه بعضهم قال بل هي أولى من علم القاضي لأن الحكم بعلمه مختلف فيه بخلافها .
وخص صاحب الذخائر وغيره الخلاف به ببيعه للغير .
أما لو أراد بيعه من نفسه فلا يجوز قطعا ولأنه لأجل امتناع تولي الطرفين .
وهو لا يجوز في غير الأب والجد ولا يتملكه على الصحيح لأن امتناع من عليه الحق يسلطه على البيع كما يسلطه على الأخذ فإذا باعه فليبعه بنقد البلد ثم يشتري به جنس حقه إن لم يكن نقد البلد .
والمأخوذ مضمون عليه .
أي الآخذ " في الأصح فيضمنه إن تلف قبل تملكه وبيعه " بالأكثر من قيمته من حين أخذه إلى حين تلفه كالغاصب لأنه أخذه بغير إذن المالك لغرض نفسه بل أولى من المستام لعدم إذن المالك ولأن المضطر إذا أخذ ثوب غيره لدفع الحر وتلف في يده ضمنه فكذا هنا .
والثاني لا يضمنه من غير تفريط لأنه أخذه للتوثق والتوصل إلى الحق كالمرتهن وإذن الشارع في الأخذ يقوم مقام إذن المالك .
وعلى الأول ينبغي أن يبادر إلى بيع ما أخذه بحسب الإمكان فإن قصر فنقصت قيمته ضمن النقصان ولو انخفضت القيمة وارتفعت وتلف فهي مضمونة عليه بالأكثر .
تنبيه : .
محل الخلاف كما قاله الماوردي و الروياني إذا تلف قبل التمكن مع البيع فإن تمكن منه فلم يفعل ضمن قطعا .
وقال البلقيني محله في غير الجنس أما المأخوذ من الجنس فإنه يضمنه ضمان يد قطعا لحصول ملكه بالأخذ عن حقه كما سبق اه " .
والمصنف أطلق ذلك تبعا للرافعي بناء على وجوب تجديد تملكه وقد تقدم ما فيه .
ويؤخذ من كونه مضمونا عليه قبل بيعه أنه لو أحدث فيه زيادة قبل البيع كانت على ملك المأخوذ منه وبه صرح في زيادة الروضة فإن باع ما أخذه وتملك ثمنه ثم وفاه المديون دينه رد إليه قيمته كغاصب رد المغصوب إلى المغصوب منه .
ولا يأخذ .
المستحق " فوق حقه إن أمكنه الاقتصار " على قدر حقه لحصول المقصود به فإن أخذه ضمن الزائد لتعديه بأخذه وإن لم يمكنه بأن لم يظفر إلا بمتاع تزيد قيمته على حقه أخذه ولا يضمن الزيادة لأنه لم يأخذها ( 4 / 464 ) بحقه من الضرر بخلاف قدر حقه .
ثم إن تعذر بيع قدر حقه فقط باع الجميع وأخذ من ثمنه قدر حقه ورد ما زاد عليه على غريمه بهبة ونحوها وإن لم يتعذر ذلك باع منه بقدر حقه ورد ما زاد كذلك .
وله أخذ مال غريم غريمه .
كأن يكون لزيد على عمرو دين ولعمرو على بكر مثله فلزيد أن يأخذ من بكر ما له مال على عمرو ولا يمنع من ذلك رد عمرو وتصرف زيد بالأخذ وعدم حسبان ذلك عن دينه على بكر ولا إقرار بكر لعمرو ولا جحود بكر استحقاق زيد على عمرو .
تنبيه : .
للمسألة شروط الأول أن لا يظفر بمال الغريم .
الثاني أن يكون غريم الغريم جاحدا أو ممتنعا أيضا وعلى الامتناع بحمل الإقرار المذكور .
الثالث أن يعلم الآخذ الغريم أنه أخذه من مال غريمه حتى إذا طلبه الغريم بعد كان هو الظالم .
الرابع أن يعلم غريم الغريم وحيلته أن يعلمه فيما بينه وبينه فإذا طالبه أنكر فإنه بحق وله استيفاء دين على آخر جاحدا له بشهود دين آخر له عليه قد أدى ولم يعلموا أداءه ولأحد الغريمين إذا كان له على الآخر مثل ماله أو أكثر منه جحد حق الآخر إن جحد الآخر حقه ليحصل التقاص وإن اختلف الجنس ولم يكن من النقدين للضرورة فإن كان له عليه دين دون ما للآخر عليه جحد من حقه بقدره .
والمدعي لغة من ادعى لنفسه شيئا سواء كان في يده أم لا .
والأظهر أن المدعي .
اصطلاحا " من يخالف قوله الظاهر " وهو براءة الذمة .
و .
الأظهر أيضا أن " المدعى عليه من يوافقه " أن يوافق قوله الظاهر .
والثاني أن المدعي من لو سكت خلي ولم يطالب بشيء والمدعى عليه من لا يخلى ولا يكفيه السكوت فإذا ادعى زيد دينا في ذمة عمرو فأنكر فزيد يخالف قوله الظاهر من براءة عمرو ولو سكت ترك وعمرو يوافق قوله الظاهر ولو سكت لم يترك فهو مدعى عليه وزيد مدع على القولين ولا يختلف موجبهما غالبا وقد يختلف كالمذكور بقوله " فإذا أسلم زوجان قبل وطء فقال الزوج أسلمنا معا فالنكاح " بيننا " باق وقالت " أي الزوجة أسلمنا " مرتبا " فلا نكاح بيننا " فهو " على الأظهر " مدع " لأن وقوع الإسلامين معا خلاف الظاهر وهي مدعى عليها وعلى الثاني هي مدعية وهو مدعى عليه لأنها لو سكتت تركت وهو لا يترك لو سكت لزعمها انفساخ النكاح .
فعلى الأول تحلف الزوجة ويرتفع النكاح وعلى الثاني يحلف الزوج ويستمر النكاح .
والذي صححاه في نكاح المشرك من أن القول قول الزوج يكون مبنيا على مرجوح .
وقد يقال إنما جعل اليمين في جانبه على القول الأول لأنه لما كان الأصل بقاء العصمة قوي جانبه فكان هو المصدق بيمينه كما أن المدعى عليه لما كان الأصل براءة ذمته قوى جانبه فكان هو المصدق بيمينه .
ولو قال لها أسلمت قبلي فلا نكاح بيننا ولا مهر لك وقالت بل أسلمنا معا صدق في الفرقة بلا يمين وفي المهر بيمينه على الأظهر لأن الظاهر معه وصدقت بيمينها على الثاني لأنها لا تترك بالسكوت لأن الزوج يزعم سقوط المهر فإذا سكتت ولا بينة جعلت ناكلة وحلف هو وسقط المهر .
والأمين في دعوى الرد مدع على الأظهر لأنه يزعم الردالذي هو خلاف الظاهر لكنه يصدق بيمينه لأنه أثبت يده لغرض المالك وقد ائتمنه فلا يحسن تكليفه بينة الرد .
وأما على القول الثاني فهو مدعى عليه لأن المالك هو الذي لو سكت ترك وفي التحالف كل من الخصمين مدع ومدعى عليه لاستوائهما .
تنبيه : .
قد تقدم في كتاب دعوى الدم والقسامة أن لصحة الدعوى ستة شروط ذكر المصنف بعضها وذكرت باقيها في الشرح .
و .
ذكر منها هنا شرطان الأول أن تكون معلومة فعليه " متى ادعى " شخص دينا " نقدا " أو غيره مثليا أو متقوما " اشترط " فيه لصحة الدعوى " بيان جنس " له كذهب وفضة " ونوع " له كخالص أو مغشوش " وقدر " كمائة وصفة يختلف بها الغرض .
و .
يشترط في النقد أيضا شيئان " صحة تكسر إن اختلفت بهما قيمة " كمائة درهم فضة ظاهرية صحاح أو مكسرة فلا يكفي إطلاق النقد وإن غلب وبه صرح ( 4 / 465 ) الماوردي وغيره .
وفارق البيع ونحوه بأن زمن العقد يقيد صفة الثمن بالغالب من النقود ولا يتقيد ذلك بزمن الدعوى لتقدمه عليها .
نعم مطلق الدينار ينصرف إلى الدينار الشرعي كما صرح به في أصل الروضة ولا يحتاج إلى بيان وزنه وفي معناه مطلق الدرهم .
أما إذا لم تختلف قيمة النقد بالصحة والتكسر فلا يحتاج إلى بيانهما لكن استثنى الماوردي و الروياني دين السلم فاعتبر بيانهما فيه .
أو .
لم يدع الشخص دينا بل ادعى " عينا تنضبط " بالصفة متقومة كانت " كحيوان " وثياب أو مثلية كحبوب " وصفها " وجوبا " بصفة السلم " السابقة في بابه وإن لم يذكر مع الصفة القيمة في الأصح .
وقيل يجب معها .
أي صفة السلم " ذكر القيمة " لتلك العين الموصوفة فإن لم تنضبط بالصفات كالجواهر واليواقيت وجب ذكر القيمة فيقول جوهر قيمته كذا وبه قال القاضي أبو الطيب و البندنيجي و ابن الصباغ وغيرهم .
واستثني ما لو غصب غيره منه عينا في بلد ثم لقيه في آخر وهي باقية ولكن لنقلها مؤنة فإنه يجب ذكر قيمتها لأنها المستحقة في هذه الحالة فإذا رد العين رد القيمة .
ويبين في دعوى العقار الناحية والبلد والمحلة والسكة والحدود وأنه في يمنة داخل السكة أو يسرته أو صدرها ذكره البلقيني .
ولا حاجة لذكر القيمة كما علم مما مر .
وهذا إن بقيت العين " فإن تلفت وهي متقومة " بكسر الواو " وجب " مع ذلك " ذكر القيمة " لأنها الواجبة عند التلف فلا حاجة لذكر شيء معها من الصفات كما اقتضاه كلامهم لكن يجب ذكر الجنس فيقول عبد قيمته مائة فإن كانت مثلية لم يجب ذكر قيمته ويكفي الضبط بالصفات .
تنبيه : .
لو كان التالف سيفا محلى ذكر قيمته بالذهب إن كانت حليته فضة وبالفضة إن كانت حليته ذهبا وإن كان محلى بهما قوم بأحدهما للضرورة وهذا ما جرى عليه ابن المقري في روضه هنا تبعا لأصله .
واختلف كلامهما في باب الغصب فقال هناك إن تبر الحلي يضمن بمثله ويبيعه بنقد البلد وقال أصله إن المحلى يضمن بنقد البلد وإن كان من جنسه قال ولا يلزم منه الربا فإنه إنما يجرى في العقود لا في الغرامات اه " .
ويقوم مغشوش الذهب بالفضة كعكسه إذا قلنا إنها متقومة فيدعى مائة دينار من نقد كذا قيمتها كذا درهما أو مائة درهم من نقد كذا قيمتها كذا دينارا .
فإن قلنا إنها مثلية وهو الصحيح بناء على جواز المعاملة بها وهو الأصح فلا يشترط التعرض لقيمتها .
ويستثنى من اشتراط العلم بالمدعى به مسائل تصح الدعوى فيها بالمجهول منها الإقرار ولو بنكاح كالإقرار به .
ومنها الوصية تحرزا عن ضياعها ولأنها تحتمل الجهل فكذا دعواه .
ومنها فرض المفوضة لأنها تطلب من القاضي أن يفرض لها فلا يتصور منها البيان ومثله المتعة والحكومة والرضخ وحط الكتابة والغرة والإبراء المجهول في إبل الدية بناء على الأصح من صحة الإبراء منه فيها .
ومنها حق ممر أو إجراء الماء في أرض جددت اكتفاء بتحديد الأرض كما رجحه ابن المقري .
ومنها تصح الشهادة بهذه المستثنيات لترتبها عليها .
فرع لو أحضر ورقة .
فيها دعواه ثم ادعى ما في الورقة وهو موصوف بما مر هل يكتفي بذلك أو لا وجهان أوجههما كما أشار إليه الزركشي الأول إذا قرأه القاضي أو قرىء عليه .
والشرط الثاني المذكور هنا لصحة الدعوى ولم يتعرض له المصنف أن تكون الدعوى تلزمه فلو ادعى على غيره هبة أو بيعا أو دينا أو نحو ذلك مما الغرض منه تحصيل الحق فليذكر في دعواه وجوب التسليم كأن يقول ويلزمه التسليم إلي أو وهو ممتنع من الأداء الواجب عليه لأنه قد يرجع الواهب وينفسخ البيع ويكون الدين مؤجلا أو من عليه مفلسا .
ولو قصد بالدعوى رفع المنازعة لا تحصيل الحق فقال هذه الدار لي وهو يمنعنيها سمعت دعواه وإن لم يقل هي في يده لأنه يمكن أن ينازعه .
وإن لم تكن في يده " أو " لم يدع دينا ولا عينا بل ادعى " نكاحا لم يكف الإطلاق " فيه " على الأصح " المنصوص " بل " يقيد ذلك وحينئذ " يقول نكحتها بولي مرشد " قال البلقيني وهذا ليس صريحا في العدالة فينبغي أن يقول بولي عدل .
لكن قال الزركشي المراد بالمرشد من دخل في الرشد أي صلح للولاية وذلك أعم ( 4 / 466 ) من العدل والمستور والفاسق إذا قلنا يلي أي أو وكانت ولايته بالشوكة .
وشاهدي عدل .
قال الزركشي وينبغي الاكتفاء بقوله وشاهدين بغير وصفهما بالعدالة فقد ذكروا في النكاح أنه لو رفع نكاح عقد بمستورين إلى حاكم لم ينقض .
نعم إن ادعت المرأة شيئا من حقوق الزوجية احتاج الحاكم إلى التزكية .
ورضاها إن كان يشترط .
بأن كانت غير مجبرة لأن النكاح فيه حق لله تعالى وحق لآدمي وإذا وقع لا يمكن استدراكه فاحتيط فيه .
والثاني يكفي الإطلاق فيه كالمال وكما لا يشترط انتفاء ذكر الموانع كالردة والرضاع .
وأجاب الأول عن القياس الأول بما مر وعن الثاني بأن الشروط يعتبر وجودها ليصح العقد والموانع يعتبر عدمها والأصل العدم فاكتفي به ولأنها كثيرة يعسر ضبطها .
تنبيه : .
قال البلقيني يستثنى من ذلك أنكحة الكفار فيكفي في الدعوى بها أن يقول هذه زوجتي وإن ادعى استمرار نكاحها بعد الإسلام ذكر ما يقتضي تقريره حينئذ ولا بد فيما إذا كان سفيها أو عبدا من قوله نكحتها بإذن وليي أو مالكي ولا يشترط تعيين الولي والشاهدين والدعوى تكون على المرأة على وليها المجبر بناء على صحة إقرارهما به وهو الأصح .
وسكت المصنف عن دعوى المرأة بالنكاح ونقل الرافعي فيها عن تصحيح الغزالي أنها لا تسمع لأن النكاح للزوج لا لها ثم قال لكن الأئمة جانحون إلى ترجيح السماع اه " .
وهذا هو المعتمد .
وإذا ادعت ففي اشتراط التفصيل وعدمه ما في اشتراطه في دعوى الزوج .
ولا يشترط تفصيل في إقرارها بنكاح لأنها لا تقر إلا عن تحقيق ويشترط تفصيل الشهود بالنكاح تبعا للدعوى ولا يشترط قولهم ولا نعلمه فارقها وهي إلى اليوم زوجته .
فإن كانت .
تلك المرأة المدعى نكاحها " أمة " أو مبعضة والزوج حر " فالأصح " يجب مع ما سبق " وجوب ذكر العجز عن طول " أي مهر ينكح به حرة " و " وجوب ذكر " خوف عنت " أي الزنا المشترطين في جواز نكاح من بها رق لأن الفروج يحتاط لها كالدماء .
وقياس هذا وجوب التعرض لها في الشروط من كونه لا حرة تحته تصلح وكون الأمة مسلمة إن كان الزوج مسلما وهو ظاهر .
والثاني لا يجب كما لا يجب التعرض لعدم الموانع وقد مر الفرق .
أو .
لم يدع نكاحا بل ادعى " عقدا ماليا كبيع وهبة " لم يشترط تفصيل و " كفى الإطلاق في الأصح " المنصوص لأنه أخف حكما من النكاح ولهذا لا يشترط فيه الإشهاد بخلافه .
والثاني يشترط كالنكاح .
والثالث إن تعلق العقد بجارية وجب احتياطا للبضع واختاره ابن عبد السلام .
تنبيه : .
مقتضى تعبير المصنف بالإطلاق أنه لا يشترط التقييد بالصحة ولكن الأصح في الوسيط اشتراطه وهو قضية كلام الرافعي .
ومحل الخلاف في غير بيوع الكفار فإذا تبايعوا بيوعا فاسدة وتقابضوها بأنفسهم أو بإلزام حاكمهم فإنا نمضيها على الأظهر كما هو مقرر في الجزية فلا يحتاج فيها إلى ذكر الشروط .
وتسمع الدعوى من المدعي على خصمه وإن لم تعلم بينهما مخالطة ولا معاملة ولا فرق فيه بين طبقات الناس فتصح دعوى دنيء على شريف وإن شهدت قرائن الحال بكذبه كأن ادعى ذمي استئجار أمير أو فقيه لعلف دوابه وكنس بيته .
ومن قامت عليه بينة .
بحق ف " ليس له تحليف المدعي " على استحقاقه ما ادعاه لأنه تكليف حجة بعد حجة بل هو كالطعن في الشهود .
تنبيه : .
استثني من ذلك صورتان الأولى إذا أقيمت بينة بعين لشخص وقالت البينة لا نعلمه باعها ولا وهبها فيحلف كما قال الشافعي رضي الله تعالى عنه أنها لم تخرج عن ملكه بوجه من الوجوه ثم تدفع إليه الثانية إذا أقيمت بينة بإعسار المديون فلصاحب الدين تحليفه في الأصح لجواز أن يكون له مال في الباطن .
فإن ادعى .
بعد إقامة البينة مسقطا له كأن ادعى " أداء " له " أو إبراء " منه في الدين " أو شراء عين " من مدعيها " أو هبتها وإقباضها " منه " حلفه " خصمه " على نفيه " أي نفي ما ادعاه وهو أنه ما تأدى منه الحق ولا أبرأه من الدين ولا باعه العين ( 4 / 467 ) ولا وهبه إياها .
تنبيه : .
محل ذلك إذا ادعى حدوث شيء من ذلك قبل إقامة البينة والحكم وكذا بينهما بعد مضي زمن إمكانه فإن لم يمض زمن إمكانه لم يلتفت إليه .
وكذا إن ادعى بعد الحكم حدوثه قبل البينة على الأصح في أصل الروضة ليثبت المال عليه بالقضاء .
ويستثنى من إطلاق المصنف الأداء ما لو قال الأجير على الحج قد حججت فإنه يقبل قوله ولا يلزمه بينة ولا يمين قاله الدبيلي قال كما لو طلق امرأته ثلاثا وادعت أنها تزوجت ودخل بها وطلقها وانقضت عدتها قبل منها ولا بينة عليها ولا يمين .
وشمل إطلاق المصنف الإبراء ما لو ادعى أنه أبراه عن هذه الدعوى لكن الأصح في الشرح الصغير أنه لا يحلف لأن الإبراء عن نفس الدعوى لا معنى له إلا تصوير صلح على إنكار وهو باطل .
وأشعر قوله على نفيه أنه لا يكلف توفية الدين أو لا بل يحلف المدعي ثم يستوفى وهو كذلك على الصحيح .
وكذا لو ادعى .
الخصم " علمه " أي المدعي " بفسق شاهده " الذي أقامه " أو كذبه " فله تحليفه أيضا على نفي ما ادعاه " في الأصح " المنصوص لأنه لو أقر له به بطلت شهادته .
والثاني لا لأنه لم يدع عليه حقا وإنما ادعى عليه أمرا لو ثبت لنفعه .
واحترز بالبينة أي فقط عما لو حلف المدعي قبل ذلك إما مع شاهد أو يمين الاستظهار فإنه لا يحلف بعد هذه الدعوى على نفي ذلك كما صوبه البلقيني لأن الحلف مع ذلك قد يعرض فيه الحالف لاستحقاقه الحق فلا يحلف بعد ذلك على نفي ما ادعاه الخصم .
تنبيه : .
ذكر الجيلي في الإعجاز أنه يحلف مع البينة في عشرة مواضع إذا ادعى على الميت مالا أو قتلا وأنكر الورثة فأقام بينة لم يحكم له حتى يحلف مع البينة أنه عليه وأنه يستحقه إلى الآن وكذا إن ادعى على غائب أو صبي أو مجنون .
وأن يدعي على امرأة وطئا فيقيم البينة على نفي البكارة فيحلف معها لاحتمال عود البكارة .
وإذا أقام على رجل بينة بمال ادعاه فقال المدعى عليه احلف أنك تستحق هذا المال ولم يكذب الشهود ولكن قال باطنه بخلاف ظاهره فإنه يحلف مع البينة أنه يستحق ذلك الآن .
وإذا قال لامرأته أنت طالق أمس وقال أردت أنها كانت مطلقة من غيري وأقام بينة حلف معها أنه أراد ذلك .
وإذا ادعى الوديع هلاك الوديعة بسبب ظاهر وأقام البينة على السبب حلف على الهلاك به .
وفي الجراح في العضو الباطن إذا قال إنه كان صحيحا وأقام بذلك بينة حلف معها .
وفي الرد بالعيب إذا أقام بينة أنه كان كذلك حلف معها .
قال الزركشي وفي بعض هذه الصور نظر ومنها ما الحلف فيه مستحب لا مستحق اه " .
ولعله يشير بالنظر إلى الموضع السابع وبالاستحباب إلى الثامن .
وإذا استمهل .
أي طلب الإمهال من أقيمت عليه بينة " ليأتي بدافع " فيها استفسر إن كان جاهلا لأنه قد يتوهم ما ليس بدافع دافعا بخلاف ما إذا كان عارفا فإن عين جهة من نحو أداء أو إبراء أو كان عارفا " أمهل ثلاثة أيام " لأنها مدة قريبة لا يعظم الضرر فيها ومقيم البينة قد يحتاج إلى مثلها للفحص عن الشهود .
ولو أحضر بعد الثلاث الشهود ولم يعدوا أمهل ثلاثا للتعديل لأنه استظهار لبينة في شهادة أخرى كما حكاه الرافعي عن الروياني وأقره .
ولو لم يأت ببينة ثم ادعى جهة أخرى بعد المدة لم تمهل أو في أثنائها سمعت دعواه .
ولو حضر في الثلاث بشاهد واستمهل بالثاني أمهل ثلاثة مستقبلة كما قاله الماوردي .
وذكر الرافعي في الباب الثاني من أبواب الكتابة أن العبد لو ادعى الأداء وأنكر السيد وأراد العبد إقامة البينة أمهل ثلاثا قال وهل هو واجب أو مستحب وجهان اه " .
وقياس ما هنا الوجوب .
ولو عاد المدعى عليه بعد الثلاث وسأل القاضي تحليف المدعي على نحو إبراء أجابه إليه لتيسره في الحال ولا يكلف تسليم الدين أولا " ولو ادعى رق بالغ " عاقل " فقال أنا حر " بالأصالة " فالقول قوله " بيمينه وإن تداولته الأيدي وسبق من مدعي رقه قرينة تدل على الرق ظاهرا كاستخدام وإجارة لموافقته الأصل وهو الحرية وعلى المدعي البينة .
تنبيه : .
محل ما ذكر إذا لم يسبق منه إقرار يرق وإن لم يقبل قوله .
وإذا حلف على نفي الرق وقد اشتراه المدعي ( 4 / 468 ) من غيره المدعى على بائعه بالثمن ولو اعترف حالة الخصومة وقال برقه وقال إنه ذكره على وجه الخصومة أو اعتمد في اعترافه به ظاهر اليد .
وخرج بقوله حر أي بالأصالة كما مر ما لو قال أعتقتني أو أعتقني الذي باعني منك أو غيره فإنه لا يقبل إلا ببينة وما لو قال أنا عبد فلان فالمصدق السيد لاعتراف العبد بالرق لأنه مال يثبت عليه اليد واليد عليه للسيد فلا تنتقل عنه بخلافه هنا فإنه لم يعترف بذلك والأصل الحرية .
ولو أقام المدعي بينة برقه وأقام هو بينة بأنه حر فالذي جزم به الرافعي في آخر الدعاوى تبعا للبغوي أن بينة الرق أولى لأن معها زيادة علم وهو إثبات الرق ونقل الهروي وغيره عن الأصحاب أن بينة الحرية أولى .
أو .
ادعى " رق صغير ليس في يده لم يقبل " منه " إلا ببينة " لأن الأصل عدم الملك والظاهر كما قاله الأذرعي أن المجنون البالغ كالصغير .
ولو كان الصغير في يد غيره وصدقه صاحب اليد كفى تصديقه مع حلف المدعي .
أو .
ادعى رق صغير " في يده حكم له به " بعد حلفه " إن لم يعرف استنادها " أي يد المدعي " إلى التقاط " كما لو ادعى الملك في دابة أو ثوب وإنما حلف لخطر شأن الحرية ولا أثر لإنكاره إذا بلغ بل يستمر الرق فإن استندت إلى التقاط لم يقبل إلا بحجة .
وهذه المسألة قد ذكرها في اللقيط فهي مكررة والفرق أن اللقيط محكوم بحريته ظاهرا بخلاف غيره .
فلو أنكر الصغير .
الرق " وهو مميز فإنكاره لغو " لأن عبارته ملغاة .
وقيل .
إنكاره " كبالغ " في إنكاره فلا يحكم برقه لمدعيه إلا ببينة وإن أنكر بعد بلوغه في صورة عدم الاستناد لم يؤثر .
ولا تسمع دعوى .
بحال على من اعترف المدعي بإعساره ولا دعوى " دين مؤجل " وإن كان به بينة " في الأصح " إذ لا يتعلق بها إلزام ومطالبة في الحال فيفوت نظام الدعوى .
والثاني تسمع مطلقا ليثبت في الحال ويطالب به في الاستقبال وقد يموت من عليه فتتعجل المطالبة .
والثالث إن كان به بينة سمعت وإلا فلا .
تنبيه : .
يستثنى على الأول صور الأولى إذا كان بعض الدين حالا وبعضه مؤجلا فإن الدعوى تصح به كما قاله الماوردي قال ويدعي بجميعه لاستحقاقه المطالبة بالبعض ويكون المؤجل تبعا .
فإن قيل الدعوى بذلك مشكل لأن الحال إذا كان قليلا كدرهم من ألف مؤجلة يبعد الاستتباع فيه وبأنه إذا أطلق الدعوى لم يفد وإن قال لزمه تسليم الألف إلي لم تصح الدعوى وكان كاذبا وإن فصل وبين كان ذلك في حكم دعوتين فأين محل الاستتباع أجيب بأن محل الاستتباع عند الإطلاق ولا يضر كون للكثير تابعا للقليل للحاجة إلى ذلك .
الثانية لو كان المؤجل في عقد كمسلم وقصد بدعواه به تصحيح العقد لأن المقصود منها مستحق في الحال قاله الماوردي أيضا .
الثالثة إذا ادعى على القاتل بقتل خطأ أو شبه عمد فإنها تسمع مع أن ذلك إنما يوجب دية مؤجلة فلو ادعى ذلك على العاقلة لم تسمع جزما لأنه لم يتحقق لزومه لمن ادعى عليه لجواز موته في أثناء الحول وإعساره آخره ذكره البلقيني وقال لم أر من تعرض له .
تتمة تسمع الدعوى باستيلاد وتدبير وتعلق عتق بصفة ولو قيل العرض على البيع لأنها حقوق ناجزة وجواب من ادعى دينا مؤجلا ولم يذكر الأجل لا يلزمني تسليمه الآن ولا يجوز إنكاره استحقاقه في أحد وجهين قال الزركشي إنه المذهب كما حكاه الروياني عن جده .
وإن أقر له خصمه بثوب مثلا وادعى تلفه فله تحليفه أنه لا يلزمه تسليمه إليه ثم يقنع منه بالقيمة وإن نكل حلف لنقر له على بقائه وطالبه به