وكتابة الصك وتطلق الشهادة على تحملها ك شهدت بمعنى تحملت وعلى أدائها ك شهدت عند القاضي بمعنى أديت وعلى المشهود به وهو المراد هنا ك تحملت شهادة يعني المشهود به فيكون مصدرا بمعنى المفعول .
تحمل الشهادة فرض كفاية في النكاح .
لتوقف الانعقاد عليه ومثله ما يجب فيه الإشهاد لتوقف الانعقاد عليه فلو امتنع الكل أثموا ولو طلب من اثنين وثم غيرهما لم يتعينا بخلاف ما إذا تحمل جماعة وطلب الأداء من اثنين وسيأتي الفرق بينهما .
وكذا الإقرار والتصرف المالي .
وغيره كطلاق وعتق ورجعة " وكتابة الصك " وهو الكتاب فالتحمل في كل منها فرض كفاية " في الأصح " للحاجة إلى إثبات ذلك عند التنازع .
وكتابة الصكوك يستعان بها في تحصين الحقوق والمراد بها في الجملة لما مر أنه لا يلزم القاضي أن يكتب للخصم بما ثبت عنده أو حكم به ولأنها لا يستغنى عنها في حفظ الحق والمال ولها أثر ظاهر في التذكر .
والثاني المنع لصحة ما ذكر بدون إشهاد .
تنبيه : .
التقييد بالتصرف المالي لا معنى له فإن الخلاف جار في غيره كما قدرته في كلامه كالطلاق ولذلك أطلق في التنبيه أن تحمل الشهادة فرض كفاية .
ثم على فرضية التحمل من طلب منه لزمه إذا كان مستجمعا لشرائط العدالة معتقدا لصحة ما يتحمله وحضره المتحمل فإن لم يكن مستجمع الشروط فلا وجوب قال القاضي جزما .
أو دعي للتحمل فلا وجوب إلا أن يكون الداعي معذورا بمرض أو حبس أو كان امرأة مخدرة أو قاضيا يشهده على أمر ثبت عنده فتلزمه الإجابة .
قال البلقيني محل كون التحمل فرض كفاية إذا كان المتحملون كثيرين فإن لم يوجد إلا العدد المعتبر في الحكم فهو فرض عين كما جزم به الشيخ أبو حامد و الماوردي وغيرهما وهو واضح جار على القواعد وفي كلام الشافعي ما يقتضيه اه " .
ومحله أيضا في غير الحدود كما صرح به الماوردي لأنها تدرأ الشبهات .
وهذه المسألة مكررة فإنها ذكرت في السير .
ولا يلزم الشاهد كتابة الصك ورسم الشهادة إلا بأجرة فله أخذها كما له ذلك في تحمل إذا ادعي له كما سيأتي .
وأجرة رسم الشهادة ليست داخلة في أجرة التحمل وله بعد كتابته حبسه عنده للأجرة كالقصار في الثوب وكتمان الشهادة حرام لآية " ولا تكتموا الشهادة " ولأنها أمانة حصلت عنده فعليه أداؤها .
و .
على هذا " إذا لم يكن في القضية إلا اثنان " بأن لم يتحمل سواهما أو مات غيرهما أو جن أو فسق أو غاب .
وجواب إذا قوله " لزمهما الأداء " إن دعيا له لقوله تعالى " ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا " أي للأداء ولأنه يؤدي فرضا التزمه في ذمته .
فلو أدى واحد .
منهما " وامتنع الآخر " بلا عذر سواء كان بعد أداء صاحبه أم قبله " وقال " للمدعي " احلف معه " عصى وإن كان القاضي يرى الحكم بشاهد ويمين لأن من مقاصد الإشهاد التورع عن اليمين فلا يفوت عليه وكذا لو امتنع شاهد رد لوديعة وقالا له احلف على ردها عصيا .
وإن كان .
في القضية " شهود ( 4 / 451 ) كأربعة " فالأداء فرض كفاية " عليهم لحصو الغرض بالبعض كالجهاد فإذا قام بها اثنان منهم سقط الجرح عن الباقين وإن امتنع الكل عصوا سواء طلبهم المدعي مجتمعين أم متفرقين والمدعو أولا أعظمهم إثما لأنه متبوع في الامتناع كما لو أجاب أولا فإنه يكون أعظمهم أجرا .
فلو طلب .
المدعي الأداء " من اثنين " منهم بأعيانهما " لزمهما " ذلك " في الأصح " لئلا يفضي إلى التواكل .
والثاني لا كالمتحمل .
وفرق الأول بأنه هناك طلبهما لتحمل أمانة وهنا لأدائها .
والخلاف جار فيما لو طلبه من واحد أيضا كما نقله في المطلب .
تنبيه : .
محل الخلاف كما قاله الإمام وأقراه ما إذا لم يعلم إباء الباقين وإلا فلا خلاف في اللزوم .
وقضية كلام الروضة فيما إذا علمت رغبة غيرهما أنه لا خلاف في جواز الامتناع نبه عليه الزركشي .
وإن لم يكن .
في القضية " إلا واحد لزمه " الأداء " إن كان فيما " أي في حق يثبت بشاهد ويمين هذا إذا كان القاضي المطلوب إليه يرى بذلك كما قيده الماوردي .
وقد يقال إن هذا معلوم من قول المصنف يثبت بشاهد ويمين .
وإلا .
بأن لم يثبت الحق بذلك أو كان القاضي لا يرى ذلك " فلا " يلزمه الأداء إذ لا فائدة فيه .
ولو كان مع الشاهد امرأتان فالحكم فيهما كالحكم فيما ذكر قاله الماوردي .
ولما كان مقابل الأصح السابق مفصلا بينه بقوله " وقيل لا يلزم الأداء إلا من " أي شاهد " تحمل قصدا لا اتفاقا " لأنه لم يوجد منه التزام .
والأصح عدم الفرق لأنها أمانة حصلت عنده فلزمه أداؤها وإن لم يلتزمها كثوب طيرته الريح إلى داره .
تنبيه : .
محل الخلاف كما قاله الأذرعي فيما لا يقبل فيه شهادة الحسبة كالحقوق المالية دون ما فيه خطر كما لو سمع من طلق امرأته ثم استفرشها أو عفا عن قصاص ثم طلبه فيلزمه الأداء جزما وإن لم يتحمله قصدا .
ولوجوب الأداء شروط .
أحدها " أن يدعى " الشاهد إليه " من مسافة العدوى " فأقل وهي التي يتمكن المبكر إليها من الرجوع إلى أهله في يومه كما مر في الحاجة إلى الإثبات وتعذره فلو دعي مما فوقها لم يجب للضرر وإمكان الإثبات بالشهادة على الشهادة قال الأذرعي هذا إذا دعاه المستحق أو الحاكم وليس في عمله فإن دعاه الحاكم وهو في عمله أو الإمام الأعظم فيشبه أن يجب حضوره وقد استحضر عمر Bه الشهود من الكوفة إلى المدينة وروي من الشام أيضا .
قال شيخنا وما قاله ظاهر في الإمام الأعظم دون غيره اه " .
ولعله أخذ ذلك من قصة عمر رضي الله تعالى عنه ولا دليل فيه إذ ليس فيها أن عمر أجبرهم على الحضور فالمعتمد إطلاق الأصحاب .
ومتى كان القاضي في البلد فالمسافة قريبة كما قطع به الشيخان وغيرهما .
تنبيه : .
قول المصنف يدعى يقتضي أنه لا يجب عليه من غير دعاء ومحله في غير شهادة الحسبة .
أما هي فالظاهر كما قال الأذرعي وغيره الوجوب مسارعة للنهي عن المنكر إذ هو على الفور .
وقيل دون مسافة القصر .
وهذا مزيد على الأول بما بين المسافتين فإن دعي من مسافة القصر لم يجب عليه الحضور للأداء لبعدها .
و .
الشرط الثاني " أن يكون " المدعو " عدلا فإن دعي ذو فسق مجمع عليه " كشارب خمر ولا فرق فيه بين الظاهر للناس والخفي كما هو قضية كلام المصنف في عدم الوجوب .
قال الأذرعي وفي تحريم الأداء مع الفسق الخفي نظر لأنها شهادة بحق وإعانة عليه في نفس الأمر .
ولا إثم على القاضي إذا لم يقصر بل يتجه وجوب الأداء إذا كان فيه إنقاذ نفس أو عضو أو بعض قال وبه صرح الماوردي .
قيل أو دعي ذو فسق .
مختلف فيه " كشرب نبيذ " لم يجب " عليه الأداء لما فيه من تعرض نفسه من إسقاط عدالته بما لا يراه مسقطا في اعتقاده .
والأصح الوجوب وإن عهد من ( 4 / 452 ) القاضي رد الشهادة به لأنه قد يتغير اجتهاده .
وقضية التعليل عدم اللزوم إذا كان القاضي مقلدا من يفسق بذلك وهو كما قال شيخنا ظاهر .
فإن قيل قد يمتنع بأنه يجوز أن يقلد غير مقلده .
أجيب بأن اعتبار مثل هذا الجواز بعيد .
وهل يجوز للعدل أن يشهد ببيع عند من يرى إثبات الشفعة للجار وهو لا يراه أو لا وجهان أفقههما كما قال شيخنا الجواز والبيع مثال والضابط أن يشهد بما يعلم أن القاضي يرتب عليه ما لا يعتقده .
فروع لو كان مع المجمع على فسقه عدل لم يلزمه الأداء إلا فيما يثبت بشاهد ويمين إذ لا فائدة فيه فيما عداه .
ولو امتنع الشاهد من الأداء حياء من المشهود عليه أو غيره عصى وردت شهادته إلى أن تصح توبته .
ولو قال المدعي للقاضي شاهدي ممتنع من أداء الشهادة لي عنادا فأحضره ليشهد لم يجبه إلى ذلك لأنه لو شهد لم تقبل شهادته له لأنه فاسق بالامتناع بزعمه بخلاف ما لم يقل عنادا لاحتمال أن يكون امتناعه لعذر شرعي .
و .
الشرط الثالث " أن لا يكون " المدعو " معذور بمرض ونحوه " كخوفه على ماله أو تعطل كسبه في ذلك الوقت إلا إن بذل له قدر كسبه أو طلبه في حر أو برد شديد وكتخدير المرأة وكذا كل عذر يسقط عنه به الجمعة " فإن كان " المدعو معذورا لم يلزمه الأداء " وأشهد على شهادته " غيره " أو بعث القاضي " إليه " من يسمعها " دفعا للمشقة عنه .
تنبيه : .
قضية حصره الشروط الثلاثة المذكورة عدم اشتراط كون المدعو إليه قاضيا وعدم كونه أهلا للقضاء وهو كذلك فلو دعي إلى أمير أو نحوه كوزير وعلم حصول الحق به وجب عليه الأداء عنده كما في زيادة الروضة .
وينبغي كما في التوضيح حمله على ما إذا علم أن الحق لا يخلص إلا عنده وإليه يرشد قولهم إذا علم أنه يصل به للحق فقول المصنف في باب القضاء على الغائب أن منصب سماع البينة مختص بالقضاء هو يقتضي أنه لا يجب في غير القاضي محمول على غير هذا .
ويجب عليه الأداء أيضا إذا دعي إلى قاض جائر أو امتنعت في الشهادة على الأصح في زيادة الروضة .
ومن شروط الوجوب أن لا يكون في حد لله تعالى فإن كان قال المصنف إن رأى المصلحة في الشهادة شهدوا وإلا فلا إلا إن ترتب على تركها حد على غير الشاهد مثل أن لا يكمل النصاب إلا به فإنه يجب عليه الأداء كما قاله الماوردي .
قال ابن سراقة وربما أثم الشاهد بالأداء مثل أن يشهد على مسلم أنه قتل كافرا والحاكم عراقي فلا يجوز له الأداء لما في ذلك من قتل المسلم بالكافر .
وإذا اجتمعت الشروط وكان في صلاة أو حمام أو على طعام أو نحو ذلك فله التأخير إلى أن يفرغ .
ولو رد قاض شهادته لجرحه ثم دعى إلى قاض آخر لا إليه لزمه أداؤها .
ولو دعي في وقت واحد لشهادتين بحقين فإن تساويا تخير في إجابة من شاء من الداعيين وإن اختلف قدم ما يخاف فوته فإن لم يخف فوته تخير قاله ابن عبد السلام .
قال الزركشي ويحتمل الإقراع وهو أوجه .
تتمة ليس للشاهد أخذ رزق لتحمل الشهادة من الإمام أحد أو الرعية وأما أخذه من بيت المال فهو كالقاضي وتقدم تفصيله وإن قال المقري ليس له الأخذ مطلقا وقال غيره له ذلك بلا تفصيل .
وله بكل حال أخذ أجرة من المشهود له على التحمل وإن تعين عليه إن دعي له فإن تحمل بمكانه فلا أجرة له .
وليس له أخذ أجرة للأداء إن لم يتعين عليه لأنه فرض عليه فلا يستحق عوضا ولأنه كلام يسير لا أجرة لمثله .
وفارق التحمل بأن الأخذ للأداء يورث تهمة قوية مع أن زمنه يسير ولا تفوت به منفعة متقومة بخلاف زمن التحمل إلا إن دعي من مسافة عدوى فأكثر فله نفقة الطريق وأجرة المركوب وإن لم يركب .
نعم لمن في البلد أخذ الأجرة إن احتاج إليها وله صرف ما يعطيه له المشهود له إلى غير النفقة والأجرة وكذا من أعطى شيئا فقيرا ليكسو به نفسه للفقير أن يصرفه لغير الكسوة ثم إن مشى الشاهد من بلد إلى بلد مع قدرته على الركوب قد تنخرم المروءة فيظهر امتناعه فيمن هذا شأنه قاله الإسنوي .
قال الأذرعي لا يتقيد ذلك ببلدين بل قد يأتي في البلد الواحد فيعد ذلك خرما للمروءة إلا أن تدعو الحاجة إليه أو يفعله تواضعا