بعين غائبة أو غيرها وسماع البينة والحكم بها إذا " ادعى " عند قاض " عينا غائبة عن البلد " سواء أكانت في محل ولايته أم لا " يؤمن اشتباهها " بغيرها " كعقار وعبد وفرس معروفات " بالشهرة .
تنبيه : .
لو عبر كالمحرر والروضة بمعروفين بتغليب العاقل على غيره كان أولى ولكنه غلب غير العاقل الأكثر على العاقل الأقل .
وجواب الشرط المقدر قوله " سمع " القاضي " ببينته وحكم بها وكتب " بذلك " إلى قاضي بلد المال ليسلمه " أي المدعى به " للمدعي " بعد ثبوت ذلك عنده كما في نظيره من الدعوى على الغائب .
ولا فرق في مسائل الفصل بين حضور المدعى عليه وغيبته وإنما أدخله المصنف في الباب نظرا لغيبة المحكوم به ولا بين كون المدعى به في محل ولاية القاضي أو خارجا عنها كما أن قضاءه ينفذ على الخارج عن محل ولايته إذا قامت البينة بنسبه وصفته ( 4 / 412 ) قال الإمام وعلى هذا قال العلماء بحقائق القضاء قاضي قرية ينفذ قضاؤه على بقاع الدنيا في دائرة الآفاق ويقضي على أهل الدنيا .
ويعتمد .
المدعي " في " دعوى " العقار " الذي لم يشتهر " حدوده " الأربعة ليتميز .
تنبيه : .
محل ذكر حدوده كلها إذا لم يعلم بأقل منها وإلا اكتفى بما يعلم به منها كما يؤخذ مما أفتى به القفال وغيره .
ويجب ذكر البقعة والسكة وهل هو في أولها أو آخرها أو وسطها وغير ذلك مما يتميز به العقار .
ولا يجب ذكر القيمة لحصول التمييز بدونها .
هذا كله إذا توقف التعريف على الحدود فلو حصل التعريف باسم وضع لها لا يشاركها فيه غيرها كدار الندوة بمكة كفى كما جزم به الماوردي في الدعاوى .
وإن ادعى أشجارا في بستان ذكر حدوده التي لا يتميز بدونها وعدد الأشجار ومحلها من البستان وما تتميز به عن غيرها والضابط التمييز .
أو .
كان المدعى به عينا غائبة عن البلد " لا يؤمن " اشتباهها كغير المعروف من العبيد والدواب وغيرها " فالأظهر سماع البينة " على صفتها مع غيبتها وهي غائبة اعتمادا على الصفات لأن الصفة تميزها عن غيرها والحاجة داعية إلى إقامة الحجة عليها كالعقار .
والثاني المنع لأن الصفات تتشابه .
و .
على الأظهر " يبالغ المدعي في " استقصاء " الوصف " للمدعى به المثلي قدر ما يمكنه " ويذكر القيمة " في المتقوم وجوبا فيهما ويندب أن يذكر فيه المثلي وأن يبالغ في وصف المتقوم .
تنبيه : .
ما قررت به كلام المصنف هو ما في الروضة وأصلها هنا وما ذكره كالروضة وأصلها في الدعاوى من وجوب وصف العين بصفة السلم دون قيمتها مثلية كانت أو متقومة هو في عين حاضرة بالبلد يمكن إحضار مجلس الحكم .
وبذلك اندفع قول بعضهم إن كلامهما هنا يخالف ما في الدعاوى وقال البلقيني مع اعتماده ما في الدعاوى كلام المتن في غير النقد أما هو فيعتبر فيه ذكر الجنس والنوع والصحة والتكسير .
و .
الأظهر " أنه " إذا سمع بينة الصفة " لا يحكم بها " لأن الحكم مع خطر الاشتباه والجهالة بعيد والحاجة تندفع بسماع البينة والمكاتبة بها .
تنبيه : .
هذا معطوف على الأظهر كما قدرته في كلامه أي إذا قلنا بسماع البينة ففي الحكم بها قولان أظهرهما لا يحكم بها لما مر والثاني يحكم ولا نظر إلى خطر الاشتباه .
ثم فرع المصنف على الأظهر فقال " بل يكتب إلى قاضي بلد المال بما شهدت " تلك البينة " به فيأخذه " أي ينزع القاضي المكتوب إليه المدعى به من يد المدعى عليه إذا وجده بالصفة التي تضمنها الكتاب " ويبعثه إلى " القاضي " الكاتب ليشهدوا " أي الشهود أولا " على عينه " أي المدعى به ليحصل اليقين .
تنبيه : .
ظاهر كلامه كالمحرر تفريع هذه المسألة على عدم الحكم بسماع بينة الصفة لكن الذي في الروضة أنه يكتب بما جرى عنده من مجرد قيام البينة أو مع الحكم إن جوزناه في طريقه قولان .
والأظهر أنه .
أي المكتوب إليه " يسلمه إلى المدعي " بعد أن يحلفه كما قال الزركشي إن المال هو الذي شهد به شهوده عند القاضي .
ويجب أن يكون التسليم " بكفيل ببدنه " أي المدعى احتياطا للمدعى عليه حتى إذا لم تعينه البينة طولب برده .
وقيل لا يكفله ببدنه بل يكفله بقيمة المال .
ويسن أن يختم على العين حين تسليمها بختم لازم لئلا تبدل بما يقع به اللبس على الشهود فإن كان رقيقا جعل في عنقه قلادة وختم عليها وأخذ الكفيل واجب .
والختم مستحب والمقصود من الختم أن لا تبدل المأخوذة فإن كانت الدعوى بأمة تحرم خلوة المدعى بها بعثها مع أمين في الرفقة كما استحسنه الرافعي وقال في الروضة إنه الصحيح أو الصواب لتقوم البينة بعينها .
تنبيه : .
محل مما ذكره من البعث حيث لم يبد الخصم دافعا فإن أبداه بأن أظهر عينا أخرى مشاركة في الاسم والصفة المذكورة فكما مر في المحكوم عليه .
فإن .
ذهب الشهود إلى القاضي الكاتب و " شهدوا " عنده " بعينه " أي المدعى به حكم به للمدعي وسلمه إليه و " كتب " إلى قاضي بلد المال " ببراءة الكفيل " ولا يحتاج ( 4 / 413 ) إلى إرساله مرة ثانية .
وإلا .
بأن لم يشهدوا على عينه " فعلى المدعي مؤنة الرد " للمدعى به والإحضار له إلى مكانه لتعديه ولهذا كان مضمونا عليه كما حكاه ابن الرفعة عن البندنيجي .
وعليه أيضا أجرته لمدة الحيلولة إن كانت له منفعة كما قاله العراقيون لأنه عطل منفعته على صاحبه بغير حق .
أو .
كان المدعى به عينا " غائبة عن المجلس " للحكم " لا " عن " البلد أمر " بضم أوله أي أمر القاضي الخصم أو من العين في يده " بإحضار ما يمكن " أي يسهل " إحضاره ليشهدوا بعينه " أي عليها لنيسر ذلك والفرق بينه وبين الغائب عن البلد بعد المسافة وكثرة المشقة .
أما ما لا يمكن إحضاره كالعقار فيحده المدعي ويقيم البينة بتلك الحدود .
فإن قال الشهود نعرف العقار بعينه لا نعرف الحدود بعث القاضي من يسمع البينة على عينه أو يحضر بنفسه فإن كان المشار إليه بالحدود المذكورة في الدعوى حكم وإلا فلا .
هذا إذا لم يكن العقار مشهورا بالبلد وإلا لم يحتج إلى تحديده كما مر في العين الغائبة عن البلد .
وأما ما يعسر إحضاره كالشيء الثقيل أو ما أثبت في الأرض أو ركز في الجدار وأورث قلعه ضررا فكالعقار فلو عبر المصنف بتيسر إحضاره دون الإمكان كان أولى ليشمل ما ذكر .
ويستثنى من إطلاقه وجوب الإحضار ما لو كانت العين مشهودة للناس فإنه لم يحتج إلى إحضارها وكذا إذا عرفها القاضي وحكم بعلمه بناء على جواز حكمه بعلمه .
تنبيه : .
قضية قوله غائبة عن المجلس لا البلد أن الغائبة عن البلد لا يؤمر بإحضارها وإن قربت وليس مرادا بل الغائبة عن البلد بموضع يجب الأعداء إليه كالتي في البلد لاشتراك الحالين في إيجاب الحضور كما نبه على ذلك في المطلب .
ولا تسمع شهادة بصفة .
لعين غائبة عن مجلس الحكم وإن سمعت الدعوى بها لأنه إنما جاز السماع حال غيبتها عن البلد للحاجة وهي منتفية هنا كما لا تسمع في غيبة المدعى عليه عن المجلس لا البلد بل إن كان الخصم حاضرا أمر بإحضارها ليقيم البينة على عينها إن أقر باشتمال يده عليها وحيث امتنعت الشهادة بالوصف امتنع الحكم .
تنبيه : .
ما جزم به من عدم السماع بالصفة ذكره في الروضة ثم قال بعد ذلك ولو شهدوا أنه غصب عبدا بصفة كذا فمات العبد استحق بتلك الشهادة قيمته على تلك الصفة .
وهذا ما عزاه الرافعي لصاحب العدة قال ابن شهبة وهو مخالف لكلامهما الأول .
وإذا وجب إحضار .
الشيء المدعى ولا بينة لدعيه " فقال " المدعى عليه " ليس بيدي عين بهذه الصفة صدق بيمينه " على حسب جوابه لأن الأصل عدم عين تحت يده بهذه الصفة .
ثم .
بعد حلفه يجوز " للمدعي دعوى القيمة " لاحتمال أنها هلكت .
تنبيه : .
ظاهر كلامه أنه يدعي القيمة مطلقا وليس مرادا بل إنما يدعي القيمة فيما إذا كانت متقومة فإن كانت مثلية ادعى المثل لأنه يضمن به .
فإن نكل .
المدعى عليه عن اليمين " فحلف المدعي أو " لم ينكل بل " أقام " المدعي " بينة " حين إنكاره بأن العين الموصوفة كانت بيده " كلف الإحضار " للمدعى به ليشهد الشهود على عينه كما سبق .
و .
إن امتنع ولم يبد عذرا " حبس عليه " أي الإحضار لأنه امتنع من حق واجب عليه .
ولا يطلق .
من الحبس " إلا بإحضاره " المدعى به لأنه عين ما حبس عليه .
أو دعوى تلف .
له فيصدق بيمينه وإن ناقض قوله الأول للضرورة لأنه قد يكون صادقا ولأنا لو لم نقبل قوله لخلد عليه الحبس .
تنبيه : .
هذا إذا أطلق دعوى التلف أو أسندها إلى جهة خفية كسرقة أما لو أسندها إلى سبب ظاهر فالوجه كما قاله الأذرعي تكليفه البينة على وجود السبب كما مر في الوديعة ثم يصدق في دعوى التلف به بيمينه ثم ما ذكره المصنف فيمن جزم بالدعوى .
و .
حينئذ " لو شك المدعي " على من غصب عينا منه أي تردد بأن تساوى عنده ( 4 / 414 ) الطرفان أو رجح أحدهما " هل تلفت العين " المدعى بها " فيدعي قيمة " عينها إن كانت متقومة أو مثلا إن كانت مثلية .
أم لا فيدعيها .
أي العين نفسها " فقال " في صفة دعواه " غصب مني " فلان " كذا فإن بقي لزمه رده " إلي " وإلا فقيمته " إن كان متقوما أو مثله إن كان مثليا يلزمه " سمعت دعواه " مع التردد للحاجة .
ثم إن أقر بشيء فذاك وإن أنكر حلف أنه لا يلزمه رد العين ولا بد لها .
فإن نكل فهل يحلف المدعي على التردد أو يشترط التعيين وجهان أوجههما كما قال شيخنا الأول .
وقيل لا .
تسمع دعواه على التردد " بل يدعيها " أي العين " ويحلفه " عليها " ثم " بعد حلفه " يدعي القيمة " أو المثل ويحلفه على ذلك " ويجريان " أي هذان الوجهان " فيمن دفع ثوبا لدلال ليبيعه " فطالبه به " فجحده " الدلال " وشك " الدافع " هل باعه " الدلال " فيطلب " منه الثمن " أم أتلفه فقيمته " يطلبها " أم هو باق فيطلبه " منه فعلى الأصح السابق يدعي على الدلال رد الثوب أو ثمنه إن باعه أو قيمه إن أتلفه ويحلف الخصم يمينا واحدة أنه لا يلزمه تسلم الثوب ولا ثمنه ولا قيمته .
وعلى الثاني يدعي العين في دعوى والثمن في أخرى والقيمة في أخرى فإذا نكل المدعى عليه حلف ثلاثة أيمان فإن نكل حلف المدعي على التردد على الأوجه كما مر .
قال البلقيني وقد يكون الدلال باعه ولم يسلمه ولم يقبض الثمن والدعوى المذكورة ليست جامعة لذلك والقاضي إنما يسمع الدعوى المترددة حيث اقتضت الإلزام على كل وجه فلو أتى ببقية الاحتمالات لم يسمعها الحاكم فإن فيها ما لا إلزام به قال ولم أر من تعرض لذلك .
وإذا حضر الغائب عن المجلس " حيث أوجبنا " على المدعى عليه " الإحضار " للمدعى به فأحضره " فثبت للمدعي استقرت مؤنته " أي الإحضار " على المدعى عليه " لتعديه " وإلا " بأن لم يثبت للمدعى " فهي " أي مؤنة الإحضار " ومؤنة الرد " للمال إلى محله " على المدعي " لتعديه قال الزركشي ولا أجرة عليه لمدة الحيلولة بخلافه في الغائب عن البلد كما مر .
تنبيه : .
لو تلف المال في الطريق بانهدام دار ونحوه قال في المطلب لم يضمنه المدعي بلا خلاف