" وشرطه " أي المزكى الذي يشهد بالعدالة مثلا " كشاهد " أي كشرطه .
وقضيته عدم شهادة الأب بتعديل الابن وعكسه وهو الأصح .
مع معرفة .
أسباب " الجرح والتعديل " لئلا يجرح العدل ويزكى الفاسق " وخبرة باطن من يعدله لصحبة أو جوار " بكسر الجيم أفصح من ضمها " أو معاملة " ونحوها فعن عمر رضي الله تعالى عنه أن اثنين شهدا عنده فقال لهما إني لا أعرفكما ولا يضركما أني لا أعرفكما ائتيا بمن يعرفكما فأتيا برجل فقال له عمر كيف تعرفهما قال بالصلاح والأمانة قال هل كنت جارا لهما تعرف صباحهما ومساءهما ومدخلهما ومخرجهما قال لا قال هل عاملتهما بهذه الدراهم والدنانير التي يعرف بهما أمانات الرجال قال لا قال هل صاحبتهما في السفر الذي يسفر عن أخلاق الرجال قال لا قال فأنت لا تعرفهما ائتيا بمن يعرفكما والمعنى فيه أن أسباب الفسق خفية غالبا فلا بد من معرفة المزكى حال من يزكيه .
ويشترط علم القاضي بأنه خبير بباطن الحال إلا إذا علم من عدالته أنه لا يزكى إلا بعد الخبرة فيعتمده .
ولا يعتبر في خبرة الباطن التقادم في معرفته بل يكتفي بشدة الفحص ولو غريبا يصل المزكى بفحصه إلى كونه خبيرا بباطنه فحين يغلب على ظنه عدالته باستفاضة شهد بها .
وغيرها " ليكتب الإمام " ندبا " لمن يوليه " القضاء ببلد ما فوضه .
واحترز المصنف بقوله من يعدله عن الشاهد بالجرح فإنه لا يشترط فيه الخبرة الباطنة فإنه لا يقبل إلا مفسرا .
وأفهم اقتصاره على المسافرين والنسوة الحصر فيهما وليس مرادا بل المريض كما سبق كذلك .
وما ذكره من اعتبار شروط الشاهد محله في غير المنصوب أما من نصب حاكما في الجرح والتعديل فيعتبر فيه صفات القاضي كما مر .
وقوله وخبرة ومجرور بالعطف على قوله مع معرفته وجوز ابن الفركاح رفعه بالعطف على خبرة قوله وشرطه خبرة .
والأصح اشتراط لفظ شهادة .
من المزكى فيقول أشهد أنه عدل أو غير عدل لكذا كسائر الشهادات .
والثاني لا يشترط لفظها بل يكفي أعلم وأتحقق وهو شاذ .
و .
الأصح " أنه يكفي " مع لفظ الشهادة قول المزكى " هو عدل " لأنه أثبت العدالة التي اقتضاها ظاهر قوله تعالى " وأشهدوا ذوي عدل منكم " وهذا ما نص عليه في حرملة .
وقيل .
ونص عليه في الأم والمختصر " يزيد " على ذلك قوله " علي ولي " لأن قوله هو عدل لا يمنع أن يكون عدلا في شيء دون شيء فهذه الزيادة تزيل الاحتمال وعلى الأول تأكيد .
ولو شهد عند القاضي جماعة وأشكل عليه عدالتهم فأخبر نائب القاضي أن اثنين منهم عدلان فإن عينهما حكم وإلا فلا .
ويجب ذكر سبب الجرح .
صريحا كقوله هو زان أو قاذف أو سارق أو نحو ذلك أو يقول ما يعتقده من البدعة المنكرة لأن أسباب الجرح مختلف فيها فلا بد من البيان ليفعل القاضي باجتهاده ويكفي ذكر بعض أسباب .
وقيل إن كان الجارح عالما بالأسباب اكتفي بإطلاقه وإلا فلا ( 4 / 405 ) .
تنبيه : .
محل الخلاف في غير المنصوب للجرح والتعديل أما هو فليس للحاكم سؤاله عن السبب كما نقله الزركشي عن المطلب عن ابن الصباغ .
وإنما لم يحتج في التعديل إلى بيان سبب العدالة لأن أسبابها كثيرة غير منحصرة .
ولا يجعل الجارح بذكر الزنا قاذفا وإن انفرد لأنه مسئول في حقه فرض كفاية أو عين بخلاف شهود الزنا إذا نقصوا عن الأربعة فإنهم قذفة لأنهم مندوبون إلى الستر فهم مقصرون .
ولو قال الشاهد أنا مجروح قبل وإن لم يبين السبب كما قاله الهروي .
وإنما يكون الجرح والتعديل عند القاضي أو من يعينه القاضي لذلك .
ويعتمد .
الجارح " فيه " أي الجرح " المعاينة " كأن رآه يزني أو السماع كما ذكره في المحرر كما إذا سمعه يقذف إنسانا أو يقر على نفسه بذلك " أو الاستفاضة " عنه بين الناس بما يجرحه أو التواتر كما فهم بالأولى وكذا شهادة عدلين مثلا بشرطه لحصول العلم أو الظن بذلك .
وفي اشتراط ذكر ما يعتمده من معاينة ونحوها وجهان أحدهما وهو الأظهر نعم فعلى هذا لا بد أن يقول رأيته يزني أو سمعته يقذف أو نحو ذلك .
محل هذا في العدالة في غير أصله وفرعه أما هما ففيهما وجهان أرجحهما كما قاله البلقيني عدم الجواز ما لم تقم عنده بينة بعدالتهما تفريعا على تصحيح الروضة أنه لا يقبل تزكيته لهما .
وثانيهما وهو الأقيس لا .
ذكره في الروضة وأصلها ويحكى هذا عن ابن أبي هريرة وهو الظاهر في سائر الشهادات .
تنبيه : .
إذا لم يقبل الجرح يفيد التوقف عن الاحتجاج بالمجروح إلى أن يبحث عن ذلك الجرح ذكره ابن الصلاح والمصنف في الرواية .
قال ابن النقيب ولا فرق بين الرواية والشهادة فيما يظهر .
ويقدم .
الجرح أي بينته " على " بينة " التعديل " سواء أكانت بينة الجارح أكثر أم لا لزيادة علمها فإن بينة التعديل ثبت أمرها على ما ظهر من الأسباب الدالة على العدالة وخفي عليها ما اطلع عليه بينة الجارح من السبب التي جرحته به كما لو قامت بينة بالحق وبينة بالإبراء .
فإن قال المعدل .
بكسر الدال بخطه " عرفت سبب الجرح وتاب منه وأصلح قدم " قوله على قول الجارح لأن معه حينئذ زيادة علم بجريان التوبة وصلاح الحال بعد وجود السبب الذي اعتمده الجارح .
تنبيه : .
هذه المسألة إحدى مسألتين تقدم فيهما بينة التعديل على الجرح .
والثانية لو جرح ببلد ثم انتقل لآخر فعدله اثنان قدم التعديل كما قاله صاحب البيان عن الأصحاب قال في الذخائر ولا يشترط اختلاف البلدين بل لو كانا في بلد واختلف الزمان فكذلك اه " .
وحاصل الأمر تقديم البينة التي معها زيادة علم من جرح أو تعديل .
ولو عدل الشاهد في واقعة ثم شهد في أخرى وطال بينهما زمن استبعده القاضي باجتهاده طلب تعديله ثانيا لأن طول الزمن يغير الأحوال بخلاف ما إذا لم يطل .
ولو عدل في مال قليل هل يعمل بذلك التعديل المذكور في شهادته بالمال الكثير بناء على أن العدالة لا تتجزأ أو لا بناء على أنها تتجزأ وجهان قال ابن أبي الدم المشهور من المذهب الأول فمن قبل في درهم قبل في الألف نقله عن الأذرعي وأقره .
ولو عدل الشاهد عند القاضي في غير محل ولايته لم يعمل بشهادته إذا عاد إلى محل ولايته إذ ليس هذا قضاء بعلم بل ببينة فهو كما لو سمع البينة خارج ولايته .
والأصح أنه لا يكفي في التعديل قول .
الخصم " المدعى عليه " وهو عارف بالتعديل أهل للإقرار بالحق المدعى به " هو " أي الشاهد " عدل وقد غلط " على في شهادته بل لا بد من البحث والتعديل لأن الاستزكاء حق لله تعالى ولهذا لا يجوز الحكم بشهادة فاسق وإن رضي الخصم .
تنبيه : .
كلامه يقتضي أن مقابل الأصح الاكتفاء بذلك في التعديل ولا قائل به وإنما مقابله الاكتفاء به في الحكم على المدعى عليه بذلك لأن الحق له وقد اعترف بعدالته .
قال البلقيني وقوله وقد غلط لا يحتاج إليه بل اعترافه بعدالته يقتضي جريان الوجهين وإن لم يقل غلط .
خاتمة تقبل شهادة الحسبة في الجرح والتعديل كما سيأتي لأن البحث عن حال الشهود ومنع الحكم بشهادة الفاسق حق لله تعالى .
ويسن للقاضي قبل التزكية أن يفرق شهودا أرباب تهم أو توهم غلطهم لخفة عقل وجدها فيهم ويسأل كلا منهم عن زمان محل الشهادة عاما وشهرا ويوما أو غدوة أو عشية وعمن كتب شهادته معه وأنه كتب ( 4 / 406 ) بحبر أو مداد ونحو ذلك ليستدل على صدقهم إن اتفقت كلمتهم وإلا فيقف عن الحكم .
وإذا أجابه أحدهم لم يدعه يرجع إلى الباقين حتى يسألهم لئلا يخبرهم بجوابه فإن امتنعوا من التفصيل ورأى أن يعظهم ويحذرهم عقوبة شهادة الزور وعظهم وحذرهم .
فإن أصروا على شهادتهم ولم يفصلوا وجب عليه القضاء إذا وجدت شروطه ولا عبرة بما يبقى من ريبة .
وإنما استحب له ذلك قبل التزكية لا بعدها لأنه إن اطلع على عورة استغنى عن الاستزكاء والبحث عن حالهم وإن لم يرتب فيهم ولا توهم غلطهم فلا يفرقهم وإن طلب منه الخصم تفريقهم لأن فيه غضا منهم .
انتهى