أو هدي أو غيرها مما يأتي .
إذا " نذر المشي إلى بيت الله " تعالى وقصد البيت الحرام وهو الكعبة أو صرح بلفظ الحرام في هذه المسألة والتي بعدها كما في الروضة " أو " لم ينذر المشي لبيت الله بل نذر " إتيانه " فقط " فالمذهب وجوب إتيانه بحج أو عمرة " لأن الله تعالى أوجب قصده بنسك فلزم بالنذر كسائر ( 4 / 363 ) القرب وفي قول من طريق لا يجب ذلك حملا للنذر على جائز الشرع والأول يحمله على واجبه أما إذا لم يقل البيت الحرام في المسألتين ولا نواه أو نذر أن يأتي عرفات ولم ينو الحج لم ينعقد نذره لأن بيت الله تعالى يصدق ببيته الحرام وبسائر المساجد ولم يقيد بلفظ ولا نية وعرفات من الحل فهي كبلد آخر ولو نذر إتيان مكان من الحرم كالصفا أو المروة أو مسجد الخيف أو منى أو مزدلفة أو دار أبي جهل أو الخيزران لزمه إتيان الحرم بحج أو عمرة لأن القربة إنما تتم في إتيانه بنسكه والنذر محمول عن الواجب كما مر وحرمة الحرم شاملة لجميع ما ذكر من الأمكنة ونحوها في تنفير الصيد وغيره ولو قال في نذره بلا حج ولا عمرة لزمه أيضا ويلغو النفي وإن صحح البلقيني عدم الصحة معللا لها بأنه صرح بما ينافيه ولو نذر المشي أو الإتيان لبيت المقدس أو المدينة الشريفة لم يلزمه ذلك ويلغو نذره لأنه مسجد لا يجب قصده بالنسك فلم يجب إتيانه بالنذر كسائر المساجد ويفارق لزوم الاعتكاف فيها بالنذر بأن الاعتكاف عبادة في نفسه وهو مخصوص بالمسجد فإذا كان للمسجد فضيلة في العبادة الملتزمة فالإتيان بخلافه .
تنبيه : .
إنما جمع المصنف بين المشي والإتيان للتنبيه على خلاف أبي حنيفة فإنه وافق في المشي وخالف في الإتيان وقال إنه غير مراد للقربة بخلاف المشي وهو محجوج بقوله تعالى " يأتوك رجالا وعلى كل ضامر " فجعل الركوب صفة له كالمشي .
فإن نذر الإتيان .
إلى بيت الله الحرام أو الذهاب أو نحو ذلك " لم يلزمه مشي " لأن ذلك لا يقتضي المشي بل له الركوب قطعا " وإن نذر المشي " إلى بيت الله الحرام " أو أن يحج أو يعتمر ماشيا " وهو قادر على المشي " فالأظهر وجوب المشي " لأنه الملتزم جعله وصفا للعبادة فهو كما لو نذر أن يصوم متتابعا .
أما العاجز فلا يلزمه مشي ولو قدر عليه بمشقة شديدة لم يلزمه أيضا كما ذكره الزركشي .
والثاني لا يلزم القادر أيضا لأنه لم يجب في جنسه مشى بالشرع فلا يجب بالنذر .
تنبيه : .
أصل الخلاف مبني على أن الركوب في الحج أفضل أو المشي .
وفيه أقوال أظهرها عند المصنف أفضلية الركوب لأنه A حج راكبا ولأن فيه زيادة مؤنة وإنفاق في سبيل الله تعالى .
والثاني أفضلية المشي وصححه الرافعي لزيادة المشقة والأجر على قدر التعب وأجيب عن حجه A راكبا بأنه لو مشى في حجه لمشى جميع من معه ولا شك أن فيهم من يشق عليه المشي معه إلا بجهد فأراد أن لا يشق على أمته .
والثالث هما سواء لتعارض المعنيين إذا عرفت هذا فما صححه المصنف من وجوب المشي واضح على تفضيله على الركوب .
أما على ما رجحه هو من أفضلية الركوب فلا يجب المشي وهو ما اقتضى كلام الروضة في النوع الثاني من أنواع النذر ترجيحه فإنه قال كما يلزم أصل العبادة بالنذر يلزم الوفاء بالصفة المستحبة فيها إذا شرطت كمن شرط المشي في الحج الملتزم إذا قلنا المشي في الحج أفضل من الركوب اه " .
ونقله في المجموع في أوائل النذر بهذا اللفظ وهو ناص على أنه لا يلزمه المشي المشروط إلا إذا جعلنا المشي أفضل من الركوب لكنه قال في الكلام على المسألة هنا من الروضة بعد موافقته للرافعي على لزوم المشي الصواب أن الركوب فضل وإن كان الأظهر لزوم المشي بالنذر لأنه مقصود والله أعلم اه " .
واعترض بأنه كيف يكون مقصودا مع كونه مفضولا ولئن سلم كونه مقصودا فلا يمنع العدول إلى الأعلى كما في زكاة الفطر وكما لو نذر الصلاة قاعدا فصلى قائما قال ابن شهبة قيل ويمكن أن يقال الركوب والمشي نوعان للعبادة فلم يقم أحدهما مقام الآخر وإن كان أحدهما أفضل كما لو نذر أن يتصدق بالفضة لا تبرأ ذمته بالتصدق بالذهب وإن كان أفضل كما نقل عن الشيخ عز الدين بن عبد السلام اه " .
وهذا أحسن ما يجاب به عن المصنف .
فإن كان قال .
في نذره " أحج ماشيا " أو أمشي حاجا وأطلق كما بحثه في المجموع " فمن " أي يلزمه المشي من " حيث يحرم " من الميقات أو قبله أو بعده لأنه التزم المشي في الحج وابتداء الحج من وقت الإحرام فإن صرح بالمشي من دويرة أهله لزمه " وإن قال " في نذره " أمشي إلى بيت الله تعالى " الحرام أو إلى الحرم ماشيا " فمن دويرة أهله " يمشي " في الأصح " لأن ( 4 / 364 ) قضية ذلك أن يخرج من بيته ماشيا لأنه مدلول لفظه .
والثاني يمشي من حيث يحرم كما مر .
تنبيه : .
كان الأولى أن يقول الحرام كما قدرته في كلامه وإلا فمطلق بيت الله لا يوجب شيئا كما مر .
وإذا أوجبنا المشي .
على الناذر " فركب لعذر " وهو أن يناله به مشقة ظاهرة كما قالوه في العجز عن القيام في الصلاة قاله في المجموع " أجزأه " نسكه راكبا عن نذره ماشيا قطعا لما في الصحيحين أنه A رأى رجلا يهادي بين ابنيه فسأل عنه فقالوا نذر أن يحج ماشيا فقال إن الله لغني عن تعذيب هذا نفسه وأمره أن يركب " وعليه دم في الأظهر " لتركه الواجب .
والثاني لا دم عليه كما لو نذر الصلاة قائما فصلى قاعدا للعجز وفرق الأول بأن الصلاة لا تجبر بالمال بخلاف الحج واحترز بقوله إذا أوجبنا المشي عما إذا لم نوجبه فإنه لا يجبر تركه بدم " أو " ركب " بلا عذر أجزأه " الحج راكبا " على المشهور " مع عصيانه لأنه لم يترك إلا هيئة التزمها وتركها لا يمنع من الاحتساب فصار كترك الإحرام من الميقات .
والثاني لا يجزئه لأنه لم يأت بما التزم .
وقوله " وعليه دم " يقتضي أنه لا خلاف فيه وليس مرادا بل إنما يلزمه على المشهور فلو قدمه عليه عاد إليهما لأنه إذا أوجبناه مع العذر فبدونه أولى .
والثاني لا دم عليه لما مر والدم في المسألتين شاة تجزىء في الأضحية .
تنبيه : .
حيث أوجبنا المشي فحتى يفرغ من نسكه أو يفسده وفراغه من حجه بفراغه من التحللين ولا يجب عليه أن يستمر حتى يرمي أو يبيت لأنهما خارجان من الحج خروج السلام الثاني من الصلاة .
وما في التنبيه من توقفه على الرمي ضعيف بل قال في المجموع إنه خطأ .
قالا والقياس أنه إذا كان يتردد في خلال أعمال النسك لغرض تجارة أو غيرها فله الركوب ولم يذكروه ولو فاته الحج أو إن أفسده لزمه القضاء ماشيا ولا يلزمه المشي في أعمال تحلل الفوات ولا في النسك الفاسد لأنه خرج بالفساد والفوات عن ما يجزئه عن نذره .
تنبيه : .
لو قال لله على رجلي الحج ماشيا لزمه إلا إن أراد إلزام رجليه خاصة وإن ألزم رقبته أو نفسه ذلك لزمه مطلقا لأنهما كنايتان عن الذات وإن قصد التزامهما ولو نذر الحج حافيا لزمه الحج ولا يلزمه الحفاء بل له أن يلبس النعلين في الإحرام ولا فدية عليه قطعا لأنه ليس بقربة .
قال في المهمات وينبغي أن يلزمه الحفاء في الموضع الذي يستحب فيه وهو عند دخول مكة أي إذا أمن من تلويث نجاسة ولم يحصل مشقة ويندب الحفاء أيضا في الطواف .
ومن نذر حجا أو عمرة لزمه فعله بنفسه .
إن كان قادرا " فإن كان معضوبا " وهو العاجز عن الحج بنفسه " استناب " غيره في ذلك ولو بأجرة أو جعل كما في حجة الإسلام .
تنبيه : .
قال المتولي في كتاب الحج إذا كان المعضوب بمكة أو دون مرحلتين منها لم تجز الاستنابة لأن المشقة لا تكثر عليه وأقره المصنف هناك فليكن هنا كذلك .
وفي فتاوى البغوي لو نذر المعضوب الحج بنفسه لم ينعقد .
قال بخلاف ما لو نذر الصحيح الحج بماله فإنه ينعقد لأن المعضوب أيس من الحج بنفسه والصحيح لم ييأس من الحج بماله .
قال فإن برىء المعضوب لزمه الحج لأنه بان أنه غيره .
مأيوس .
ويندب .
للناذر " تعجيله في أول " سني " الإمكان " مبادرة إلى براءة الذمة فإن خشي العضب لو أخر لزمته المبادرة كما في حجة الإسلام " فإن تمكن " من التعجيل " فأخر فمات حج من ماله " لتقصيره أما إذا مات قبل أن يتمكن فلا شيء عليه كحجة الإسلام والعمرة في ذلك كالحج " وإن نذر الحج عامه وأمكنه " فعله فيه بأن كان على مسافة يمكنه منها الحج في ذلك العام " لزمه " فيه تفريعا على الصحيح في تعيين الزمان في العبادات فلا يجوز تقديمها عليه كالصوم ولا تأخيرها عنه فإن أخره وجب عليه القضاء في العام الثاني كما قاله الماوردي .
واحترز بقوله عامة عما إذا لم يقيده بعامه فيلزمه في أي عام شاة وبقوله وأمكنه عما إذا نذر حج السنة ولا زمان يسع الإتيان به فإنه لا ينعقد نذره على الأصح لتعذر اللزوم ( 4 / 365 ) .
تنبيه : .
ما ذكره المصنف فيمن حج حجة الإسلام فإن لم يحج حجة الإسلام فإنه يلزمه للنذر حج آخر كما لو نذر أن يصلي عليه وعليه صلاة الظهر فتلزمه صلاة أخرى ويقدم حجة الإسلام على حجة النذر ومحل انعقاد نذره ذلك أن ينوي غير كما قاله الماوردي الفرض فإن نوى الفرض لم ينعقد كما لو نذر الصلاة المكتوبة أو صوم رمضان وإن أطلق فكذلك إذ لا ينعقد نسك محتمل " فإن منعه مرض وجب القضاء " كما لو نذر صوم سنة معينة فأفطر فيها بعذر المرض فإنه يقضي والنسيان وخطأ الطريق والضلال فيه كالمرض .
تنبيه : .
محل القضاء إذا منعه المرض بعد الإحرام فإن كان مريضا وقت خروج الناس ولم يتمكن من الخروج معهم أو لم يجد رفقة وكان الطريق مخوفا لا يتأتى للآحاد سلوكه فلا قضاء عليه لأن المنذور حج في تلك السنة ولم يقدر عليه كما لا تستقر حجة الإسلام والحالة هذه .
هذا ما في الروضة كأصلها في هذه المسألة ونازع البلقيني في اشتراط كون ذلك بعد الإحرام وقال إنه مخالف لنص الأم اه " .
ومحل وجوب القضاء على الأول إذا لم يحصل بالمرض غلبة على العقل فإن غلب على عقله عند خروج القافلة ولم يرجع إليه عقله في وقت لو خرج فيه أدرك الحج لم يلزمه قضاء الحجة المنذورة كما قاله البلقيني كما لا تستقر حجة الإسلام والحالة هذه في ذمته كما نص عليه في الأم بالنسبة لحجة الإسلام .
أو .
منعه بعد الإحرام " عدو " أو سلطان وحده أو رب دين لا يقدر على وفائه حتى مضى إمكان الحج تلك السنة " فلا " قضاء عليه " في الأظهر " لمكان العذر ويفارق المرض لاختصاصه بجواز التحلل به من غير شرط بخلاف المرض .
والثاني وهو من تخريج ابن سريج أنه يجب لأن باب النذر أوسع من واجب الشرع ولهذا لو نذر حجات كثيرة لزمته ولا يجب بالشرع إلا حجة واحدة أما إذا صده عدو أو سلطان صدا عاما بعد ما أحرم .
قال الإمام أو امتنع عليه الإحرام للصد فلا قضاء على المنصوص وقد علم من هذا التقرير أن الفرق بين الصد العام والخاص إنما هو من حيث الخلاف لا من حيث الحكم فإن هذا المحل تتوقف فيه الطلبة في كلام الشارح فإنه ساق الكلامين ولم يقيد بعام ولا خاص فتنبه له .
تنبيه : .
لو نذر أن يحج عشر حجات مثلا ومات بعد سنة .
وقد تمكن من حجة فيها قضيت من ماله وحدها .
والمعضوب يستنيب في العشر فقد يتمكن من الاستنابة فيها في سنة فيقضي العشر من ماله فإن لم يف ماله بها لم يستقر إلا ما قدر عليه .
أو .
نذر " صلاة أو صوما في وقت " معين لم ينه عن فعل ذلك فيه " فمنعه " من ذلك " مرض أو عدو وجب القضاء " لتعين الفعل في الوقت فإن قيل هلا كان ذلك كالحج فلا يجب فيه القضاء كما مر فيه .
أجيب بأن الواجب بالنذر كالواجب بالشرع وقد تجب الصلاة والصوم مع العجز فلزما بالنذر والحج لا يجب إلا عند الاستطاعة فكذا حكم النذر .
فإن قيل كيف يتصور المنع من الصوم والصلاة فإن الصوم لا سبيل فيه إلى المنع من النية فإنها بالقلب .
وإن أكره على الفطر لم يفطر على الأصح والصلاة يمكن فعلها مع الإكراه بإمرار أفعالها على قلبه في الوقت المعين ويقضي لأن ذلك عذر نادر كما في الواجب بالشرع .
أجيب عن الأول بأن ذلك يتصور بالأسير كما قاله في المجموع يأكل خوفا من القتل .
وعن الثاني بأن يأتي بالصلاة على التلبس بها على غير طهارة أو نحوها .
فإن قيل قولهم إن الواجب بالنذر كالواجب بالشرع يشكل عليه أنه لو نذر صلاة في يوم بعينه فأغمي عليه لزمه القضاء وإن لم يلزمه قضاء صلوات ذلك اليوم .
أجيب بأن هذا مستثنى كبقية المستثنيات أما إذا نذر الصلاة في أوقات النهي في غير حرم مكة أو الصوم في يوم الشك فقد مر أن نذره لم ينعقد وإن صح فعل المنذور فيهما .
أو .
نذر " هديا " أي أن يهدي شيئا سماه من نعم أو غيرها كأن قال لله علي أن أهدي شاة أو ثوبا إلى مكة أو الحرم " لزمه حمله إلى مكة " أو الحرم لأنه محل الهدي " و " لزمه " التصدق به على من بها " من الفقراء والمساكين من المسلمين غريبا كان أو مستوطنا فيمتنع بيعه وتفرقة ثمنه وينزل بعينه منزلة الأضحية والشاة في الزكاة وإن كان ( 4 / 366 ) الحيوان لا يجزىء في الأضحية كالظبا لزمه التصدق به حيا فإن ذبحه لم يجز إذ لا قربة في ذبحه لعدم إجزائه أضحية وغرم الأرش إن نقصت قيمته بالذبح وتصدق باللحم وإن كان مما يجزىء في الأضحية لزمه ذبحه في أيام النحر وتفرقة لحمه على من ذكر .
وتعبيره بالهدي قد يوهم اختصاص ذلك بالإبل والبقر والغنم وليس مرادا فلو قال شيئا كما قدرته في كلامه كان أولى .
وكان ينبغي التعبير بالحرم بدلا عن مكة ليستغني عما زدته في كلامه فإن حمله لا يتقيد بمكة بل يعم سائر الحرم .
وقوله حمله يفهم أنه فيما سهل نقله وهو كذلك أما ما تعذر نقله مما أهداه كالدار أو تعسر كحجر الرحى فإنه يبيعه بنفسه وينقل ثمنه إلى الحرم من غير مراجعة حاكم ويتصدق به على مساكينه .
وهل له إمساكه بقيمته أو لا فقد يرغب فيه بأكثر منها وجهان في الكفاية ينبغي الأول إلا أن يظهر راغب بالزيادة .
وقوله والتصدق به يقتضي الاكتفاء بكون ذلك الشيء مما يتصدق به وإن لم تصح هبته ولا هديته فيدخل فيه ما لو نذر إهداء دهن نجس بناء على ما قاله المصنف من أنه ينبغي أن يقطع بصحة التصدق به بعد حكايته عن القاضي أبي الطيب المنع من ذلك .
ويدخل فيه أيضا جلد الميتة قبل الدباغ لكن قال البلقيني الأرجح أنه يشترط فيه أن يكون مما يهدى لآدمى اه " .
وهذا أظهر .
ويستثنى من وجوب التصدق به ما لو عسر التصدق به حيث وجب التعميم به كاللؤلؤة والثوب فإنه يباع ويفرق ثمنه عليهم كما قاله الماوردي وإن كانت قيمته في الحرم ومحل النذر سواء تخير بين حمله وبيعه بالحرم وبين حمل ثمنه أو في أحدهما أكثر تعين وما لو نوى الناذر اختصاص الكعبة بالمنذور فإن كان شمعا أشعله فيها أو دهنا أو قده في مصابيحها أو طيبا طيبها به أو متاعاف لا يستعمل فيها باعه وصرف ثمنه في مصالحها .
أما إذا قال لله علي أن أهدي ولم يسم شيئا أو إن أضحي فإنه يلزمه ما يجزىء في الأضحية حملا على معهود الشرع فإن عين عن نذره بدنة أو بقرة شاة تعينت بشروط الأضحية .
فلا يجزىء فصيل ولا عجل ولا سخلة .
وإن تعيب الهدى المنذور أو المعين عن نذره تحت السكين عند الذبح لم يجز كالأضحية لأنه من ضمانه ما لم يذبح .
وقيل يجزىء وجرى عليه ابن المقري لأن الهدي ما يهدى إلى الحرم .
وبالوصول إليه حصل الإهداء وعليه مؤنة نقل الهدي إلى الحرم لأنه محل الهدي قال تعالى " حتى يبلغ الهدي محله " فإن لم يكن له مال بيع بعضه لنقل الباقي كما في أصل الروضة ولزمه تفرقة لحمه فيه على مساكينه .
وفي الإبانة أنه إن قال أهدي هذا فالمؤنة عليه وإن قال جعلته هديا فلا يباع منه شيء لأجل مؤنة النقل .
ونسبه في البحر للقفال واستحسنه .
قال الرافعي لكن مقتضى جعله هديا أن يوصله كله الحرم فليلتزم مؤنته كما لو قال أهدي اه " .
وهذا هو الظاهر وعليه أيضا علف الحيوان كما صرح به الماوردي و القاضي الحسين ولو نذر أن يهدي شاة مثلا ونوى ذات عيب أو سخلة أجزأه هذا المنوي لأنه الملتزم ويؤخذ مما مر أنه يتصدق به حيا فإن أخرج بدله تاما فهو أفضل .
تنبيه : .
قد علم مما مر أنه يمتنع إهداء ما ذكر إلى أغنياء الحرم .
نعم لو نذر نحره لهم خاصة واقترن به نوع من القربة كأن تتأسى به الأغنياء لزمه كما قاله في البحر ويسن لمن أهدى شيئا من البدن أو البقر أن يشعرها أي يجرحها بشيء له حد حتى يسيل الدم والأولى أن يكون في صفحة سنامها اليمنى وأن يقلدها بعري القرب ونحوها من الخيوط المفتولة والجلود ويقلد الغنم ولا يشعرها والحكمة في ذلك الإعلام بأنه هدي فلا يتعرض له فإن عطب منها شيء قبل المحل نحره وجوبا في المنذور وندبا في غيره وغمس المقلد به في دمه وضرب به صفحته وخلى بينه وبين المساكين ولا بد من الإذن في التطوع بخلاف المنذور ولا يجوز له ولا لرفقته الأكل من المنذور والمراد برفقته جميع القافلة كما قاله المصنف فإن لم ينحره حتى مات مع تمكنه ضمنه بالأكثر من قيمته حينئذ ومن مثله فإن لم يتمكن من الذبح حتى مات لم يضمنه ولو نذر أن يضحي ببينة وقيدها بالإبل أو نواها أو أطلق تعينت البدنة من الإبل لأنها وإن أطلقت على البقر والغنم أيضا كما صححه في المجموع فهي في الإبل أكثر استعمالا فإن عدمت وقد أطلق نذره فبقرة فإن عدمت فسبع شياه كما نص عليه الشافعي وإن كان ظاهر كلام الروضة أنه يتخير بين البقرة والسبع شياه وإن عدمت وقد قيد نذره بها لفظا أو نية وجب عليه أن يشتري بقيمتها بقرة ويفارق ذلك عدم اعتبار قيمتها حالة الإطلاق بل اللفظ عند الإطلاق ينصرف إلى معهود الشرع ومعهوده لا تقوم فيه فإن فضل من قيمتها ( 4 / 367 ) شيء اشترى به بقرة أخرى إن أمكن وإلا فشاة أو شقصا من بدنة أو بقرة فإن لم يجد واحدا منهما تصدق بالفاضل دراهم فإن عدمت البقرة اشترى سبع شياه بقيمة البدنة ولو وجد بقيمة البدنة ثلاث شياه أتم السبعة من ماله ولو نذر شاة فذبح بدلها بدنة أجزأه لأنها أفضل ومحله كما قال صاحب البيان إذا نذرها في ذمته وإلا فالذي يقتضيه المذهب عدم الإجزاء وفي كون كلها فرضا وجهان أصحهما نعم على اضطراب فيه .
أو .
نذر " التصدق " بشيء " على أهل بلد معين " مكة أو غيرها " لزمه " ذلك وفاء بالتزامه وصرفه لمساكينه من المسلمين ولا يجوز نقله كما في زيادة الروضة كالزكاة .
تنبيه : .
قد يفهم كلامه أنه لا فرق في أهل البلد بين الغني والفقير والمسلم والذمي وليس مرادا فقد نص في الأم على التخصيص بالمساكين وصرح القاضي حسين وغيره بعدم جواز وضع المنذور في أهل الذمة وقد يفهم أيضا أن غير الحرم لا ينذر فيه إلا التصدق وليس مرادا بل لو نذر الأضحية به تعين ذبحها مع التفرقة فيه لتضمنها التفرقة فيه وإن نذر الذبح والتفرقة أو نواها ببلد غير الحرم تعينا فيه لأن الذبح وسيلة إلى التفرقة المقصودة فلما جعل مكانه مكانها اقتضى تعينه تبعا وإن نذر الذبح في الحرم والتفرقة في غيره تعين المكانان لأن المعلق بكل منهما قربة وإن نذر الذبح في غير الحرم أو بسكين ولو مغصوبا ونذر التفرقة فيها في الحرم تعين مكان التفرقة فقط إذ لا قربة في الذبح خارج الحرم ولا في الذبح بسكين معين ولو في الحرم وإن نذر الذبح بالحرم فقط لزمه النحر به لأن ذكر الذبح في النذر مضافا إلى الحرم يشعر بالقربة ولأن الذبح فيه عبادة معهودة ولزمه التفرقة فيه حملا على واجب الشرع وإن نذر الذبح بأفضل بلد تعينت مكة للذبح لأنها أفضل البلاد ولو نذر لمعين بدراهم مثلا كان له مطالبة الناذر بها إن لم يعطه كالمحصورين من الفقراء لهم المطالبة بالزكاة التي وجبت فإن أعطاه ذلك فلم يقبل برىء الناذر لأنه أتى بما عليه ولا قدرة له على قبول غيره ولا يجبر على قبوله بخلاف مستحقي الزكاة لأنهم ملكوها بخلاف مستحق النذر وأيضا الزكاة أحد أركان الإسلام فأجبروا على قبولها خوف تعطيله بخلاف النذر .
أو .
نذر " صوما في بلد " مثلا لزمه الصوم لأنه قربة و " لم يتعين " أي الصوم فيه فله الصوم في غيره سواء الحرم وغيره كما أن الصوم الذي هو بدل جبران واجب الإحرام لا يتعين فيه وقيل إن عين الحرم تعين لأن بعض المتأخرين رجح أن جميع القرب تتضاعف فيه فالحسنة فيه بمائة ألف حسنة والتضعيف قربة " وكذا صلاة " نذرها في بلد لم يتعين لها ويصلي في غيره لأنها لا تختلف باختلاف الأمكنة .
تنبيه : .
شمل إطلاقه صلاة الفرائض إذا نذر أن يصليها في مسجد فإنه لا يتعين لها مسجد وإن عينه لكن يتعين أن يصليها في مسجد بناء على أن صفاتها تفرد بالالتزام بخلاف النفل والفرق أن أداء الفريضة في المسجد أفضل .
إلا المسجد الحرام .
إذا نذر الصلاة فيه فيتعين لعظم فضله وتعلق النسك وصح أن الصلاة فيه بمائة ألف صلاة كما رواه الإمام أحمد وغيره .
تنبيه : .
المراد بالمسجد الحرام جميع الحرم لأنه موضع الطواف فقط فقد جزم الماوردي بأن حرم مكة كمسجدها في المضاعفة وتبعه المصنف في مناسكه وجزم به الحاوي الصغير ونقل الإمام عن شيخه أنه لو نذر الصلاة في الكعبة فصلى في أطراف المسجد خرج عن نذره لأن الجميع من المسجد الحرام وإن كانت في الكعبة زيادة فضيلة .
وفي قول و .
إلا " مسجد المدينة والأقصى " فيتعينان للصلاة المنذورة فيهما " قلت الأظهر " أخذا من الرافعي في الشرح " تعيينهما كالمسجد الحرام .
والله أعلم " لاشتراك الثلاثة في عظم الفضيلة وإن تفاوتت فيه لقوله A لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد وقال البلقيني ما ادعاه المصنف أنه الأظهر ممنوع نقلا ودليلا وأطال الكلام في ذلك .
لكن كلام المصنف يشعر بعدم إجزاء الصلاة في غيرهما وليس مرادا بل لو صلى ما نذره ( 4 / 368 ) بالمسجدين بالمسجد الحرام خرج عن نذره في الأصح ويقوم مسجد المدينة مقام الأقصى ولا عكس على النص وسكت عن نذره الاعتكاف لتقدمه في بابه .
تنبيه : .
لا تجزىء صلاة واحدة في هذه المساجد عن أكثر منها فلو نذر ألف صلاة في المسجد الحرام لم تجزه صلاة واحدة في مسجد المدينة كما لو نذر أن يصلي في مسجد المدينة صلاة لا تجزيه ألف صلاة في غيره وإن عدلت بها كما أنه لو نذر قراءة ثلث القرآن فقرأ " قل هو الله أحد " لا تجزيه وإن عدلت ثلث القرآن ولا يلحق بالمساجد الثلاثة مسجد قباء خلافا لما بحثه الزركشي لما مر وإن أخرج الترمذي صلاة فيه كعمرة .
ثم شرع المصنف في فروع يظهر بها أن النذر هل يسلك به واجب الشرع أو جائزه والأصح عند المصنف الأول إلا فيما استثنى ورجح العراقيون الثاني واختار المصنف في باب الرجعة أنه لا يطلق ترجيح واحد من القولين بل يختلف الراجح منهما بحسب المسائل وبدأ من تلك الفروع بنذر الصوم فقال " أو " نذر " صوما مطلقا " من غير تعرض لعدد بلفظ ولا نية " فيوم " يحمل عليه لأن الصوم اسم جنس يقع على الكثير والقليل والصوم لا يكون أقل منه والمتيقن يوم فلا يلزمه أكثر منه .
فإن قيل ينبغي أن لا يكتفي به إذا حملنا النذر على واجب الشرع فإن أقل ما وجب بالشرع ابتداء صيام ثلاثة أيام .
أجيب بمنع ذلك بدليل وجوب يوم في جزاء الصيد وعند إفاقة المجنون وبلوغ الصبي قبل طلوع فجر آخر يوم من رمضان .
تنبيه : .
لو نذر صوما كثيرا أو طويلا لم يلزمه أكثر من يوم كما قاله الخوارزمي في الكافي ومثله ما لو قال حينا أو دهرا .
أو .
نذر " أياما " أي صومها " فثلاثة " لأنها أقل الجمع أو شهورا فقياسه ثلاثة وقيل أحد عشر شهرا لكونه جمع كثرة ولو عرف الأشهر احتمل ذلك واحتمل إرادة السنة وهو الظاهر ويجب التبييت في صوم النذر بناء على الأصح من أنه يسلك به مسلك واجب الشرع ولو نذر الصوم في السفر صح إن كان صومه أفضل من فطره وإلا فلا " أو " نذر " صدقة فيما " أي تصدق بأي شيء " كان " مما يتمول كدانق ودونه لإطلاق الاسم .
فإن قيل هلا يتقدر بخمسة دراهم أو بنصف دينار كما أنه أقل واجب في زكاة المال أجيب بأن الخلطاء قد يشتركون في نصاب فيجب على أحدهم شيء قليل .
تنبيه : .
لو نذر التصدق بمال عظيم .
قال القاضي أبو الطيب في باب الإقرار في تعليقه لا يتقدر بشيء وأي قدر تصدق أجزأه .
قال ورأيت بعضهم يوجب فيه مائتي درهم .
وفي فتاوى القفال لو قال لله علي أن أعطي الفقراء عشرة دراهم ولم يرد به الصدقة لم يلزمه شيء كما لو قال لله علي أن أحب الفقراء .
قال الأذرعي وفيه نظر إذ لا يفهم من ذلك إلا الصدقة اه " .
وهذا هو الظاهر ولو نذر أن يشتري بدرهم خبزا للتصدق لزمه التصدق بخبز قيمته درهم ولا يلزمه شراؤه نظرا للمعنى لأن القربة إنما هي التصدق لا الشراء .
فروع لو قال ابتداء مالي صدقة أو في سبيل الله فلغو لأنه لم يأت بصيغة التزام فإن علق قوله المذكور بدخول مثلا كقوله إن دخلت الدار فمالي صدقة فنذر لجاج فإما أن يتصدق بكل ماله وإما له أن يكفر كفارة يمين إلا أن يكون المعلق به مرغوبا فيه كقوله إن رزقني الله دخول الدار أو إن دخلت الدار وأراد ذلك فمالي صدقة فيجب التصدق عينا لأنه نذر تبرر ولو قال بدل صدقة في سبيل الله تصدق بكل ماله على الغزاة ولو قال إن شفى الله مريضي فعلي ألف ولم يعين شيئا باللفظ ولا بالنية لم يلزمه شيء لأنه لم يعين مساكين ولا دراهم ولا تصدقا ولا غيرها ولو نوى التصدق بألف ولم ينو شيئا فكذلك كما جزم به ابن المقري تبعا لأصله لكن قال الأذرعي يحتمل أن ينعقد نذره ويعين ألفا مما يريد كما لو قال لله علي نذر .
قال شيخنا وما قاله ظاهر وأي فرق بينه وبين نذر التصدق بشيء ولو قال إن شفى الله مريضي فلله علي أن أتصدق بألف درهم مثلا فشفي والمريض فقير فإن كان لا يلزمه نفقته جاز إعطاؤه ما لزمه وإلا فلا كالزكاة ولو نذر التصدق على ولده أو غيره الغني جاز لأن الصدقة على الغني ( 4 / 369 ) جائزة وقربة ولو نذر أن يضحي بشاة مثلا على أن يتصدق بها لم ينعقد نذره لتصريحه بما ينافيه .
أو .
نذر " صلاة فركعتان " تكفي عن نذره في الأظهر حملا على أقل واجب الشرع " وفي قول " تكفيه " ركعة " واحدة حملا على جائزه ولا تكفيه على القولين سجدة تلاوة أو شكر لأن ذلك لا يسمى صلاة ولا صلاة جنازة لأنها ليست واجبة عينا وإن حصل تعيين فعارض فلا يحمل عليها النذر " فعلى الأول " المبني على السلوك بالنذر مسلك واجب الشرع " يجب القيام فيهما " أي الركعتين مع القدرة عليه " وعلى الثاني " المبني على السلوك على جائز الشرع " لا " يجب القيام فيهما .
تنبيه : .
محل الخلاف إذا أطلق فإن قال أصلي قاعدا فله القعود قطعا كما لو صرح بركعة فتجزئه قطعا لكن القيام أفضل منه .
فروع لو نذر أن يصلي ركعتين فصلى أربعا بتسليمة بتشهد أو بتشهدين ففي الإجزاء طريقان .
قال في المجموع أصحهما وبه قطع البغوي جوازه اه وهذا على خلاف الأصل السابق ولهذا جزم في الأنوار بعدم الجواز بناء على أنه يسلك بالنذر مسلك واجب الشرع والقائل بالجواز قاسه على ما لو نذر أن يتصدق بعشرة فتصدق بعشرين .
قال في أصل الروضة بعد ذكره الخلاف ويمكن بناؤه على ما ذكر إن زلناه على واجب الشرع لم يجزه كما لو صلى الصبح أربعا وإلا أجزأه ولو نذر أن يصلي أربع ركعات جاز أن يصليهما بتسليمتين لزيادة فضلهما وإن خالف ذلك البناء المذكور لذلك ولأنه يسمى مصليا أربع ركعات كيف صلاها فإن صلاها بتسليمة فيأتي بتشهدين فإن ترك الأول منهما سجد للسهو هذا إن نذر أربعا بتسليمة واحدة أو أطلق فإن نذرها بتسليمتين لزمتاه لأنها أفضل كما صرح بذلك صاحب الاستقصاء في صلاة التطوع ولو نذر صلاتين لم يجزه أربع ركعات بتسليمة كما جزم به في الروضة وأصلها ولا يجزيه فعل الصلاة على الراحلة إذا لم ينذره عليها بأن نذره على الأرض أو أطلق فإن نذره عليها أجزأه فعله عليها لكن فعلها على الأرض أولى .
أو .
نذر " عتقا " وأطلق " فعلى الأول " المبني على ما سبق يلزمه " رقبة كفارة " وهي ما سبق بأنها مؤمنة سليمة من عيب يخل بعمل أو كسب " وعلى الثاني " المبني على ما سبق يكفيه " رقبة " ولو معيبة وكافرة لصدق الاسم " قلت الثاني هنا أظهر " وفي زيادة الروضة أنه الأصح عن الأكثرين وهو الراجح في الدليل " والله أعلم " لتشوف الشارع إلى العتق ولأن الأصل براءة الذمة فاكتفى بما يقع عليه الاسم والفرق بينه وبين الصلاة أن العتق من باب الغرامات التي يشق إخراجها فكان عند الإطلاق لا يلزمه إلا هو الأقل ضررا بخلاف الصلاة .
تنبيه : .
قال المصنف في تحريره قوله التنبيه أو عتقا كلام صحيح ولا التفات إلى من أنكره لجهله ولكن لو قال إعتاقا لكان أحسن اه " .
قال ابن شهبة والعجيب أن عبارة المحرر إعتاقا فغيرها إلى خلاف الأحسن .
أو .
نذر " عتق " رقبة مؤمنة أو سليمة لم تجزه الكافرة والمعيبة أو عتق رقبة " كافرة معيبة أجزأه " أي كفاه عنها رقبة " كاملة " لإتيانه بما هو أفضل وذكر الكفر والعيب ليس للتقرب بل الجواز الاقتصار على الناقص فصار كمن نذر التصدق بحنطة رديئة يجوز له التصدق بالجيدة " فإن عين " رقبة " ناقصة " بأن قال لله علي أن أعتق هذه الرقبة الكافرة أو المعيبة " تعينت " فلا يجزئه غيرها وإن كان خيرا منها لتعلق النذر بعينها .
تنبيه : .
ما قررت به كلام المصنف من أنه يصح نذر عتق الرقبة الكافرة هو المتعمد وإن كان في فتاوى القاضي حسين أنه لا يلزمه إعتاقه لأنه جعل الكفر صفة له ولا يزول ملكه عن المعينة بنفس النذر وليس له بيعها ولا هبتها ولا يجوز ذلك ولا يلزمه إبدالها إن تلفت أو أتلفها وإن أتلفها أجنبي لزمه قيمتها لمالكها ولا يلزمه صرفه إلى أخرى ( 4 / 370 ) بخلاف الهدي فإن الحق فيه للفقراء وهم موجودون قاله في البيان .
أو .
نذر " صلاة " حالة كونه " قائما لم يجز " فعلها حالة كونه " قاعدا " مع القدرة بلا مشقة على القيام لأنه دون ما التزمه أما مع المشقة لنحو كبر أو مرض فلا يلزمه القيام على الأصح " بخلاف عكسه " وهو نذر الصلاة قاعدا فيجوز قائما لإتيانه بما هو الأفضل .
تنبيه : .
كلامه يفهم أن له القعود أيضا وهو كذلك ففي الشرحين والروضة هنا أنه لا خلاف فيه وإن ذكرا بعد ذلك بنحو ثلاثة أوراق عن الإمام عن الأصحاب أنه يلزمه القيام عند القدرة ولو نذر إتمام الصلاة أو قصرها صح إن كان كل منهما أفضل وإلا فلا كما جزم به في الأنوار ولو نذر القيام في النوافل أو استيعاب الرأس بالمسح أو التثليث أو غسل الرجلين صح ولزم كما جزم في الأنوار أيضا .
أو .
نذر " طول قراءة الصلاة " فرضا كانت أو نفلا ومثله طول ركوعها وسجودها لزمه ذلك أي إن لم يكن إماما في مكان لم يحضر جمعه أو حصروا ولم يرضوا بالتطويل كما نبه عليه البلقيني لأن التطويل حينئذ مكروه " أو " نذر " سورة معينة أو " نذر " الجماعة " ولو في نفل تسن فيه الجماعة وقوله " لزمه " راجع للمسائل المذكورة كما تقرر لأن ذلك طاعة فلزم بالنذر وما قررت به كلام المصنف من أن ما ذكره شامل للفرض والنفل هو المعتمد كما جرى عليه شيخنا .
وقال فالقول بأن صحته هنا مقيدة بكونها في الفرائض أخذا من تقييد الروضة وأصلها بذلك وهم لأنهما إنما قيدا بذلك للخلاف فيه ولو نذر القراءة في الصلاة فقرأ في محل التشهد أو في ركعة زائدة قام لها ناسيا لم تحسب .
تنبيه : .
لو خالف في الوصف الملتزم كأن صلى في الأخيرة منفردا سقط عنه خطاب الشرع في الأصل وبقي الوصف ولا يمكنه الإتيان به وحده فعليه الإتيان به ثانيا مع وصفه ذكره في الأنوار تبعا للقاضي و المتولي .
وقال القاضي أبو الطيب يسقط عنه نذره أيضا لأنه ترك الوصف ولا يمكنه قضاؤه .
قال ابن الرفعة والأول ظاهر إذا لم نقل أن الفرض الأول وإلا فالمتجه الثاني .
قال شيخنا وقد يحمل الأول على ما إذا ذكر في نذره الظهر مثلا .
والثاني على ما إذا ذكر فيه الفرض اه " .
والأوجه ما ذكره صاحب الأنوار .
والصحيح انعقاد النذر بكل قربة لا تجب ابتداء كعيادة .
لمريض " وتشييع جنازة والسلام " على الغير أو على نفسه إذا دخل بيتا خاليا وتشميت العاطس وزيارة القادم لأن الشارع رغب فيها والعبد يتقرب بها فهي كالعبادات والثاني المنع لأنها ليست على أوضاع العبادات وإنما هي أعمال وأخلاق مستحسنة رغب الشارع فيها لعموم فائدتها ويصح نذر فعل المكتوبة أول الوقت وصلاة الضحى وقيام التراويح وتحية المسجد وركعتي الإحرام والطواف وستر الكعبة ولو بالحرير وتطييبها وصرف ماله في شراء سترها وتطييبها فإن نوى المباشرة لذلك بنفسه لزمه وإلا فله بعثه إلى القيم لصرفه في ذلك ويصح نذر تطييب مسجد المدينة والأقصى وغيرهما من المساجد كما اختاره في المجموع لأن تطييبها سنة مقصودة فلزم بالنذر كسائر القرب بخلاف البيوت ونحوها كمشاهد العلماء والصالحين .
واحترز المصنف بقوله لا تجب ابتداء عن القرب التي يجب جنسها بالشرع كالصلاة والصوم والحج والعتق فإنها تلزم بالنذر قطعا كما في التتمة وكان ينبغي أن يزيد في الضابط أن لا يكون فيه إبطال رخصة للشرع أو القصر أفضل كما مرت الإشارة إليه وأورد على الضابط ما لو قال إن شفى الله مريضي فلله علي أن أعجل زكاة مالي فإن الأصح في زيادة الروضة عدم انعقاده لأنه ليس بقربة .
نعم حيث قلنا إنه يندب تعجيل الزكاة كأن اشتدت حاجة المستحقين لها أو التمسوها من المذكى أو قدم الساعي قبل تمام حوله فينبغي كما قال الإسنوي وغيره صحة نذره .
خاتمة في مسائل منثورة مهمة تتعلق بالباب لو قال إن شفى الله مريضي فلله علي أن أتصدق بعشرة دراهم مثلا ثم قال في اليوم الثاني مثله فإن قصد التكرار لم يلزمه غير عشرة وإن قصد الاستئناف أو أطلق لزمه عشرون ( 4 / 371 ) كما في فتاوى القفال ويجيء مثله كما قال الزركشي في نذر اللجاج .
ولو نذر التصدق على أهل الذمة بدينار جاز صرفه إلى المسلمين أو على المبتدعة .
أو الرافضة جاز صرفه إلى أهل السنة .
أو على الأغنياء جاز صرفه إلى الفقراء كما في فتاوى القفال .
ولو قال لله علي ذبح ولدي فإن لم يجز فشاة مكانه لم يصح نذره لأن ذلك ليس بقربة ولا يلزم الكافر وفاء ما نذره في كفره بعد إسلامه وقوله A ل عمر Bه في نذر كان نذره في الجاهلية أوف بنذرك محمول على الندب .
ولو قال أحد هذين للفقراء فهو نذر إن أراده أو أطلق فإن تلف أحدهما أعطاهم الآخر فإن أراد الإقرار بأن لهم أحدهما والآخر ملكه فتلف أحدهما فعينه لهم قبل قوله أو نذر التصدق بأحد شيئين فتلف أحدهما لزمه التصدق بالآخر .
ولو نذر أن لا يكلم أحدا لم يصح نذره لما فيه من التضييق والتشديد .
ولو قال إن شفى الله مريضي فعبدي هذا حر ثم نذر عتقه إن رد الله غائبه انعقد النذران فإن حصلا معا أقرع بينهما كذا نقله في الروضة عن فتاوى القاضي عن العبادي والذي فيها عنه أن النذر الثاني موقوف فإن شفى الله المريض قبل القدوم أو بعده أو معه بان أنه لم ينعقد والعبد مستحق العتق عن الأول وإن مات انعقد وأعتق العبد عنه كذا ذكره البغوي في فتاويه وهذا أوجه .
ولو نذر من يموت أولاده عتق رقيق إن عاش له ولد فعاش له ولد أكثر من أولاده الموتى ولو قليلا لزمه العتق .
ومن نذر زيتا أو شمعا لإسراج مسجدا أو غيره أو وقف ما يشتريان به من غلته صح كل من النذر والوقف إن كان يدخل المسجد أو غيره من ينتفع به من نحو مصل أو نائم وإلا لم يصح لأنه إضاعة مال وقد ذكر الأذرعي ما يفيد ذلك .
وفي إيقاد الشموع ليلا على الدوام والمصابيح الكثيرة نظر لما فيه من الإسراف .
وأما المنذور للمشاهد الذي يبيت على قبر ولي أو نحوه فإن قصد الناذر بذلك التنوير على من يسكن البقعة أو يتردد إليها فهو نوع قربة وحكمه ما ذكر أي الصحة .
وإن قصد به الإيقاد على القبر ولو مع قصد التنوير فلا وإن قصد به وهو الغالب من العامة تعظيم البقعة أو القبر أو التقرب إلى من دفن فيها أو نسبت إليه فهذا نذر باطل غير منعقد فإنهم يعتقدون أن لهذه الأماكن خصوصيات لأنفسهم ويرون أن النذر لها مما يندفع به البلاء قال وحكم الوقف كالنذر فيما ذكرنا انتهى .
فإن حصل شيء من ذلك رد إلى مالكه وإلى وارثه بعده فإن جهل صرف في مصالح المسلمين .
وقال الشيخ عز الدين المهدي إلى المساجد من زيت أو شمع إن صرح بأنه نذر وجب صرفه إلى جهة النذر ولا يجوز بيعه وإن أفرط في الكثرة وإن صرح بأنه تبرع لم يجز التصرف فيه إلا على وفق إذنه وهو باق على ملكه فإن طالت المدة وجوز أن باذله مات فقد بطل إذنه ووجب رده إلى وارثه فإن لم يعرف له وارث صرف في مصالح المسلمين وإن لم يعرف قصد المهدي أجري عليه أحكام المنذور التي تقدمت أو يصرف في مصالح المسلمين .
ولو نذر أن يصلي في أفضل الأوقات فقياس ما قالوه في الطلاق ليلة القدر أو في أحب الأوقات إلى الله تعالى قال الزركشي ينبغي أن لا يصح نذره والذي ينبغي الصحة ويكون كنذره في أفضل الأوقات .
ولو نذر أن يعبد الله تعالى بعبادة لا يشركه فيها أحد فقيل يطوف بالبيت وحده وقيل يصلي داخل البيت وحده وقيل يتولى الإمامة العظمى فإن الإمام لا يكون إلا واحدا فإن انفرد بها واحد فقد قام بعبادة هي أعظم العبادات وعليه حمل قول سليمان E رب هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي فإنه انفرد بهذه العبادة وهي القيام بمصالح الإنس والجن والطير وغيرها .
وينبغي أن يكفي أي واحد من ذلك وما ورد من أن البيت لا يخلو عن طائف ملك أو غيره مردود لأن العبرة بما في ظاهر الحال