" نساء الكفار " أي النساء الكافرات والخناثى " وصبيانهم " ومجانينهم " إذا أسروا رقوا " بفتح الراء أي صاروا أرقاء بنفس الأسر فالخمس منهم لأهل الخمس والباقي للغانمين لأن النبي A كان يقسم السبي كما يقسم المال والمراد بالسبي النساء والولدان .
تنبيه : .
من تقطع جنونه العبرة فيه بحال الأسر كما بحثه الإمام وصححه الغزالي .
وكذا العبيد .
للكفار ولو كانوا مرتدين أو مسلمين صاروا أرقاء لنا .
تنبيه : .
عطف العبيد هنا مشكل لأن الرقيق لا يرق فالمراد استمراره لا تجديده ومثلهم فيما ذكر المبعضون تغليبا لحقن الدم .
تنبيه : .
لا يقتل من ذكر للنهي عن قتل النساء والصبيان والباقي في معناهما فإن قتلهم الإمام ولو لشرهم وقوتهم ضمن قيمتهم للغانمين كسائر الأموال .
ويجتهد الإمام .
أو أمير الجيش " في " أسر الكفار الأصليين " الأحرار الكاملين " وهم الذكور البالغون العاقلون " ويفعل " فيهم وجوبا بعد مذكورة في قوله " من قتل " بضرب رقبة لا بتحريق وتغريق " ومن " عليهم بتخلية سبيلهم " وفداء " بكسر الفاء مع المد وبفتحها مع القصر " بأسرى " مسلمين كما نص عليه رجال أو غيرهم أو أهل ذمة كما بحثه شيخنا " أو مال " يؤخذ منهم سواء أكان من مالهم أو من مالنا في أيديهم " واسترقاق " للاتباع في الأربعة وقال تعالى " اقتلوا المشركين " وقال تعالى " فإما أسرهم " الأحظ " للإسلام كالمن ( 4 / 228 ) عليهم والأحظ " للمسلمين " من أربع خصال منا بعد وإما فداء " وقال تعالى " حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق " أي بالاسترقاق .
تنبيه : .
شمل إطلاقه الاسترقاق استرقاق كل شخص وكذا بعضه وهو الأصح .
قال الرافعي بناء على تبعيض الحرية في ولد الشريك المعسر بقدر حصته وإذا منعنا استرقاق بعضه فخالف رق كله وعلى هذا يقال لنا صورة يسري فيها الرق كما يسري فيها العتق .
فإن خفي .
على الإمام الأحظ السابق " حبسهم حتى يظهر " له لأنه راجع إلى الاجتهاد لا إلى التشهي فيؤخر لظهور الصواب ولو بذل الأسير الجزية ففي قبولها وجهان .
قال صاحب البيان الذي يقتضيه المذهب أنه لا خلاف في جواز قبول ذلك منه وإنما الوجهان في الوجوب لأنه إذا جاز أن يمن عليه من غير مال أو بمال يؤخذ منه مرة واحدة فلأن يجوز بمال يؤخذ منه في كل سنة أولى .
قال في الشامل وإذا بذل الجزية حرم قتله وتخير الإمام فيما عدا القتل كما لو أسلم وصححه الرافعي في باب الجزية .
ثم ما جزم به المصنف من التخيير هو فيمن له كتاب أما غيره فأشار إلى خلاف في استرقاقه بقوله " وقيل لا يسترق وثني " كما لا يجوز تقريره بالجزية ورد بأن من جاز أن يمن عليه ويفادى جاز أن يسترق كالكتابي " وكذا عربي " لا يجوز أيضا استرقاقه " في قول " قديم لحديث فيه ورد بأن الحديث واه وقد سبى A بني المصطلق وهوازن وقبائل من العرب وأجرى عليهم الرق كما رواه البخاري .
تنبيه : .
لا ترد أسلحتهم التي بأيدينا عليهم بمال يبذلونه لنا كما لا يجوز أن نبيعهم السلاح ونردها لهم بأسارى منا في أحد وجهين استظهره شيخنا وهو ظاهر كما تجوز المفاداة بهم ولأن ما نأخذه خير مما نبذله والوجه الآخر يمنع كما يمنع الرد بمال وخرج بقولنا الكفار الأصليين المرتدون فيطالبهم الإمام بالإسلام فإن امتنعوا فالسيق .
فرع من استبد بقتل أسير .
إن كان بعد حكم الإمام بقتله فلا شيء عليه سوى التعزير لافتياته على الإمام وإن أرقه الإمام ضمنه القاتل بقيمته ويكون غنيمة وإن من عليه فإن قتله قبل حصوله في مأمنه ضمن ديته لورثته أو بعده هدر دمه وإن فداه فإن قتله قبل قبض الإمام فداءه ضمن ديته للغنيمة أو بعد قبضه وإطلاقه إلى مأمنه فلا ضمان عليه لعوده إلى ما كان عليه قبل أسره وقضية هذا التعليل أن محل ذلك إذا وصل إلى مأمنه وإلا فيضمن ديته لورثته وهو ظاهر .
ولو أسلم أسير .
مكلف لم يختر الإمام فيه قبل إسلامه منا ولا فداء " عصم " الإسلام " دمه " فيحرم قتله لخبر الصحيحين أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله إلى أن قال فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم وقوله وأموالهم محمول على ما قبل الأسر بدليل قوله إلا بحقها ومن حقها أن ماله المقدور عليه بعد الأسر غنيمة " وبقي " فيه " الخيار في الباقي " في خصال التخيير السابقة وهو المن والإرقاق والفداء لأن المخير بين أشياء إذا سقط بعضها لتعذره لا يسقط الخيار في الباقي كالعجز عن العتق في الكفارة .
تنبيه : .
إنما تجوز المفاداة إذا كان عزيزا في قومه أو له فيهم عشيرة ولا يخشى الفتنة في دينه ولا نفسه أما إذا اختار الإمام قبل إسلامه المن أو الفداء انتهى التخيير وتعين ما اختاره الإمام .
وفي قول يتعين الرق .
بنفس الإسلام لأنه أسير يحرم قتله فيمتنع عليه المن والفداء كالصبيان والنساء .
ورد بأن الصبيان والنساء لم يكن مخيرا فيهم في الأصل بخلاف الأسير " وإسلام كافر " مكلف رجلا كان أو امرأة في دار حرب أو إسلام " قبل ظفر به " وهو أسره كما صرح به الشافعي رضي الله ( 4 / 229 ) تعالى عنه في المختصر .
ولا يخالفه قول الروضة قبل أسره والظفر به لأنه عطف تفسير " يعصم دمه وماله " للخبر المار " و " يعصم " صغار ولده " الأحرار عن السبي لأنهم يتبعونه في الإسلام .
والجد كذلك في الأصح ولو كان الأب حيا لما مر .
وولده أو ولده المجنون كالصغير ولو طرأ الجنون بعد البلوغ ما مر أيضا ويعصم الحمل تبعا له لا إن استرقت أمه قبل إسلام الأب فلا يبطل إسلامه رقه كالمنفصل وإن حكم بإسلامه .
أما البالغ العاقل فلا يعصمه إسلام الأب لاستقلاله بالإسلام .
و " لا " يعصم إسلام الزوج " زوجته " عن الاسترقاق " على المذهب " المنصوص لاستقلالها ولو كانت حاملا منه في الأصح .
وفي قول مخرج لا تسترق لئلا يبطل حقه من النكاح كما لو أعتق المسلم عبدا كافرا ثم التحق بدار الحرب لا يجوز استرقاقه على المنصوص .
وأجاب الأول بأن الولاء بعد ثبوته لا يمكن رفعه بحال بخلاف النكاح .
فإن قيل لو بذل الجزية منع إرقاق زوجته وابنته البالغة فكان الإسلام أولى .
أجيب بأن ما يمكن استقلال الشخص به لا يحصل فيه تابعا لغيره .
والبالغة تستقل بالإسلام ولا تستقل ببذل الجزية .
فإن استرقت .
أي إن قلنا بأن زوجة من أسلم قبل الظفر أنها ترق " انقطع نكاحه في الحال " أي حال السبي سواء أكان قبل الدخول أم بعده لامتناع إمساك الأمة الكافرة للنكاح كما يمتنع ابتداء نكاحها .
ولقوله A في سبايا أوطاس وبني المصطلق ألا لا توطأ حامل حتى تضع ولا حامل حتى تحيض ولم يسأل عن ذاك زوج ولا غيرها ومعلوم أنه كان فيهم من لها زوج " وقيل إن كان " استرقاقها " بعد الدخول بها انتظرت العدة فلعلها تعتق فيها " فيدوم النكاح كالردة والأصح عدم الفرق ما مر لأن حدوث الرق يقطع النكاح فأشبه الرضاع .
ويجوز إرقاق زوجة ذمي .
إذا كانت حربية أي ترق بنفس الأسر وينقطع به نكاحه .
فإن قيل هذا يخالف قولهم أن الحربي إذا بذل الجزية عصم نفسه وزوجته من الاسترقاق .
أجيب بأن المراد هنا الزوجة الموجودة حين العقد فيتناولها العقد على جهة التبعية والمراد هنا الزوجة المتجددة بعد العقد لأن العقد لم يتناولها أو يحمل ما هناك على ما إذا كانت زوجته داخلة تحت القدرة حين العقد وما هنا على ما إذا لم تكن كذلك " وكذا عتيقه " الحربي يجوز إرقاقه " في الأصح " المنصوص لأن الذمي لو التحق بدار الحرب استرق فعتيقه أولى .
والثاني المنع لئلا يبطل حقه من الولاء " لا عتيق مسلم " التحق بدار الحرب فلا تسترق لأن الولاء بعد ثبوته لا يرتفع وسواء أكان المعتق مسلما حال العتق أم كافرا ثم أسلم قبل أسر العتيق قال البلقيني وقل من تعرض لهذا الفرع أي وهو ما إذا أعتق الكافر عبدا ثم أسلم قبل الأسر وقد يفهم كلام المصنف استرقاقه إذ يصدق أنه ليس عتيق مسلم " و " لا " زوجته " أي المسلم " الحربية " فلا تسترق إذا سبيت " على المذهب " وهذا ما صححه في المحرز وهو المعتمد وإن كان مقتضى كلام الروضة والشرحين الجواز فإنهما سويا في جريان الخلاف بينها وبين زوجة الحربي إذا أسلم لأن الإسلام الأصلي أقوى من الإسلام الطارىء .
قال ابن كج ولو تزوج بذمية في دار الإسلام ثم التحقت بدار الحرب فلا تسترق قولا واحدا " وإذا سبي زوجان " معا " أو أحدهما " فقط " انفسخ النكاح " بينهما سواء أكان ذلك في الدخول أم بعده " إن كانا حرين " لما رواه مسلم أنهم لما امتنعوا يوم أوطاس من وطء السبايا لأن لهن أزواجا أنزل الله تعالى " والمحصنات من النساء " أي المتزوجات " إلا ما ملكت أيمانكم " فحرم المتزوجات إلى المملوكات بالسبي فدل على ارتفاع النكاح وإلا لما حللن ولعموم خبر لا توطأ حامل حتى تضع إذ لم يفرق فيه بين المنكوحة وغيرها كما مر ولأن الرق إذا حدث زال ملكها عن نفسها فلأن تزول العصمة بينها وبين الزوج أولى .
تنبيه : ان أحدهما محل الانفساخ في سبي الزوج إن كان صغيرا أو مجنونا أو كاملا واختيار الإمام رقه فإن كان اختار فداءه أو المن عليه استمرت الزوجية ومحله في سبي الزوجة إذا كان الزوج كافرا فإن كان مسلما بنى على ( 4 / 230 ) الخلاف المتقدم هل تسبى أو لا .
ثانيهما التقييد بكونهما حرين يقتضي عدم الانفساخ فيما إذا كان أحدهما حرا والآخر رقيقا وليس مرادا فلو كانت حرة وهو رقيق وسبيت وحدها أو معه انفسخ أيضا والحكم في عكسه كذلك إن كان الزوج غير مكلف أو مكلفا وأرقه الإمام لأن العلة في انفساخ النكاح زوال ملكه عن نفسه فزوجته كذلك .
قيل أو رقيقين .
فينفسخ النكاح بينهما لحدوث السبي والأصح المنع إذا لم يحدث رق وإنما انتقل الملك من مالك إلى آخر فأشبه البيع والخلاف جار سواء أسلما أم لا .
تنبيه : .
لو استأجر مسلم حربيا فاسترق أو داره فغنمت كان له استيفاء مدته لأن منافع الأموال مملوكة ملكا تاما مضمونة باليد كأعيان الأموال وكما لا تغنم العين المملوكة للمسلم لا تغنم المنافع المملوكة له بخلاف منفعة البضع فإنها تستباح ولا تملك ملكا تاما ولهذا لا تضمن باليد .
وإذا أرق .
حربي " وعليه دين " لغير حربي " لم يسقط " لأن شغل الذمة قد حصل ولم يوجد ما يقتضي إسقاطه أما إذا كان الحربي فيسقط لعدم احترامه وإذا لم يسقط دين غير الحربي " فيقضي من ماله " حيث كان له مال " إن غنم بعد إرقاقه " ولو حكم بزوال ملكه عنه بالرق كما أن دين المرتد يقضى من ماله وإن حكم بزوال ملكه ولأن الدين يقدم على الغنيمة كما يقدم على الوصية أما إذا لم يكن له مال فإن دينه يبقى في ذمته إلى أن يعتق ويوسر وخرج بقوله بعد إرقاقه ما إذا غنم قبله فلا يقضى منه لأن الغانمين ملكوه وكذا ما غنم مع استراقه في الأصح فإن حق الغانمين تعلق بعين المال وحق صاحب الدين كان في الذمة وما يتعلق بالعين يقدم على المتعلق بالذمة وهل يحل الدين المؤجل بالرق فيه وجهان أصحهما أنه يحل لأنه يشبه الموت من حيث أنه يزيل الملك ويقطع النكاح .
تنبيه : ان أحدهما لو كان الدين الذي على الحربي للسابي قال الشيخان ففي سقوطه الوجهان فيمن كان له دين على عبد غيره فملكه أي فيسقط وهذا كما قال الإسنوي إنما هو ظاهر في قدر حصته وهي الأربعة أخماس وأما الخمس فينبغي أن لا يسقط ما يقابله قطعا ولهذا عدل ابن المقري عن هذه العبارة وقال فلو ملكه الغريم سقط اه " .
فعلم أنه لا يسقط إلا بقدر ما يملكه .
الثاني لو كان الدين لحربي على غير حربي فرق من له الدين لم يسقط بل يوقف فإن عتق فله وإن مات رقيقا ففيء .
ولو اقترض حربي من حربي .
مالا " أو اشترى منه " شيئا بمال " ثم أسلما " معا أو مرتبا " أو " لم يسلما بل " قبلا جزية " أو حصل لهما أمان أو حصل أحدهما لأحدهما وغيره للآخر كما بحثه بعض المتأخرين " دام الحق " في ذلك لالتزامه بعقد وخرج بالمال نحو الخمر والخنزير مما لا يصح طلبه .
تنبيه : .
قد يفهم كلامه أنه لو أسلم أحدهما أو قبل جزية دون الآخر لا يدوم الحق وليس مرادا في إسلام صاحب الدين قطعا وفي إسلام المديون في الأظهر .
و .
الحربي " لو أتلف عليه حربي " آخر شيئا أو غصبه منه " فأسلما " أو أسلم المتلف أو الغاصب أو قبلا الجزية " فلا ضمان " عليه " في الأصح " لأنه لم يلتزم شيئا والإتلاف ليس عقدا يستدام ولأن الحربي إذا قهر حربيا على ماله ملكه والإتلاف نوع من القهر ولأن إتلاف مال الحربي لا يزيد على مال المسلم وهو يوجب الضمان على الحربي والثاني يضمن لأنه لازم عنده .
ثم شرع في حكم أموال الحربيين فقال " والمال المأخوذ من أهل الحرب قهرا " عليهم حتى سلموه أو تركوه وانهزموا " غنيمة " لما مر في كتاب قسمها وكان ينبغي أن يقول المال الذي أخذناه ليخرج ما أخذه أهل الذمة منه فليس بغنيمة وإنما أعاد ذلك لضرورة التقسيم الدال عليه قوله " وكذا ما أخذه واحد أو جمع من دار الحرب بسرقة " أو نحوها ولم ( 4 / 231 ) يدخلها بأمان " أو " لم يؤخذ سرقة بل هناك مال ضائع " وجد كهيئة اللقطة " فأخذه شخص بعد علمه أنه للكفار فإنه في القسمين غنيمة " على الأصح " المنصوص لأن دخوله دار الحرب وتغريره بنفسه يقوم مقام القتال .
والثاني هو لمن أخذه خاصة وادعى الإمام الاتفاق عليه .
تنبيه : .
يستثنى من ذلك ما إذا كان سبب الوصول إلى اللقطة في دار الحرب هروبهم خوفا منا من غير قتال فإنها فيء قطعا وأما إذا كان بقتالنا لهم فهو غنيمة قطعا ثم ما سبق إذا لم يمكن كونه لمسلم " فإن أمكن كونه " أي الملتقط " لمسلم " بأن كان ثم مسلم " وجب تعريفه " فإذا عرفه ولم يعرفه أحد يكون غنيمة .
تنبيه : .
لم يصحح الشيخان شيئا في مدة التعريف بل نقلا عن الشيخ أبي حامد أنه يعرفه يوما أو يومين .
قال ويقرب منه قول الإمام يكفي بلوغ التعريف إلى الأجناد إذا لم يكن هناك مسلم سواهم ولا ينظر إلى احتمال مرور التجار وعن المهذب والتهذيب يعرفه سنة اه " .
واختلف المتأخرون في الترجيح فاعتمد البلقيني ما قاله الإمام ونقله عن نص الأم في سير الواقدي وقال إنه خارج عن قاعدة اللقطة فتستثنى هذه الصور من إطلاق تعريف اللقطة سنة في غير الحقير .
وقال الزركشي شبه حمل الأول أي كلام الشيخ أبي حامد على الخسيس وقال الأذرعي الظاهر أنه لا فرق بين هذه وبين لقطة دار الإسلام في التعريف اه " .
وهذا هو الظاهر .
ثم شرع في أحكام الغنيمة فقال " وللغانمين " ممن يسهم لهم أو يرضخ ولو بغير إذن الإمام " التبسط في الغنيمة " قبل اختيار التملك " بأخذ القوت " منها على سبيل الإباحة لا التمليك ينتفع به الآخذ ولا يتصرف فيه ووقع في الحاوي الصغير أنه يملكه ولا يصرف لغيره .
تنبيه : .
نبه في القوت على أنه لا يجوز أخذ شيء من الأموال كسلاح ودابة ولا الانتفاع بها فإن احتاج إلى الملبوس لبرد أو حر ألبسه الإمام له إما بالأجرة مدة الحاجة ثم يرده إلى المغنم أو يحبسه عليه من سهمه .
و .
للغانمين التبسط أيضا بأخذ " ما يصلح به " القوت كزيت وسمن وعسل وملح " ولحم " لا لكلاب وبازات " وشحم " لا لدهن الدواب وإنما يجوز ذلك للأكل فلو قال كلحم ليكون ذلك مثالا لما يصلح به لكان أولى " و " لهم التبسط أيضا بأخذ " كل طعام يعتاد أكله " للآدمي " عموما " أي على العموم لما رواه البخاري عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال كنا نصيب في مغازينا العسل والعنب فنأكله ولا نرفعه والمعنى فيه عزته في دار الحرب غالبا لإحراز أهله له عنا فجعله الشارع مباحا ولأنه قد يفسد وقد يتعذر نقله وقد تزيد مؤنة نقله عليه .
قال الإمام ولو وجد في دارهم سوقا وتمكن من الشراء منه جاز التبسط أيضا إلحاقا لدارهم فيه بالسفر في الرخص وقضيته أنا لو جاهدناهم في دارنا امتنع التبسط ويجب حمله كما قال شيخنا على محل لا يعز فيه الطعام واحترز بقوله عموما عما يحتاج إليه نادرا كالسكر والفانيد والأدوية فلا يلحق بالأطعمة على الصحيح فإن احتاج مريض منهم إلى شيء من ذلك أعطاه له الإمام بقيمته أو يحسبه عليه من سهمه فإن احتاج شخص منهم إلى القتال بالسلاح جاز للضرورة ولا أجرة عليه ويرده إلى المغنم بعد زوالها فإن لم يكن ضرورة لم يجز له استعماله ولو اضطر إلى المركوب في القتال فله ركوبه بلا أجر كما بحثه شيخنا كالقتال بالسلاح " و " لهم " علف الدواب " التي لا يستغنى عنها في الحرب كفرسه ودابة تحمل سلاحه ولو كانت عدد الواحد " تبنا وشعيرا ونحوهما " كقوله لأن الحاجة تمس إليه كمؤنة نفسه .
أما ما يستصحبه من الدواب الزينة أو الفرجة كفهود ونمور فليس له علفها من مال الغنيمة قطعا ( 4 / 232 ) .
تنبيه : .
العلف هنا بفتح اللام لأن المراد ما تأكله ويجوز أن تكون ساكنة ويكون المراد أن له فعل ذلك من الغنيمة .
و .
لهم " ذبح " حيوان " مأكول للحمه " على الصحيح لأنه مما يؤكل عادة فهو كاللحم وقيل لا يجوز الذبح لندرة الحاجة إليه ورجحه البلقيني وعلى الأول يجب رد جلده إلى المغنم إلا ما يؤكل مع اللحم ولا يجوز أن يتخذ من الجلد سقاء ولا خفا ولا غيرهما فإن فعل وجب رد المصنوع كذلك ولا شيء له إن زادت قيمته بالصنعة وعليه الأرش إن نقصت وإن استعمله لزمه أجرته " والصحيح " الذي قطع به الجمهور " جواز " أكل " الفاكهة " رطبها ويابسها للخبر المار في العنب والثاني المنع لندرة الحاجة إليها .
قال الإمام والحلواء كالفاكهة " و " الصحيح " أنه لا تجب قيمة المذبوح " لأجل أكل لحمه كما لا يجب قيمة الطعام المأخوذ والثاني يجب لأن الترخص ورد في الطعام والحيوان ليس بطعام والصحيح كما يشعر به كلامه هنا وفيما بعده وعبر في الروضة بالأصح فيهما " وأنه لا يختص الجواز بمحتاج إلى طعام وعلف " بلام مفتوحة بل يجوز وإن لم يحتج في الأصح فإن الرخصة وردت من غير تفصيل والثاني يختص بالمحتاج لاستغناء غيره عن أخذ حق الغير وعلى الأول لو قل الطعام وازدحموا عليه نقل الإمام عن المحققين أن الإمام يضع يده عليه ويقسمه على ذوي الحاجات .
قال البغوي ولهم التزود لقطع مسافة بين أيديهم .
تنبيه : .
إنما يجوز التبسط والتزود بقدر الحاجة فمن أكل فوق حاجته لزمه بدله .
قال الزركشي وينبغي أن يقال به في علف الدواب وهو ظاهر " و " الأصح المنصوص " أنه لا يجوز ذلك " أي التبسط المذكور " لمن لحق الجيش بعد " انقضاء " الحرب و " بعد " الحيازة " لأنه أجنبي عنهم كغير الضيف مع الضيف والثاني يجوز لمظنة الحاجة وعزة الطعام هناك .
تنبيه : .
عبارة الكتاب والمحرر والروضة تفهم جواز التبسط فيما إذا لحق بعد انقضاء الحرب وقبل الحيازة وعبارة الرافعي في الشرح تقتضي المنع لغير شاهد الوقعة وهذا هو الظاهر كما أنه لا يستحق من الغنيمة شيئا وجرى على ذلك في الحاوي الصغير .
فرع لو أضيف بما فوق حاجته .
الغانمين جاز وليس فيه إلا تحمل التعب عنهم فإن ضيف به غيرهم فكغاصب ضيف غيره بما غصبه فيأثم به ويلزم الآكل ضمانه ويكون المضيف له طريقان في الضمان .
و .
الصحيح وجعل الروضة وأصلها هذا الخلاف أقوالا " أن من رجع إلى دار الإسلام " أو دار يسكنها أهل الذمة أو العهد وهي في قبضتنا كما قاله الأذرعي " ومعه بقية " مما تبسط به " لزمه ردها إلى المغنم " أي الغنيمة لزوال الحاجة والثاني لا يلزمه لأن المأخوذ مباح والأول قال بقدر الكفاية .
تنبيه : .
محل الرد إلى المغنم ما لم تقسم الغنيمة فإن قسمت رد الإمام ثم إن كثر قسم وإلا جعل في سهم المصالح .
قال الإمام ولا ريب أن إخراج الخمس منه ممكن وإنما هذا في الأربعة الأخماس .
وموضع التبسط دارهم .
أي أهل الحرب جزما لأنه موضع العزة " وكذا " محل الرجوع " ما لم يصل " إلى " عمران الإسلام في الأصح " لبقاء الحاجة إليه فإن وصله انتهى التبسط لزوالها .
والثاني المنع لأن المظنة دار الحرب وقد خرجوا عنها .
تنبيه : .
المراد بعمران الإسلام ما يجدون فيه حاجتهم من الطعام والعلف كما هو الغالب فلو لم يجدوا فيها ذلك ( 4 / 233 ) فلا أثر له في منع التبسط في الأصح لبقاء المعنى وكدار الإسلام بلد أهل ذمة أو عهد لا يمتنعون من معاملتنا لأنها وإن لم تكن مضافة إلى دار الإسلام فهي في قبضتنا بمثابتها فيما نحن فيه للتمكن من الشراء منهم نقله في أصل الروضة عن الإمام وأقره .
فروع لو كان القتال في دارنا في موضع يعز الطعام ولا يجدونه بشراء جاز لهم التبسط أيضا بحسب الحاجة كما قاله القاضي ولا يجوز لهم التصرف بالبيع ونحوه فيما تزودوه من المغنم لما مر أنهم لا يملكونه فلو أقرض منه غانم غانما آخر كان له مطالبته بعينه أو بمثله ما لم يدخلوا دار الإسلام فإن رده من المغنم صار الأول أحق به لحصوله في يده وليس له مطالبته به من خالص ماله إذ ليس ذلك قرضا محققا لأن الآخذ لا يملك المأخوذ حتى يملكه لغيره فلو رد عليه من ماله لم يأخذه لأن غير المملوك لا يقابل بالمملوك وإن فرغ الطعام سقطت المطالبة أو دخلوا دار الإسلام ولم يعز الطعام رده المفترض إلى الإمام لانقطاع حقوق الغانمين عن أطعمة المغنم فإن بقي غير المقترض رده إلى المغنم ولو تبايع غانمان ما أخذاه صاعا بصاع أو بصاعين فكتناول الضيفان لقمة بلقمة أو بلقمتين فلا يكون ربا لأنه ليس بمعاوضة محققه بل يأكل كل منهما ما صار إليه ولا يتصرف فيه ببيع ونحوه .
ولغانم .
حر " رشيد ولو " هو مريض أو سكران متعد بسكره أو " محجورا عليه بفلس الإعراض عن الغنيمة " أي عن حقه منها سهما كان أو رضخا " قبل القسمة " وقبل اختيار التملك لأن الغرض الأعظم من الجهاد إعلاء كلمة الله تعالى والذب عن الملة والغنائم تابعة فمن أعرض عنها فقد جرد قصده للغرض الأعظم .
تنبيه : .
صورة الإعراض أن يقول أسقطت حقي من الغنيمة فإن قال وهبت نصيبي فيها للغانمين وقصد الإسقاط فكذلك أو تمليكهم فلا لأنه مجهول وإنما كان المفلس كغيره لأن الإعراض بمحض جهاده للآخرة فلا يمنع منه ولأن اختيار التملك كابتداء الاكتساب والمفلس لا يلزمه ذلك .
وخرج بالحر الذي قدرته في كلامه العبد فالإعراض إنما هو لسيده لأنه المستحق .
نعم إن كان العبد مكاتبا أو مأذونا له في التجارة وقد أحاطت به الديون قال الأذرعي فلا يظهر صحة إعراضه في حقهما .
قال شيخنا وفي الثاني نظر .
وبالرشيد الصبي والمجنون فلا إعراضهما عن الرضخ لأن عبارتهما ملغاة ولا إعراض وليهما لعدم الحظ في إعراضه للمولى عليه فإن بلغ الصبي أو أفاق المجنون قبل اختيار التملك صح إعراضه .
تنبيه : .
التقييد بالرشد من زيادته على المحرر وقضيته أنه لا يصح إعراض السفيه المحجور عليه .
وقال الإمام إنه الظاهر .
واقتصر في الشرح والروضة على نقله عنه وأقراه وقالا لو فك حجره قبل القسمة صح إعراضه .
قال البلقيني وهذا إنما فرعه الإمام على أنه يملك بمجرد الاغتنام وبه صرح في البسيط فقال والسفيه يلزم حقه على قولنا يملك ولا يسقط بالإعراض إلا على قولنا إنه لا يملك وتقدم أنه لا يملك إلا باختيار فيكون الأصح صحة إعراضه وكذا قالوا لا يجب مال فيما إذا عفا السفيه عن القصاص وأطلق .
وفرعنا على أن الواجب القود عينا مع أنه يمكنه جلب المال بالعفو عنه وقد سووا بينه وبين المحجور عليه بالفلس هناك فينبغي التسوية بينهما هنا .
وقال في المهمات الراجح صحة إعراضه .
وقال الأذرعي أنه مقتضى إطلاق الجمهور .
قال ابن شهبة ويمكن أن يقال إنه لا يصح إعراضه .
وإن قلنا لا يملك إلا باختيار التملك لأنه ثبت له اختيار تملك حق مالي ولا يجوز للسفيه الإعراض عن الحقوق المالية كجلد الميتة والسرجين وأما القصاص فهو محض عقوبة شرع للتشفي فلهذا ملك العفو عنه اه " .
وهذا يقوي كلام الشيخين وفي قياسه على ما ذكره نظر لأن ما ذكره حاصل يريد الإعراض عنه بخلاف المقيس .
واحترز المصنف بقوله قبل القسمة عما بعدها لاستقرار الملك ولو قال قبل التملك كان أولى لأنه لو قال قبل القسمة اخترت الغنيمة منع ذلك من صحة الإعراض في الأصح ولهذا قدرت في كلامه وقبل اختيار التملك .
والأصح .
المنصوص " جوازه " أي إعراض الحر الرشيد " بعد فرز الخمس " وقبل قسمة الأخماس الأربعة لأن إفراز الخمس ( 4 / 234 ) لا يتعين به حق كل واحد على ما كان عليه والثاني منعه لتميز حق الغانمين " و " الأصح " جوازه " أي الإعراض " لجميعهم " أي الغانمين ويصرف حقهم مصرف الخمس لأن المعنى المصحح للإعراض يشمل الواحد والجميع والثاني المنع لأن مصارف الخمس غير الأربعة الأخماس " و " الأصح " بطلانه " أي الإعراض " من ذي القربى " المذكورين في باب قسم الفيء والغنيمة والمراد الجس فيتناول إعراض بعضهم لأنهم يستحقون سهمهم من غير عمل بل هو منحة من الله تعالى فأشبه الإرث " و " من " سالب " وهو مستحق سلب من قتله أو أسره كما مر في بابه لأن السلب متعين له كالمتعين بالقسمة والثاني صحته منهما كالغانمين .
تنبيه : .
إنما خص ذوي القربى بالذكر دون بقية أهل الخمس كاليتامى لأنها جهات عامة لا يتصور فيها إعراض كالفقراء .
والمعرض .
من الغانمين عن حقه حكمه " كمن لم يحضر " فيضم نصيبه إلى المغنم ويقسم بين المرتزقة وأهل الخمس وقيل يضم إلى الخمس خاصة " ومن " لم يعرض عن الغنيمة و " مات فحقه لوارثه " كسائر الحقوق فيطلبه أو يعرض عنه " ولا تملك " الغنيمة " إلا بقسمة " لأنهم لو ملكوها بالاستيلاء كالاصطياد والتحطب لم يصح إعراضهم لأن للإمام أن يخص كل طائفة بنوع من المال ولو ملكوا لم يصح إبطال حقهم من نوع بغير رضاهم .
تنبيه : .
أفهم كلامه حصر ملكها في القسمة وليس مرادا بل تملك بأحد أمرين إما اختيار التملك كما في الروضة كأصلها وإما بالقسمة بشرط الرضا بها ولذا قال في الروضة وإنما اعتبرت القسمة لتضمنها اختيار التملك اه " .
وأما قبل ذلك فإنما ملكوا أن يتملكوا كحق الشفعة كما قال .
ولهم .
أي الغانمين بين الحيازة والقسمة " التملك " قبل القسمة لأن حق التملك ثبت لهم " وقيل يملكون " الغنيمة بعد الحيازة قبل القسمة ملكا ضعيفا يسقط بالإعراض " وقيل " الملك في الغنيمة موقوف " إن سلمت إلى القسمة بأن ملكهم " أي الغانمين لها بالاستيلاء " وإلا " بأن تلفت أو أعرضوا عنها " فلا " يملكونها " ويملك العقار بالاستيلاء " عليه لعموم الأدلة كقوله تعالى " واعلموا أنما غنمتم من شيء " الآية وزاد على المحرر قوله " كالمنقول " لينبه بذلك على أن ملك العقار بالاستيلاء رأي مرجوح كما أنه في المنقول كذلك ولو قال ويملك العقار بما يملك به المنقول كان أوضح وخرج بالعقار مواتهم فلا يملك بالاستيلاء لأنهم لم يملكوه إذ لا يملك إلا بالإحياء كما مر في بابه " ولو كان فيها " أي الغنيمة " كلب أو كلاب تنفع " لصيد أو ماشية أو زرع أو غير ذلك " وأراده بعضهم " أي الغانمين من أهل خمس أو جهادا " ولم ينازع " فيه بفتح الزاي بخطه " أعطيه " إذ لا ضرر في ذلك على غيره " وإلا " بأن نازعه غيره " قسمت " تلك الكلاب عددا " إن أمكن " قسمتها " وإلا " بأن لم يمكن ذلك " أقرع " بينهم فيها دفعا للنزاع أما ما لا تنفع فلا يجوز اقتناؤها " والصحيح " المنصوص " أن سواد العراق " من البلاد وهو من إضافة الجنس إلى بعضه لأن السواد أزيد من العراق بخمسة وثلاثين فرسخا كما قاله الماوردي وسمي سوادا لأنهم خرجوا من البادية فرأوا خضرة الزرع والأشجار الملتفة والخضرة ترى من البعد سوادا فقالوا ما هذا السواد ولأن بين اللونين تقاربا فيطلق اسم أحدهما على الآخر " فتح " في زمن عمر رضي الله تعالى عنه " عنوة " بفتح العين أي قهرا وغلبة " وقسم " بين الغانمين " ثم " بعد قسمته واختيار تملكه " بذلوه " بمعجمة أي أعطوه ل عمر بعوض أو بغير " ووقف " بعد استرداده دون أبنيته الآتي في المتن حكمها " على المسلمين " لأنه خاف تعطل الجهاد باشتغالهم بعمارته لو تركه بأيديهم ولأنه لم ( 4 / 235 ) يستحسن قطع من بعدهم عن رقبته ومنفعته وأجره من أهله إجارة مؤبدة بالخراج المضروب عليه على خلاف سائر الإجارات وجوزت كذلك للمصلحة الكلية .
قال العلماء لأنه بالاسترداد رجع إلى حكم أموال الكفار وللإمام أن يفعل بالمصلحة الكلية في أموالهم ما لا يجوز في أموالنا كما يأتي مثله في مسألة البراءة والرجعة وغيرهما .
تنبيه : .
معلوم أن البدل إنما يكون ممن يكن بذله كالغانمين وذوي القربى أن انحصروا بخلاف بقية أهل الخمس فلا يحتاج الإمام في وقف حقهم إلى بذل لأن له أن يعمل في مثل ذلك ما فيه مصلحة لأهله .
وخراجه .
المضروب عليه " أجرة " منجمة " تؤدى كل سنة لمصالح المسلمين " الأهم فالأهم وليس لأهل السواد بيعه ورهنه وهبته لكونه صار وقفا ولهم إجارته مدة معلومة لا مؤبدة كسائر الإجارات وإنما خولف في إجارة عمر رضي الله تعالى عنه للمصلحة الكلية كما مر ولا يجوز لغير ساكنه إزعاجهم عنه ويقول أنه أستغله وأعطي الخراج لأنهم ملكوا بالإرث المنفعة بعقد بعض آبائهم مع عمر رضي الله تعالى عنه والإجارة لازمة لا تنفسخ بالموت .
تنبيه : .
كان قدر الخراج في كل سنة ما فرضه عثمان بن حنيف لما بعثه عمر ماسحا وهو على كل جريب شعير درهمان وجريب حنطة أربعة وجريب شجر وقصب سكر ستة وجريب نخل ثمانية وجريب كرم عشرة وجريب زيتون اثنا عشر درهما والجريب عشر قصبات كل قصبة ستة أذرع بالهاشمي كل ذراع ست قبضات كل قبضة أربع أصابع فالجريب مساحة مربعة بين كل جانبين منها ستون ذراعا هاشميا .
قال في الأنوار الجريب ثلاثة آلاف وستمائة ذراع .
قال الرافعي وكان مبلغ ارتفاع خراج السواد في زمن عمر رضي الله تعالى عنه مائة ألف ألف وستة وثلاثين ألف ألف درهم ثم تناقص إلى أن بلغ في أيام الحجاج ثمانية عشر ألف ألف درهم لظلمه وغشمه فلما ولي عمر بن عبد العزيز ارتفع بعدله وعمارته في السنة الأولى إلى ثلاثين ألف ألف درهم وفي السنة الثانية إلى ستين ألف ألف درهم وقال إن عشت لأزيدنه إلى ما كان في أيام عمر رضي الله تعالى عنه فمات في تلك السنة .
وهو .
أي سواد العراق باتفاق مصنفي الفتوح والتاريخ زمن عرف أسماء البلدان " من " أول " عبادان " بموحدة مشددة مكان قرب البصرة " إلى حديثة الموصل " بحاء مهملة وميم مفتوحتين " طولا " وقيدت الحديثة بالموصل لإخراج حديثة أخرى عند بغداد سميت الموصل لأن نوحا ومن كان معه في السفينة لما نزلوا على الجودي أرادوا أن يعرفوا قدر الماء المتبقي على الأرض فأخذوا حبلا وجعلوا فيه حجر ثم دلوه في الماء فلم يزالوا كذلك حتى بلغوا مدينة الموصل فلما وصل الحجر سميت الموصل .
ثم أخذ المصنف في بيان عرض السواد بقوله " ومن " أول " القادسية " اسم مكان بينه وبين الكوفة نحو مرحلتين وبين بغداد نحو خمس مراحل سميت بذلك لأن قوما من قادس نزلوها " إلى " آخر " حلوان " بضم المهملة بلد معروف " عرضا " هذا ما في المحرر .
وقال في الشرح فيه تساهل لأن البصرة كانت سبخة أحياها عثمان بن أبي العاص بعد فتح العرق وهي داخلة في هذا الحد المذكور فلذلك استدرك المصنف على إطلاق المحرر بقوله " قلت " كما قال الرافعي في الشرح " الصحيح أن البصرة " بتثليث الموحدة والفتح أفصح مدينة بناها عتبة بن غزوان زمن عمر رضي الله تعالى عنه سنة سبع عشرة ولم يعبد بعدها صنم قط ويقال لها قبة الإسلام وهي أقوم البلاد قبلة وهي " وإن كانت داخلة في حد السواد " المضاف إلى العراق " فليس لها حكمه إلا في موضع غربي دجلتها " بكسر الدال نهر مشهور بالعراق " و " إلا " في موضع شرقيها " يسمى الفرات وما سواهما منها فموات أحياه المسلمون بعد ذلك .
تنبيه : .
ما في أرض سواد العراق من الأشجار ثمارها للمسلمين يبيعها الإمام ويصرف أثمانها أو يصرفها نفسها مصارف الخراج وهو مصالح المسلمين كما مر .
و .
الصحيح " أن ما في السواد من الدور والمساكن يجوز ( 4 / 236 ) بيعه والله أعلم " إذ لم ينكره أحد ولهذا لا يؤخذ عليها خراج .
ولأن وقفها يفضي إلى حرابها .
نعم إن كانت آلتها من أجزاء الأرض الموقوفة لم يجز بيعها كما قاله الأذرعي تفقها وعليه يحمل ما قاله البلقيني عن النص وقطع به من أن الموجود من الدور حال الفتح وقف لا يجوز بيعه والثاني المنع كالزارع .
تنبيه : .
لو رأى الإمام اليوم أن يقف أرض الغنيمة كما فعل عمر رضي الله تعالى عنه أو عقاراتها أو منقولاتها جاز إن رضي الغانمون بذلك كنظيره فيما مر عن عمر رضي الله تعالى عنه لا قهرا عليهم وإن خشى أنها تشغلهم عن الجهاد لأنها ملكهم لكن يقهرهم على الخروج إلى الجهاد بحسب الحاجة ولا يرد شيء من الغنيمة إلى الكفار إلا برضا الغانمين لأنهم ملكوا أن يتملكوها .
وفتحت مكة صلحا .
لا عنوة .
لقوله تعالى " ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الأدبار " الآية يعني أهل مكة وقوله تعالى " وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة " وقوله تعالى " وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه " إلى قوله " وأخرى لم تقدروا عليها " أي بالقهر قيل التي عجلها لهم غنائم حنين والتي لم يقدروا عليها غنائم مكة ومن قال فتحت عنوة معناه أنه دخل مستعدا للقتال لو قوتل .
قال الغزالي " فدورها وأرضها المحياة ملك يباع " إذ لم يزل الناس يتبايعونها ولقوله A لما قال له أسامة بن زيد يا رسول الله أتنزل غدا بدارك بمكة فقال وهل ترك لنا عقيل من رباع أو دور وكان عقيل ورث أبا طالب وطلب دور علي و جعفر لأنهما كانا مسلمين ولا يورث إلا ما كان الميت مالكا له ومنع أبو حنيفة من بيعها .
قال الروياني ويكره بيعها وإجارتها للخروج من الخلاف ونازعه المصنف في مجموعه وقال إنه خلاف الأولى لأنه لم يرد فيه نهي مقصود والأول كما قال الزركشي هو المنصوص بل اعترض على المصنف فإنه صرح بكراهة بيع المصحف والشطرنج ولم يرد فيهما نهي مقصود .
تنبيه : .
محل الخلاف بين العلماء في بيع نفس الأرض أما البناء فهو مملوك يجوز بيعه بلا خلاف أي إذا لم يكن من أجزاء أرضها كما يؤخذ مما مر في بناء السواد وتعبير المصنف بالفاء يقتضي ترتب كونها ملكا على الصلح وليس مرادا بل مقتضى الصلح أنها وقف لأنها فيء وهو وقف إما بنفس حصوله وإما بإيقافه ومقتضى تعبيره أنها على العنوة لا تباع وليس مرادا أيضا لأن المفتوح عنوة غنيمة مخمسة بل الأولى أن يقال كما قاله بعض المتأخرين أنه A أقر الدور بيد أهلها على الملك الذي كانوا عليه ولا نظر في ذلك إلى أنها فتحت صلحا أو عنوة .
تتمة الصحيح أن مصر فتحت عنوة وممن نص عليه مالك في المدونة وأبو عبيد والطحاوي وغيرهم وأن عمر رضي الله تعالى عنه وضع على أراضيهم الخراج وفي وصية الشافعي في الأم ما يقتضى أنها فتحت صلحا وكان الليث يحدث عن زيد بن حبيب أنها فتحت صلحا .
وقيل فتحت صلحا ثم نكثوا ففتحها عمر رضي الله تعالى عنه ثانيا عنوة ويمكن حمل الخلاف على هذا فمن قال فتحت صلحا نظر لأول الأمر ومن قال عنوة نظر لآخر الأمر وأما الشام فنقل الرافعي عن الروياني أن مدتها فتحت صلحا وأرضها عنوة ولكن رجع السبكي أن دمشق فتحت عنوة