سمي بذلك لامتناع الناس من سلوك الطريق خوفا منه .
والأصل في قوله تعالى " إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا " الآية .
قال أكثر العلماء نزلت في قاطع لا في الكفار واحتجوا له بقوله تعالى " إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم " الآية إذ المراد التوبة عن قطع الطريق ولو كان المراد الكفار لكانت توبتهم بالإسلام وهو دافع للعقوبة قبل القدرة وبعدها قال الماوردي ولأن الله تعالى قد بين حكم أهل الكتاب والمرتدين وأهل الحرب في غير هذه الآية فاقتضى أن تكون هذه الآية في غيرهم وفي أبي داود أنها نزلت في العرنيين .
وفي النسائي أنها نزلت في المحاربين من الكفار لأن المؤمن لا يحارب الله ورسوله وقطع الطريق هو البروز لأخذ مال أو لقتل أو إرعاب مكابرة اعتمادا على الشوكة مع البعد عن الغوث كما يعلم من قوله " هو " أي قاطع الطريق ملتزم للأحكام " مسلم " أو مرتدا أو ذمي كما في السارق ولو عبر بذلك المصنف لكان أولى فقد قال الأذرعي لم أر في الكتب المشهورة بعد الكشف التام التنصيص على أن من شرط قاطع الطريق الإسلام إلا في كلام الرافعي ومن أخذ منه .
وقال الزركشي قد رأيت نص الشافعي في آخر الأم مصرحا بأن أهل الذمة حكمهم حكم المسلمين وحكاه ابن المنذر في الأشراف عن الشافعي وأبي ثور وقال ولا أثر للتعلق بسببه النزول فإنه لا يقتضي التخصيص على الأصح " مكلف " ولو عبدا أو امرأة ومثله السكران فإنه ملحق بالمكلف كما مر في كتاب الطلاق مختار " له شوكة " أي قوة وقدرة يغلب بها غيره .
تنبيه : .
باب إفراد المصنف الصفات يقتضي أنه لا يشترط في قاطع الطريق عدد ولا ذكورة ولا سلاح وهو كذلك فالواحد ولو أنثى إذا كان له فضل قوة يغلب بها الجماعة وتعرض للنفس وللمال مجاهرة مع البعد عن الغوث كما يعلم من قوله بعد وفقد الغوث إلخ قاطع وكذا الخارج بغير سلاح إن كان له قوة يغلب بها الجماعة ولو باللكز والضرب بجمع الكف وقيل لا بد من آلة وخرج بملتزم الحربي والمعاهد والمكلف غيره إلا السكران كما مر وإن ضمن غير المكلف النفس والمال كما لو أتلفوا في غير هذه الحالة وبالاختيار المكره وبالشوكة ما تضمنه قوله " لا مختلسون " قليلون " يتعرضون لآخر قافلة " عظيمة " يعتمدون الهرب " بركض الخيل أو نحوها أو العدو على الأقدام أو نحو ذلك فليسوا قطاعا لانتقاء الشوكة وحكمهم في القصاص والضمان كغيرهم والمعنى فيه أن المعتمد على الشوكة ليس له دافع من الرفقة فغلظت عقوبته ردعا له بخلاف المختلس أو المنتهب فإنه لا يرجع إلى قوة .
تنبيه : .
قوله لآخر قافلة جرى على الغالب وليس بقيد بل حكم التعرض لأولها وجوانبها كذلك فلو قهروهم ولو مع كونهم قليلين فقطاع لاعتمادهم على الشوكة فلا يعد أهل العاقلة مقصرين لأن العاقلة لا تجتمع كلمتهم ولا يضبطهم مطاع ولا عزم لهم على القتال .
وبين المصنف هنا أن مراده بشوكة قطاع الطريق بالنظر لمن يخرجون عليه حيث قال " والذين يغلبون شرذمة " وهي بذال معجمة طائفة من الناس " بقوتهم " لو قاوموهم " قطاع في حقهم " لاعتمادهم على الشوكة بالنسبة إلى الجماعة اليسيرة وإن هربوا منهم وتركوا الأموال لعلمهم بعجز أنفسهم ( 4 / 181 ) عن مقاومتهم .
تنبيه : .
لو ساقهم اللصوص مع الأموال إلى ديارهم كانوا قطاعا في حقهم أيضا كما قال إبراهيم المروزي .
لا .
قطاع " لقافلة عظيمة " أخذوا شيئا منهم إذ لا قوة لهم مع القافلة الكبيرة بل هم في حقهم مختلسون .
تنبيه : .
لو استسلم لهم القادرون على دفعهم حتى قتلوا أو أخذت أموالهم فمنتهبون لا قطاع وإن كانوا ضامنين لما أخذوه لأن ما فعلوه لم يصدر عن شوكتهم بل عن تفريط القافلة .
وحيث يلحق غوث .
بغين معجمة وبعدها مثلثة عند الاستغاثة وهي كقول الشخص يا غوثاء " ليس " حينئذ ذو الشوكة بمن معه " بقطاع " بل منتهبون لإمكان الاستغاثة " وفقد الغوث يكون للبعد " عن العمران وعساكر السلطان " أو " للقرب لكن " لضعف " في السلطان كذا في المحرر والشرح والروضة واستحسن إطلاق المنهاج الضعف لشموله ما لو دخل جماعة دارا ليلا وشهروا السلاح ومنعوا أهل الدار من الاستغاثة فهم قطاع على الصحيح مع قوة السلطان وحضوره " و " ذوو الشوكة " قد يغلبون والحالة هذه " أي ضعف السلطان أو بعده أو بعد أعوانه وإن كانوا " في بلد " لم يخرجوا منها إلى طرفها ولا إلى صحراء " فهم قطاع " لوجود الشروط فيهم ولأنهم إذا وجب عليهم هذا الحد في الصحراء وهي موضع الخوف فلا يجب في البلد وهي موضع الأمن أولى لعظم جراءتهم .
تنبيه : .
أشعر كلامه بأنه لو تساوت الفرقتان لم يكن لهم حكم قطاع الطريق لكن الأصح في الروضة وأصلها خلافه .
ولو علم الإمام قوما يخيفون الطريق .
أي المارين فيها " ولم يأخذوا مالا " أي نصابا " ولا " قتلوا " نفسا عزرهم بحبس وغيره " لارتكابهم معصية وهي الحرابة لا حد فيها ولا كفارة وهذا تفسير النفي في الآية الكريمة والأمر في جنس هذا التعزير راجع إلى الإمام وظاهر كلام المصنف الجمع بين الحبس وغيره وهو كذلك وله تركه إن رآه مصلحة ولا يقدر الحبس بمدة بل يستدام حتى تظهر توبته وقيل يقدر بستة أشهر ينقص منها شيئا لئلا يزيد على تغريب العبد في الزنا وقيل يقدر بسنة ينقص منها شيئا لئلا يزيد على تغريب الحر في الزنا والحبس في غير موضعه أولى لأنه أحوط وأبلغ في الزجر .
وقوله علم الإمام صريح في أنه يكتفي بعلمه في ذلك وإن قلنا بالأصح أن القاضي لا يقضي بعلمه في حدود الله تعالى لما مر في ذلك من حق الآدمي ومقتضى عبارته كالروضة الوجوب وهو كذلك بخلاف مقتضى عبارة المحرر كالشرح ينبغي " وإذا أخذ القاطع " واحد أو أكثر " نصاب السرقة " فأكثر " قطع " الإمام " يده اليمنى ورجله اليسرى " دفعة أو على الولاء لأنه حد واحد " فإن عاد " بعد قطعهما مرة أخرى " فيسراه ويمناه " تقطعان لقوله تعالى " أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف " وإنما قطع من خلاف لما مر في السرقة وقطعت اليمنى للمال كالسرقة ولهذا اعتبر في القطع النصاب وقيل للمحاربة والرجل قيل للمال والمجاهرة تنزيلا لذلك منزلة سرقة ثانية وقيل للمحاربة .
قال العمراني وهو أشبه .
تنبيه : .
لو قطع الإمام يده اليمنى ورجله اليمنى فقد تعدى ولزمه القود في رجله إن تعمد وديتها إن لم يتعمد ولا يسقط قطع رجله اليسرى .
ولو قطع يده اليسرى ورجله اليمنى فقد أساء ولا يضمن وأجزأه والفرق أن قطعهما من خلال نص يوجب خلاف نص خلافه الضمان وتقديم اليمنى على اليسرى اجتهاد يسقط بمخالفته الضمان ذكره الماوردي و الروياني .
قال الأذرعي ولا شك في الإساءة وتوقف في القود وعدم الإجزاء في الحالة الأولى .
فإن قيل قال الزركشي وقضية الفرق أنه لو قطع في السرقة يده اليسرى في المرة الأولى عامدا أجزأه لأن تقديم اليمنى عليها بالاجتهاد وليس كذا كما مر في بابه .
أجيب بأنا لا تسلم أن تقديم اليمنى ثبت ثم بالاجتهاد بل بالنص لما مر أنه قرىء شاذا فاقطعوا أيمانهما وأن القراءة الشاذة كخبر الواحد .
قال الأذرعي وسكتوا هنا عن توقف القطع على المطالبة بالمال وعلى ( 4 / 182 ) عدم دعوى الملك ونحوه من المسقطات وينبغي أن يأتي فيه ما مر في السرقة اه " .
وكلام المصنف قد يفهم أنه لا يعتبر الحرز وهو وجه والمشهور وجزم به الأكثرون أنه يعتبر فلو كان المال تسير به الدواب بلا حافظ أو كانت الجمال مقطورة ولم تتعهد كما شرط في السرقة لم يجب القطع والحرز هنا أن يكون المال مع مالكه أو بحيث يراه وتعذر أن يدفع عنه من يأخذه ومحل قطعهما إذا وجدنا فإن فقدت إحداهما اكتفى بقطع الأخرى وفي معنى الفقد أن تكون شلاء لا تنحسم عروقها لو قطعت .
قال في أصل الروضة ويحسم موضع القطع كما في السارق ويجوز أن يحسم اليد ثم تقطع الرجل وأن تقطعا جميعا ثم يحسما ويعتبر قيمة المأخوذ في موضع الأخذ إن كان موضع بيع وشراء حال السلامة لا عند استسلام الناس لأخذ أموالهم بالقهر والغلبة وإن لم يكن موضع بيع وشراء فأقرب موضع إليه يوجد فيه مع ذلك وشراؤه قاله الماوردي .
وإن قتل .
معصوما مكافئا له عمدا كما يعلم مما يأتي ولم يأخذ مالا " قتل حتما " للآية السابقة وإنما تحتم لأنه ضم إلى جنايته إخافة السبيل المقتضية زيادة العقوبة ولا زيادة هنا إلا بالتحتم .
قال البندنيجي ومحل تحتم القتل إذا قتل لأخذ المال وإلا فلا يتحتم .
قال البلقيني وهو مقتضى نص الأم ومعنى تحتمه أنه لا يسقط بعفو الولي ولا يعفو السلطان عمن لا وارث له ويسوى فيه الإمام لأنه حد من حدود الله تعالى ولا فرق بين القتل صبرا وبين الجرح والموت منه بعد أيام قبل الظفر به والتوبة ولم يرجع عن إقراره أما إذا قتل غير معصوم أو غير مكافىء له أو قتل خطأ أو شبه عمد فلا يقتل " وإن قتل وأخذ مالا " نصابا فأكثر وقياس ما سبق اعتبار الحرز وعدم الشبهة " قتل ثم صلب " حتما زيادة في التنكيل ويكون صلبه غسله وتكفينه والصلاة عليه كما مر في الجنائز والغرض من صلبه بعد قتله التنكيل به وزجر غيره وبما تقرر فسر ابن عباس الآية فقال المعنى أن يقتلوا إن قتلوا أو يصلبوا مع ذلك إن قتلوا وأخذوا المال أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف إن اقتصروا على أخذ المال أو ينفوا من الأرض إن أرعبوا ولم يأخذوا شيئا فحمل كلمة أو على التنويع لا التخيير كما في قوله تعالى " وقالوا كونوا هودا أو نصارى " إذ لم يخير أحد منهم بين اليهودية والنصرانية وإنما صلب بعد القتل لأن في صلبه قبله زيادة تعذيب وقد نهي عن تعذيب الحيوان قال A إذا قتلتم فأحسنوا القتلة ويصلب على خشبة ونحوها " ثلاثا " من الأيام ليشتهر الحال ويتم النكال ولأن لها اعتبارا في الشرع وليس لما زاد عليها غاية " ثم ينزل " هذا إذا لم يخف التغير فإن خيف قبل الثلاث أنزل على الأصح وحمل النص في الثلاث على زمن البرد والاعتدال .
تنبيه : .
أشعر كلامه بالإكتفاء بالصلب أي موضع كان .
وقال الماوردي يكون قتلهم وصلبهم في الموضع الذي حاربوا فيه لا أن يكون بمفازة لا يمر بها أحد فيقتلون في أقرب المواضع منها .
فإن قيل كان الأولى للمصنف أن يقول ثلاثة لأن الأيام مذكرة فتثبت فيه التاء .
أجيب بأن المعدود إذ حذف يجوز فيه الوجهان كما في قوله A من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال .
وقيل يبقى .
مصلوبا أكثر من ثلاثة أيام " حتى يسيل صديده " وهو ماء رقيق يخرج مختلطا بدم تغليظا عليه وتنفيرا عن فعله " وفي قول يصلب " حيا صلبا " قليلا ثم ينزل فيقتل " لأن الصلب شرع عقوبة له فيقام عليه وهو حي .
فإن قيل كلامه لا يوافق أصله ولا الشرح والروضة فإن عبارة المحرر يصلب صلبا لا يموت منه وعبارة الشرح والروضة يصلب حيا ثم يقتل .
أجيب بأن عبارته لا تنافي ذلك بل هي بيان للعبارات المذكورة لكن الغالب أن القليل يحمل على ثلاثة أيام ولهذا قال الأذرعي وكأن المصنف أراد أن يكتب ثلاثا فسبق القلم فكتب قليلا اه " .
ولعله إنما كتبها قصدا فلا يتقيد ذلك بثلاث قال الغزالي وكلامهم يدل على أن الخلاف في الوجوب " ومن أعانهم " أي قطاع الطريق " وكثر جمعهم " ولم يزد على ذلك بأن لم يأخذ نصابا ولا قتل نفسا " عزر بحبس وتغريب وغيرهما " كسائر المعاصي وفي الخبر من كثر سواد قوم فهو منهم ( 4 / 183 ) .
تنبيه : .
الواو في كلامه بمعنى أو كما صرح به في المحرر أي يعزره بواحد مما ذكر وتعيينه لرأي الإمام كما مر في المخيفين .
وقيل يتعين التغريب إلى حيث .
أي مكان " يراه " الإمام لأن عقوبته في الآية النفي وعلى هذا هل يعزره في البلد المنفي إليه بضرب أو حبس أو نحو ذلك وجهان أصحهما أن ذلك إلى رأي الإمام وما تقتضيه المصلحة .
ثم شرع في بيان الخلاف في المعنى المغلب في قتل القاطع بقوله " وقتل القاطع يغلب فيه معنى القصاص " لأنه حق آدمي .
والأصل فيما اجتمع فيه حق آدمي وحق لله تعالى يغلب فيه حق الآدمي لبنائه على الضيق ولأنه لو قتل بلا محاربة ثبت لوليه القصاص فكيف يحبط حقه بقتله فيها " وفي قول " معنى " الحد " هو حق الله تعالى لأنه لا يصح العفو عنه ويستوفيه الإمام بدون طلب الولي وفرع على القولين مسائل خمسة ذكرها في قوله " فعلى الأول لا يقتل " والد " بولده " الذي قتل في قطع الطريق " و " لا " ذمي " إذا كان هو مسلما ولا نحو ذلك ممن لا يكافئه كعبد والقاطع حر لعدم المكافأة وتجب الدية أو القيمة وعلى الثاني يقتل إلا أن يكون المقتول غير معصوم كمرتد وزان محصن فإنه لم يقتل " ولو مات " القاطع من غير قتله قصاصا " فدية " على الأول تؤخذ من تركته في قتل حر وقيمة في قتل عبد وعلى الثاني لا شيء كما قالاه وإن صحح البلقيني وجوب الدية " ولو قتل " جمعا " قتل بواحد " منهم بالقرعة " وللباقين ديات " على الأول كالقصاص وعلى الثاني يقتل بهم .
أما إذا قتلهم مرتبا فإنه يقتل حتما بأولهم إن أوهم كلام المتن خلافه حتى لو عفا وليه لم يسقط لتحتمه " ولو عفا " عن القصاص " وليه " أي المقتول " بمال " أي عليه صح العفو على الأول " وجب " المال " وسقط القصاص " عنه " ويقتل " بعد ذلك " حدا " كما لو وجب القصاص على مرتد فعفا عنه الولي وعلى الثاني فالعفو لغو كما قالاه وإن البلقيني إنه لغو على القولين لأن القاطع لم يستفد بالعفو شيئا لتحتم قتله بالمحاربة " ولو قتل " القاطع شخصا " بمثقل أو بقطع عضو " أو بغير ذلك " فعل به مثله " على الأول تغليبا للقصاص وعلى الثاني يقتل بالسيف كالمرتد كما قالاه وإن قال البلقيني إنه يقتل بالسيف على القولين ولا نظر إلى المماثلة .
تنبيه : .
من ثمرة الخلاف أيضا ما لو تاب قبل أن يقدر عليه لم يسقط القصاص على الأول ويسقط على الثاني .
ولو جرح .
قاطع الطريق شخصا جرحا يوجب قصاص كقطع يد " فاندمل " الجرح " لم يتحتم " على القاطع " قصاص " في ذلك الطرف المجروح " في الأظهر " بل يتخير المجروح بين القصاص والعفو لأن التحتم تغليظ لحق الله تعالى فاختص بالنفس كالكفارة ولأن الله تعالى لم يذكر الجرح في الآية فكان باقيا على أصله في غير الحرابة والثاني يتحتم كالنفس والثاني يتحتم في اليدين والرجلين لأنهما مما يستحقان في المحاربة دون الأنف والأذن ونحوهما .
تنبيه : .
قوله فاندمل من زيادته على المحرر واحترز عما إذا سرى إلى النفس فهو كالقتل لكنه يوهم إن الاندمال قيد لمحل الخلاف وليس مرادا فلو قطع يده ثم قتله قبل الاندمال جرى القولان أيضا في التحتم في قصاص اليد كما نقلاه عن ابن الصباغ وأشعر قوله لم يتحتم بتصوير المسألة فيما فيه قود من الأعضاء .
أما غيره كجائفة فواجبه المال .
وتسقط عقوبات تخص القاطع .
من تحتم القتل والصلب وقطع الرجل وكذا اليد في الأصح .
فإن قيل كلام المصنف يوهم خلافه فإن الرجل هي المختصة بقطع الطريق فلو قال تسقط حد الله تعالى لاستقام .
أجيب بأن قطع اليد ليس عقوبة كاملة وإنما هو جزء عقوبة فإن المجموع من قطع اليد والرجل عقوبة واحدة مختصة بقاطع الطريق فإذا سقط بعضها سقط كلها " بتوبته قبل القدرة عليه " لقوله تعالى " إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم ( 4 / 184 ) الآية .
لا بعدها .
أي القدرة فلا تسقط تلك العقوبات عنه بالتوبة منها لمفهوم الآية وإلا لما كان للتخصيص بقوله " من قبل .
فائدة : .
والفرق من جهة المعنى إنه بعد القدرة منهم لدفع قصد الحد بخلاف ما قبلها فإنها بعيدة عن التهمة قريبة من الحقيقة وقوله " على المذهب " راجع للمسألتين وقيل في كل منهما قولان كالقولين في سقوط حد الزاني والسارق بالتوبة .
أما غير هذه العقوبات مما ذكر هنا من قصاص وضمان وغيرهما فلا يسقط بالتوبة مطلقا كما في غير هذا الباب .
تنبيه : .
المراد بالتوبة قبل القدرة الثابتة فلو ظفرنا به فادعى سبق توبته ففي الكفاية عن الأحكام السلطانية للماوردي إنه إن لم تظهر أمارتها لم يصدق وإلا فوجهان محتملان وقضية كلامه استواء التوبة التي قبل القدرة والتي بعدها وليس مرادا فإن الأولى يكتفي بمجردها والثانية يشترط فيها إصلاح العمل كما قاله جماعة من العراقيين وصححه الرافعي في الشرح والصغير ولو ثبت قطع الطريق والقتل بإقراره ثم رجع قبل رجوعه كما ذكره في التنبيه في أوائل الإقرار .
ولا تسقط سائر .
أي باقي " الحدود " المختصة بالله تعالى كالزنا والسرقة وشرب الخمر " بها " أي التوبة في قاطع الطريق وغيره " في الأظهر " لأنه A لما جاءه ماعز وأقر بالزنا حده ولا شك أنه لم يأته إلا وهو تائب فلما أقام عليه الحد دل على أن الاستثناء في المحارب وحده والثاني تسقط بها قياسا على حد قاطع الطريق وصححه البلقيني .
تنبيه : .
يرد على المصنف تارك الصلاة كسلا فإنه يقتل حدا على الصحيح ومنع ذلك لو تاب سقط القتل قطعا والكافر إذا زنى ثم أسلم فإنه يسقط عنه الحد كما نقله في الروضة عن النص ومرت الإشارة إليه في باب الزنا .
ولا يرد عليه المرتد إذا تاب حيث تقبل توبته ويسقط القتل لأنه إذا أضر يقتل كفرا لا حدا ومحل الخلاف على السقوط وعدمه في ظاهر الحكم أما فيما بينه وبين الله تعالى فيسقط قطعا لأن التوبة تسقط سائر المعصية كما نبه عليه في زيادة الروضة في باب السرقة وقد قال A التوبة تجب ما قبلها وورد التائب من الذنب كمن لا ذنب له وإذا أقيم الحد في الدنيا لم يقم في الآخرة كما قاله الجيلي لحديث الله أعدل أن يثني على عبده العقوبة في الآخرة وقد مرت الإشارة إلى ذلك مع زيادة في أول باب الجراح