لو قال كتاب السرقة كما فعل في الزنا لكان أخصر وأعم لتناوله أحكام نفس السرقة وهي بفتح السين وكسر الراء ويجوز إسكانها مع فتح السين وكسرها ويقال أيضا السرق بكسر الراء لغة أخذ المال خفية وشرعا أخذه خفية ظلما من حرز مثله بشروط تأتي والأصل في القطع بها قبل الإجماع قوله تعالى " والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما " والأخبار الشهيرة ولما نظم أبو العلاء المعري البيت الذي شكك على الشريعة في الفرق بين الدية والقطع في السرقة وهو يد بخمس مئين عسجد وديت ما بالها قطعت في ربع دينار أجابه القاضي عبد الوهاب المالكي بقوله وقاية النفس أغلاها وأرخصها ذل الخيانة فافهم حكمة الباري وهو جواب بديع مع اختصار ومعناه أن اليد لو كانت تودى بما قطع فيه لكثرت الجنايات على الأطراف لسهولة الغرم في مقابلتها فغلظ الغرم حفظاها .
وقال ابن الجوزي لما سئل عن هذا لما كانت أمينة كانت ثمينة فلما خانت هانت .
وأركان القطع ثلاثة مسروق وسرقة وسارق وبدأ بشروط الأول فقال " يشترط لوجوبه " أي القطع " في المسروق أمور " الأول " كونه ربع دينار " فأكثر ولو كان الربع لجماعة لخبر مسلم لا تقطع يد سارق إلا في ربع دينار فصاعدا .
ثم وصف ربع الدينار بكونه " خالصا " لأن الربع المغشوش ليس بربع دينار حقيقة فإن كان في المغشوش ربع خالص وجب القطع .
ونبه بقوله " أو قيمته " على أن الأصل في التقويم هو الذهب الخالص حتى لو سرق دراهم أو غيرها قومت به ويعتبر النصاب وقت إخراجه من الحرز فلو نقصت قيمته بعد ذلك لم يسقط القطع .
وقال ابن بنت الشافعي يقطع بسرقة القليل ولا يشترط النصاب لعموم الآية وفي الصحيح لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده ويسرق الحبل فتقطع يده .
وأجيب عن الآية بأنها مخصوصة بالحديث المار وعما في الصحيح بأجوبة أحدها ما قاله الأعمش كانوا يرون أنها بيضة الحديد والحبل يساوي دراهم كحبل السفينة ورواه البخاري عنه .
الثاني حمله على جنس البيض والحبال .
الثالث أن المراد أن ذلك يكون سببا وتدريجا من هذا إلى ما تقطع فيه يده .
تنبيه : .
يعتبر في التقويم القطع مع أن الشهادة لا تقبل وإن كان مستندها الظن " و " على أن التقويم يعتبر بالمضروب " لو سرق ربعا " من دينار " سبيكة " هو صفة ربعا على تأويل بمسبوكا وبذلك اندفع ما قيل إنه لا يصح أن يكون صفة لربعا لاختلافهما بالتذكير والتأنيث أو حليا أو نحوه كقراضة " لا يساوي ربعا مضروبا فلا قطع " به " في الأصح " وإن ساواه غير مضروب لأن المذكور في الخبر لفظ الدينار وهو اسم لمضروب والثاني ينظر إلى الوزن فيقطع ولا حاجة لتقويمه لبلوغ عين الذهب قدر النصاب كما في الزكاة .
قال الأذرعي وهذا قول الجمهور .
وقال البلقيني إنه ظاهر نصوص الشافعي .
وقال الشيخ أبو حامد لا يختلف فيه المذهب ومع هذا فالمعتمد ما جرى عليه ( 4 / 159 ) المصنف هنا وجرى عليه في الروضة وإن لم يصرح الرافعي في الشرحين بترجيح .
ويتفرع على الخلاف ما لو سرق خاتما وزنه دون ربع وقيمته بالصنعة تبلغ ربعا وقضية ترجيح الكتاب وجوب القطع في هذه الصورة لكن قال في أصل الروضة الصحيح أنه لا يقطع مع تصحيحه في مسألة الكتاب عدم القطع .
قال الإسنوي وهذا غلط فاحش لأنه سوى بين هذه والتي قبلها في تصحيح عدم القطع ثم عقبه بقوله والخلاف في المسألتين راجع إلى أن الاعتبار بالوزن أو بالقيمة وهو لا يستقيم .
وقال البلقيني ليس بغلط بل فقه مستقيم وإن لم يعطه كلام الرافعي .
فإن الوزن في الذهب لا بد منه وهل يعتبر معه إذا لم يكن مضروبا أن تبلغ قيمته ربع دينار مضروب فيه الخلاف الذي في السبيكة فأما إذا نقص الوزن ولكن قيمته تساوي ربع دينار مضروب فهذا يضعف فيه الاكتفاء بالقيمة فاستقام ما في الروضة وما ذكره الرافعي فيه إلباس وكان اللائق أن ينبه عليه صاحب الروضة اه " .
وبذلك علم كما قال شيخنا أنه لا بد في المسألتين من اعتبار الوزن والقيمة .
تنبيه : .
لو لم تعرف قيمة المسروق بالدنانير قوم بالدراهم ثم قومت الدراهم بالدنانير قاله الدارمي فلو لم يكن في مكان السرقة دنانير قال الزركشي فالمتجه اعتبار القيمة في أقرب البلاد إليه وقضية كلامهم أن سبيكة الذهب تقوم بالدنانير وإن كان فيه تقويم ذهب بذهب خلافا للدارمي في قوله يقوم بالدراهم ثم الدراهم بالدنانير ويراعى في القيمة المكان والزمان لاختلافها بهما ولو كان في البلد نقدان خالصان من الذهب وتفاوتا قيمة اعتبرت القيمة بالأغلب منهما في زمان السرقة فإن استويا استعمالا فبأيهما يقوم وجهان أحدهما بالأدنى اعتبارا بعموم الظاهر والثاني بالأعلى في المال دون القطع للشبهة .
نقل ذلك الزركشي عن الماوردي واستحسنه وأطلق الدارمي أن الاعتبار بالأدنى ولا يشترط علم السارق بلوغ ما يسرقه نصابا .
و .
حينئذ " لو سرق دنانير ظنها فلوسا لا تساوي " أي لا تبلغ قيمتها " ربعا " من دينار " قطع " لأنه قصد سرقة عينها وهي تساوي ربعا ولوجود الاسم ولا عبرة بالظن البين خطؤه .
فإن قيل لو سرق من دار وهو ظنها له والمال ملكه فبان خلافه فإنه لا قطع كما قاله الغزالي ورجحه فهلا ألحقت هذه الصورة بما في المتن كما قال به في التهذيب .
أجيب بأن ظن الملك شبهة والحد يدرأ بها بخلاف الفلوس فإنه قصد السرقة بخلاف ما لو سرق فلوسا ظنها دنانير ولو لم تبلغ قيمة الفلوس نصابا فإنه لا قطع جريا مع الاسم وجودا وعدما " وكذا ثوب رث " بمثلثة فيهما قيمته دون ربع " في جيبه تمام ربع جهله " السارق يقطع به " في الأصح " لأنه أخرج نصابا من حرز على قصد السرقة .
والجهل بحبس المسروق لا يؤثر كالجهل بصفته والثاني لا يقطع نظرا إلى الجهل .
ولو أخرج نصابا من حرز .
في " مرتين " مثلا كل منهما دون نصاب بأن أخرج مرة بعضه ومرة باقيه " فإن تخلل " بينهما " علم المالك وإعادة الحرز " بأن أعاده المالك بنفسه أو مأذونه كما يؤخذ من عبارة الروضة بإغلاق بابه أو سد نقبه أو نحوه " فالإخراج الثاني سرقة أخرى " فلا قطع لأن كل واحدة منفصلة عن الأخرى ولم تبلغ نصابا " وإلا " بأن لم يتخلل علم المالك ولم يعد الحرز بأن انتفيا " قطع في الأصح " وإن اشتهر هتك الحرز خلافا للبلقيني إبقاء للحرز بالنسبة للآخذ لأنه أخرج نصابا كاملا من حرز مثله فأشبه ما إذا أخرجه دفعة واحدة لأن فعل الشخص ينبني على فعله ولهذا لو جرح شخصا ثم قتله دخل الأرش في دية النفس ولو جرح واحد وقتل آخر لم يدخل .
والثاني لا قطع لأنه أخذ النصاب من حرز مهتوك والثالث إن اشتهر هتك الحرز بين المرتين لم يقطع وإلا قطع فلو لم يعلم المالك وأعاد الحرز غيره أو علم ولم يعده قطع كما هو مقتضى المتن .
إذ المسألتان داخلتان أيضا في قوله وإلا فإن قيل فهلا أدخلتهما قلت إنما أخرتهما تبعا للزركشي لاختصاص الخلاف المتقدم بالصورة المتقدمة .
واعتمد البلقيني فيهما عدم القطع ورأي الإمام الغزالي القطع في الثانية وفي الثالثة عدم القطع أيضا ( 4 / 160 ) .
تنبيه : .
ناقش الرافعي الوجيز في إيراد هذه المسألة هنا وقال لا تعلق لها بالنصاب فإن النظر فيها إلى كيفية الإخراج فإيرادها في غير هذا الموضع أليق .
ثم خالف في المحرر فذكرها والأليق ذكرها عند قوله ولو نقب وعاد في ليلة أخرى فسرق قطع .
ولا يشترط في السرقة أخذ السارق النصاب بيده من الحر " و " حينئذ " لو نقب وعاء " أي طرف " حنطة ونحوها " كوعاء زيت " فانصب نصاب " أي شيء مقوم بربع دينار " قطع " به " في الأصح " لأنه سرق نصابا من حرز لا شبهة له فيه والثاني لا قطع لأنه خرج بسببه والسبب ضعيف لا يقطع به .
تنبيه : .
محل الخلاف إذا انصب النصاب على التدريج شيئا فشيئا كما قاله الجمهور فإن انصب دفعة قطع قطعا ومن صور مسألة المتن طرف الجيب والكم ويلغز بذلك ويقال لنا شخص قطع بسرقة ولم يدخل حرزا ولم يأخذ منه مالا ولا يشترط في السارق الاتحاد " و " حينئذ " لو اشتركا " أي سارقان مكلفان " في إخراج نصابين " فأكثر من حرز " قطعا " لأن كلا منهما سرق نصابا وقيده القمولي بما إذا كان كل منهما يطيق حمل ما يساوي نصابا أما إذا كان أحدهما لا يطيق ذلك والآخر يطيق حمل ما فوقه فلا يقطع الأول والظاهر هو القطع كما أطلقه الأصحاب لمشاركته في إخراج نصابين فلا نظر إلى ضعفه " وإلا " بأن كان المخرج أقل من نصابين " فلا " قطع على واحد منهما لأن كل واحد منهما لم يسرق نصابا وخرج باشتراكهما في الإخراج ما لو تميزا فيه فيقطع من مسروقه نصاب دون من مسروقه أقل .
تنبيه : .
محل ما ذكره المصنف إذا كانا مستقلين فلو كان أحدهما صبيا أو مجنونا قال الزركشي تبعا للأذرعي فالظاهر قطع المكلف وإن لم يكن المخرج نصابا لأنه حينئذ كالآلة له اه " .
ويؤخذ من التعليل أن محله إذا أذن له المكلف .
ويشترط في المسروق كونه محترما " و " حينئذ " لو سرق " أي أخرج ولو عبر به كان أولى مسلم أو ذمي " خمرا " ولو محترمة " وخنزيرا وكلبا " ولو مقتني " وجلد ميتة بلا دبغ فلا قطع " لأن ما ذكر ليس بمال وخرج بقوله بلا دبغ المدبوغ فيقطع به حتى لو دبغه السارق في الحرز ثم أخرجه وهو يساوي نصاب سرقة فإنه يقطع به إذا قلنا بأنه للمغصوب منه إذا دبغه الغاصب وهو الأصح ومثله كما قال البلقيني إذا صار الخمر خلا بعد وضع السارق يده عليه وقيل إخراجه من الحرز " فإن بلغ إناء الخمر نصابا قطع " به " على الصحيح " لأنه سرق نصابا من حرز لا شبهة له فيه كما إذا سرق إناء فيه بول فإنه يقطع باتفاق كما قاله الماوردي وغيره والثاني المنع لأن ما فيه مستحق الإراقة فيصير شبهة في دفعه وقضية هذه العلة أن الخمر لو كانت محترمة أنه يقطع قطعا لأنها غير مستحقة الإراقة وأنه لو أراق الخمر في الحرز ثم خرج بالإناء أنه يقطع قطعا وأنها لو كانت لذمي ولم يظهر شربها ولا بيعها أنه يقطع قطعا فإن أظهر ذلك جاء الخلاف لوجود العلة .
تنبيه : .
محل الخلاف أيضا إذا قصد بإخراج ذلك السرقة أما لو قصد تغييرها بدخوله أو بإخراجها فلا قطع قطعا كما صرح به في الثاني في أصل الروضة واقتضاه كلامه في الأولى وسواء أخرجها في الأولى أو دخل في الثانية يقصد السرقة أم لا كما هو قضية كلام الروض فيهما وكلام أصله في الثانية " ولا قطع " في أخذ ما سلط الشرع على كسره كما " في طنبور " بضم الطاء ويقال فيه أيضا طنبار فارسي معرب " ونحوه " كمزمار وصنم وصليب لأن التوصل إلى إزالة المعصية مندوب إليه فصار شبهة كإراقة الخمر " وقيل إن بلغ مكسره نصابا قطع " لأنه سرق نصابا من حرزه " قلت " هذا " الثاني أصح " عند الأكثرين كما في الروضة وأصلها ونص عليه في الأم " والله أعلم " ويشهد له جزم الرافعي وغيره فيما إذا سرق ما لا يحل الانتفاع به من الكتب أنه يقطع إذا كان الجلد والقرطاس يبلغ نصابا ( 4 / 161 ) .
تنبيه : .
محل الخلاف إذا لم يقصد التغيير كما في الروضة فإن قصد بإخراجه تيسير فلا قطع قطعا وما إذا كان لمسلم فإن كان لذمي قطع قطعا ويقطع بسرقة إناء النقد لأن استعماله يباح عند الضرورة إلا إن أخرجه من الحرز ليشهره بالكسر ولو كسر إناء الخمر أو الطنبور ونحوه أو إناء النقد في الحرز ثم أخرجه قطع إن بلغ نصابا كحكم الصحيح .
الثاني .
من شروط المسروق " كونه ملكا لغيره " أي السارق فلا يقطع لسرقة ماله الذي بيد غيره وإن كان مرهونا أو مؤجرا ولو سرق ما اشتراه من يد غيره ولو قبل تسليم الثمن أو في زمن الخيار أو سرق ما اتهب له قبل قبضه لم يقطع فيهما والصورة الثانية واردة على قوله ملكا لغيره وعدم القطع لشبهة الملك ولو سرق مع ما اشتراه مالا آخر بعد تسليم الثمن لم يقطع كما في الروضة ولو سرق الموصى له به قبل موت الموصي أو بعده وقبل القبول قطع في الصورتين أما الأولى فلأن القبول لم يقترن بالوصية وأما في الثانية فبناء على أن الملك فيها لا يحصل بالموت .
فإن قيل قد مر أنه لا يقطع بالهبة بعد القبول وقبل القبض فهلا كان هنا كذلك أجيب بأن الموصى له مقصر بعدم القبول مع تمكنه منه بخلافه في الهبة فإنه قد لا يتمكن من القبض وأيضا القبول وجد ثم ولم يوجد هنا ولو سرق الموصى به فقير بعد موت الموصي والوصية للفقراء لم يقطع كسرقة المال المشترك بخلاف ما لو سرقه الغني .
تنبيه : .
أراد المصنف كون المسروق ملك غيره حالة إخراجه بدليل قوله " فلو ملكه " أي المسروق أو بعضه " بإرث وغيره " كشراء " قبل إخراجه من الحرز أو " لم يملكه ولكن " نقص فيه " أي الحرز " عن نصاب بأكل " لبعضه " وغيره " كإحراق " لم يقطع " أما في الأولى فلأنه ما أخرج إلا ملكه وأما في الثانية فلأنه لم يخرج من الحرز نصابا .
واحترز بقوله قبل إخراجه عما لو طرأ ذلك بعده فإن القطع لا يسقط فإن الاعتبار في العقوبة بحال الجناية نعم لو طرأ الملك بعده وقبل الرفع إلى الحاكم لم يقطع بناء على أن استيفاء القطع يتوقف على الدعوى بالمسروق والمطالبة به وهو صحيح كما سيأتي .
تنبيه : .
كان الأولى ذكر المسألة الثانية في الشرط الأول وكان المقتضى لذكرها هنا مشاركتها لما قبلها في النظر بحالة الإخراج " وكذا " لا يقطع السارق " إن ادعى ملكه " أي المسروق أو ملك بعضه " على النص " ولم يسند الملك إلا بعد السرقة وبعد الرفع إلى الحاكم وثبتت السرقة بالبينة لاحتمال صدقه فصار شبهة دارئه للقطع ويروى عن الإمام الشافعي Bه أنه سماه السارق الظريف .
أي الفقيه وفي وجه أو قول مخرج يقطع لئلا يتخذ الناس ذلك ذريعة لدفع الحد وحمل النص على ما إذا أقام بينة بما ادعاه ويجري الخلاف في دعوى ملك الحرز أو مالك السرقة إذا كان مجهول النسب أو أنه أخذ بإذن المالك أو أنه أخذه وهو دون نصاب أو أنه ملك أبيه أو ملك سيده أو كان الحرز مفتوحا أو كان صاحبه معرضا عن الملاحظة أو كان نائما وخرج بدعوى الملك ما لو ادعى عدم السرقة وقامت عليه بينة فلا يسقط القطع كما قاله ابن كج وإنما قبلت دعوى الملك في مقابلة البينة لأنه ليس فيها تكذيب البينة بخلاف نفي السرقة .
تنبيه : .
هذا كله بالنسبة إلى القطع .
أما المال فلا يقبل قوله فيه بل لا بد من بينة أو يمين مردودة فإن نكل عن اليمين لم يجب القطع ولو أقر المسروق منه أن المال المسروق ملك للسارق لم يقطع وإن كذبه السارق ولو أقر بسرقة مال رجل فأنكر المقر له ولم يدعه يقطع لأن ما أقر به يترك في يده كما مر في الإقرار " و " على اللص " لو سرقا " أي اثنان مالا نصابين فأكثر " وادعاه " أي المسروق " أحدهما له أو لهما فكذبه الآخر لم يقطع المدعي " لما مر " وقطع الآخر في الأصح " لأنه أقر بسرقة نصاب لا شبهة له فيه والثاني لا يقطع المكذب لدعوى رفيقه الملك له ( 4 / 162 ) .
تنبيه : .
قضية كلام المصنف أنه لو صدقه لم يقطع كالمدعي وبه صرح البغوي وغيره وقضية كلامه أيضا أنه لو سكت ولم يصدقه ولم يكذبه أو قال لا أدري أنه لا يقطع وهو كذلك لقيام الشبهة " وإن سرق من حرز شريكه " مالا " مشتركا " بينهما " فلا قطع " به " في الأظهر وإن قل نصيبه " لأن له في جزء حقا شائعا وذلك شبهة فأشبه وطء الجارية المشتركة .
والثاني يقطع إذ لا حق له في نصيب شريكه .
تنبيه : .
محل الخلاف إذا خلص له من مال شريكه نصاب السرقة وإلا لم يقطع قطعا .
وقضية قوله مشتركا أنه لو سرق من مال شريكه الذي ليس بمشترك أنه يقطع وهو محمول على ما إذا اختلف حرزهما وإلا فلا .
قال الماوردي وعلى هذا أيضا يحمل إطلاق القفال القطع " الثالث " من شروط المسروق " عدم شبهة فيه " لحديث ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم صحح الحاكم إسناده .
سواء في ذلك شبهة الملك كمن سرق مشتركا بينه وبين غيره كما مر أو شبهة الفاعل كمن أخذ مالا على صورة السرقة يظن أنه ملكه أو ملك أصله أو فرعه أو شبهة المحل كسرقة الابن مال أصوله أو أحد الأصول مال فرعه كما قال " فلا قطع بسرقة مال أصل " للسارق وإن علا " وفرع " له وإن سفل لما بينهما من الاتحاد وإن اختلفت ديتهما كما بحثه بعض المتأخرين ولأن مال كل منهما مرصد لحاجة الآخر ومنها أن لا تقطع يده بسرقة ذلك المال بخلاف سائر الأقارب وسواء أكان السارق منهما حرا أو عبدا كما صرح به الزركشي تفقها مؤيدا له بما ذكروه من أنه لو وطىء الرقيق أمة فرعه لم يحد للشبهة " و " لا قطع بسرقة رقيق مال " سيد " له بالإجماع كما حكاه ابن المنذر ولشبهة استحقاق المنفعة ويده كيد سيده والمبعض كالقن وكذا المكاتب لأنه قد يعجز فيصير كما كان .
قاعدة من لا يقطع بمال لا يقطع به رقيقه فكما لا يقطع الأصل بسرقة مال الفرع وبالعكس لا يقطع رقيق أحدهما بسرقة مال الآخر ولا يقطع السيد بسرقة مال مكاتبه ولا بمال ما ملكه المبعض ببعضه الحر كما جزم به الماوردي والشيخ أبو حامد وغيرهما ولأن ما ملكه بالحرية في الحقيقة بجميع بدنه فصار شبهة .
وقيل يقطع به كمال الشريك بعد القسمة ويحد زان بأمة سيده إذ لا شبهة له في بضعها .
فروع لو سرق طعاما زمن القحط ولم يقدر عليه لم يقطع وكذا من أذن له في الدخول إلى دار أو حانوت لشراء أو غيره فسرق كما رجحه ابن المقري ويقطع بسرقة حطب وحشيش ونحوهما كيد لعموم الأدلة ولا أثر لكونها مباحة الأصل ويقطع بسرقة معرض للتلف كهريسة وفواكه وبقول كذلك وبماء وتراب ومصحف وكتب علم شرعي وما يتعلق به وكتب شعر نافع مباح لما مر فإن لم يكن نافعا مباحا قوم الورق والجلد فإن بلغ نصابا قطع وإلا فلا ولو قطع بسرقة عين ثم سرقها ثانيا من مالكها الأول أو من غيره قطع أيضا لأن القطع عقوبة تتعلق بفعل في عين فتكرر بتكرر ذلك الفعل كما لو زنى بامرأة فحد ثم زنى بها ثانيا ولو سرق مال غريمه الجاحد لدينه الحال أو المماطل وأخذ بقصده الاستيفاء لم يقطع لأنه حينئذ مأذون له في أخذه وإلا قطع وغير جنس حقه كجنس حقه في ذلك .
ولا يقطع بذلك على قدر حقه أخذه معه وإن بلغ الزائد نصابا وهو مستقل لأنه إذا تمكن من الدخول والأخذ ولم يبق المال محرزا عنه .
والأظهر قطع أحد زوجين بالآخر .
أي بسرقة ماله المحرز عنه لعموم الآية الأخبار .
ولأن النكاح عقد على منفعة فلا يؤثر في درء الحد كالإجارة لا يسقط بها الحد عن الأجير أو المستأجر إذا سرق أحدهما من الآخر .
ويفارق العبد الزوجة بأن مؤنتها على الزوج عوض كثمن المبيع ونحوه بخلاف مؤنة العبد والثاني لا قطع على واحد منهما للشبهة فإنها تستحق عليه النفقة وهو يستحق الحجر عليها والثالث يقطع الزوج دونها لأن لها حقوقا في ماله بخلاف وماله إليه الأذرعي .
تنبيه : .
محل الخلاف في الزوجة إذا لم تستحق على الزوج شيئا حين السرقة أما إذا كانت تستحق النفقة ( 4 / 163 ) والكسوة في تلك الحالة .
قال في المطلب فالمتجه أنه لا قطع إذا أخذت بقصد الاستيفاء كما في حق رب الدين الحال إذا سرق نصابا من المديون اه " .
ومحله أخذا مما مر أن يكون جاحدا أو مماطلا وقد يقال لا حاجة إلى هذا إذ الكلام في السرقة والأخذ بقصد الاستيفاء ليس بسرقة أما لو كان المال في مسكنهما بلا إحراز فلا قطع قطعا " ومن سرق " وهو مسلم " مال بيت المال إن فرز " بفاء مضمومة وراء مهملة خفيفة مكسورة وزاي معجمة " لطائفة " كذوي القربى والمساكين وكان منهم أو أصله أو فرعه فلا قطع أو فرز لطائفة " ليس هو منهم قطع " إذ لا شبهة له في ذلك " وإلا " بأن لم يفرز لطائف فلا " فالأصح أنه إن كان له حق في المسروق كمال مصالح " بالنسبة لمسلم فقير جزما أو غني على الأصح " وكصدقة وهو فقير " أو غارم لذات البين أو غاز " فلا " يقطع في المسألتين .
أما في الأولى فلأن له حقا وإن كان غنيا كما مر لأن ذلك قد يصرف في عمارة المساجد والرباطات والقناطر فينتفع بها الغني والفقير من المسلمين لأن ذلك مخصوص بهم بخلاف الذمي يقطع بذلك ولا نظر إلى إنفاق الإمام عليه عند الحاجة لأنه إنما ينفق عليه للضرورة وبشرط الضمان كما ينفق على المضطر بشرط الضمان وانتفاعه بالقناطر والرباطات بالتبعية من حيث أنه قاطن بدار الإسلام لا لاختصاصه بحق فيها .
وأما في الثانية فلاستحقاقه بخلاف الغني فإنه يقطع لعدم استحقاقه إلا إذا كان غازيا أو غارما لذات البين فلا يقطع لما مر .
وإلا .
بأن لم يكن له فيه حق " قطع " لانتفاء الشبهة .
والثاني لا يقطع مطلقا غنيا كان أو فقيرا سرق مال الصدقة أو المصالح لأنه مرصد للحاجة والفقير ينفق عليه منه والغني يعطى منه ما يلزمه بسبب حمالة يتحملها .
والثالث يقطع مطلقا كما في سائر الأموال .
تنبيه : .
من لا يقطع بسرقة مال بيت المال لا يقطع أصله أو فرعه أو رقيقه بسرقته منه وخرج ببيت المال ما لو سرق مستحق الزكاة من مال من وجبت عليه فإنه إن كان المسروق من غير جنس ما وجبت فيه قطع وإن كان منه وكان متعينا للصرف وقلنا بالأصح أنها تتعلق تعلق الشركة فلا قطع كالمال المشترك قاله البغوي وصاحب الكافي .
والمذهب .
الذي قطع به الجمهور " قطعه " أي المسلم " ب " سرقة " باب مسجد وجذعه " بإعجام الذال وتأزيره وسواريه وسقوفه وقناديل زينة فيه لأن الباب للتحصين والجذع ونحوه للعمارة ولعدم الشبهة في القناديل ويلحق بهذا ستر الكعبة فيقطع سارقه على المذهب إن خيط عليها لأنه حينئذ محرز " لا " بسرقة " حصره " المعدة للاستعمال ولا سائر ما يفرش فيه " و " لا " قناديل تسرج " لأن ذلك لمصلحة المسلمين فله فيه حق كمال بيت المال وخرج بالمعدة حصر الزينة فيقطع بها كما قاله ابن الملقن .
وينبغي أن يكون ستر المنبر كذلك إن خيط عليه وأن يكون بلاط المسجد لحصره المعدة للاستعمال .
أما الذمي فيقطع بذلك قطعا لعدم الشبهة .
تنبيه : .
محل ذلك في المسجد العام أما الخاص بطائفة فيختص القطع بغيرها بناء على أنه إذا خص المسجد بطائفة اختص بها وهو الراجح ولو سرق شخص المصحف الموقوف على القراءة لم يقطع إذا كان قارئا لأن له فيه حقا وكذا إن كان غير قارىء لأنه ربما تعلم منه .
قال الزركشي أو يدفعه إلى من يقرأ فيه لاستماع الحاضرين ولو سرق الخطيب المنبر أو المؤذن الدكة ينبغي عدم القطع ولم أر من ذكره بل ينبغي عدم القطع لغيرهما أيضا لأن النفع لا يختص بهما ولو سرق مسلم بكرة بئر مسبلة لم يقطع كما جزم به صاحب البحر وجرى عليه ابن المقري وإن كان مقتضى كلام الروضة القطع لأنها لمنفعة الناس .
قال صاحب البحر وعندي أن الذمي لا يقطع بسرقتها أيضا لأن له فيه حقا اه " .
وهذا هو الظاهر لما سيأتي أن الذمي لا يقطع بالأخذ من الموقوف على الأمور العامة .
والأصح قطعه بموقوف .
على غيره لأنه مال محرز سواء أقلنا الملك فيه لله تعالى أم للموقوف عليه أم للواقف والثاني المنع لأنه إن كان لله تعالى فهو كالمباحات وإن كان للموقوف عليه أو الواقف فلضعف الملك أما إذا كان له فيه استحقاق ( 4 / 164 ) أو شبهة استحقاق كمن سرق من وقف على جماعة هو منهم أو سرق منه أبو الموقوف عليه أو ابنه أو وقف على الفقراء فسرق فقير فلا قطع قطعا .
قال الروياني واحترز المصنف بالموقوف عما لو سرق من غلة الموقوف فيقطع قطعا ولو سرق مالا موقوفا على الجهات العامة أو على وجوه الخير لا يقطع وإن كان السارق ذميا لأنه تبع للمسلمين " و " الأصح قطعه بسرقة " أم ولد سرقها " حال كونها " نائمة أو مجنونة " أو عمياء كما قاله الزركشي أو مكرهة كما قاله في البيان أو أعجمية لا تميز بين سيدها وغيره في وجوب طاعته لأنها مضمونة بالقيمة كالقن والثاني لا لنقصان الملك وخرج بما ذكر ما إذا كانت عاقلة بصيرة مستيقظة فإنه لا قطع لقدرتها على الامتناع ومثل أم الولد فيما ذكر ولدها الصغير من زوج أو زنا وكذا العبد المنذور إعتاقه والموصى بعتقه ولو سرق عبدا صغيرا أو مجنونا أو بالغا أعجميا لا يميز قطع قطعا إذا كان محرزا وإنما خص المصنف أم الولد بذلك لأنها محل الوجهين وخرج بأم الولد المكاتب والمبعض فلا قطع بسرقتهما قطعا لأن مظنة الحرية شبهة مانعة من القطع .
الرابع .
من شروط المسروق " كونه محرزا " بالإجماع كما حكاهابن المنذر فلا قطع بسرقة ما ليس محرزا لخبر أبي داود لا قطع في شيء من الماشية إلا فيما أواه المراح ولأن الجناية تعظم بمخاطرة أخذه من الحرز فحكم بالقطع زجرا بخلاف ما إذا جرأه المالك ومكنه من تضييعه والإحاز يكون إما " بملاحظة " للمسروق " أو حصانة موضعه " بفتح الحاء المهملة من التحصين وهو المنع والمحكم في الحرز العرف فإنه لم يحد في الشرع ولا في اللغة فرجع فيه إلى العرف كالقبض والإحياء ولا شك أنه يختلف باختلاف الأموال والأحوال والأوقات فقد يكون الشيء حرزا في وقت دون وقت بحسب صلاح أحوال الناس وفسادها وقوة السلطان وضعفه وضبطه الغزالي بما لا يعد صاحبه مضيعا .
وقال الماوردي الأحراز تختلف من خمسة أوجه باختلاف نفاسة المال وخسته وباختلاف سعة البلد وكثرة دعاره وعكسه وباختلاف الوقت أمنا وعكسه وباختلاف السلطان عدلا وغلظة على المفسدين وعكسه وباختلاف الليل والنهار وإحراز الليل أغلظ .
فإن قيل يرد على المصنف حصر الحرز فيما ذكر النائم على ثوبه فإنه لا ملاحظة منه وليس الثوب بموضع حصين مع أن سارقه يقطع وقاطع الطريق فإنه يقطع إذا أخذ المال وهو من غير حرز .
أجيب عن الأول بأن النوم على الثوب بمنزلة الملاحظة وعن الثاني بأنه لا يسمى سارقا .
تنبيه : .
تعبيره بأو يقتضي الاكتفاء بالحصانة من غير ملاحظة وليس مرادا فإنه سيصرح بخلافه في قوله فإن كان بحصن كفى لحاظ معتاد فدل على أن اعتبارا للحظ لا بد منه إلا أنه يحتاج في غير الحصن إلى دوامه ويكتفي في الحصن بالمعتاد ولهذا قال الرافعي لا تكفي حصانة الموضع عن أصل الملاحظة حتى إن الدار البعيدة عن البلد لا تكون حرزا وإن تناهت في الحصانة .
فإن كان .
المسروق " بصحراء أو مسجد " أو شارع أو غيره مما لا حصانة له " اشترط دوام لحاظ " بكسر اللام وهو المراعاة مصدر لاحظه لأنه بذلك محرز عرفا وأما بفتح اللام فهو ما في الصحاح مؤخر العين من جانب الأذن بخلاف الذي من جانب الأنف فيسمى المرق يقال لحظه إذا نظر إليه بمؤخر عينه .
تنبيه : .
قضية كلامه أن الفترات العارضة في العادة تقدح في هذا اللحاظ فلو تغفله وأخذ في تلك الفترة لم يقطع والمشهور أن ذلك لا يقدح وأن السارق منه يقطع فينبغي التعبير باللحاظ المعتاد في مثله كما ذكره في قوله " وإن كان بحصن " كخان وبيت وحانوت " كفى لحاظ معتاد " في مثله ولا يشترط دوامه عملا بالعرف وقد علم مما مر أن حرز كل شيء بحسبه " و " حينئذ " إصطبل " وهو بكسر الهمزة وهي همزة قطع أصلي وكذا بقية حروفه بيت الخيل ونحوها " حرز دواب " وإن كانت نفيسة كثيرة الثمن لأنه A جعل حرز الماشية المراح فكذا الإصطبل ( 4 / 165 ) .
تنبيه : .
قيد في الوسيط الإصطبل بكونه متصلا بالدور فإن كان منفصلا عنها فلا بد من اللحاظ الدائم وإن لم يفهمه كلام المصنف .
لا آنية وثياب .
ولو خسيسة فليس الإصطبل حرزا لها لأن إخراج الدواب مما يظهر ويبعد الاجتراء عليه بخلاف ما يخف ويسهل حمله .
ويستثنى منها كما قال البلقيني وغيره آنية الإصطبل كالسطل وثياب الغلام وآلات الدواب من سروج وبراذع ولجم ورحال جمال وقربة السقاء والراوية ونحو ذلك مما جرت العادة بوضعه في إصطبلات الدواب .
تنبيه : .
المتبن حرز للتبن إذا كان متصلا بالدور كما مر في الإصطبل .
وعرصة .
أي صحن " دار وصفتها حرز آنية " خسيسة كما قاله الأذرعي " وثياب بذلة " أي مهنة ونحوها كالبسط والأواني لقضاء العرف بذلك .
أما النفيسة فحرزها البيوت والخانات ونحوها كالأسواق المعينة فإذا سرق المتاع من الدكاكين وهناك حارس بالليل قطع " لا " حرز " حلي و " لا " نقد " وثياب وأوان نفيسة فليست العرصة والصفة حرزا لها لأن العادة فيها الإحراز في البيوت المغلفة في الدور ونحوها كالمخازن .
فروع .
لو ضم العطار أو البقال ونحوه الأمتعة وربطها بحبل على باب الحانوت أو أرخى عليها شبكة أو خالف لوحين على باب حانوته وكانت محرزة بذلك في النهار لأن الجيران والمارة ينظرونها وفيما فعل ما ينبههم ما قصدها السارق فإن لم يفعل شيئا من ذلك فليست محرزة .
وأما في الليل فمحرزة بذلك لكن مع حارس والبقل ونحوه كالفجل إن ضم بعضه إلى بعض وترك على باب الحانوت وطرح عليه حصير ونحوها فهو محرز بحارس وإن رقد ساعة ودار على ما يحرسه أخرى والأمتعة النفيسة التي تترك على الحوانيت في ليالي الأعياد ونحوها لتزيين الحوانيت وتستر بنطع ونحوه محرزة بحارس لأن أهل السوق يعتادون ذلك فيقوى بعضهم ببعض بخلاف سائر الليالي والثياب الموضوعة على باب حانوت القصار ونحوه كأمتعة العطار الموضوعة على باب حانوته فيما مر والقدور التي يطبخ فيها في الحوانيت محرزة بسدد تنصب على باب الحانوت للمشقة في نقلها إلى بناء وإغلاق باب عليها والحانوت المغلق بلا حارس حرز لمتاع البقال في زمن الأمن ولو ليلا لانتفاع البزاز ليلا بخلاف الحانوت المفتوح والمغلق زمن الخوف وحانوت متاع البزاز ليلا والأرض حرز للبذر والزرع للعادة وقيل ليست حرزا إلا بحارس .
قال الأذرعي وقد يختلف ذلك باختلاف عرف النواحي فيكون محرزا في ناحية بحارس وفي غيرها مطلقا اه " .
وهذا أوجه والتحويط بلا حارس لا يحرز الثمار وإن كانت على الأشجار إلا إن اتصلت بجيران يراقبونها عادة وأشجار أفنية الدور محرزة بلا حارس بخلافها في البرية والثلج في المثلجة والجمد في المجمدة والتبن في المتبن والحنطة في المطامير كل منها في الصحراء غير محرز إلا بحارس وأبواب الدور والبيوت التي فيها والحوانيت بما عليها من مغاليق وحلق ومسامير محرزة بتركيبها ولو مفتوحة أو لم يكن في الدور والحوانيت أحد ومثلها كما قال الزركشي وغيره سقوف الدور والحوانيت ورخامها والآخر محرز بالبناء والحطب وطعام البياعين محرز بشد بعض كل منها إلى بعض بحيث لا يمكن أخذ شيء منه إلا بحل الرباط أو بفتق بعض الغرائر حيث اعتيد ذلك بخلاف ما إذا لم يعتد فإنه يشترط أن يكون عليه باب مغلق .
ولو نام بصحراء أو مسجد .
ونحو ذلك من موضع مباح كشارع " على ثوب " أو لابسا لعمامته أو غيرها كمداسه وخاتمه " أو توسد " أي وضع " متاعا " تحت رأسه أو اتكأ عليه " فمحرز " فيقطع السارق بدليل الأمر بقطع سارق رداء صفوان .
قال الشافعي رضي الله تعالى عنه ورداؤه كان محرزا باضطجاعه عليه ولفضاء العرف بذلك .
وإنما يقطع بتغييبه عنه ولو بدفنه إذ إحراز مثله بالمعاينة فإذا غيبه عن عين الحارس بحيث لو نبه له لم يره كأن دفنه في تراب أو واراه تحت ثوبه أو حال بينهما جدار فقد أخرجه من حرزه .
تنبيه : .
استثنى الماوردي و الروياني فيما لو توسد شيئا لا يعد التوسد حرزا له كما لو توسد كيسا فيه نقد أو جوهر ( 4 / 166 ) ونام فليس بمحرز حتى يشده بوسطه .
قال الأذرعي أي تحت الثياب وقيد المروزي القطع بأخذ الخاتم بما إذا لم يكن مخلخلا في يد ضأو كان في الأنملة العليا وإلا فلا قطع .
فلو انقلب .
في نومه " فزال عنه " أي الثوب " فلا " يكون حينئذ محرزا فلا يقطع سارقه .
ولو قلبه السارق عن الثوب ثم أخذه لم يقطع أيضا كما صرح به في أصل الروضة عن البغوي وأقره لما مر .
قال البلقيني وهذا عندنا شاذ مردود لا وجه له والذي نعتقده القطع بخلافه لأنه أزال الحرز ثم أخذ النصاب فصار كما لو نقب الحائط أو كسر الباب أو فتحه وأخذ النصاب فإنه يقطع باتفاق اه " .
وفرق بأن المال ثم لما أخذه كان محرزا في الجملة بخلافه هنا فإنه منسوب لتقصير .
ويؤيد هذا ما قاله البغوي أيضا من أنه لو وجد جملا وصاحبه نائم عليه فألقاه عنه وهو نائم وأخذ الجمل فإنه لا يقطع وإن خالف في ذلك الجويني و ابن القطان " وثوب ومتاع " لشخص " وضعه " أي كل منهما " بقربه بصحراء " أو نحو شارع كمسجد " إن لاحظه " بنظره كما مر " محرز " لقضاء العرف بذلك " وإلا " بأن لم يلاحظه بل نام أو ولاه ظهره أو ذهل عنه " فلا " يكون محرزا .
تنبيه : .
هذه المسألة علمت من قوله سابقا فإن كان بصحراء إلخ لكن زاد هنا قيد القرب ليخرج ما لو وضعه بعيدا بحيث لا ينسب إليه فإن هذا تضييع لا إحراز .
ويشترط مع الملاحظة أمران أحدهما أن لا يكون في الموضع ازدحام للطارقين نعم إن كثر الملاحظون عادل كثرة الطارقين كما نقلاه عن الإمام وأقراه .
الثاني أن يكون الملاحظ في موضع بحيث يراه السارق حتى يمتنع من السرقة إلا بتغفلة فإن كان في موضع لا يراه فلا قطع إذ لا حرز يظهر للسارق حتى يمتنع من السرقة قاله البلقيني .
قال في أصل الروضة وينبغي أن لا يفرق فيما ذكرنا بين كون الصحراء مواتا أو غيره قيده الشافعي في الأم بالموضع المباح وجرى عليه القاضي .
أجيب بأن المراد بالمباح مقابل الحرام لا ما لبس مملوكا فلا منافاة .
وشرط الملاحظ .
لمتاع كثوب ونحوه " قدرته على منع سارق " من الأخذ لو اطلع عليه " بقوة أو استغاثة " فإن كان الملاحظ ضعيفا لا يبال السارق به لقوته والموضع بعيد عن الغوث فليس بحرز وإن كان السارق ضعيفا أيضا وأخذه ولم يشعر به الملاحظ ولو شعر به لطرده فإنه يقطع على الظاهر عند الإمام وإن كان لو أخذه قوى في هذه الحالة لا يقطع " ودار منفصلة عن العمارة " ككونها بأطراف الخراب والبساتين " إن كان بها " ملاحظ " قوي يقظان حرز " لما فيها " مع فتح الباب وإغلاقه " لاقتضاء العرف ذلك " وإلا " صادق بأربع صور بأن لا يكون بها أحد والباب مغلق أو فيها أحد وهو ضعيف لا يبال به كما قيده في المحرر وهي بعيدة عن الغوث أو فيها قوي نائم والباب مفتوح أو قوي نائم وهو مغلق " فلا " تكون حرزا والصورة الأخيرة فيها وجهان أحدهما أنها ليست حرز كما هو ظاهر كلام المصنف تبعا للمحرر .
والثاني أنها حرز وهو الأقرب في الشرج الصغير والأقوى في زيادة الروضة .
وقال الأذرعي إنه المنقول في الذخائر وغيره عن العراقيين ولم يذكروا سواه وهو الموافق لكلام الأصحاب في الخيمة كما سيأتي والدار المغلقة أولى بالإحراز من الخيمة " و " دار " متصلة " بالعمارة بدور آهلة " حرز " لما فيها ليلا ونهارا " مع إغلاقه " أي الباب " و " مع " حافظ " قوي أو ضعيف " ولو " هو " نائم " ولو في زمن خوف لأن السارق على خطر من اطلاعه وتنبهه بحركاته واستغاثته بالجيران .
قال الأذرعي ويشبه أن يكون الضعيف كالعدم قال الزركشي لو عجز الضعيف عن الاستغاثة فيتجه أن يكون كالعدم اه " .
ويمكن حمل كلام الأذرعي على هذا فيكون ظاهرا .
و .
الدار المتصلة " مع فتحه " أي الباب " ونومه " أي الحافظ " غير حرز ليلا " جزما لأنه مضيع " وكذا نهارا في الأصح " كما لو لم يكن فيها أحد والباب مفتوح والثاني يكون حرزا اعتمادا ( 4 / 167 ) نظر الجيران ومراقبهم .
تنبيه : .
محل الخلاف في زمن الأمن النهب وغيره وإلا فالأيام كالليالي كما جزم به أصل الروضة وكلام المصنف محمول على المنقول في الدار حتى لا يرد عليه الباب المفتوح نفسه والأبواب المنصوبة الداخلة فإنها بتركيبها في حرز وإن لم تغلق وكذا حلقها المسمرة وسقفها ورخامها كما مر .
وكذا يقظان .
في دار " تغفله سارق " وسرق فليست بحرز " في الأصح " فلا قطع لتقصيره بإهمال المراقبة مع فتح الباب والثاني أنها حرز لعسر المراقبة دائما .
تنبيه : .
محل الخلاف ما إذا لم يبالغ في الملاحظة فإن بالغ فيها فانتهز السارق فرصة قطع بلا خلاف كما في الروضة وأصلها وألحق بالباب المغلق ما كان مردودا ونام خلفه بحيث لو فتحه لأصابه وانتبه كما قاله البلقيني وما لو نام أمامه بحيث لو فتح لانتبه بصريره كما قاله الدارمي وغيره .
وقال الزركشي وينبغي أن يكون حكم ما بعد الفجر إلى الإسفار حكم الليل وما بعد الغروب وقبل انقطاع الطارق حكم النهار " فإن خلت " أي الدار المتصلة من حافظ فيها " فالمذهب أنها حرز نهارا زمن أمن وإغلاقه " أي الباب " فإن فقد شرط " من هذه الشروط الثلاثة بأن كان الباب مفتوحا أو الزمن زمن خوف أو الوقت ليلا " فلا " تكون هذه الدار حينئذ حرزا .
تنبيه : .
عبر في الروضة أيضا بالمذهب وفي الشرح والمحرر بالظاهر ولم يذكر له مقابل ويستثنى من إطلاق المصنف أن الدار المغلقة نهارا حرز ما لو أغلق الباب نهارا ووضع المفتاح في شق قريب من الباب فبحث عنه السارق وأخذه وفتح الباب فإنه لا قطع عليه كما أفتى به البلقيني لأن وضع المفتاح هناك تفريط فيكون شبهة دارئة للحد " وخيمة بصحراء " وسبق معنى الخيمة في باب صلاة المسافر .
إن لم تشد أطنابها وترخى أذيالها .
بالمعجمة " فهي وما فيها كمتاع بصحراء " فيأتي فيها ما تقدم فلو كانت مضروبة العمائر فهي كمتاع بين يديه في السوق " وإلا " بأن شدت أطنابها وأرخيت أذيالها " فحرز " لما فيها " بشرط حافظ قوي " وضعف يبالي به " فيها " أو بقربها " ولو " هو " نائم " فيها أو بقربها كما في الروضة وأصلها لحصول الإحراز عادة فلو لم يكن فيها ولا بقربها أحد أو كان وهو ضعيف وبعيد عن الغوث فليست حرزا نعم إن كان مستيقظا لم يعتبر القرب بل يكفي أن يكون بموضع تحصل منه الملاحظة ويراه السارق بحيث ينزجر به قاله البلقيني .
وصحح في الروضة أنه لا يشترط إسبال بابها إذا كان من فيها نائما .
فإن قيل قد مر أن باب الدار إذا كان مفتوحا والحافظ فيها نائم لم تكن حرزا فهلا هنا كذلك .
أجيب بأن الخيمة تهاب غالبا فاكتفي فيها بذلك بخلاف الدار فلو شدت أطنابها ولم ترخ أذيالها فهي محرزة دون ما فيها فيعتبر في نفس الخيمة أمران حافظ وشد أطنابها وفيما فيها ثلاثة هذان وإرخاء أذيالها وإن كان ظاهر كلام المصنف مساواة حكم الخيمة وما فيها .
وأورد على إطلاق المصنف ما لو كان فيها نائم فنحاه السارق ثم سرق فلا قطع كما مر في الثوب المفروش تحته .
تنبيه : .
قوله وترخى بإثبات الألف بخطه على أنه مرفوع من عطف جملة على جملة في حيز النفي أي انتفى الشد والإرخاء وعلى هذا لو صرح بالنافي في المعطوف كالمحرر وغيره كان أوضح ويجوز أن يكون مجزوما عطفا على تشد وعليه فيجب حذف الألف للجازم اللهم إلا أن يقال إنها حذفت وإن الموجدة تولدت من إشباع فتحة الخاء كما قيل بإشباع الكسر في قول الشاعر إذا العجوز غضبت فطلقي ولا ترضاها ولا تملقي بإثبات الياء " وماشية " من إبل وخيل وبغال وحمير وغيرها " بأبنية مغلقة " أبوابها " متصلة بالعمارة محرزة " بها ( 4 / 168 ) ولو " بلا حافظ " للعرف كذا أطلقوه وينبغي كما قال الزركشي تقييده بما إذا أحاطت به المنازل الأهلية فأما إذا اتصلت بالعمارة ولها جانب آخر من جهة البرية فإنها تلحق بالبرية وسيأتي .
وخرج بقوله مغلقة ما لو كان الباب مفتوحا فإنه لا بد من الحافظ ولو كان نائما كما صرح به في المعتمد .
فإن قيل قيد المصنف سابقا الدار المتصلة بالعمارة بكونها محرزة نهارا زمن أمن ولا يظهر بينهما فرق كما قاله بعض المتأخرين .
أجيب بأنه يتسامح في أمر الماشية دون غيرها " و " الماشية بأبنية مغلقة " ببرية يشترط " في إحرازها لما فيها " حافظ " قوي أو ضعيف يبالي به " ولو " هو " نائم " فإن كان الباب مفتوحا اشترط حافظ مستيقظ وهذا يفهم من قوله أولا مغلقة .
قال الأذرعي والظاهر أن نومه بالباب مفتوح كاف ويكفي كون المراح من حطب أو حشيش أو نحوه وشرط الماوردي في المراح بالبرية اجتماعها فيه بحيث يحس بعضها بحركة بعض وأن يكون معها حافظ فإن كان مستيقظا كفى فإن نام احتاج إلى شرط ثالث وهو ما يوقظه إن أريد سرقتها ككلاب تنبح أو أجراس تتحرك فإن أخل بهذا عند نومه لم تكن محرزة واستحسنه الأذرعي فإن كان الحافظ ضعيفا لم يبال به السارق ولا يلحقه غوث فكالعدم كما مر .
تنبيه : .
قوله بأبنية يقتضي اعتبار إحراز الماشية به وليس مرادا فقد جزما بأن الإبل المناخة المعقولة محرزة بحافظ عندها ولو نائما لأن في حل عقالها ما يوقظه ولأن الرعاة إذا أرادوا أن يناموا عقلوا إبلهم " وإبل " وما ذكر معها من خيل ونحوها " بصحراء " ترعى في مرعى خال عن المارين " محرزة بحافظ " أي معها " يراها " ويبلغها صوته فإن نام أو غفل عنها أو استتر عنه بعضها فمضيع لها في الأولين ولبعضها المستتر في الأخيرة فإن لم تخل المرعى عن المارين حصل الإحراز بنظرهم نبه عليه الرافعي أخذا من كلام الغزالي وإن بعد عن بعضها ولم يبلغ ذلك البعض صوته فوجهان أحدهما أنه غير محرز لعدم بلوغ الصوت له والثاني وهو الظاهر ورجحه في الشرح الصغير وعزاه القمولي و ابن الرفعة إلى الأكثرين محرزا اكتفاء بالنظر لإمكان العدو إلى ما لم يبلغه .
و .
إبل أو بغال " مقطورة " يقودها قائد " يشترط " في إحرازها " التفات قائدها " أو راكب أولها " إليها كل ساعة بحيث يراها " جميعها لأنها تعد محرزة بذلك وإن كان يسوقها سائق فمحرزة إن انتهى نظره إليها وفي معناه الراكب لآخرها فإن كان لا يرى البعض لحائل جبل أو بناء فذلك البعض غير محرز فإن ركب غير الأول والآخر فهو لما بين يديه كسائق ولما في خلفه كقائد .
قالا وقد يستغنى بنظر المارة عن نظره إن كان يسيرها في سوق ونحوه وفي اشتراط بلوغ الصوت لها ما سبق قريبا " و " يشترط " أن لا يزيد قطار " وهو بكسر القاف ما كان بعضها أثر بعض " على تسعة " بالتاء المثناة أو له للعادة الغالبة في ذلك فإن زاد فكغير المقطورة .
قال ابن الصلاح كذا وقع في بعض نسخ الوسيط وهو تصحيف والصحيح سبعة بالموحدة بعد السين وعليه العرف واعترضه الأذرعي بأن المنقول تسعة بالمثناة في أوله وهو ما ذكره الفوراني ونقله عنه العمراني وكذا قاله البغوي و الغزالي في الوجيز والوسيط ونسبه في الوسيط إلى الأصحاب قال الرافعي والأحسن التوسط ذكره أبو الفرج السرخسي فقال في الصحراء لا يتقيد القطار بعدد وفي العمران يعتبر ما جرت العادة بأن يجعل قطارا هو ما بين سبعة إلى عشرة وصححه في الروضة وجرى عليه ابن المقري في روضه وهو الظاهر .
وقال البلقيني التقييد بالتسع أو السبع ليس بمعتمد فإن الشافعي لم يعتبر ذلك ولا كثير من الأصحاب منهم الشيخ أبو حامد وأتباعه .
وذكر الأذرعي و الزركشي نحوه قالا والأشبه الرجوع في كل مكان إلى عرفه وبه صرح صاحب الوافي .
قال الرافعي ومنهم من أطلق التقطير ولم يقيده بعدد .
قال الأذرعي وهم الجمهور وكذا أطلقه الشافعي C في الأم والمختصر وسبب اضطراب الأصحاب في عدد القطار اضطراب العرف .
و .
إبل " غير مقطورة " كأن كانت تساق " ليست محرزة في الأصح " وفي المحرر الأشبه ( 4 / 169 ) أن الإبل لا تسير كذلك غالبا والثاني محرزة بسائقها المنتهي نظره إليها كالمقطورة المسوقة ورجحه في الشرح الصغير .
وقال الأذرعي إنه المذهب ونقله عن الأكثرين .
وقال في المهمات إن الفتوى على ما في المنهاج والمحرر فقد نص عليه الشافعي C في الأم .
قال في أصل الروضة والخيل والبغال والحمير والغنم السائرة كالإبل لالسائرة إذا لم تكن مقطورة ولم يشترطوا القطر فيها لكنه معتاد في البغال ويختلف عدد الغنم المحرزة بحارس واحد بالبلد والصحراء اه " .
والذي عليه ابن المقري أن البغال كالإبل تقطيرا وعدمه .
وعلى أن غيرهما من الماشية مع التقطير وعدمه مثلهما مع التقطير وهو الأوجه .
فروع المتاع الذي على الدابة المحرزة محرز يقطع سارقه سواء سرقه وحده أو مع الدابة ولو سرق بقرة مثلا فتبعها عجلها لم يكن العجل محرزا إلا إذا كان قريبا منه بحيث يراه إذا التفت وكان يلتفت كل ساعة كما تقدم في قائد القطار ولو دخل المراح وحلب من لبن الغنم أو جز من نحو صوفها كوبرها ما يبلغ نصابا وأخرجه قطع ولا يشترط كون اللبن من واحدة منها على الأصح من وجهين لأن المراح حرز واحد لجميعها .
قال الروياني وهو اختيار جماعة من أصحابنا والوجه الثاني لا يقطع لأنها سرقات من أحراز لأن كل ضرع حرز للبنه .
قال الأذرعي ويأتي مثل ذلك في جز الصوف ونحوه ومحل الخلاف كما قال الأذرعي أيضا إذا كانت الدواب لواحد أو مشتركة فإن لم تكن كذلك قطع بالثاني كما قاله شيخنا .
وكفن .
مشروع كائن " في قبر ببيت محرز " بالجر صفة بيت " محرز " بالرفع خبر كفن فيقطع سارقه منه لما روى البيهقي عن البراء برفعه من نبش قطعنا .
وروى البخاري في تاريخه أن الزبير قطع نباشا " وكذا " كفن بقبر " بمقبرة " كائنة " بطرف العمارة " فإنه محرز يقطع سارقه حيث لا حارس هناك " في الأصح " لأن القبر في المقابر حرز في العادة كما أن البيت المغلق في العمران حرز وإن لم يكن فيه أحد والثاني إن لم يكن هناك أحد فهو غير محرز .
وسواء على الأول أكان الكفن من مال الميت أم من غيره ولو من بيت المال كما يقتضيه إطلاق كلام المصنف وإنما قطع به وإن كان من بيت المال لانقطاع الشركة عنه بصرفه إلى الميت كما لو أصرفه إلى الحي وسواء أقلنا الملك في الكفن لله تعالى أم للوارث على الأصح لأجل اختصاص الميت به .
نعم لو سرقه بعض الورثة أو ولد بعضهم لم يقطع ومقتضى كلام الروضة أن حارس المقبرة إذا سرق منها لم يقطع أما المقبرة المحفورة بالعمارة التي يندر تخلف الطارقين عنها في زمن يتأتى فيه النبش أو كان عليها حراس مرتبون فهو بمثابة البيت المحرز كما نقلاه عن الإمام وأقراه وإنما يقطع بإخراجه من جميع القبر إلى خارجه لا من اللحد إلى فضاء القبر وتركه ثم لخوف أو غيره لأنه لم يخرجه من تمام حرزه .
أما غير الشرعي كأن زاد على خمسة أثواب فليس الزائد محرزا بالقبر كما لو وضع مع الكفن غيره إلا أن يكون القبر ببيت محرز فإنه محرز به ولو تغالى في الكفن بحيث جرت العادة أن لا يخلى مثله بلا حارس لم يقطع سارقه كما قاله أبو الفرج الزاز " لا " كفن في قبر " بمضيعة " أي بقعة ضائعة وهي بضاد معجمة مكسورة بوزن معيشة أو ساكنة بوزن مسبعة فإنه غير محرز " في الأصح " كالدار البعيدة عن العمران لأن السارق يأخذ من غير خطر والثاني أن القبر حرز للكفن حيث كان لأن النفوس تهاب الموتى .
فروع لو كفن الميت من التركة فنبش قبره وأخذ منه طالب به الورثة من أخذه لأنه ملكهم وإن قدم به الميت وكذا لو سرقه بعض الورثة أو ولده لم يقطع كما مر ولو أكل الميت سبع أو ذهب به سيل وبقي الكفن اقتسموه كذلك ولو كفنه أجنبي أو سيد من ماله أو كفن من بيت المال كان كالعارية للميت .
قال الرافعي لأن نقل الملك إليه غير ممكن لأنه لا يملك ابتداء فكان المكفن مميرا عارية لا رجوع له فيها كإعارة الأرض للدفن فيقطع به غير المكفنين والخصم فيه الملك في الأولين والإمام في الثالثة .
ولو سرق الكفن وضاع ولم تقسم التركة وجب إبداله من التركة وإن كان الكفن من غير ماله فإن لم يكن تركة فكمن مات ولا تركة له وإن قسمت ثم سرق استحب لهم إبداله .
هذا إذا كفن أولا في الثلاثة التي هي حق له فإنه لا يتوقف التكفين بها على رضا الورثة أما لو كفن منها ( 4 / 170 ) بواحد فينبغي كما قال الأذرعي أن يلزمهم تكفينه من تركته بثان وثالث والفساقي المعروفة كبيت معقود حتى إذا لم تكن في حرز ولا لها حافظ لم يقطع بسرقة الكفن منها كما بحثه الأذرعي فإن اللص لا يلقى عناء في النبش بخلاف القبر المحكم في العادة وجمع الحجارة على الميت وهو على وجه الأرض عند تعذر الحفر كالدفن للضرورة بخلاف ما إذا لم يتعذر الحفر والبحر ليس حرزا لكفن الميت المطروح فيه فلا يقطع آخذه لأنه ظاهر فهو كما لو وضع الميت على شفير القبر فأخذ كفنه فإن غاص في الماء فلا قطع على آخذه أيضا لأن طرحه في الماء لا يعد إحرازا كما لو تركه على وجه الأرض وغيبه الريح بالتراب ولو أخرج الميت مع الكفن ففي القطع وجهان .
قال الزركشي وقضية ما سيأتي من عدم القطع بسرقة الحر العاقل وعليه ثيابه أن يكون هنا كذلك وإذا أخذ الكفن حينئذ لا قطع لأنه لم يأخذه من حرز .
قال الزركشي ولا بد من كون الميت محترما ليخرج الحربي ولم يذكره اه " .
وهو ظاهر ولا بد أيضا كما بحثه بعضهم أن يكون القبر محترما ليخرج قبر في أرض منصوبة