هو بالقصر لغة حجازية وبالمد لغة تميمية واتفق أهل الملل على تحريمه وهو من أفحش الكبائر ولم يحل في ملة قط ولهذا كان حده أشد الحدود لأنه جناية على الأعراض والأنساب .
والأصل في الباب قوله تعالى " الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة " والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما وهذه نسخ لفظها وبقي حكمها وقد رجم A ماعزا والغامدية وله حكمان يختصان به اشتراط أربعة في الشهادة وإيجاب مائة جلدة وحقيقته الشرعية الموجبة للحد " إيلاج " حشفة أو قدرها من " الذكر " المتصل الأصلي من الآدمي الواضح ولو أشل وغير ( 4 / 144 ) منتشر وكان ملفوفا في خرقة كما هو قضية ما جزم به في التحقيق في باب الغسل وصرح به الدارمي خلافا للديلمي " بفرج " أي قبل أنثى ولو غوراء كما بحثه الزركشي فارقا بين ما هنا وما في باب التحليل من عدم الاكتفاء بالإيلاج ببناء التحليل على تكميل اللذة .
محرم .
في نفس الأمر " لعينه " أي الإيلاج " خال عن الشبهة " المسقطة للحد " مشتهى " طبعا بأن كان فرج آدمي حي وقوله " يوجب الحد " هو خبر عن قوله إيلاج والحد هو الجلد والتغريب على غير المحصن والرجم على المحصن بالنص والإجماع وخرج بمتصل من استدخلت ذكرا مقطوعا فلا حد عليها وبالأصلي الزائد وبالآدمي والواضح من استدخلت ذكر بهيمة أو مشكل فلا حد عليها وبنفس الأمر ما لو وطىء زوجته ظانا أنها أجنبية فلا حد وما بقي من محترزات قيود الحد يأتي في المتن وبما تقرر علم ما في الحد من الإجحاف .
قال ابن شهبة وفيه زيادة لا حاجة إليها وهي قوله خال عن الشبهة لخروج الشبهة بقيد التحريم فإن وطء الشبهة لا يوصف بحل ولا حرمة على الأصح اه " .
لكن الشبهة ثلاثة أقسام شبهة فاعل كأن يكون جاهلا وشبهة محل كظن أنها زوجته وشبهة جهة كالنكاح بلا ولي والذي لا يوصف بحل ولا حرمة هو القسم الأول .
تنبيه : .
قال البلقيني لو ثنى ذكره وأدخل قدر الحشفة ففي ترتب الأحكام علية توقف والأرجح الترتيب إن أمكن اه " .
وظاهر كلامهم في الحشفة حيث كانت موجودة أنه لا يعتبر إدخال غيرها فإنهم يقولون قدر الحشفة من مقطوعها وهذا هو الظاهر " ودبر ذكر و " دبر " أنثى " أجنبية " كقبل " للأنثى فيجب بالإيلاج في كل من كل الدبرين المسمى باللواط الحد " على المذهب " فيرجم المحصن ويجلد غيره ويغرب لأنه زنا بدليل قوله تعالى " ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة " وقال تعالى " أتأتون الفاحشة " .
وروى البيهقي عن أبي موسى أن النبي A قال إذا أتى الرجل الرجل فهما زانيان وفي قول يقتل محصنا كان أو غيره لحديث من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به رواه أبو داود الترمذي وابن ماجه وصحح الحاكم إسناده وعلى هذا يقتل بالسيف كالمرتد وقال إن واجبه التعزير فقط كإتيان البهيمة .
تنبيه : .
شمل إطلاقه دبر عبده وهو المذهب هذا حكم الفاعل .
وأما المفعول به فإن كان صغيرا أو مجنونا أو مكرها فلا حد عليه ولا مهر له لأن منفعة بضع الرجل غير متقومة وإن كان مكلفا مختارا جلد وغرب محصنا كان أو غيره سواء أكان رجلا أم امرأة لأن المحل لا يتصور فيه إحصان وقيل ترجم المرأة المحصنة .
أما وطء زوجته أو أمته في دبرها فالمذهب أن واجبه التعزيز إن تكرر منه الفعل فإن لم يتكرر فلا تعزير كما ذكره البغوي و الروياني والزوجة والأمة في التعزير مثله سواء واحترز " بإيلاج " عما تضمنه قوله " ولا حد بمفاخذة " بإعجام الذال ولا بإيلاج بعض الحشفة ولا بإيلاجها في غير فرج كسرة ولا بمقدمات وطء ولا بإتيان المرأة المرأة لعدم الإيلاج بل يعزران ولا باستمنائه بيده بل يعزر .
أما بيد من يحل له الاستمتاع بها فمكروه لأنه في معنى العزل " و " احترز بمحرم لعينه عن " وطء زوجته في حيض " ونفاس " وصوم وإحرام " واستبراء فلا حد به فإن التحريم ليس لعينه بل لأمور عارضة .
تنبيه : .
قد يخرج بمحرم وطء حربية بقصد القهر والاستيلاء فإنه يملكها بذلك ولا حد عليه وإن لم يقصد ذلك بقلبه وجب عليه الحد كما حكاه الإمام عن القفال في باب السرقة في الكلام على سرقة العين وذكره الرافعي هناك من غير نسبة إلى القفال واحترز بخال عن الشبهة عن شبهة المحل التي تضمنها قوله " وكذا أمته المزوجة " والمشتركة " والمعتدة " من غيره والمجوسية والوثنية والمسلمة وهو ذمي فلا حد بوطئها جزما وقيل في الأظهر " و " كذا " مملوكته المحرم " بنسب أو رضاع كأخته منهما أو بمصاهرة كموطوءة أبيه أو ابنه فلا حد بوطئها في الأظهر كما سيأتي ( 4 / 145 ) لشبهة الملك .
تنبيه : .
محل ذلك فيمن يستقر ملكه عليها كأخته أما من لا يستقر ملكه عليها كالأم والجدة فهو زان قطعا كما قاله الماوردي وغيره واحترز عن شبهة الفاعل التي تضمنها قوله " ومكره " فلا حد عليه لحديث رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه .
وقوله " في الأظهر " راجع للمسألتين كما تقرر لكنه عبر في الروضة كأصلها في المكره بالأصح وعبر في المحرر عن شبهة الفاعل بما إذا وجد امرأة على فراشه فوطئها على ظن أنها زوجته أو أمته والثاني يحد فيهما أما الأولى فلأنه وطء لا يستباح بحال فأشبه اللواط .
وظاهر كلامهم على الأول أن وطء أمته المحرم في دبرها لا يوجب الحد وهو كذلك لشبهة الملك وإن نقل ابن الرفعة عن البحر المحيط أنه يوجبه وأما في الثانية فلأن انتشار الآلة لا يكون إلا بشهوة واختيار ومأخذ الخلاف التردد في تصوير الإكراه في الزنا والصحيح تصويره لأن الانتشار تقتضيه الطبيعة عند الملابسة .
تنبيه : .
محل الخلاف في الرجل أما المرأة فلا يجب عليها الحد قطعا .
قاله في الوسيط " .
فائدة : .
في سنن البيهقي أن عمر أتى بامرأة جهدها العطش فمرت على راع فاستسقته فأبى أن يسقيها إلا أن تمكنه من نفسها ففعلت فشاور الناس في رجمها .
فقال علي هذه مضطرة أرى أن يخلى سبيلها ففعل وكان الأولى تأخير المكره إلى قوله وشرطه التكليف فيقول والاختيار وتعبير المصنف يوهم عدم الخلاف في أمته المزوجة والمعتدة وليس مرادا بل الخلاف الذي في المحرم جار فيها .
فرع لو وطىء امرأة .
على ظن أنها أمته المشتركة فبانت أجنبية حد كما رجحه في الروضة من احتمالين نقلها تبعا لبعض نسخ الرافعي عن الإمام لأنه علم التحريم فكان من حقه الامتناع وقيل لا حد عليه .
وقال ابن عبد السلام إنه أظهر الاحتمالين لأنه ظن ما لو تحقق رفع عنه الحد .
واحترز عن شبهة الطريق التي تضمنها قوله " وكذا كل جهة أباحها " أي قال بالوطء بها " عالم كنكاح بلا شهود " فقط كما قال به مالك أو بلا ولي فقط كما قال به أبو حنيفة أو بولي وشهود ولكنه مؤقت وهو نكاح المتعة كما قال به ابن عباس رضي الله تعالى عنهم لا حد بالوطء فيه " على الصحيح " وإن اعتقد تحريمه لشبهة الخلاف وقيل يجب على معتقد التحريم دون غيره وقيل يجب على معتقد الإباحة أيضا كما يحد الحنفي على شرب النبيذ وفي قول يجب في نكاح المتعة لأنه ثبت نسخه و ابن عباس رجع عنه كما رواه البيهقي .
تنبيه : .
محل الخلاف في النكاح المذكور كما قاله الماوردي أن لا يقارنه حكم فإن حكم شافعي ببطلانه حد قطعا أو حنفي أو مالكي بصحته لم يحد قطعا والضابط في الشبهة قوة المدرك كما صرح به الروياني وغيره لا عين الخلاف كما ذكره الشيخان فلو وطىء أمة غيره بإذنه حد على المذهب وإن حكى عن عطاء حل ذلك .
ويجب في الوطء في نكاح بلا ولي ولا شهود .
قال القاضي إلا في الدنيئة فلا حد فيها لخلاف مالك فيه ويستثنى من الشبهة من زنى بجارية بيت المال فيجب الحد بوطئها كما في سير الروضة لأنه يستحق في بيت المال النفقة لا الإعفاف .
واحترز بمشتهى عما تضمنه قوله " ولا " حد " بوطء ميتة في الأصح " وإن كانت محرمة في الحياة خلافا لما في نكت الوسيط لأن هذا مما ينفر الطبع عنه فلا يحتاج إلى الزجر عنه بحد كشرب البول بل يعزر والثاني يحد به كوطء الحية ولا يجب فيه مهر بحال لأن الميت لا يستأنف ملكا " ولا " بوطء " بهيمة في الأظهر " لأن الطبع السليم يأباه فلم يحتج إلى زاجر بحد بل يعزر وفي النسائي عن ابن عباس ليس على الذي يأتي البهيمة حد ومثل هذا لا يقوله إلا عن توقيف والثاني يقتل محصنا كان أو غيره لقوله A من أتى بهيمة فاقتلوه واقتلوها معه رواه الحاكم وصحح إسناده والثالث يحد حد الزنا فيفرق فيه بين المحصن وغيره .
وأما البهيمة المفعول بها ففيها أوجه ( 4 / 146 ) أصحها لا تذبح وقيل تذبح إن كانت مأكولة وقيل تذبح مطلقا لظاهر الحديث واختلفوا في علة ذلك فقيل لاحتمال أن تأتي بولد مشوه الخلق فعلى هذا لا تذبح إلا إذا كانت أنثى وقد أتاها في الفرج وقيل إن في بقائها تذكارا للفاحشة فيعير بها وهذا هو الأصح فعلى هذا لا فرق بين الذكر والأنثى وإن كانت مأكولة وذبحت حل أكلها على الأصح وحيث وجب الذبح والبهيمة لغير الفاعل لزمه لمالكها إن كانت مأكولة ما بين قيمتها حية ومذبوحة وإلا لزمه جميع القيمة وقيل لا شيء لصاحبها لأن الشرع أوجب قتلها للمصلحة وقد مر أن شرط الشبهة أن تكون قوية المدرك مسقطة للحد ليخرج أيضا شبهة من استؤجرت للزنا فلذلك قال " ويحد في " وطء " مستأجرة " للزنا بها لانتفاء الملك والعقد وعقد الإجارة باطل ولا يورث شبهة مؤثرة كما لو اشترى خمرا فشربها وعن أبي حنيفة أنه لا حد لأن الإجارة شبهة وعورض بأنها لو كانت شبهة لثبت النسب ولا يثبت اتفاقا .
فإن قيل لم لم يراع خلافه هنا كما مر في نكاح بلا ولي أجيب بضعف مدركه هنا " و " يحد أيضا في وطء " مبيحة " فرجها للوطء لأن البضع لا يباح بالإباحة .
وتحد هي أيضا في المسألتين " و " في وطء " محرم " بنسب أو إرضاع أو مصاهرة " وإن كان تزوجها " لأنه وطء صادف محلا ليس فيه شبهة وهو مقطوع بتحريمه اه " .
فيتعلق به الحد .
تنبيه : .
أشار بقوله وإن كان تزوجها إلى خلاف أبي حنيفة فإنه قال لا حد عليه لأن صورة العقد شبهة وقال أحمد و إسحق يقتل ويؤخذ ماله لحديث فيه صححه يحيى بن معين .
فروع لو ادعى الجهل بتحريم الموطوءة بنسب لم يصدق لبعد الجهل بذلك .
قال الأذرعي إلا إن جهل مع ذلك النسب ولم يظهر لنا كذبه فالظاهر تصديقه أو بتحريمها برضاع فقولان أظهرهما كما قال الأذرعي تصديقه إن كان ممن يخفى عليه ذلك أو بتحريمها بكونها مزوجة أو معتدة وأمكن جهله بذلك صدق بيمينه وحدت هي دونه إن علمت تحريم ذلك ويحد في وطء نكاح أخت نكحها على أختها وفي وطء من ارتهنها وفي وطء مسلمة نكحها وهو كافر ووطىء عالما بالحال وفي وطء وثنية أو مجوسية نكحهما مسلم ويحد في وطء مطلقته ثلاثا وذات زوج وملاعنة ومعتدة لغيره ومرتدة ولو زنى مكلف بمجنونة أو نائمة أو مراهقة حد ولو مكنت مكلفة مجنونا أو مراهقا أو استدخلت ذكر نائم حدت ولا تحد خلية حبلى لم تقر بالزنا أو ولدت ولم تقر به لأن الحد إنما يجب ببينة أو إقرار كما سيأتي إن شاء الله تعالى .
وشرطه أي إيجاب حد الزنا رجما كان أو جلدا في الفاعل أو المفعول به " التكليف " فلا حد على صبي ومجنون لارتفاع القلم عنهما ولكن يؤدبهما وليهما بما يزجرهما .
ولو زنى وعنده أنه غير بالغ فبان بالغا هل يحد أو لا حكى الروياني فيه وجهين ويظهر أنه لا حد عليه .
وزاد المصنف على المحرر والشرحين والروضة قوله " إلا السكران " فإنه يحد وهو غير مكلف وتقدم الكلام عليه في كتاب الطلاق " وعلم تحريمه " فلا حد على من جهل تحريم الزنا لقرب عهده بالإسلام أو بعده عن المسلمين لكن إنما يقبل منه بيمينه كما هو وكلام الشيخين في الدعاوى فإن نشأ بينهم وادعى الجهل لم يقبل منه .
تنبيه : .
أفهم كلامه أنه لو علم التحريم وجهل الحد أنه يحد وهو الصحيح في زيادة الروضة وبقي من الشروط التزام الأحكام ليخرج الحربي والمستأمن .
وأما الاختيار فعلم مما مر " وحد " الزاني " المحصن " من رجل أو امرأة " الرجم " حتى يموت بالإجماع وتظافر الأخبار فيه كرجم ماعز والغامدية ولا يجلد مع الرجم عند جماهير العلماء .
وقد مر أنه لا رجم على الموطوء في دبره إذ لا يتصور الإيلاج في دبره على وجه مباح حتى يصير به محصنا فحده كحد البكر .
والإحصان لغة المنع وشرعا جاء بمعنى الإسلام والبلوغ والعقل والحرية والعفة والتزويج ووطء المكلف الحر في نكاح صحيح وهو المراد هنا كما يؤخذ من قوله " وهو " أي المحصن " مكلف " لا معنى لاشتراط التكليف في الإحصان بعد اشتراطه في مطلق وجوب الحد وكان ينبغي أن يقول أو سكران على طريقته " حر " فالرقيق ليس بمحصن ولو مكاتبا ( 4 / 147 ) ومبعضا ومستولدة لأنه على النصف من الحر والرجم لا نصف له " ولو " هو " ذمي " أو مرتد لأن النبي A رجم اليهوديين كما ثبت في الصحيحين زاد أبو داود وكانا قد أحصنا .
تنبيه : .
عقد الذمة شرط لإقامة الحد على الذمي لا لكونه محصنا فلو غيب حربي حشفته في حال حرابته في نكاح وصححنا أنكحة الكفار وهو الأصح فهو محصن حتى لو عقدت له ذمة فزنى رجم ومثل الذمي المرتد وخرج به المستأمن فإنا لا نقيم عليه حد الزنا على المشهور " غيب " المكلف وهو بهذه الصفات قبل أن يزني " حشفته " من ذكره الأصلي العامل ولو مع لف خرقة خلافا لما في المطلب أو غيبها غيره وهو نائم أو غيب قدرها إن فقدها " بقبل " أو وطئت الأنثى فيه " في نكاح صحيح " لأن الشهوة مركبة في النفوس فإذا وطىء في نكاح صحيح ولو كانت الموطوءة في عدة وطء شبهة أو وطئها في نهار رمضان أو في حيض أو إحرام فقد استوفاها فحقه أن يمتنع من الحرام ولأنه يكمل طريق الحل بدفع البينونة بطلقة أو ردة واحترز بقوله حشفته عما لو غيب بعضها وأما مفقودها فلا بد أن يغيب قدرها وبالقبل وهو من زيادة على المحرر عن الدبر فلا يحصل الإحصان بالوطء فيه وبالنكاح عن ملك اليمين ووطء شبهة وبالصحيح عن الفاسد كما قال " لا " في نكاح " فاسد " فإنه فيه غير محصن " في الأظهر " لأنه حرام فلا يحصل به صفة كمال وبالثاني وعزى للقديم هو محصن لأن الفاسد كالصحيح في العدة والنسب فكذا في الإحصان والجمهور قطعوا بالمنع كما في الروضة .
تنبيه : .
هذه الشروط كما تعتبر في الواطىء تعتبر أيضا في الموطوءة " والأصح " المنصوص " اشتراط التغيب " لحشفة الرجل أو قدرها عند قطعها " حال حريته " الكاملة " وتكليفه " فلا يجب الرجم على من وطىء في نكاح صحيح وهو صبي أو مجنون أو رقيق وإنما اعتبر وقوعه في حال الكمال لأنه مختص بأكمل الجهات وهو النكاح الصحيح فاعتبر حصوله من كامل حتى لا يرجم من وطء وهو ناقص كما مر ثم زنى وهو كامل فيرجم من كان كاملا في الحالين وإن تخللهما نقص كجنون ورق فالعبرة بالكمال في الحالين .
فإن قيل يراد إدخال المرأة حشفة الرجل وهو نائم وإدخاله فيها وهي نائمة فإنه يحصل الإحصان للنائم أيضا كما مر مع أنه غير مكلف عند الفعل .
أجيب بأنه مكلف استصحابا لحاله قبل النوم والثاني لا يشترط ذلك فإنه وطء يحصل به التحليل فكذا الإحصان .
تنبيه : .
سكتوا عن شرط الاختيار هنا وقضية كلامهم عدم اشتراطه حتى لو وجدت الإصابة والزوج مكره عليها .
وقلنا بتصور الإكراه حصل التحصين وهو كذلك وإن قال ابن الرفعة فيه نظر " و " الأصح كما هو قضية كلام المصنف ولكنه قال في الروضة والأظهر " أن الكامل " من رجل أو امرأة " الزاني بناقص " كصغيرة " محصن " لأنه حر مكلف وطىء في نكاح صحيح فأشبه ما إذا كانا كاملين والثاني لا يكون بذلك محصنا لأنه وطء لا يصير أحد الواطئين محصنا فكذلك الآخر كما لو وطىء بالشبهة .
تنبيه : .
عبارة المصنف لا يفهم المراد منها لأن قوله بناقص لا يخلو إما أن يتعلق بالزاني أو بالكامل فإن علقته بالأول فسد المعنى إذ يقتضي حينئذ أن الكامل إذا زاني بناقص محصن على الأصح وليس مرادا وإن علقته بالثاني يصير قوله الزاني سائبا فلو قال وأن الكامل بناقص محصن لكان أخصر وأقرب إلى المراد ومن الشراح من أجاب بأن قوله بناقص متعلق بمحذوف تقديره وإن الكامل الزاني إذا كان كماله بناقص محصن وغير بعض الشراح لفظة الزاني بالباني أي الناكح وادعى صحة العبارة بذلك ورد عليه بأنه إنما يقال بنى على أهله لا بنى بهم كما قاله الجوهري وغيره " والبكر " وهو غير المحصن المكلف " الحر " من رجل أو امرأة حده " مائة جلدة " لآية " الزانية والزاني " ولاء فلو فرقها نظر فإن لم يزل الألم لم يضر وإلا فإن كان خمسين لم يضر وإن كان دون ذلك ضر وعلل بأن الخمسين حد الرقيق وسمي جلدا لوصوله إلى الجلد " وتغريب عام " لرواية مسلم بذلك ( 4 / 148 ) .
تنبيه : .
أفهم عطفه التغريب بالواو أنه لا يشترط الترتيب بينهما فلو قدم التغريب على الجلد جاز كما صرح به في الروضة وأصلها وإن نازع فيه الأذرعي وقال إنه خلاف ما درج عليه السلف وأفهم لفظ التغريب أنه لا بد من تغريب الإمام أو نائبه حتى لو أراد الإمام تغريبه فخرج بنفسه وغاب سنة ثم عاد لم يكف وهو الصحيح لأن المقصود التنكيل ولم يحصل وابتداء للعام من حصوله في بلد التغريب في أحد وجهين أجاب به القاضي أبو الطيب والوجه الثاني من خروجه من بلد الزنا ولو ادعى المحدود انقضاء العام ولا بينة صدق لأنه من حقوق الله تعالى ويحلف استحبابا .
قال الماوردي وينبغي للإمام أن يثبت في ديوانه أول زمان التغريب .
ويغرب " إلى مسافة قصر " لأن ما دونها في حكم الحضر لتوصل الأخبار فيها إليه .
والمقصود إيحاشه بالبعد عن الأهل والوطن " فما فوقها " إن رآه الإمام لأن عمر غرب إلى الشام وعثمان إلى مصر وعليا إلى البصرة وليكن تغريبه إلى بلد معين فلا يرسله الإمام إرسالا " وإذ عين الإمام جهة فليس له " أي المغرب " طلب غيرها في الأصح " لأن ذلك أليق بالزجر ومعاملة له بنقيض قصده والثاني له ذلك لأن المقصود إيحاشه بالبعد عن الوطن .
تنبيه : .
لو غرب على الأول إلى بلد معين فهل يمنع من الانتقال إلى بلد آخر .
وجهان أصحهما كما في أصل الروضة لا يمنع لأنه امتثل والمنع من الانتقال لم يدل عليه دليل وما صححه الروياني من أنه يلزمه أن يقيم ببلد الغربة ليكون كالحبس له فلا يمكن من الضرب في الأرض لأنه كالنزهة يحمل كما قال شيخنا على أن المراد ببلد الغربة غير بلده لأن ما عداه بلاد غربة وبقوله فلا يمكن من الضرب في الأرض أنه لا يمكن من ذلك في جميع جوانبها بل في غير جانب بلده فقط على ما عرف ويجوز له أن يحمل معه جارية يتسرى بها مع نفقة يحتاجها وكذا مال يتجر فيه كما قاله الماوردي وليس له أن يحمل معه أهله وعشيرته فإن خرجوا معه لم يمنعوا ولا يعتقل في الموضع الذي غرب إليه كما قالاه لكن يحفظ بالمراقبة والتوكيل به لئلا يرجع إلى بلدته أو إلى ما دون المسافة منها لا لئلا ينتقل إلى بلد آخر لما مر من أنه لو انتقل إلى بلد آخر لم يمنع فإن احتيج إلى الاعتقال خوفا من رجوعه إلى ما ذكر اعتقل وكذا إن خيف من تعرضه للنساء وإفسادهن فإنه يحبس كما قاله الماوردي كفا له عن الفساد ولو عاد إلى البلد الذي غرب منه أو إلى دون مسافة القصر منه رد واستؤنفت المدة على الأصح إذ لا يجوز تفريق سنة التغريب في الحر ولا نصفها في غيره لأن الإيحاش لا يحصل معه وقضية هذا أنه لا يتعين للتغريب البلد الذي غرب إليه وأشار إلى تفرده به ولم يقف ابن الرفعة على نقل في ذلك فقال الأشبه أن يقال إن قلنا بالاستئناف لم يتعين ذلك البلد .
ويغرب .
زان " غريب " له بلد " من بلد الزنا " تنكيلا وإبعادا عن موضع الفاحشة " إلى غير بلده " لأن القصد إيحاشه وعقوبته وعوده إلى وطنه يأباه ويشترط أن يكون بينه وبين بلده مسافة القصر فما فوقها ليحصل ما ذكر " فإن عاد إلى بلده " الأصلي " منع منه في الأصح " معارضة له بنقيض قصده ومقابل الأصح أنه لا يتعرض له وهو احتمال للغزالي لا وجه كما يوهمه كلام المتن ولو زنى الغريب في البلد الذي غرب إليه غرب إلى بلد آخر ودخلت مدة بقية الأول مدة الثاني لتجانس الحديث ولو زنى المسافر في طريقه غرب إلى غير مقصده لما مر به ونازع في ذلك البلقيني وقال لا يحجر على الإمام في ذلك بل إذا رأى تغريبه في جهة مقصده لم يمنع ومن لا وطن له كالمهاجر إلينا من دار الحرب ولم يتوطن بلدا يمهل حتى يتوطن ثم يغرب وهذا لا ينافيه قول القاضي أنه يغرب من المكان الذي قصده ويغرب البدوي عن حلته وقومه " ولا تغرب امرأة " زانية " وحدها في الأصح بل مع زوج أو محرم " لخبر لا تسافر المرأة إلا ومعها زوج أو محرم .
وفي الصحيحين لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة ( 4 / 149 ) يوم إلا مع ذي محرم ولأن القصد تأديبها والزانية إذا خرجت وحدها هتكت جلباب الحياء والثاني تغرب وحدها لأنه سفر واجب عليها فأشبه سفر الهجرة .
قال البلقيني ونص عليه في موضعين من الأم وقال إن النهي عن سفرها إنما هو فيما لا يلزمها " ولو " لم يخرج الزوج أو المحرم إلا " بأجرة " لزمها ذلك وهو في مالها على الأصح إذا كان لها مال لأنها مما يتم بها الواجب كأجرة الجلاد ولأنها من مؤن سفرها فإن لم يكن لها مال فعلى بيت المال .
تنبيه : .
محل الخلاف إذا كان الطريق أمنا وإلا فلا تغرب وحدها جزما وقضية كلام المصنف أنه لا يكتفي بالنسوة الثقاة وهو كذلك مع عدم أمن الطريق وأما مع أمنها ففيه وجهان أظهرهما أنه يكفي قياسا على الزوج والمحرم .
قال الرافعي وربما اكتفى بعضهم بواحدة ثقة اه " .
والاكتفاء بها هو ما في الشامل وغيره .
وقال ابن الرفعة إنه الأصح و البلقيني إنه المعتمد وصححه المصنف في مجموعه في نظيره من الحج مع أنه على التراخي فهذا أولى وقضية كلامهم أن الرجل يغرب وحده ولو أمرد والظاهر ما قال الأذرعي وغيره أن الأمرد الحسن الذي يخاف عليه الفتنة يحتاج إلى محرم ونحوه " فإن امتنع " من ذكر من الخروج ولو " بأجرة لم يجبر في الأصح " كما في الحج ولأن فيه تغريب من لم يذنب ولا يأثم بامتناعه كما بحثه في المطلب والثاني يجبر للحاجة إليه في إقامة الواجب وعلى الأول يؤخر تغريبهما إلى أن يتيسر كما جزم به ابن الصباغ " و " حد غير الحر من " العبد " أو غيره إذا كان مكلفا " خمسون " جلدة لقوله تعالى " فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب " والمراد الجلد لأن الرجم قتل والقتل لا يتنصف .
وروى مالك و أحمد عن علي رضي الله تعالى عنه أنه أتى بعبد وأمة زنيا فجلدهما خمسين خمسين إذ لا فرق في ذلك بين الذكر والأنثى بجامع الرق ولو عبر المصنف بمن فيه رق لعم الذكر والأنثى والمكاتب وأم الولد المبعض واستغنى عما قدرته وقيل إن الحد يقسط على المبعض بقدر ما فيه من الحرية والرق فيكون على حر النصف ثلاثة أرباع الجلد " ويغرب " من فيعرق " نصف سنة " لعموم الآية ولأنه يتبعض فأشبه الجلد وعلى التقسيط في المبعض يغرب تسعة أشهر " وفي قول " يغرب من فيه رق " سنة " لأن ما يتعلق بالطبع لا يفرق فيه بين الحر وغيره كمدة العنة والإيلاء " وفي قول لا يغرب " لأن فيه تفويت حق السيد لأن الرقيق لا أهل له فلا يستوحش بالتغريب وأجاب الأول بأنه إذا ألف موضعا شق عليه فراقه ولا يبالي بحق السيد في العقوبات كما يقطع بالسرقة ويقتل بالردة والأشبه كما قال الزركشي أنه يعتبر في تغريب الأمة خروج محرم معها كالحرة ومؤنة المغرب في مدة تغريبه على نفسه إن كان حرا وعلى سيده إن كان رقيقا وإن زادت على مؤنة الحضر .
تنبيه : .
لو زنى العبد المؤجر حد وهل يغرب في الحال ويثبت للمستأجر الخيار أو يؤخر إلى مضي المدة وجهان حكاهما الدارمي .
قال الأذرعي ويقرب أن يفرق بين مدة الإجارة وقصرها قال ويشبه أن يجيء ذلك في الأجير الحر أيضا اه " .
والأوجه كما قال شيخنا إنه لا يغرب إن تعذر عمله في الغربة كما لا يحبس لغريمه إن تعذر عمله في الحبس بل أولى لأن ذلك حق آدمي وهذا حق الله تعالى بخلاف المرأة إذا توجه عليها حبس فإنها تحبس ولو فات التمتع على الزوج لأنه لا نهاية له وقضية كلامهم إنه لا فرق فيما ذكر بين العبد والمسلم والكافر وهو كذلك وقول البلقيني لا حد على الرقيق الكافر لأنه يلتزم الأحكام بالذمة إذ لا جزية عليه فهو كالمعاهد والمعاهد لا يحد مردود لقول الأصحاب للكافر أن يحد عبده الكافر ولأن الرقيق تابع لسيده فحكمه حكمه بخلاف المعاهد ولأنه لا يلزم من عدم لزوم الجزية عدم الحد كما في المرأة الذمية " ويثبت " الزنا بأحد أمرين " ببينة " عليه وهي أربعة شهود لآية " واللاتي أتين الفاحشة من نسائكم " .
تنبيه : .
أطلق البينة ويشترط فيها التفصيل فتذكر بمن زنى لجواز أن لا حد عليه بوطئها والكيفية لاحتمال إرادة المباشر فيما دون الفرج وتتعرض للحشفة أو قدرها وقت الزنا فيقولون رأيناه أدخل ذكره أو قدر حشفته منه في فرج ( 4 / 150 ) فلانة على وجه الزنا .
وينبغي كما قال الزركشي أن يقوم مقامه زنى بها زنا يوجب الحد إذا كانوا عارفين بأحكامه ويشترط تقديم لفظ أشهد على أنه زنى ويذكر الموضع فإنهم لو اختلفوا فيه بطلت الشهادة " أو إقرار " حقيقي ولو " مرة " لأنه A رجم ماعزا والغامدية بإقرارهما رواه مسلم .
تنبيه : .
أشار بقوله مرة إلى خلاف مذهب أبي حنيفة و أحمد حيث اعتبر الإقرار أربعا لحديث ماعز Bه .
وأجاب أئمتنا بأنه A إنما كرره على ماعز في خبره لأنه شك في عقله ولهذا قال أبك جنون ولم يكرره في خبر الغامدية ويعتبر كون الإقرار مفصلا كالشهادة فلا يستوفي القاضي الحد بعلمه كما قاله المصنف في القضاء بخلاف سيد العبد فإنه يستوفيه من العبد بعلمه أما الإقرار التقديري وهو اليمين المردودة بعد نكول الخصم فلا يثبت به الزنا ولكن يسقط به الحد عن القاذف وأورد عن طريق آخر مختص بالمرأة وهو ما إذا قذفها الزوج ولاعن ولم تلاعن هي فإنه يجب عليها الحد كما ذكراه في بابه .
فروع يكفي في ثبوت الحد إشارة الأخرى بالإقرار بالزنا وإن رئي رجل وامرأة أجنبيان تحت لحاف عزرا ولم يحدا ويقام الحد في دار الحرب إن لم يخف فتنة في نحو ردة المحدود والتحاقه بدار الحرب ويسن للزاني ولكل من ارتكب معصية الستر على نفسه لخبر من أتى من هذه القاذورات شيئا فليستتر بستر الله فإن من أبدى لنا صفحته أقمنا عليه الحد رواه الحاكم والبيهقي بإسناد جيد فإظهارها ليحد أو يعزر خلاف المستحب وأما التحدث بها تفكها لحرام قطعا للأخبار الصحيحة فيه .
وأيضا فقد يسن له ذلك بترك الشهادة إن رآه مصلحة فإن تعلق بتركها إيجاب حد على الغير كأن شهد ثلاثة بالزنا أثم الرابع بالتوقف ويلزمه الأداء .
أما ما يتعلق بحق آدمي كقتل أو قذف فإنه يستحب له بل يجب عليه أن يقر به ليستوفى منه لما في حقوق الآدميين من التضييق ويحرم العقو عن حد الله تعالى والشفاعة فيه لقوله A لأسامة لما كلمه في شأن المخزومية التي سرقت أتشفع في حد من حدود الله تعالى ثم قام فخطب فقال إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها رواه الشيخان .
ولو أقر .
بالزنا " ثم رجع " عنه " سقط " الحد عنه لأنه A عرض لماعز بالرجوع بقوله لعلك قبلت أو غمزت أو نظرت فلو لم يسقط به الحد لما كان له معنى ولأنهم لما رجموه قال ردوني إلى رسول الله A فلم يسمعوا وذكروا ذلك للنبي A .
فقال هلا تركتموه لعله يتوب فيتوب الله عليه .
قال ابن عبد البر هذا أوضح دليل على أنه يقبل رجوعه لكن لو قتل بعد الرجوع لم يقتص من قاتله لاختلاف العلماء في سقوط الحد بالرجوع ويضمن بالدية كما قال ابن المقري لأن الضمان بها بجامع الشبهة ويحصل الرجوع بقوله كذبت أو رجعت عما أقررت به أو ما زنيت أو كنت فأخذت أو نحو ذلك وسواء رجع بعد الشروع في الحد أو قبله فإن رجع في أثنائه فكمل الإمام متعديا بأن كان يعتقد سقوطه بالرجوع فمات بذلك هل يجب عليه نصف الدية لأنه مات بمضمون وغيره أو توزع الدية على السياط قولان أقربهما كما قال شيخنا الثاني كما لو ضربه زائدا على حد القذف ويسن لمن أقر بزنا أو شرب مسكرا الرجوع كما يستتر ابتداء كما رجحه في الروضة .
فروع لو قال زنيت بفلانة فأنكرت وقالت كان تزوجني فمقر بالزنا وقاذف لها فيلزمه حد الزنا وحد القذف فإن رجع سقط حد الزنا وحده وإن زنيت بها مكرهة لزمه حد الزنا لا القذف ولزمه لها مهر فإن رجع عن إقراره سقط الحد لا المهر لأنه حق آدمي ولو شهد بإقراره بالزنا فكذبهم لم يقبل تكذيبه لأنه تكذيب للشهود والقاضي ولو أقر بالزنا ثم شهد عليه أربعة بالزنا ثم رجع عن الإقرار هل يحد وجهان أحدهما يحد لبقاء حجة البينة كما لو شهد عليه ثمانية فرد أربعة وثانيهما لا إذ لا أثر للبينة مع الإقرار .
وقد بطل ونقلهما الماوردي في ذلك وفي عكسه وقال الأصح عندي اعتبار أسبقهما وينبغي كما قال شيخي أن المعول على البينة حيث وجدت لأن البينة في هذا الباب أقوى كما أن الإقرار في المال أقوى إلا إذا أسند الحكم للإقرار فإنه يعمل به قدمت البينة عليه أو تأخرت ( 4 / 151 ) .
تنبيه : .
قد يفهم كلام المصنف عدم سقوط الحد بعد ثبوته بالبينة وهو كذلك فلا يسقط بالرجوع كما لا يسقط هو ولا الثابت بالإقرار بالتوبة لكن استثنى منه صورتان الأولى ما إذا أقيمت عليه البينة ثم ادعى الزوجية كما نص عليه الشافعي قال الزركشي وما نقله عن الإمام في السرقة مما يخالفه مردود الثانية الإسلام فإذا ثبت زنا الذمي ببينة ثم أسلم سقط عنه الحد كما ذكره في زيادة الروضة آخر السير " ولو قال " المقر بالزنا " لا تحدوني أو هرب " من إقامة الحد " فلا " يسقط عنه " في الأصح " لأنه قد صرح بالإقرار ولم يصرح بالرجوع ولكن يكف عنه في الحال ولا ينبع فإن رجع فذاك وإلا حد وإن لم يكف عنه فمات فلا ضمان لأنه A لم يوجب عليهم في قصة ماعز شيئا والثاني يسقط لإشعاره الرجوع .
تنبيه : .
لا يشترط حياة الشهود ولا حضورهم حالة الحكم ولا قرب عهد الزنا فتقبل الشهادة به وإن تطاول الزمان .
ولما فرغ من مسقط الإقرار بالزنا شرع في مسقط البينة فقال " ولو شهد أربعة " من الرجال " بزناها وأربع نسوة " أو رجلان كما قال البلقيني أو رجل وامرأتان كما قاله غيره .
أنها عذراء .
بمعجمة أي بكر سميت بذلك لتعذر جماعها وصعوبته " ولم تحد هي " لشبهة بقاء العذرة والحد يدرأ بالشبهات لأن الظاهر من حالها أنها لم توطأ " ولا قاذفها " لقيام البينة بزناها واحتمال عود بكارتها لترك المبالغة في الافتضاض .
قال البلقيني هذا إذا لم تكن غوراء يمكن تغييب الحشفة مع بقاء البكارة فإن كان كذلك حدت لثبوت الزنا وعدم التنافي اه " .
وتقدم الفرق بينه وبين التحليل أن التحليل مبني على تكميل اللذة ولا الشهود أيضا .
لقوله تعالى " ولا يضار كاتب ولا شهيد " قال القاضي وتسقط حضانتها بلا خلاف .
تنبيه : .
ما أطلقه المصنف وغيره من عدم حذ قاذفها قيده القاضي الحسين بما إذا كان بين الشهادتين زمن بعيد يمكن عود العذرة فيه فإن شهدوا أنها زنت الساعة وشهدن بأنها عذراء وجب الحد ولو شهد عليها أربعة بالزنا وأربع بأنها رتقاء فلبس عليها حد الزنا ولا عليهم حد القذف لأنهم رموا من لا يمكن جماعه " ولو عين شاهد " من الأربعة " زاوية " من زوايا البيت " لزناه و " عين " الباقون " منهم زاوية " غيرها لم يثبت " أي الحد لأنهم لم يتفقوا على زنية واحدة فأشبه ما لو قال بعضهم زنى بالغداة وبعضهم بالعشي .
تنبيه : .
سكت المصنف عن سقوط الحد عن القاذف والظاهر كما قال الزركشي عدم سقوطه ويجب الحد على الشهود في الأظهر لأن عددهم لم يتم في زنية قال الزركشي ولا يبعد عدم الحد على الشهود إذا تقاربت الزوايا لإمكان الزحف مع دوام الإيلاج " و " بعد ثبوت حد الزنا " يستوفيه الإمام " الأعظم " أو نائبه " فيه " من " زان " حر " للاتباع " و " من " مبعض " لأنه لا ولاية للسيد على الحر منه والحد متعلق بجملته .
تنبيه : .
في معنى المبعض العبد الموقوف كله أو بعضه بناء على الأظهر أن الملك فيه لله تعالى وعبد بيت المال وعبد محجوره ومستولدة الكافر والعبد الموصى بإعتاقه إذا زنى بعد موت الموصى وقبل إعتاقه وهو يخرج من الثلث كما قاله البلقيني بناء على أن إكسابه له وهو المذهب ومعتبر الحرية حال الوجوب ولو زنى ذمي حر ثم نفض العهد واسترق أقام الإمام عليه الحد دون سيده كما في الروضة وأصلها وخرج بالإمام أو نائبه غيره فلو استوفى الجلد واحد من الناس لم يقع حدا ولزمه الضمان لأن الحد يخلف وقتا ومحلا فلا يقع حد إلا بإذن الإمام بخلاف القطع .
قال ابن عبد السلام وإنما لم يفوض لأولياء المزني بها لأنهم قد لا يستوفونه خوفا من العار .
قال القاضي ولا بد في إقامة الحدود من النية حتى لو ضرب لمصادرة أو غيرها وعليه حدود لم يحسب منها .
وقال القفال لا يحتاج فيها إلى نية حتى ( 4 / 152 ) لو حد بنية الشرب فظهر أنه حده للزنا جاز لأنه لو أخطأ من يده اليمنى إلى اليسرى في السرقة أجزأ وعلى هذا لو أن الإمام جلد رجلا مائة ظلما فبان أن عليه حد الزنا سقط عنه كما لو قتل رجلا فبان أنه قاتل أبيه اه " .
والأشبه كما قال الأذرعي ما قاله القاضي في صور جلده ظلما .
وأما ما قبلها فالإجزاء فيه ظاهر لأنه قصد الحد فلا عبرة بظنه أنه عن الشرب .
فرع لو زنى الإمام .
الأعظم لم ينعزل ويقيم عليه الحد من ولى الحكم عنه كما قاله القفال " ويستحب " عند استيفاء الحد سواء أثبت بالبينة أم بالإقرار " حضور الإمام و " حضور " شهوده " أي الزنا إن ثبت بهم للخروج من خلاف أبي حنيفة فإنه قال بوجوب حضورهم لنا أنه A رجم الغامدية وماعزا ولم يحضرهما وقال لأنيس فإن اعترفت فارجمها ولم يقل فأعلمني حتى أحضر ولا قال له أحضر معك جمعا وقياسا على الجلد ويسن حضور جمع من الرجال المسلمين الأحرار لقوله تعالى " وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين " .
قال الشافعي Bه وأقلهما أربعة عدد شهود الزنا والسنة أن يبدأ الإمام بالرجم ثم الناس إن ثبت بالإقرار وإن ثبت بالبينة بدأ به الشهود ثم الإمام ثم الناس .
قال الماوردي وتعرض عليه التوبة قبل رجمه لتكون خاتمة أمره فإن حضر وقت صلاة أمر بها وإن تطوع مكن من ركعتين وإن استسقى ماء سقي وإن استطعم لم يطعم لأن الشرب لعطش سابق والأكل لشبع مستقبل " ويحد الرقيق سيده " بنفسه أو نائبه إذا كان عالما بقدر الحد وكيفيته وإن لم يأذن له الإمام لخبر أبي داود أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم وفي خبر الصحيحين إذا زنت أمة أحدكم فليحدها ولا يثرب عليها بالمثلثة أي لا يوبخها ولا يعيرها وقيل لا يبالغ في جلدها حتى يدميها ويسن للسيد أن يبيع الأمة إذا زنت ثالثة لخبر ورد بذلك ويجب عليه أن يبين ذلك لمشتريها .
تنبيه : .
لو كان السيد امرأة هل تقيمه هي أو وليها أو السلطان فيه أوجه .
أصحها أولها كما شمله إطلاق المصنف ويستثنى من إطلاقه السفيه فلا يقيم الحد على رقيقه كما قاله الزركشي لخروجه عن أهلية الاستصلاح والولاية وشمل إطلاقه الحد حد الزنا وباقي الحدود حتى القطع وقتل الردة والمحاربة وهو الأصح لإطلاق الخبر السابق ولو كان الرقيق مشتركا حده ملاكه بتوزيع السياط على الملك ويفوض المنكسر إلى أحدهم أو غيرهم وفي جواز إقامة الولي من أب وجد وحاكم ووصي وقيم في رقيق المولى عليه من طفل وسفيه ومجنون وجهان قال في أصل الروضة ويشبه أن يقال إن قلنا الحد إصلاح فله إقامته أو ولاية ففيه الخلاف وقضيته ترجيح الجواز .
قال ابن عبد السلام في قواعده وإنما يقيم السيد الحد على عبده إذا لم يكن بينهما عداوة ظاهرة .
قال الزركشي ويشكل بما إذا كان المقذوف السيد فإنهم أجازوا له استيفاءه " أو " يحده " الإمام " لعموم ولايته فأيهما فعل وقع الموقع ولكن السيد أولى كما صححه في زيادة الروضة لثبوت الحديث فيه ولأنه أستر .
تنبيه : .
العبرة بكونه سيدا حال إقامة الحد فإذا زنى الرقيق فباعه سيده كان إقامة الحد لمشتريه " فإن تنازعا " أي الإمام والسيد في حد الرقيق " فالأصح " من احتمالات للإمام يحده " الإمام " الأعظم أو نائبه لعموم ولايته .
والثاني السيد لغرض إصلاح ملكه .
والثالث إن كان جلدا فالسيد أو قطعا أو قتلا فالإمام .
تنبيه : .
يستثنى من إطلاقه ما لو زنى ذمي ثم نقض العهد ثم استرق فإن الحد إنما يقيمه عليه الإمام لأنه لم يكن مملوكا يومئذ .
فإن قيل قد مر أن الرقيق لو زنى ثم باعه سيده كان للمشتري إقامة الحد عليه ولم يكن مملوكا له حال الزنا فالعبرة بحالة الاستيفاء .
أجيب بأن استيفاء الحد هنا يثبت للإمام أولا واسترقاقه بعد ثبوته لا يمنع استيفاءه لأنه لم يثبت لسيده ابتداء وأما فيما مر فثبت للسيد وهو للاستصلاح ولا وجه لإقامة البائع الحد عليه لخروجه عن ملكه فصار الاستيفاء مترددا بين الإمام والمشتري " و " الأصح " أن السيد يغربه " كما يجلده لاندراجه في خبر ( 4 / 153 ) أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم والثاني لا لعدم ذكره في الحديث المار فإنه ذكر فيه الجلد فقط وأجاب الأول بأن سكوته في الحديث لا ينافيه وقد ثبت ذلك عن عمر رضي الله تعالى عنه .
تنبيه : .
مؤنة تغريب الرقيق في بيت المال فإن فقد فعلى السيد وعليه مؤنته في زمن التغريب وقيل في بيت المال " و " الأصح " أن " الزاني " المكاتب " بفتح المثناة " كحر " فلا يستوفيه إلا الإمام لخروجه عن قبضة السيد بالكتابة الصحيحة .
والثاني أنه كالقن لأنه عبد ما بقي عليه درهم وعلى الأول لو عجز فرق قبل استيفاء الحد هل للسيد الاستيفاء أو لا فيه نظر يعرف مما مر فيما إذا زنى الذمي ثم نقض العهد واسترق .
أما المكاتب كتابة فاسدة فكالقن " و " الأصح " أن " السيد " الفاسق والكافر والمكاتب " بفتح المثناة " يحدون عبيدهم " لعموم أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم وهذا مبني على أن السيد يقيم الحد على عبده بطريق الملك لغرض الاستصلاح كالقصد والحجامة وهو الأصح .
والثاني لا بناء على أنه يقيمه بالولاية وليسوا من أهلها .
تنبيه : .
سكت المصنف عن السيد المبعض ويؤخذ من توجيه الأول أنه كالمكاتب بل أولى وإن خالف في ذلك البلقيني وقال قضية النص المنع ومحل الخلاف في الكافر إذا كان عبده كافرا .
أما إذا كان مسلما فليس له إقامة الحد عليه بحال كما صرح به ابن كج .
وقال الأذرعي إنه الأصح المختار " و " الأصح " أن السيد يعزر " رقيقه والثاني لا لأنه غير مضبوط فاختص بالإمام لأنه يحتاج إلى نظر واجتهاد .
تنبيه : .
محل الخلاف في حقوق الله تعالى أما حقوق نفسه وكذا حقوق غيره فيستوفيها قطعا " و " الأصح أن السيد " يسمع البينة " على رقيقه " بالعقوبة " لأنه يملك إقامة الحد فملك سماع البينة به كالإمام .
والثاني لا لأن سماعها مختص بالحكام وعلى الأول له النظر في تزكية البينة ولا بد كما في الروضة وأصلها من علمه بصفات الشهود وأحكام الحدود وإن كان جاهلا بغيرها فلو سمع البينة بزناه عالما بأحكامها أو قضى بما شاهده من زناه جاز وخرج بكونه عالما بأحكام البينة ما لو لم يكن عالما بها فلا يسمعها لعدم أهليته لسماعها وقضيته أنه ليس للمكاتب والكافر والفاسق والمرأة سماعها لعدم أهليتهم لسماعها فلا يحدون ببينة بل بإقرار أو بمشاهدة منهم .
وقال الأذرعي ويشبه أن يختص سماع البينة وجرحها وتعديلها بالرجل العدل لا مطلقا .
وقال الزركشي إطلاق المصنف السيد هنا بعد ذكره الكافر والمكاتب يوهم طرد ذلك فيهم وهو ممنوع وقد صرح الرافعي وغيره باعتبار الأهلية في سماع البينة وعلى هذا فيخرج الفاسق والمكاتب اه " .
وقال شيخي المراد يكون فيه أهلية سماع البينة أن يعرف أحكام الحدود وصفات الشهود وعلى هذا فيسمعها الفاسق وغيره وهو ظاهر كلام الشيخين .
تنبيه : .
هل للسيد أن يتولى لعان عبده فيما إذا قذف زوجته المملوكة لسيده بأن يلاعن بينهما وجهان أظهرهما الجواز كما هو قضية كلام أصل الروضة .
ثم أخذ في كيفية استيفاء الحد والآلة التي يرجم بها فقال " والرجم " للمحصن إلى موته " بمدر " أي طين متحجر " وحجارة معتدلة " أي ملء الكف كما اختاره الماوردي لا بحصيات خفيفة لئلا يطول تعذيبه ولا بصخرات تذففه فيفوت التنكيل المقصود كذا قالاه تبعا للإمام و الغزالي .
ونازع في ذلك البلقيني وقال يرمي بالخفيف والثقيل على حسب ما يجده الرامي وأطال في ذلك .
والاختيار في حجر الرمي كما قال الماوردي أن يكون ملء الكف .
تنبيه : .
جميع بدن المحصن محل للرجم المقاتل وغيرها .
لكن يختار كما قاله بعض المتأخرين أن يتوقى الوجه .
ويكون موقف الرامي بحيث لا يبعد عنه فيخطئه ولا يدنو منه فيؤلمه .
قال والأولى لمن حضره أن يرجمه إن رجم بالبينة وأن يمسك عنه إن رجم بالإقرار .
قال وينبغي أي يجب أن يستر عورة الرجل وجميع بدن الحرة عند الرجم ولا يربط ولا يقيد " ولا يحفر للرجل " عند رجمه سواء أثبت زناه ببينة أم بإقرار كما في الروضة وأصلها .
وفصل الماوردي والشيخ ( 4 / 154 ) أبو إسحق بين أن يثبت زناء ببينة فيسن أن يحفر له حفرة ينزل فيها إلى وسطه لتمنعه من الهرب أو بإقرار فلا يسن " والأصح استحبابه " أي الحفر " للمرأة " إلى صدرها " إن ثبت " زناها " ببينة " لئلا تنكشف والظاهر من الشهود عدم الرجوع بخلاف ما إذا ثبت بالإقرار ليمكنها الهرب إن رجعت والثاني يحفر لها مطلقا فقد ثبت الحفر في قصة الغامدية مع أنها كانت مقرة .
وأجاب الأول بأن ذلك فعل بيانا للجواز " ولا يؤخر " الرجم " لمرض وحر وبرد مفرطين " سواء أثبت زناه ببينة أم بإقرار لأن النفس مستوفاة ولا فرق بينه وبين الصحيح " وقيل يؤخر إن ثبت بإقرار " كما نص عليه في الأم وصححه جمع منهم صاحب التنبيه و القاضي الحسين لأن الظاهر رجوعه للندب إليه .
تنبيه : .
كلام المصنف يقتضي وجوب التأخير على هذا الوجه .
وقال البلقيني إنما هو مستحب قال ولم أر من تعرض له هنا وتعرضوا له في الجلد اه " .
ويجب التأخير في صورتين إحداهما الحامل فتؤخر إلى الوضع وانقضاء مدة الرضاع كما ذكره المصنف في باب استيفاء القصاص سواء أكان الحمل من زنا أم من غيره .
الثانية إذا أقر بالزنا ثم جن لا يحد في جنونه بل يؤخر حتى يفيق لأنه قد يرجع بخلاف ما لو ثبت بالبينة ثم جن قاله الرافعي في باب الردة " ويؤخر الجلد " وإن لم يهلك غالبا " لمرض " يرجى برؤه كالحمى والصداع لأن المقصود الردع لا القتل وقد يفضى الجلد حينئذ إلى القتل .
تنبيه : .
في معنى المرض النفاس ومن به جرح أو ضرب وكذا الحامل كما نص عليه في المختصر " فإن لم يرج برؤه " منه لزمانة أو كان نضوا " جلد " ولا يؤخر إذ لا غاية تنتظر لكن " لا بسوط " لئلا يهلك " بل بعثكال " وهو الذي يكون فيه البلح بمنزلة العنقود من الكرم " عليه مائة غصن " وهي الشماريخ بضرب به مرة إذا كان حرا لما رواه أبو داود عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أنه أخبره بعض الصحابة أن رجلا منهم اشتكى حتى أضنى فعاد جلده على عظمه فوقع على جارية لبعضهم فأمر النبي A أن يأخذوا له شمراخا فيضربوه بها ضربة واحدة " فإن كان " عليه " خمسون " غصنا " ضرب به مرتين " لتكمل المائة وإن كان رقيقا ضرب مرة واحدة وعلى هذا القياس .
تنبيه : .
العثكال بكسر العين وفتحها ويقال عثكول بضم العين وإثكال بإبدالها همزة مع ضم الهمزة وكسرها ولا يطلق إلا على شمراخ النخل ما دام رطبا أما إذا يبس فهو عرجون ولا يتعين العثكال بل يضرب به أو بالنعال أو بأطراف الثياب كما صرح به في أصل الروضة وإن نازع البلقيني في الضرب بالنعال " وتمسه " أي المجلود " الأغصان " جميعها " أو ينكبس بعضها على بعض ليناله بعض الألم " لئلا تبطل حكمة الحد فإذا انتفى ذلك أو شك فيه لم يسقط الحد فإن قيل قد اكتفوا في الأيمان بالضرب غير المؤلم فهلا كان كذلك أجيب بأن الأيمان مبنية على العرف والضرب غير المؤلم يسمى ضربا والحدود مبنية على الزجر وهو لا يحصل إلا بالإيلام " فإن برأ " بفتح الراء المجلود بعد أن ضرب بما ذكر " أجزأه " الضرب ولا يعاد به .
فإن قيل المغصوب إذا حج عنه ثم شفي وجب عليه إعادته فهلا كان هنا كذلك أجيب بأن الحدود مبنية على الدرء فإن برىء قبل ذلك حد حد الأصحاء أو في الأثناء كمل حد الأصحاء واعتد بما مضى كما بحثه الزركشي وهو نظير ما لو قدر في أثناء الصلاة على القيام فلو ضرب بما ذكر من يرجى برؤه فبرأ لم يجزه ويخير من له حد قذف على مريض بين الضرب بعثكال ونحوه وبين الصبر إلى برئه كما جرى عليه ابن المقري تبعا للإسنوي وقيل يجلد بالسياط سواء أرجى برؤه أم لا لأن حقوق الآدميين مبنية على المضايقة ورجحه في أصل الروضة في استيفاء القصاص وأسقطه ابن المقري هناك ( 4 / 155 ) وقال الزركشي أنه خلاف المنصوص عليه في الأم " ولا جلد في " مرض أو " حر وبرد مفرطين " أي شديدين بل يؤخر إلى البرء واعتدال الوقت خشية الهلاك وكذا القطع في السرقة بخلاف القصاص وحد القذف .
تنبيه : .
لو كان في بلاد لا ينفك حرها أو بردها لم يؤخر ولم ينقل إلى البلاد المعتدلة كما قاله الماوردي و الروياني لما فيه من تأخير الحد ولحوق المشقة وقوبل إفراط الحر والبرد بتخفيف الضرب ليسلم من القتل كما في المرض الملازم " وإذا جلد الإمام في مرض أو حر وبرد " مفرطين فمات المجلود سراية " فلا ضمان على النص " في الأم لأن التلف حصل من واجب أقيم عليه .
لفإن قيل لو ختنه في حر أو برد مفرط ضمن كما نص عليه في المختصر فهلا كان هنا كذلك أجيب بأن الجلد ثبت بالنص والختان بالاجتهاد فأشبه التعزير واقتصار المصنف على عدم الضمان في الحر والبرد والمرض قد يشعر بوجوبه إذا كان الزاني نضو الخلق لا يحتمل السياط فجلده بها فمات وهو الظاهر كما قاله الزركشي لأن جلد مثله بالعثكال لا بالسياط وحكي في الكفاية عن القاضي أبي الطيب عدم الضمان وخرج بالإمام السيد فلا يضمن رقيقه جزما " فيقتضي " نص الأم " أن التأخير مستحب " وهو ما قاله الإمام لكن صحح في زيادة الروضة وجوب التأخير سواء أقلنا بالضمان أم لا .
قال الأذرعي وهو المجزوم به في الحاوي والمهذب وغيرهما .
خاتمة للمقتول حدا بالرجم أو غيره حكم موتى المسلمين من غسل وتكفين وصلاة وغيرها كتارك الصلاة إذا قتل ولأنه A صلى على الجهنية وأمر بالصلاة على الغامدية ودفنها وفي رواية صلى هو عليها أيضا