أي القتل وعبر به للزومه له غالبا " والقسامة " وهي بفتح القاف اسم للأيمان التي تقسم على أولياء الدم .
مأخوذة من القسم وهو اليمين وقيل اسم للأولياء وذكر في الباب أيضا الشهادة على الدم واستغنى عن الترجمة لها لأن الدعوى بالدم تستبع الشهادة واستفتح الباب في المحرر بحديث البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه إلا في القسامة وفي إسناده لين .
وأول من قضى بها الوليد بن المغيرة في الجاهلية وأقرها الشارع في الإسلام .
ويشترط .
لكل دعوى بدم أو غيره كغصب أو سرقة وإتلاف ستة شروط أحدها أن تكون معلومة غالبا بأن " يفصل ما يدعيه من عمد وخطأ " وشبه عمد " و " من " انفراد وشركة " وعدد الشركاء في قتل يوجب الدية لاختلاف الأحكام بذلك .
نعم إن قال أعلم أنهم لا يزيدون على عشرة مثلا سمعت دعواه وطالب بحصة المدعي عليه فإن كان واحدا طالبه بعشر الدية فإن أوجب القود لم يجب في الأصح بيان عدد الشركاء .
تنبيه : .
قال الماوردي يستثنى من وجوب التفصيل السحر فلو ادعى على ساحر أنه قتل أباه مثلا بسحره لم يفصل في الدعوى بل يسأل الساحر ويعمل بمقتضى بيانه وهذا هو الظاهر وإن قال في المطلب إطلاق غيره يخالفه " فإن أطلق " المدعي دعواه كقوله هذا قتل أبي " استفصله القاضي " ندبا عما ذكر لنصح بتفصيله دعواه وإن اقتضى كلام المصنف الوجوب فيقول له كيف قتله عمدا أم خطأ أم شبه عمد فإن عين نوعا منها سأل عن صفته لأنه نطق عن صفته العمد محضا " وقيل " لا يستفصل القاضي بل " يعرض عنه " لأنه ضرب من التلقين ومنع الأول كونه تلقينا بل التلقين أن يقول له قل قتله عمدا أو خطأ أو شبه عمد .
وثانيها أن تكون ملزمة فلا تسمع دعوى هبة شيء أو بيعه أو إقراره به حتى يقول المدعي وقبضته بإذن الواهب ويلزم البائع أو المقر التسليم إلي .
و .
ثالثها " أن يعين " المدعي في دعواه المدعي عليه " واحدا كان أو جمعا معينا كثلاثة حاضرين " فلو قال قتله أحدهم " فأنكروا طلب تحليفهم " لا يحلفهم القاضي في الأصح " للإبهام كما لو ادعى دينا على أحد رجلين .
والثاني يحلفهم وجزم به الشيخان في مسقطات اللوث .
قال الإسنوي وغيره وهو خلاف الصحيح فقد مر أول الباب أنه لو قال قتله أحد هؤلاء وطلب من القاضي تحليف كل واحد لم يجبه للإبهام وسبب ما وقع فيه الرافعي هنا أن الغزالي في الوجيز ذكره هنا كذلك وهو ممن يصحح سماع الدعوى على غير المعين نقله ذاهلا عما مر اه " .
وجمع شيخي بين الموضعين بأن ما في أول الباب عند عدم اللوث وهو ما جرى عليه المصنف هنا وما في مسقطات اللوث عند وجوب اللوث وعلى هذا فإن نكل واحد منهم عن اليمين فذلك لوث في حقه لأن نكوله يشعر بأنه القاتل فللولي أن يقسم عليه .
فلو نكلوا كلهم عن اليمين أو قال عرفته فله تعيينه ويقسم عليه لأن اللوث حاصل في حقهم جميعا وقد يظهر بعد الاشتباه أن القاتل هو الذي عينه ولا يختص الوجهان المذكوران بدعوى الدم " و " حينئذ " يجريان في دعوى غصب وسرقة وإتلاف " ونحوها إذ السبب ليس لصاحب الحق فيه اختيار والمباشر له يقصد الكتمان فأشبه الدم .
تنبيه : .
ضابط محل الخلاف أن يكون سبب الدعوى ينفرد به المدعى عليه فيجهل تعيينه بخلاف دعوى البيع والقرض وسائر المعاملات لأنها لم تنشأ باختيار المتعاقدين وشأنها أن يضبط كل واحد منهما صاحبه .
فرع .
لو نشأت الدعوى عن معاملة وكيله .
أو عبده المأذون وماتا أو صدرت عن مورثه قال البلقيني احتمل ( 4 / 110 ) إجراء الخلاف للمعنى واحتمل أن لا يجري لأن أصلها معلوم .
قال ولم أر من تعرض لذلك اه " .
وإجراء الخلاف أوجه .
و .
رابعها ما تضمنه قوله " إنما تسمع " الدعوى " من مكلف " أي بالغ عاقل حالة الدعوى فلا تسمع دعوى صبي ولا مجنون ولا يضركونه صبيا أو مجنونا أو أجنبيا حالة القتل إذا كان بصفة الكمال عند الدعوى لأنه قد يعلم الحال بالتسامع ويمكنه أن يحلف في مظنة الحلف إذا عرف ما يحلف عليه بإقرار الجاني أو سماع كلام من يثق به كما لو اشترى عينا وقبضها فادعى رجل ملكها فله أن يحلف أنه لا يلزمه التسليم إليه اعتمادا على قول البائع .
أفهم اشتراطه التكليف أن السكران المتعدي بسكره لا تصح دعواه فإنه عنده ليس بمكلف كما مر في الطلاق وإلا لاستثناه كما استثناه في الطلاق .
ويجاب بأنه سكت عنه لما علم من هناك وأنه لا يشترط في المدعي الرشد فتصح دعوى السفيه كما صرح به في المحرر لكن لا يقول في الدعوى واستحق تسليم ذلك بل يقول تسليمه إلى ولي " ملتزم " فلا تسمع من حربي لأنه لا يستحق قصاصا ولا غيره قال في المهمات وما ذكره الشيخان من أن دعوى الحربي لا تسمع ذهول عن قواعد مذكورة في السير فقد نصوا هنا على أن الحربي لو دخل بأمان وأودع عندنا مالا ثم عاد للاستيطان لم ينقض الأمان فيه على الصحيح وذكر مسائل من ذلك ولهذا قال الزركشي إن الصواب حذف قيد الالتزام .
ويجاب عن قول صاحب المهمات بأن ما هنا في حربي لا أمان له وما في السير في حربي له أمان فلا مخالفة وعن قول الزركشي بأن المراد بالملتزم من له أمان فيدخل المعاهدة فإنه لا توقف في سماع دعواه بماله الذي استحقه على مسلم أو ذمي أو مستأمن مثله ولا في دعواه دم مورثه الذمي أو المستأمن .
وخامسها أن تكون الدعوى " على " مدعى عليه " مثله " أي المدعى عليه في كونه مكلفا فلا تصح الدعوى على صبي ومجنون بل أن توجه على الصبي أو المجنون حق مالي ادعى مستحقه على وليهما فإن لم يكن ولي حاضر فالدعوى عليهما كالدعوى على الغائب فلا تسمع إلا أن يكون هناك بينة ويحتاج معها إلى يمين الاستظهار كما سيأتي إن شاء الله تعالى في باب القضاء على الغائب فعلم من ذلك أن لا تنافي بين البابين فما هنا محله عند حضور وليهما وما هناك عند غيبته .
تنبيه : .
دخل في المكلف المحجور عليه بالسفه والفلس والرق فتسمع الدعوى عليهم فيما يصح إقرارهم به فتسمع الدعوى على المحجور عليه بالسفه بالقتل ثم إن كان هنا لوث سمعت مطلقا سواء أكان عمدا أم خطأ أم شبه عمد وإن لم يكن لوث فإن ادعى ما يوجب القصاص سمعت لأن إقراره مقبول وكذلك حد القذف فإن أقر أمضى حكمه وإن نكل حلف المدعى واقتص وإن ادعى خطأ أو شبه عمد لم تسمع إذ لا يقبل إقراره بالإتلاف وتسمع على كل من المحجور عليه بفلس أو رق فيما يقبل إقراره فيه وسيأتي إن شاء الله تعالى تحرير ذلك في الدعاوى وأما كونه ملتزما فليس في المحرر والشرحين والروضة هنا تعرض له وإنما فيها اشتراط التكليف خاصة .
لكن إذا شرط الالتزام في المدعي ففي المدعى عليه أولى .
قال الزركشي والظاهر أنه ليس بشرط هنا أيضا كما سبق انتهى .
ويجاب عنه بما مر فتصح الدعوى على المستأمن وأما الحربي فإن لم يلزمه المدعى به لإتلافه في حال حرابته لم يسمع وإن أتلفه في حال التزامه سمعت وهو إذ ذاك ليس بحربي .
و .
سادسها أن لا تتناقض دعوى المدعى وحينئذ " لو ادعى " على شخص " انفراده بالقتل ثم ادعى على آخر " أنه شريكه أو منفرد " لم تسمع " الدعوى " الثانية " لما فيه من تكذيب الأولى ومناقضتها وسواء أقسم على الأولى ومضى الحكم فيه أم لا .
تنبيه : .
قد يفهم كلامه بقاء الدعوى الأولى بحالها وفيها تفصيل وهو أنه إن كان قبل الحكم بها لم يمكن من العود إليها كما جزم به في الروضة وأصلها لأن الثانية تكذبها .
وإن كان بعده مكن من العود إليها إلا أن يصرح بأنه ليس بقاتل .
ومحل عدم سماع الثانية ما إذا لم يصدقه الثاني فإن صدقه فهو مؤاخذة بإقراره وتسمع الدعوى عليه على الأصح في أصل الروضة لأن الحق لا يعدوهما .
أو .
ادعى " عمدا ووصفه بغيره " من خطأ أو شبه عمد وعكسه ( 4 / 111 ) بطل الوصف فقط و " لم يبطل أصل الدعوى " وهو دعوى القتل " في الأظهر " لأنه قد يظن ما ليس بعمد عمدا وعكسه وحينئذ يعتمد تفسيره ويمضي حكمه .
والثاني يبطل لأن في دعوى العمد اعترافا ببراءة العاقلة .
تنبيه : .
ظاهر كلامه على الأول عدم احتياجه إلى تجديد دعوى لكن جزم بتجديدها ابن داود في شرح المختصر .
ولما فرغ المصنف C تعالى من شروط دعوى الدم شرع في المترتب عليها وهي القسامة معرضا لمحلها فقال " وتثبت القسامة " وسبق تفسيرها " في القتل " للنفس لا في غيره من جرح أو إتلاف مال كما سيأتي ويعتبر كون القتل " بمحل " أي مكان " لوث " بالمثلثة " وهو " أي اللوث لغة القوة .
ويقال الضعف يقال لاث في كلامه أي تكلم بكلام ضعيف واصطلاحا " قرينة " حالية أو مقالية " لصدق " أي تدل على صدق " المدعي " بأن يغلب على الظن صدقه وفسر القرينة بقوله " بأن " أي كأن " وجد قتيل " أو بعضه كرأسه إذا تحقق موته " في محلة " منفصلة تلك المحلة عن بلد كبير كما في الروضة وأصلها ولا يعرف قاتله ولا بينة بقتله " أو " في " قرية صغيرة لأعدائه " سواء في ذلك العداوة الدينية والدنيوية إذا كانت تبعث على الانتقام بالقتل ولم يساكنهم في القرية غيرهم لاحتمال أن الغير قتله وهل يشترط أن لا يخالطهم غيرهم حتى لو كانت القرية على قارعة الطريق وكان يطرقها المسافرون والمجتازون فلا لوث أو لا يشترط وجهان أصحهما في الشرح والروضة الثاني لكن المصنف في شرح مسلم حكى الأول عن الشافعي وصوبه في المهمات وقال البلقيني أنه المذهب المعتمد والمراد على كلا القولين بغيرهم من لم تعلم صداقته للقتيل ولا كونه من أهله كما قاله ابن أبي عصرون .
تنبيه : .
قول المصنف لأعدائه يقتضي اعتبار عدواتهم للقتيل وليس بشرط بل يكفي أن يكونوا أعداء لقبيلته .
فروع لو انفرد أهل المحلة أو القرية بحيث لا يدخلها غيرهم لم يشترط العداوة كما صرح به الغزالي في زوائده واستظهره ابن الرفعة والموجود بقرب القرية كمن هو فيها إذا لم يكن هناك عمارة أخرى ولا من يقيم بالصحراء .
قال الأذرعي ويشبه اشتراط أن لا يكون هناك طريق جادة كثيرة الطارقين ولو وجد قتيل بين قريتين أو قبيلتين ولم يعرف بينه وبين إحداهما عداوة لم نجعل قربه من إحداهما لوثا كما نقله الرافعي عن المتولي وأقره ولو وجد بعض قتيل في محلة أعدائه وبعضه في أخرى لأعداء له آخرين فللولي أن يعين ويقسم وله أن يدعى عليهما ويقسم " أو " وجد قتيل " تفرق عنه جمع " كأن ازدحموا على بئر أو باب الكعبة ثم تفرقوا عن قتيل لقوة الظن أنهم قتلوه ولا يشترط هنا كونهم أعداء لكن يشترط أن يكونوا محصورين بحيث يتصور اجتماعهم على القتيل .
قال وإلا لم تسمع الدعوى ولم يقسم فلو ادعى على عدد منهم يتصور اجتماعهم على القتيل قال الرافعي ينبغي أن تسمع ويمكن من القسامة قال الأذرعي وقد صرح الدارمي بمقتضى ما قاله الرافعي ونقله عن النص .
ثم قال وقال ابن سريج لا يقبل لأن شرطه أن لا يخالطهم غيرهم فإذا أبرأ البعض خالطوهم اه " .
وهذا إنما يأتي على ما في شرح مسلم .
وأما على ما في الروضة فلا تضر المخالطة .
تنبيه : .
لا يشترط في اللوث والقسامة ظهور دم ولا جرح لأن القتل يحصل بالخنق وعسر البيضة ونحوهما فإذا ظهر أثره قام مقام الدم فلو لم يوجد أثرا أصلا فلا قسامة على الصحيح في الروضة وأصلها وإن قال في المهمات إن المذهب المنصوص وقول الجمهور ثبوت القسامة " ولو تقابل صفان لقتال " واقتتلوا " وانكشفوا عن قتيل " من أحدهما طرى كما قاله بعض المتأخرين " فإن التحم " أي اختلط " قتال " من بعضهم لبعض أو لم يلتحم ولكن وصل سلاح أحدهما للآخر كما في الروضة وأصلها وكان كل منهما يلزمه ضمان ما أتلفه على الآخر كما قاله الفارقي " فلوث في حق " أهل " الصف الآخر " لأن الظاهر أن أهل صفه لا يقتلونه سواء أوجد بين الصفين أم في صف نفسه ( 4 / 112 ) أم في صف خصمه " وإلا " بأن لم يلتحم قتال ولا وصل سلاح أحدهما للآخر " ف " لوث " في حق " أهل صفه أي القتيل لأن الظاهر أنهم قتلوه " وشهادة العدل " الواحد " لوث " لحصول الظن بصدقه .
قال في المطلب ولا بد من البيان فقد يظن ما ليس بلوث لوثا .
تنبيه : .
قضية كلامه اعتبار صيغة الشهادة عند حاكم بعد دعوى وليس مرادا ففي أصل الروضة سواء تقدمت شهادته على الدعوى أم تأخرت ذكره الرافعي بحثا وقال في لفظ الوجيز إشعار به وقال البلقيني إنه مقتضى كلام الشافعي والأصحاب لكن يشترط في شهادته البيان فقد يظن ما ليس بلوث لوثا .
تنبيه : .
إنما تكون شهادة العدل لوثا في القتل العمد الموجب للقصاص فإن كان في خطأ أو شبه عمد لم يكن لوثا بل يحلف معه يمينا واحدة ويستحق المال كما صرح به الماوردي وإن كان عمدا لا يوجب قصاصا كقتل المسلم الذمي فحكمه حكم قتل الخطأ في أصل المال لا في صفته " وكذا عبيد أو نساء " أي شهادتهم لوث لأن ذلك يفيد غلبة الظن .
تنبيه : .
تعبيره بالجمع يخرج الاثنين وليس مرادا فإن الذي في الشرح والروضة عن التهذيب أن شهادة عبدين أو امرأتين كشهادة الجمع بل في الوجيز أن القياس أن قول واحد منهم لوث وعليه مشى الحاوي الصغير ونقله في الذخائر عن اختيار الإمام وهو الظاهر وسواء في شهادة من ذكر جاءوا مجتمعين أو متفرقين " وقيل يشترط تفرقهم " لاحتمال التواطؤ حالة الاجتماع والأصح المنع كما اقتضاه كلامه وصرح بتصحيحه في أصل الروضة لأن احتمال التواطؤ كاحتمال الكذب في شهادة الواحد وقد حكى الرافعي في شهادتهم إذا جاءوا دفعة وجهين أشهرهما المنع وأقواهما أنه لوث واقتصر في الروضة على الأصح بدل الأقوى وهذا كله إذا شرطنا التعدد فإن لم نشرط فلا خلاف في أنه يكتفي بهم متفرقين ومجتمعين هذا فيمن تقبل روايته .
وأما غيره فلا بد فيه من جمع كما قال " وقول " أي أخبار " فسقة وصبيان وكفار لوث في الأصح " لأن الغالب أن اتفاق الجمع على الإخبار عن الشيء كيف كان لا يكون إلا عن حقيقة .
والثاني المنع إذ لا اعتبار بقولهم وصححه البلقيني .
والثالث خص المنع بالكفار .
تنبيه : .
لا فرق على الأول بين أن يخيروا مجتمعين متفرقين على الخلاف المتقدم ويشترط في إخبارهم البيان كما مر ومن اللوث لهج الخاص والعام بأن فلانا قتل فلانا كما نقلاه عن البغوي وأقراه أو رئي في موضعه رجل يحرك من بعده يده كضارب بسيف أو وجد عنده رجل سلاحه ملطخ بدم أو على ثوبه أو بدنه أثره ما لم يكن قرينة تعارضه كأن وجد بقربه سبع أو رجل آخر مول ظهره أو غير مول كما في الأنوار لا يكون لوثا في حقه ومنه إخبار عدل أن فلانا قتله أحد هذين فللولي أن يدعي عليهما وله أن يعين أحدهما ويدعي عليه بخلاف ما لو أخبر أن فلانا قتل أحد هذين فلا يكون لوثا لأنه لا يقع في القلب صدق ولي أحدهما .
ويؤخذ من هذه العلة أنه لو كان وليهما واحدا كان لوثا وبه صرح ابن يونس .
قال ابن الرفعة ويقوي ما قاله ما لو كانت ديتها متساوية .
قال الإسنوي ويؤيده ما لو عجز الشهود عن تعيين الموضحة فإنه يجب الأرش لأنه لا يختلف باختلاف محلها وقدرها بخلاف القصاص لتعذر الممائلة وما لو شهدا أنه قطع يد زيد ولم يعينا وكان زيد مقطوع اليدين فإن الدية تجب لا القصاص لما مر ولو كان مقطوع واحدة نزل على المقطوعة كما صوب المصنف الجزم به وقول المجروح جرحني فلان أو قتلني أو دمي عنده أو نحو ذلك ليس بلوث لأنه مدع فلا يعتمد قوله .
وقد يكون بينه وبينه عداوة فيقصد إهلاكه .
ثم شرع المصنف في مسقطات اللوث وهي متعددة ذكر منها ثلاثة أمور .
الأول تكاذب الورثة كما ذكر ذلك بقوله " ولو ظهر لوث " في قتيل " فقال أحد ابنيه " مثلا " قتله ( 4 / 113 ) فلان " وظهر عليه لوث " وكذبه الآخر " فقال لم يقتله " بطل اللوث " لأن الله تعالى أجرى العادة بحرص القريب على التشفي من قاتل قريبه وأنه لا يبرئه فعارض هذا اللوث فسقطا فلا يحلف المدعي لانخرام ظن القتل بالتكذيب الدال على أنه لم يقتله .
وفرقوا بينه وبين ما لو ادعى أحد وارثين دينا للمورث وأقام به شاهدا وكذبه الآخر حيث لا يمنع تكذيبه حف المدعي مع الشاهد بأن شهادة الشاهد حجة في نفسها وهي محققة وإن كذب الآخر واللوث ليس بحجة وإنما هو مثير للظن فيبطل بالتكذيب .
قال البلقيني ومحله إذا لم يثبت اللوث بشهادة واحد في خطأ أو شبه عمد وإلا لم يبطل بتكذيب أحدهما قطعا وفيه كما قال ابن شهبة نظر فقد مر أن شهادة العدل إنما تكون لوثا في قتل العمد " وفي قول لا " يبطل حقه من اللوث ورجحه البلقيني كسائر الدعاوى لا يسقط حق المدعي بتكذيب أحد الوارثين .
وعليه فيحلف المدعي خمسين يمينا ويأخذ حقه من الدية " وقيل لا يبطل " اللوث " بتكذيب فاسق " لأن قوله غير معتبر في الشرع والأصح المنصوص أنه لا فرق بينه وبين العدل لأن قبول الفاسق فيما يسقط حقه مقبول لانتفاء التهمة .
فإن قيده الشافعي رضي الله تعالى عنه في المختصر بقوله وهو عدل .
أجيب بأن مراده بالعدالة كونه من أهل القبول فلا يكون صغيرا ولا مجنونا .
تنبيه : .
محل الخلاف بالنسبة إلى المدعي أما بطلان اللوث بالنسبة إلى المكذب فلا خلاف فيه كما صرح به في البيان وغيره .
قال البلقيني ومحله أيضا في المعين لا في أهل محلة ونحوهم ثبت في حقهم لوث فعين أحد الوارثين واحدا منهم وكذبه الآخر وعين غيره ولم يكذبه أخوه فيما قال فلا يبطل حق الذي كذب من الذي عينه قطعا لبقاء أصل اللوث وانخرامه إنما هو في ذلك المعين الذي تكاذبا فيه .
وأفهم تصوير المصنف بالتكذيب أنه لو قال الآخر لا أعلم أنه قتله لا يبطل اللوث وهو كذلك قطعا كما قاله ابن الرفعة وإن سكت ولم يكذبه ولم يصدقه لم يبطل أيضا كما في المعتمد وغيره .
ولو .
لم يتكاذب ابنا القتيل مثلا بل " قال أحدهما قتله زيد ومجهول " عندي " وقال الآخر " قتله " عمرو ومجهول " عندي " حلف كل " منهما " على من عينه " منهما إذ لا تكاذب بينهما لاحتمال أن الذي أبهم ذكره هو الذي عينه الآخر وكذلك بالعكس " وله " أي لكل منهما " ربع الدية " لاعترافه بأن الواجب عليه نصفها وحصته منه نصفه ولو رجعا وقال كل منهما بان لي الذي أبهمته هو الذي عينه أخي فلكل أن يقسم على الآخر ويأخذ ربع الدية وهل يحلف كل منهما في المرة الثانية خمسين يمينا أو نصفها فيه خلاف ويؤخذ مما سيأتي ترجيح الثاني ولو قال المجهول غير من عينه أخي رد كل منهما ما أخذه لتكاذبهما ولكل منهما تحليف من عينه وإن قال ذلك أحدهما رد صاحبه وحده ما أخذه ولصاحبه أن يحلف من عينه ولو قال أحدهما قتله زيد وعمرو وقال الآخر بل زيد وحده أقسما على زيد لاتفاقهما عليه وطالباه بالنصف ولا يقسم الأول على عمرو لأن أخاه كذبه في الشركة وللأول تحليف عمرو فيما بطلت فيه القسامة وللثاني تحليف زيد فيه ثم شرع في الأمر الثاني من مسقطات اللوث وهو إنكار المدعي عليه المشاركة المذكورة بقوله " ولو أنكر المدعي عليه اللوث في حقه فقال " قبل أن يقسم المدعي " لم أكن مع " القوم " المتفرقين عنه " أي القتيل " صدق بيمينه " لأن الأصل براءة ذمته من القتل وعلى المدعي البينة على الأسارة التي يدعيها وهي عدلان كما ذكره القاضي الحسين فإن لم يكن بينة حلف المدعى عليه على نفيها وسقط اللوث ويبقى مجرد الدعوى " .
تنبيه : .
لو قال كنت غائبا وقت القتل فعلى المدعى البينة فإن أقام كل بينة قدمت بينة الغيبة لزيادة علمها كما في التهذيب .
قال في الروضة كأصلها هذا عند اتفاقهما على حضوره من قبل ولم يبينا الحكم عند عدم الاتفاق وحكمه التعارض .
ثم شرع في الأمر الثالث من مسقطات اللوث وهو ظهور اللوث بأصل القتل بقوله " ولو ظهر لوث " في ( 4 / 114 ) قتيل لكن " بأصل " أي مطلق " قتل دون " تقييده بصفة " عمد وخطأ " وشبه عمد " فلا قسامة " حينئذ " في الأصح " لأن مطلق القتل لا يفيد مطالبته القاتل بل لا بد من ثبوت العمد ولا مطالبة العاقلة بل لا بد أن يثبت كونه خطأ أو شبه عمد والثاني نعم صيانة عن الإهدار ورجحه في المطلب وعلى هذا يحكم بالأخف حكما وهو الخطأ لأنه المحقق لكن تكون الدية في ماله لا على عاقلته .
تنبيه : .
أطلق المصنف الخلاف وتصويره مشكل فإن الدعوى لا تسمع إلا مفصلة كما سبق وجعله الرافعي فيما إذا ادعى الولي وفصل وظهرت الأمارة في أصل القتل دون صفته .
قال وكذا إذا وقعت الدعوى مطلقة وجوزناه وظهر اللوث في مطلق القتل فيجيء فيه هذا الخلاف أيضا واعلم أن القسامة من خصيصة قتل النفس .
و .
حينئذ " لا يقسم في " ما دون النفس من قطع " طرف " على الصحيح ولو بلغ دية نفس وجرح " وإتلاف مال " بل القول في ذلك قول المدعى عليه بيمينه ولو قال هناك لوث لأن النص ورد في النفس لحرمتها فلا يتعدى إلى ما دونها كما اختصت بالكفارة .
تنبيه : .
كلام المصنف ناقص عن عبارة المحرر فإنه قال ولا قسامة في الجراحات وقطع الأطراف والأموال فأسقط المصنف الجراحات ولو قال ولا يقسم فيما دون النفس كما قدرته في كلامه لشملها وكان أخصر وعدم القسامة في المال مجزوم به وفي الأطراف على الصحيح كما قدرته في كلامه أيضا وإن أشعر كلامه بالتسوية بينهما .
ثم استثنى من عدم القسامة في المال الرقيق فقال " إلا في " قتل " عبد " أو أمة مع لوث فيقسم السيد على من قتله من حر أو رقيق " في الأظهر " بناء على أن بدل الرقيق تحمله العاقلة ومنهم من قطع به لحرمة النفس كالقصاص والثاني لا قسامة فيه بناء على أن بدله لا تحمله العاقلة فهو ملحق بالبهائم .
تنبيه : .
جريان الخلاف لا فرق فيه بين كونه قنا أو مدبرا أو مكاتبا أو أم ولد .
ثم شرع في صفة القسامة بقوله " وهي " أي القسامة أن " يحلف المدعي " الوارث ابتداء " على قتل " النفس ولو ناقصة كامرأة وذمي " ادعاه " مع وجود اللوث " خمسين يمينا " لخبر الصحيحين عن سهل بن خثمة قال انطلق عبد الله بن سهل ومحيصة بن مسعود إلى خيبر وهي يومئذ صلح فتفرقا فأتى محيصة إلى عبد الله بن سهل وهو يتشحط في دمه قتيلا فدفنه ثم قدم المدينة فانطلق عبد الرحمن بن سهل وحويصة ومحيصة ابنا مسعود إلى رسول الله A فذهب عبد الرحمن يتكلم فقال له A كبر كبر وهو أحدث القوم .
فسكت فتكلما وأنكر اليهود القتل فقال A أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم وفي رواية يحلفون خمسين يمينا ويستحقون دم قاتلكم أو صاحبكم .
قالوا كيف نأخذ بقول كفار فعقله النبي A وهذا مخصص لخبر البيهقي البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه .
وقيل إن الخمسين تسقط على الدية الكاملة فيحلف في المرأة خمسة وعشرين يمينا .
وفي اليهودي والنصراني سبعة وعشرين .
وصورة التعدد أن يأتي الحالف بالقسم خمسين مرة يأتي بعد كل مرة منها بما تقدم اشتراطه لا أنه يأتي به بعد تمامها لأن ذلك تكرير للقسم لا لليمين .
ذكره في المطلب عن نص الشافعي وبمثله صرحوا في اللعان وهل يشترط أن يقول في اليمين وقتله وحده أو مع زيد أو عمدا أو خطأ أو شبه عمد أو لا وجهان أوجههما الثاني بل هو مستحب لأنه يذكر ذلك في دعواه .
والحلف يتوجه إلى الصفة التي أحلفه الحاكم عليها .
فيقول والله لقد قتل هذا .
ويشير إليه إن كان حاضرا ويرفع في نسبه إن كان غائبا ويعرفه بما يمتاز به من قبيلة أو حرفة أو لقب .
تنبيه : .
احترز بقوله المدعي عن المدعى عليه فإنه لو حلف إما ابتداء حيث لا لوث أو عند نكول المدعى مع اللوث لا يسمى قسامة فإنها عندنا الأيمان التي يحلفها المدعي ولا بد أن يكون اليمين في جهة المدعي ابتداء حتى ( 4 / 115 ) لو كانت اليمين في جهة المدعى عليه ابتداء ثم ردها على المدعي وحلف لا يسمى قسامة أيضا كما قيدت به كلامه وقيدت المدعي أيضا بكونه وارثا احترازا عن صورة هي ما لو أوصى للمستولدة سيدها بقيمة عبد المقتول وهناك لوث ومات السيد فلها الدعوى على النص وليس لها أن تقسم في الأظهر وإنما الذي يقسم هو الوارث وقوله على قتل أورد عليه الجنين فإنه يقسم عليه ولا يسمى قتيلا إذ لم يتحقق حياته وأجيب بأن منعه التهيؤ للحياة في معنى القتل .
وأورد عليه أيضا قد الملفوف فإنه يقسم فيه مع أنه لا يتحقق فيه حالة القتل حياة مستقرة .
وأجيب بأن المراد تحقق الحياة المستقرة في الجملة وقد تحققت قبل ذلك ويندب للقاضي أن يحذر المدعي إذا أراد أن يحلف ويأمر بتقوى الله D ويقرأ عليه " إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا " الآية ويعرفه إثم اليمين الفاجرة والقول في تغليظ اليمين زمانا ومكانا ولفظه فيه ما سبق في اللعان ومنه ما هو مؤخر إلى الدعوى والبينات .
ولا يشترط موالاتها .
أي الأيمان فلو حلفه القاضي خمسين يمينا في خمسين يوما صح " على المذهب " لأن الأيمان من جنس الحجج والحجج يجوز تفريقها كما لو شهد الشهود متفرقين وقيل يشترط لأن للموالاة أثرا في الزجر والردع وهذا هو الأشبه في اللعان وفرق الأول بينهما بأن اللعان أولى بالاحتياط لأنه تتعلق به العقوبة البدنية ويختل به النسب وتشيع الفاحشة " ولو تخللها " أي الأيمان " جنون " من الحالف " أو إغماء " منه " بنى " إذا أفاق على ما مضى ولا يجب الاستئناف .
إما على عدم اشتراط الموالاة فظاهر وإما على اشتراطها فلقيام العذر وهذا بخلاف ما لو عزل القاضي أو مات في خلالها فإنه لا يبني بل يستأنف إلا إن عاد المعزول فيبني المدعي بناء على أن الحاكم يحكم بعلمه وإنما يستأنف فيما إذا ولي غيره تشبيها بما لو عزل القاضي أو مات بعد سماع البينة وقبل الحكم وبما لو أقام شاهدا واحدا وأراد أن يحلف معه فعزل القاضي وولى آخر لا بد من استئناف الدعوى والشهادة " ولو مات " الولي المقسم في أثناء الأيمان " لم يبن وارثه " بل يستأنف " على الصحيح " المنصوص لأن الأيمان كالحجة الواحدة ولا يجوز أن يستحق أحد شيئا بيمين غيره وليس كما لو أقام شطر البينة .
ثم مات حيث يضم وارثه إليه الشطر الثاني ولا يستأنف لأن شهادة كل شاهد مستقلة بدليل أنه إذا انضمت اليمين إليها قد يحكم بهما بخلاف أيمان القسامة لا استقلال لبعضها بدليل أنه لو انضم إليه شهادة شاهد لا يحكم بهما والثاني يبني لأنا إذا كنا نبني يمين بعض الورثة في توزيع القسامة عليهم فبناء الوارث على يمين المورث أولى .
أما إذا تمت أيمانه قبل موته فلا يستأنف وارثه بل يحكم به كما لو أقام بينة ثم مات .
وأما وارث المدعى عليه فيبني على أيمانه إذا تخلل موته الأيمان وكذا يبني المدعى عليه لو عزل القاضي أو مات خلالها وولي غيره والفرق بين المدعي والمدعى عليه أن يمين المدعى عليه للنفي فتنفذ بنفسها ويمين المدعي للإثبات فيتوقف على حكم القاضي والقاضي الثاني لا يحكم بحجة أقيمت عند الأول .
تنبيه : .
عزل القاضي وموته بعد تمام الأيمان كهما في أثنائها في طرف المدعي وطرف المدعى عليه فيأتي فيه ما مر " ولو كان للقتيل ورثة " خاصة ثنان فأكثر " وزعت " أي الأيمان الخمسون عليهم " بحسب الإرث " لأن ما ثبت بأيمانهم يقسم بينهم على فرائض الله تعالى فوجب أن يكون اليمين كذلك وخرج بقولنا خاصة ما لو كان هناك وارث غير حائز وشريكه بيت المال فإن الأيمان لم توزع بل يحلف خمسين يمينا كما لو نكل بعض الورثة أو غاب يحلف الحاضر خمسين ففي زوجة وبنت تحلف الزوجة عشرا والبنت أربعين يجعل الأيمان بينهما أخماسا لأن سهامهما خمسة وللزوجة منها واحد ولا يثبت الباقي بذلك بل حكمه كمن مات بلا وارث وسيأتي حكمه .
تنبيه : .
قوله بحسب الإرث ليس فيه بيان أنه يحسب أسماء فرائضهم أو سهامهم وذلك يظهر أثره في العول كزوج وأم وأختين لأب وأختين لأم أصلها من ستة وتعول إلى عشرة فهل تقسم الأيمان بينهم على أصل الفريضة أو على الفريضة وعولها وجهان أصحهما كما في الحاوي والثاني فيحلف الزوج على هذا خمس عشرة وكل أخت ( 4 / 116 ) لأب عشرة وكل أخت لأم خمسة والأم خمسة وفي صور الجد مع الإخوة تقسم الأيمان كقسم المال وفي المعادة لا يحلف ولد الأب إن لم يأخذ شيئا وإن أخذ شيئا حلف بقدر حقه .
وظاهر عبارته التوزيع بحسب الإرث المحكوم به ناجزا وليس مرادا وإنما هو بحسب الإرث المحتمل فإن كان الورثة ابنا وخنثى فلا توزع الخمسين بحسب الإرث الناجز بل يحلف الابن ثلثي الخمسين ويأخذ النصف ويحلف الخنثى نصف الخمسين ويأخذ الثلث ويوقف الباقي بينهما والضابط الاحتياط في الطرفين الحلف بالأكثر والأخذ بالأقل .
وجبر المنكسر .
إن لم تنقسم صحيحة لأن اليمين لا تتبعض ولا يجوز إسقاطه لئلا ينقص نصاب القسامة فلو كان ثلاثة بنين حلف كل منهم سبعة عشر أو تسعة وأربعين ححلف كل يمينين " وفي قول " مخرج " يحلف كل " منهم " خمسين " لأن العدد في القسامة كاليمين الواحدة في غيرها وأجاب الأول بأن اليمين الواحدة لا يمكن قسمتها بخلاف أيمان القسامة " ولو نكل " عن الأيمان " أحدهما " أي الوارثين " حلف " الوارث " الآخر خمسين " يمينا وأخذ حصته لأن الدية لا تستحق بأقل منها وما سبق من توزيع الأيمان مقيد بحضور الوارثين وكمالهم " و " حينئذ " لو غاب " أحدهما أو كان صبيا أو مجنونا " حلف الآخر خمسين وأخذ حصته " في الحال لأن الخمسين هي الحجة فلو كان الوارث ثلاث عصبات كإخوة أحدهم حاضر وأراد أن يحلف حلف خمسين يمينا وأخذ ثلث الدية فإذا حضر الثاني حلف خمسة وعشرين وأخذ الثلث فإذا حضر الثالث حلف سبعة عشر ويقاس بهذا غيره .
قال الإسنوي وهذا إنما يتجه إذا قلنا أن تكذيب بعض الورثة لا يمنع القسامة .
وهو رأي البغوي فإن قلنا يمنع وهو الصحيح تعين انتظار الغائب أي وكمال الناقص وقد يجاب بأنا تحققنا الاستحقاق .
والأصل عدم المانع فإن وجد عمل بمقتضاه .
ولو حلف الحاضر أو الكامل ثم مات الغائب أو الناقص وورثه الحالف لم يأخذ نصيبه إلا بعد أن يحلف حصته ولا يحسب ما مضى لأنه لم يكن مستحقا له حينئذ ولو تبين أن الغائب كان ميتا حال الحلف فينبغي كما قال ابن شهبة الاكتفاء بحلفه لأنه كان هو الوارث فأشبه ما لو باع مال أبيه ظانا حياته فبان ميتا " وإلا " أي وإن لم يحلف الحاضر أو الكامل " صبر للغائب " حتى يحضر وللصبي حتى يبلغ وللمجنون حتى يفيق فيحلف ما يخصه من الأيمان ثم ما سبق محله في الأيمان الصادرة من المدعي .
أما الصادرة من المدعى عليه فأشار إليها بقوله " والمذهب أن يمين " الشخص " المدعى عليه " قتل " بلا لوث " خمسون " و " اليمين " المردودة " منه " على المدعي " بأن لم يكن لوث أو كان ونكل المدعي عن القسامة فردت على المدعى عليه فنكل فردت على المدعى مرة ثانية خمسون " أو " اليمين المردودة " على المدعى عليه " بسبب نكول المدعي " مع لوث " خمسون " واليمين " أيضا " مع شاهد " وقوله " خمسون " راجع للجميع كما تقرر لأنها فيما ذكر يمين دم حتى لو تعدد المدعى عليه حلف كل خمسين ولا توزع على الأكثر بخلاف تعدد المدعي والفرق أن كل واحد من المدعى عليهم ينفي عن نفسه القتل كما ينفيه من انفرد وكل من المدعين لا يثبت لنفسه ما يثبته الواحد أو انفرد بل يثبت بعض الإرث فيحلف بقدر الحصة والقول الثاني يحلف يمينا واحدة في الجميع لأن ذلك ليس مما ورد فيه النص بالخمسين " .
تنبيه : .
كلامه مشعر بحكاية المذهب في كل من هذه المسائل ولم يحكه في الروضة إلا في الثالثة وحكى فيما عداها الخلاف قولين أظهرهما أن الحلف خمسون واعتذر عن المصنف بأن حكاية المذهب في مجموع المسائل بالنظر للثالثة .
والأحسن في المردودة و اليمين نصبهما عطفا على اسم إن قبل استكمال خبرها ويجوز عند الكسائي الرفع وأطلق الشيخان تعدد اليمين مع الشاهد وينبغي أن يقيد بالعمد .
أما قتل الخطأ وشبه العمد فيحلف مع الشاهد يمين واحدة كما مر عن تصريح الماوردي في الكلام على أن شهادة العدل لوث .
ويجب بالقسامة .
من المدعي ( 4 / 117 ) في قتل الخطأ أو " قتل " شبه العمد دية على العاقلة " مخففة في الأول مغلظة في الثاني لقيام الحجة بذلك كما لو قامت به بينة .
فإن قيل كان المصنف مستغنيا عن هذا بما قدمه في فصل العاقلة .
أجيب بأنه إنما ذكره هنا لئلا يتوهم أن القسامة ليست كالبينة في ذلك كما أنها ليست كالبينة في العمد فإنه لا يجب بها القصاص بل دية كما قال " وفي " قتل " العمد " دية حالة " على المقسم عليه " ولا قصاص في الجديد لخبر البخاري إما أن تدوا صاحبكم أو تأذنوا بحرب وأطلق A إيجاب الدية ولم يفصل ولو صلحت الأيمان للقصاص لذكره ولأن القسامة حجة ضعيفة فلا توجب القصاص احتياطا لأمر الدماء كالشاهد واليمين " وفي القديم " عليه " قصاص " حيث يجب لو قامت بينة به لخبر الصحيحين أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم أي دم قاتل صاحبكم ولأنها حجة يثبت بها العمد بالاتفاق فيثبت بها القصاص كشهادة الرجلين .
وأجاب في الجديد عن الحديث بأن التقدير بدل دم صاحبكم وعبر بالدم عن الدية لأنهم يأخذونها بسبب الدم وعن التعليل بانتقاضه بما إذا ثبتت السرقة برجل وامرأتين فإنه يثبت المال دون القطع واحترز عما لو حلف المدعي عند نكول المدعى عليه وكان القتل عمدا فإنه يثبت القود لأنها كالإفرار أو كالبينة والقود يثبت بكل منهما .
ولو ادعى .
قتلا " عمدا بلوث " أي معه " على ثلاثة حضر أحدهم " فإن اعترف بالقتل اقتص منه وإن أنكر " أقسم عليه خمسين وأخذ " منه " ثلث الدية " من ماله على الجديد وله أن يقتص منه على القديم " فإن حضر آخر " واعترف اقتص منه وإن أنكر " أقسم عليه خمسين " في الأظهر كالأول لأن الأيمان السابقة لم تتناوله وأخذ منه ثلث الدية " وفي قول " يقسم " خمسا وعشرين " كما لو حضرا معا وقوله " إن لم يكن ذكره " أي الغائب " في الأيمان " التي حلفها للحاضر قيد لا قسم للقول المرجوح كما توهمه عبارة المصنف " وإلا " بأن كان ذكره فيها " فينبغي " كما بحثه المحرر " الاكتفاء بها " ولا يحلف " بناء على صحة القسامة في غيبة المدعى عليه وهو الأصح " كإقامة البينة ووجه مقابله ضعف القسامة .
تنبيه : .
قضية كلام المصنف أن هذا التقييد منقول الأصحاب وليس مرادا وإنما هو بحث للرافعي كما قدرته وسكت عن حكم الثالث إذا حضر هو كالثاني فيما مر فيه ثم ذكر ضابط من يحلف في القسامة في قوله " و " كل " من استحق بدل الدم " من سيد أو وارث " أقسم " سواء كان مسلما أم كافرا عدلا أم فاسقا محجورا عليه أم غيره " ولو " هو " مكاتب لقتل عبده " لأنه المستحق لبدله ولا يقسم سيده بخلاف العبد المأذون له في التجارة إذا قتل العبد الذي تحت يده فإن السيد يقسم دون المأذون لأنه لا حق له ولو عجز المكاتب بعدما أقسم أخذ السيد القيمة كما لو مات الولي بعدما أقسم أو قبله وقبل نكوله حلف السيد أو بعده فلا لبطلان الحق بالنكول كما حكاه الإمام عن الأصحاب وما ذكره عن نص المختصر وجرى عليه الماوردي وغيره من أن السيد يحلف محمول على هذا التفصيل .
تنبيه : .
احترز بمن استحق الخ عما لو جرح شخص مسلما فارتد ومات فإنه لا يثبت لوليه القسامة لأنه لا يستحق بدلها بل هو فيء للمسلمين وبقولنامن سيد أو وارث من مسألة المستولدة السابقة وهي ما لو أوصى السيد لمستولدته بقيمة عبده المقتول فإن الوصية تصح فإذا مات السيد قبل القسامة فإن المستولدة تستحق القيمة ومع ذلك لا تقسم بل الوارث لأن العبد يوم القتل كان للسيد والقسامة من الحقوق المعلقة بالقتل فيرثها كسائر الحقوق وإذا ثبتت القيمة صرفها إلى المستولدة بموجب وصيته وتحقيق مراده كأنه يقضي دينه ( 4 / 118 ) ومن ارتد " بعد استحقاقه بدل الدم بأن يموت المجروح ثم يرتد وليه قبل أن يقسم " فالأفضل " وعبارة المحرر فالأولى ولو عبر به كان أولى " تأخير أقسامه ليسلم " لأنه لا يتورع في حال ردته عن الأيمان الكاذبة .
فإذا عاد إلى الإسلام أقسم .
أما إذا ارتد قبل موته ثم مات المجروح وهو مرتد فلا يقسم لأنه لا يرث بخلاف ما إذا قتل العبد وارتد سيده فإنه لا فرق بين أن يرتد قبل موت العبد أو بعده لأن استحقاقه بالملك لا بالإرث " فإن أقسم في الردة صح " إقسامه واستحق الدية " على المذهب " لأنه E اعتد بأيمان اليهود فدل على أن يمين الكافر صحيحة والقسامة نوع اكتساب للمال فلا يمنع منه الردة كالاحتطاب .
قال الرافعي وهو المشهور وعن المزني وحكى قولا مخرجا ومنصوصا أنه لا يصح .
تنبيه : .
محل الخلاف إذا مات أو قتل في الردة فإن عاد إلى الإسلام اعتد به قطعا ولو ارتد قبل موت المجروح وأسلم بعد موته لم يقسم لأنه ليس بوارث " ومن لا وارث له " خاص " لا قسامة فيه " وإن كان هناك لوث لعدم المستحق المعين لأن ديته لعامة المسلمين وتحليفهم غير ممكن لكن ينصب القاضي من يدعي على من نسب القتل إليه ويحلفه فإن نكل فهل يقضي عليه بالنكول أو لا وجهان جزم في الأنوار بالأول ومقتضى ما صححه الشيخان فيمن مات بلا وارث فادعى القاضي أو منصوبه دينا له على آخر فأنكر ونكل أنه لا يقضي له بالنكول بل يحبس ليحلف أو يقر ترجيح الثاني وهو أوجه