التي هي من موجباته " يجب بالقتل " عمدا كان أو شبهه أو خطأ كما سيأتي " كفارة " لقوله تعالى " ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة " وقوله تعالى " فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة " .
وقوله تعالى " وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة " وخبر وائلة بن الأسقع قال أتينا النبي A في صاحب لنا قد استوجب النار بالقتل .
فقال أعتقوا عنه رقبة يعتق الله بكل عضو منها عضوا منه من النار رواه أبو داود وصححه الحاكم وغيره .
وخرج بالقتل الأطراف والجروح فلا كفارة فيها لعدم وروده ولا يشترط في وجوب الكفارة تكليف بل تجب " وإن كان القاتل صبيا أو مجنونا " لأن الكفارة من باب الضمان فتجب في مالهما فيعتق الولي عنهما من مالهما ولا يصوم عنهما بحال .
فإن صام الصبي المميز أجزأه .
وألحق الشيخان به المجنون في هذا وهو محمول على أن صومه لا يبطل بطريان جنونه وإلا لم تتصور المسألة ولو أعتق الولي عنهما من مال نفسه فإن كان أبا أو جدا جاز وكأنه ملكه ثم ناب عنهما في الإعتاق .
وإن كان قيما أو وصيا لم يجز حتى يقبل القاضي لهما التمليك كما في الروضة وأصلها هنا عن البغوي .
وقالا في باب الصداق لو لزم الصبي الكفارة قتل لم يجز لوليه أن يعتق عنه من ماله ولا من مال نفسه لأنه يتضمن دخوله في ملكه وإعتاقه عنه .
ولا يجوز إعتاق عبد الطفل .
وكلام المتولي يقتضي أن المراد عتق التبرع .
وعلى هذا فلا مخالفة بين كلامي الروضة كأصلها .
تنبيه : .
سكت المصنف كالروضة وأصلها عن حكم السفيه وذكرا في باب الحجر أنه في كفارة اليمين لا يكفر بالعتق بل بالصوم كالعبد وقد يوهم أن غيرها من الكفارات كذلك لكن صرح الصيمري بوجوب كفارة القتل في ماله وهو القياس وتجب الكفارة أيضا ولا يشترط في وجوبها الحرية بل تجب " و " إن كان القاتل " عبدا " كما يتعلق بقتله القصاص والضمان لكن يكفر بالصوم لعدم ملكه " وذميا " لالتزامه الأحكام ولا فرق بين أن يقتل مسلما وقلنا ينتقض عهده أولا " أو ذميا " ويتصور إعتاقه عبدا مسلما في صور منها أن يسلم في ملكه أو يرثه أو يقول لمسلم أعتق عبدك عن كفارتي فإنه يصح على الأصح وإن لم يتيسر له إعتاق عبد مسلم قال القاضي الحسين لا يكفر بالصوم لأنه ليس من أهله ولا يشترط في وجوبها الخطأ بل تجب " و " إن كان القاتل " عامدا " لحديث وائلة المار أول الفصل فإن فيه في صاحب لنا استوجب النار ولا يستوجب النار إلا في العمد ولأن الكفارة للجبر والعامد أحوج إليها ومثله شبه العمد ولو قال المصنف عامدا أو لا دخل شبه العمد واختار ابن المنذر أنها لا تجب في العمد .
وهو قول أبي حنيفة و مالك وإحدى الروايتين عن أحمد لأنها عقوبة لا يدخلها قياس " و " أما إذا كان " مخطئا " فبالإجماع وللآية السابقة .
تنبيه : .
قضية إطلاقه أن من قتل شخصا بإذنه تجب عليه الكفارة وهو الأصح وإن اقتضى كلامه في باب القصاص عدم الوجوب لقوله هدر ويستثنى من إطلاقه الجلاد القاتل بأمر الإمام إذا جرى على يده قتل غير مستحق وهو جاهل به فإنه لا كفارة عليه كما جزم به في الروضة وأصلها في مسألة الاستيفاء من الحائل لأنه سيف الإمام وآلة سياسته " و " لا يشترط في وجوبها المباشرة بل تجب وإن كان القاتل " متسببا " كالمكره والآمر به ( 4 / 108 ) لمن لا يميز وشاهد الزور وحافر بئر عدوانا ولو حصل التردي بعد موت الحافر على الأصح لأن اسم القاتل يشمل الأمرين فشملتهما الآية وبالقياس على وجوب الدية .
تنبيه : .
الشرط كالسبب وإن حمل قوله متسببا على الأعم دخل الشرط في عبارته وتقدم أوائل كتاب الجراح الفرق بين الشرط والسبب والمباشرة وإنما تجب الكفارة على من ذكر " بقتل مسلم ولو " كان " بدار حرب " وإن لم يجب فيه القصاص ولا الدية للآية الثانية المتقدمة فقد مر فيها أن من قوم بمعنى في قوم كما قاله الشافعي تبعا لابن عباس رضي الله تعالى عنهم ولأن دار الحرب لا تهدر دمه وسبب العصمة وهو الإسلام قائم وسواء ظن كفره أو تترس به العدو أم لا " و " بقتل " ذمي " ومستأمن للآية الأخيرة فإن الذمة والعهد من المواثيق " و " بقتل " جنين " مضمون بالغرة أو غيرها لأنه آدمي معصوم وبذلك قضى عمر Bه " و " بقتل " عبد نفسه " لعموم الآية وإن كانت القيمة لا تجب فيها عليه لأنها لو وجبت لوجبت له بخلاف الكفارة فإنها حق الله تعالى وإذا وجبت في عبد نفسه ففي عبد غيره أولى " و " بقتل " نفسه " لأنه قتل نفس معصومة فتجب فيه كفارة لحق الله تعالى فتخرج من تركته أما إذا لم تكن نفسه معصومة بأن كانت مهدرة فينبغي كما قال الزركشي أن لا تجب الكفارة " وفي " قتل " نفسه وجه " أنه لا يجب لها الكفارة كما لا يجب ضمانها بالمال و " لا " تجب الكفارة بقتل " امرأة و " لا بقتل " صبي حربيين " وإن كان يحرم قتلهما لأن المنع من قتلهما ليس لحرمتهما بل لمصلحة المسلمين لئلا يفوتهم الارتفاق بهما " و " لا يقتل مباح الدم كقتل " باغ وصائل " لأنهما لا يضمنان فأشبه الحربي ومرتد وزان محصن بالنسبة لغير المساوي وحربي ولو قتله مثله " ومقتص منه " بقتل المستحق له لأنه مباح الدم بالنسبة إليه .
تنبيه : .
لو قتله المستحق لبعضه كأن انفرد بعض الأولاد بقتل قاتل أبيهم فلا كفارة عليه قاله المتولي خلافا لابن الرفعة .
وقال الزركشي إنه المتجه ويمكن الجمع بينهما بأن كلام المتولي عند إذن الباقين وكلام ابن الرفعة عند عدمه فإن قتله من لا استحقاق له في قتله فعليه الكفارة " وعلى كل من الشركاء " في القتل " كفارة في الأصح " المنصوص لأنه حق يتعلق بالقتل فلا يتبعض كالقصاص .
فإن قيل هلا تبعضت كالدية .
أجيب بأن الدية بدل عن النفس وهي واحدة والكفارة لتكفير القتل وكل واحد قاتل ولأن فيها معنى العبادة والعبادة الواجبة على الجماعة لا تتبعض والثاني على الجميع كفارة واحدة كقتل الصيد " وهي " أي كفارة القتل " كظهار " أي كصفة كفارته في الترتيب فيعتق أولا فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين للآية " لكن لا إطعام " فيها عند العجز عن الصوم " في الأظهر " اقتصارا على الوارد فيها إذ المنبع في الكفارات النص لا القياس ولم يذكر الله تعالى في كفارة القتل غير العتق والصيام فإن قيل لم لا حمل المطلق على المقيد في الظهار كما فعلوا في قيد الأيمان حيث اعتبروه ثم حملا على المقيد هنا أجيب بأن ذاك إلحاق في وصف وهذا إلحاق في أصل وأحد الأصلين لا يلحق بالآخر بدليل أن اليد المطلقة في التيمم حملت على المقيدة بالمرافق في الوضوء ولم يحمل إهمال الرأس والرجلين في التيمم على ذكرهما في الوضوء وعلى هذا لو مات قبل الصوم أطعم من تركته كفائت صوم رمضان والثاني يطعم ستين مسكينا كالظهار .
تنبيه : .
القول في صفة الرقبة والصيام والإطعام على القول به على ما سبق في كتاب الكفارة .
خاتمة لا كفارة على من أصاب غيره بالعين واعترف أنه قتله بها وإن كانت العين حقا لأن ذلك لا يفضي إلى القتل غالبا ولا يعد مهلكا كما سيأتي إن شاء الله تعالى في الباب الذي يلي هذا ( 4 / 109 )