وكيفية تأجيل ما تحمله وأشار إلى ذلك بقوله " دية الخطأ وشبه العمد " في الأطراف ونحوها وكذا في نفس غير القاتل نفسه وكذا الحكومات والغرة " تلزم العاقلة " لا الجاني كما مر أول كتاب الديات وذكرها هنا توطئة لما بعده وشبه العمد من زيادة الكتاب على المحرر فإنه ذكر الخطأ فقط ولو عكس كان أولى .
تنبيه : .
ظاهر كلام المصنف أن الوجوب لا يلاقي الجاني أولا بل يلاقي العاقلة ابتداء والأصح المنصوص أنه يلاقيه ابتداء ثم يتحملونها إعانة له كقضاء دين من غرم لإصلاح ذات البين .
قال العلماء وتغريم غير الجاني خارج عن القياس لكن الجاهلية كانوا يمنعون من جنى منهم من أولياء القتيل أن يدنو منه ويأخذوا بثأرهم فجعل الشارع بدل تلك النصرة بذل المال وخص ذلك بالخطأ وشبه العمد لكثرتهما سيما في حق من يتعاطى حمل السلاح فأعين كيلا يفتقر بالسبب الذي هو معذور فيه وإنما يلزمهم ذلك إذا كانت بينة بالخطأ أو شبه العمد أو اعترف به فصدقوه وإن كذبوه لم يقبل إقراره عليهم لكن يحلفون على نفي العلم فإذا حلفوا وجب على المقر وهذا حينئذ مستثنى من كلام المصنف ولا يقبل إقراره على بيت المال .
أما إذا قتل نفسه فالمشهور أنه لا يجب على العاقلة شيء هذا كله إذا كان القاتل حرا فإن كان مبعضا وقتل خطأ تحملت العاقلة نصف الدية كما ذكره الرافعي في آخر الباب عن فتاوى البغوي وشبه العمد كالخطأ في ذلك .
وجهات تحمل الدية ثلاثة قرابة وولاء وبيت مال لا غيرها كزوجية ومحالفة وقرابة ليست بعصبة ولا العديد الذي لا عشيرة له فيدخل نفسه في قبيلة ليعد منها .
وقد ذكر المصنف جهات التحمل على هذا الترتيب وقد شرع في أولها بقوله " وهم عصبته " أي الجاني الذين يرثونه بالنسب أو الولاء إذا كانوا ذكورا مكلفين لما في خبر المرأتين السابق أوائل كتاب الديات في رواية وأن العقل على عصباتها .
قال الشافعي رضي الله تعالى عنه ولا أعلم مخالفا أن العاقلة العصبة وهم القرابة من قبل الأب .
قال ولا أعلم مخالفا في أن المرأة والصبي وإن أيسرا لا يحملان شيئا وكذا المعتوه عندي اه " .
ثم استثنى المصنف من العصبة أصل الجاني وفرعه فقال " إلا الأصل " من أب وإن علا " و " إلا " الفرع " من ابن وإن سفل لأنهم أبعاضه فكما لا يتحمل الجاني لا يتحمل أبعاضه وروى النسائي لا يؤخذ الرجل بجريرة أي جريمة ابنه وفي رواية لأبي داود في خبر المرأتين ( 4 / 96 ) السابق وبرأ الولد أي من العقل وقيس به غيره من الأبعاض " وقيل يعقل " عن المرأة القاتلة " ابن " لها " هو ابن ابن عمها " أو ابن معتقها كما يلي نكاحها والأصح المنع لعموم الأخبار ولأن البعضية موجودة والفرق بينه وبين النكاح أن البنوة هنا مانعة وهناك غير مقتضية لا مانعة فإذا وجد المقتضى عمل عمله " ويقدم " في تحمل الدية من العصبة " الأقرب " فالأقرب على الأبعد منهم والأقرب الإخوة ثم بنوهم وإن نزلوا ثم الأعمام ثم بنوهم وإن نزلوا ثم أعمام الأب ثم بنوهم وإن نزلوا ثم أعمام الجد ثم بنوهم وإن نزلوا " فإن " لم يوف الأقرب بالواجب بأن " بقي " منه " شيء فمن " أي فيوزع الباقي على من " يليه " الأقرب ثم على من يليه وهكذا " و " يقدم ممن ذكر " مدل بأبوين " على مدل باب على الجديد كالإرث " والقديم التسوية " بينهما لأن الأنوثة لا مدخل لها في تحمل العاقلة فلا تصلح للترجيح " ثم " بعد عصبة النسب إن فقدوا أو لم يوف ما عليهم بالواجب في الجناية يقدم " معتق " ذكر لخبر الولاء لحمة كلحمة النسب .
ثم .
إن فقد المعتق أو لم يف ما عليه بالواجب تقدم " عصبته " من نسب غير أصله وإن علا وفرعه وإن سفل كما مر في أصل الجاني وفرعه يقدم الأقرب فالأقرب لما رواه الشافعي و البيهقي أن عمر قضى على علي رضي الله تعالى عنهما بأن يعقل عن موالي صفية بنت عبد المطلب لأنه ابن أخيها دون ابنها الزبير واشتهر ذلك بينهم وقيس بالابن غيره من الأبعاض وصحح البلقيني أنهما يدخلان .
قال لأن المعتق يتحمل فهما كالمعتق لا كالجاني ولا نسب بينهما وبين الجاني بأصلية ولا فرعية .
وأجاب شيخي عن كلام البلقيني بأن إعتاق المعتق منزل منزلة الجناية ويكفي هذا إسناده للمنقول فإن المنقول مشكل " ثم معتقه " أي معتق المعتق " ثم عصبته " كذلك وهكذا ما عدا الأصل والفرع على ما مر " وإلا " بأن لم يوجد معتق ولا عصبة " فمعتق أبي الجاني ثم عصبته " من نسب غير أصله وفرعه " ثم معتق معتق الأب وعصبته " غير أصله وفرعه وعبر في المحرر بثم وهو أولى " وكذا أبدا " إذا لم يوجد معتق الأب ولا عصبته يتحمل معتق الجد ثم عصبته كذلك إلى حيث ينتهي كالإرث ويفارق الأخذ من البعيد إذا لم يف الأقرب بالواجب الإرث حيث يجوزه الأقرب بأنه لا تقدير لميراث العصبة بخلاف الواجب هنا فإنه مقدر بنصف دينار أو ربعه كما سيأتي .
تنبيه : .
حيث ضربنا على المعتق فبقي شيء يضرب على عصبته في حياته كما مرت الإشارة إليه وصرح به صاحب الشامل والتتمة وغيرهما وإن أشعر كلام الصغير برجحان عدم الضرب .
وقال الزركشي إنه القياس .
وعتيقها .
أي المرأة الجاني " يعقله عاقلتها " ولا يضرب عليها لأن المرأة لا تحمل العقل بالإجماع فيتحمل عنها من يتحمل جنايتها من عصباتها كما يزوج عتيقتها من يزوجها إلحاقا للعقل بالتزويج لعجزها عن الأمرين " ومعتقون " في تحملهم جناية عتيقهم " كمعتق " واحد فيما عليه كل سنة من نصف دينار أو ربعه لأن الولاء لجميعهم لا لكل منهم " وكل شخص من عصبة كل معتق يحمل ما كان يحمله ذلك المعتق " في حياته من نصف أو ربع .
فإن قيل هلا وزع عليهم ما كان الميت يحمله .
أجيب بأن الولاء لا يتوزع عليهم توزعه على الشركاء ولا يرثون الولاء من الميت بل يرثون به .
تنبيه : .
لا يختص هذا بكون المعتق جمعا فلو كان واحدا ومات عن إخوة مثلا ضرب على كل منهم ما كان يحمله الميت من نصف أو ربع " ولا يعقل عتيق " عن معتقه " في الأظهر " كما لا يرث والثاني يعقل ورجحه البلقيني لأن العقل للنصرة والإعانة والعتيق أولى بهما .
أما عصبة العتيق فلا تعمل عن معتقه قطعا " فإن فقد العاقل " ممن ذكر " أو " وجد و " لم يف " ما عليه بالواجب " عقل " ذوو الأرحام إن قلنا بتوريثهم وهو ما صححه ( 4 / 97 ) المصنف إذا لم ينتظم أمر بيت المال كما سبق في الفرائض ومعلوم أن محله إذا كان ذكرا غير أصل وفرع فإن انتظم عقل " بيت المال عن " الجاني " المسلم " كما يرثه ولخبر أنا وارث من لا وارث له أعقل عنه وأرثه أخرجه أبو داود والنسائي وصححه ابن حبان .
والمسلم يرثه المسلمون بخلاف الذمي والمرتد والمعاهد فإنه لا يرثهم وإنما يوضع فيه مالهم فيئا بل تجب الدية في مالهم مؤجلة فإن ماتوا حلت كسائر الديون .
تنبيه : .
استثنى من عقل بيت المال اللقيط إذا جنى على نفسه خطأ وفقدت عاقلة قاتله ففي تعليق الشيخ أبي حامد في باب اللقيط لا يعقل عنه بيت المال إذ لا فائدة في أخذها منه لتعاد إليه ومعلوم أن من لا وارث له إلا بيت المال كذلك " فإن فقد " بيت المال بأن لم يوجد فيه شيء أو لم ينتظم أمره بحيلولة الظلمة دونه أو لم يف " فكله " أي الواجب أو الباقي منه " على الجاني في الأظهر " بناء على أنها تلزمه ابتداء ثم تتحملها العاقلة وهو الأصح كما مر والثاني لا بناء على أنها تجب عليهم ابتداء .
قال البلقيني وكان ينبغي التعبير بالأصح بدل الأظهر كما في الروضة وأصلها .
تنبيه : .
أفهم كلامه أن الجاني لا يحمل مع وجود من ذكر وليس مرادا بل متى وزع الواجب في السنة الأولى على العاقلة أو بيت المال وفضل شيء منه فهو على الجاني مؤجلا عليه كالعاقلة وقد يجب عليه في صور أخر منها ما لو جرح ابن عتيقة أبو رقيق شخصا خطأ أو شبه عمد ثم انجر الولاء إلى موالي الأب بعتقه ثم مات الجريح بالسراية فعلى موالي الأم أرش الجرح ثم إن بقي شيء فعلى الجاني لحصول السراية بعد العتق بجناية قبله لا على موالي أبيه لتقدم سببه على الانجرار ولا على موالي أمه لانتقال الولاء عنهم قبل وجوبه ولا بيت المال لوجود جهة الولاء بكل حال فإن لم يبق شيء إن ساوى أرش الجرح الدية كأن قطع يديه ثم عتق الأب ثم مات الجريح فعلى موالي الأم دية كاملة لأن الجرح حين كان الولاء لهم يوجب هذا القدر ولو جرحه هذا الجارح ثانيا خطأ عتق أبيه ومات الجريح سراية من الجراحتين لزم موالي الأم أرش الجرح الأول ولزم موالي الأب باقي الدية ومنها ما لو جرح ذمي شخصا خطأ ومات الجريح بالسراية بعد إسلام الذمي فعلى عاقلته الذميين ما يخص الجرح وباقي الدية إن كان عليه فإن لم يبق شيء كأن قطع رجليه فعلى عاقلته الذميين دية كاملة لما مر في نظيره ولو جرحه هذا الجارح ثانيا خطأ بعد إسلامه فعلى عاقلته الذميين أرش الجرح الأول وعلى عاقلته المسلمين باقي الدية ومنها ما لو رمى شخص إلى صيد فأصاب رجلا بعد أن تخللت منه ردة أو إسلام كانت الدية في ماله لا على عاقلته لأن شرط تحملها أن تكون صالحة لولاية النكاح من الفعل إلى الفوات .
وتؤجل على العاقلة .
ولو من غير ضرب القاضي " دية نفس كاملة " بإسلام وحرية وذكورية " ثلاث سنين " بنصب ثلاث " في " آخر " كل سنة ثلث " من الدية .
أما كونها في ثلاث فلما رواه البيهقي من قضاء عمر و علي Bهما وعزاه الشافعي في المختصر إلى قضاء النبي A .
وأما كونها في كل سنة ثلث فتوزيعا لها على السنين الثلاث .
وأما كونه في آخر السنة فقال الرافعي كان سببه الفوائد كالزرع والثمار تتكرر كل سنة فاعتبر مضيها ليجتمع عندهم ما يتوقعونه فيواسون عن تمكن .
تنبيه : .
قوله تؤجل يقتضي أنه لا بد من تأجيل بضرب الحاكم وليس مرادا قطعا كما بقدرته في كلامه .
والتقييد بالعاقلة يخرج بيت المال والجاني وليس مرادا أيضا فقد صرح القفال وغيره بأنها إذا وجبت في بيت المال كانت مؤجلة وصرح الأصحاب بتأجيلها على الجاني إذا وجبت عليه ولا يخالفهم إلا في أمرين أحدهما أنه يؤخذ منه ثلث الدية عند الحوادث وكل واحد منهم لا يطالب إلا بنصف دينار أو ربع .
ثانيهما أنه لو مات في أثناء الحول يحل الأجل على الأصح كسائر الديون المؤجلة ولو مات واحد من العاقلة لا يؤخذ من تركته شيء لأنها مواساة فتسقط بالموت والوجوب على الجاني سبيله صيانة الحق من الضياع فلا يسقط كيلا يضيع .
ولما كان الأصح عند الأصحاب ( 4 / 98 ) معنى تأجيلها في ثلاث سنين كونها بدل نفس كاملة وأن مقابله كونها بدل نفس محترمة أشار إلى مسائل تظهر فيها فائدة الخلاف فقال " و " تؤجل دية " ذمي " على الأصح " سنة " لأنها قدر ثلث دية مسلم " وقيل " تؤجل " ثلاثا " أي في ثلاث سنين لأنها بدل نفس محترمة " و " تؤجل دية " امرأة " مسلمة " سنتين " في آخر " الأولى " منهما " ثلث " من دية نفس كاملة والباقي آخر السنة الثانية " وقيل " تؤجل ديتها " ثلاثا " أي في ثلاث سنين لأنها بدل نفس محترمة .
تنبيه : .
الخنثى كالمرأة فيما ذكر " وتحمل العاقلة العبد " أي الجناية عليه من الحر لكن بقيمته خطأ كانت الجناية أو شبه عمد في نفس أو طرف " في الأظهر " الجديد لأنه بدل آدمي وتعلق قصاص وكفارة فأشبه الحر والثاني لا تحمله بل هي على الجاني لأنه مضمون بالقيمة فأشبه البهيمة وعلى الأول إن كانت قيمته قدر ثلث دية كاملة فأقل ضربت في سنة وإن كانت أكثر " ففي " آخر " كل سنة " يؤخذ من قيمته " قدر ثلث دية " كاملة إلى المقدار " وقيل " تؤخذ كلها " في ثلاث " من السنين لأنها بدل نفس .
تنبيه : .
لو اختلف العاقلة والسيد في قيمته صدقوا بأيمانهم لكونهم غارمين .
ولو قتل .
شخص " رجلين " مثلا كاملين معا أو مرتبا " ففي " أي فتؤجل ديتهما على عاقلته في " ثلاث " من السنين لأن الواجب ديتان مختلفتان والمستحق يختلف فلا يؤخر حق واحد باستحقاق آخر كالديون المختلفة إذا اتفق انقضاء آجالها " وقيل " تؤجل دية من ذكر في " ست " في كل سنة قدر سدس دية لأن بدل النفس الواحدة يضرب في ثلاث سنين فيراد للأخرى مثلها وفي عكس مسألة الكتاب وهي ما لو قتل اثنان واحدا وجهان أحدهما على عاقلة كل منهما نصف دية مؤجلة في سنتين نظرا إلى اتحاد المستحق .
والثاني وهو الصحيح على عاقلة كل منهما كل سنة ثلث ما يخصه كجمع الدية عند الانفراد ولو قتل شخص امرأتين أجلت ديتهما على عاقلته في سنتين لما مر " والأطراف " كقطع اليدين والحكومات وأرش الجنايات تؤجل " في كل سنة قدر ثلث دية " كاملة فإن كان الواجب أكثر من ثلث دية ولم يزد على ثلثيها ضرب في سنتين وأخذ قدر الثلث في آخر السنة الأولى والباقي في آخر الثانية وإن زاد أي الواجب على الثلثين ولم يزد على دية نفس ضرب في ثلاث سنين .
وإن زاد على دية نفس كقطع اليدين والرجلين ففي ست سنين " وقيل " تؤخذ " كلها في سنة " بالغة ما بلغت لأنها ليست بدل نفس حتى تؤجل .
تنبيه : .
محل الخلاف إذا كان الأرش زائدا على الثلث فإن كان قدره أو دونه ضرب في سنة قطعا .
وهذا كله مبني على أن بدل الأطراف وأروش الجنايات تضرب على العاقلة وهو المشهور كدية النفس كما مرت الإشارة إليه .
وأجل .
دية " النفس " يعتبر ابتداؤه " من الزهوق " لأنه وقت استقرار الوجوب " و " أجل دية " غيرها " أي النفس كقطع يد اندمل " من " ابتداء " الجناية " في الأصح لأنها حالة الوجوب فأنيط الابتداء بها كما نيط بحالة الزهوق في النفس لأنها حالة وجوب ديتها .
وإن كان لا يطالب ببدلها إلا بعد الاندمال أما إذا لم يندمل بأن سرى من عضو إلى عضو كأن قطع أصبعه فسرت إلى كفه فأجل أرش الأصبع من قطعها والكف من سقوطها كما جزم به صاحبا الحاوي الصغير والأنوار ورجحه البلقيني " ومن مات " من العاقلة " في بعض " أي في أثناء " سنة سقط " من واجب تلك السنة ولا يؤخر من تركته لأنها مواساة كالزكاة .
واحترز بقوله في بعض سنة عما لو مات بعدها وهو موسر فلا يسقط وتؤخذ من تركته .
ثم شرع في صفات من يعقل وهي خمس الذكورة وعدم الفقر والحرية والتكليف ( 4 / 99 ) واتفاق الدين .
أما الصفة الأولى فقد استغنى المصنف عن ذكرها بقوله سابقا وعتيقها يعقله عاقلتها أي لا هي والخنثى كالمرأة وإنما لم تعقل المرأة أهليتها للنصرة ولعدم الولاية فلو بان الخنثى ذكرا هل يغرم حصته التي أداها غيره أو لا وجهان قال في الروضة لعل أصحهما نعم ورجحه ابن المقري اعتبارا بما في نفس الأمر كما في شاهد النكاح ووليه ورجح البلقيني الثاني قال لبناء التحمل على الموالاة والمناصرة الظاهرة وقد كان هذا في ستر الثوب كالأنثى فلا نصرة به اه " .
والأول أوجه لأن النصرة موجودة فيه بالقوة وأما الصفة الثانية فمأخوذة من قوله " ولا يعقل فقير " ولو كسوبا لأن العقل مواساة وليس الفقير من أهلها كنفقة القريب .
فإن قيل الفقير تلزمه الجزية فهلا كان مثل هذا أجيب بأن الجزية موضوعة لحقن الدم ولإقراره في دار الإسلام فصارت عوضا وأما الصفة الثالثة فمأخوذة من قوله " و " لا يعقل " رقيق " ولو مكاتبا إذ لا ملك له فلا مواساة والمكاتب وإن ملك فملكه ضعيف وليس من أهل المواساة ولهذا لا تجب عليه الزكاة وألحق البلقيني المبعض بالمكاتب لنقصه بالرق وأما الصفة الرابعة فمأخوذة من قوله " و " لا يعقل " صبي و " لا " مجنون " لأن مبنى العقل على النصرة ولا نصرة فيهما لا بالعقل ولا بالرأي بخلاف الزمن والشيخ الهرم والأعمى فإنهم يتحملون لأنهم ينصرون بالقول والرأي .
تنبيه : .
ظاهر إطلاقهم أنه لا فرق بين الجنون المتقطع والمطبق ويحتمل كما قال الأذرعي الوجوب فيما إذا كان يجن في العام يوما واحدا وليس هو آخر السنة فإن هذا لا عبرة به .
وأما الصفة الخامسة فمأخوذة من قوله " و " لا يعقل " مسلم عن كافر وعكسه " لأنه لا موالاة بينهما ولا توارث فلا مناصرة " ويعقل يهودي عن نصراني وعكسه في الأظهر " كالإرث إذ الكفر كله ملة واحدة والثاني لا لانقطاع الموالاة بينهما .
تنبيه : .
يتعاقل ذمي ومعاهد إن زادت مدة عهده على مدة الأجل بخلاف ما إذا نقصت عنها وهو ظاهر أو ساوتها تقديما للمانع على المقتضي ويكفي في تحمل كل حول على انفراده زيادة مدة العهد عليه .
قال الأذرعي ومقتضى كلام القاضي وغيره أن ما ذكر من تحمل الذمي ونحوه محله إذا كانوا في دارنا لأنهم تحت حكمنا ولا تعاقل بين ذمي وحربي والمعاهد كالذمي .
ثم أخذ المصنف C تعالى في كيفية توزيع المضروب على العاقلة فقال " وعلى الغني " من العاقلة وهو من يملك فاضلا عما يبقى له في الكفارة عشرين دينارا أو قدرها اعتبارا بالزكاة " نصف دينار " على أهل الذهب أو قدره دراهم على أهل الفضة وهو ستة منها لأن ذلك أول درجة المواساة في زكاة النقد والزيادة عليه لا ضابط لها " و " على " المتوسط " منهم وهو من يملك فاضلا عما ذكره من العشرين دينارا أو قدرها وفوق ربع دينار لئلا يبقى فقيرا .
فإن قيل ينبغي أن يقاس به الغني لئلا يبقى متوسطا .
أجيب بأن المتوسط من أهل التحمل بخلاف الفقير " ربع " من دينار أو ثلاثة دراهم لأنه واسطة بين الفقير الذي لا شيء عليه والغني الذي عليه نصف دينار ولم نجز إلحاقه بأحد الطرفين لأنه إفراط أو تفريط فتوسط فيه بربع دينار لأن الناقص عنه تافه بدليل عدم القطع به .
تنبيه : .
ما ضبطنا به الغني والمتوسط هو ما قاله الإمام وتبعه الغزالي وغيره ورجحه ابن المقري وضبطه البغوي تبعا للقاضي بالعرف ولا ترجيح في الروضة .
قال الإمام وكون الغني عليه نصف الدينار والمتوسط ربع لا يعرف في ذلك أثر ناص ولا خبر لكنهم راعوا معنى المواساة ويجب النصف والربع " كل سنة من الثلاث " لأنها مواساة تتعلق بالحول فتكررت بتكرره كالزكاة فجميع ما يلزم الغني في الثلاث سنين دينار ونصف والمتوسط نصف وربع " وقيل هو " أي ما ذكر من نصف أو ربع " واجب الثلاث " أخذا من قول الشافعي Bه في الأم أن من كثر ماله يحمل إذا قومت الدية نصف دينار ومن كان دونه ربع دينار لا يزاد على هذا ولا ينقص وعلى هذا يؤدي الغني كل سنة سدس دينار والمتوسط نصف سدس وعلى الأول لو كثرت العاقلة أو قل الواجب نقص القسط ( 4 / 100 ) فيؤخذ من كل منهم حصته من غير تخصيص أحد منهم لشمول جهة التحمل لهم وإن قلوا أو كثر الواجب لم يزد القسط لتضررهم بذلك .
تنبيه : .
إنما اعتبر مقدار نصف الدينار وربعه لا عينهما لأن الإبل هي الواجبة وما يؤخذ بعد تمام الحول من نصف وربع يصرف إليها وللمستحق أن لا يأخذ غيرها لما مر والدعوى بالدية المأخوذة من العاقلة لا تتوجه عليهم بل على الجاني نفسه ثم هم يدفعونها بعد ثبوتها كما قاله ابن القاص في أدب القضاء وهو مقتضى كلام الرافعي فيه أيضا " و " الغني والمتوسط " يعتبران آخر الحول " لأنه حق مالي متعلق بالحول على جهة المواساة فاعتبر بآخره كالزكاة فلا يؤثر الغني وضده قبله ولا بعده فلو أيسر آخره ولم يؤد ثم أعسر ثبت دينا في ذمته " ومن أعسر فيه " أي آخر الحول " سقط " أراد لم يلزمه شيء لأنه ليس أهلا للمواساة بخلاف الجزية لأنها كالأجرة لسكنى دار الإسلام .
قال الماوردي ولو ادعى الفقر بعد الغنى حلف ولا يكلف البينة لأنه إنما يتحمل بعد العلم بغناه ومن كان الحول ناقصا برق أو كفر أو جنون أو صبا وصار في آخره بصفة الكمال لم يؤخذ منه شيء في ذلك الحول ولا فيما بعده .
قال الرافعي لأنهم ليسوا أهلا للنصرة بالبدن في الابتداء فلا يكلفون النصرة بالمال في الانتهاء والمعسر كامل أهل للنصرة وإنما يعتبر المال ليتمكن في الأداء فيعتبر وقته .
ولما فرغ مما يجب الحر شرع فيما يجب بجناية غيره مترجما لذلك بفصل فقال فصل في جناية الرقيق " مال جناية العبد " الموجبة للمال بأن كانت غير عمد أو عمد أو عفا الأول مال " يتعلق برقبته " بالإجماع كما حكاه البيهقي إذ لا يمكن إلزامه لسيده لأنه إضرار به مع براءته ولا أن يكون في ذمة العبد إلى عتقه للإضرار بالمستحق بخلاف معاملة غيره له لرضاه بذمته فالتعلق برقبته طريق وسط في رعاية الجانبين ولا يجب على عاقلة سيده لأنها وردت في الحر على خلاف الأصل وفارق جناية البهيمة حيث يضمنها مالكها إذا قصر لأن للآدمي اختيار " .
أما كونها في ثلاث فلما رواه البيهقي من قضاء عمر و علي Bهما وعزاه الشافعي في المختصر إلى قضاء النبي A .
أما كونها في ثلاث فلما رواه البيهقي من قضاء عمر و علي Bهما وعزاه الشافعي في المختصر إلى قضاء النبي A .
أما كونها في ثلاث فلما رواه البيهقي من قضاء عمر و علي Bهما وعزاه الشافعي في المختصر إلى قضاء النبي A .
أما كونها في ثلاث فلما رواه البيهقي من قضاء عمر و علي Bهما وعزاه الشافعي في المختصر إلى قضاء النبي A .
أما كونها في ثلاث فلما رواه البيهقي من قضاء عمر و علي Bهما وعزاه الشافعي في المختصر إلى قضاء النبي A .
تنبيه : .
معنى التعلق بالرقبة أن يباع ويصرف ثمنه إلى الجناية ولا يملكه المجني عليه بنفس الجناية وإن كانت قيمته أقل من أرشها لما فيه من إبطال حق السيد من التمكن من الفداء ويستثنى من التعلق بالرقبة جناية غير المميز والأعجمي الذي يعتقد طاعة آمره بأمر سيده أو غيره فإنها تكون على الأمر ولا يتعلق الضمان برقبته على الأصح كما ذكراه في الرهن والمبعض يجب عليه من واجب جنايته بنسبة حريته وباقيه من الرق يتعلق به باقي واجب الجناية فيفديه السيد بأقل الأمرين من حصتي واجبها والقيمة كما يعلم مما يأتي " ولسيده " ولو بنائبه " بيعه لها " أي الجناية ولا بد من إذن المستحق ولو كان البيع بعد اختيار الفداء وله تسليمه ليباع فيها ولا يباع منه أكثر من أرش الجناية إلا بإذن سيده أو ضرورة كأن لم يجد من يشتري بعضه ويتعلق الأرش بجميع رقبته إن كان بقدر قيمتها أو أكثر وكذا إن كان أقل على ظاهر النص ولو أبرأ المستحق عن بعض الواجب انفك من العبد بقسطه على الأصح كما ذكره الرافعي في دوريات الوصايا .
واستشكل بأن تعلق الرهن بالمرهون دون تعلق المجني عليه برقبة العبد ومع ذلك لو أبرأ المرتهن عن بعض الدين لم ينفك شيء من الرهن وقد يفرق بأن التعليق الجعلي أقوى من الشرعي " و " أيضا " فداؤه " فيتخير بين الأمرين فإن اختار الفداء فيفديه في الجديد " بالأقل من قيمته وأرشها " لأن الأقل إن كان القيمة فليس عليه غير تسليم الرقبة وهي بدلها أو الأرش فهو الواجب وتعتبر القيمة يوم الجناية كما حكي عن النص وجرى عليه ابن المقري في روضه لنوجه طلب الفداء فيه ولأنه يوم تعلقها اعتبر القفال يوم الفداء لأن النقص قبله لا يلزم السيد بدليل ما لو مات العبد قبل اختيار الفداء وحمل النص على ما لو منع بيعه حال الجناية ثم نقصت القيمة وجرى على هذا ابن المقري في إرشاده وشرحه وهذا كما قال الزركشي هو المتجه ( 4 / 101 ) وفي القديم " يفديه " بأرشها " بالغا ما بلغ لأنه لو سلمه ربما بيع بأكثر من قيمته والجديد لا يعتبر هذا الاحتمال " ولا يتعلق " مال جناية العبد " بذمته مع رقبته في الأظهر " وإن أذن له سيده في الجناية وإلا لما تعلق برقبته كديون المعاملات حتى لو بقي شيء لا يتبع به بعد عتقه .
والثاني يتعلق بالذمة والرقبة مرهونة بما في الذمة فإن لم يوف الثمن به طولب العبد بالباقي بعد العتق .
تنبيه : .
قد علم من قول المصنف بذمته مع رقبته أن محل الخلاف فيما إذا تعلق الأرش بالرقبة بأن قامت بينة بجناية العبد أو أقر بها السيد .
فأما لو تعذر التعلق بالرقبة بأن أقر بها العبد وكذبه السيد قال الإمام فلا وجه إلا القطع بالتعلق بذمة العبد وقد يرد على المصنف ما لو أقر السيد بأن عبده جنى على عبد خطأ قيمته ألف وقال العبد قيمته ألفان لزم العبد بعد العتق القدر الزائد على ما أقر به السيد على النص في الأم .
قال البلقيني وقد اجتمع في هذه الصورة التعلق بالرقبة والتعلق بالذمة على المذهب لكن لم يتحد محل التعلق .
فرع لو اطلع سيد العبد .
على لقطة في يده وأقرها عنده أو أهمله وأعرض عنه وفرعنا على الأظهر من أنه لا يصح التقاطه فأتلفها أو تلفت عنده تعلق المال برقبته وسائر أموال السيد كما نبه عليه البلقيني .
فرع حمل الجانية للسيد .
لا يتعلق به الأرش سواء كان موجودا قبل الجناية أم حدث بعدها فلا تباع حتى تضع إذ لا يمكن إجبار السيد على بيع الحمل ولا يمكن استثناؤه فإن لم يفدها بعد وضعها بيعا معا وأخذ السيد حصة الولد وأخذ المجني عليه حصته " ولو فداه " السيد " ثم جنى " بعد الفداء " سلمه للبيع " أي ليباع أو باعه بنفسه " أو فداه " كما تقدم ولو تكرر ذلك مرارا لأنه الآن لم يتعلق به غير هذه الجناية " ولو جنى ثانيا قبل الفداء باعه فيهما " أي الجنايتين أو سلمه ليباع فيهما ووزع ثمنه عليهما " أو فداه " السيد " بالأقل من قيمته والأرشين " على الجديد " وفي القديم بالأرشين " لما مر .
تنبيه : .
محل الخلاف إذا لم يمنع من بيعه مختارا للفداء فإن منع لزمه أن يفدي كلا منهما كما لو كان منفردا كما صرح به الشيخان في الكلام على جناية المستولدة وما جزم به المصنف من البيع في الجنايتين محله أن يتحدا فلو جنى خطأ ثم قتل عمدا ولم يفده السيد ولا عفا صاحب العمد ففي فروع ابن القطان أنه يباع في الخطأ وحده ولصاحب العمد القود كمن جنى خطأ ثم ارتد فإنا نبيعه ثم نقتله بالردة إن لم يتب .
قال المعلق عنه فلو لم يجد من يشتريه لتعلق القود به فعندي أن القود يسقط لأنا نقول لصاحبه إن صاحب الخطأ قد منعك فلو أقدناك لأبطلنا حقه فأعدل الأمور أن تشتركا فيه ولا سبيل إليه إلا بترك القود كذا نقله الزركشي وأقره وفيه كما قال ابن شهبة نظر .
ولو أعتقه .
أي العبد الجاني " أو باعه " فإن أبطلناهما فظاهر حكمه " و " إن " صححناهما " أي قلنا بصحتهما بأن كان المعتق موسرا والبائع مختارا للفداء وهو في الأولى راجح وفي الثانية مرجوح " أو قتله " السيد " فداه " حتما " بالأقل " من قيمته والأرش قطعا لأنه فوت محل حقه ثم أشار لطريقة حاكية للجديد والقديم السابقين بقوله " وقيل " في فدائه " القولان " السابقان وما رجحه من طريقة القطع جرى عليه في الروضة هنا وجزم في كتاب البيع في بيع العبد الجاني بطريقة الخلاف " ولو هرب " العبد الجاني " أو مات " قبل اختيار السيد الفداء " برىء سيده " من عهدته لأن الحق متعلق برقبته وقد فاتت " إلا إذا طلب " منه تسليمه ليباع في الجناية " فمنعه " فإنه لا يبرأ بل يصير مختارا للفداء لتعديه بالمنع والمستثنى منه صادق بأن لم يطلب منه أو طلب ولم يمنعه ( 4 / 102 ) .
تنبيه : .
لو علم السيد موضع العبد الهارب وأمكنه رده قال الزركشي يتجه أن يجب لأن التسليم واجب عليه ولو قتل العبد الجاني أجنبي قتلا يوجب مالا بأن قتله خطأ أو شبه عمد أو يوجب قصاصا وعفا السيد على مال تعلقت جناياته بقيمته لأنها بدله فإذا أخذت سلمها السيد أو بدلها من سائر أمواله .
فإن لم يعف السيد بل اقتص وهو جائز له .
قال البغوي لزمه الفداء للمجني عليه وأقراه وهذا كما قال شيخي مفرع على القول بأن الواجب القصاص أو الدية .
أما إذا فرعنا على الأصح من أن الواجب القصاص فلا يلزمه شيء كالمرهون إذا قتل واقتص السيد " ولو اختار " السيد " الفداء فالأصح " وفي الروضة الصحيح وهو أولى " أن له الرجوع " عنه " و " أن عليه " تسليمه " حينئذ ليباع في الجناية لأنه وعد ولا أثر له واليأس لم يحصل من بيعه .
والثاني يلزمه الفداء عملا بالتزامه .
تنبيه : .
فهم من قوله وتسليمه بقاء العبد فإن مات أو قتل فلا رجوع له قطعا ومحل الرجوع إذا كان باقيا كما قال البلقيني إذا لم تنقص قيمته بعد اختياره الفداء فإن نقصت لم يمكن من الرجوع ويلزمه الفداء قطعا لأنه فوت باختياره ذلك القدر من قيمته فإن قال أنا أسلمه وأغرم النقص قبل وما إذا لم يحصل بتأخير بيعه تأخير يضر بالمجني عليه بالتأخير فإن حصل وللسيد مال غيره فليس له الرجوع قطعا للضرر الحاصل للمجني عليه بالتأخير ولو باعه بإذن المجني عليه بشرط الفداء لزمه الفداء وشمل كلامه الاختيار الفعلي كأن وطىء الأمة الجانية وليس مرادا فإن الصحيح أنه ليس باختبار وقوله وتسليمه منصوب عطفا على اسم أن والمعنى وأن عليه تسليمه كما قدرته في كلامه ولا يصح رفعه عطفا على ضمير خبر أن لأن التسليم عليه لا له .
ويفدي .
بفتح أوله السيد وجوبا " أم ولده " الجانية حتما " بالأقل " من قيمتها والأرش قطعا لأنه بالاستيلاد منع من بيعها مع بقاء الرق فيها فأشبه ما إذا جنى القن فلم يسلمه للبيع .
وقال الإمام السيد بالاستيلاد مستمتع بحقه متصرف في ملكه فجعله ملتزما للفداء بجناية تحدث من بعد فيه غموض ولكنه متفق عليه بين الأصحاب " وقيل " في جناية أم ولده " القولان " السابقان في جناية القن ولعل مأخذه جواز بيع أم الولد .
تنبيه : .
محل وجوب فدائها على السيد إذا امتنع بيعها كما اقتضاه التعليل السابق فلو كانت تباع لكونه استولدها وهي مرهونة وهو معسر فإنه يقدم حق المجني عليه على حق المرتهن وتباع وتعتبر قيمتها يوم الجناية على الأصح اعتبارا بوقت لزوم فدائها ووقت الحاجة إلى بيعها الممنوع بالإحبال وقيل يوم الاستيلاد لأنه السبب في منع البيع .
وشمل كلامه الأمة التي استولدها سيدها بعد الجناية وهو ظاهر لكن الظاهر هنا كما قال شيخنا أن العبرة بقيمة يوم الإحبال إلا أن يمنع بيعها حال الجناية فتعتبر قيمتها حينئذ " وجناياتها " حكمها " كواحدة في الأظهر " فيلزمه للكل فداء واحد لأن الاستيلاد منزل منزلة الإتلاف وإتلاف الشيء لا يوجب إلا قيمة واحدة كما لو جنى عبده جنايات ثم قتله أو أعتقه فلو كانت قيمتها ألفا وجنت جنايتين وأرش كل منهما ألف فلكل منهما خمسمائة فإن كان الأول قبض ألفا استرد منه الثاني نصفه أو أرش الثانية خمسمائة استرد منه ثلثه أو أرش الثانية ألف والأولى خمسمائة استرد منه ثلثها ومن السيد خمسمائة تمام القيمة ليصير معه ثلثا الألف ومع الأول ثلثه كديون الميت إذا قسمت تركته عليها ثم حدث عليه دين آخر كأن حفر بئرا عدوانا فهلك بها شيء فيزاحم المستحق الغرماء ويسترد منهم حصته واستثنى البلقيني من ذلك أم الولد التي تباع بأن استولدها وهي مرهونة وهو معسر إذا جنت جناية تتعلق برقبتها فإن حق المجني عليه يقدم على المرتهن فلا تكون جناياتها كواحدة لأنه يمكنه بيعها بل هي كالقن يجني جناية بعد أخرى فيأتي فيها التفصيل المار .
والثاني يفديها في كل جناية بالأقل من قيمتها وأرش تلك الجناية .
تنبيه : .
محل الخلاف أن يكون أرش الجناية الأولى كالقيمة أو أكثر أو أقل والباقي من القيمة لا يفي بالجناية الثانية فإن كان أرش الأولى دون القيمة وفداها به وكان الباقي من قيمتها يفي الجناية الثانية فداها بأرشها قطعا ( 4 / 103 ) قال الزركشي وسكتوا عن التعلق بذمتها ويشبه القطع به لتعذر التعلق برقبتها وهذا ممنوع بل الأشبه كما قال شيخنا القطع بالتعلق بذمة السيد لأنه منع بيعها فلو ماتت عقب الجناية لم يسقط الأرش عن السيد في الأصح بخلاف القن كما قاله الرافعي في كلامه على جناية الموقوف .
تتمة حكم الموقوف حكم المستولدة لمنع الواقف بيعه بوقفه والظاهر كما قال شيخنا أن المنذور عتقه كذلك وأما المكاتب فذكر المصنف جنايته في باب الكتابة