بكسر القاف من القص وهو القطع وقيل من قص الأثر إذا تبعه لأن المقتص يتبع الجاني إلى أن يقتص منه " ومستوفيه والاختلاف " بين الجاني وخصمه " فيه " والعفو عن القصاص والمصالحة عليه وقد عقد المصنف لكل واحد مما ذكره فصلا غير أنه خالف ترتيب الترجمة لأنه قدم فصل الاختلاف على فصل من يستوفي القصاص .
لا تقطع يسار .
من يد ورجل وأذن وجفن ومنخر " بيمين " لاختلاف المحل والمنفعة والمقصود من القصاص المساواة ولا مساواة بينهما .
تنبيه : .
علم من تمثيله العكس من باب أولى " ولا شفة سفلى بعليا و " لا " عكسه " ولا جفن أعلى بأسفل ولا عكسه لما مر ولو تراضيا بقطع ذلك لم يقع قصاصا ولا يجب في المقطوعة بدلا قصاص بل دية ويسقط قصاص الأولى في الأصح .
تنبيه : .
قوله لا تقطع أولى منه لا تؤخذ لشموله للمعاني وفقء العين ونحوه .
ولا .
تقطع " أنملة " بفتح همزتها وضم ميمها في أفصح لغاتها التسع وهي فتح الهمزة وضمها وكسرها مع تثليث الميم " بأخرى " ولا سن بأخرى لأنها جوارح مختلفة المنافع والأماكن ( 4 / 31 ) .
تنبيه : .
قد علم من هذا أنه لا يقطع أصبع بأخرى كالسبابة والوسطى كما صرح به في المحرر " ولا " عضو " زائد " في محل " بزائد في محل آخر " كأن تكون زائدة المجني عليه تحت الخنصر وزائدة الجاني بعد الإبهام بل يؤخذ من الزائد الحكومة ولا يؤخذ عضو أصلي بزائد ولا زائد بأصلي إذا كان الزائد ثابتا في غير موضع نبات الأصلي وإلا فيقطع به إذا رضي المجني عليه إلا إذا لم ينقطع الدم كاليد الشلاء تؤخذ بالصحيحة بالشرط المذكور كما سيأتي .
تنبيه : .
أفهم كلامه أنه يقطع الزائد بالزائد عند اتحاد المحل وهو كذلك إلا إذا كانت زائدة الجاني أتم كأن كان لأصبعه الزائدة ثلاث مفاصل ولزائدة المجني عليه مفصلا فلا يقطع بها على المنصوص لأن هذا أعظم من تفاوت المحل وكان ينبغي أن يزيد ولا حادث بعد الجناية بأصلي ليشمل ما لو قلع سنا ليس له مثلها فلا قصاص وإن نبت له مثلها بعد لأنها لم تكن موجودة حال الجناية .
قاله الرافعي في الكلام على السن " ولا يضر " في القصاص عند مساواة المحل " تفاوت كبر " وصغر " وطول " وقصر " وقوة بطش " وضعفه " في " عضو " أصلي " قطعا لإطلاق قوله تعالى " والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن " فإنه لا يقتضي عدم النظر إلى ذلك كما في للنفس ولأن المماثلة في ذلك لا تكاد تنضبط فلو اعتبرت لتعطل حكم القصاص غالبا .
ويستثنى من ذلك ما لو كان للمجني عليه يد أقصر من أختها قطعها الجاني وهو مستوي اليدين فإنه لا قصاص عليه لأنها ناقصة بل فيها ديتها ناقصة حكومة حكاه في أصل الروضة عن البغوي وأقره .
تنبيه : .
شمل إطلاق المصنف ما إذا كان النقص بآفة سماوية أو بجناية وهو ما صوبه الزركشي لكن الذي حكاه الإمام هنا وأقراه أنه لا قصاص إذا كان بجناية وأنه لا تجب دية كاملة وهو أوجه " وكذا " عضو " زائد " لا يضر فيه التفاوت المذكور " في الأصح " كالأصلي والثاني يضر لأن القصاص إنما يجب في العضو الزائد بالاجتهاد فإذا كان عضو الجاني أكبر حكومته أكثر فلا يأخذ بالذي هو أنقص منه بخلاف الأصلي فإن القصاص يثبت فيه بالنص فلا يعتبر التساوي فيه " ويعتبر قدر الموضحة " بالمساحة " طولا وعرضا " في قصاصها لا بالجزئية لأن الرأسين مثلا قد يختلفان صغرا وكبرا فيكون جزء أحدهما قدر جميع الآخر فيقع الحيف بخلاف الأطراف لأن القصاص وجب فيها بالمماثلة في الجملة ولو اعتبرناها بالمساحة أدى إلى أخذ الأنف ببعض الأنف وقد قال تعالى " والأنف بالأنف " ولا كذلك في الموضحة فاعتبرت بالمساحة .
وكيفية معرفته أن تذرع موضحة المشجوج بعود أو خيط يحلق ذلك الموضع من رأس الشاج إن كان عليه شعر ويخط عليه بسواد أو غيره ويضبط الشاج كيلا يضطرب ويوضح بحديدة حادة كالموسى لا بسيف وحجر ونحوهما وإن كان أوضح كما قاله القفال وجرى عليه ابن المقري إذ لا تؤمن الزيادة .
قال الروياني بعد نقله ذلك عن القفال وفيه نظر وقياس المذهب أنه يقتص بمثل ما فعله إن أمكن ولعل ما قاله القفال إذا لم يمكن .
قال الزركشي وهو ما نقله البغوي عن القاضي ولم يذكر غيره وهو الظاهر ثم يفعل المجني عليه بالجاني ما هو أسهل عليه من الشق دفعة واحدة أو شيئا فشيئا وهذا ما قاله الأصحاب .
وقال ابن الرفعة الأشبه الإتيان بمثل جنايته إن أوضح دفعة فدفعة أو التدريج فالتدريج اه " .
وهذا ظاهر عند النزاع ويحمل كلام الأصحاب على غير هذه الحالة .
تنبيه : .
ما ذكره من أنه يحلق الشعر عند الاقتصاص محله ما إذا كان على رأس المجني عليه حال الجناية شعر فإن كان برأس الشاج شعر دون المشجوج ففي الروضة وأصلها عن نص الأم أنه لا قود لما فيه من إتلاف شعر لم يتلفه الجاني وظاهر نص المختصر وجوبه بعد إزالة الشعر من موضع الشجة وعزي للماوردي .
وحمل ابن الرفعة الأول على فساد منبت المشجوج .
والثاني على ما لو حلق .
وهو حمل حسن .
قال الأذرعي وقضية نص الأم أن الشعر الكثيف تجب إزالته ليسهل الاستيفاء ويبعد عن الغلط .
قال والتوجيه يشعر بأنها لا تجب إذا كان الواجب استيعاب الرأس اه " .
يتعلق بانتهاء الجراحة إلى العظم والتفاوت في قدر العرض قل ما يتفق فيقطع النظر عنه كما يقطع النظر في الصغر والكبر في الأطراف " ولو أوضح " شخص آخر في بعض رأسه وقدر الموضحة يستوعب جميع رأس الشاج أوضح جميع رأسه لقوله تعالى " والجروح قصاص " والقصاص المماثلة ولا ( 4 / 32 ) وهو ظاهر " ولا يضر تفاوت غلظ لحم وجلد " في قصاصها لأن اسم الموضحة يمكن في الموضحة إلا بالمساحة وقد استوعبت المساحة رأسه فوجب وإن زاد حقه على جميع رأس الشاج أو وضح " كل رأسه " أي المشجوج " ورأس الشاج أصغر " من رأسه " استوعبناه " إيضاحا ولا يكتفي به " ولا نتممه من الوجه والقفا " لأنهما غير محل الجناية ولو قال ولا نتممه من غيره كان أولى ليشمل سائر الجوانب فإن الحكم فيها كذلك لو أوضح جبهته وجبهته وجبهة الجاني أضيق لا يرتقي للرأس لما ذكر " بل يؤخذ قسط الباقي من أرش الموضحة لو وزع على جميعها " لتعينه طريقا فإن كان الباقي قدر الثلث مثلا فالمتمم به ثلث أرشها وطريق معرفته بالمساحة " وإن كان رأس الشاج أكبر " من رأس المشجوج " أخذ " منه " قدر " موضحة " رأس المشجوج فقط " معتبرا بالمساحة لحصول المساواة " والصحيح " وبه قطع الأكثرون كما في الروضة " أن الاختيار في " تعيين " موضعه إلى الجاني " لأن جميع رأسه محل الجناية فأي موضع أدى منه تعين كما في الدين بخلاف ما إذا لم يستوعب رأس المجني عليه فإنه يعتبر ذلك المحل .
فقولهم إن الرأس كلها محل الجناية فيما إذا استوعبت رأس المجني عليه وكذا لو أوضح من به موضحة غير منه ملة غيره في موضع موضحته لا يقتص منه وإن اندملت موضحته لأن محل القصاص لم يكن موجودا عند الجناية .
والثاني الاختيار في ذلك إلى المجني عليه أن لم يطلب أزيد من حقه وليس هذا كالدين لأنه مسترسل في الذمة وصوبه الأذرعي وغيره .
تنبيه : .
محل الخلاف ما إذا أخذ قدر ذلك القدر من مكان واحد فلو أرد أن يأخذ قدر ما أوضحه منه من مواضع من رأسه فالأصح المنع لأنه يؤدي إلى مقابلة موضحة بموضحتين فأكثر ولا تتبعض مع إمكان استيفائها قصاصا وأرشا بخلاف الموضحتين فإن له أن يقتضي في إحداهما ويأخذ أرش الأخرى " ولو أوضح ناصية " من شخص " وناصيته أصغر " من ناصية المجني عليه " تمم من باقي الرأس " من أي محل كان لأن الرأس كله عضو واحد فلا فرق بين مقدمه وغيره بخلاف ما سبق في الوجه والرأس فإنهما عضوان " ولو زاد المقتص " عمدا " في موضحة على حقه لزمه قصاص الزيادة " لتعمده ولكن إنما يقتص منه بعد اندمال موضحته " فإن كان " الزائد " خطأ " كأن اضطربت يده أو شبه عمد " أو " عمدا " على مال وجب أرش كامل قسط " الزيادة فقط بعد توزيع الأرش عليهما .
تنبيه : .
محل الضمان في الخطأ ما إذا لم تكن الزيادة باضطراب من الجاني فقط وإلا فلا ضمان فإن كانت بسبب اضطرابهما فالضمان عليهما وإن قال الزركشي فيه نظر ولو قال المقتص تولدت باضطرابك فأنكر ففي المصدر منهما وجهان أوجههما كما استظهره البلقيني تصديق المقتص منه .
تنبيه : .
كلام المصنف قد يوهم تمكين المستحق من الاستيفاء وسيأتي أنه لا يمكن في الطرف في الأصح فقيل كلامه هنا مبني على مرجوح أو محمول على ما إذا بادر واستوفى الطرف فزاد على حقه فإنه يلزمه قصاص الزيادة وإن قلنا أنه لا يمكن من استيفاء قصاص الطرف وصوره الزركشي بصورتين إحداهما أن يرضى الجاني باستيفاء المستحق ( 4 / 33 ) وثانيتهما أن يوكل المستحق في الاستيفاء فيستوفي زائدا .
قال ابن شهبة وفي الصورة الثانية نظر .
ولو أوضحه جمع .
بتحاملهم على آلة واحدة جروها معا " أوضح من كل واحد " منهم موضحة " مثلها " إذ ما من جزء إلا وكل واحد جان عليه فأشبه ما إذا اشتركوا في قطع عضو " وقيل قسطه " منها لإمكان التجزئية فتوزع عليهم ويوضح من كل واحد بقدر حصته كإتلاف المال بخلاف الطرف وهذا الخلاف إنما هو احتمال للإمام .
تنبيه : .
قد يقتضي كلام المصنف ترجيح وجوب دية موضحة كاملة على كل واحد إذا آل الأمر إلى الدية وهو الأقرب عند الإمام وقطع البغوي بإيجاب القسط وصوبه البلقيني كقطع الطرف والأوجه الأول كما جرى عليه في الأنوار لأن الموضحة تعدد بتعدد الفاعل ولا كذلك الطرف .
ووقع في الروضة عزو الأول إلى البغوي والثاني إلى الإمام ونسب للسهو وقد ذكره الرافعي على الصواب .
ولا تقطع .
يد أو رجل " صحيحة بشلاء " بالمد إن لم يسر القطع إلى النفس والشلل بطلان العمل وإن لم يزل الحس والحركة كما رجحه ابن الرفعة " وإن رضي " به " الجاني " أو شلت يده أو رجله بعد الجناية وإن لم تفهمه عبارة المصنف لانتفاء المماثلة وقتها " فلو " خالف صاحب الشلاء و " فعل " القطع بغير إذن الجاني " لم يقع قصاصا " لأنه غير مستحق " بل عليه ديتها " وله حكومة يده الشلاء " فلو سرى " القطع " فعليه قصاص النفس " لتوفيتها بغير حق وإن فعله بإذنه فإن قال له اقطعها ولم يقل قصاصا فقطعها كان مستوفيا لحقه ولا شيء عليه وإن مات الجاني بالسراية لأذنه له في القطع وإن قال اقطعها قصاصا فوجهان أحدهما وهو الأوجه كما قطع به البغوي أن ذلك لا يقع قصاصا بل على المجني عليه نص الدية لأنه لم يستحق ما قطعه وعلى الجاني الحكومة لأنه لم يبدل عضوه مجانا .
والثاني يقع وكأن الجاني أدى الجيد عن الرديء وقبضه المستحق .
أما إذا سرى القطع إلى النفس فإن الصحيحة تقطع بالشلاء كما ذكره الرافعي في الطرف الثالث وكذا لو كانت النفس مستحقة الإزهاق للمجني عليه فإن الصحيحة تؤخذ بالشلاء وعكسه وإن لم تنحسم العروق ويطرد ذلك فيما يعتبر فيه رعاية المماثلة في الأطراف فتؤخذ كاملة الأصابع بناقصتها أو فاقدتها كما في الرافعي في كيفية المماثلة " وتقطع الشلاء " من يد أو رجل بشلاء كما اقتضاه قوله ولا تقطع صحيحة بشلاء ولكن محله إذا استويا في الشلل أو كان شلل الجاني أكثر ولم يخف نزف الدم وإلا فلا تقطع وتقطع أيضا " بالصحيحة " كما علم بالأولى لأنها دون حقه " إلا أن يقول أهل الخبرة " أي عدلان منهم وإن اقتضت عبارته أنه لا بد من جمع " لا ينقطع الدم " بل تنفتح أفواه العروق ولا تنسد بحسم النار ولا غيره فلا تقطع بها وإن رضي الجاني كما نص عليه في الأم حذرا من استيفاء النفس بالطرف فإن قالوا ينقطع الدم " و " الحال أنه " يقنع بها مستوفيها " بأن لا يطلب أرشا للشلل فيقطع حينئذ بالصحيحة لاستوائهما في الجرم وإن اختلفا في الصفة لأن الصفة المجردة لا تقابل بمال ولذا لو قتل الذمي بالمسلم أو العبد بالحر لم يجب لفضيلة الإسلام والحرية شيء ويخالف ما لو نقصت يده أصبعا حيث تؤخذ ديتها لأن الأصبع تفرد بالقصاص .
تنبيه : .
لو قدم قوله ويقنع بها مستوفيها على قوله إلا أن يقول إلخ لاستغنى عما قدرته ولو قطع الأشل مثله ثم صح القاطع لم يقطع لوجود الزيادة عند الاستيفاء .
فإن قيل إنما تعتبر المماثلة عند الجناية لا عند الاستيفاء بدليل أنه لو جنى ذمي على ذمي ثم أسلم الجاني فإنه يقتص منه .
أجيب بأن المنافع إذا عادت يتبين أنها لم تزل ففي الحقيقة ما اعتبرنا إلا حالة الجناية ولو قطع سليم يد أو رجل أشل أو ناقصة أصبع ثم شلت بفتح الشين يده في الأولى ونقصت الأصبع في الثانية لم تقطع في الأولى كما مرت الإشارة إليه لانتفاء المماثلة عند الجناية وتقطع في الثانية خلافا لابن المقري لأن القصاص قد تعلق بها بما عد الأصبع المذكورة عند الجناية .
وقد قالوا لو قطع كامل أصبع الوسطى من فاقد عليا تلك الأصبع ثم سقطت ( 4 / 34 ) علياه اقتص منه لأنه صار مماثلا له .
ويقطع .
عضو " سليم بأعسم وأعرج " إذ لا خلل في العضو والعسم بمهملتين مفتوحتين وهو كما في الروضة كأصلها تبعا لجمهور أهل اللغة تشنج في المرفق أو قصر في الساعد أو العضد .
وقال ابن الصباغ هو ميل واعوجاج في الرسغ .
وقال الشيخ أبو حامد الأعسم هو الذي بطشه بيساره أكثر وهو الأعسر في العرف " ولا أثر " في القصاص في يد أو رجل " لخضرة أظفار وسوادها " لأنه علة ومرض في الظفر وذلك لا يؤثر في وجوب القصاص .
تنبيه : .
محل ذلك في علة الظفر كما قاله الأذرعي إذا كان خلقة ولم يكن جافا وإلا فلا قصاص كما جزم به في الأول المتولي ونص عليه الشافعي في الثاني وجرى عليه الإمام وتقطع فاقدة الأظفار بفاقدتها ولو نبتت أظفار القاطع لم يقطع لحدوث الزيادة .
ويؤخذ منه أن يد الجاني لو نبت فيها أصبع بعد الجناية لم يقطع " والصحيح قطع ذاهبة الأظفار بسليمتها " لأنها دونها " دون عكسه " لأن الكامل لا يؤخذ بالناقص .
تنبيه : .
اعترض على المصنف من وجهين أحدهما أن عبارته تقتضي طرد وجهين في المسألتين مع أن الأولى لا خلاف فيها والثانية فيها احتمال للإمام لا وجه فجعله وجها وعبر فيها بالصحيح ولو قال ولا تقطع سليمة أظفارها بذاهبتها دون عكسه كان أظهر وأخصر .
الثاني تعبيره بذاهبة الأظفار يقتضي زوالها بعد وجودها لكنه في الروضة كأصلها صورها بمن لم يخلق ظفر وعليه ينطبق التعليل السابق مع أن الحكم واحد إذ لا فرق بين ذاهبتها وبين المخلوقة بدونها وإذا قطعت ذاهبة الأظفار بالسليمة كان لصاحب السليمة حكومة الأظفار كما قاله ابن أبي عصرون وبحثه البلقيني وقال لم أر من تعرض له " والذكر صحة وشللا كاليد " صحة وشللا فيما مر جميعه إذ لا فرق بينهما ويجب في قطع الذكر وفي قطع الأنثيين وفي إشلالهما القصاص .
سواء أقطع الذكر والأنثيين معا أم مرتبا وفي إشلال إحداهما إن علم سلامة الأخرى بقول أهل الخبرة ولو دقهما اقتص بمثله إن أمكن وإلا وجبت الدية كما نقله في الروضة عن التهذيب وجرى عليه ابن المقري وإن قال الرافعي يشبه أن يكون الدق ككسر العظام .
تنبيه : .
صحة وشللا منصوبان على الحال من الذكر ولكن مجيء الحال من المبتدأ خلاف مذهب سيبويه .
قال الزركشي ويمكن أن يكونا حالين من الضمير في الجار والمجرور بعده أي كاليد صحة وشللا " و " الذكر " الأشل " كما في تحرير المصنف عن الأصحاب " منقبض لا ينبسط أو عكسه " أي منبسط لا ينقبض أي يلزم حالة واحدة من انقباض أو انبساط ولا يتحرك أصلا وقيل هو الذي لا يتقلص في البرد ولا يسترسل في الحر وهو بمعنى الأول " ولا أثر " في القصاص في الذكر " للانتشار وعدمه فيقطع فحل " أي ذكره " بخصي " وهو مقطوع الأنثيين بجلدتيهما " وعنين " وهو العاجز عن الوطء خلافا للأئمة الثلاثة .
أما الثاني فلأنه لا خلل في نفس عضوه وتعذر الانتشار لضعف في القلب أو الدماغ .
وأما الأول فلسلامة ذكره وقدرته على الإيلاج فهو آكد من ذكره الثاني ولا فرق في الذكر بين الأقلف والمختون وذكر الكبير والصغير " و " يقطع " أنف صحيح " شما وغيره " بأخشم " وهو من فقد شمه لأن الشم لا يحل جرم الأنف وبأجذم وإن اسود لبقاء الجمال والمنفعة ويقطع أنف سقط بعضه ولو صحيحا بمثله ولو أجدم فإن لم يسقط بعضه وكان صحيحا قطع من الصحيح مثل ما كان بقي من أنف المجني عليه ولو أجذم إن أمكن " و " تقطع " أذن سميع بأصم " وهو من لا يسمع وعكسه كما فهم بالأولى لأن السمع ليس في جرم الأذن وكذا صحيحة بمستحشفة بكسر الشين المعجمة أي بغير جناية وبمثقوبة ثقبا غير شائن لبقاء الجمال والمنفعة من جميع الصوت ورد الهوام بخلاف اليد والرجل الشلاوين ولا تقطع صحيحة بمخرومة ومثقوبة لفوات الجمال فيهما والمخرومة ما قطع بعضها بل يقتص فيها بقدر ما بقي منها كما مر وتقطع مخرومة بصحيحة ويؤخذ أرش ( 4 / 35 ) ما نقص منها وثقب الأذن الشائن كالخرم فيما ذكر .
تنبيه : .
التصاق الأذن بعد الإبانة لا يسقط القصاص ولا الدية لأن الحكم يتعلق بالإبانة وقد وجدت ولا يوجب قصاصا ولا دية بقطعها ثانيا لأنها مستحقة الإزالة ولا مطالبة للجاني بقطعها وأما التصاقها وقطعها ثانيا قبل الإبانة فيسقط القصاص والدية عن الأول ويواجههما على الثاني وللمجني عليه حكومة على الجاني أولا ويجب قطع الأذن المبانة إذا التصقت إن لم يخف منه محذور التيمم لنجاسة باطن الأذن بالدم الذي ظهر في محل القطع فقد ثبت له حكم النجاسة فلا يزول بالاستبطان بخلاف ما إذا كانت معلقة بجلدة والتصقت فإنه لا يجب قطعها .
وإنما أوجبنا القطع ثم الدم لأن المتصل منه بالمبان قد خرج عن البدن بالكلية فصار كالأجنبي وعاد إليه بلا حاجة ولهذا لم يعف عنه وإن قل بخلاف المتصل منه هنا ولو استوفى المجني عليه بعض الأذن والتصق فله قطعه مع باقيها لاستحقاقه الإبانة .
و " لا " تؤخذ " عين صحيحة بحدقة عمياء " ولو مع بقاء سوادها وبياضها لأن العين القائمة كاليد الشلاء فلا تؤخذ بها المبصرة لأنها أكثر من حقه لأن البصر في العين بخلاف السمع والشم وتؤخذ العمياء بالصحيحة إن رضي بها المجني عليه لأنها دون حقه .
تنبيه : .
لا يصح عطف عين على ما قبله لأن العامل فيما قبله وهو يقطع لا يصح تقديره هنا ولذلك قدرت في كلامه تؤخذ لأنه أنسب ويقطع جفن البصير بجفن الأعمى لتساوي العضوين في الجرم والصحة والبصر ليس في الجفن لكن لا يؤخذ جفن له أهداب بما لا أهداب له " ولا " يقطع " لسان ناطق " أي متكلم " بأخرس " لأن النطق في جرم اللسان ويجوز عكسه إن رضي المجني عليه لأنه دون حقه ولا يجب معه شيء ويقطع لسان ناطق بلسان رضيع إن ظهر فيه أثر النطق بحيث يحركه عند البكاء وغيره كذا قالاه هنا لكن ذكرا في كتاب الديات ما حاصله أن المذهب وجوب الدية في لسان الرضيع الذي لم يظهر فيه أثر النطق كقطع يده أو رجله لأن الظاهر السلامة ومقتضى ذلك وجوب القصاص فيه ذكره الأسنوي .
وأجيب بأنه لا يلزم من وجوب الدية وجوب القصاص لأنه يدرأ بالشبهة والأولى أن يقال إن بلغ أوان النطق ولم يتكلم لم يجب القصاص وإن لم يبلغ ذلك وجب ويحمل عليه قول شيخنا في شرح الروض والأوجه وجوبه كما لو قطع يده عقب الولادة فإنه يجب فيها القصاص .
وفي قلع السن قصاص .
قال تعالى " والسن بالسن " نعم لا تؤخذ التي بطل نفعها أو التي فيها صغر بحيث لم تصلح للمضغ أو كان بها نقص ينقص به أرشها كأن كانت إحدى ثنيتيه أنقص من الأخرى أو كانت مضطربة اضطرابا شديدا إلا بمثلها ولا تؤخذ صحيحة بمكسورة ويجوز عكسه مع أرش الذاهب من المكسورة وتؤخذ العليا بالعليا والسفلى بالسفلى و " لا " قصاص " في كسرها " بناء على ما سبق من عدم وجوب القصاص في كسر العظام .
نعم إن أمكن فيها القصاص فعن النص أنه يجب لأن السن عظم مشاهد من أكثر الجوانب ولأهل الصنعة آلات قطاعة يعتمد عليها في الضبط فلم يكن كسائر العظام واحتج لذلك بحديث البخاري عن أنس بن النضر أن أخته الربيع كسرت ثنية جارية من الأنصار فطلبوا الأرش وطلبوا العفو فأتوا رسول الله A فأمر بالقصاص فقال أنس أتكسر ثنية الربيع يا رسول الله لا والذي بعثك بالحق لا تكسر ثنيتها فقال A كتاب الله القصاص فرضي القوم وعفوا وبنى على ذلك البلقيني أنها لو قلعت ممن لم يثغر فعادت ناقصة اقتص في الزيادة إن أمكن " ولو قلع " شخص مثغور وهو الذي سقطت رواضعه وهي أربع تنبت وقت الرضاع يعتبر سقوطها لا سقوط الكل قاله في الأنوار فتسمية غيرها بالرواضع مجاز علاقته المجاورة أو غير مثغور " سن " كبير أو " صغير لم يثغر " بضم أوله وسكون ثانيه المثلث وفتح ثالثه المعجم أي لم تسقط أسنانه الرواضع التي من شأنه السقوط ومنها المقلوعة " فلا ضمان في الحال " بقصاص ولا دية لأنه لم يتحقق إتلافها لأنها تعود غالبا فأشبه الشعر ( 4 / 36 ) .
تنبيه : .
لو حذف المصنف صغير لكان أخصر واستغنى عما قدرته " فإن جاء وقت نباتها بأن سقطت البواقي " من الأسنان " وعدن " أي نبتن " دونها " أي المقلوعة " وقال أهل البصر " أي الخبرة " فسد المنبت " بحيث لا يتوقع نباتها " وجب القصاص " فيها حينئذ لليأس من عودها .
فإن قالوا يتوقع نباتها إلى وقت كذا انتظر فإن مضى الوقت ولم تعد وجب القصاص " ولا يستوفى له " أي للصغير " في صغره " بل ينتظر بلوغه ليستوفي لأن القصاص للتشفي وإنما ذكر المصنف هذا وإن استغنى عنه بما سيأتي في قوله وينتظر كمال صبيهم لأن ذاك في الوارث وهذا في المستحق نفسه فإن مات قبل بلوغه اقتص وارثه في الحال أو أخذ الأرش وإن مات قبل حصول اليأس وقبل تبين الحال فلا قصاص لوارثه وكذا لا دية على الأصح كما ذكره الشيخان في الديات .
تنبيه : .
سكت المصنف عما إذا نبتت سليمة لوضوحه فإنه لا قصاص فيها ولا دية وإن نبتت سوداء أو معوجة أو بقي شين أو نبتت أطول مما كانت أو نبتت معها سن ثانية فحكومة وإن نبتت أقصر مما كانت وجب تقدير أرش النقص من الأرش أو القصاص إن أمكن كما مر عن البلقيني " ولو قلع " مثغور " سن مثغور فنبتت " قبل أخذ مثلها من الجاني أو الأرش عنها " لم يسقط القصاص في الأظهر " لأن عودها نعمة جديدة من الله تعالى إذ لم تجر العادة به كما لو التحمت الجائفة أو اندملت الموضحة أو نبتت اللسان إذ لا يسقط بذلك دية ما ذكر والثاني يسقط كالصغير إذا عاد سنه لأن ما عاد قام الأول فكأنه لم يسقط وعلى القولين للمجني عليه أن يقتص أو يأخذ الأرش في الحال ولا ينتظر عودها فإن نبتت بعد أخذ مثلها فليس للجاني قطعها ولا أخذ الأرش أو بعد أخذ الأرش فليس له استرداده .
تنبيه : .
في قلع سن المثغور النابتة القصاص فإن قلعها منه الجاني وقد اقتص منه وجب عليه الأرش للقلع الثاني لأن ما وجب فيه القصاص وهو سن الجاني قد فات وإن كان قد أخذ أرشها للقلع الأول اقتص منه للقلع الثاني وأخذ منه الأرش وإن لم يأخذ منه شيئا ولم يقتص لزمه قصاص وأرش أو أرشان بلا قصاص .
وسكت المصنف عما لو قلع بالغ غير مثغور سن مثغور وحكمه أن المجني عليه مخير بين الأرش والقصاص ولا أرش كما في أخذ اليد الشلاء بدل الصحيحة وانقطع طلبه بذلك فلو عادت السن لم نقلع ثانيا وخرج بالبالغ الصغير فإنه لا قصاص عليه وعما لو قلع غير مثغور سن مثله وحكمه أنه لا قصاص ولا دية في الحال لما مر فإن نبتت سن المجني عليه فلا قصاص ولا دية وإن لم تنبت وقد دخل وقت نباتها اقتص من القالع أو أخذ منه الأرش فإن اقتص ولم تعد سن الجاني فذاك وإن عادت كان له قلعها ثانيا ليفسد منبتها كما أفسد منبته .
فإن قيل قياس ما مر في قلع غير المثغور سن المثغور أنها لا تقلع هنا ثانيا .
أجيب بأن القصاص ثم إنما توجه لسن مماثلة لسن المجني عليه وهي لم توجد بعد فلما لم يصبر إلى وجودها وقلع الموجودة غير المماثلة سقط حقه كما في الشلاء وهنا توجه إلى الموجودة لمماثلها المقلوعة فإذا قلعها ولم يفسد منبتها قلع المعادة ليفسد منبتها كمنبت المجني عليه وظاهر هذا التعليل أنها تقلع ثالثا وهكذا حتى يفسد منبتها وظاهر ما تقدم أنها إذا طلعت سن المثغور ثانيا أنها نعمة جديدة أنها لا تقلع وهو الظاهر ولذلك اقتصروا على القلع ثانيا " ولو نقصت يده " أي شخص " أصبعا " مثلا " فقطع " يدا " كاملة " أصابعها فإن شاء المجني عليه فله أخذ الأرش وإن شاء " قطع " يد الجاني " وعليه " أي الجاني " أرش أصبع " لأنه قطع منه أصبعا لم يستوف قصاصها فيكون له أرشها وعكس هذه الصورة " و " هو " لو قطع كامل " أصابع اليد يدا " ناقصة " أصبعا مثلا " فإن شاء المقطوع أخذ دية أصابعه الأربع وإن شاء لقطها " لأنها داخلة في الجناية ويمكن استيفاء ( 4 / 37 ) القصاص فيها وليس له قطع اليد الكاملة لما فيه من استيفاء الزيادة ولا لقط البعض وأخذ أرش الباقي " والأصح أن حكومة منابتهن تجب إن لقط " المقطوع الأصابع الأربع و " لا " تجب لأنها من جنس الدية " إن أخذ ديتهن " بل تندرج الحكومة في ذلك لأنها من جنس الدية فدخلت فيها دون القصاص فإنه ليس من جنسها والثاني تجب إذا لقطهن وتدخل تحت قصاص الأصابع كما تدخل تحت ديتها فإنه أحد موجبي الجناية " و " الأصح " أنه يجب في الحالين " وهما حالة اللفظ وحالة أخذ الدية " حكومة خمس الكف " الباقي وهي ما يقابل منبت أصبعه الباقية .
أما حالة لقط الأصابع فجزما كما في الشرح والروضة وإن أوهم كلام المصنف جريان الخلاف فيه وأما في حالة أخذ الدية فعلى الأصح لأنه لم يستوف في مقابلته شيء يتخيل اندراجه فيه والثاني المنع وهو خاص بحالة أخذ الدية كما تقرر لأن كل أصبع يستتبع الكف كما يستتبعها كل الأصابع ويأتي ما ذكر فيما لو كانت يد الجاني زائدة أصبع ويد المجني عليه معتدلة فلقط المجني عليه أصابع الجاني الخمس " ولو قطع " شخص " كفا بلا أصابع " عليها " فلا قصاص " عليه " إلا أن تكون كفه " أي القاطع " مثلها " لفقد المساواة في الأولى ووجودها في الثانية .
تنبيه : .
قوله إلا أن تكون كفه مثلها إن حمل على حالة الجناية اقتضى أن وجود الأصابع مانع من الوجوب وليس مرادا بل إنما هو مانع من الاستيفاء لا الوجوب فإذا سقطت الأصابع حصلت القدرة على القصاص في الكف فيقتص كما صرحوا به فيما إذا قطع سليم اليد الأنملة الوسطى ممن هو فاقد الأنملة العليا كما مرت الإشارة إليه وإن حمل قوله تكون على قصير صح ويؤخذ منه ما لو كان فاقدها عند الجناية بطريق الأولى " ولو قطع فاقد الأصابع كاملها قطع " المستحق " كفه وأخذ دية الأصابع " لأنه لم يستوف شيئا في مقابلتها .
تنبيه : .
هذه المسألة قد علمت مما مر في قوله ولو قطع ناقص اليد أصبع يد كاملة " ولو شلت " بفتح الشين المعجمة كما في الصحاح وحكى غيره الضم " أصبعاه " مثلا " فقطع يدا كاملة فإن شاء " المجني عليه " لقط " أصابع الجاني " الثلاث السليمة لأنها مساوية لأصابعه " وأخذ دية أصبعين " لتعذر الوصول إلى تمام حقه مع ثلاثة أخماس حكومة الكف على الأصح وسكت المصنف عن ذلك هنا لفهمه مما سبق فيما لو قطع كامل ناقصة " وإن شاء " الممقطوع " قطع يده وقنع بها " وليس له طلب أرش الأصبعين الشلاوين كما لو كانت يده شلاء جميعها لا يستحق شيئا مع قطعها ففي البعض أولى .
تتمة لو قطع من له ست أصابع أصلية يدا معتدلة لقط المعتدل خمس أصابع وأخذ سدس دية يد وحكومة خمسة أسداس الكف ويحط شيء من الثلث بالاجتهاد ولو التبست الزائدة بالأصلية فلا قطع فإن لقط خمسا كفاه ويعزر ولو قطع ذو الست أصبع معتدل قطعت أصبعه المماثلة للمقطوعة وأخذ منه ما بين خمس دية اليد وسدسها وهو بعير وثلثان لأن خمسها عشرة وسدسها ثمانية وثلث والتفاوت بينهما ما ذكرناه ولو قطع معتدل اليد ذات الست الأصلية قطع يده وأخذ منه شيء للزيادة المشاهدة فإن قطع أصبعا منها فلا قصاص عليه لما فيه من أخذ خمس بسدس بل يجب عليه سدس دية وإن قطع أصبعين منها قطع صاحبها منه أصبعا وأخذ ما بين خمس دية يد وثلثها وهو ستة أبعرة وثلثان وإن قطع منها ثلاثا قطع منه أصبعان وأخذ ما بين نصف دية اليد وخمسيها وهو خمسة أبعرة وتقطع أصبع ذات أربع أنامل أصلية بمعتدلة كما جزم به ابن المقري وجرى عليه البغوي في تعليقه إذ لا تفاوت بين الجملتين بخلاف من له ست أصابع لا تقطع ( 4 / 38 ) بمن له خمس كما مر لوجود الزيادة في منفصلات العدة وقيل لا تقطع بها وجرى عليه البغوي في تهذيبه بل يقطع ثلاث أنامل ويؤخذ التفاوت وتقطع أنملة من له أربع أنامل بأنملة المعتدل مع أخذ ما بين الثلث والربع من دية أصبع وهو خمسة أسداس بعير لأن أنملة المعتدل ثلث أصبع وأنملة القاطع ربع أصبع وإن قطعها المعتدل فلا قصاص ولزمه ربع دية أصبع وإن قطع منه المعتدل أنملتين قطع منه أنملة وأخذ منه ما بين ثلث ديتها ونصفها وهو بعير وثلثان