والموجب لها قرابة البعضية فقط " يلزمه " أي الشخص ذكرا كان أو غيره " نفقة الوالد " الحر " وإن علا " من ذكر أو أنثى " والولد " الحر " وإن سفل " من ذكر أو أنثى .
والأصل في الأول ( 3 / 447 ) قوله تعالى " وصاحبهما في الدنيا معروفا " ومن المعروف القيام بكفايتهما عند حاجتهما وخبر أطيب ما يأكل الرجل من كسبه وولده من كسبه فكلوا من أموالهم رواه الترمذي وحسنه والحاكم وصححه .
قال ابن المنذر وأجمعوا على أن نفقة الوالدين اللذين لا كسب لهما ولا مال واجبة في مال الولد والأجداد والجدات ملحقون بهما إن لم يدخلوا في عموم ذلك كما ألحقوا بهما في العتق والملك وعدم القود ورد الشهادة وغيرهما .
وفي الثاني قوله تعالى " فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن " إذ إيجاب الأجرة لإرضاع الأولاد يقتضي إيجاب مؤنتهم وقوله A لهند خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف رواه الشيخان والأحفاد ملحقون بالأولاد إن لم يتناولهم إطلاق ما تقدم .
تنبيه : .
استنبط من حديث هند غير وجوب نفقة الزوجة والولد ثلاثة عشر حكما نبه على ذلك ابن النقيب وذكرتها في شرح التنبيه .
ولا يضر فيما ذكر اختلاف الدين كما قال " وإن اختلف دينهما " فيجب على المسلم منهما نفقة الكافر المعصوم وعكسه لعموم الأدلة ولوجود الموجب وهو البعضية كالعتق ورد الشهادة .
فإن قيل هلا كان ذلك كالميراث أجيب بأن الميراث مبني على المناصرة وهي مفقودة عند اختلاف الدين وخرج بالأصول والفروع غيرهما من سائر الأقارب كالأخ والأخت والعمة .
وأوجب أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه نفقة كل ذي محرم بشرط اتفاق الدين في غير الأبعاض تمسكا بقوله تعالى " وعلى الوارث مثل ذلك " وأجاب الشافعي رضي الله تعالى عنه بأن المراد مثل ذلك نفي المضارة كما قيده ابن عباس وهو أعلم بكتاب الله تعالى .
والحر الرقيق فإن لم يكن مبعضا ولا مكاتبا فأن كان منفقا عليه فهي على سيده وإن كان منفقا فهو أسوأ حالا من المعسر والمعسر لا تجب عليه نفقة قريبه .
فإن قيل العبد يلزمه نفقة زوجته فهلا كان كذلك هنا أجيب بأن نفقتها معاوضة وتلزم المعسر والعبد من أهلها .
ونفقة القريب مواساة ولا تلزم المعسر فلم تلزمه لإعساره .
وأما المبعض فإن كان منفقا فعليه نفقة تامة لتمام ملكه فهو كحر الكل وقيل بحسب حريته .
وإن كان منفقا عليه فتبعض نفقته على القريب والسيد بالنسبة إلى ما فيه من رق وحرية .
وأما المكاتب فإن كان متفقا عليه فلا يلزم قريبه نفقته على الأصح كما في زيادة الروضة هنا لبقاء أحكام عليه وإن وقع في الروضة وأصلها في قسم الصدقات أن عليه نفقته بل نفقته من كسبه فإن عجز نفسه فعلى سيده وإن كان منفقا فلا تجب عليه لأنه ليس أهلا للمواساة لأن ما معه إما غير مملوك له أو مملوك مستحق في كتابه إلا أن يكون له ولد من أمته فيجب عليه نفقته وإن لم يجز له وطؤها لأنه إن عتق فقد أنفق ماله على ولده وإن رق رق الولد أيضا فيكون قد أنفق مال السيد على رقيقه أو ولد من زوجته التي هي أمة سيده فيجب عليه نفقته لأنه ملك السيد فإن عتق أنفق ماله على ملك سيده وإن رق فقد أنفق عليه مال سيده بخلاف ولده من مكاتبة سيده لا ينفق عليه لأنها قد تعتق فيتبعها الولد لكتابته عليها ويعجز المكاتب فيكون قد فوت مال سيده .
وبالمعصوم غيره من مرتد وحربي فلا تجب نفقته إذ لا حرمة له لأنه مأمور بقتله .
فإن قيل تجب نفقة الرقيق وإن كان غير معصوم كما سيأتي .
أجيب بأن الرقيق لما كان السيد مالكا لرقبته وله التصرف فيه خير بين أن ينفق عليه أو يزيل ملكه عنه بخلاف الأصل والفرع .
تنبيه : .
كما يلزم الولد نفقة الأب يلزمه نفقة رقيقه المحتاج لخدمته وكذا زوجته وقد ذكرهما المصنف في باب الإعفاف بخلاف زوجة الابن على الأصح .
ثم شرع في شرط وجوب نفقة القريب فقال " بشرط يسار المنفق " من والد أو ولد لأنها مواساة فاعتبر فيها اليسار وقيل لا يشترط يسار الوالد في نفقة ولده الصغير فيستقرض عليه ويؤمر بوفائه إذا أيسر " بفاضل عن قوته وقوت عياله في يومه " وليلته التي تليه سواء أفضل ذلك بكسب أم بغيره فإن لم يفضل شيء فلا شيء عليه لقوله A ابدأ بنفسك فتصدق عليها فإن فضل شيء فلأهلك فإن فضل عن أهلك فلذي قرابتك رواه مسلم .
تنبيه : .
في معنى القوت سائر الواجبات من مسكن وملبس فلو عبر بدله بالحاجة كان أولى .
وأطلق المصنف ( 3 / 448 ) العيال وخصه الرافعي وغيره بالزوجة ولو عبر بها كان أولى والظاهر كما قال الأذرعي أن خادمها وأم ولده في حكمها ولا يشترط كونه فاضلا عن دينه كما صرح الأصحاب في باب الفلس وإن أوهم كلام الرافعي أول قسم الصدقات خلافه .
ويباع فيها .
أي نفقة القريب " ما يباع في الدين " من عقار وغيره لأن نفقة القريب مقدمة على وفاء الدين وإذا بيع ذلك في الدين ففي المقدم عليه أولى .
ففي كيفية بيع العقار وجهان أحدهما يباع كل يوم جزء بقدر الحاجة والثاني يستقرض إلى أن يجتمع ما يسهل بيع العقار له .
قال الأذرعي والثاني هو الصحيح أو الصواب اه " .
وقد رجح المصنف تصحيحه في نظيره من النفقة على العبد قال البلقيني فليرجح هنا .
ولو لم يوجد من يشتري إلا الكل وتعذر الإقراض قال الزركشي يبيع الكل كما أشار إليه الرافعي في الصداق في الكلام على التشطير .
ويلزم كسوبا .
إذا لم يكن له مال " كسبها في الأصح " إذا وجد مباحا يليق به لخبر كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت ولأن القدرة بالكسب كالقدرة بالمال ولهذا يحرم عليه الزكاة وكما يلزمه إحياء نفسه بالكسب فكذا بعضه .
والثاني لا كما لا يلزمه الكسب لقضاء دينه .
وأجاب الأول بأن النفقة قدرها يسير والدين لا ينضبط قدره وإلا يكلف القريب أن يسأل الناس ولا أن يقبل الهبة والوصية فإن فعل وصار بذلك غنيا لزمه مؤنة قريبه .
تنبيه : .
محل وجوب الاكتساب لزوجة الأب إنما هو في نفقة المعسرين فلو قدر على اكتساب متوسط أو موسر لم يجبر على الزيادة كما هو قضية كلام الإمام والغزالي وإن اقتضى كلام الماوردي الإجبار .
ولا تجب .
النفقة " لمالك كفايته " ولو زمنا أو صغيرا أو مجنونا لاستغنائه عنها " ولا لمكتسبها " بأن يقدر على كسب كفايته من كسب حلال يليق به لانتفاء حاجته إلى غيره وإن كان يكسب دون كفايته استحق القدر المعجوز عنه خاصة .
تنبيه : .
لو قدرت الأم أو البنت على النكاح لا تسقط نفقتها كما جزم به ابن الرفعة فإن قيل هلا كان ذلك كالقدرة على الكسب أجيب بأن حبس النكاح لا نهاية له بخلاف سائر أنواع الاكتساب فلو تزوجت سقطت نفقتها بالعقد ولو كان الزوج معسرا إلى أن يفسخ لئلا تجتمع بين نفقتين .
وتجب لفقير غير مكتسب إن كان زمنا .
وألحق به البغوي العاجز بمرض أو عمى وجزم به الرافعي في الشرح الصغير " أو " كان " صغيرا أو مجنونا " لعجزه عن كفاية نفسه .
والولي حمل الصغير على الاكتساب إذا قدر عليه وينفق عليه من كسبه فلو هرب أو ترك الاكتساب في بعض الأيام وجبت نفقته على وليه ولو كان قادرا على كسب حرام كالكسب بآلة الملاهي فهو كالعدم وكذا الكسب الذي لا يليق به .
وإلا .
بأن قدر على الكسب ولم يكتسب ولم يكن كما ذكره " فأقوال أحسنها تجب " مطلقا للأصل والفرع لأنه يقبح للإنسان أن يكلف قريبه الكسب مع اتساع ماله .
والثاني المنع مطلقا لاستغنائه بكسبه عن غيره " والثالث " تجب " لأصل لا فرع " ذكر أو أنثى لتأكيد حرمة الأصل .
قلت الثالث أظهر .
لما ذكر " والله أعلم " وهذا هو الأصح في أصل الروضة واقتضاه إيراد الشرحين وإن نازع في ذلك الأذرعي لأن الفرع مأمور بمعاشرة أصله بالمعروف وليس منها تكليفه الكسب مع كبر السن .
وكما يجب الإعفاف ويمتنع القصاص .
وهي .
أي نفقة القريب " الكفاية " لقوله A خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف ولأنها تجب على سبيل المواساة لدفع الحاجة الناجزة .
ويعتبر حاله في سنه وزهادته ورغبته ويجب اشباعه كما صرح به ابن يونس وقول الغزالي لا يجب إشباعه محمول على المبالغة في الشبع .
ويجب له الأدم كما يجب له القوت ويجب له مؤنة خادم إن احتاجه مع كسوة وسكنى لائقين به وأجرة طبيب وثمن أدوية .
تنبيه : .
لو سلمت النفقة إلى القريب فتلفت في يده وجب إبدالها وكذا لو أتلفها بنفسه .
فإن قيل في إبدالها ( 3 / 449 ) إجحاف بالدافع خصوصا مع تكرار الإتلاف .
أجيب بأن الدافع مقصر إذ يمكنه أن يطعمه من غير تسليم .
لكن ما أتلفه عليه فيه الضمان إذ أيسر كما قالاه وينبغي كما قال الأذرعي أن محل الضمان في الرشيد دون غيره لتقصير الدافع بل سبيله أن يطعمه أو يوكل من يطعمه ولا يسلم إليه شيئا .
والنفقة وما ذكر معها إمتاع ولذلك قال المصنف " وتسقط بفواتها " بمضي الزمان وإن تعدى المنفق بالمنع لأنها وجبت بدفع الحاجة الناجزة وقد زالت بخلاف نفقة الزوجة فإنها معاوضة .
و .
حينئذ " لا تصير دينا " في ذمته " إلا بفرض " بالفاء بخطه " قاض أو إذنه في اقتراض " بالقاف " لغيبة أو منع " فإنها تصير دينا في ذمته لتأكد ذلك بفرض القاضي أو إذنه فيه .
تنبيه : .
تبع المصنف في هذا الاستثناء كالمحرر والشرحين الغزالي في الوسيط والوجيز ولا ذكر له في شيء من كتب الطريقين .
قال الأذرعي وهذه المسألة مما تعم به البلوى وحكام العصر يحكمون بذلك ظانين أنه المذهب فيجب التنبه لها وتحريرها وبسط الكلام في ذلك ثم قال وألحق أن فرض القاضي بمجرده لا يؤثر عندنا بلا خلاف ومحاولة إثبات خلاف مذهبي فيه تكلف محض اه " .
فالمعتمد كما عليه الجمهور أنها لا تصير دينا إلا بافتراض قاض بنفسه أو مأذونه ويمكن حمل كلام الغزالي والشيخين كما قاله بعض المتأخرين على ما إذا فرض القاضي النفقة أي قدرها وأذن لإنسان أن ينفق على الطفل مثلا ما قدره في غيبة القريب أو منعه ويرجع على قريبه فإذا أنفق صار في ذمة القريب قال وهي غير مسألة الاستقراض .
وقول المصنف أو إذنه في اقتراض يقتضي أنه بمجرد ذلك يصير دينا في الذمة قال السبكي والظاهر أنه لو تأخر الاستقراض بعد إذن القاضي ومضي زمن لم يستقرض فيه أي لم يفت فيجب حمله على أن المراد إذن في الاستقراض فاستقرض اه " .
وهذا الحمل هو المراد وإلا فيخالف ما عليه الجمهور ويكون الاستثناء حينئذ من اللفظ لا من المعنى لأن الواجب على القريب إنما هو وفاء الدين ولا يسمى هذا الوفاء نفقة .
وظاهر كلام المصنف الحصر فيما ذكره وليس مرادا فإن الأب لو نفى الولد ثم استحلقه فإن الأم ترجع عليه بالنفقة كما مر ولو لم يكن هناك حاكم واستقرضت الأم عنه وأشهدت فعليه قضاء ما استقرضته أما إذا لم تشهد فلا رجوع لها .
ونفقة الحامل لا تسقط بمضي الزمان وإن جعلنا النفقة له لأن الزوجة لما كانت هي التي تنتفع بها التحقت بنفقتها .
وللقريب أخذ نفقته من مال قريبه عند امتناعه إن وجد جنسها وكذا إن لم يجده في الأصح وله الاستقراض إن يجد له مالا وعجز القاضي ويرجع إن أشهد كجد الطفل المحتاج وأبوه غائب مثلا .
وللأب والجد أخذ النفقة من مال فرعهما الصغير أو المجنون بحكم الولاية ولهما إيجاره لها لما يطيقه من الأعمال ولا تأخذها الأم من ماله إذا وجبت نفقتها عليه ولا الابن من مال أبيه المجنون إذا وجبت نفقته عليه إلا بالحاكم لعدم ولايتهما فيؤدي القاضي الابن الزمن إجارة أبيه المجنون إذا صلح لنفقته .
وعليها .
أي الأم " إرضاع ولدها اللبأ " وهو بهمز وقصر اللبن النازل أول الولادة لأن الولد لا يعيش بدونه غالبا وغيرها لا يغني كما قاله في الكافي والمراد كما قال الرافعي أنه لا يعيش بدونه غالبا أو أنه لا يقوى وتشتد بنيته إلا به قال وإلا فنشاهد من يعيش بلا لبأ .
ولها أن تأخذ الأجرة إن كان لمثله أجرة ولا يلزمها التبرع بإرضاعه كما لا يلزم بدل الطعام للمضطر إلا بالبدل .
تنبيه : .
لم يتعرضوا لمدة الرضاع به وقال الرافعي مدته يسيرة وقال في البيان وعليها أن تسقي اللبأ حتى يروى وظاهره الاكتفاء بمرة واحدة .
وينبغي كما قال الأذرعي الرجوع إلى أهل الخبرة فإن قالوا تكفيه مرة بلا ضرر يلحقه كفت وإلا عمل بقولهم .
ثم بعده .
أي بعد إرضاع اللبأ " إن لم يوجد إلا هي " أي الأم " أو أجنبية وجب " على الموجود منهما " إرضاعه " إبقاء للولد ولهما طلب الأجرة من ماله إن كان وإلا فممن تلزمه نفقته .
وإن وجدتا .
أي الأم والأجنبية " لم تجبر الأم " وإن كانت في نكاح أبيه على إرضاعه لقوله تعالى " وإن تعاسرتم فسترضع له ( 3 / 450 ) أخرى " وإذا امتنعت حصل التعاسر .
فإن رغبت .
في إرضاعه " وهي منكوحة أبيه " أي الرضيع " فله منعها " مع الكراهة من إرضاعه " في الأصح " لأنه يستحق الاستمتاع بها في الأوقات المصروفة إلى الرضاع وهذا أقوى الوجهين في الشرحين " قلت الأصح ليس له منعها " مع وجود غيرها " وصححه الأكثرون والله أعلم " لأن فيه إضرارا بالولد لأنها عليه أشفق ولبنها له أصلح .
ولا تزاد نفقتها للإرضاع وإن احتاجت فيه إلى زيادة الغذاء لأن قدر النفقة لا يختلف بحال المرأة وحاجتها .
تنبيه : .
أفهم قوله منكوحة أنها لو كانت بائنا أن له المنع جزما وليس مرادا بل إن تبرعت لم ينزع الولد منها وإن طلبت أجرة فهي كالتي في نكاحه إذا توافقا وطلبت الأجرة وقوله أبيه أنها إذا كانت منكوحة غير أبيه أن له منعها وهو كذلك إلا أن تكون مستأجرة للإرضاع قبل نكاحه فليس له منعها كما قاله ابن الرفعة ولا نفقة لها .
وهذا كله كما قال الأذرعي في الزوجة والولد الحرين أما لو كان رقيقا والأم حرة فله منعها كما لو كان الولد من غيره .
ولو كانت رقيقة والولد حر أو رقيق قال فقد يقال من وافقه السيد منهما فهو المجاب ويحتمل غيره اه " .
والأول أوجه .
فإن اتفقا .
على أن الأم ترضعه " وطلبت أجرة مثل " له " أجيبت " لقوله تعالى " فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن " وكانت أحق به لما مر فاستئجار الزوج لها لذلك جائز وقال العراقيون لا يجوز لأنه يستحق الاستمتاع بها في تلك الحالة فلا يجوز أن يعقد عليها عقد آخر يمنع استيفاء الحق .
وأجاب الأول بأن الاستئجار منه رضى بترك الاستمتاع .
وإذا أرضعت بالأجرة فإن كان الإرضاع لا يمنع من الاستمتاع ولا ينقصه فلها مع الأجرة النفقة وإلا فلا .
تنبيه : .
ذكر المصنف حكم المنكوحة وسكت عن المفارقة وصرح في المحرر بالتسوية فقال فإن وافقا عليه أو لم تكن في نكاحه وطلبت الأجرة إلى آخره فحذف المصنف له لا وجه له كما قاله ابن شهبة .
أو .
طلبت الأم " فوقها " أي أجرة المثل " فلا " تلزمه الإجابة لتضرره وله استرضاع أجنبية .
وكذا إن تبرعت أجنبية .
بإرضاعه " أو رضيت بأقل " من أجرة المثل ولو بشيء يسير لا يلزمه اجابة الأم إلى أجرة المثل " في الأظهر " لأن في تكليفه الأجرة مع المتبرعة أو الزيادة على ما رضيت به إضرارا وقد قال تعالى " وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم فلا جناح عليكم " والثاني تجاب الأم لوفور شفقتها .
تنبيه : .
محل الخلاف إذا استمرأ الولد لبن الأجنبية وإلا أجيبت الأم إلى إرضاعه بأجرة المثل قطعا كما قال بعض المتأخرين لما في العدول عنها من الاضرار بالرضيع .
وعلى الأظهر لو ادعى الأب وجود متبرعة أو راضية بأقل من أجرة المثل وأنكرت الأم صدق في ذلك بيمينه لأنها تدعي عليه أجرة والأصل عدمها ولأنه يشق عليه إقامة البينة وتجب الأجرة في مال الطفل فإن لم يكن له مال فعلى من تلزمه نفقته .
ثم شرع في اجتماع الأقارب من جانب المنفق ومن جانب المحتاج وقد بدأ بالقسم الأول فقال " ومن استوى فرعاه " في قرب وارث أو عدمها وإن اختلفا في الذكورة وعدمها كابنين أو بنتين أو ابن وبنت " أنفقا عليه " وإن تفاوتا في قدر اليسار أو أيسر أحدهما بالمال والآخر بالكسب لأن علة إيجاب النفقة تشملهما فإن غاب أحدهما أخذ قسطه من ماله فإن لم يكن مال اقترض عليه الحاكم إن أمكن وإلا أمر الحاكم الحاضر بالإنفاق بقصد الرجوع على الغائب أو ماله إذا وجده .
هذا إذا كان المأمور أهلا لذلك مؤتمنا كما قاله الأذرعي وإلا اقترض منه الحاكم وأمر عدلا بالصرف إلى المحتاج يوما فيوما .
وإلا .
بأن اختلفا في القرب " فالأصح أقربهما " تجب النفقة عليه وارثا كان أو غيره ذكرا كان أو أنثى لأن القرب أولى بالاعتبار .
فإن استوى .
قربهما " فبالإرث " تعتبر النفقة " في الأصح " لقوله كابن وابن بنت فيجب على الأول دون الثاني لذلك .
والثاني لا أثر ( 3 / 451 ) للإرث لعدم توقف وجوب النفقة عليه .
والثاني .
وهو مقابل قوله فالأصح أقربهما أن تعتبر أولا " بالإرث ثم القرب " بعده فيقدم الوارث البعيد على غير القريب فإن استويا في الإرث قدم أقربها .
تنبيه : .
الخلاف في أصل المسألة طريقان والطريقة الأولى هي المشهورة ولما كانت طرق الأصحاب قد تسمى وجوها صح تعبير المصنف عنها بالأصح .
والوارثان .
على كل من الطريقين كما في المحرر إذا استويا في أصل الإرث دون غيره كابن وبنت هل " يستويان " في قدر الإنفاق " أم يوزع " الانفاق بينهما " بحسبه " أي الإرث " وجهان " وجه التوزيع إشعار زيادة الإرث بزيادة قوة القرب ووجه الاستواء اشتراكهما في الإرث ورجح هذا الزركشي وابن المقري .
والأول أوجه كما جزم به في الأنوار وهو قياس ما رجحه المصنف فيمن له أبوان وقلنا نفقته عليهما كما سيأتي قريبا .
وهذا هو الموضع الثاني بلا ترجيح كما مر التنبيه عليه في صلاة الجماعة ولا ثالث لهما إلا ما كان مفرعا على ضعيف .
ومن له أبوان .
هو من تثنية التغليب أي أب وأم " فعلى الأب " نفقته صغيرا كان أو كبيرا أما الأولى فلقوله تعالى " فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن " وأما الثاني فاستصحابا لما كان في الصغر ولعموم حديث هند .
وقيل .
النفقة " عليهما البالغ " لاستوائهما في القرب وإنما قدم الأب في الصغر لولايته عليه وقد زالت .
وهل يسوى بينهما أو يجعل بينهما أثلاثا بحسب الإرث وجهان رجح المصنف منهما الثاني .
تنبيه : .
محل الخلاف فيما إذا كان الولد البالغ غير معتوه وإلا فكالصغير وأبو الأب مع الأم كالأب على الأصح .
أو .
كان للفرع " أجداد وجدات إن أدلى بعضهم ببعض فالأقرب " منهم فالأقرب تلزمه النفقة لما مر من أن القرب أولى بالاعتبار " وإلا " بأن لم يدل بعضهم ببعض " فبالقرب " يعتبر لزوم النفقة " وقيل الإرث " على الخلاف المتقدم في طرف الفروع " وقيل بولاية المال " لأنها تشعر بتفويض التربية .
تنبيه : .
المراد بولاية المال كما في الروضة وأصلها الجهة التي تفيدها لا نفس الولاية التي قد يمنع منها مانع مع وجود الجهة وعلى هذا ففي كلام المصنف مضاف محذوف .
ومن له أصل وفروع ففي الأصح .
تجب النفقة " على الفرع وإن بعد " كأب وابن ابن لأن عصوبته أقوى وهو أولى بالقيام بشأن أبيه لعظم حرمته .
والثاني أنها على الأصل استصحابا لما كان في الصغر .
والثالث أنها عليهما لاشتراكهما في البعضية .
ثم شرع في القسم الثاني من اجتماع الأقارب فقال " أو " له " محتاجون " من النوعين أو أحدهما مع زوجة أو زوجات فإن قدر على كفاية كلهم فواضح أو فإنه " يقدم " منهم " زوجته " بعد نفسه لأن نفقتها آكد لأنها لا تسقط بمضي الزمان كما مر .
ثم .
بعد نفقتها يقدم " الأقرب " فالأقرب فيقدم بعد زوجته ولده الصغير لشدة عجزه ومثله البالغ المجنون ثم الأم لذلك ولتأكد حقها بالحمل والوضع والرضاع والتربية ثم الأب ثم الولد الكبير ثم الجد وإن علا ولو كان الولد صغيرا والأب مجنونا أو زمنا فهما سواء كما بحثه البلقيني وتقدم ماله تعلق بذلك في زكاة الفطر .
وقيل .
يقدم " الوارث " على الخلاف المتقدم في الأصول وعلى الأول لو كان الأبعد زمنا قدم على الأقرب لشدة احتياجه .
ولو استوى اثنان في درجة كابنين أو بنتين أو ابن وبنت صرف إليهما بالسوية .
وتقدم بنت ابن على بنت لضعفها وعصوبة أبيها .
وإن كان أحدهما في هذه الصور الأربع رضيعا أو مريضا ونحوه قدم لشدة احتياجه .
وإن كان أحد الجدين المجتمعين في درجة عصبة كأبي الأب مع أبي الأم قدم منهما العصبة منهما استويا لتعادل القرب والعصوبة ولو اختلفت الدرجة واستويا في العصوبة أو عدمها فالأقرب مقدم " وقيل الولي ( 3 / 452 ) .
تنبيه : .
لو كثر أهل درجة بحيث لا يسد قسط كل منهم إن وزع الموجود عليهم مسدا أقرع بينهم .
فروع لو اجتمع جدتان في درجة وزادت إحداهما على الأخرى بولادة أخرى قدمت فإن قربت الأخرى دونها قدمت لقربها .
ولو عجز الأب عن نفقة أحد ولديه وله أب موسر لزمت أباه نفقته فإن رضي كل منهما بأخذ ولد لينفق عليه أو انفقا على الاتفاق بالشركة فذاك ظاهر وإن تنازعا أجيب طالب الاشتراك وقال البلقيني يقرع بينهما .
ولو عجز الولد عن نفقة أحد والديه وله ابن موسر فعلى الابن نفقة أبي أبيه لاختصاص الأم بالابن لما مر من أن الأصح تقديم الأم على الأب .
ولو أعسر الأقرب بالنفقة لزمت الأبعد ولا رجوع له عليه بما أنفق إذا أيسر به