مع الغرم بسبب قطعه النكاح لو كان " تحته " زوجة " صغيرة فأرضعتها " الإرضاع المحرم " أمه " أي الزوج " أو أخته " من نسب أو رضاع " أو زوجة أخرى " له أو غيرهن ممن يحرم عليه بنتها كزوجة أبيه أو ابنه أو أخيه بلبنهم " انفسخ نكاحه " من الصغيرة وحرمت عليه أبدا لأنها صارت أخته أو بنت أخته أو بنت زوجته أو أخته أيضا أو بنت ابنه أو بنت أخيه لأن ما يوجب الحرمة المؤبدة كما يمنع ابتداء النكاح يمنع استدامته بدليل أن الابن إذا وطىء زوجة أبيه بشبهة انفسخ النكاح وحرمت عليه وليس ذلك كطرو الردة والعدة لعدم إيجابهما التحريم المؤبد .
أما إذا كان اللبن من غير الأب والابن والأخ فلا يؤثر لأن غايته أن تصير ربيبة أبيه أو ابنه أو أخيه وليست بحرام عليه وانفسخ نكاح زوجته الأخرى أيضا إذا كانت هي المرضعة لأنها صارت أم زوجته .
تنبيه : .
قد علم مما تقرر أنه لو عبر بمن يحرم عليه نكاح بنتها لكان أخصر وأشمل .
وللصغيرة .
على الزوج " نصف مهرها " المسمى إن كان صحيحا وإلا فنصف مهر مثلها لأنه فراق حصل قبل الدخول لا بسببها فشطر المهر كالطلاق .
وله على المرضعة نصف مهر مثل .
على النص .
أما الغرم فلأنها فوتت عليه ملك النكاح سواء أقصدت بإرضاعها فسخ النكاح أم لا تعين عليها لخوف تلف الصغيرة أم لا لأن غرامة المتلفات لا تختلف بهذه الأسباب .
وأما النصف فلأنه الذي يغرمه فاعتبر ما يجب له بما يجب عليه .
ولو أوجر الصغيرة أجنبي لبن أم الزوج كان الرجوع عليه .
ولو أكره أجنبي الأم على إرضاعها فأرضعتها فالغرم عليها طريقا والقرار على المكره ليوافق قاعدة الإكراه على الإتلاف .
والفرق بأن الأبضاع لا تدخل تحت اليد وبأن الغرم هنا للحيلولة وهي منتفية في المكره مردود بأن الحر لا يدخل تحت اليد مع دخول إتلافه في القاعدة والقول بأن الغرم هنا للحيلولة يرده ما سيأتي عن قرب من الفرق بين ما هنا وشهود الطلاق إذا رجعوا .
وفي قول .
مخرج من رجوع شهود الطلاق قبل الدخول للزوج على المرضعة المهر " كله " وفرق الأول بأن فرقة الرضاع حقيقة فلا توجب إلا النصف كالمفارقة بالطلاق وفي الشهادة النكاح باق بزعم الزوج والشهود ولكنهم بشهادتهم حالوا بينه وبين البضع فغرموا قيمته كالغاصب الحائل بين المالك والمغصوب .
تنبيه : .
ما أطلقه المصنف من تغريمه المرضعة محله كما قيده الماوردي بما إذا لم يأذن الزوج لها في الإرضاع فإن أذن لها فلا غرم وأكرهه لها على الرضاع إذن وزيادة .
وما ذكر محله في الزوج الحر فلو كان عبدا فأرضعت أمه مثلا زوجته الصغيرة فإنه يؤخذ من كسبه للصغيرة نصف المسمى إن كان صحيحا وإلا فنصف مهر المثل والغرم على المرضعة للسيد وإن كان النكاح لم يفت إلا على العبد ولا حق للسيد فيه لأن ذلك بدل البضع فكان للسيد كعوض الخلع .
ومحله أيضا إذا لم تكن المرضعة مملوكة للزوج فإن كانت مملوكته ولو مدبرة ومستولدة فلا رجوع له عليها وإن كانت مكاتبة رجع عليها بالغرم ما لم تعجز .
وسكت المصنف عن مهر الكبيرة وحكمه إن كان مدخولا بها فلها المهر وإلا فلا ( 3 / 421 ) فرع لو نكح عبد أمة .
صغيرة مفوضة بتفويض سيدها فأرضعتها أمة مثلها فلها المتعة في كسبه ولا يطالب سيده المرضعة إلا بنصف مهر المثل وإنما صوروا ذلك بالأمة لأنه لا يتصور في الحرة لعدم المكافأة .
ولو .
دبت صغيرة و " رضعت " خمس رضعات " من " كبيرة " نائمة " أو مستيقظة ساكنة كما صرح به المصنف في زيادة الروضة " فلا غرم " على من رضعت منها لأنها لم تصنع شيئا .
ولا مهر للمرتضعة .
لأن الانفساخ حصل بفعلها وذلك يسقط المهر قبل الدخول .
ويرجع الزوج في مالها بنسبة ما غرم للكبيرة لأنها أتلفت عليه بضع الكبيرة ولا فرق في غرامة المتلفات بين الكبيرة والصغيرة .
فرع لو حملت الريح .
اللبن من الكبيرة إلى جوف الصغيرة لم يرجع على واحدة منهما إذ لا صنع منهما ولو دبت الصغيرة فارتضعت من أم الزوج أربعا ثم أرضعتها أم الزوج الخامسة أو عكسه اختص التغريم بالخامسة .
ولو كان تحته .
زوجتان " كبيرة وصغيرة فأرضعت أم الكبيرة الصغيرة انفسخت الصغيرة " أي نكاحها لأنها صارت أختا للكبيرة ولا سبيل إلى الجمع بين الأختين .
وكذا الكبيرة .
ينفسخ نكاحها أيضا " في الأظهر " لما مر .
والثاني يختص الانفساخ بالصغيرة لأن الجمع حصل بإرضاعها ونسبه الماوردي للجديد والأول للقديم .
و .
على الأظهر " له نكاح من شاء منهما " على الانفراد لأنهما أختان والمحرم عليه جمعهما .
وحكم مهر الصغيرة .
على الزوج " وتغريمه المرضعة " على " ما سبق " في إرضاع أم الزوج ونحوها الصغيرة فعليه نصف المسمى الصحيح أو نصف مهر مثل وله على أمها المرضعة نصف مهر المثل وقيل كله " وكذا الكبيرة إن لم تكن موطوءة " حكمها في غرم الزوج مهرها وتغريمه المرضعة ما سبق في الصغيرة لاشتراكهما في عدم الوطء فلها عليه نصف المسمى أو مهر المثل وله على أمها المرضعة نصف المهر وفي قول كله .
فإن كانت موطوءة فله على المرضعة مهر مثل في الأظهر .
كما وجب عليه لبنتها المهر بكماله .
والثاني لا شيء عليها لأن البضع بعد الدخول لا يتقدر للزوج فإنه قد استوفى بالمسيس ما يقابل المهر .
تنبيه : .
احترز ب أم الكبيرة عما لو أرضعت الكبيرة نفسها الصغيرة والكبيرة موطوءة فلا يرجع الزوج عليها بمهر مثلها كما في الروضة وأصلها عن الأئمة لئلا يخلو نكاحها عن مهر فتصير كالموهوبة وذلك من خصائص النبوة .
ولو أرضعت بنت .
زوجته " الكبيرة " زوجته " الصغيرة حرمت الكبيرة أبدا " لأنها جدة امرأته " وكذا الصغيرة " حرمت أبدا " إن كانت الكبيرة موطوءة " لأنه ربيبة فإن لم تكن موطوءة لم تحرم الصغيرة لأن الربيبة لا تحرم إلا بالدخول وفي الغرم للصغيرة والكبيرة ما مر .
ولو كان تحته .
زوجة " صغيرة فطلقها فأرضعتها امرأة صارت أم امرأته " فتحرم عليه أبدا ولو نظر إلى حصول الأمومة قبل النكاح أو بعده إلحاقا للطارىء بالمقارن كما هو شأن التحريم المؤبد .
ولو نكحت مطلقته .
الحرة " صغيرا وأرضعته بلبنه حرمت على المطلق والصغير أبدا " أما المطلق فلأنها صارت زوجة ابنه وأما الصغير فلأنها صارت أمه أو زوجة أبيه فإن كانت المطلقة أمة لم تحرم على المطلق لبطلان النكاح لأن الصغير لا يصح نكاحه أمة فلم تصر حليلة ابنه ( 3 / 422 ) فرع لو فسخت كبيرة .
نكاح صغير بعيب فيه مثلا ثم تزوجت كبيرا فارتضع الصغير بلبنه منها أو من غيرها حرمت عليهما أبدا لأن الصغير صار ابنا للكبير فهي زوجة ابن الكبير وزوجة أبي الصغير بل أمه إن كان اللبن منها .
ولو زوج .
السيد " أم ولده عبده الصغير فأرضعته لبن السيد حرمت عليه " أي العبد أبدا لأنها أمه وموطوءة أبيه " وعلى السيد " كذلك لأنها زوجة ابنه .
تنبيه : .
هذه المسألة مبنية على أن السيد يجبر عبده الصغير على النكاح ومر في النكاح أن الأظهر أنه لا يجبر فهذا مبني على مرجوح .
واحترز بقوله لبن السيد عما لو أرضعته بلبن غيره فإن النكاح ينفسخ لكونها أما له ولا تحرم على السيد لأن الصغير لم يصر ابنا له فلم تكن هي زوجة الابن .
ولو أرضعت موطوءته الأمة .
زوجة " صغيرة تحته " أي السيد " بلبنه أو لبن غيره " بأن تزوجت غيره أو وطئها بشبهة " حرمتا " أي الموطوءة والصغيرة " عليه " أي السيد أبدا لصيرورة الأمة أم زوجته والصغيرة بنته إن رضعت لبنه أو بنت موطوءته إن رضعت لبن غيره .
ولو كان تحته صغيرة وكبيرة فأرضعتها .
أي الكبيرة الصغيرة " انفسختا " لصيرورة الصغيرة بنتا للكبيرة وامتنع الجمع بينهما .
تنبيه : .
هذه المسألة قد تقدمت أول الفصل وذكرت هناك لأجل الغرم وهنا لتأبيد التحريم وعدمه كما قال " وحرمت الكبيرة أبدا " لأنها أم زوجته " وكذا الصغيرة " حرمت أبدا " إن كان الإرضاع بلبنه " لأنها صارت بنته " وإلا " بأن كان الإرضاع بلبن غيره " فربيبة " له تحرم عليه أبدا إن دخل بالكبيرة وإلا فلا وفي الغرم للصغيرة والكبيرة ما مر فلو كانت الكبيرة أمه غيره تعلق الغرم برقبتها أو أمته فلا شيء عليها إلا إن كانت مكاتبة فعليها الغرم فإن عجزها سقطت المطالبة بالغرم .
ولو كان تحته كبيرة وثلاث صغائر فأرضعتهن معا .
أو مرتبا بلبنه أو لبن غيره " حرمت " أي الكبيرة " أبدا " لأنها صارت أم زوجاته " وكذا الصغائر إن أرضعتهن بلبنه " لأنهن صرن بناته " أو لبن غيره وهي " أي الكبيرة " موطوءة " له لأنهن صرن بنات زوجته المدخول بها .
وإلا .
بأن لم يكن اللبن له ولم تكن موطوءة له " فإن أرضعتهن معا بإيجارهن " الرضعة " الخامسة انفسخن " لصيرورتهن أخوات ولاجتماعهن مع الأم في النكاح .
تنبيه : .
في معنى إيجارهن الخامسة أن تلقم اثنتين ثدييها وتوجر الثالثة لبنها المحلوب .
ولا يحرمن .
أي الصغائر " مؤبدا " لانتفاء الدخول بأمهن فله تجديد نكاح من شاء منهن بلا جمع في نكاح .
أو .
أرضعتهن " مرتبا لم يحرمن " مؤبدا لما ذكر .
وتنفسخ الأولى .
أي نكاحها بإرضاعها مع الكبيرة لاجتماع الأم وبنتها في النكاح ولا ينفسخ نكاح الثانية بمجرد إرضاعها إذ لا موجب له .
والثالثة .
أي وينفسخ نكاح الثالثة بإرضاعها لصيرورتها أختا للثانية الباقية في نكاحه .
وتنفسخ الثانية بإرضاع الثالثة .
لأنهما صارتا أختين معا فأشبه ما لو أرضعتهما معا .
وفي قول لا ينفسخ .
نكاح الثانية بل يختص الانفساخ بالثالثة لأن الجمع إنما حصل بها كما لو نكح امرأة على أختها .
تنبيه : .
اقتصر المصنف في الترتيب على ما إذا أرضعتهن متعاقبا وبقي في الترتيب حالان أحدهما ترضع ثنتين معا ثم الثالثة فينفسخ نكاح الأولتين مع الكبيرة لثبوت الأخوة بينهما ولاجتماعهما مع الأم في النكاح ولا ينفسخ نكاح الثالثة لانفرادها ووقوع إرضاعها بعد اندفاع نكاح أمها وأختيها .
ثانيهما أن ترضع واحدة أولا ثم ثنتين معا ( 3 / 423 ) فينفسخ نكاح الأربع أما الأولى والكبيرة فلاجتماع الأم والبنت في النكاح وأما الأخريان فلأنهما صارتا أختين معا .
ويجري .
هذان " القولان فيمن تحته " زوجتان " صغيرتان أرضعتهما أجنبية مرتبا أينفسخان أم الثانية " يختص الانفساخ بها فقط والأظهر منهما انفساخهما لما ذكر .
وخرج بقوله مرتبا ما إذا أرضعتهما معا فإنه ينفسخ نكاحهما قولا واحدا لأنهما صارتا أختين معا ولا خلاف في تحريم المرضعة على التأبيد لأنها صارت أم زوجته