" عدة الحامل " من حرة وأمة عن فراق حي أو ميت بطلاق رجعي أو بائن " بوضعه " أي الحمل لقوله تعالى " وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن " فهو مخصص لقوله تعالى " والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء " ولأن المعتبر من العدة براءة الرحم وهي حاصلة بالوضع .
بشرط .
إمكان " نسبته إلى ذي " أي صاحب " العدة " زوجا كان أو غيره " ولو احتمالا كمنفي بلعان " لأنه لا ينافي إمكان كونه منه ولهذا لو استلحقه لحقه .
فإن لم يمكن نسبته إليه لم تنقض بوضعه كما إذا مات صبي لا يتصور منه الإنزال أو ممسوح عن زوجة حامل فلا تعتد بوضع الحمل وكذا كل من أتت زوجته الحامل بولد لا يمكن كونه منه كأن وضعته لدون ستة أشهر من النكاح أو لأكثر وكان بين الزوجين مسافة لا تقطع في تلك المدة أو لفوق أربع سنين من الفرقة لم تنقض عدته بوضعه لكن لو ادعت في الأخيرة أنه راجعها أو جدد نكاحها أو وطئها بشبهة وأمكن فهو وإن انتفى عنه تنقضي به عدته .
تنبيه : .
يجوز نكاح ووطء الحامل من زنا .
إذ لا حرمة له والحمل المجهول قال الروياني يحمل على أنه من زنا وقال الإمام على إنه من وطء شبهة تحسينا للظن وجمع بين كلاميهما بحمل الأول على أنه كالزنا في أنه لا تنقضي به العدة والثاني على أنه من شبهة تجنبا عن تحمل الإثم وهو جمع حسن .
و .
بشرط " انفصال كله " أي الحمل فلا أثر لخروج بعضه متصلا أو منفصلا في انقضاء العدة ولا في غيرها من سائر أحكام الجنين لعدم تمام انفصاله والظاهر الآية .
واستثنى من ذلك وجوب الغرة بظهور شيء منه لأن المقصود تحقق وجوده ووجوب القود إذا حز جان رقبته وهو حي ووجوب الدية بالجناية على أمه إذا مات بعد صياحه وقد علم بذلك ضعف ما قاله الدارمي من أن أمية الولد تثبت وتعتق بموت السيد بانفصال بعضه .
فإن قيل لا حاجة إلى هذا الشرط لأنه لا يقال وضعت إلا عند انفصال كله أجيب بأن الوضع يصدق بالكل والبعض .
ثم غيا المصنف انفصال كل الحمل بقوله " حتى " انفصال " ثاني توءمين " تثنية توءم وهو كل واحد من ولدين مجتمعين في حمل واحد فلا تنقضي بوضع الأول منهما بل له الرجعة بعده قبل وضع الباقي لبقاء العدة ثم بين المدة التي لا تقطع الولد الثاني عن كونه توءما بقوله " ومتى تخلل " بين وضعهما " دون ستة أشهر فتوءمان " أي يسميان بذلك بخلاف ما إذا تخلل بينهما ستة أشهر فأكثر فالثاني حمل آخر .
فإن قيل كونه حملا آخر يتوقف على وطء بعد وضع الأول فإذا وضعت الثاني لستة أشهر من وضع الأول سقط منها ما يسع الوطء فيكون الباقي دون ستة أشهر أجيب بأنه يمكن تصوير ذلك باستدخال المني حال وضع الأول .
وتقييدهم بالوطء في قولهم تعتبر لحظة للوطء جرى على الغالب والمراد الوطء أو استدخال المني الذي هو أولى بالحكم هنا بل قد يقال يمكن الوطء حالة الوضع .
وتنقضي .
العدة " بميت " أي بوضع ولد ميت كالحي لإطلاق الآية .
هل تنقضي عدتها بالأقراء إذا كانت من ذوات الأقراء أو بالأشهر إن لم تكن أو لا تنقضي عدتها ما دام في بطنها اختلف العصريون في ذلك والظاهر الثالث لعموم قوله تعالى " وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن ( 3 / 389 ) فائدة وقع في الإفتاء أن الولد لو مات في بطن المرأة وتعذر نزوله حملهن " .
لا .
بوضع " علقة " وهي مني يستحيل في الرحم فيصير دما غليظا فلا تنقضي العدة بها لأنها لا تسمى حملا وإنما هي دم .
و .
تنقضي " بمضغة " وهي العلقة المستحيلة قطعة لحم قال الزمخشري سميت بذلك لأنها صغيرة كقدر ما يمضغ .
فيها صورة آدمي خفية .
على غير القوابل " أخبر بها القوابل " لظهورها عندهن كما لو كانت ظاهرة عند غيرهن أيضا بظهور يد أو أصبع أو ظفر أو غيرها بصب ماء حلو أو غيره فظهرت الصورة .
تنبيه : .
قوله وبمضغة معطوف على المثبت كما تقرر لا على المنفي ولهذا أعاد الباء .
فإن لم يكن .
في المضغة " صورة " لا ظاهرة ولا خفية أخبر بها القوابل " و " لكن " قلن هي أصل آدمي " ولو بقيت لتصورت " انقضت " أي العدة بوضعها " على المذهب " المنصوص لحصول براءة الرحم بذلك .
تنبيه : .
هذه المسألة تسمى مسألة النصوص فإنه نص هنا على أن العدة تنقضي بها وعلى أنه لا تجب فيها الغرة ولا يثبت بها الاستيلاد فقيل قولان في الجميع وقيل بتقرر النصين وهو المذهب .
والفرق أن العدة تتعلق ببراءة الرحم وقد حصلت والأصل براءة الذمة في الغرة وأمومية الولد إنما ثبتت تبعا للولد وهذا لا يسمى ولدا ولو شكت القوابل في أنها أصل آدمي لم تنقض بوضعها قطعا والقول قول المرأة بيمينها في أنها أسقطت ما تنقضي به العدة سواء أكذبها الزوج أم لا لأنها مؤتمنة فيها ولأنها تصدق في أصل السقط فكذا في صفته .
ولو ظهر في .
أثناء " عدة أقراء أو " أثناء عدة " أشهر " أو بعدهما كما قاله الصيمري وإن أفهم كلام المصنف خلافه " حمل للزوج " متعلق بحمل لا يظهر " اعتدت بوضعه " ولغا ما مضى من أقراء أو أشهر لأنه يدل على البراءة قطعا بخلافهما .
ولو ارتابت .
أي شكت " فيها " أي العدة بأن لم يظهر لها الحمل بأمارات وإنما ارتابت منه بثقل وحركة تجدهما " لم تنكح " آخر بعد تمامها " حتى تزول الريبة " بمرور زمن مثلا تزعم النساء أنها لا تلد فيه لأن العدة قد لزمتها بيقين فلا تخرج عنها إلا بيقين كما لو شك هل صلى ثلاثا أو أربعا فإن نكحت فالنكاح باطل كما أفهمه كلامه وصرح به الرافعي للتردد في انقضائها .
فإن قيل المراد بالبطلان البطلان ظاهرا فإذا بان عدم الحمل فالقياس الصحة كما لو باع مال أبيه ظانا حياته فبان ميتا .
أجيب بالاحتياط في الأبضاع ولأن الشك في المعقود عليه يبطل العقد كما لو تزوج خنثى ثم اتضح بخلاف ما لو كان وليا أو شاهدا كما مر .
أو .
ارتابت " بعدها " أي العدة " وبعد نكاح " لآخر " استمر " نكاحها لحكمها بانقضاء العدة ظاهرا أو تعليق حق الزوج الثاني .
إلا أن تلد لدون ستة أشهر من .
وقت " عقدة " فإنه يحكم ببطلانه لتحقق كونها حاملا يوم العقد والولد للأول إن أمكن كونه منه بخلاف ما لو ولدته لستة أشهر فأكثر فالولد للثاني وإن أمكن كونه من الأول لأن الفراش للثاني ناجز فهو أقوى ولأن النكاح الثاني قد صح ظاهرا فلو ألحقنا الولد بالأول لبطل النكاح لوقوعه في العدة ولا سبيل إلى إبطاله بالاحتمال .
تنبيه : .
وطء الشبهة بعد انقضاء العدة كالنكاح الثاني فلو أتت بولد لستة أشهر من الوطء لحق بالواطىء لانقطاع النكاح والعدة عنه ظاهرا ذكره في الروضة وأصلها .
أو .
ارتابت " بعدها " أي العدة " قبل نكاح " بآخر " فلتصبر " عن النكاح " لتزول الريبة " للاحتياط وفي الخبر دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ( 3 / 390 ) .
تنبيه : .
ظاهر هذه العبارة أن الصبر واجب وبه صرح الجويني في السلسلة وعبارة المحرر والشرحين والروضة فالأولى وهي عبارة الجمهور فكان الأولى للمصنف أن يعبر بها .
وفي التنبيه في باب ما يحرم من النكاح ويكره نكاح المرتابة .
فإن نكحت .
آخر قبل زوالها " فالمذهب " المنصوص " عدم إبطاله " أي النكاح " في الحال " لأنا حكمنا بانقضاء العدة ظاهرا فلا نبطله بالشك بل يوقف .
فإن علم مقتضيه .
أي البطلان بأن ولدت لدون ستة أشهر من وقت النكاح " أبطلناه " أي حكمنا ببطلانه لتبين فساده وليس هذا كوقف العقد في القديم فإن ذاك وقف في نفس العقد وههنا العقد صحيح غير أنه يرتفع لمعنى يظهر في ثاني الحال .
والطريق الثاني في إبطاله قولان للتردد في انتفاء المانع في الحال وإن علم انتفاؤه لم نبطله ولحق الولد بالثاني .
تنبيه : .
هذا لا يختص بالنكاح بل لو راجعها الزوج قبل زوال الريبة وقفت الرجعة فإن بان حمل بقيت الرجعة وإلا بطلت نص عليه .
قال الشيخ أبو محمد لا يختلف المذهب فيه وإن جرى في النكاح قولان .
ولو أبانها .
بخلع أو غيره ولم ينف حملها ثم اعتدت " فولدت لأربع سنين " فأقل من وقت إمكان العلوق قبيل الإبانة ولم تتزوج بغيره " لحقه " الولد وإن أقرت بانقضاء العدة بناء على أن أكثر مدة الحمل أربع سنين دليله الاستقراء وحكي عن مالك أنه قال جارتنا امرأة محمد بن عجلان امرأة صدق وزوجها رجل صدق حملت ثلاثة أبطن في اثنتي عشرة سنة تحمل كل بطن أربع سنين .
وقد روي هذا عن غير المرأة المذكورة .
وقيل إن أبا حنيفة حملت به أمه ثلاث سنين وفي صحته كما قال ابن شهبة نظر لأن مذهبه أكثر مدة الحمل سنتان فكيف يخالف ما وقع في نفسه قال ابن عبد السلام وهذا مشكل مع كثرة الفساد في هذا الزمان .
أما لو تزوجت بغير صاحب العدة واحتمل كون الولد منه فإنه لا يلحق الأول كما سيأتي .
أو .
ولدت " لأكثر " من أربع سنين " فلا " يلحقه الولد لعدم الإمكان وهذه المسألة تقدمت في باب اللعان .
تنبيه : .
ما تقرر من اعتبار المدة في هذه من وقت إمكان العلوق قبيل الإبانة لا من الإبانة التي عبر بها أكثر الأصحاب هو ما اعتمده الشيخان حيث قالا فيما أطلقوه تساهل والقويم ما قاله أبو منصور التميمي معترضا عليهم بأنا لو اعتبرنا المدة من وقت الطلاق لزم أن تكون مدة الحمل أكثر من أربع سنين لتقدم العلوق على الطلاق فينبغي أن يقال من وقت إمكان العلوق قبيل الإبانة .
قال ابن الرفعة وما قاله أبو منصور فيه تساهل أيضا فإن الطلاق قد يقع مع الإنزال بالتنجيز اتفاقا أو بالتعليق وفي هذه الصورة يصح ما قالوه دون ما ذكروه فظهر حينئذ أن لما قالوه محملا صحيحا وكذا لما قاله وهو ما عدا ما فرضناه فلينزل كل من العبارتين المطلقتين على ما يقتضي صحته .
وأجاب بعضهم بأن مرادهما بأنه قويم أي أوضح مما قالوه وإلا فما قالوه صحيح أيضا بأن يقال ليس مرادهم بالأربع فيها الأربع مع زمن وطء الوضع التي هي مرادهم بأنها أكثر مدة الحمل بل مرادهم الأربع بدون ذلك فلا يلزم الزيادة المذكورة وبهذا يجاب عما يورد من ذلك على نظيرها في الوصية والطلاق اه " .
وكل من الجوابين حسن .
ولو طلق .
زوجته " رجعيا " فولدت لأربع سنين أو أكثر فالحكم كما مر من أنها إن ولدت لأربع سنين فأقل لحقه أو لأكثر فلا كالبائن .
وإنما تخالف البائن فيما ذكره بقوله و " حسبت المدة " وهي السنين الأربع " من الطلاق " لأن الرجعية كالبائن في تحريم الوطء فكذا في أمر الولد الذي هو نتيجته .
و .
حسبت " في قول من انصرام " أي فراغ " العدة " لأن الرجعية كالمنكوحة في معظم الأحكام من لحوق الطلاق والإيلاء والظهار والإرث فكذا في لحوق الولد .
تنبيه : .
عبارة المصنف بدون ما تقرر بعيدة عن المراد ومراده ما ذكرناه .
وحيث حكم بلحوق الولد فالمرأة معتدة إلى الوضع حتى يثبت للزوج رجعتها إن كانت رجعية وعليه لها السكنى والنفقة .
ولو نكحت .
زوجا آخر " بعد ( 3 / 391 ) انقضاء " العدة " نكاحا صحيحا " فولدت لدو ستة أشهر " من النكاح الثاني " فكأنها لم تنكح " أصلا وحكم هذا الولد كما تقدم إن وضعته لأربع سنين فأقل كما مر لحق الأول أو لأكثر لم يلحقه وحيث لحقه فنكاح الثاني باطل لجريانه في العدة وإذا لم يلحقه كأن كان منفيا عنهما وقد بان أن الثاني نكحها حاملا فهل يحكم بفساد نكاحه حملا على أنه من وطء شبهة من غيره أو لا حملا على أنه من زنا أو أن الشبهة منه وقد جرى النكاح في الظاهر على الصحة الأقرب كما قال الأذرعي الثاني وجزم به في المطلب وهو مأخوذ من كلام الروياني كما ذكرناه في الحمل المجهول بل هو حمل مجهول فيأتي فيه الجمع المتقدم فيه .
وإن كان .
وضعه " لستة " من أشهر فأكثر منها " فالولد " وإن أمكن كونه من الأول منسوب " للثاني " فيلحقه لأن فراشه موجود وهو أقوى لصحة نكاحه ظاهرا .
ولو قلنا إنه للأول لأبطلنا ما صح بالاحتمال .
ولو نكحت .
أي الثاني " في العدة " التي للأول " فاسدا " بأن ظن انقضاء العدة أو أن المعتدة لا يحرم نكاحها بأن كان قريب العهد بالإسلام أو نشأ بعيدا عن العلماء ووطئها " فولدت " بعد ذلك " للإمكان من الأول " دون الثاني بأن ولدته لدون ستة أشهر من الوطء الثاني ولأربع سنين فأقل مما مر " لحقه " أي لحق الولد الزوج الأول " وانقضت " عدته " بوضعه ثم تعتد " ثانيا " للثاني " لأن وطأه وطء شبهة .
أما إذا علم بفسادها ولم يكن كذلك فهو زان .
تنبيه : .
لو قال كالمحرر ولو نكحت فاسدا كأن نكحت في العدة لكان أولى لأن النكاح في العدة لا يكون إلا فاسدا وقد يحترز بذلك عن أنكحة الكفار فإنهم إذا اعتقدوا ذلك صحيحا كان محكوما بصحته كما مر في بابه .
أو .
ولدت المنكوحة في العدة " للإمكان من " الزوج " الثاني " دون الأول بأن ولدته لستة أشهر فأكثر من الوطء الثاني ولأكثر من أربع سنين من إمكان العلوق قبيل الفراق " لحقه " أي الثاني لما مر .
تنبيه : .
هذا إذا كان طلاق الأول بائنا فإن كان رجعيا فقولان في الشرحين والروضة بلا ترجيح أحدهما وهو ظاهر كلام المصنف كذلك والثاني يعرض على القائف لأن زمن فراش الأول باق وهذا هو الظاهر كما قال البلقيني أنه الذي ينبغي الفتوى به ونقله عن نص الأم .
أو .
ولدت للإمكان " منهما " أي الزوج الأول والثاني بأن ولدته لستة أشهر من وطء الثاني ولدون أربع سنين من طلاق الأول " عرض " الولد حينئذ " على القائف " وهو كما سيأتي آخر كتاب الدعوى مسلم عدل مجرب ويعمل بقوله في إلحاق الولد حينئذ .
فإن ألحقه بأحدهما .
الأول أو الثاني " فكالإمكان " أي حكمه كالإمكان " منه فقط " وقد مر حكمه .
واحترز بقوله ألحقه بأحدهما عما إذا ألحقه بهما أو نفاه عنهما أو اشتبه الأمر عليه أو لم يكن قائف فينظر بلوغه وانتسابه بنفسه .
تنبيه : .
بقي في الأقسام عدم إمكان الولد منهما بأن كان لدون ستة أشهر من وطء الثاني ولأكثر من أربع سنين من طلاق الأول فإنه لا يلحق بواحد منهما .
تتمة لو وطىء معتدة عن وفاة بشبهة فأتت بولد يمكن كونه لكل منهما ولا قائف أو هناك قائف وتعذر إلحاقه انقضت بوضعه عدة أحدهما وبقي عليها الأكثر من ثلاثة أقراء ومن بقية عدة الوفاء بالأشهر فإن مضت الأولى قبل تمام الثانية فعليها تمامها لاحتمال كونه من الأول " .
تنبيه : ؟ ؟ ؟