جمع عدة مأخوذة من العدد لاشتمالها على العدد من الأقراء أو الأشهر غالبا .
وهي في الشرع اسم لمدة تتربص فيها المرأة لمعرفة براءة رحمها أو للتعبد أو لتفجعها على زوجها كما سيأتي .
والأصل فيها قبل الإجماع الآيات والأخبار الآتية في الباب .
وشرعت صيانة للأنساب وتحصينا لها من الاختلاط رعاية لحق الزوجين والولد والناكح الثاني والمغلب فيها التعبد بدليل أنها لا تنقضي بقرء واحد مع حصول البراءة به .
عدة النكاح ضربان الأول .
منهما " متعلق بفرقة حي بطلاق أو فسخ " بعيب أو رضاع أو لعان لقوله تعالى " والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء " والفسخ في معنى الطلاق .
وخرج بعدة النكاح المزني بها فلا عدة عليها بالاتفاق لكن يرد عليه وطء الشبهة وقد يقال إن المفهوم إذا كان فيه تفصيل لا يرد .
وإنما تجب .
العدة إذا حصلت الفرقة المذكورة " بعد وطء " في نكاح صحيح أو فاسد أو في شبهة سواء أكان الوطء حلالا أم حراما كوطء حائض ومحرمة وسواء أكان في قبل جزما أو دبر على الأصح وسواء أكان عاقلا أم لا مختارا أم لا لف على ذكره خرقة أم لا بالغا أم لا بخلاف فرقة ما قبل ذلك لقوله تعالى " ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة " .
وضبط المتولي الوطء الموجب للعدة بكل وطء لا يوجب الحد على الواطىء وإن أوجبه على الموطوءة كما لو زنى مراهق ببالغة أو مجنون بعاقلة أو مكره بطائعة .
تنبيه : .
قال الزركشي يشترط في وجوب العدة من وطء الصبي تهيؤه للوطء كما أفتى به الغزالي وكذا يشترط في الصغيرة ذلك كما صرح به المتولي اه " .
وهو حسن .
وتعتد بوطء خصي لا المزوجة من مقطوع الذكر ولو دون الأنثيين لعدم الدخول لكن إن بانت حاملا لحقه الولد لإمكانه إن لم يكن ممسوحا واعتدت بوضعه وإن نفاه بخلاف الممسوح لأن الولد لا يلحقه .
قال البغوي ولو استدخلت المرأة ذكرا زائدا وجبت العدة أو أشل فلا كالمبان اه " .
وهو ظاهر في الأولى إذا كان الزائد على سنن الأصلي وإلا فلا وليس بظاهر في الثانية كما قاله شيخنا .
أو .
الفرقة بعد " استدخال منيه " أي الزوج لأنه أقرب إلى العلوق من مجرد الإيلاج وقول الأطباء المني إذا ضربه الهواء لا ينعقد منه الولد غايته ظن وهو لا ينافي الإمكان فلا يلتفت إليه .
ولا بد أن يكون المني محترما حال الإنزال وحال الإدخال حكى الماوردي عن الأصحاب أن شرط وجوب العدة بالاستدخال أن يوجد الإنزال والاستدخال معا في الزوجية فلو أنزل ثم تزوجها فاستدخلته أو أنزل وهي زوجة ثم أبانها واستدخلته لم تجب العدة ولم يلحقه الولد اه " .
والظاهر أن هذا غير معتبر بل الشرط أن لا يكون من زنا كما قالوا أما ماؤه من الزنا فلا عبرة باستدخاله .
و .
تجب العدة بما ذكر و " إن تيقن براءة الرحم " كما في الصغير ولو كان التيقن بالتعليق كقوله متى تيقنت براءة رحمك من منيي فأنت طالق ووجدت الصفة لعموم الأدلة مع مفهوم الآية السابقة ولأن الإنزال الذي يحصل به العلوق لما كان خفيا يختلف بالأشخاص والأحوال ولعسر تتبعه أعرض الشارع عنه واكتفى بسببه وهو الوطء أو استدخال المني كما اكتفى في الترخيص بالسفر وأعرض عن المشقة .
و " لا " تجب العدة " بخلوة " مجردة عن وطء " في الجديد " لمفهوم الآية السابقة والقديم تقام مقام الوطء .
وعدة حرة ذات أقراء .
بأن كانت تحيض " ثلاثة " من أقراء لقوله تعالى " والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء " .
ولو ظنها الواطىء أمته أو زوجته الأمة فإنها تعتد بثلاثة أقراء لأن الظن ( 3 / 385 ) إنما يؤثر في الاحتياط لا في التخفيف .
ولو طرأ عليها الرق لالتحاقها بدار الحرب واسترقاقها فإنها تعتد بذلك في أحد وجهين يظهر ترجيحه .
والثاني ترجع إلى عدة أمة .
تنبيه : .
شمل إطلاقه ما لو شربت دواء حتى حاضت وهو كذلك كما تسقط الصلاة عنها .
والقرء .
ضبطه المصنف بالفتح بخطه لكونه اللغة المشهورة وهو لغة مشترك بين الطهر والحيض ومن إطلاقه على الحيض ما في خبر النسائي وغيره تترك الصلاة أيام أقرائها وقيل حقيقة في الأول مجاز في الثاني وقيل عكسه .
وفي الاصطلاح " الطهر " كما روي عن عمر وعلي وعائشة وغيرهم من الصحابة ولقوله تعالى " فطلقوهن " والطلاق في الحيض محرم كما مر في بابه فيصرف الإذن إلى زمن الطهر وقد قرىء " فطلقوهن لقبل عدتهن " وقبل الشيء أوله .
ولأن القرء مشتق من الجمع يقال قرأت كذا في كذا إذا جمعته منه وإذا كان الأمر كذلك كان بالطهر أحق من الحيض لأن الطهر اجتماع الدم في الرحم والحيض خروجه منه وما وافق الاشتقاق كان اعتباره أولى من مخالفته ويجمع على أقراء وقروء وأقرؤ .
فإن طلقت طاهرا .
وبقي من زمن طهرها شيء " انقضت " عدتها " بالطعن في حيضة ثالثة " لأن بعض الطهر وإن قل يصدق عليه اسم قرء قال تعالى " الحج أشهر معلومات " وهو شهران وبعض الثالث .
فإن لم يبق من زمن الطهر شيء كأن قال أنت طالق آخر طهرك فإنما تنقضي عدتها بالطعن في حيضة رابعة كما في قوله " أو " طلقت " حائضا ففي " أي تنقضي عدتها بالطعن في حيضه " رابعة " وما بقي من حيضها لا يحسب قرءا جزما لأن الطهر إنما يتبين كماله بالشروع في الحيضة التي بعده وهي الرابعة .
وفي قول يشترط يوم وليلة بعد الطعن .
في الحيضة الثالثة في الأولى وفي الرابعة وفي الثانية ليعلم أنه حيض وقضيته أن اليوم والليلة على هذا القول من نفس العدة وهو وجه والأصح أنه يتبين بذلك الانقضاء .
وأجاب الأول بأن الظاهر أنه دم حيض لئلا تزيد العدة على ثلاثة أقراء فإن انقطع دون يوم وليلة ولم يعد قبل مضي خمسة عشر يوما تبين عدم انقضائها .
تنبيه : .
ذكر المصنف حكم الطلاق في الطهر والحيض وسكت عن حكم النفاس وظاهر كلام الروضة في الحيض أنه لا يحسب هو العدة وهو قضية كلامه هنا أيضا في الحال الثاني في اجتماع عدتين .
وهل يحسب طهر من .
طلقت و " لم تحض " أصلا ثم حاضت في أثناء عدتها بالأشهر " قرءا " أولا " قولان بناء على " ما قاله القاضي حسين وغيره من " أن القرء انتقال من طهر إلى حيض " أو نفاس .
أم .
هو " طهر محتوش " بفتح الواو بخطه أي مكتنف " بدمين " أي دمي حيض أو حيض ونفاس أو دمي نفاس كما صرح به المتولي إن قلنا بالأول فتحسب وتنقضي عدتها بالطعن في حيضة رابعة .
والثاني .
من البناءين " أظهر " فكذا المبني عليه وهو عدم احتساب ما ذكر قرءا .
تنبيه : .
قال الرافعي وليس مرادهم بقولهم القرء هو الطهر المحتوش الطهر بتمامه لأنه لا خلاف أن بقية الطهر تحسب قرءا وإنما مرادهم هل يعتبر من الطهر المحتوش شيء أم يكفي الانتقال .
وعدة مستحاضة .
غير متحيرة " بأقرائها المردودة " هي " إليها " من العادة والتمييز والأقل كما عرف ذلك في باب الحيض .
و .
عدة " متحيرة " لم تحفظ قدر دورها ولو متقطعة الدم مبتدأة كانت أو غيرها " بثلاثة أشهر في الحال " لاشتمال كل شهر على طهر وحيض غالبا ولعظم مشقة الانتظار إلى سن اليأس .
ويخالف الاحتياط في العبادات لأن المشقة فيها لا تعظم ولأنها مريبة فدخلت في قوله تعالى " إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر " فإن بقي من الشهر الذي طلقت فيه أكثر من خمسة عشر يوما عد قرءا لاشتمالها على طهر لا محالة وتعتد بعده بهلالين فإن بقي خمسة عشر يوما فأقل لم تحسب تلك البقية لاحتمال ( 3 / 386 ) أنها حيض فتبتدىء العدة من الهلال لأن الأشهر ليست متأصلة في حق المتحيرة وإنما حسب كل شهر في حقها قرءا لاشتماله على حيض وطهر غالبا كما مر بخلاف من لم تحض والآيسة حيث يكملان المنكسر كما سيأتي .
أما إذا حفظت الأدوار فإنها تعتد بثلاثة منها سواء أكانت أكثر من ثلاثة أشهر أم أقل لاشتمالها على ثلاثة أطهار وكذا لو شكت في قدر أدوارها ولكن قالت أعلم أنها لا تجاوز سنة مثلا أخذت بالأكثر وتجعل السنة دورها ذكره الدارمي ووافقه المصنف في مجموعه في باب الحيض .
وقيل .
تعتد المتحيرة مما ذكر " بعد اليأس " لأنها قبله متوقعة للحيض المستقيم وسيأتي وقت سنه .
تنبيه : .
محل الخلاف المذكور في المتحيرة بالنسبة لتحريم نكاحها أما الرجعة وحق السكنى فإلى ثلاثة أشهر فقط قطعا .
و .
عدة غير حرة من " أم ولد ومكاتبة " ومدبرة " ومن فيها رق " وهي ذات أقراء " بقرءين " بفتح القاف سواء أطلقت أم وطئت بشبهة لأنها على النصف من الحرة في كثير من الأحكام .
وإنما كملت القرء الثاني لتعذر تبعيضه كما في طلاق العبد إذ لا يظهر نصفه إلا بظهور كله فلا بد من الانتظار إلى أن يعود الدم .
وقد علم من كلامه حكم كاملة الرق أنها تعتد بقرءين من باب أولى وسواء أطلقت أم وطئت في نكاح فاسد أم في شبهة .
ولو وطىء أمة لغيره ظنها أمته اعتدت بقرء واحد لأنها في نفسها مملوكة والشبهة شبهة ملك اليمين وإن ظنها زوجته الأمة اعتدت بقرءين اعتبارا باعتقاده ولأن أصل الظن يؤثر في أصل العدة فجاز أن يؤثر خصوصه في خصوصها وإن ظنها زوجته الحرة اعتدت بثلاثة أقراء اعتبارا باعتقاده .
تنبيه : .
سكت المصنف عن الأمة المستحاضة وحكمها إن كانت غير متحيرة بقرءين من أقرائها المردودة إليها كما مر في الحرة .
وإن كانت متحيرة فإن طلقت أول الشهر فبشهرين أوقد وقد بقي أكثره فبباقيه والثاني أو دون أكثره فبشهرين بعد تلك البقية لما مر في الحرة من أن الأشهر ليست متأصلة في حق المتحيرة .
وإن عتقت .
أمة " في عدة رجعة " بفتح العين بلفظ المصدر " كملت عدة حرة في الأظهر " الجديد لأن الرجعية زوجة في أكثر الأحكام فكأنها عتقت قبل الطلاق .
والثاني تتم عدة أمة ونظرا لوقت الوجوب .
أو .
عتقت في عدة " بينونة فأمة " أي تكمل عدة أمة " في الأظهر " الجديد كما في الروضة لأن البائن كالأجنبية لقطع الميراث وسقوط النفقة فإنها عتقت بعد انقضاء العدة والثاني تتم عدة حرة اعتبارا بوجود العدة الكاملة قبل تمام الناقصة .
واحترز بقوله في عدة عما لو عتقت مع الطلاق بأن علق طلاقها وحريتها على شيء واحد فإنها تعتد عدة حرة قطعا كما قاله الماوردي .
وبقوله رجعة عما لو عتقت في عدة وفاة فإنها تكمل عدة الإماء .
و .
عدة " حرة لم تحض " أصلا لصغر أو غيره وإن ولدت ورأت نفاسا " أو يئست " من الحيض " بثلاثة أشهر " بالأهلة إن انطبق الطلاق على أول الشهر بتعليق أو غيره لقوله تعالى " واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن " أي فعدتهن كذلك فحذف المبتدأ أو الخبر من الثاني لدلالة الأول عليه .
فإن .
لم ينطبق على أول شهر بأن " طلقت في أثناء شهر " ولو في أثناء أول يوم أو ليلة منه " فبعده هلالان وتكمل المنكسر ثلاثين " يوما من شهر رابع ولو المنكسر عن ثلاثين هذا هو المذهب وعن ابن بنت الشافعي أن جميع الأشهر تنكسر وتعتد بتسعين يوما كمذهب أبي حنيفة .
فإن حاضت فيها .
أي أثناء الأشهر " وجبت الأقراء " بالإجماع لقدرتها على الأصل قبل الفراغ من البدل كالمتيمم يجد الماء في أثناء تيممه .
ولا يحسب ما مضى من الطهر قرءا كما هو قضية البناء المار وصرح بتصحيحه المصنف في تصحيح التنبيه .
أما إذا حاضت بعد انقضائها لا يؤثر لأن حيضها حينئذ لا يمنع صحة القول بأنها عند اعتدادها بالأشهر من اللائي لم يحضن .
و .
عدة " أمة " ومن فيها رق ولو مكاتبة لم تحض أو يئست " بشهر ونصف " الأقراء .
وفي قول .
عدتها " شهران " لأنهما بدل عن القرءين .
وفي " قول " عدتها أشهر " ثلاثة " لعموم قوله تعالى " فعدتهن ثلاثة أشهر " لأن ( 3 / 387 ) الأصل فيما ينقص بالرق من الأعداد النصيف والشهر قابل له بخلاف ولأن الماء لا يظهر أثره في الرحم إلا بعد هذه المدة إذ الولد يخلق في ثمانين يوما ثم يتبين الحمل بعد ذلك وما يتعلق بالطبع لا يختلف بالرق والحرية .
ولو انتقلت الأمة للحيض فكانتقال الحرة فيما مر .
ومن انقطع دمها .
أي دم حيضها من حرة أو غيرها " لعلة " تعرف " كرضاع ومرض تصبر حتى تحيض " فتعتد بالأقراء " أو تيأس " أي تصل إلى سن اليأس وأقصاه اثنان وستون سنة " فتعتد " حينئذ " بالأشهر " ولا يبالى بطول مدة الانتظار لما روى البيهقي عن عثمان أنه حكم بذلك في المرضع قال الشيخ أبو محمد وهو كالإجماع من الصحابة Bهم .
أو لا .
بأن انقطع دمها لا " لعلة " تعرف " فكذا " تصبر حتى تحيض فتعتد بالأقراء أو تيأس فتعتد بالأشهر " في الجديد " كما لو انقطع لعلة لأن الله تعالى لم يجعل الاعتداد بالأشهر إلا للتي لم تحض والآيسة وهذه ليست واحدة منهما لأنها ترجو عود الدم فأشبهت من انقطع دمها لعارض معروف .
وفي القديم تتربص .
غالب مدة الحمل " تسعة أشهر " لتعرف فراغ الرحم لأن الغالب أن الحمل لا يمكث في البطن أكثر من ذلك .
قال البيهقي وقد عاب الشافعي في القديم على من خالفه وقال كان يقضي به أمير المؤمنين عمر بين المهاجرين والأنصار رضي الله تعالى عنهم ولم ينكر عليه فكيف تجوز مخالفته " وفي قول " من القديم تتربص أكثر مدة الحمل " أربع سنين " لتعلم براءة الرحم بيقين وفي قول مخرج على القديم أنها تتربص ستة أشهر أقل مدة الحمل .
وحاصل القديم أنها تتربص مدة الحمل لكن غالبه أو أكثره أو أقله .
ثم تعتد بالأشهر .
على كل من أقوال القديم إذا لم يظهر حمل " فعلى الجديد " وهو التربص لسن اليأس " لو حاضت بعد اليأس في الأشهر وجبت الأقراء " للقدرة على الأصل قبل الفراغ من البدل ويحسب ما مضى قرءا قطعا لأنه طهر محتوش بدمين .
أو بعدها .
أي الأشهر " فأقوال أظهرها إن نكحت " بضم أوله بخطه أي من زوج غير صاحب العدة " فلا شيء " يجب عليها من الأقراء وصح النكاح لتعلق حق الزوج بها وللشروع في المقصود كالمتيمم يرى الماء بعد الشروع في صلاة يسقط قضاؤها بالتيمم .
وإلا .
بأن لم تنكح من غيره " فالأقراء " واجبة في عدتها لأنه بان أنها ليست آيسة ولم يتعلق بها حق زوج آخر .
والثاني تنتقل إلى الأقراء مطلقا لما ذكر .
والثالث المنع مطلقا لانقضاء العدة ظاهرا كما لو حاضت الصغيرة بعد الأشهر .
وما ذكر على الجديد بعد اليأس يأتي مثله على القديم بعد التربص غير أن الخلاف فيه وجوه .
ولو حاضت الآيسة المنتقلة إلى الحيض قرءا أو قرءين ثم انقطع حيضها استأنفت ثلاثة أشهر بخلاف ذات أقراء أيست قبل تمامها فإنها لا تستأنف كما هو المنقول كما سيأتي آخر فصللزمها عدتا شخص خلافا لابن المقري في التسوية بينهما في الاستئناف وعليه يطلب الفرق .
وقد يفرق بأن الأولى لما كان عدتها بالأشهر ثم انتقلت إلى الأقراء ولم تتم رجعت إلى ما كانت عليه وهو الأشهر فكانت عدتها بها فلا تكمل على الأقراء بخلاف الثانية المنتقلة من حيض إلى أشهر فإنها ليست كذلك .
والمعتبر .
في اليأس على الجديد " يأس عشيرتها " أي أقاربها من الأبوين كما نص عليه في الأم لتقاربهن طبعا وخلقا ويعتبر الأقرب فالأقرب إليها .
فإن قيل إنما اعتبروا في مهر المثل نساء العصبات فهلا كان هنا كذلك أجيب بأن زيادة المهر ونقصه لنفاسة النسب وخساسته وهي معتبرة بالآباء والنسب إليهم فكذلك اعتبر بالعصبات وهنا إنما يتعلق بالطبع والجبلة فاعتبر الجانبان " وفي قول " يأس " كل النساء " للاحتياط وطلبا لليقين وذلك بحسب ما بلغنا خبره لا طوف نساء العالم لأنه غير ( 3 / 388 ) ممكن .
قلت ذا القول أظهر والله أعلم .
وعليه هل المراد نساء زمانها أو النساء مطلقا قال الأذرعي إيراد القاضي وجماعة يقتضي الأول وكلام كثيرين أو الأكثرين يقتضي الثاني انتهى .
وهذا الثاني هو الظاهر .
واختلفوا في سن اليأس على ستة أقوال أشهرها ما تقدم وهو اثنان وستون سنة وقيل ستون وقيل خمسون وقيل سبعون وقيل خمسة وثمانون وقيل تسعون وقيل غير العربية لا تحيض بعد الخمسين ولا تحيض بعد الستين إلا قرشية .
ولو رأت امرأة الدم بعد سن اليأس صار أعلى اليأس آخر ما رأته فيه ويعتبر بعد ذلك بها غيرها .
فإن قيل هذا مخالف لما قالوه في سن الحيض من أنه لا عبرة برؤية دم قبله مع أن كلا ثبت بالاستقراء أجيب بأن الاستقراء في السن استقراء تام لتيسره ولهذا لم يقع فيه خلاف فلم يعول على خلافه بخلافه هنا ولهذا كثر الخلاف فيه