أي جنسها لا كفارة الظهار فقط .
وهي مأخوذ من الكفرة وهو الستر لسترها الذنب تخفيفا من الله تعالى وسمي الزارع كافرا لأنه يستر البذر .
وهل الكفارات بسبب حرام زواجر كالحدود والتعازير للخلل الواقع وجهان أوجههما الثاني كما رجحه ابن عبد السلام لأنها عبادات ولهذا لا تصح إلا بالنية .
وافتتح في المحرر هنا الكتاب بقوله تعالى " فتحرير رقبة مؤمنة " وبقوله تعالى " إطعام عشرة مساكين " وصدره المصنف بما يعتبر في أنواع الكفارات ثم ذكره عقب كفارة الظهار فقط مبتدئا باشتراط النية فيها فقال " يشترط نيتها " بأن ينوي العتق أو الصوم أو الإطعام عن الكفارة لأنها حق مالي يجب تطهيرا كالزكاة والأعمال بالنيات فلا يكفي الإعتاق أو الصوم أو الكسوة أو الإطعام الواجب عليه لأنه قد يجب بالنذر .
نعم لو نوى الواجب بالظهار أو القتل كفى فلو كان عليه رقبة ولم يدر أنها عن ظهار أو نذر أو قتل أجزأه نية العتق الواجب عليه .
تنبيه : .
أفهم كلامه أنه لا يشترط التعرض للفرضية وهو كذلك لأنها لا تكون إلا فرضا ولا يشترط اقتران النية بالإعتاق أو الإطعام بل يجوز تقديمها كما نقله في المجموع في باب قسم الصدقات عن الأصحاب وصححه بل صوبه قال إنه ظاهر النص وإن صحح هنا تبعا للرافعي أنه يجب اقترانها بذلك .
وإذا قدمها فينبغي كما قال الزركشي وجوب قرنها بعزل المال كما في الزكاة وسيأتي أواخر هذا الكتاب أن التكفير بالصوم يشترط فيه التبيين .
لا تعيينها .
بأن تقيد بظهار أو غيره فلا يشترط كما لا يشترط في زكاة المال تعيين المال المزكى بجامع أن كلا منها عبادة مالية بل تكفي نية أصلها فلو أعتق رقبتين بنية الكفارة وكان عليها كفارة قتل وظهار أجزأه عنهما وإن أعتق واحدة وقعت عن إحداهما .
وإنما لم يشترط تعينها في النية كالصلاة لأنها في معظم خصالها نازعة إلى الغرامات فاكتفى فيها بأصل النية نعم لو نوى غير ما عليه ولو خطأ لم يجزه كما لو أخطأ في تعيين الإمام في الصلاة وهذا بخلاف ما لو أخطأ في الحدث حيث يصح والفرق أن بارتفاعه يرتفع غيره وهنا لم يكفر عما عليه .
تنبيه : .
الذمي المظاهر كالمسلم يكفر بعد عوده بالعتق والطعام ويتصور إعتاقه عن كفارته بأن يسلم عبده الكافر أو يرث عبدا مسلما أو يقول لمسلم أعتق عبدك المسلم عن كفارتي فيجيبه أو نحو ذلك والصوم منه لا يصح ولا يطعم وهو قادر على الصوم فيترك الوطء أو يسلم ويصوم ثم يطأ ويلزمه نية الكفارة عما يكفر به للتمييز لا للتقرب ( 3 / 360 ) كقضاء الدين في ذلك كذا قاله الرافعي .
قال بعض المتأخرين ويؤخذ منه اشتراط النية في قضاء الدين فلو دفع مالا لمن له عليه دين لا بنية الوفاء كان هبة قال وفيه وقفة .
وكالذمي فيما ذكر مرتد بعد وجوب الكفارة وتجزئة الكفارة بالإعتاق والإطعام فيطأ بعد الإسلام وإن كفر في الردة .
وتنقسم الكفارة إلى نوعين مخيرة في أولها ومرتبة في آخرها وسيأتي في باب الإيمان ومرتبة وهي كفارة القتل والجماع في نهار رمضان والظهار .
وقد شرع في خصاله فقال .
وخصال كفارة الظهار .
ثلاثة ولو صرح بهذا لسلم من إبهام تفسير الخصال بالعتق الموصوف فإنه لم يقل بعد ذلك الخصلة الثانية ولا الثالثة وإنما ذكر العتق وأحكامه ثم قال فإن عجز عن العتق صام وذكر حكم الصوم ثم قال فإن عجز عن الصوم كفر بالإطعام وقال خصالها مرتبة أحدها " عتق رقبة " لكان أحسن .
وللرقبة المجزئة في الكفارة أربعة شروط أولها ما ذكره بقوله " مؤمنة " ولو بإسلام أحد الأبوين أو للسابي فلا يجزىء كافر قال تعالى في كفارة القتل " فتحرير رقبة مؤمنة " وألحق بها غيرها قياسا عليها أو حملا لمطلق آية الظهار على المقيد في آية القتل كحمل المطلق في قوله تعالى " واستشهدوا شهيدين من رجالكم " على المقيد في قوله تعالى " وأشهدوا ذوي عدل منكم " ولأن الزكاة لا يجوز صرفها لكافر فكذا الكفارة به ويشترط الإيمان في باقي الكفارات أيضا .
الشرط الثاني أن تكون سالمة " بلا عيب " فيها " يخل " بأن يضر " بالعمل والكسب " إضرارا بينا لأن المقصود تكميل حاله ليتفرع لوظائف الأحرار وإنما يحصل ذلك إذا استقل بكفاية نفسه وإلا فيصير كلا على نفسه وعلى غيره .
تنبيه : .
إنما جمع المصنف بين العمل والكسب ولم يقتصر على الثاني لأن الزمن يمكنه الاكتساب مع أنه لا يجزىء لكنه لو اقتصر على العمل كان أخصر أن يجعل الكسب من عطف أعم على أخص .
قال الأصحاب وملاحظة الشافعي في العيب هنا بما يضر بالعمل نظير ملاحظته في عيب الأضحية ما ينقص اللحم لأنه المقصود فيها وفي عيب النكاح ما يخل بمقصود الجماع وفي عيب المبيع ما يخل بالمالية فاعتبر في كل باب ما يليق به .
ثم فرع المصنف على ما اعتبره في وصف الرقبة من أجزاء ومع الثاني مذكور في قوله بعد لا زمن والأول في قوله " فيجزىء صغير " ولو ابن يوم حكم بإسلامه ولو تبعا للسابي لإطلاق الآية ولأنه يرجى كبره فهو كالمريض يرجى برؤه وفارق في الغرة حيث لا يجزىء فيها الصغير لأنها حق آدمي ولأن غرة الشيء خياره ويسن أن يكون من يكفر به مكلفا للخروج من خلاف العلماء قاله الروياني .
تنبيه : .
أفهم كلام المصنف أن الجنين ولو انفصل لدون ستة أشهر لا يجزىء وهو كذلك وكذا لو خرج بعضه كما قاله القفال .
و .
يجزىء " أقرع " وهو من لا نبات برأسه " أعرج " بحذف العاطف " يمكنه تباع مشي " بأن يكون عرجه غير شديد .
ولو عرف المصنف المشي كما في المحرر كان أولى .
و .
يجزىء " أعور " لم يضعف عوره بصر عينه السليمة كما في زيادة الروضة فإن أضعفها وأضر العمل إضرارا بينا لم يجز .
تنبيه : .
أفهم كلامه عدم الاكتفاء بالأعمى وهو كذلك وإن أبصر لتحقق اليأس في العمى وعروض البصر نعمة جديدة بخلاف المرض كما سيأتي .
فإن قيل هذا يشكل بقولهم لو ذهب بصره بجناية فأخذ ديته ثم عاد استردت لأن العمى المحقق لا يزول .
أجيب بأن الأول في العمى الأصلي والثاني في الطارىء .
و .
يجزىء " أصم " وهو فاقد السمع " و " يجزىء " أخرس " قال في التنبيه إذا فهمت إشارته في الروضة يفهم الإشارة وينبغي اعتبارهما .
قال في التنبيه فإن جمع بين الصمم والخرس لم يجزه لأن اجتماع ذلك يورث زيادة الضرر .
وظاهر كلامه في الروضة تبعا للرافعي ترجيح الإجزاء وهو الظاهر .
و .
يجزىء " أخشم " بخاء وشين معجمتين فاقد الشم .
وفاقد أنفه و .
فاقد " أذنيه و " فاقد " أصابع رجليه " كلها لأن فقد ذلك لا يخل بالعمل والكسب بخلاف فاقد ( 3 / 361 ) أصابع يديه فلا يجزىء .
ويجزىء فاقد الأسنان والمجبوب والعنين والأمة الرتقاء والقرناء والأبرص والمجذوم وضعيف البطش ومن لا يحسن صنعه والأحمق وهو من يضع الشيء في غير موضعه مع علمه بقبحه وولد الزنا والفاسق .
لا زمن .
ونحيف لا عمل فيه " و " لا " فاقد رجل أو خنصر وبنصر " بكسر أولهما وفتح ثانيهما وكسره " من يد " وأفهم أن فقد أحدهما أو فقدهما من يدين لا يضر وهو كذلك .
أو .
فاقد " أنملتين من غيرهما " كإبهام وسبابة ووسطى لأن فقدهما مضر .
تنبيه : .
كلامه يوهم أن فقد أنملتين من خنصر وبنصر من يد لا يضر وإنما يضر فقدهما جملة وليس مرادا وعبارة المحرر وفقد أنملتين من أصبع كفقد تلك الأصبع " قلت أو " فاقد " أنملة إبهام " فيضر " والله أعلم " لتعطل منفعتها إذا فأشبه قطعها .
تنبيه : .
علم مما ذكر أنه لا يجزىء فاقد يد وأشلها مثله ولا فاقد أصابعها ولا فاقد أصبع من إبهام أو سبابة أو وسطى وأنه يجزىء فاقد خنصر من يد وبنصر من الأخرى وفاقد أنملة من غير الإبهام فلو فقدت أنامله العليا من الأصابع الأربع أجزأ وفيه تردد للإمام .
ولا .
يجزىء " هرم عاجز " عن العمل والكسب لأنه يخل بالمقصود " و " لا " من أكثر وقته مجنون " لعدم حصول المقصود منه بخلاف ما هو في أكثرها عاقل فيجزىء تغليبا للأكثر في الشقين ومن استوى زمن جنونه وزمن إفاقته يجزىء نعم إن كان في زمن الإفاقة الكثيرة ضعف بمنع العمل زمنا يؤثر بأن يكون مع زمن الجنون أكثر من زمن الإفاقة ضر .
تنبيه : .
في عبارته إسناد الجنون إلى الزمن والأصل ولا من هو في أكثر أوقاته مجنون فيكون من المجاز العقلي كنهاره صائم .
و .
لا " مريض لا يرجى " برء علته كصاحب السل فإنه كالزمن بخلاف من يرجى برؤه فإنه يجزىء .
وإن مات بعد إعتاقه لوجود الرجاء عند الإعتاق وموته يحتمل أن يكون لمرض آخر " فإن برأ " بفتح الراء من لا يرجى برؤه بعد إعتاقه " بأن الإجزاء في الأصح " لخطأ الظن .
والثاني لا لاختلال النية وقت العتق كما لو حج من غير المعضوب ثم بان أنه معضوب فإنه لا يجزىء على الأصح .
الشرط الثالث إكمال الرق في الإعتاق عن الكفارة كما أشار إلى ذلك بقوله " ولا يجزىء شراء قريب " يعتق بمجرد الشراء بأن كان أصلا أو فرعا " بنية " عتقه عن " كفارة " لأن عتقه مستحق بجهة القرابة فلا ينصرف عنها إلى الكفارة .
تنبيه : .
لو قال تملك قريب لكان أشمل فإن هبته وإرثه وقبول الوصية به كذلك .
ولا .
عتق " أم ولد " لاستحقاقها العتق بجهة الاستيلاد " و " لا عتق " ذي كتابة صحيحة " لأن عتقه يقع بسبب الكتابة بدليل استتباع الكسب فيمنع صرفه إلى غيرها .
نعم إن وجد التعجيز جاز على النص .
وخرج بالصحيحة الفاسدة فإنه يجزىء على المذهب في الروضة وإن خالف في التنقيح هذا التفصيل ونقل عن الشافعي والجمهور المنع مطلقا فقد اعترض بأن الرافعي حكى في باب الكتابة الإجزاء في الفاسدة عن رواية أبي علي عن النص .
تنبيه : .
جر المصنف أم الولد وما بعده على إضافة عتق المقدر كما قدرته فيهما ويجوز رفعهما فاعلين ل يجزىء بلا تقدير مضاف ولا يجوز عطفهما على شراء لعدم صحة شرائهما لاستحقاقهما العتق بالاستيلاد والكتابة كما مر .
ويجزىء مدبر .
وهو المعلق عتقه بموت سيده كقوله إن مت فأنت حر " ومعلق " عتقه " بصفة " غير التدبير لأن ملكه عليهما تام بدليل صحة جميع تصرفاته هذا إذا نجز عتقه عن الكفارة أو علقه بما يوجد قبل الصفة الأولى وإلا لم يجزه وهذا معنى قوله " فإن أراد جعل العتق المعلق " بها " كفارة " عند حصولها " لم يجز " بفتح أوله بخطه ( 3 / 362 ) وذلك كأن يقول أولا لعبده إن دخلت الدار فأنت حر ثم يقول له ثانيا إن دخلتها فأنت حر عن كفارتي فيعتق المعلق بالصفة عند دخولها ولا يجزىء عن كفارته لأنه مستحق العتق بالتعليق الأول .
ولا يشترط في العتق عن الكفارة التنجيز .
و .
حينئذ " له تعليق عتق الكفارة بصفة " على الأصح كقوله لعبده إن دخلت الدار فأنت حر عن كفارتي فدخلها عتق عن الكفارة لأن المأمور به تحرير رقبة وهو حاصل بالتعليق السابق .
ويشترط في المعلق عتقه عنها أن يكون بصفة الإجزاء حال التعليق فلو قال لمكاتبه كتابة صحيحة .
إذا عجزت عن النجوم فأنت حر عن كفارتي أو لعبده الكافر إذا أسلمت فأنت حر عن كفارتي أو قال إن خرج الجنين سليما فهو حر عن كفارتي ثم وجدت الصفة عتق ولم يجز عن الكفارة .
ولو علق عتق عبده المجزىء عن الكفارة بصفة ثم كاتبه فوجدت الصفة أجزأه إن وجدت الصفة بغير اختيار المعلق كما يؤخذ من كلام الرافعي .
ويجزىء مرهون وجان إن نفذنا عتقهما بأن كان المعتق موسرا .
ويجزىء آبق ومغصوب ولو لم يقدر على انتزاعه من غصب لقدرته على منافع نفسه هذا إن علم حياتهما ولو بعد الإعتاق لكمال رقمهما سواء أعلما عتق أنفسهما أم لا لأن علمهما ليس بشرط في نفوذ العتق فكذا في الاجزاء فإن لم يعلم حياتهما لم يجز إعتاقهما وبه علم أن من انقطع خبره لا يجزىء لأن الوجوب متيقن والمسقط مشكوك فيه بخلاف الفطرة تجب للاحتياط .
وتجزىء حامل وإن استثنى حملها ويتبعها في العتق ويبطل الاستثناء في صورته .
وإذا لم يمنع الاستثناء نفوذ العتق لم يمنع سقوط الفرض .
ولا يجزىء موصى بمنفعته ولا مستأجر لعجزهما عن الكسب لنفسهما وللحيلولة بينهما وبين منافعها وبهذا فارق المريض الذي يرجى برؤه والصغير .
ويجزىء من تحتم قتله بخلاف من قدم للقتل والفرق أن من قدم للقتل يقتل غالبا فإن لم يقتل كان كمريض لا يرجى برؤه والمتحتم قتله قد يتأخر للقتل عنه .
وقد ترجع البينة ولا يضر في العتق التشقيص " و " حينئذ يجزىء " إعتاق عبديه عن كفارتيه " انفق جنسهما أو اختلف " عن كل " منهما " نصف ذا " العبد " ونصف ذا " العبد لتخليص الرقبتين من الرق .
وهل يقع العتق مبعضا على ما نواه ثم يسري أو يقع كل عبد عن كفارة وجهان في الروضة كأصلها بلا ترجيح وظاهر كلام المتن الأول ونسبه في الشامل للجمهور .
وتظهر فائدة الخلاف فيما لو ظهر أحدهما معيبا أو مستحقا مثلا فعلى التبعيض لم يجز واحد منهما عن كفارته وعلى الثاني يبرأ من كفارة واحدة ويبقى عليه أخرى .
تنبيه : .
لو سكت المكفر عن التشقيص بأن أعتق عبديه عن كفارتيه ولم يزد على ذلك صح كما جزم به الإمام وتقع كل رقبة عن كفارة في أحد وجهين يظهر ترجيحه .
ولو أعتق معسر نصفين .
له من عبدين " عن كفارة " عليه " فالأصح الإجزاء إن كان باقيهما حرا " لحصول المقصود وهو إفادة الاستقلال .
والثاني المنع مطلقا كما لا يجزىء شقصان في الأضحية .
والثالث الإجزاء مطلقا تنزيلا للأشقاص منزلة الأشخاص .
وخرج بالمعسر الموسر فيجزيه ذلك بلا قيد لسريانه إلى باقيهما .
تنبيه : .
أفهم كلامه أنه لو كان باقي أحدهما فقط حرا لم يجزه قال الزركشي وليس كذلك بل الظاهر الإجزاء لخلوص رقبة كاملة اه " .
وهذا ظاهر .
ولو أعتق موسر نصف عبده مشترك بينه وبين آخر عن كفارته فإن نوى مع عتق نصيبه صرف عتق نصيب شريك أيضا إليها أجزأه وإلا فينصرف نصيبه فقط إليها فيكمل ما يوفي رقبة .
الشرط الرابع خلو الرقبة عن شوب العوض كما نبه على ذلك بقوله " ولو أعتق " عبده عن كفارته " بعوض " يأخذه " لم يجز " ذلك الإعتاق " عن كفارة " لعدم تجرده لها .
تنبيه : .
أفهم إطلاقه العوض أنه لا فرق بين جعل العوض على العبد ك أعتقتك عن كفارتي على أن ترد علي ألفا أو على أجنبي ك أعتقت عبدي هذا عن كفارتي بألف عليك فقبل .
أو يقول له الأجنبي أعتق عبدك عن كفارتك وعلي كذا فيعتقه فورا وهو كذلك .
وإذا لم يجز استحق العوض على الملتمس في أصح الوجهين ويقع الولاء للمعتق ( 3 / 363 ) لأنه لم يعتقه عن الباذل ولا هو استدعاه لنفسه .
ولما ذكر العتق عن الكفارة بعوض بين حكم ذلك في غير الكفارة استطرادا فقال " والإعتاق بمال كطلاق به " فيكون من المالك به معاوضة فيها شوب تعليق ومن المستدعي معاوضة فيها شوب جعالة كما مر في الخلع والجواب عن الاستدعاء على الفور فلو تأخر عتق عن المالك .
تنبيه : .
قد عقد في المحرر لهذا فصلا وقال إنه دخيل في الباب ولهذا قلت تبعا للشارح ذكره المصنف استطرادا .
فلو قال .
شخص لسيد مستولدة " أعتق أم ولدك على ألف " مثلا " فأعتق " فورا " نفذ " إعتاقه " ولزمه " أي الملتمس " العوض " المذكور لاستلزامه إياه ويكون ذلك افتداء من المستدعي نازلا منزلة اختلاع الأجنبي .
تنبيه : .
أشار بقوله فأعتق إلى أن عتقها متصل فإن أعتقها بعد فصل طويل وقع العتق عن المالك ولا شيء على المستدعي وكذا لو قال أعتق مستولدتك عني على ألف فقال أعتقتها عنك فإنها تعتق عن المالك ويلغو قوله عنك لأن المستولدة لا تقبل النقل بخلاف ما لو قال طلق زوجتك عني على كذا فطلق حيث يلزمه العوض لأنه لا يتخيل في الطلاق انتقال شيء إليه بخلاف المستولدة فقد يتخيل جواز انتقالها إليه .
وكذا لو قال .
شخص لسيد عبد " أعتق عبدك على كذا " كألف ولم يقل عنك ولا عني بل أطلق " فأعتق " فورا نفذ قطعا ولزمه العوض " في الأصح " لالتزامه إياه فيكون افتداء كأم الولد .
والثاني لا يستحق إذ لا افتداء في ذلك لإمكان نقل الملك في العبد بخلاف أم الولد .
تنبيه : .
أشعر قوله على كذا أنه لا يشترط كون العوض مالا فلو قال على خمر أو على مغصوب مثلا نفذ ولزم قيمة العبد في الأصح .
ولو ظهر بالعبد عيب بعد عتقه لم يبطل عتقه بل يرجع المستدعي العتق بأرش العيب ثم إن كان عيبا يمنع الإجزاء في الكفارة لم تسقط به .
وإن قال أعتقه عني على كذا .
كألف أو زق خمر " ففعل " فورا ولم يكن ممن يعتق على الطالب " عتق عن الطالب " لأنه إذا عتق عن الغير بغير رضا المالك في السراية فلأن يقع عنه برضا المالك وإعتاقه من باب أولى .
تنبيه : .
شمل كلامه ما إذا كان على الطالب كفارة ونواها فإنه يجزئه كما نص عليه الشافعي .
وعليه العوض .
المسمى إن كان مالا عملا بالتزامه وقيمة العبد إن كان غير مال كالخلع كما جزم به الرافعي ومرت الإشارة إليه .
فإن قال مجانا فلا شيء عليه وإن لم يشرط عوضا ولا نفاه بأن قال أعتقه عن كفارتي وسكت عن العوض لزمه قيمة العبد كما لو قال له اقض ديني وإن قال أعتقه عني ولا عتق عليه فالذي يقتضيه نص الشافعي في الأم وإيراد الجمهور هنا أنه لا يلزمه قيمة العبد وأن ذلك هبة مقبوضة .
تنبيه : .
أشار المصنف بالفاء في قوله ففعل إلى اشتراط اتصال الجواب فإن طال الفصل عتق عن المالك ولا شيء على الطالب فإن كان الطالب ممن يعتق عليه العبد لم يعتق عليه لأنه لو كان أجنبيا لملكناه إياه وجعلنا المسؤول نائبا في الاعتاق والملك في مسألتنا يوجب العتق والتوكيل بعده بالإعتاق لا يصح ويصير دورا قاله القاضي الحسين في فتاويه .
والأصح أنه .
أي الطالب " يملكه " أي المطلوب إعتاقه " عقب لفظ الإعتاق " الواقع بعد الاستدعاء لأنه المالك للملك .
ثم يعتق عليه .
لتأخر العتق عن الملك فيقعان في زمنين لطيفين متصلين .
وهذا بناء على أن الشرط يترتب على المشروط .
والثاني يحصل الملك والعتق معا بعد تمام اللفظ بناء على أن الشرط مع المشروط يقعان معا وصححه في الروضة في التعليق بالتعليق .
ولو قال إذا جاء الغد فأعتق عبدك عني بألف فأعتقه عنه صح ولزم المسمى لتضمن ذلك البيع لتوقف العتق على الملك فكأنه قال بعنيه وأعتقه عني وقد أجابه .
وإن أعتقه عنه مجانا أو بغير الألف وقع عن المعتق دون المستدعي .
تنبيه : .
العتق ينفذ بالعوض وإن كان الرقيق مستأجرا أو مغصوبا لا يقدر على انتزاعه لأن البيع في ( 3 / 364 ) ذلك ضمني فيغتفر فيه ما لا يغتفر في المستقبل ولو قال لغيره أطعم ستين مسكينا كل مسكين مدا من حنطة عن كفارتي ونواها بقلبه ففعل أجزأه في الأصح ولا يختص بالمجلس والكسوة مثل الإطعام كما قاله الخوارزمي .
و .
أشار لضابط المعتق في الكفارة بأنه كل " من ملك عبدا " لا يحتاج إليه والمراد به الجنس الشامل للأمة .
أو .
ملك " ثمنه " من نقد أو عوض حال كون كل منهما " فاضلا عن كفاية نفسه وعياله " الذين تلزمه مؤنتهم شرعا " نفقة وكسوة وسكنى وأثاثا " وإخداما " لا بد منه لزمه العتق " وهذا جواب الشرط أي بخلاف من لم يملك ما ذكر قال تعالى " فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا فمن لم يجد " الآية .
أما من ملك عبدا هو محتاج إلى خدمته لمرض أو كبر أو ضخامة مانعة من خدمته نفسه أو منصب يأبى أن يخدم نفسه فهو في حقه كالمعدم بخلاف من هو من أوساط الناس فيلزمه الإعتاق لأنه لا يلحقه بصرف العبد إلى الكفارة ضرر شديد وإنما يفوته نوع رفاهية .
واستثنى في المهمات من التكفير بالمال السفيه ولو كان موسرا وإن كان إطلاقهم هنا يشمله فإن الرافعي ذكر في الحجر أنه كالمعسر حتى إذا حلف وحنث كفر بالصوم وأطلق المصنف النفقة والكسوة .
قال الرافعي وسكتوا عن تقدير مدة النفقة وبقية المؤن فيجوز أن يقدر ذلك بالعمر الغالب وأن يقدر سنة .
وصوب في الروضة منهما الثاني وقضية ذلك أنه لا نقل فيها مع أن منقول الجمهور الأول وهو المعتمد كما مر في قسم الصدقات وجزم البغوي في فتاويه بالثاني على قياس ما صنع في الزكاة .
واعلم أن ما ذكر في الحج وفي قسم الصدقات من أن كتب الفقيه لا تباع في الحج ولا تمنع أخذ الزكاة وفي الفلس من أن خيل الجندي المرتزق تبقى له يقال بمثله هنا بل أولى كما ذكره الأذرعي وغيره .
ولا يجب .
على المكفر " بيع ضيعة " وهي بفتح الضاد المعجمة العقار قاله الجوهري .
و .
لا بيع " رأس مال " للتجارة بحيث " لا يفضل دخلهما " من غلة الضيعة وربح مال التجارة " عن كفايته " لمعونة لتحيل عبد يعتقه بل يعدل المكفر في الصورتين للصوم فإن فضل دخلهما عن كفايته باعهما قطعا .
ولا .
بيع مسكن وعبد نفيسين ألفهما " في الأصح " لعسر مفارقة المألوف ونفاستهما بأن يجد بثمن المسكن مسكنا يكفيه وعبدا يعتقه وبثمن العبد عبدا يخدمه وآخر يعتقه .
والثاني يجب بيعهما لتحصيل عبد يعتقه ولا التفات إلى مفارقة المألوف في ذلك .
واحترز بقوله ألفهما عما لو لم يألفهما فيجب البيع والاعتاق قطعا .
تنبيه : .
كان ينبغي التعبير بالخادم بدل العبد فإن الأمة كذلك لاسيما إن احتاج إليها للوطء .
وفي الاستذكار لو كان له أمة للوطء وخادم إن أمكن أن تخدمه الأمة أعتق وإلا فلا وقدمنا أن المراد بالعبد الجنس فيكون المراد هنا كذلك ويجب بيع فاضل داره الواسعة إن أمكن بيعه مع سكنى الباقي إذ لا ضرر ولا عسر وسواء في ذلك المألوفة وغيرها كما يقتضيه كلام كثيرين لأنه لا يفارقها .
وبيع ثوب نفيس لا يليق بالمكفر إذا حصل به غرض اللبس وغرض التكفير إلا إذا كان مألوفا كما مر في العبد فلا يلزمه بيع بعضه لعسر مفارقة المألوف فيجزئه الصوم وفي الحج يلزمه بيع المألوف .
قال الرافعي وكأن الفرق أن الحج لا بدل له وللإعتاق بدل .
والفرق بين ما هنا وما مر في الفلس من أنه لا يبقى للمفلس خادم ولا مسكن أن للكفارة بدلا كما مر وأن حقوق الله تعالى مبنية على المسامحة بخلاف حقوق الآدمي .
ومن له أجرة تزيد على قدر كفايته لا يلزمه التأخير لجمع الزيادة لتحصل العتق فله الصوم ولو تيسر جمع الزيادة لثلاثة أيام أو ما قاربها فإن اجتمعت الزيادة قبل صيامه وجب العتق إعتبارا بوقت الأداء كما سيأتي .
ولا .
يجب " شراء بغبن " وإن قل كماء الطهارة كأن وجد عبدا لا يبيعه مالكه إلا بأكثر من المثل ولا يعدل إلى الصوم بل عليه الصبر إلى أن يجد بثمن المثل من يعتقه .
وكذا لو غاب ماله يصبر إلى حضوره ولو كان فوق مسافة القصر وكان التكفير عن ظهار لأنه لو مات لأخذت الرقبة من تركته بخلاف مثله في التيمم لأن الصلاة لا تقضى ( 3 / 365 ) عن الميت .
ولا يجب قبول هبة الرقبة لما في ذلك من المنة بل يسن .
وأظهر الأقوال اعتبار اليسار .
الذي يلزم به الإعتاق " بوقت الأداء " لأنها عبادة لها بدل من غير جنسها فاعتبر حال أدائها كالصوم والتيمم والقيام والقعود في الصلاة .
والثاني بوقت الوجوب لها وجرى على هذا صاحب التنبيه ونبهت على ضعفه في شرحه .
والثالث بأي وقت كان من وقتي الوجوب والأداء .
تنبيه : .
ما تقدم في الحر أما العبد المظاهر فلا يتأتى تكفيره بعتق ولا إطعام بل يصوم وللسيد تحليله إن لم يأذن له فيه .
ثم شرع في الخصلة الثانية من خصال الكفارة فقال " فإن عجز " المظاهر حسا أو شرعا " عن عتق صام شهرين متتابعين " للآية فلو تكلف الإعتاق بالاستقراض أو غيره أجزأه على الأصح لأنه ترقى إلى الرتبة العليا .
تنبيه : .
ولو ملك رقبة فقتلها هل له الصوم إن قلنا إن الاعتبار بحالة الأداء صام كما رجحه الروياني وإلا فلا ولو شرع المعسر في الصوم ثم أيسر لم يلزمه إعتاق .
ويعتبر الشهران " بالهلال " ولو نقصا ويكون صومهما " بنية كفارة " من الليل لكل يوم منهما كما هو معلوم في صوم الفرض ولا يشترط تعيين جهة الكفارة من ظهار أو قتل مثلا كما سبق أول الباب فلو كان عليه كفارتان وصام أربعة أشهر عما عليه من الكفارة أجزأ .
واستثنى في المطلب ما لو صام شهرا عن كفارة .
ثم آخر عن أخرى ثم آخر عن الأولى ثم آخر عن الأخرى فلا يجزئه عن واحدة منهما بخلاف نظيره من العبدين لأن التتابع شرط .
ولا يشترط نية التتابع في الأصح .
اكتفاء بالتتابع الفعلي ولأن التتابع شرط في العبادة فلا تجب نيته كستر العورة في الصلاة .
والثاني يشترط كل ليلة ليكون متعرضا لخاصة هذا الصوم .
تنبيه : .
لا يصح من المكفر الصوم إلا بتحقق جوازه بتعذر العتق عليه فلو نوى من الليل الصوم قبل طلب الرقبة ثم طلبها فلم يجدها لم تصح النية .
فإن بدأ .
بهمزة من الابتداء بالصوم " في أثناء شهر " كعشرين يوما من المحرم " حسب الشهر بعده " وهو صفر " بالهلال وأتم " الشهر " الأول " وهو المحرم " من الثالث ثلاثين " يوما بعشرة من ربيع لتعذر الرجوع فيه إلى الهلال فاعتبر بالعدة " ويفوت التتابع بفوات يوم بلا عذر " ولو كان اليوم الأخير كما إذا فسد صومه أو نسي النية في بعض الليالي والنسيان لا يجعل عذرا في ترك المأمورات .
وهل يبطل ما مضى أو ينقلب نفلا فيه قولان رجح في الأنوار أولهما وابن المقري ثانيهما .
وينبغي حمل الأول على الإفساد بلا عذر والثاني على الإفساد بعذر .
ولو شك في نية صوم يوم بعد الفراغ من الصوم ولو من صوم اليوم الذي شك في نيته لم يضر إذ لا أثر للشك بعد الفراغ من اليوم ويفارق نظيره في الصلاة بأنها أضيق من الصوم .
تنبيه : .
يستثنى من مفهوم عبارة المصنف ما لو أفطر لسفر أو أفطرت الحامل أو المرضع لأجل الولد أو أفطر لفرط الجوع فإن التتابع يفوت وإن وجد عذر .
وكذا .
يفوت التتابع لعذر " بمرض " مسوغ للفطر " في الجديد " لأن المرض لا ينافي الصوم وقد أفطر باختياره فأشبه ما لو أجهده الصوم فأفطر .
والقديم لا يقطع التتابع لأن التتابع لا يزيد على أصل وجوب رمضان وهو يسقط بالمرض وعلم منه أن خوف المرض قاطع من باب أولى .
و " لا " يزول التتابع في الصوم " بحيض " لأنه ينافي الصوم ولا تخلو عنه ذات الأقراء في الشهر غالبا والتأخير إلى سن اليأس فيه خطر .
وهذا إذا لم تعتد الانقطاع شهرين فأكثر فإن اعتادت ذلك فشرعت في الصوم في وقت يتخلله الحيض انقطع كما نقله في زيادة الروضة عن المتولي وأقره وكذا لو ابتدأ المكفر الصوم في وقت يعلم دخول ما يقطعه عن إتيانه كشهر رمضان أو يوم النحر كما صرح به في المحرر وأهمله المصنف .
تنبيه : .
النفاس كالحيض لا يقطع التتابع على الصحيح وقيل يقطعه لندرته وهو ظاهر نصوص الشافعي Bه .
وطرو الحيض والنفاس إنما يتصور في كفارة قتل لا ظهار إذ لا يجب على النساء ومن ثم اعترض على المصنف ( 3 / 366 ) ذكره الحيض هنا وكلامه في كفارة الظهار وأجيب عنه بأن كلامه في مطلق الكفارة وأيضا قد يتصور من المرأة بأن تصوم عن قريبها الميت العاجز في كفارة الظهار بناء على القديم المختار .
وكذا جنون .
لا يزول به التتابع " على المذهب " لمنافاته للصوم كالحيض ويأتي في الجنون المتقطع ما سبق عن المتولي كما صرح به في الذخائر والإغماء المستغرق كالجنون كما في الروضة وهو المعتمد وقيل كالمرض وكلام التنقيح يشعر بترجيحه وقال الأذرعي إنه المذهب والمنصوص في الأم .
ولو صام رمضان بنية الكفارة أو بنيتهما بطل صومه ويأثم بقطع صوم الشهرين ليستأنف إذ هما كصوم يوم .
ولو وطىء المظاهر فيهما ليلا عصى ولم يستأنف .
ثم شرع في الخصلة الثالثة من خصال الكفارة فقال " فإن عجز " المظاهر " عن صوم " أو ولاء " بهرم أو مرض قال الأكثرون " من الأصحاب " لا يرجى زواله " وقال الأقلون كالإمام و الغزالي لا بد من تقييد المرض بكونه يدوم شهرين إما بظن عادة مطردة في مثله أو بقول الأطباء .
وصحح هذا في زوائد الروضة ولو اقتصر المصنف على هذا لفهم منه الأول .
وأطلق جمع من الأصحاب المرض من غير تفرقة بين رجاء زواله وعدمه .
تنبيه : .
عطف المرض على الهرم من عطف عام على خاص فإن المرض عرض والهرم مرض طبيعي .
أو .
لم يعجز ولكن " لحقه بالصوم مشقة شديدة " وضبطها بعضهم بما يبيح التيمم .
ودخل في المشقة شدة الشبق على ما رجحه الأكثرون وصرح به المصنف في كفارة الوقاع وهو شدة الغلمة أي شهوة الوطء .
وإنما لم يجز ترك صوم رمضان بشدة الشبق لأنه لا بدل له ولأنه يمكنه الوطء فيه ليلا بخلافه في كفارة الظهار لاستمرار حرمته إلى الفراغ منها كما مرت الإشارة إليه .
أو خاف .
من الصوم " زيادة مرض كفر بإطعام ستين مسكينا " للآية السابقة " أو فقيرا " لأنه أشد حالا منه ويكفي البعض مساكين والبعض فقراء .
تنبيه : .
قوله كفر بإطعام تبع فيه لفظ القرآن والمراد تمليكهم فقد جاء أطعم النبي A الجدة السدس أي ملكها فلا يكفي التغدية ولا التعشية .
وهل يشترط اللفظ أو يكفي الدفع عبارة الروضة تقتضي اللفظ لأنه عبر بالتمليك قال الأذرعي وهو بعيد أي فلا يشترط لفظ .
وهذا هو الظاهر كدفع الزكاة .
وإنما لم ينتظر زوال المرض المرجو زواله للصوم كما ينتظر المال الغائب للعتق لأنه لا يقال لمن غاب ماله لا يجد رقبة ويقال للعاجز بالمرض لا يستطيع الصوم ولأن حصول المال متعلق باختياره بخلاف زوال المرض .
ويشترط في المسكين والفقير أن يكونا من أهل الزكاة وحينئذ " لا " يكفي تمليكه " كافرا " ولو ذميا " ولا هاشميا و " لا " مطلبيا " ومن تلزمه نفقته كزوجته وقريبه ولا إلى مكفي بنفقة قريب أو زوج ولا إلى عبد ومكاتب لأنها حق لله تعالى فاعتبر فيها صفات الزكاة .
نعم لو دفعها إلى العبد بإذن سيده والسيد بصفة الاستحقاق جاز لأنه صرف لسيده .
ويصرف للستين المذكورين " ستين مدا " لكل واحد مد كأن يضعها بين أيديهم ويملكها لهم بالسوية أو يطلق فإذا قبلوا ذلك أجزأ على الصحيح فلو فاوت بينهم بتمليك واحد مدين وآخر مدا أو نصف مد لم يجز وإن أوهم كلام المصنف خلافه فلو قال ستين مدا مدا بتكرير المد كان أولى ولو قال خذوه ونوى فأخذوه بالسوية أجزأ فإن تفاوتوا لم يجزىء إلا مد واحد ما لم يتبين معه من أخذ مدا آخر وهكذا .
وإن صرف ستين مدا إلى مائة وعشرين بالسوية احتسب له بثلاثين مدا فيصرف ثلاثين أخرى إلى ستين منهم ويسترد من الباقين إن كان ذكر لهم أنها كفارة .
وإن صرف ستين إلى ثلاثين بحيث لا ينقص كل منهم عن مد لزمه صرف ثلاثين مدا إلى ثلاثين غيرهم ويسترد كما سبق ولو صرف لمسكين واحد مدين من كفارتين جاز .
وإن أعطى رجلا مدا واشتراه منه مثلا ودفعه لآخر وهكذا إلى ستين أجزأه وكره .
ولو دفع الطعام ( 3 / 367 ) إلى الإمام فتلف في يده قبل التفرقة لم يجزه بخلاف الزكاة .
وبين المصنف جنس الأمداد بقوله " مما " أي من جنس الحب الذي " يكون فطرة " فتخرج من غالب قوت بلد المكفر فلا يجزىء نحو الدقيق والسويق والخبز .
تنبيه : .
أفهم كلامه جواز إخراج الأقط واللبن لتجويزه إخراجهما في صدقة الفطر وهو ظاهر في الأقط وأما اللبن فقد صحح في تصحيح التنبيه منع إجزائه .
خاتمة إذا عجز من لزمته الكفارة عن جميع الخصال بقيت الكفارة في ذمته إلى أن يقدر على شيء منها فلا يطؤها المظاهر حتى يكفر .
ولا تجزىء كفارة ملفقة من خصلتين كأن يعتق نصف رقبة ويصوم شهرا أو يصوم شهرا ويطعم ثلاثين فإن وجد بعض الرقبة صام لأنه عادم لها بخلاف ما إذا وجد بعض الطعام فإنه يخرجه ولو بعض مد لأنه لا بدل له .
والميسور لا يسقط بالمعسور ويبقى الباقي في ذمته في أحد وجهين يظهر ترجيحه لأن الغرض أن العجز عن جميع الخصال لا يسقط الكفارة ولا نظر إلى توهم كونه فعل شيئا .
وإذا اجتمع عليه كفارتان ولم يقدر إلا على رقبة أعتقها عن إحداهما وصام عن الآخر إن قدر وإلا أطعم