من ضرب مدة وغيره " يمهل " المولي وجوبا " أربعة أشهر " سواء الحر والرقيق في الزوج والزوجة كما صرح به في المحرر لأن المدة شرعت لأمر جبلي وهو قلة الصبر عن الزوج وما يتعلق بالجبلة والطبع لا يختلف بالرق والحرية كما في مدة العنة قال الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه وهذه المدة حق الزوج كالأجل في الدين المؤجل حق المدين .
وابتداؤها " من " حين " الإيلاء " في غيرها ما يأتي لا من وقت الرفع إلى القاضي لأنه مول من وقت الحلف و " بلا قاض " لثبوته بالآية السابقة بخلاف مدة العنين لأنها مجتهد فيها .
تنبيه : .
يستثنى من كلامه ما لو قال إن وطئتك فعبدي حر قبل وطيء بشهر فإن المدة لا تحسب من الإيلاء بل إن مضى شهر ولم يطأ ضربت وطولب في الشهر السادس من اليمين على الأصح وإنما كان كذلك لأنه لو وطىء قبل ( 3 / 349 ) مضي شهر لم يعتق .
و .
ابتداؤها " في رجعية " آلى منها " من " حين " الرجعة " لا من حين الإيلاء لأن المدة شرعت للمهملة في وقت يحل له الوطء وفي العدة لا يحل له الوطء وكذا الحكم لو آلى من زوجته ثم طلقها رجعيا فإن المدة تنقطع لجريانها إلى البينونة فإذا راجعها في العدة حسبت المدة من الرجعة لأن الاضرار إنما يحصل بالامتناع المتوالي في نكاح سليم ولا تنحل اليمين بالطلاق الرجعي .
ولو ارتد .
الزوجان أو " أحدهما بعد دخول " وبعد المدة لغت أو " في المدة " أي الأشهر الأربعة " انقطعت " فلا يحسب زمن الردة منها لاختلال النكاح بها .
فإذا أسلم .
المرتد في الصورتين " استؤنفت " أي المدة لوجوب الموالاة فيها لأن وطأها منوط بتوالي الضرر أربعة أشهر ولم توجد .
تنبيه : .
محل الاستئناف إذا كانت اليمين على الامتناع من الوطء مطلقا أو كان قد بقي من مدة اليمين ما يزيد على أربعة أشهر فإن كان أقل من ذلك فلا معنى للاستئناف .
واحترز بقوله بعد دخول أي أو استدخال مني الزوج المحترم عما قبل ذلك فإن النكاح ينقطع لا محالة .
وألحق البغوي العدة بوطء الشبهة بالطلاق الرجعي وبالردة في منع الاحتساب ووجوب الاستئناف عند انقضائها .
و .
كل " ما يمنع الوطء ولم يخل بنكاح إن وجد فيه " أي الزوج " لم يمنع المدة " أي لا يقطع مدة الإيلاء " كصوم وإحرام " واعتكاف فرضا أو نفلا " ومرض وجنون " وحبس ونحوه فيحسب زمن كل منها من المدة سواء قارنها أم حدث فيها كما صرح به في المحرر لأنها ممكنة والمانع منه ولهذا استحقت النفقة وهو المقصود بالإيلاء وقصده المضارة .
تنبيه : .
أشار بالأمثلة المذكورة إلى أنه لا فرق فيه بين المانع الشرعي والحسي واحترز بقوله ولم يخل بمقصوده عن الردة والطلاق الرجعي وقد سبقا .
أو .
أي وإن وجد مانع الوطء " فيها " أي الزوجة " وهو حسي كصغر ومرض " يمنع كل منهما الوطء " منع " ابتداء المدة فإذا زال استؤنفت .
وإن حدث .
مانع لوطء " في " أثناء " المدة " كنشوزها فيه " قطعها " لامتناع الوطء معه " فإذا زال " الحادث " استؤنفت " المدة إذ المطالبة مشروطة بالإضرار أربعة أشهر متوالية ولم توجد .
وقيل تبنى .
بضم أوله على مضي ورجحه الإمام والغزالي .
أو .
وجد مانع الوطء في الزوجة وهو " شرعي كحيض وصوم نفل فلا " يمنع الحيض جزما ولا صوم النفل على الصحيح ولا يقطعها ذلك لو حدث فيها لأن الحيض لا يخلو عنه الشهر غالبا فلو منع لامتنع ضرب المدة غالبا .
وأما صوم النفل فهو متمكن من وطئها وتحليلها منه .
تنبيه : .
قد يفهم اقتصاره على الحيض أن النفاس يمنع وهو ما رجحه الشيخ في التنبيه والماوردي والروياني وغيرهم ولكن الذي صححه المصنف في تصحيح التنبيه وأصل الروضة وصححه الرافعي في الشرح الصغير ونقل تصحيحه في الكبير عن البغوي أنه كالحيض وهذا هو المعتمد لمشاركته للحيض في أكثر الأحكام وإن كان الأول له وجه .
ويمنع فرض في الأصح .
أي صومه بنذر أو غيره كرمضان وقضائه لعدم تمكنه فيه من الوطء .
والثاني لا لتمكنه ليلا .
تنبيه : .
ظاهر كلامه أنه لا فرق في فرض الصوم بين أن يكون فوريا أو لا وهو كذلك وإن قال الزركشي الظاهر أن لتخصيص الجرجاني الإحرام بالفرض .
فإن وطىء .
المولي " في المدة " انحل الإيلاء ولزمه كفارة يمين في الحلف بالله تعالى ولا يطالب بعد ذلك بشيء .
وإلا .
بأن لم يطأ فيها " فلها مطالبته " بعدها " بأن يفيء " برجوعه للوطء الذي امتنع منه بالإيلاء .
أو يطلق .
إن لم يفيء لظاهر الآية .
وسمي الوطء فيئة من فاء إذا رجع .
لأنه امتنع ثم رجع ( 3 / 350 ) .
تنبيه : .
قضية كلامه أنها تردد الطلب بين الفيئة والطلاق وهو الذي في الروضة وأصلها في موضع وصوب الزركشي وغيره ما ذكره الرافعي تبعا لظاهر النص أنها تطالبه بالفيئة فإن لم يفىء طالبته بالطلاق وهذا أوجه وجرى عليه شيخنا في منهجه .
ولو تركت حقها .
بسكوتها عن مطالبة الزوج أو بإسقاط المطالبة عنه " فلها المطالبة " ما لم تنته مدة اليمين " بعده " أي الترك لتجدد الضرر كالرضا بإعساره بالنفقة بخلاف الرضا بالعنة أو العيب فإن ضررهما في حكم خصلة واحدة كالرضا بالإعسار بالمهر .
تنبيه : .
مقتضى كلامه اختصاص المطالبة بعد المدة بالزوجة وهو كذلك فليس لسيد الأمة مطالبة الزوج بذلك لأن التمتع حقها .
وينتظر بلوغ المراهقة وإفاقة المجنونة ولا يطالب وليها بذلك بل يندب تخويف الزوج من الله تعالى .
وتحصل الفيئة .
وهي الرجوع للوطء " بتغييب حشفة " فقط أو قدرها من مقطوعها وقوله " بقبل " مزيد على المحرر فلا يكفي تغييب ما دونها به ولا تغييبها بدبر لأن ذلك مع حرمة الثاني لا يحصل الغرض .
نعم إن لم يصرح في إيلائه بالقبل ولا نواه بل أطلق انحل بالوطء في الدبر لا بد في البكر من زوال بكارتها كما نص عليه الشافعي Bه وبعض الأصحاب أي وإن كانت غوراء .
فرع لو استدخلت الحشفة .
أو أدخلها هو ناسيا أو مكرها أو مجنونا لم يحنث ولم تجب كفارة ولم تنحل اليمين وإن حصلت الفيئة وارتفع الايلاء أما عدم الحنث وعدم انحلال اليمين فلعدم فعله في مسألة الاستدخال واختلاله فيما عداها وأما عدم وجوب الكفارة فلعدم الحنث وأما ارتفاع الايلاء فلوصولها إلى حقها واندفاع ضررها كما لو رد المجنون الوديعة إلى صاحبها ولأن وطء المجنون كالعاقل في تقرير المهر والتحليل وتحريم الريبة وسائر الأحكام .
ويفارق ارتفاع الإيلاء عدم الحنث والكفارة بأن رعاية القصد الصحيح في حقوق الله تعالى أشد منه في حقوق الآدمي بدليل صحة غسل الذمية عن الحيض للمسلم دون العبادة إذ ليس لها نية صحيحة في حقوق الله تعالى أشد منه في حقوق الآدمي بدليل صحة غسل الذمية عن الحيض المسلم دون العبادة إذ ليس لها نية صحيحة وتضرب له المدة ثانيا لبقاء اليمين كما لو طلق المولي بعد المدة ثم راجع تضرب المدة ثانيا فلو وطئها في المدة بعد ذلك عالما عامدا عاقلا مختارا حنث ولزمته الكفارة وانحلت اليمين .
ولا مطالبة .
للزوج بالفيئة لا قولا ولا فعلا " إن كان بها " أي الزوجة " مانع وطء " وهو شرعي أو حسي " كحيض " ونفاس وإحرام " ومرض " لا يمكن معه الوطء لأن الوطء متعذر من جهتها فكيف تطلبه أو تطلب ما يقوم مقامه وهو الطلاق ولأن المطالبة تكون بالمستحق وهي لا تستحق الوطء حينئذ قال في البسيط والعجيب أن الحيض يمنع المطالبة ولا يمنع المدة .
فإن قيل قولهم طلاق المولي في الحيض ليس ببدعي يشكل على قولهم هنا يمنع المطالبة .
أجيب بحمل المذكور هنا على ما إذا تقدمت المطالبة زمن البقاء من الحيض ولم يفي مع تمكنه حتى طرأ الحيض فإنه لا تبعد مطالبته بالطلاق حينئذ .
وإن كان فيه .
أي الزوج " مانع " من الوطء وهو " طبيعي كمرض " يمنع الوطء أو يخاف منه زيادة العلة أو بطء البرء " طولب " الزوج بالفيئة باللسان أو بالطلاق إن لم يفيء " بأن يقول إذا قدرت فئت " أو طلقت لأن به يندفع الأذى الذي حصل باللسان .
قال الإمام ولو كان لا يرجى زوال عذره كجب طولب بأن يقول لو قدرت فئت ولا يأتي بإذا وزاد المحاملي على ذلك وندمت على ما كان مني .
قال الزركشي والظاهر أن المراد به التأكيد والاستحباب كما صرح به القاضي أبو الطيب ولهذا اقتصر الشافعي على الوعد .
أو .
كان في الزوج مانع " شرعي كإحرام " وظهار قيل التكفير وصوم واجب " فالمذهب أنه يطالب بطلاق " لأنه هو الذي يمكنه ولا يطالب بالفيئة لحرمة الوطء ويحرم عليها تمكينه .
والطريق الثاني أنه لا يطالب بالطلاق بخصوصه ولكن يقال إن فئت عصيت وأفسدت عبادتك وإن طلقت ذهبت زوجتك وإن لم تطلق طلقنا عليك كمن غصب دجاجة ولؤلؤة فابتلعتها يقال له إن ذبحتها غرمتها وإلا غرمت اللؤلؤة وعلى المذهب لو زال الضرر بعد ( 3 / 351 ) فيئة اللسان طولب بالوطء .
تنبيه : .
محل الخلاف إذا امتنع امتناعا كليا فإن استمهل في الصوم إلى الليل أو كان يتحلل من إحرامه عن قرب أمهلناه كما ذكره الرافعي بعد ذلك .
ولو قال في صورة الظهار أمهلوني حتى أكفر لم يمهل إن كان يكفر بالصوم لطول مدته وإن كان يكفر بالعتق أو الإطعام أمهل ثلاثة أيام كما قاله أبو إسحاق وقيل يمهل يوما ونصف يوم كما في التهذيب .
فإن عصى بوطء .
في القبل وكذا في الدبر إذا لم يقيد إيلاءه به ولا بالقبل " سقطت المطالبة " لحصول مقصودها وانحلت اليمين .
تنبيه : .
فهم من تصريحه بالعصيان امتناع الزوجة من تمكينه وهو كذلك وحينئذ يؤمر بالطلاق ليس إلا كما صححه المصنف .
وإن أبى الفيئة والطلاق فالأظهر .
الجديد " أن القاضي " إذا رفعته إليه " يطلق عليه طلقة " نيابة عنه لأنه لا سبيل إلى دوام إضرارها ولا إجباره على الفيئة لأنها لا تدخل تحت الإجبار والطلاق بقبل النيابة فناب الحاكم عنه عند الامتناع كما يزوج عن العاضل ويستوفي الحق من المماطل فيقول أوقعت على فلانة عن فلان طلقة كما حكي عن الإملاء أو حكمت عليه في زوجته بطلقة .
فإن قال أنت طالق ولم يقل عن فلان لم يقع قاله الدارمي في الاستذكار ولم يتعرض له الشيخان .
تنبيه : .
أفهم قوله طلقة أنه لو زاد عليها لم تقع الزيادة وهو كذلك لأن ذلك هو الواجب عليه وإنما لم يقيدها بالرجعة ليشمل ما لو لم يمكنه ذلك كما لو كانت قبل الدخول أو مستكملة لعدد الطلاق .
ولو آلى من إحداهما وأبى الفيئة والطلاق طلق القاضي مبهما ثم يبين الزوج أن عين ويعين إن أبهم .
والثاني القديم لا يطلق عليه لأن الطلاق في الآية يضاف إليه بل يفرده بحبس أو غيره ليفيء أو يطلق لحديث الطلاق لمن أخذ بالساق ويشترط حضوره ليثبت إمتناعه كالعضل إلا أن يعذر ولا يشترط للطلاق عليه حضوره عنده .
ولا ينفذ طلاق القاضي في مدة إمهاله الآتي بيانها ولا بعد وطئه أو طلاقه وإن طلقا معا وقع الطلاقان وإن طلق القاضي وقع مع الفيئة لم يقع الطلاق كما جرى عليه بعض المتأخرين لأنها المقصود .
وإن طلق الزوج بعد طلاق القاضي وقع الطلاق إن كان طلاق القاضي رجعيا وصورة الدعوى أن يدعي عليه بالإيلاء وأن مدته قد انقضت من غير وطء ويطلب منه دفع الضرر بالفيئة أو الطلاق على ما مر .
و .
الأظهر " إنه " إذا لم يكن عذر " لا يمهل " أياما " ثلاثة " ليفيء أو يطلق فيها لأنه زيادة على ما أمهله الله والحق إذا حل لا يؤجل ثانيا .
والثاني يمهل ثلاثة أيام لقربها وقد ينشط فيها للوطء .
تنبيه : .
أفهم كلامه أنه لا يزاد على ثلاثة قطعا وهو كذلك وجواز إمهاله دون ثلاث .
وليس على إطلاقه بل إذا استمهل لشغل أمهل بقدر ما يتهيأ لذلك الشغل فإن كان صائما أمهل حتى يفطر أو جائعا فحتى يشبع أو ثقيلا من الشبع فحتى يخف أو عليه النعاس فحتى يزول .
قالا والاستعداد في مثل هذه الأحوال بقدر يوم فما دونه .
ولو راجع المولى بعد تطليق القاضي وقد بقي مدة الإيلاء ضربت مدة أخرى .
ولو بانت فتزوجها لم يعد الإيلاء فلا تطالب .
و .
الأظهر وعبر في الروضة بالمذهب " أنه إذا وطىء " في مدة الإيلاء " بعد مطالبة " له بالفيئة " لزمه كفارة يمين " إن كانت يمينه بالله تعالى أو صفة من صفاته لحنثه .
والثاني لا يلزمه لقوله تعالى " فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم " أي يغفر الحنث بأن لا يؤاخذ بكفارته لدفعه ضرر الزوجة .
وأجاب الأول بأن المغفرة والرحمة إنما ينصرفان إلى ما يعصي به والفيئة الموجبة للكفارة مندوب إليها وإذا لزمته الكفارة بالوطء بعد المطالبة فبالوطء قبلها أولى أما إذا كان حلفه بغير الله تعالى وصفاته نظر إن حلف بالتزام ما يلزم فإن كان بقربة لزمه ما التزم .
أو كفارة يمين كما سيأتي في باب النذر أو بتعليق طلاق أو عتق وقع بوجود الصفة .
خاتمة لو اختلف الزوجان في الإيلاء أو في انقضاء مدته بأن ادعته عليه فأنكر صدق بيمينه لأن الأصل ( 3 / 352 ) عدمه .
ولو اعترفت بالوطء بعد المدة وأنكره سقط حقها من الطلب عملا باعترافها ولم يقبل رجوعها عنه لاعترافها بوصول حقها إليها .
ولو كرر يمين الإيلاء مرتين فأكثر وأراد بغير الأولى التأكيد لها ولو تعدد المجلس وطال الفصل صدق بيمينه كنظيره في تعليق الطلاق .
وفرق بينهما وبين تنجيز الطلاق بأن التنجيز إنشاء وإيقاع والإيلاء والتعليق متعلقان بأمر مستقبل فالتأكيد بهما أليق أو أراد الاستئناف تعددت الأيمان .
وإن أطلق بأن لم يرد تأكيدا ولا استئنافا فواحدة إن اتحد المجلس حملا على التأكيد وإلا تعددت لبعد التأكيد مع اختلاف المجلس ونظيرهما جار في تعليق الطلاق وكذا الحكم لو حلف يكفيه يمينا سنة ويمينا سنتين مثلا وعند الحكم بتعدد اليمين يكفيه لانحلالها وطء واحد ويتخلص بالطلاق عن الأيمان كلها ويكفيه كفارة واحدة كما علم مما مر