هو لغة الحلف .
قال الشاعر وأكذب ما يكون أبو المثنى إذا آلى يمينا بالطلاق وكان طلاقا في الجاهلية فغير الشرع حكمه مع عدم استعماله أول الإسلام وخصه بالحلف على الامتناع من وطء الزوجة مطلقا أو أكثر من أربعة أشهر كما سيأتي .
والأصل فيه قوله تعالى " للذين يؤلون من نسائهم " الآية .
وإنما عدي فيها ب من وهو إنما يعدى ب على لأنه ضمن معنى البعد كأنه قال يؤلون مبعدين أنفسهم من نسائهم .
وهو حرام للإيذاء وليس منه إيلاؤه A في السنة التاسعة من نسائه شهرا .
وأركانه كما قال الشيخان أربعة حالف ومدة ومحلوف به ومحلوف عليه زاد في الأنوار وصيغة وزوجة .
وقد شرع المصنف في الركن الأول فقال " هو حلف زوج " خرج بذلك السيد والأجنبي كما سيأتي .
ويصح من عجمي بالعربية ومن عربي بالعجمية إن عرف المعنى كما في الطلاق وغيره .
وقوله " يصح طلاقه " خرج به الصبي والمجنون والمكره ودخل فيه العبد والحر والمسلم والكافر والخصي والسكران المتعدي بسكره .
والمراد أنه يصح طلاقه في الجملة ليدخل ما لو قال إذا وقع عليك طلاقي فأنت طالق قبله ثلاثا وفرعنا على إنسداد باب الطلاق فإنه زوج لا يصح طلاقه في هذه الصورة ومع ذلك يصح إيلاؤه .
فإن تداعيا معا سقط هذا الوجه .
وقوله " ليمتنعن من وطئها " أي وأطلق فلو حلف على الامتناع من وطئها في الدبر أو الحيض أو النفاس أو فيما دون الفرج لم يكن موليا بل هو محسن لا تتضرر بذلك ولا تطمع في الوطء فيما ذكر ولأنه ممنوع من الوطء في غير الأخيرة شرعا فأكدا الممنوع منه بالحلف .
فإن قال والله لا أجامعك إلا في الدبر فمول أو إلا في الحيض أو في النفاس أو في نهار رمضان أو في المسجد وجهان أحدهما وهو الأوجه أنه مول قال الإسنوي وهو ما جزم به في الذخائر ولا يتجه غيره وقال الزركشي أنه الراجح فقد جزم به في الذخائر وقال في المطلب إنه الأشبه .
وبه أفتى البغوي في غير صورة النفاس لأن الوطء حرام في هذه الأحوال فهو ممنوع من وطئها .
ويجب عليها الامتناع وتضرب المدة ثم تطالب بعدها بالفيئة أو الطلاق فإن فاء إليها في هذه الأحوال سقطت المطالبة في الحال لزوال المضارة به وتضرب المدة ثانيا لبقاء اليمين كما لو طلق المولى بعد المدة ثم راجع تضرب المدة ثانيا لبقاء اليمين .
والوجه الثاني لا يكون موليا وبه جزم السرخسي في صورتي الحيض والنفاس لأنه لو جامع فيها حصلت الفيئة فاستثناؤه يمنع انعقاد الإيلاء .
وقوله " مطلقا " نعت لمصدر محذوف أي امتناعا مطلقا غير مقيد بمدة وفي معناه ما إذا أكد بقوله أبدا .
وقوله " أو فوق أربعة أشهر " هو الركن الثاني وهو المدة خرج به الأربعة فما دونها روي عن عمر Bه أنه سأل كم تصبر المرأة فقيل شهرين وفي الثالث يقل الصبر وفي الرابع ينفذ الصبر .
أي إذا نفذ صبرها طالبت فلا بد من الزيادة على ذلك .
وظاهره أنه يكفي زيادة لحظة لا تسع المطالبة .
وهو ما نقله في أصل الروضة عن الإمام وجرى عليه ابن المقري في روضه وفي كلام الروياني ما يوافقه .
قال البلقيني وهو عجيب لا يوافق عليه والذي يقتضيه نص الشافعي في الأم والمختصر أنه لا يكون موليا إلا بالحلف على فوق أربعة أشهر بزمان يتأتى فيه المطالبة .
وصرح به الماوردي وسبقه إلى نحو ذلك ابن الرفعة .
والأولى أن يقال إن كلام الإمام محمول على إثم الإيذاء وكلام الماوردي على إثم الإيلاء ألا ترى أنه لو قال والله لا أطؤك أربعة أشهر فإذا مضت فوالله لا أطؤك أربعة أشهر فإنه ليس بمول كما سيأتي مع أنه يأثم بذلك إثم الإيلاء على الراجح في الروضة .
تنبيه : .
ليس هذا الحد مجامع لعدم شموله ما لو قال ولله لا أطؤك حتى أموت أو تموتي فإنه يكون موليا ( 3 / 344 ) لحصول اليأس أنه لم يطلق ولم يذكر فوق أربعة أشهر ولا مانع أيضا لشموله العاجز عن الوطء بنحو جب فإنه يصح طلاقه ولا يصح طلاقه ولا يصح إيلاؤه كما سيأتي لأنه لا يتحقق منه قصد الإيذاء بالامتناع فلو قال يصح طلاقه مع إمكان وطئه لكان أولى .
ثم شرع في الركن الثالث وهو المحلوف به فقال " والجديد " ووصفه في الروضة بالأظهر " أنه " أي الإيلاء " لا يختص بالحلف بالله تعالى وصفاته " تعالى " بل لو علق به " أي الوطء " طلاقا أو عتقا " ك إن وطئتك فأنت أو ضرتك طالق أو فعبدي حر " أو " نحو ذلك مما لا ينحل اليمين منه إلا بعد أربعة أشهر كأن " قال إن وطئتك فالله علي صلاة أو صوم أو حج أو عتق كان موليا " لأن ما بلزمه في ذلك بالوطء يمنعه منه فيتحقق في الإقرار ولأن ذلك يسمى حلفا فتناولته الآية لأن الإيلاء هو الحلف ويشمل الحلف بالله تعالى وغيره وفي الحديث لا تحلفوا بآبائكم .
تنبيه : .
أشار المصنف بما ذكره إلى أنه لا فرق بين كون المعلق غير قربة كما سبق في تعليق الإيلاء بالطلاق أو قربة كهذه الأمثلة .
وكلامه هنا وفيما سبق مشعر بأن الإيلاء لا يكون بغير الحلف لكن سيأتي في الظهار أنه لو قال أنت علي كظهر أمي سنة مثلا أنه إيلاء مع انتفاء الحلف في هذه الصورة والقديم أنه يختص بالحلف بالله تعالى أو صفة من صفاته لأنه المعهود لأهل الجاهلية الحاكمين بأن الإيلاء طلاق وقد أبطل الله الحكم دون الصفة بقوله " الذين يؤلون من نسائهم " الآية واليمين المذكورة يمين لجاج .
واليمين بصوم شهر الوطء إيلاء ك إن وطئتك فالله علي صوم الشهر الذي أطأ فيه فإذا وطىء في أثناء الشهر لزمه مقتضى اليمين ويجزيه صوم بقيته ويقضي يوم الوطء وليس اليمين بصوم هذا الشهر إيلاء ولا يصوم هذه السنة إلا إن بقي منها أكثر من أربعة أشهر .
ثم شرع في محترز قوله حلف زوج بقوله " ولو حلف أجنبي عليه " أي ترك الوطء كقوله لأجنبية والله لا أطؤك " فيمين محضة " أي خالصة من شائبة حكم الإيلاء " فإن نكحها " أي الأجنبية بعد الحلف " فلا إيلاء " بحلفة المذكور فلا تضرب له مدة فإن وطئها قبل مدة الإيلاء أو بعدها لزمه كفارة يمين في الحلف بالله تعالى وحكم السيد كما تقدم كالأجنبي فلو قال كالمحرر ولو حلف غير الزوج لشمل ذلك .
ثم شرع في شرط الزوجة بقوله " ولو آلى من رتقاء أو قرناء " وتقدم معناهما في خيار النكاح لم يصح الإيلاء على المذهب لأنه لا يتحقق منه قصد الإيذاء والإضرار لامتناع الأمر في نفسه .
تنبيه : .
أفهم تمثيله بالمانع الحسي صحة الإيلاء من الصغير والمضناة وهو صحيح ولكن لا نضرب المدة إلا بعد احتمالها الوطء .
ثم شرع في محترز كون الزوج يمكن وطؤه بقوله " أو آلى مجبوب " أي مقطوع الذكر كله وكذا إن بقي منه دون الحشفة " لم يصح " إيلاؤه " على المذهب " لما مر وقيل يصح فيهما لعموم الآية ومجموع ما في المسألة طرق أصحهما قولان .
والثانية القطع بالبطلان .
والثالثة القطع بالصحة .
وأما من جب ذكره وبقي منه قدر الحشفة فيصح إيلاؤه لإمكان وطئه .
والأشل كالمجبوب أما العاجز عن الوطء لمرض قال في التتمة ومنه العنين فيصح أيلاؤه لأن وطأه مرجؤ .
تنبيه : .
صورة مسألة الكتاب فيما إذا كان المانع من الوطء موجودا عند الإيلاء فلو طرأ بعده لم يبطل على المذهب لأن العجز عارض وكان قد قصد الإيلاء .
ولو قال والله لا وطئتك أربعة أشهر فإذا مضت فوالله لا وطئتك أربعة أشهر و .
سواء اقتصر على هذا أم قال " هكذا مرارا فليس بمول في الأصح " لانتفاء فائدة الإيلاء من المالبة بموجبه في ذلك إذ بعد مدة أربعة أشهر لا تمكن المطالبة بموجب اليمين الأولى لانحلالها ولا بموجب الثانية لأنه لم تمض مدة المهلة من وقت انعقادها وبعد مضي الأربعة الثانية يقال فيه كذلك وهكذا لآخر حلفه .
والثاني هو ( 3 / 345 ) مول لتحقق الضرر وعلى الأول يأثم كما في زيادة الروضة لكن إثم الإيذاء لا إثم الإيلاء قال في المطلب فكأنه دون إثم المولى ويجوز أن يكون فوقه لأن ذاك يقدر فيه على دفع الضرر بخلاف هذا فإنه لا دفع له إلا من جهة الزوج بالوطء .
تنبيه : .
أفهم قوله فإذا مضت فوالله أن محل الوجهين إذا أعاد حرف القسم فإذا قال والله لا أطؤك أربعة أشهر فإذا مضت فلا أطؤك أربعة أشهر كان موليا قطعا وهو كذلك كما قاله في المطلب لأنها يمين واحدة اشتملت على أكثر من أربعة أشهر .
وأفهم كلامه أيضا أن محل الخلاف إذا وصل اليمين باليمين فإن قال ذلك مرة ثم لما مضت تلك المدة أعاد اليمين وهكذا مرارا فلا يكون موليا قطعا .
وقوله وهكذا مرارا ليس بقيد لإجراء الخلاف كما يفهم مما قدرته فإن الخلاف جار وإن لم يقل مرارا ولو قال وإن قاله مرارا كان أولى ليكون نص على الصورتين .
ولو قال والله لا وطئتك خمسة أشهر فإذا مضت فوالله لا وطئتك سنة .
بالنون " فإيلاءان لكل " منهما " حكمه " فلها المطالبة في الشهر الخامس بموجب الإيلاء الأول من الفيئة أو الطلاق فإن فاء انحلت فإن أخرت حتى مضى الخامس دخل مدة الإيلاء الثاني فلها المطالبة بعد أربعة أشهر منها بموجبه كما مر فإن لم تطالب في الإيلاء الأول حتى مضى الشهر الخامس منه فلا مطالبة به سواء أتركت حقها أم لم تعلم به لانحلاله كما لو أخرت المطالبة في الثاني حتى مضت سنة .
تنبيه : .
قوله سنة موافق للشرح والروضة وفي المحرر ستة أشهر وكل صحيح ولكن كان الأولى موافقة أصله .
ويصح أن يقرأ المتن بالمثناة من فوق فيوافق أصله لكن نسخة المصنف بالنون .
ولو أتى باليمينين ولم يقل فإن مضت تداخلتا وانحلتا بوطء واحد .
ولو قيد .
الامتناع من الوطء " بمستبعد الحصول " في الاعتقادات " في الأربعة " أشهر " تزول عيسى عليه السلام " وخروج الدجال وطلوع الشمس من مغربها " فمول " لأن الظاهر تأخير ذلك عن الأربعة الأشهر .
تنبيه : .
فهم من كلامه بطريق الأولى أنه لو علق بمحقق المنع كصعود السماء كان موليا وهو ما قطع به الرافعي وغيره .
ومحل التعليق بنزول عيسى عليه السلام إذا كان قبل خروج الدجال فإن كان بعد خروجه فإن كان في اليوم الأول من أيامه وكان بقي أكثر من أربعة أشهر باعتبار الأيام المعهودة فمول والإ فلا لأن بين خروجه ونزول عيسى عليه السلام أربعين يوما وأخبر عليه السلام بأن اليوم الأول من أيامه كسنة والثاني كشهر والثالث كجمعة والباقي كالأيام المعهودة فسئل عن ذلك اليوم الذي كسنة يكفينا فيه صلاة يوم فقال لا اقدروا له قدره والحديث رواه مسلم وتقدم الكلام عليه في المواقيت .
وإن ظن حصوله .
أي المقيد به " قبلها " أي مضى الأربعة الأشهر كقوله في وقت غلبة الأمطار .
والله لا أطؤك حتى ينزل المطر " فلا " يكون موليا وإنما هو عقد يمين .
تنبيه : .
أفهم كلامه أن محقق الحصول كذبول النقل وجفاف الثوب أولى بعدم الإيلاء وبه صرح في المحرر .
وكذا لو شك في الأصح .
في حصول المستبعد قبل أو بعد مضي الأربعة أشهر فلا يكون موليا في الحال فلو مضت الأربعة ولم يوجد المعلق به فوجهان أصحهما في الروضة وأصلها لا يكون موليا أيضا لأنه لم يحقق قصد المضارة أولا وأحكام الإيلاء منوطة به لا بمجرد الضرر ولهذا لو امتنع بلا يمين لم يكن موليا ولو قيد بموت أحدهما كان موليا كما مر وكذا بموت أجنبي خلافا لصاحب التنبيه .
ولو قيد بقدوم زيد والمسافة بعيدة وقال ظننت قربها صدق بيمينه وكذا لو قال لا أجامعك وقال أردت شهرا أو نحوه كما في الروضة وأصلها خلافا للبلقيني .
ثم شرع في الركن الرابع المحلوف عليه وهو ترك الجماع لا غير فقال " ولفظه " أي الدال عليه قسمان " صريح وكناية فمن صريحه " مهجو ال ن ي ك و " تغييب " أي إدخال ( 3 / 346 ) ذكر " أو حشفته " بفرج " أي فيه " ووطء وجماع وإصابة " وافتضاض بكر " وهي إزالة قصتها بكسر القاف أي بكارتها كقوله والله لا أغيب ولا أدخل أو لا أولج ذكري أو حشفتي في فرجك أو لا أطؤك أو لا أجامعك أو لا أصبتك أو لا أفتضك بالقاف أو بالفاء وهي بكر وبحث ابن الرفعة تقييد هذه بمن لم تكن غوراء بغين معجمة فإن كانت وهي التي بكارتها في صدر فرجها وعلم حالها فإنه لا يكون موليا لإمكان تغييب الحشفة بغير افتضاض وحقها إنما هو في ذلك قال إلا أن يقال الفينة في حق البكر تخالفها في حق الثيب كما يفهمه إيراد القاضي والنص وهذا هو الراجح كما سيأتي ويدين في الأربعة الأخيرة إن ذكر محتملا ولم يقل بذكري أو بحشفتي كأن يريد بالوطء الوطء بالقدم وبالجماع الاجتماع وبالأخيرين الإصابة والافتضاض بغير الذكر .
تنبيه : .
كان الأولى التعبير بتغييب الحشفة لأنه لو حلف على تغييب الذكر وغيبها فقط لم يحنث مع تحصيل المقصود ولهذا لو حلف لا يغيب كل الذكر أو لا يستوفي الإيلاج لم يكن موليا بخلاف لا أغيب كل الحشفة .
والجديد أن ملامسته ومباضعة ومباشرة وإتيانا وغشيانا وقربانا .
بكسر القاف ويجوز ضمها " ونحوها " كإفضاض ومس ودخول كوالله لا أفضي إليك أو لا أمسك أو لا أدخل بك " كنايات " تفتقر لنية الوطء لأن لها حقائق غير الوطء ولم تشتهر فيه اشتهار الألفاظ السابقة والقديم أنها صرائح لكثرة استعمالها فيه .
فروع لو قال والله لا أجامع إلا جماع سوء وأراد الجماع في الدبر أو فيما دون الفرج أو بدون الحشفة كان موليا وإن أراد الجماع الضعيف أو لم يرد شيئا لم يكن موليا لأن ضعيف الجماع كقوله في الحكم والأصل فيما إذا لم يرد شيئا عدم الحلف على الحال الذي يكون فيه موليا .
ولو قال والله لا أغتسل عنك وأراد ترك الغسل دون الجماع أو ذكر أمرا محتملا كأن لا يمكث بعد الوطء حتى ينزل واعتقد أن الوطء بلا إنزال لا يوجب الغسل أو أراد أني أجامعها بعد جماع غيرها ليكون الغسل عن الأولى لحصول الجنابة بها قبل منه ولم يكن موليا .
ولو قال والله لا أجامع فرجك أو لا أجامع نصفك الأسفل كان موليا بخلاف باقي الأعضاء ك لا أجامع يدك أو رجلك أو نصفك الأعلى أو بعضك أو نصفك لم يكن موليا إلا أن يريد بالبعض الفرج وبالنصف النصف الأسفل .
ولو قال والله لأبعدن أو لأغيبن عنك أو لأغيظنك أو لأسوأنك كان كناية في الجماع والمدة لاحتمال اللفظ لهما ولغيرهما .
ولو قال والله لأطلبن تركي لجماعك أو لأسوأنك فيه كان صريحا في الجماع كناية في المدة .
ولو قال والله لا تجتمع رأسانا على وسادة أو تحت سقف كان كناية إذ ليس من ضرورة الجماع اجتماع رأسيهما على وسادة أو تحت سقف .
ولو قال .
على الجديد كما في المحرر وأغفله المصنف لوضوحه من أن الحلف لا يختص بالله تعالى وصفاته " إن وطئتك فعبدي حر فزال ملكه عنه " بموت أو عتق أو بيع ونحو ذلك " زال الإيلاء " لعدم ترتب شيء على وطئه حينئذ .
تنبيه : .
ظاهر كلامه أنه لا يعود الإيلاء إذا عاد إلى ملكه وهو قضية قولهما فيه قولا عود الحنث ولو دبره أو كاتبه أو قال فأمتي حرة ثم استولدها لم يزل الإيلاء .
ولو قال .
على الجديد إن وطئتك " فعبدي حر عن ظهاري وكان " قد " ظاهر " وعاد قبل ذلك " فمول " لأنه وإن لزمته كفارة الظهار فعتق ذلك العبد بعينه وتعجيل العتق زيادة التزمها بالوطء وذلك مشتق فصار كالتزام أصل العتق .
ثم إذا وطىء في مدة الإيلاء أو بعدها عتق العبد عن ظهاره " وإلا " بأن لم يكن ظاهر قبل ذلك " فلا ظهار ولا إيلاء باطنا " أي فيما بينه وبين الله تعالى أما عدم الظهار فلكذبه في كونه مظاهرا وأما عدم الإيلاء فلأنه علق على الوطء عتقا عن الظهار والفرض أنه لا ظهار فلا عتق إذا لم توجد الصفة المعلق عليها العتق .
و .
لكن " يحكم بهما ظاهرا " لإقراره بالظهار فإذا وطىء عتق العبد عن الظهار ( 3 / 347 ) ولو قال " على الجديد أيضا إن وطئتك فعبدي حر " عن ظهاري إن ظاهرت فليس بمول " في الحال بل " حتى يظاهر " فإذا ظاهر صار موليا لأن العبد لا يعتق لو وطئها قبل الظهار لتعلق العتق بالظهار مع الوطء فلا يناله محذور فإذا ظاهر صار موليا لأن العتق يحصل حينئذ لو وطىء فإن وطىء في مدة الإيلاء أو بعدها عتق لوجود المعلق عليه ولا يقع العتق عن الظهار لتقدم تعليق العتق عليه والعتق إنما يقع عن الظهار بلفظ يوجد بعده .
تنبيه : .
قال الرافعي وقد تقدم في الطلاق إنه إذا علق بشرطين بغير عطف فإن قدم الجزاء عليهما أو أخره عنهما اعتبر في حصول المعلق وجود الشرط الثاني قبل الأول وإن توسط بينهما كما صوروا هنا فينبغي أن يراجع كما مر فإن أراد إنه إذا حصل الثاني تعلق بالأول فلا يعتق العبد إذا تقدم الوطء أو أنه إذا حصل الأول تعلق بالثاني عتق اه " .
فإن تعذرت مراجعته أو قال ما أردت شيئا فالظاهر كما قال شيخنا أنه لا إيلاء مطلقا .
وكتقدم الثاني على الأول فيما قاله الرافعي مقارنته له كما نبه عليه السبكي .
أو .
قال على الجديد " إن وطئتك فضرتك طالق فمول " من المخاطبة لأنه يلحقه ضرر من طلاق الضرة عند الوطء .
نعم لو عبر بصيغة التزام كقوله إن وطئتك فعلي طلاق ضرتك أو طلاقك لا يكون موليا قاله الرافعي آخر الكلام على انعقاد الإيلاء بغير الحلف بالله وهو جار على ظاهر المذهب في أنه لا يلزمه في مثل هذه الصيغة شيء .
فإن وطىء .
المخاطبة قبل مضي مدة الإيلاء أو بعدها " فطلقت الضرة " لوجود المعلق عليه طلاقها " وزال " أي انحل " الإيلاء " إذ لا يترتب عليه شيء بوطئها بعد ذلك .
فروع لو قال إن وطئتك فأنت طالق فله وطؤها وعليه النزع بتغييب الحشفة في الفرج لوقوع الطلاق حينئذ ولا يمنع من الوطء بتعليق الطلاق لأنه يقع في النكاح والنزع بعد الطلاق ترك للوطء وهو غير محرم لكونه واجبا .
وظاهر كلام الأصحاب وجوب النزع عينا وهو ظاهر إذا كان بائنا فإن كان رجعيا فالواجب النزع أو الرجعة كما في الأنوار .
ولو استدام الوطء ولو عالم بالتحريم فلا حد عليه لإباحة الوطء ابتداء ولا مهر عليه أيضا لأن وطأه وقع في النكاح .
وإن نزع ثم أولج فإن كان تعليق الوطء بطلاق بائن نظر فإن جهل التحريم فوطء شبهة كما لو كانت رجعية فلها المهر ولا حد عليهما وإن علماه فزنا وإن أكرهها على الوطء أو علم التحريم دونها فعليه الحد والمهر ولا حد عليها أو هي دونه وقدرت على الدفع فعليها الحد ولا مهر لها .
والأظهر .
وعبر في الروضة بالمذهب " أنه لو قال لأربع والله لا أجامعكن فليس بمول في الحال " لأن الكفارة لا تجب إلا بوطء الجميع كما لو حلف لا يكلم جماعة فهو متمكن من وطء ثلاث بلا شيء يلحقه .
فإن جامع ثلاثا .
منهن ولو في الدبر أو بعد البينونة " فمول من الرابعة " لتعلق الحنث بوطئها .
فلو مات بعضهن قبل وطء زال .
أي أنحل " الإيلاء " لتعذر الحنث بوطء من بقي ولا نظر إلى تصور الإيلاج بعد الموت لأن اسم الوطء يقع مطلقه على ما في الحياة .
وخرج بقوله قبل وطء ما لو ماتت بعد وطئها وقبل وطء الأخريات فلا يزول الإيلاء .
ومقابل الأظهر أنه مول من الأربع في الحال لأنه بوطء واحدة بقرب من الحنث المحذور والقريب من المحذور محذور .
ولو قال .
لأربع والله " لا أجامع كل واحدة منكن فمول " حالا " من كل واحدة " منهن بمفردها كما لو أفردها بالإيلاء فإذا مضت المدة فلكل مطالبته .
تنبيه : .
ظاهر كلامه أنه لو وطىء واحدة لا يرتفع الإيلاء في حق الباقيات وهو وجه رجحه الإمام والأصح عند الأكثرين كما ذكره الشيخان انحلال اليمين وزوال الإيلاء لأنه حلف أن لا يطأ واحدة وقد وطىء .
وبحث فيه بأنه ( 3 / 348 ) إن أراد تخصيص كل منهن بالإيلاء فالوجه عدم الانحلال وإلا فليكن كقوله لا أجامعكن فلا يحنث إلا بوطء الجميع .
وأجيب عنه بأن الحلف الواحد على متعدد يوجب تعلق الحنث بأي واحد كما وقع لا تعدد الكفارة باليمين الواحدة ولا يتبعض فيها الحنث ومتى حصل فيها حصل حنث الانحلال .
وبقي من صور المسألة لا أجامع واحدة منكن فإن أراد الامتناع عن كل واحدة فمول منهن أو من واحدة منهن معينة فمول منها فقط ويؤمر بالبيان كما في الطلاق ويصدق بيمينه في إرادتها .
وإن أراد واحدة مبهمة كان موليا من إحداهن ويؤمر بالتعيين .
فإن عين كان ابتداء المدة من وقت اليمين على الأصح وإن أطلق اللفظ ولم ينو تعميما ولا تخصيصا على التعميم على الأصح .
ولو قال .
والله لا " أجامعك " سنة أو " إلى سنة إلا مرة " أو يوما أو نحو ذلك " فليس بمول في الحال في الأظهر " الجديد لأنه لا يلزمه الوطء بما ذكر شيء لاستثنائه .
فإن وطىء و .
قد " بقي منها " أي السنة " أكثر من أربعة أشهر فمول " من حينئذ لحصول الحنث بالوطء بعد ذلك فإن بقي أربعة أشهر فما دونها فليس بمول بل حالف فقط .
والثاني هو مول في الحال لأنه بالوطء مرة بقرب من الحنث وعلى هذا يطالب بعد مضي المدة فإن وطىء فلا شيء عليه لأن الوطأة الواحدة مستثناة وتضرب المدة ثانيا إن بقي من السنة مدة الإيلاء .
تنبيه : .
أفهم كلامه أنه لو مضت سنة ولم يطأ انحلال الإيلاء وهو كذلك وهل يلزمه كفارة لأن اللفظ يقتضي أن يفعل مرة أو لا لأن المقصود منع الزيادة وجهان أصحهما كما في زوائد الروضة الثاني .
ولو قال السنة بالتعريف اقتضى الحاصرة فإن بقي منها فوق أربعة أشهر بعد وطئه العدد الذي استثناه كان موليا وإلا فلا .
فروع لو قال والله لا أصبتك إن شئت وأراد إن شئت الجماع أو الإيلاء فقالت في الحال شئت صار موليا لوجود الشرط وإن أخرت فلا لأن هذا الخطاب يستدعي جوابها فورا بخلاف ما لو قال متى شئت أو نحوها فإنه يقتضي الفور وإن أراد إن شئت أن لا أجامعك فلا إيلاء إذ معناه لا أجامعك إلا برضاك وهي إذا رضيت فوطئها لم يلزمه شيء وكذا لو أطلق المشيئة حملا على مشيئة عدم لأنه السابق إلى الفهم .
ولو قال والله لأصبتك إلا أن تشائي أو ما لم تشائي وأراد التعليق للإيلاء أو الاستثناء عنه فمول لأنه حلف وعلق رفع اليمين بالمشيئة فإن شاءت الإصابة فورا انحل الإيلاء وإلا فلا ينحل كنظيره في الطلاق .
ولو قال والله لا أصبتك حتى يشاء فلان فإن شاءت الإصابة ولو متراخيا انحلت اليمين وإن لم يشأ صار موليا بموته قبل المشيئة لليأس منها لا بمضي مدة الإيلاء لعدم اليأس من المشيئة ولو قال إن وطئتك فعبدي حر قبله لشهر ومضى شهر صار موليا إذ لو جامعها قبل مضيه لم يحصل العتق لتعذر تقدمه على اللفظ وينحل الإيلاء بذلك الوطء فإن وطىء بعد مضي شهر في مدة الإيلاء أو بعدها وقد باع العبد قبله بشهر انحل الإيلاء لعدم لزوم شيء بالوطء حينئذ لتقدم البيع على وقت العتق أو مقارنته له وإن باعه قبل أن يجامع بدون شهر من البيع تبين عتقه قبل الوطء بشهر فيتبين بطلان بيعه وفي معنى بيعه كل ما يزيل الملك من موت وهبة وغيرهما