بفتح الراء أفصح من كسرها عند الجوهري والكسر أكثر عند الأزهري .
وهي لغة المرة من الرجوع وشرعا رد المرأة إلى النكاح من طلاق غير بائن في العدة على وجه مخصوص كما يؤخذ مما سيأتي .
والأصل فيها قبل الإجماع قوله تعالى " وبعولتهن أحق بردهن في ذلك " أي في العدة " إن أرادوا إصلاحا " أي رجعة كما قاله الشافعي رضي الله تعالى عنه وقوله تعالى " الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان " والرد والإمساك مفسرا بأنه الرجعة وقوله A أتاني جبريل فقال راجع حفصة فإنها صوامة قوامة وإنها زوجتك في الجنة رواه أبو داود وغيره بإسناد حسن وقوله A لعمر مره فليراجعها كما مر .
وأركانها ثلاثة مرتجع وصيغة وزوجة فأما الطلاق فهو سبب لا ركن من أركانها .
وقد شرع في بيان الركن الأول فقال و " شرط المرتجع أهلية ( 3 / 336 ) النكاح بنفسه " بأن يكون بالغا عاقلا مختارا غير مرتد لأن الرجعة كإنشاء النكاح فلا تصح الرجعة في الردة والصبا والجنون ولا من مكره كما لا يصح النكاح فيها .
تنبيه : .
الاحتراز عن الصبي فيه تجوز فإنه لا يتصور وقوع طلاقه حتى يقال لا تصح رجعته وتصح من السكران المتعدي بسكره .
فإن قيل يرد على هذا المحرم فإنه تصح رجعته ولا يصح نكاحه .
أجيب بأن فيه الأهلية وإنما الإحرام مانع ولهذا لو طلق من تحته حرة وأمة الأمة صحت رجعته لها مع أنه ليس أهلا لنكاحها لأنه أهل للنكاح في الجملة وتصح مراجعة العبد والسفيه بلا إذن وإن احتاجا في النكاح إليه إذ يغتفر في الدوام ما لا يغتفر في الابتداء .
قال الزركشي لو عتقت الرجعية تحت عبد كان له الرجعة قبل اختيارها .
ولو طلق فجن فللولي الرجعة على الصحيح حيث له ابتداء النكاح .
بناء على جواز التوكيل في الرجعة وهو الصحيح .
فإن قيل مقتضى تعبيره أن في المسألة وجهين للأصحاب مع أن ما صححه المصنف منهما ليس بوجه بل هو بحث للرافعي جزم به الجيلي .
أجيب باحتمال وقوف المصنف على نقل الوجهين .
ثم شرع في الركن الثاني وهو الصيغة وفي انقسامها إلى صريح وكناية فقال " وتحصل " الرجعة من ناطق " براجعتك ورجعتك وارتجعتك " وهذه الثلاثة صريحة لشيوعها وورود الأخبار بها .
ويلحق بها كما في التتمة ما اشتق من لفظها كقوله أنت مراجعة أو مرتجعة أو مسترجعةأو نحو ذلك .
وتحصل الرجعة بمعنى هذه الألفاظ وما بعدها من سائر اللغات سواء أعرف العربية أم لا وسواء أضاف إليه أو إلى نكاحه كقوله إلى أو إلى نكاحي أم لا لكنه يستحب .
تنبيه : .
لا يكفي مجرد راجعت أو ارتجعت أو نحو ذلك بل لا بد من إضافة ذلك إلى مظهر كراجعت فلانة أو مضمر كراجعتك أو مشار إليه كراجعت هذه .
والأصح أن الرد والإمساك .
كرددتك أو أمسكتك وفي لغة قليلة مسكتك " صريحان " في الرجعة أيضا لورودهما في القرآن قال تعالى " وبعولتهن أحق بردهن في ذلك " أي في العدة " إن أرادوا إصلاحا " 1 " أي رجعة كما قاله الشافعي رضي الله تعالى عنه .
وقال تعالى " فأمسكوهن بمعروف " .
والثاني أنهما كنايتان لعدم اشتهارهما في الرجعة .
و .
الأصح " أن التزويج والنكاح " في قول المرتجع تزوجتك أو نكحتك " كنايتان " وإن جوز العقد على صورة الإيجاب والقبول كما صرح به في البيان وغيره لعدم اشتهارهما في الرجعة ولأن ما كان صريحا في بابه لا يكون صريحا في غيره كالطلاق والظهار .
والثاني هما صريحان لأنهما صالحان للابتداء فلأن يصلحا للتدارك أولى .
وليقل .
أي المرتجع " رددتها إلي أو إلى نكاحي " حتى يكون صريحا .
وظاهر كلامه أن هذا شرط وهو كذلك كما في الروضة كأصلها وجرى عليه ابن المقري خلافا لابن الرفعة في عدم اشتراطه لأن المتبادر منه إلى الفهم ضد القبول .
وقد يفهم منه الرد إلى الأبوين بسبب الفراق فلزم تقييده بذلك بخلاف البقية .
والجديد .
وعبر في الروضة بالأظهر " أنه لا يشترط " في الرجعة " الإشهاد " بها لأنها في حكم استدامة النكاح السابق ولذلك لا يحتاج إلى الولي ورضا المرأة والقديم المنصوص عليه في الجديد أنه يشترط لا لكونها بمنزلة ابتداء النكاح بل لظاهر قوله تعالى " فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوي عدل منكم " أي على الإمساك الذي هو بمعنى الرجعة .
وأجاب الأول يحمل ذلك على الاستحباب كما في قوله تعالى " وأشهدوا إذا تبايعتم " للأمن من الجحود .
وإنما وجب الاشهاد على النكاح لإثبات الفراش وهو ثابت هنا فإن لم يشهد استحب الإشهاد عند إقرارها بالرجعة خوف جحودها فإن إقراره بها في العدة مقبول لقدرته على الإنشاء .
وعلى الجديد " فتصح " الرجعة " بكناية " ولهذا أتى بقاء التفريع لأنه مستقل بها كالطلاق .
وعلى مقابله لا بناء على أنها في حكم الابتداء ( 3 / 337 ) .
تنبيه : .
هل الكتابة بالتاء الفوقية كالكناية أو لا مقتضى كلام الشيخين الأول وهو المعتمد والذي جرى عليه الجمهور أنها لا تصح إلا باللفظ من القادر نبه على ذلك الزركشي .
ولعل ذلك جرى على الغالب فإن قولهم يصح بالصريح وبالكناية صريح في الأول أما الأخرس فتصح منه بالإشارة المفهمة فإن فهمها كل أحد فصريحة أو فطنون فقط فكناية وبالكتابة بالفوقية لعجزه فلا يتأتى فيه الخلاف المتقدم .
ولا يشترط رضا الزوجة ولا رضا وليها ولا سيدها إذا كانت أمة ويسن إعلام سيدها .
و .
لا تسقط الرجعة بالإسقاط و " لا تقبل تعليقا " ولا تأقيتا كالنكاح فلو قال راجعتك إن شئت لم يصح بخلاف نظيره في البيع لأن ذلك مقتضاه بخلافه هنا ولا يضر راجعتك إن شئت أو أن شئت بفتح الهمزة لأن ذلك تعليل لا تعليق فينبغي كما قاله الأذرعي أن يفرق بين النحوي وغيره ويستفسر الجاهل بالعربية وإن قال راجعتك شهرا أو زمنا لم يصح لما مر .
تنبيه : .
لو قال لرجعية متى راجعتك فأنت طالق أو قال لمن في نكاحه متى طلقتك وراجعتك فأنت طالق وراجعها صح الارتجاع وطلقت ولو قال راجعتك للضرب أو للإكرام أو نحو ذلك لم يضر في صحة الرجعة إن قصدهما أو أطلق لا إن قصد ذلك دون الرجعة فيضر فيسئل احتياطا لأنه قد يتبين ما لا تحصل به الرجعة فإن مات قبل السؤال حصلت الرجعة لأن اللفظ صريح .
ولا تحصل .
الرجعة بإنكار الزوج طلاقها لعدم دلالته عليها ولا " بفعل كوطء " ومقدماته وإن نوى بذلك الرجعة لتقدم دلالته عليها كما لا يحصل به النكاح ولأن الوطء يوجب العدة فكيف يقطعها نعم وطء الكافر ومقدماته إذا كان ذلك عندهم رجعة وأسلموا وترافعوا إلينا فنقرهم كما نقرهم على الأنكحة الفاسدة بل أولى وقد يرد على المصنف الكتابة فإنها من جملة الكنايات كما مر وهي فعل .
ثم شرع في الركن الثالث وهي الزوجة فقال " وتختص الرجعة بموطوءة " لأنه لا عدة على غيرها والرجعة إنما تثبت في العدة قال تعالى " وبعولتهن أحق بردهن في ذلك " أي في التربص المفهوم من قوله " يتربصن " 1 " .
تنبيه : .
شمل إطلاقه الوطء في القبل وكذا في الدبر بناء على أنه يوجب العدة وهو الأصح لكن يخرج منه من استدخلت ماء الزوج المحترم مع أن الأصح أنه يوجب العدة وتثبت به الرجعة كما جزم به في الروضة في باب مثبتات الخيار في الكلام على العنة وإن صحح فيها في باب موانع النكاح عدم ثبوتها وقال الأذرعي إنه الصحيح .
وتخرج الخلوة أيضا وهو كذلك بناء على المذهب من أنه لا عدة بها .
طلقت .
فالمفسوخ نكاحها لا رجعة فيها لأن الله تعالى أناطها بالطلاق فاختصت به .
ولا بد أن يكون " بلا عوض " لأن المطلقة به قد ملكت نفسها " لم يستوف عدد طلاقها " بخلاف ما إذا استوفى فإنه لا سلطنة له عليها " باقية في العدة " لقوله تعالى " فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن " ولو كان حق الرجعة باقيا لما كان يباح لهن النكاح .
تنبيه : .
يدخل في كلامه ما إذا خالط الرجعية مخالطة الأزواج بلا وطء فإن العدة لا تنقضي ولا رجعة له بعد الأقراء أو الأشهر وأما إذا وطئها الزوج في العدة فإنها تستأنف ويدخل فيها البقية ولا يراجع إلا في البقية كما سيأتي .
ويخرج منه ما إذا وطئت بشبهة فحملت ثم طلقها فإن له الرجعة في عدة الحمل على الأصح مع أنها ليست في عدته وسيأتي في هذه خلاف في العدد .
ولو قال بدل قوله باقية لم تنقض عدتها لشمل هذه الصور اللهم إلا أن يحمل البقاء في كلامه على بقاء أصل العدة .
محل لحل .
أي قابلة للحل للمراجع فلو أسلمت الكافرة واستمر زوجها وراجعها في كفره لم يصح .
لا مرتدة .
فلا تصح رجعتها لأن مقصود الرجعة الحل والرد ينافيه وكذا لو ارتد الزوج أو ارتدا معا وضابط ذلك انتقال أحد الزوجين إلى دين يمنع دوام النكاح .
تنبيه : .
لا يرد على المصنف رجعة المحرمة فإنها صحيحة مع عدم إفادة رجعتها حل الوطء لأن المراد قبول نوع من الحل وقد أفادت حل الخلوة .
وبقي من شروط المرتجعة كونها معينة فلو طلق إحدى زوجتيه وأبهم ثم راجع ( 3 / 338 ) أو طلقهما جميعا ثم راجع إحداهما لم تصح الرجعة إذ ليست الرجعة في احتمال الإبهام كالطلاق لشبهها بالنكاح وهو لا يصح مع الإبهام ولو تعينت ونسيت لم تصح .
ولو علق طلاقها على شيء وشك في حصوله فراجع ثم علم أنه كان حاصلا ففي صحة الرجعة وجهان أصحهما كما قاله شيخ المصنف الكمال سلار في مختصر البحر أنها تصح رجعتها أيضا في الأصح .
وإذا ادعت .
المعتدة البالغة العاقلة " انقضاء عدة أشهر " كأن تكون آيسة " وأنكر " زوجها ذلك " صدق بيمينه " لرجوع ذلك إلى الاختلاف في وقت طلاقه والقول قوله فيه فكذا في وقته لأن القاعدة أن من قبل قوله في شيء قبل قوله في صفته .
ولو انعكست الصورة بأن ادعى الانقضاء وأنكرت صدقت بيمينها كما في الروضة وأصلها لأنها غلظت على نفسها كذا قالاه قال الإسنوي وهذا بالنسبة لتطويل العدة خاصة وأما النفقة في المدة الزائدة على ما يقوله الزوج فلا تستحقها كما قاله صاحب الشامل والكافي وحكاه في البحر عن نص الإملاء أما الصغيرة والمجنونة فلا يقع الاختلاف معهما لأنه لا حكم لقولهما .
أو .
لم تدع انقضاء أشهر بل ادعت " وضع حمل " حي أو ميت كامل أو ناقص ولو مضغة " لمدة إمكان " وسيأتي بيانها قريبا .
وهي ممن يحيض لا آيسة فالأصح تصديقها بيمين .
منها في وضع الحمل المذكور فيما يرجع لانقضاء العدة فقط لأن النساء مؤتمنات على ما في أرحامهن ولأن البينة على الولادة قد تتعسر أو تتعذر .
والثاني لا وتطالب بالبينة لأنها مدعية والغالب أن القوابل يشهدن بالولادة أما النسب والاستيلاد كما في الأمة تدعي وضع الولد من سيدها فلا يثبت الوضع بالنسبة لذلك إلا ببينة كما قاله الرافعي وغيره وفرق بأن المرأة غير مؤتمنة في النسب وبأن الأمة تدعي بالولادة زوال ملك متيقن ولا بد من انفصال كل الحمل حتى لو خرج بعضه فراجعهما صحت الرجعة .
ولو ولدت ثم راجعها ثم ولدت آخر لدون ستة أشهر صحت الرجعة وإلا فلا .
واحترز بقوله مدة إمكان عما إذا لم يكن كما سيأتي وبقوله وهي ممن تحيض عن الآيسة والصغيرة كما صرح بها المصنف فلا يصدقان في دعوى الوضع كما صرح بها في المحرر وأسقطها المصنف لأنه لا يقع الاختلاف معها كما مر كذا قال الرافعي .
ومن لم تحض لأن من لا تحيض لا تحبل كذا قاله هنا لكنه ذكر في العدد ما يفهم إمكان الحبل فيها وهو المعتمد فيحمل كلامه هنا على الغالب .
وأما مدة الإمكان فبينها بقوله " وإن ادعت ولادة تام فإمكانه " أي أقل مدة تمكن فيها ولادته " ستة أشهر ولحظتان من وقت " إمكان اجتماع الزوجين بعد " النكاح " كما قاله في الروضة لأن النسب يثب بالإمكان .
واعتبرت الستة لأنها أقل مدة الحمل كما استنبطه الإمام علي رضي الله تعالى عنه من قوله تعالى " وحمله وفصاله ثلاثون شهرا " وقال " وفصاله في عامين " واللحظتان لحظة للوطء ولحظة للولادة .
أو .
ولادة " سقط مصور فمائة " أي فأقل إمكانه مائة " وعشرين يوما ولحظتان " من وقت إمكان اجتماع الزوجين بعد العقد " أو " لم تدع المعتدة وضع حمل بل ادعت إلقاء " مضغة بلا صورة " وشهد القوابل بأنها أصل آدمي " فثمانون " أي فأقل إمكانه ثمانون " يوما ولحظتان " من وقت إمكان الاجتماع .
ودليل هذين القسمين خبر الصحيحين إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات يكتب رزقه وأجله وشقي أو سعيد واستشكل هذا الحديث بخبر انفرد به مسلم وهو إذا مر بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة بعث الله إليها ملكا فصورها الحديث وأجيب بأجوبة منها إن الخبر الأول أصح ومنها أن هذا من الترتيب الإخباري وهو أن يخبر بالمتوسط أو المؤخر أولى فلا يشترط فيه الترتيب فكأنه قال أخبركم بكذا ثم أخبركم بكذا .
ومنها أن يحمل التصوير في الثاني على غير التام وفي الأول على التام .
ومنها أن يحمل الثاني على التصوير بعد المدة المعتادة من الأول ولا يمنع منه فاء فصورها إذ التقدير فمضت مدة فصورها كما في قوله تعالى " فجعله غثاء أحوى " فإن ادعت الوضع أي في أي قسم لأقل مما ذكر فيه لم تصدق وكان للزوج رجعتها ( 3 / 339 ) فائدة لا ولد في الجنة أما ما رواه الترمذي من أن المؤمن إذا اشتهى الولد في الجنة كان وضعه وحمله في ساعة كما يشتهي فمحمول على أنه لو اشتهاه لكان لكنه لم يشتهه .
أو .
ادعت المعتدة " انقضاء " مدة " أقراء " نظر فيها " فإن كانت حرة وطلقت في طهر " وهي معتادة " فأقل الإمكان " لانقضاء أقرائها " إثنان وثلاثون يوما ولحظتان " وذلك بأن تطلق وقد بقي لحظة من الطهر وهي قرء ثم تحيض يوما وليلة ثم تطهر خمسة عشر يوما وذلك قرءان ثم تحيض يوما وليلة ثم تطهر خمسة عشر وذلك قرء ثالث ثم تطعن في الحيضة وهذه الحيضة ليست من العدة بل لاستيقان انقضائها فلا تصلح لرجعة ولا لغيرها من أثر النكاح المطلق كإرث وإن أوهم كلام المصنف خلافه .
أما المبتدأة فأقل الإمكان فيها ثمانية وأربعون يوما ولحظة للطعن فإن الطهر الذي طلقت فيه ليس بقرء لأنه ليس بمحتوش بدمين ولا تعتبر لحظة أخرى لاحتمال طلاقها في آخر جزء من ذلك الطهر .
أو .
طلقت حرة " في حيض " وهي معتادة أو مبتدأة " فسبعة " أي فأقل إمكان انقضاء أقرائها سبعة " وأربعون " يوما " ولحظة " وذلك كأن يعلق طلاقها بآخر جزء من حيضها ثم تطهر خمسة عشر يوما ثم تحيض يوما وليلة ثم تطهر خمسة عشر ثم تحيض يوما وليلة ثم تطهر خمسة عشر يوما ثم تطعن في الحيض وفي لحظة الطعن ما ذكرناه في المطلقة في الطهر ولا يحتاج هنا إلى تقدير لحظة في الأول لأن اللحظة هناك تحسب قرءا .
أو .
كانت " أمة " ولو مبعضة " وطلقت في طهر " وهي معتادة " فسنة " أي فأقل إمكان انقضاء أقرائها سنة " عشر يوما ولحظتان " وذلك بأن تطلق وقد بقي لحظة من الطهر فتحسب قرءا ثم تحيض بعدها يوما وليلة ثم تطهر خمسة عشر يوما ثم تطعن في الدم لحظة يتبين بها تمام الطهر أما المبتدأة فأقل الإمكان فيها إثنان وثلاثون يوما ولحظة بناء على اشتراط الاحتواش وهو الراجح .
أو .
طلقت أمة ولو مبعضة في " حيض " وهي معتادة أو مبتدأة " فأحد " أي فأقل إمكان انقضاء أقرائها أحد " وثلاثون " يوما " ولحظة " وذلك كأن يعلق طلاقها بآخر جزء من حيضها ثم تطهر خمسة عشر يوما ثم تحيض يوما وليلة ثم تطهر خمسة عشر يوما ثم تشرع في الحيض .
والطلاق في النفاس كالطلاق في الحيض .
تنبيه : .
هذا كله في الذاكرة فلو لم تذكر هل كان طلاقها في حيض أو طهر قال الماوردي أخذت بالأقل وهو أنه طلقها في الطهر وقال شيخه الصيمري أخذت بالأكثر لأنها لا تخرج من عدتها إلا بيقين وهذا كما قال الأذرعي والزركشي هو الاحتياط والصواب .
وتصدق .
المرأة حرة كانت أو غيرها في دعوى انقضاء عدتها بأقل مدة الإمكان " إن لم تخالف " فيما ادعته " عادة " لها " دائرة " بأن لم يكن لها عادة مستقيمة في طهر وحيض أو كانت مستقيمة فيهما أو لم يكن لها عادة أصلا وذلك لقوله تعالى " ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن " ولأنه لا يعرف إلا من جهتها فصدقت عند الإمكان .
فإن كذبها الزوج حلفت فإن نكلت حلف وثبت له الرجعة " وكذا إن خالفت " بأن كانت عادتها الدائرة أكثر من ذلك فادعت مخالفتها لما دونها مع الإمكان فتصدق " في الأصح " لأن العادة قد تتغير فإن كذبها الزوج حلفت ويأتي فيه ما مر .
والثاني لا تصدق للتهمة وقال الروياني أنه المختار في هذا الزمان ولو مضى زمن العادة فادعت زائدا عليها فنقلا في أواخر العدة عن الإمام أن الذي يدل عليه كلام الأصحاب تصديقها وجها واحدا وعلى الزوج السكنى ثم أبديا فيه احتمالا لأنا لو صدقناها لربما تمادى في دعواها إلى سن اليأس وفيه إجحاف الزوج .
ولو وطىء .
الزوج " رجعيته " بهاء الضمير بخطه بشبهة أو غيرها " واستأنفت الأقراء " أو الأشهر " من وقت " فراغه من " الوطء " كما نقلاه في باب تداخل العدتين عن المتولي وأقراه وإن ( 3 / 340 ) اقتضى كلام المصنف أنه من ابتداء الوطء فإذا فرغ منه " راجع فيما كان بقي " من عدة الطلاق فإن وقع الوطء بعد قرءين ثبتت الرجعة في قرء واحد وإن كان بعد قرء فله الرجعة في قرءين لأن الرجعة تختص بعدة الطلاق فلا يراجع فيما زاد عليها بالوطء ولو قال واستأنفت العدة لكان أعم يشمل ما قدرته في كلامه .
تنبيه : .
لو أحبلها بالوطء راجعها ما لم تلد لوقوع عدة الوطء عن الجهتين كالباقي من الأقراء إلا أن ذلك يتبعض وعدة الحمل لا تتبعض وإن ولدت فلا رجعة لانقضاء العدة واعلم أن للرجعية حكم الزوجات في أشياء وتخالفهن في أشياء وقد شرع في القسم الثاني فقال " ويحرم الاستمتاع بها " بوطء وغيره حتى بالنظر ولو بلا شهوة كما يقتضيه كلام الروضة لأنها مفارقة كالبائن وإن اقتضى كلام الرافعي خلافه ولأن النكاح يبيح الاستمتاع فيحرمه الطلاق لأنه ضده .
واحتجاج الحنفية على جواز الاستمتاع بها بتسميته بعلا وأنه يطلق منقوض بالمظاهر وزوج الحائض .
فإن وطىء .
الرجعية " فلا حد " عليه وإن كان عالما بالتحريم لاختلاف العلماء في إباحته " ولا يعزر إلا معتقد تحريمه " إذا كان عالما بالتحريم لإقدامه على معصية عنده بخلاف معتقد حله والجاهل بتحريمه لعذره ومثله في ذلك المرأة وكالوطء في التعزير سائر التمتعات .
ويجب .
بوطء الرجعية " مهر مثل " جزما " إن لم يراجع " لأنها في تحريم الوطء كالمتخلفة في الكفر فكذا في المهر .
تنبيه : .
ظاهر كلامهم وجوب مهر واحد ولو تكرر قال البلقيني لم نر من تعرض له .
والقياس على ما ذكروه في الوطء في النكاح الفاسد ووطء الأب والشرك والمكاتب أنه لا يجب إلا مهر واحد .
وكذا .
يجب المهر " إن راجع " بعده " على المذهب " المنصوص .
واستشكل إيجاب المهر بالوطء بأنه يؤدي إلى إيجاب مهرين في عقد واحد .
وأجيب بأن المهر الثاني بوطء الشبهة لا بالعقد .
والطريق الثاني لا يجب في قول مخرج من نفيه فيما إذا ارتدت بعد الدخول فوطئها الزوج ثم أسلمت في العدة أنه لا يجب مهر وخرج قول وجوبه من النص في وطء الرجعية والراجح تقرير النصين .
والفرق أن أثر الردة يرتفع بالإسلام وأثر الطلاق لا يرتفع بالرجعة والحل بعدها كالمستفاد بعقد آخر .
ثم شرع في القسم الأول فقال " ويصح " من الرجعية " إيلاء فظهار " إن حصلت الرجعة بعدهما كما سيأتي في بابهما " وطلاق " ولو بخلع معين أو مرسل ك زوجاتي طوالق فتدخل الرجعية فيهن على الأصح .
ولعان .
لبقاء الولاية عليها بملك الرجعية .
و .
الزوج والرجعية " يتوارثان " فيرث منهما الآخر .
وتقدم مسألتنا التوارث والطلاق في الطلاق في فصل الأجنبية به وذكرها المصنف هنا تتميما لأحكام الرجعية وإشارة إلى قول الشافعي Bه الرجعية زوجة في خمس آيات من كتاب الله تعالى أي آيات المسائل الخمس المذكورة .
وسكت هنا عن وجوب نفقتها لذكره له في كتاب النفقات .
تنبيه : .
الرجعية على المختار في أصل الروضة مترددة بين الزوجة والأجنبية والترجيح بحسب ظهور دليل لأحدهما تارة وللآخر أخرى .
قال في الروضة ونظيره القولان في أن النذر يملك به مسلك واجب الشرع أو جائزه في أن الإبراء إسقاط أو تمليك .
ثم شرع في بيان الاختلاف في الرجعة فقال " وإذا ادعى " على رجعية " والعدة منقضية " هي جملة حالية " رجعة فيها " أي العدة ولم تنكح غيره " فأنكرت " نظرت " فإن اتفقا على وقت الانقضاء " لعدتها كيوم الجمعة " وقال " هو " راجعت يوم الخميس فقالت " هي " بل السبت " راجعتني فيه " صدقت " على الصحيح " بيمينها " أنها لا تعلمه راجع يوم الخميس لأن الأصل عدم الرجعة إلى يوم السبت ( 3 / 341 ) .
تنبيه : .
مراد المصنف أنهما اتفقا على عدة ينقضي مثلها بأشهر أو أقراء أو حمل ولم يرد الاتفاق في حقيقة الانقضاء لأن دعوى الزوج الرجعة يوم الخميس مانع من إرادة حقيقة الاتفاق .
أو .
لم يتفقا على وقت الانقضاء بل " على وقت الرجعة كيوم الجمعة وقالت " هي " انقضت الخميس وقال " هو بل انقضت " السبت صدق " في الأصح " بيمينه " أنها ما انقضت الخميس لأن الأصل عدم انقضائها قبله وقيل هي المصدقة وقيل المصدق السابق بالدعوى .
فإن تداعيا معا سقط هذا الوجه .
وإن تنازعا في السبق بلا اتفاق .
وعلى وقت رجعة أو انقضاء عدة " فالأصح ترجيح سبق الدعوى " لاستقرار الحكم بقول السابق .
ثم بين السبق بقوله " فإن ادعت " أي سبقت وادعت " الانقضاء " لعدتها " ثم ادعى رجعة " لها " قبله " أي الانقضاء " صدقت بيمينها " أن عدتها انقضت قبل الرجعة وسقط دعوى الزوج لأنهما اتفقا على الانقضاء واختلفا في الرجعة والأصل عدمها واعتضد دعواها بالأصل .
أو ادعاها .
أي سبق وادعى رجعتها " قبل انقضاء " لعدتها " فقالت " بل راجعتني " بعده " أي انقضاء العدة " صدق " بيمينه أنه راجعها قبل انقضائها لأنهما اتفقا على الرجعة واختلفا في الانقضاء واعتضد دعواه بالاتفاق والأصل عدم الانقضاء .
تنبيه : .
ما ذكر من إطلاق تصديق الزوج جرى عليه في الروضة كالشرح الصغير وقيده الرافعي في الشرح الكبير عن جمع بما إذا تراخى كلامها عنه فإن اتصل به فهي المصدقة وما نقله البلقيني عن النص واعتمده من أن القول قولها فيما إذا سبقها الزوج محمول على ما إذا لم يتراخ كلامها عن كلامه فلا ينافي ما مر .
فإن قيل قد ذكرا في الروضة وأصلها في العدد ما يخالف ما ذكر في المتن وهو فيما إذا ولدت وطلقها واختلفا في المتقدم منهما فقال ولدت قبل الطلاق فلي الرجعة وقالت بعده نظر إن اتفقا على وقت الولادة صدق الزوج بيمينه وإن اتفقا على وقت الطلاق صدقت بيمينها وإن لم يتفقا على شيء بل قال كانت الولادة قبل الطلاق وادعت العكس صدق بيمينه مع أن مدرك البابين واحد وهو التمسك بالأصل .
أجيب عن الشق الأول بأنه لا مخالفة فيه بل عمل بالأصل في الموضعين وإن كان المصدق في أحدهما غيره في الآخر وعن الثاني بأنهما هنا اتفقا على انحلال العصمة قبل انقضاء العدة وثم لم يتفقا عليه قبل الولادة فتقوى فيه جانب الزوج .
وهل المراد سبق الدعوى عند حاكم أو لا قال ابن عجيل نعم وقال إسماعيل الحضرمي يظهر من كلامهم أنهم لا يريدونه وهذا هو الظاهر كما قاله الزركشي .
قلت .
كالرافعي في الشرح .
فإن ادعيا معا .
كأن قال راجعتك فقالت في زمن هذا القول انقضت عدتي " صدقت " بيمينها " والله أعلم " لأن الانقضاء غالبا لا يعلم إلا منها .
فإن اعترفا بترتيبهما وأشكل السابق صدق الزوج بيمينه لأن الأصل بقاء العدة وولاية الرجعة والورع تركها .
أما إذا نكحت غيره وادعى مطلقها تقدم الرجعة على انقضاء العدة فله الدعوى بها عليها .
وهل له الدعوى على الزوج لأنها في حياله وفراشه أولا لما مر فيما إذا زوجها وليان من اثنين فادعى أحد الزوجين على الآخر سبق نكاحه فإن دعواه لا تسمع عليه الأوجه الأول كما جرى عليه ابن المقري وأجيب عن القياس بأنهما هنا متفقان على أنها كانت زوجة للأول بخلافهما ثم وعلى هذا تارة يبدأ بالدعوى عليها وتارة عليه فإن أقام بينة بمدعاه انتزعها سواء بدأ بها أم به وإن لم يكن معه بينة وبدأ بها في الدعوى فأنكرت فله تحليفها فإن حلفت سقطت دعواه وإن أقرت له لم يقبل إقرارها على الثاني ما دامت في عصمته لتعلق حقه بها فإن زال حقه بنحو موت سلمت للأول وقبل زوال حق الثاني يجب عليها للأول مهر مثلها للحيلولة بخلاف ما لو كانت في حيال رجل فادعى زوجيتها آخر فأقرت له به وقالت كنت طلقتني فإنه يقبل إقرارها له وتنزع له إن حلف أنه لم يطلقها .
والفرق اتفاق الزوجين في الأولى على الطلاق والأصل عدم الرجعة بخلاف الثانية .
نعم إن أقرت أولا بالنكاح للثاني ( 3 / 342 ) أو أذنت فيه لم تنزع منه كما لو نكحت رجلا بإذنها ثم أقرت برضاع محرم بينهما لا يقبل إقرارها .
وإن بدأ بالزوج في الدعوى فأنكر صدق بيمينه لأن العدة قد انقضت والنكاح وقع صحيحا في الظاهر والأصل عدم الرجعة .
وإن أقر له أو نكل عن اليمين وحلف الأول اليمين المردودة بطل نكاح الثاني ولا يستحقها الأول حينئذ إلا بإقرارها له أو حلفه بعد نكولها ولها على الثاني بالوطء مهر المثل إن استحقها الأول وإلا فالمسمى إن كان بعد الدخول ونصفه إن كان قبله .
ومتى ادعاها .
أي الرجعة " والعدة باقية " باتفاقهما وأنكرت " صدق " بيمينه لقدرته على إنشائها وهل دعواه إنشاء للرجعة أو إقرار بها وجهان رجح ابن المقري الأول تبعا للإسنوي ورجح الأذرعي الثاني وقال الإمام لا وجه لكونه إنشاء وهذا هو الظاهر .
ومتى أنكرتها .
أي الرجعة " وصدقت " كما تقدم " ثم اعترفت " بها " قبل اعترافها " لأنها جحدت حقا ثم اعترفت به لأن الرجعة حق الزوج .
فإن قيل إنها لو أقرت بنسب أو رضاع محرم بينها وبين آخر ثم رجعت وكذبت نفسها لا يقبل رجوعها فكان ينبغي أن يكون هنا كذلك .
أجيب بأن هذا رجوع عن إثبات والإثبات لا يكون إلا عن علم ففي الرجوع عنه تناقض بخلاف الرجعة فإنه رجوع عن نفي والنفي لا يلزم أن يكون عن علم .
نعم لو قال ما أتلف فلان مالي ثم رجع وادعى أنه أتلفه لم تسمع دعواه لأن قوله ما أتلفه يتضمن الإقرار على نفسه ببراءة المدعي عليه .
فإن قيل يرد على هذا الجواب ما لو أنكرت غير المجبرة الإذن في النكاح وكان إنكارها قبل الدخول بها أو بعده بغير رضاها ثم اعترفت بأنها كانت أذنت لم يقبل منها مع أنه نفي .
أجيب بأن النفي إذا تعلق بها كان كالإثبات بدليل أن الإنسان يحلف على نفي فعله على البت كالإثبات وجدد النكاح بينهما فلا تحل له بدون تجديد .
وإذا طلق .
الزوج " دون ثلاث وقال وطئت " زوجتي قبل الطلاق " فلي " عليها " رجعة وأنكرت " وطأه قبل الطلاق " صدقت بيمين " أنه ما وطئها لأن الأصل عدم الوطء .
فإن قيل إذا ادعى العنين أو المولى الوطء فإن القول قوله بيمينه مع أن الأصل عدم الوطء .
أجيب بأن المرأة في ذلك تدعي ما يثبت لها حق الفسخ والأصل صحة النكاح وسلامته وهنا الطلاق قد وقع والزوج يدعي ما يثبت له الرجعة والأصل عدمه فإن حلفت لا عدة عليها وتتزوج حالا ويحرم عليه أختها وأربع سواها إلى أن تنقضي عدتها .
وهو .
بدعواه وطأها " مقر لها بالمهر " وهي لا تدعي إلا نصفه " فإن " كانت " قبضته فلا رجوع له " عليها بشيء منه عملا بإقراره " وإلا فلا تطالبه إلا بنصف " فقط عملا بإنكارها وإذا كانت أخذت النصف ثم اعترفت بوطئه هل تأخذ النصف الآخر أو لا بد من إقرار جديد من الزوج فيه وجهان أوجههما كما هو مقتضى كلامهم في الإقرار الثاني .
تنبيه : .
ترك المصنف ذكر اليمين في بعض صور التصديق للعلم بوجوبه من البعض الآخر .
تنبيه : .
لو كانت الزوجة المطلقة رجعيا أمة واختلف في الرجعة كان القول قولها بيمينها حيث صدقت الحرة بيمينها لا قول سيدها على المذهب المنصوص عليه في الأم والبويطي وغيرهما .
ولو قال أخبرتني مطلقتي بانقضاء عدتها فراجعتها مكذبا لها أو لا مصدقا ولا مكذبا لها ثم اعترفت بالكذب بأن قالت ما كانت انقضت فالرجعة صحيحة لأنه لم يقر بانقضاء العدة وإنما أخبر عنها .
ولو سأل الرجعية الزوج ولو بنائبه عن انقضاء العدة لزمها إخباره قاله في الاستقصاء .
وفي سؤال الأجنبي قولان .
والظاهر عدم اللزوم ( 3 / 343 )