إذا " علق " طلاق زوجته " بأكل رغيف أو رمانة " عين كلا منهما أم لا ك إن أكلت هذا الرغيف أو هذه الرمانة أو رغيفا أو رمانة فأنت طالق " فبقي " من ذلك بعد أكلها له " لبابة " من الرغيف تقع موقعا كما قاله الإمام " أو حبة " من الرمانة " لم يقع " طلاق لأنه يصدق أنها لم تأكل الرغيف أو الرمانة وإن تسامح أهل العرف في إطلاق أكل الرغيف أو الرمانة في ذلك .
أما اللبابة التي لا تقع موقعا كفتات الخبز الذي يدق مدركه لا يظهر له أثر في بر ولا حنث ولهذا عبر في المحرر بكسرة ومثل ذلك يأتي في الرمانة فيما إذ بقي بعض حبة وفي التمرة المعلق بأكلها إذا بقي قمعها أو شيء مما جرت العادة بتركه .
فروع لو قال لها إن أكلت أكثر من رغيف فأنت طالق حنث بأكلها رغيفا وأدما أو قال إن أكلت اليوم إلا رغيفا فأنت طالق فأكلت رغيفا وفاكهة حنث .
ولو قال لها إن لبست قميصين فأنت طالق طلقت بلبسهما ولو متواليين .
ولو قال لها نصف الليل مثلا إن بت عندك فأنت طالق فبات عندها بقية الليل حنث للقرينة وإن اقتضى المبيت أكثر الليل ولو قال لها إن نمت على ثوب لك فأنت طالق فتوسد مخدتها مثلا لم يحنث كما لو وضع عليها يديه أو رجليه .
ولو قال لها إن قتلت زيدا غدا فأنت طالق فضربه اليوم ومات عنه غدا لم يحنث لأن القتل هو الفعل المفوت للروح ولم يوجد .
ولو قال لها إن كان عندك نار فأنت طالق حنث بوجود السراج عندها .
ولو قال لها إن جعت يوما في بيتي فأنت طالق فجاعت يوما بصوم لم تطلق بخلاف ما لو جاعت يوما بلا صوم فإنها تطلق .
ولو قال لها إن لم يكن وجهك أحسن من القمر فأنت طالق لم تطلق وإن كانت زنجية لقوله تعالى " لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم " نعم إن أراد بالحسن الجمال وكانت قبيحة الشكل حنث كما قاله الأذرعي .
ولو قال لها إن قصدتك بالجماع فأنت طالق فقصدته هي فجامعها لم يحنث فإن قال لها إن قصدت جماعك فأنت طالق فقصدته فجامعها حنث ( 3 / 330 ) ولو أكلا " أي الزوجان " تمرا " مثلا " وخلطا نواهما فقال " الزوج لها فورا أم لا " إن لم تميزي نواك " أي نوى ما أكلته عن نوى ما أكلته " فأنت طالق فجعلت كل نواة وحدها " بحيث لا تجتمع مع أخرى " لم يقع " طلاق لأن ذلك يتميز نوى أحدهما .
إلا أن يقصد تعيينا .
لنواها عن نواه فلا يتخلص من اليمين بما فعلت بل يقع عليه الطلاق حينئذ كما صرح به ابن الملقن وقال الأذرعي ويحتمل أن يكون من التعليق بالمستحيل عادة لتعذره .
وفي الكافي لو قال إن لم تخبريني بنواي أو إن لم تشيري إلى نواي فأنت طالق فالطريق في الخلاص أن تعد النوى عليه واحدة واحدة وتقول في كل واحدة هذه نواتك .
ولو كان بفمها تمرة .
مثلا " فعلق " طلاقها " ببلعها ثم برميها ثم بإمساكها " كقوله إن بلعتها فأنت طالق وإن رمينها فأنت طالق وإن أمسكتها فأنت طالق " فبادرت مع " أي عقب " فراغه " من التعليق " بأكل بعض " منها " ورمي بعض " منها " لم يقع " طلاق لأن أكل البعض ورمي البعض مغاير لهذه الثلاثة .
تنبيه : .
أشعر كلامه باشتراط الأمرين وليس مرادا بل الشرط المبادرة بأحدهما وأشار ب ثم إلى اشتراط تأخير يمين الإمساك فإن تقدم أو توسط في الصورة المذكورة حنث ولا حاجة ل ثم في يمين الرمي فإنه يجوز تقديمها على يمين الابتلاع وإنما المحتاج إليه في التخلص من الحنث المبادرة المذكورة لأنها لو لم تبادر كانت ممسكة فيحصل الحنث .
وأفهم كلامه الحنث بأكل جميعها وهو يقتضي أن الابتلاع أكل قال ابن النقيب وهو واضح لكن لم أر من ذكره .
وقد ينازع فيه إذا ذكر التمرة في يمينه فإن الأكل فيه مضغ يزيل اسم التمرة فلم تبلع تمرة .
وأما عكسه وهو قوله إن أكلت فابتلعت فالذي جرى عليه ابن المقري تبعا لأصله في هذا الباب أنه لو علق طلاقها بالأكل فابتلعت لم يحنث لأنه يقال ابتلع ولم يأكل ووقع له كأصله في كتاب الأيمان عكس هذا .
واختلف المتأخرون فمنهم من ضعف أحد الموضعين ومنهم من جمع وفرق بأن الطلاق مبني على اللغة والبلع لا يسمى أكلا والأيمان مبناها على العرف والبلع فيه يسمى أكلا وهذا أولى من تضعيف أحد الموضعين .
ولو .
علق طلاقها وهي على سلم بالصعود وبالنزول ثم بالمكث فوثبت أو انتقلت إلى سلم آخر أو اضجطع السلم وهي عليه على الأرض وتقوم من موضعها أو حملت وصعد بها الحامل أو أنزل بغير أمرها فورا في الجميع لم تطلق أما لو حملت بأمرها فيحنث .
نعم إن حملها بلا صعود ونزول بأن يكون واقفا على الأرض أو نحوها فلا أثر لأمرها .
وإن " أتهمها " أي زوجته " بسرقة فقال " لها " إن لم تصدقيني " في أمر هذه السرقة " فأنت طالق فقالت " له قولين أحدهما " سرقت " والآخر " ما سرقت لم تطلق " لأنها صادقة في أحد القولين .
ولو قال .
لها " إن لم تخبريني " صادقة " بعدد حب هذه الرمانة قبل كسرها " فأنت طالق .
فالخلاص .
من اليمين " أن تذكر " له " عددا يعلم أنها " أي الرمانة " لا تنقص عنه " كمائة " ثم تزيد واحدا واحدا " فتقول مائة وواحد وإثنان وهكذا " حتى تبلغ ما " أي عددا للرمانة " يعلم أنها لا تزيد عليه " أي ما انتهت إليه من عدد حبها فتكون مخبرة بعددها .
والصورتان .
هذه والتي قبلها " فيمن لم يقصد تعريفا " فإن قصده لم تخلص من اليمين بما ذكرته .
فإن قيل الشق الأول يشكل بما قالوا من أن الخبر يعم الصدق والكذب ( 3 / 331 ) والسار وغيره فقد قالوا لو قال لنسائه من أخبرتني منكن بقدوم زيد فهي طالق فأخبرته امرأته بذلك وهي كاذبة أو بعد علمه به من غيرهن طلقت .
أجيب بأن للرمانة ونحوها عددا خاصا وقد علق به فإذا أخبرته بعدد حبها كاذبة لم تخبر به بخلاف قدوم زيد فيصدق بالخبر الكاذب .
وأما البشارة فإنها تختص بالخبر الأول السار الصدق قبل الشعور فإذا قال لنسائه من بشرتني منكن بكذا فهي طالق فأخبرته امرأته بذلك ثانيا بعد إخبار غيرها أو كان غير سار بأن كان بسوء أو وهي كاذبة أو بعد علمه به من غيرهن لم تطلق لعدم وجود الصفة .
نعم محل اعتبار كونه سارا إذا أطلق كقوله من بشرتني بخير أو أمر عن زيد فإن قيد كقوله من بشرتني بقدوم زيد فهي طالق اكتفي بصدق الخبر وإن كان كارها كما قاله الماوردي .
ولو قال لزوجته إن لم تعدى جوز هذه الشجرة اليوم فأنت طالق فقيل يتخلص من الحنث بأن تفعل ما ذكر آنفا وقيل يجب أن تبتدىء من الواحد وتزيد حتى تنتهي إلى العلم بما ذكر وهذا هو الظاهر لأنها إذا لم تبدأ بالواحد لم تعد جوزها .
فروع لو سقط حجر من علو فقال لزوجته إن لم تخبريني الساعة من رماه فأنت طالق ولم يرد تعيينا فقالت مخلوق لا آدمي لم يحنث لأنها صادقة بالإخبار ولم يتخلص من الحنث بقولها رماه آدمي لجواز أن يكون رماه كلب أو ريح أو نحو ذلك لأن سبب الحنث وجد وشككنا في المانع وشبه بما لو قال أنت طالق إلا أن يشاء زيد اليوم فمضى اليوم ولم تعرف مشيئته .
ولو قال لها إن لم أقل كما تقولين فأنت طالق فقالت له أنت طالق ثلاثا فخلاصه من الحنث أن يقول أنت طالق ثلاثا إن شاء الله أو أنت طالق ثلاثا من وثاق أو أنت قلت أنت طالق ثلاثا ولو علق طلاقها وهي في ماء جار بالخروج منه وباللبث بأن قال لها إن خرجت منه فأنت طالق وإن لبثت فيه فأنت طالق لم تطلق خرجت أو لبثت لأنه بجريانه يفارقها فإن قال لها ذلك وهي في ماء راكد فخلاصه من الحنث أن تحمل منه فورا .
ولو قال لها إن أرقت ماء هذا الكوز فأنت طالق وإن شربته أنت أو غيرك فأنت طالق ثم إن تركته فأنت طالق فبلت به خرقة وضعتها فيه أو بلتها ببعضه أو شربت هي أو غيرها بعضه لم تطلق .
ولو قال لها إن خالفت أمري فأنت طالق فخالفت نهيه كأن قال لها لا تقومي فقامت لم تطلق كما جزم به ابن المقري في روضه لأنها خالفت نهيه دون أمره قال في أصل الروضة وفيه نظر بسبب العرف .
ولو قال لها إن خالفت نهيي فأنت طالق فخالفت أمره كأن قال قومي فرقدت طلقت كما جزم به ابن المقري في روضه أيضا لأن الأمر بالشيء نهي عن ضده .
قال في أصل الروضة على اللغة والعرف .
ولو قال لها زنيت فأنكرت فقال إن كنت زنيت فأنت طالق طلقت حالا بإقراره السابق .
ولو قيل لزان " من لم تخبرني " منكن " بعدد ركعات فرائض اليوم والليلة " فهي طالق " فقالت واحدة " منهن عدد ركعات فرائضها " سبع عشرة " ركعة بناء على الغالب " و " قالت " أخرى " أي ثانية منهن " خمس عشرة أي يوم جمعة و " قالت " ثالثة " منهن " إحدى عشرة أي لمسافر لم يقع " على واحدة منهن طلاق لصدق الكل نعم إن أراد أحد هذه الأيام عينا فالحلف على ما أراده .
فروع لو قال لزوجته إن خرجت إلا بإذني فأنت طالق فأذن لها وهي لا تعلم أو كانت مجنونة أو صغيرة فخرجت لم تطلق لأن إن لا تقتضي التكرار فصار كما لو قال إن خرجت مرة بغير إذني فأنت طالق وهذا بخلاف .
ما لو قال إن خرجت لابسة ثوب حرير فأنت طالق فخرجت من غير ثوب حرير ثم خرجت لابسة ثوب حرير فإنها تطلق .
والفرق أن خروجها بلا ثوب حرير لم تنحل به اليمين لعدم الصفة فحنث في الثاني بخلاف هذه .
ولو أذن ثم رجع فخرجت بعد المنع لم يحنث لحصول الإذن وإن قال الشيخ أبو نصر فيه نظر .
ولو قال كلما خرجت إلا بإذني فأنت طالق فأي مرة ( 3 / 332 ) خرجت بغير الإذن طلقت لأن كلما تقتضي التكرار كما مر وخلاصه من ذلك أن يقول لها أذنت لك أن تخرجي متى شئت أو كلما شئت .
ولو قال لها إن خرجت لغير الحمام فأنت طالق فخرجت إليه ثم عدلت لغيره لم تطلق لأنها لم تخرج إلى غيره بخلاف ما لو خرجت لغيره ثم عدلت إليه .
ولو خرجت لهما فوجهان أحدهما وصححه في الروضة هنا أنها تطلق لأنها خرجت لغير الحمام كما لو قال لها إن كلمت زيدا وعمرا والثاني أنها لا تطلق كما في المهمات وهو المعروف المنصوص وقد قال في الروضة في الأيمان الصواب الجزم به وعلله الرافعي بأن المفهوم من اللفظ المذكور الخروج لمقصود أجنبي عن الحمام وهذا الحمام مقصود بالخروج .
وقد حاول شيخنا بين ما هنا وما في الأيمان بأن ما هناك محمول على ما إذا قصد بحلفه لهما خروج لغير الحمام فقط وهذا أولى من التناقض .
ولو حلف لا يخرج من البلد إلا مع امرأته فخرجا لكنه تقدم عليها بخطوات أو حلف لا يضر بها إلا بموجب فشتمته فضربها بسوط مثلا لم تطلق للعرف في الأولى ولضربه لها بموجب في الثانية إذ المراد فيها بالموجب ما تستحق الضرب عليه تأديبا .
ولو حلف لا يأكل من مال زيد فأضافه أو نثر مأكولا فالتقطه أو خلط زاد بهما لم يحنث لأن الضيف يملك الطعام قبيل الازدراد والملتقط يملك الملقوط بالأخذ فالخلط في معنى المعاوضة .
ولو حلف لا يدخل دار زيد ما دام فيها فانتقل منها وعاد إليها ثم دخل الحالف وهو فيها لم يحنث لانقطاع الديمومة بالانتقال منها نعم إن أراد كونه فيها فينبغي أن يحنث قاله الأذرعي .
ولو قال لها إن لم تخرجي الليلة من داري فأنت طالق ثلاثا فخالعها بنفسها أو أجنبي في الليل وإن تمكنت قبله من الخروج ثم جدد نكاحها أو لم يجدده وإن لم تخرج لم تطلق قال الرافعي لأن الليل كله محل اليمين ولم يمض الليل كله وهي زوجة له .
وقد تقدم أن ابن الرفعة أفتى بأنه لا يتخلص بذلك فيما لو حلف لأفعلن كذا في مدة كذا بعد أن أفتى بخلافه وقال تبين لي أنه خطأ ورد عليه البلقيني .
وقال إن الصواب ما أفتى به أولا .
وهو ظاهر كلام الأصحاب فليكن هو المفتى به .
ولو قال .
لها " أنت طالق إلى حين أو " إلى " زمان " أي بعد كل منهما ف إلى في كلامه بمعنى بعد " أو بعد حين " أو زمان " طلقت بمضي لحظة " لأن ذلك يقع على المدة الطويلة والقصيرة قال تعالى " حين تمسون وحين تصبحون " وقال تعالى " هل أتى على الإنسان حين من الدهر " قيل أراد تسعة أشهر وقيل أربعين سنة وقيل مائة وعشرين سنة وقيل ستمائة سنة وهي التي بين عيسى وبين نبينا A .
فإن قيل لو قال والله لأقضينك حقك إلى حين لم يحنث بمضي لحظة فهلا كان هنا كذلك أجيب بأن الطلاق إنشاء ولأقضين وعد فيرجع فيه إليه .
تنبيه : .
العصر والدهر هو الزمن كما قاله الجوهري والوقت والآن والحقب بفتح القاف كالزمان والحين فيما مر كما قاله الأصحاب وإن استبعده الإمام والغزالي أما الحقب بضم القاف فهو ثمانون سنة .
فروع لو حلف لا صمت زمانا حنث بالشروع في الصوم كما لو حلف لا صمت .
ولو حلف ليصومن أزمنة كفاه صوم يوم لاشتماله على أزمنة .
ولو حلف ليصومن الأيام كفاه ثلاثة منها .
ولو قال لزوجته إن كان الله يعذب الموحدين فأنت طالق لم تطلق إلا أن يريد إن كان يعذب أحدا منهم .
ولو اتهمته زوجته باللواط فحلف لا يأتي حراما حنث بكل محرم .
ولو قال إن خرجت من الدار فأنت طالق ثم قال ولا تخرجين من الصفة أيضا لغا الأخير لأنه كلام مبتدأ ليس فيه صيغة تعليق ولا عطف .
ولو قال لها أنت طالق في البحر .
أو في مكة أو في الظل أو نحو ذلك مما لا ينتظر طلقت في الحال إن لم يقصد التعليق .
ولو علق .
الطلاق " برؤية زيد " مثلا ك إن رأيته فأنت طالق " أو لمسه وقذفه " ك إن لمسته أو قذفته فأنت طالق " تناوله " التعليق " حيا وميتا " فيحنث برؤية الميت ومس بشرته لصدق الاسم في الميت كما في الحي ولهذا يحد قاذفه وينتقض وضوء ماسه .
وخرج بالبشرة مسه بحائل ومس شعره وظفره وسنه ويكفي ( 3 / 333 ) في الرؤية رؤية شيء من بدنه ولو غير وجهه ولو رأته وهي سكرى أو وهو سكران ولو كان المرئي في ماء صاف وزجاج شفاف لا خيال فيهما طلقت لوجود الوصف بخلاف ما لو رأته وهي نائمة أو وهو متزر بثوب أو ماء كدر أو زجاج كثيف أو نحوه أو برؤيتها خياله في المرآة .
نعم لو علق برؤيتها وجهها فرأته في المرآة طلقت إذ لا يمكنها رؤيته إلا كذلك صرح به القاضي في فتاويه فيما لو علق برؤيته وجهه .
ويعتبر مع ما ذكر صدق رؤية كله عرفا فقد قال المتولي بعد ذكره ما مر أما لو أخرج يده أو رجله من كوة فرأت ذلك العضو منه لم تطلق لأن الاسم لا يصدق عليه فإن كانت عمياء وأيس من برئها عادة كمن تراكم على عينيها البياض أو عاريا أو ولدت عمياء فتعليق بمستحيل .
ولو علق برؤيتها الهلاك حمل على العلم به ولو برؤية غيرها له أو بتمام العدد فتطلق بذلك لأن العرف يحمل ذلك على العلم وعليه حمل خبر صوموا لرؤيته بخلاف رؤية زيد مثلا فقد يكون الغرض زجرها عن رؤيته .
وعلى اعتبار العلم يشترط الثبوت عند الحاكم كما في الخبر السابق أو تصديق الزوج كما قاله ابن الصباغ وغيره .
ولو أخبره به صبي أو عبد أو امرأة أو فاسق وصدقه فالظاهر كما قال الأذرعي مؤاخذته .
ولو قال أردت بالرؤية المعاينة صدق بيمينه .
نعم إن كان التعليق برؤية عمياء فلا يصدق لأنه خلاف الظاهر لكن يدين فإذا قبلنا التفسير بالمعاينة ومضى ثلاث ليال ولم تر فيها الهلال من أول شهر تستقبله انحلت يمينه لأنه لا يسمى بعدها هلالا .
بخلاف ضربه .
إذا علق الطلاق به ك إن ضربت زيدا فأنت طالق فضربته وهو ميت لانتفاء الألم أو وهو حي طلقت بضربه بسوط أو وكز أو نحو ذلك إن آلم المضروب كما في الروضة ولو مع حائل .
بخلاف ما إذا لم يؤلمه أو عضه أو قطع شعره أو نحو ذلك فإنه لا يسمى ضربا .
فإن قيل قد صرحوا في الأيمان بعدم اشتراط الإيلام فكان ينبغي أن يكون هنا كذلك .
أجيب بأن الأيمان مبناها على العرف ويقال في العرف ضربه فلم يؤلمه .
فروع لو علق بتكليمها زيدا فكلمته وهو مجنون أو سكران سكرا يسمع معه ويتكلم وكذا إن كلمته وهي سكرى لا السكر الطافح طلقت لوجود الصفة ممن يكلم غيره ويكلم هو عادة فإن كلمته في نوم أو إغماء منه أو منها أو كلمته وهي مجنونة أو كلمته بهمس وهو خفض الصوت بالكلام حيث لا يسمعه المخاطب أو نادته من مكان لا يسمع منه فإن فهمه بقرينة أو حملته ريح إليه وسمع لم تطلق لأن ذلك لا يسمى كلاما عادة .
وإن كلمته بحيث يسمع لكنه لا يسمع لذهول منه أو لشغل أو لغط ولو كان لا يفيد معه الإصغاء طلقت لأنها كلمته وعدم السماع لعارض وإن كان أصم فكلمته فلم يسمع لصمم بحيث لو لم يكن أصم لسمع فقيل يقع لأنها كلمته بحيث يسمع وإن تعذر السماع لأمر به فأشبه شغل قلبه وصحح هذا الرافعي في الشرح الصغير وجزم به في أصل الروضة في كتاب الجمعة ونقله المتولي ثم عن النص وقال الزركشي تتعين الفتوى به وقيل لا تطلق لأنها لم تكلمه عادة فهو في حقه كالهمس وبهذا صرح المصنف في تصحيحه وجرى عليه ابن المقري في روضه .
هذا والأوجه كما قال شيخنا حمل الأول على من يسمع مع رفع الصوت والثاني على من لم يسمع مع رفعه وهذا أولى من تضعيف أحد الوجهين .
ولو قال إن كلمت نائما أو غائبا عن البلد مثلا فأنت طالق لم تطلق لأنه تعليق بمستحيل كما لو قال إن كلمت ميتا أو حمارا .
ولو قال إن كلمت زيدا فأنت طالق فكلمت حائطا مثلا وهو يسمع فوجهان أصحهما أنها لا تطلق لأنها لم تكلمه .
والثاني تطلق لأنه المقصود بالكلام دون الحائط ولو قال إن كلمت رجلا فأنت طالق فكلمت أباها أو غيره من محارمها أو زوجها طلقت لوجود الصفة فإن قال قصدت منعها من مكالمة الرجال الأجانب قبل منه لأنه الظاهر .
ولو قال إن كلمت زيدا أو عمرا فأنت طالق طلقت بتكليم أحدهما وانحلت اليمين فلا يقع بتكليم الآخر شيء أو إن كلمت زيدا وعمرا فأنت طالق لم تطلق إلا بكلامهما معا أو مرتبا أو إن كلمت زيدا ثم عمرا أو زيدا فعمرا اشترط تكليم زيد أولا وتكليم عمرو بعده متراخيا في الأولى وعقب كلام زيد في الثانية .
تنبيه : .
الأصحاب إلا الإمام والغزالي يميلون في التعليق إلى تقديم الوضع اللغوي على العرف الغالب لأن العرف ( 3 / 334 ) لا يكاد ينضبط كما مر في إن لم تميزي نواي من نواك فإن معناه الوضعي التفريق ومعناه العرفي التعيين .
هذا إن اضطرب العرف فإن اطرد عمل به لقوة دلالته حينئذ وعلى الناظر التأمل والاجتهاد فيما يستفتى فيه نقله الرافعي عن الغزالي وأقره .
ولا يختص بقول الغزالي بل يأتي على قول غيره .
ومنه ما يأتي في الخسيس على قول المصنف ويشبه الخ .
ثم شرع في بيان أوصاف تجري في مخاصمة الزوجين ويعلق عليها الطلاق فقال " ولو خاطبته " زوجته " بمكروه " من القول " كيا سفيه يا خسيس فقال " لها " إن كنت كذاك " أي سفيها أو خسيسا " فأنت طالق إن أراد " بذلك " مكافأتها بإسماع ما تكره " أي إغاظتها بالطلاق كما أغاظته بالشتم المكروه والمعنى إن كنت كذلك في زعمك فأنت طالق " طلقت " حالا " وإن لم يكن سفه " أو خسة " أو " أراد " التعليق اعتبرت الصفة " كما هو سبيل التعليقات فإن لم تكن موجودة لم تطلق .
وكذا .
تعتبر الصفة " إن " أطلق بأن " لم يقصد " شيئا " في الأصح " نظرا لوضع اللفظ فلا تطلق عند عدمها .
والثاني لا تعتبر الصفة حملا على المكافأة اعتبارا بالعرف .
وهذا هو الخلاف في أنه يراعى الوضع أو العرف .
والسفه .
المعلق به كما هو في المحرر " منافي إطلاق التصرف " فهو صفة لا يكون الشخص معها مطلق التصرف وقد مر ذلك في بابه .
قال الأذرعي والعرف في زمننا جار بأنه ذو اللسان الفاحش المواجه بما يستحيي منه غالب الناس فالوجه الحمل عليه لاسيما في العامي الذي لا يعرف السفه من غيره وقد تدل قرينة على إرادة ذلك بأن خاطبها بما فيه فحش من القول فخاطبته بذلك مشيرة إلى ما صدر منه اه " .
ولو حلف لا يدخل دار زيد ما دام فيها فانتقل منها وعاد إليها ثم دخل الحالف وهو فيها لم يحنث لانقطاع الديمومة بالانتقال منها نعم إن أراد كونه فيها فينبغي أن يحنث قاله الأذرعي .
ولو حلف لا يدخل دار زيد ما دام فيها فانتقل منها وعاد إليها ثم دخل الحالف وهو فيها لم يحنث لانقطاع الديمومة بالانتقال منها نعم إن أراد كونه فيها فينبغي أن يحنث قاله الأذرعي .
ولو حلف لا يدخل دار زيد ما دام فيها فانتقل منها وعاد إليها ثم دخل الحالف وهو فيها لم يحنث لانقطاع الديمومة بالانتقال منها نعم إن أراد كونه فيها فينبغي أن يحنث قاله الأذرعي .
والمتجه أن السفيه يرجع فيه إلى ما قاله المصنف لا إلى ما قاله الأذرعي إلا إن ادعاه وكان هناك قرينة وأما العاصي فيرجع فيه إلى ما قاله وإن لم توجد قرينة .
والخسيس قيل .
أي قال العبادي معناه أنه " من باع دينه بدنياه " أي ترك دينه لاشتغاله بدنياه .
قال وأخس الأخساء من باع آخرته بدنيا غيره .
وقال الرافعي تفقها من نفسه نظرا للعرف .
ويشبه أن يقال .
في معنى الخسيس " هو من يتعاطى غير لائق به بخلا " بما يليق به بخلاف من يتعاطاه تواضعا .
والقواد من يجمع بين الرجال والنساء جمعا حراما إن كن غير أهله قال ابن الرفعة وكذا من يجمع بينهم وبين المرد .
والقرطبان من يسكت على الزاني بامرأته وفي معناه محارمه ونحوهن والديوث بالمثلثة من لا يمنع الداخل على زوجته من الدخول قال الأذرعي ويشبه أن محارمه وإماءه كزوجته للعرف .
وقليل الحمية من لا يغار على أهله ومحارمه ونحوهن .
والقلاش الذواق للطعام كمن يريد أن يشتري ولا يريد الشراء .
والبخيل مانع الزكاة ومن لا يقري الضيف فكل منهما بخيل .
ومن قيل له يا زوج القحبة فقال إن كانت زوجتي كذا فهي طالق طلقت إن قصد التخلص من عارها كما لو قصد المكافأة وإلا اعتبرت الصفة .
والقحبة هي البغي .
والجهود وري من قام به الذلة والخساسة وقيل من قام به صفرة الوجه فعلى الأول إذا علق الطلاق به المسلم لم تطلق لأنه لا يوصف بها فإن قصد المكافأة بها طلقت في الحال .
والكوسج من قل شعر وجهه وعدم شعر عارضيه .
والأحمق من يفعل الشيء في غير موضعه مع علمه بقبحه وقيل من لا ينتفع بعقله وقيل من يعمل ما يضره مع علمه بقبحه .
والغوغاء من يخالط الأراذل ويخاصم الناس بلا حاجة .
والسفلة من يعتاد دنيء الأفعال لا نادرا .
فإذا وصفت زوجها بشيء من ذلك فقال لها إن كنت كذلك فأنت طالق فإن قصد مكافأتها طلقت في الحال وإلا اعتبر موجود الصفة .
ولو قالت له كم تحرك لحيتك فقد رأيت مثلها كثيرا فقال لها إن كنت رأيت مثلها كثيرا فأنت طالق فهذه اللفظة في مثل هذا المقام كناية عن الرجولية والفتوة ونحوها وإن حمل اللفظ على المكافأة طلقت وإلا اعتبرت وجود الصفة .
ولو قالت له أنا أستنكف منك فقال كل امرأة تستنكف مني ( 3 / 335 ) فهي طالق فظاهره المكافأة فتطلق حالا إن لم يقصد التعليق .
فروع لو قالت لزوجها المسلم أنت من أهل النار فقال لها إن كنت من النار فأنت طالق لم تطلق لأنه من أهل الجنة ظاهرا فإن ارتد ومات مرتدا بأن وقوع الطلاق .
فإن قالت ذلك لزوجها الكافر فقال لها ذلك طلقت لأنه من أهل النار ظاهرا فإن أسلم بأن عدم الطلاق فإن قصد الزوج في الصورتين المكافأة طلقت في الحال .
ولو قال المسلم إن لم أكن من أهل الجنة فأنت طالق لم تطلق إن مات مسلما وإن أذنب وإلا تبين وقوعه .
ولو حلف شافعي وحنفي كل منهما أن إمامه أفضل من الآخر لم يحنث تشبيها بمسألة الغراب ولأن كلا من الإمامين قد يعلم ما لا يعلمه الآخر .
ولو حلف سني إن أبا بكر أفضل من علي وعكس الرافضي حنث لقيام الأدلة على أفضلية أبي بكر .
ولو حلف السني أن الخير والشر من الله تعالى وحلف المعتزلي أنهما من العبد حنث لقيام الأدلة أنهما من الله .
وسئل بعضهم عن الحنبلي يقول إن لم يكن الله على العرش فامرأتي طالق وعكس الأشعري فقال أراد الحنبلي المعني الذي ورد به القرآن لم تطلق امرأته .
خاتمة لو قال لزوجته إن أبرأتني من دينك فأنت طالق فابرأت براءة صحيحة وقع الطلاق بائنا بخلاف ما لو قال لغيرها إن أبرأتني من دينك فزوجتي طالق فابرأته براءة صحيحة وفع الطلاق رجعيا لأنه تعليق محض ولو قال لزوجته إن فعلت معصية فأنت طالق لم تطلق بترك الطاعة كالصوم والصلاة لأنه ترك وليس بفعل .
ولو وطىء زوجته ظانا أنها أمته فقال إن لم تكوني أحلى من زوجتي فأنت طالق طلقت في أحد وجهين يظهر ترجيحه تبعا لميل الإسنوي له لوجود الصفة لأنها هي الزوجة فلا تكون أحلى من نفسها والوجه الثاني أنها لا تطلق لظنه أنه يخاطب غيرها .
ولو قال إن وطئت أمتي بغير إذن زوجتي فهي طالق فاستأذنها فقالت له طأها في عينها لم يكن إذنا قال الأذرعي إلا إن دل الحال على الإذن في الوطء كان إذنا وقولها عينها يكون توسعا له في الإذن لا تخصيصا .
ولو قال لزوجته إن دخلت البيت ووجدت فيه شيء من متاعك ولم أكسره على رأسك فأنت طالق فوجد في البيت هاونا لم تطلق كما جزم به الخوارزمي ورجحه الزركشي للاستحالة وقيل تطلق قبل موته أو موتها لليأس .
ولو قال لها إن غسلت ثوبي فأنت طالق فغسله غيرها ثم غمسته هي في الماء تنظيفا له لم تطلق لأن الغرض في مثل ذلك الغسل بالصابون ونحوه كالأشنان وإزالة الوسخ .
ولو قال لها إن قبلت ضرتك فأنت طالق فقبلها ميتة لم تطلق بخلاف تعليقه بتقبيل أمه فإنها تطلق بتقبيلها ميتة إذ قبلة الزوجة قبلة شهوة ولا شهوة بعد الموت والأم لا فرق فيها بين الموت والحياة لأن قبلتها قبلة شفقة وكرامة .
أكرمنا الله سبحانه وتعالى وجميع أهلنا ومشايخنا وأصحابنا بالنظر إلى وجهه الكريم